§ مكتبة أصول علم النفس الحديث.
§ تصدير الطبعة العربية.
§ مقدمة المؤلف.
§ الفصل الأول: ما هو علم النفس الإكلينيكي؟
ما العمل الذي يقوم به الأخصائيون في علم النفس الإكلينيكي؟ / علم النفس الإكلينيكي هل هو علم أم فن؟ / بعض حالات توضيحية.
§ الفصل الثاني: اتجاهات تاريخية.
البدايات الأولى للممارسة في علم النفس الإكلينيكي / اتجاهات عامة في علم النفس الإكلينيكي الحديث / ملخص.
§ الفصل الثالث: قياس الذكاء والقدرات.
ما هو الذكاء؟ / طبيعة التكوينات السيكولوجية / الذكاء والاستعداد والتحصيل / ما هي نسبة الذكاء؟ / مفهوم حديث لطبيعة الذكاء / بعض اختبارات الذكاء / القدرة اللفظية والقدرة العملية / النقص (الضعف) العقلي / قياس الفاقد في أداء الوظائف العقلية
§ الفصل الرابع: التشخيص.
منهج البحث في المرض النفسي باعتبار أن له وجودا قائما بذاته / منهج البحث وفقا للملكات والأنماط والسمات / منهج البحث وفقا للتحليل النفسي / منهج البحث وفقا للحاجات السيكولوجية / نظرية التعلم الاجتماعي / أساليب تقييم الشخصية / ملخص
§ الفصل الخامس: العلاج النفسي.
التحليل النفسي / طريقة أدلر في العلاج النفسي / طريقة رانك في العلاج النفسي / طريقة التعلم الاجتماعي في العلاج النفسي / طرق تعديل السلوك / العلاج النفسي الجمعي / التوافق والعلاج النفسي والقيم الاجتماعية / الخلاصة.
§ الفصل السادس: مكانة علم النفس الإكلينيكي في الوقت الحاضر.
ما هو صحة الممارسة السيكولوجية الإكلينيكية في الوقت الحاضر؟ / ما هو مدى فعالية العلاج النفسي؟ / تدريب السيكولوجيين الإكلينيكيين. / معجم للمصطلحات الواردة في الكتاب.
§ قراءات مختارة.
§ دليل.
§ تصدير الطبعة العربية
علم النفس الإكلينيكي هو أحد المجالات التطبيقية الهامة لعلم النفس، وهو يعنى أساسا بمشكلة التوافق الإنساني بهدف مساعدة الإنسان ليعيش في سعادة وأمن، خاليا من الصراعات النفسية والقلق.
ولكي يستطيع علماء النفس الإكلينيكيون القيام بدورهم في دراسة اضطرابات السلوك وفهمها وعلاجها، فإنهم يدربون عادة تدريبا خاصا في مجالات ثلاثة رئيسية. المجال الأول هو قياس الذكاء والقدرات العقلية العامة لمعرفة القدرة العقلية الحالية للفرد أو إمكاناته العقلية في المستقبل. والمجال الثاني هو قياس الشخصية، ووصفها، وتقويمها، وتشخيص السلوك الشاذ بغرض معرفة ما يشكو منه الفرد والظروف المختلفة التي أحاطت به وأدت إلى ظهور مشكلته مما يساعد على فهمها ويمهد الطريق إلى إرشاد الفرد وعلاجه. والمجال الثالث هو العلاج النفسي بأساليبه وطرقه المختلفة التي ترمي إلى تخليص الفرد مما يعانيه من اضطراب وسوء توافق.وإلى جانب هذه المجالات الثلاثة الرئيسية التي يعمل فيها علماء النفس الإكلينيكيون، فإنهم يقومون أيضا بأدوار أخرى هامة. فكثير منهم يشتغلون بالتدريس في الجامعات، وبالبحث العلمي، ويعملون كمستشارين في كثير من المؤسسات كالسجون، ودور إصلاح الأحداث الجانحين، ودور تأهيل المعوقين، والمدارس، والمؤسسات الصناعية، وغيرها.
وعلم النفس الإكلينيكي علم حديث نسبيا، وهو لازال في دور النمو والتطور. ولقد تأثر في نشوئه بمجالين هامين من مجالات الدراسة. المجال الأول هو دارسة الاضطرابات النفسية والعقلية والتخلف العقلي التي كانت تحظى باهتمام كثير من الأطباء الفرنسيين والألمان مثل لويس روستان، وجان شاركو، وإميل كرايبلين، وأرنست كريتشمر، وبيير جانيه وغيرهم. والمجال الثاني هو دراسة الفروق الفردية التي حظيت باهتمام فرانسيس جالتون، وجيمس ماكين كاتل، والفرد بينيه، وتيوفيل سيمون، ومن جاء بعدهم من علماء النفس الذين اهتموا ببناء الاختبارات النفسية واستخدامها في أغراض تطبيقية كثيرة.
ومر علم النفس الإكلينيكي في تطوره بمراحل مختلفة. فقد كان اهتمام علماء النفس الإكلينيكيين قبل الحرب العالمية الثانية مقتصرا في الأغلب على دراسة مشكلات الأطفال. وكانت وظيفتهم الرئيسية هي دراسة حالة الأطفال المشكلين، وتطبيق الاختبارات النفسية عليهم لقياس قدراتهم العقلية بغرض تقديم بعض التوصيات للآباء، أو المدرسين، أو الأطباء المعالجين، أو المؤسسات المسؤولة عن الأحداث الجانحين.
وحدث تطور كبير في علم النفس الإكلينيكي أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها. فقد تسببت الحرب في كثرة عدد المصابين باضطرابات نفسية، ووجد الأطباء أنهم لا يستطيعون لقلة عددهم مواجهة أعباء العلاج النفسي لهذا العدد الضخم من المصابين باضطرابات نفسية، مما أدى إلى زيادة الاهتمام بعلماء النفس الإكلينيكيين والالتجاء إليهم ليساهموا في علاج المصابين باضطرابات نفسية. وهكذا بدأ علماء النفس الإكلينيكيون يعنون بالعلاج النفسي للكبار، بعد أن كان معظم اهتمامهم مقتصرا من قبل على العلاج النفسي للأطفال.
ويحاول مؤلف هذا الكتاب أن يشرح باختصار، ولكن في دقة ووضوح، نشأة علم النفس الإكلينيكي وتطوره التاريخي، ويفرد لذلك فصلا خاصا هو الفصل الثاني من الكتاب. وهو يشرح أيضا مجالات العمل الرئيسية لعلماء النفس الإكلينيكيين سواء في قياس الذكاء والقدرات العقلية العامة، أو قياس الشخصية والتشخيص، أو العلاج النفسي بأساليبه وطرقه المختلفة. وهو يتناول هذه المجالات الثلاثة في الفصول الثالث والرابع والخامس من الكتاب.
ففي الفصل الثالث يتناول المؤلف موضوع قياس الذكاء والقدرات العقلية العامة، فيتكلم عن طبيعة الذكاء، وطرق قياسه، كما يتكلم عن الضعف العقلي وأسبابه. ويشرح المؤلف اهتمام علماء النفس الاكلينيكيين بقياس الذكاء في عمليات التشخيص بغرض تحديد أسباب التأخر الدراسي والتحصيلي، وتشخيص حالات الضعف العقلي حتى يمكن مساعدة هؤلاء الأطفال بإعطائهم العناية التربوية اللازمة، أو توجيههم إلى أنواع التدريب الملائمة.
ويتناول المؤلف في الفصل الرابع موضوع التشخيص فيشرح المناهج التي يتبعها علماء النفس الإكلينيكيون في قياس الشخصية والتشخيص، ويمهد المؤلف لذلك بشرح أربع نظريات للشخصية. النظرية الأولى هي النظرية التي تعتبر أن للمرض النفسي وجودا قائما بذاته، ويدخل المؤلف تحت هذه النظرية تصنيف إميل كرايبلين للأمراض النفسية والعقلية. والنظرية الثانية هي نظرية الملكات والأنماط والسمات. فيشرح المؤلف نظرية الملكات، كما يشرح نظرية الأنماط للويس روستان وكريتشمر وشلدون ويونج، كما يشرح أيضا نظرية السمات لجوردون ألبورت وريمون كانل، ويبين الفرق بينها وبين كل من نظريتي الملكات والأنماط. ويقوم المؤلف بنقد جميع هذه النظريات، ويبين أوجه القصور فيها. والنظرية الثالثة هي نظرية التحليل النفسي، فيشرح المؤلف نظرية فرويد في الحتمية النفسية والدوافع اللاشعورية، ويبين رأيه في الاضطرابات النفسية والعقلية باعتبارها سلوكا مدفوعا أو موجها نحو أهداف معينة. ويقوم المؤلف أيضا بذكر أوجه النقد التي وجهت إلى نظرية فرويد. والنظرية الرابعة هي نظرية التعلم الاجتماعي لجوليان روتر وزملائه، وهي تؤكد أن الفرد يتعلم عن طريق الخبرات السابقة بعض الإشباعات التي تكون أكثر احتمالا من غيرها في بعض المواقف. فالسلوك غير السوي، تبعا لهذه النظرية، ليس مرضا بل هو محاولة ذات معنى لتجنب عقوبات معينة، أو للحصول على إشباعات على مستوى غير واقعي.
وبعد شرح هذه النظريات المختلفة في الشخصية يقوم المؤلف بشرح أساليب تقويم الشخصية. فيتكلم عن المقابلة بأنواعها المختلفة: المقابلة الحرة، والمقابلة الموجهة، والمقابلة المحددة أو المقننة. ثم يتكلم عن الاستخبار، والأساليب الاسقاطية بأنواعها المختلفة: اختبار تداعي المعاني، واختبار رورشاخ، واختبار تفهم الموضوع، وطريقة الجمل الناقصة، وطريقة الملاحظة واختبارات السلوك. ويشرح المؤلف مميزات كل طريقة من طرق تقويم الشخصية ونواحي القصور فيها، ويوضح أن مشكلة تفسير المعلومات التي يحصل عليها عالم النفس الإكلينيكي من هذه الأساليب المختلفة أمر في غاية الصعوبة، ولا يزال التفسير يعتمد في جزء كبير منه على مهارة عالم النفس الإكلينيكي وخبرته. ولذلك فإن نتائج هذه الاختبارات تساعد على التنبؤ عن سلوك الفرد في المستقبل على أساس احتمالي فقط. وإن التنبوءات التي يصل إليها عالم النفس الإكلينيكي من اختبارات الشخصية يمكن الاعتماد عليها بدرجة أقل من الإعتماد على التنبوءات التي يتوصل إليها من نتائج إختبارات الذكاء والقدرات العامة. ولازال علماء النفس الإكلينيكيون في حاجة ماسة إلى تحسين نظرياتهم في الشخصية، وتحسين مناهجهم في التشخيص حتى يمكن الوصول إلى فهم أدق للسلوك الإنساني، وإلى تنبوءات أدق للسلوك في المستقبل. ويتناول المؤلف في الفصل الخامس العلاج النفسي، ويبين أنه من المنطقي أن تتباين أساليب العلاج النفسي تبعا لتباين النظريات في الشخصية. وقد قام المؤلف بأسلوب موجز دقيق يشرح الأساليب المختلفة للعلاج النفسي. فشرح طريقة التحليل النفسي، وبين طريقة فرويد التي ترى أن الأمراض النفسية والعقلية تنشأ نتيجة للدوافع اللاشعورية المكبوتة. فليست الإضطرابات النفسية والعقلية إلا طريقة للتعبير عن الدوافع اللاشعورية المكبوتة، أو طريقة للتحكم فيها، أو كلتا هاتين الطريقتين معا. ومشكلة العلاج النفسي في رأي فرويد هي تحرير هذه الدوافع اللاشعورية، وذلك بإضعاف الأنا الأعلى جزئيا، وإخضاع الدوافع لسيطرة الأنا الشعوري.
ويشرح المؤلف أيضا طريقة العلاج النفسي التي اتبعها أدلر، والمدارس الفرويدية الحديثة التي تشمل أوتو رانك، وكارن هورني، وهاري سليفان، وإريك فروم، والطريقة التي ارتبطت بها وهي طريقة كارل روجرز.
ويتناول المؤلف كذلك طريقة التعلم الاجتماعي في العلاج النفسي وهي الطريقة التي تحاول تطبيق نظرية التعلم في العلاج النفسي على يدي جون دولارد، ونيل ميللر، وهوبارت مورر.
ويتناول المؤلف أيضا العلاج البيئي ويبين كيف أنه كثيرا ما يضطر المعالج النفسي إلى علاج الأفراد الذين يعيش معهم المريض. فيتكلم عن طريقة العلاج البيئي مع المرضى الكبار والمرضى الأطفال الذين يحتاجون في كثير من الحالات إلى إيداع في مؤسسات للعناية بهم.
ويتناول المؤلف أيضا العلاج النفسي الجمعي الذي تعالج فيه مجموعة من المرضى ذوي المشكلات المتشابهة في وقت واحد مما يؤدي إلى اقتصاد في الوقت والجهود، وخاصة في حالات كثرة عدد المرضى وقلة عدد المعالجين. ولذلك، لم يكن غريبا أن تظهر الحاجة إلى هذا النوع من العلاج النفسي بعد الحرب العالمية الثانية في المؤسسات العسكرية. ثم بدأت تنتشر هذه الطريقة في العلاج بعد ذلك في علاج الأطفال والكبار.
وبعد أن يقوم المؤلف بعرض النظريات المختلفة في الشخصية، والأساليب المختلفة في العلاج النفسي، ينتهي إلى أن العلاج النفسي لازال في مراحله الأولى، وليست هناك طرق مقبولة قبولا عاما على أنها الطريقة السليمة المثالية للعلاج، وإن إجراءات العلاج النفسي في كثير من الحالات لا تكون فعالة كما ينبغي، وقد تستغرق وقتا أطول مما هو ضروري. ويشير المؤلف إلى أن العلاج النفسي لازال في حاجة ملحة إلى تقدم البحوث العلمية لزيادة فهمنا للشخصية، وكيفية نموها وتطورها، وكيفية تغيرها مما يساعد على الوصول إلى أساليب أكثر دقة وأكثر ملاءمة لعلاج الإضطرابات النفسية.
ومجمل القول أن هذا الكتاب الذي نقدمه كتاب قيم، وفق المؤلف فيه إلى التعريف بعلم النفس الإكلينيكي، ومجالات تطبيقه، وأساليبه المختلفة في عمليتي التشخيص والعلاج بأسلوب واضح دقيق، مع شمول في المعلومات وإيجاز في الغرض، مما جعل الكتاب مفيدا للمشتغلين بعلم النفس بعامة، وبعلم النفس الإكلينيكي بخاصة. ولا شك أن هذا الكتاب يسد حاجة كثير من المدرسين والطلاب في العالم العربي إلى كتاب في علم النفس الإكلينيكي تتوافر فيه المميزات التي توافرت في هذا الكتاب وهي الدقة، والوضوح، والشمول، والإيجاز.
وقد وفق الأستاذ الدكتور عطية محمود هنا في ترجمة هذا الكتاب ترجمة دقيقة، وفي أسلوب سلس دقيق واضح. فله وافر الشكر والثناء على المجهود الكبير الذي بذله في هذه الترجمة الدقيقة لهذا الكتاب.