أ.د. أحمد محمد عبد الخالق
قسم علم النفس - كلية العلوم الاجتماعية - جامعة الكويت
التفاؤل والتشاؤم : عرض لدراسات عربية
أ.د. أحمد محمد عبد الخالق
قسم علم النفس - كلية العلوم الاجتماعية - جامعة الكويت
ورد التفاؤل والتشاؤم ومشتقاته ( كالفأل وتفاءلت بكذا ، والشؤم وتشاءم بالأمر والمشأمة) في المعاجم العربية القديمة مثل لسان العرب لابن منظور ، وتاج اللغة وصحاح العربية للجوهرى ، والقاموس المحيط للفيروزابادي ... وغيرهم ، واستخدم لفظ " التفاؤل" فى أحاديث للرسول صلى الله عليه وسلم . كما أن اللفظين يستخدمان في لعة الحياة اليومية لدى غير المتخصص منذ زمن بعيد وحتى اليوم فى حالات الاسم والفعل والصفة .
وعلى الرغم من ذلك فإن الدراسات النفسية للتفاؤل والتشاؤم دراسات حديثة لا تتجاوز - على أقصى تقدير - العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين . فقد نشرت في السبعينيات دراسات قليلة ومتفرقة حتى ظهر أول كتاب أسهم في بلورة هذا المجال ، وكان تحت عنوان " التفاؤل : بيولوجية الأمل " ، من وضع " تايجر " : (Tiger, 1979)، ثم تزايدت البحوث في العقدين الأخيرين زيادة مضطردة . هذا على المستوى العالمى ، أما على المستوى العربي فإن الاهتمام بالتفاؤل والتشاؤم - فيما نعلم - قد بدأ فى العام 1995 فقط .
ونعرف " التفاؤل " Optimism بأنه : " نظرة استبشار نحو المستقبل ، تجعل الفرد يتوقع الأفضل ، وينتظر حدوث الخير ، ويرنو إلى النجاح " . ونعرف " التشاؤم Pessimism بأنه : " توقع سلبى للأحداث القادمة ، يجعل الفرد ينتظر حدوث الأسوأ ، ويتوقع الشر والفشل وخيبة الأمل ".
إن التفاؤل عامل أساسى لبقاء الإنسان ، فإن الرغبة في إنجاب الأطفال ، والأفكار الخاصة بالتطور الاجتماعي والاقتصادى ، والمفاهيم الدينية والسياسية يمكن التنبؤ بها من خلال الاتجاه المتفائل نحو المستقبل ، كما أن التفاؤل أساس تمكين الأفراد ( والمجتمع بالتبعية ) من وضع أهدافهم المحددة ، وطرق تغلبهم على الصعوبات والمحن التى قد تفتك بالمجتمع ( Smith, 1983; Tiger, 1979) .
وبرهنت الدراسات على وجود علاقة إيجابية مرتفعة بين النظرة التفاؤلية للمستقبل والسعادة الحالية ، كما اتضح أن التفاؤل يرتبط ارتباطا إيجابيا بكل من : إدراك السيطرة على الضغوط ومواجهتها ، واستخدام المواجهة الفعالة وإعادة التفسير الإيجابي للموقف ، وحل المشكلات بنجاح ، والبحث عن الدعم الاجتماعي ، والنظرة الإيجابية للمواقف الضاغطة ، والتحصيل الدراسي ، والأداء الوظيفى ، وضبط النفس ، وتقدير الذات ، وسرعة الشفاء من المرض ، والانبساط ، والتوافق ، والصحة الجسمية ، والسلوك الصحى، وسرعة العودة إلى ممارسة الأنشطة الطبيعية في الحياة بعد إجراء العملية الجراحية . ومن ناحية أخرى كشفت الدراسات أن التشاؤم يرتبط لكل من ارتفاع معدلات الإصابة بالاكئتاب ، واليأس ، والانتحار ، والقلق ، والوسواس القهرى ، والعصابية ، والعداوة ، والشعور بالوحدة ، وهبوط الروح المعنوية ، وتناقص الدافعية للعمل والإنجاز ، والشعور بالحزن والقنوط ، والانسحاب الاجتماعي ، والفشل فى حل المشكلات، والنظرة السلبية لصدمات الحياة ( انظر بدر الأنصارى ، 1998).
وتهدف هذه الدراسة إلى عرض البحوث العربية في التفاؤل والتشاؤم التى أجراها عدد من الباحثين بما فيهم كاتب هذه السطور ، والجامع بين هذه البحوث أنها أجريت في إطار علم النفس بمختلف فروعه وتخصصاته ، وأنها أجريت على مفحوصين عربا من دولة الكويت ، وأنها كتبت بالعربية ، بعضها منشور وبعضها الآخر غير منشور ، وتشتمل البحوث التى ستعرض فى هذه الدراسة على البحوث التى أتيحت لكاتب هذه السطور وأمكن التوصل إليها على المستوى العربى . وتجدر الإشارة إلى انه من غير الميسور أن توثق جميع الدراسات التى تشير إلى مختلف التفاصيل ، وذللك تجنبا لإيراد قائمة مراجع غير مقبولة في حجمها . ويوصي القارئ المستزيد بالرجوع إلى الدراسات المنشورة ذاتها وقوائم مراجعها .
وينقسم هذا العرض إلى قسمين : الدراسة النظرية للمفهوم وقياسه ، والدراسات الارتباطية والعاملية .
القسم الأول
مفهوم التفاؤل والتشاؤم وقياسه
يعرض هذا القسم لأربع دراسات عن مفهوم التفاؤل والتشاؤم ومقاييسه كما يلى:
1- الدراسة النظرية للمفهوم :
نشر بدر الانصارى (1998) دراسة نظرية متخصصة عن التفاؤل والتشاؤم ، وهى دراسة مهمة تناولت التفاؤل والتشاؤم من حيث المفهوم والقياس والمتعلقات . ويعرض الفصل الأول منها للمعنى اللغوي للتفاؤل والتشاؤم ، وكذلك التعريف السيكولوجي ، وموقع مفهوم التفاؤل والتشاؤم فى بحوث الشخصية ، ومفهوم التفاؤل غير الواقعي وعلاقته بكل من القلقل والمشكلات الصحية ، وخفض التفاؤل غير الواقعي المتعلق بالقابلية للمرض ، ومفهوم التشاؤم غير الواقعي .
ثم تناول قياس التفاؤل والتشاؤم ، وقدم مقاييس عدة كلها استخبارات ، ومنها المقياس المعدل للتوقعات العامة للنجاح ، واختبار التوجه نحو الحياة من وضع " شاير ، وكارفر " وهو من أشهر الاستخبارات التى تقيس هذا المفهوم ، ومقياس التفاؤل والتشاؤم والمشتق من قائمة مينيسوتا واستخبار التفاؤل والتشاؤم الفمى ( اعتمادا على تقسيم " فرويد " لمراحل النمو الثلاث : النفسية الجنسية فى الطفولة وأولها المرحلة الفمية ) ، ومقياس " ديمبار " وزملائه للتفاؤل والتشاؤم ، ومقياس أحداث الحياة من وضع " واينشتاين " ، ومقياس أحداث الحياة من وضع " أندرسون " وزملائه ، ومقياس اليأس من وضع " بيك " وزملائه ، والقائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، واختبار التفاؤل والتشاؤم للأطفال .
وعرض أخيرا لمتعلقات التفاؤل والتشاؤم ، وبدأ بتقديم الارتباط بين التفاؤل والتشاؤم وبعض متغيرات الشخصية ومنها : العوامل الخمسة الكبرى للشخصية، وتقدير الذات . والتوافق والمرض ، والدافعية وطرق المواجهة ، والقلق ، والاكتئاب ، والخوف من النجاح ومن الفشل ، وعلاقتهما بكل من الديانة والعمر والأداء الوظيفي والأكاديمي . وتتبع أهمية هذا العمل فى تقديم مفهومي التفاؤل والتشاؤم للباحث العربى فى علم النفس ، وفى تضمينه عددا كبيرا من الدراسات السابقة ، مما أثار بحق اهتمام عدد من الباحثين العرب بهذا المجال .
2- القائمة العربية للتفاؤل والتشاءم :
وصف القائمة :
اعتمادا على أفضلية وضع المتخصصين لمقاييس عربية بدلا من تعريبها ( أحمد عبد الخالق ، 1998"ج" ) قام أحمد عبد الخالق (1996) بتأليف هذه القائمة لتناسب البيئة العربية ، وتشتمل القائمة على مقياسين فرعيين منفصلين ، أحدهما للتفاؤل (15 بندا) والآخر للتشاؤم (15 بندا) ، ووضعت البنود على شكل عبارات يجاب عنها على أساس مقياس خماسى ( لا، قليلاً ، متوسط ، كثيرا، كثيرا جدا ) . وهذه القائمة ( بمقياسيها الفرعيين) مقياس تقرير ذاتي يجيب الفرد عنها بنفسه عن نفسه ، وتصلح للاستخدام مع الراشدين ، وهى قائمة موجزة ، سهلة التطبيق ، تتطلب دقائق قليلة للإجابة عنها ، ودقائق قليلة لتقدير الدرجة على مقياسيها . وتتسم هذه القائمة بخصائص سيكومترية جيدة ، فثباتها مرتفع وكذلك صدقها ، وتتاح معايير لها عل عينة تربو على الألف من طلاب جامعة الكويت وطالباتها ، واجرى بوساطتها عدد لا بأس به من الدراسات المنشورة وغير المنشورة كما ستقدم في هذا العرض .
تكوين القائمة :
وجه سؤال مفتوح النهاية إلى طلاب متخصصين فى علم النفس يدرسون فى جامعة الكويت ، يطلب من كل منهم أن يكتب الصفات التى تصف الشخص المتفائل ، وسلوكه العام الذى يكشف عن هذه السمة ، وطلب الأمر ذاته بالنسبة للتشاؤم . وشملت هذه العنية 212 من الطلاب والطالبات . ووصل عدد الاستجابات إلى عدد كبير، وحذف منها المكرر وغير المرتبط بالموضوع ، كما وضع الباحث عددا من البنود ، وأعيدت صياغة كثير من البنود لتحقق المعايير الخاصة ببنود الاستخبارات مثل : الوضوح ، والدقة ، والحد الأقصى لطول البند ، وتعلق البند بأمر واحد فقط .
ثم قدم المقياسان المبدئيان إلى سبعة من المحكمين الخبراء ( أعضاء هيئة التدريس بقسم علم النفس بجامعة الكويت ) ، وطلب من كل منهم وضع تقدير لكل بند لتحديد مدى كفاءته فى قياس التفاؤل ( والأمر ذاته في التشاؤم ) ، وتراوحت التقديرات من صفر إلى 4 . وحسب متوسط تقديرات المحكمين لكل بند ، واستبقيت البنود التى حصلت على متوسط تقدير 3، و4 فقط . ثم أجريت سلسلة من التحليلات العاملية بطريقة المحاور الأساسية ثم التدوير المتعامد بأسلوب "الفاريماكس" ، وحسب ارتباط كل بند بالدرجة الكلية بعد استبعاد البند ، واختير خمسة عشر بندا للتفاؤل (ومثلها للتشاؤم) لها أعلى ارتباطات بالدرجة الكلية . وحيث إن بدائل الإجابة خماسية تكون الدرجة الدنيا =15 والقصوى =75 لكل مقياس فرعى على حدة .
معدلات الثبات :
حسب ارتباط كل بند بالدرجة الكلية علىالمقياس الفرعي بعد استبعاد هذا البند، وكشفت نتيجة هذ التحلييل عن ارتباطات جوهرية مرتفعة تشير إلى اتساق داخلى مرتفع للبنود . وتراوحت معاملات " كرونباخ " ألفا للمقياسين بين 0.91 ، و0.95 لدى طلاب من جامعة الكويت من الجنسين ، وتشير إلى اتساق داخلى مرتفع . ويدور الخطأ المعياري لكل مقياس حول 3، بما يعنى أن الدرجة الخام التى يحصل عليها المفحوص تمثل مدى يتراوح بين مقدارها مضافا إليه 3 ومطروحا منه 3 .
معاملات الصدق :
حسب الصدق المرتبط بالمحك وكان مرتفعا إذ وصل إلى 0.78 ، و0.69 (ن=111) لمقياسي التفاؤل والتشاؤم على التوالى ، وكان المحك : الصيغة العربية من "اختبار التوجه نحو الحياة " Life Orientation Test (LOT) من وضع " شاير ، وكارفر " (Scheier & Carver, 1985 ) ، وقد ثبت صدقه في دراسات كثيرة في لغات عدة . كما استخدم الصدق التقاربي Convergent Validity ويعنى أن المقياس يرتبط بدرجة مرتفعة بغيره من المتغيرات التى يفترض أن يرتبط بها نظريا ( Anastasi & Urbina, 1997,p. 129) ، واعتمادا على ذلك افترض أن كلا من اليأس والاكتئاب والقلق والوسواس القهرى ترتبط ارتباطا سلبيا دالا بالتفاؤل ، وإيجابيا بالتشاؤم ، وتؤكد معاملات الارتباط المستخرجة من عينات من طلاب الجامعة هذا الافتراض . ثم استخدم التحليل العاملى بوصفه أحد الطرق التى تحدد صدق التكوين ، ويستخرج منه الصدق العاملى Factorial validity للاختبار Anastasi & urbina, 1997,p. 128 ) ، فحسبت معاملات الارتباط المتبادلة بين بنود مقياس التفاؤل ، وحللت عامليا ، والأمر ذاته - بشكل مستقل- في مقياس التشاؤم ، واستخراج عامل واحد لكل مقياس فرعي .وحيث إن الدرجة الكلية على المقياس ترتبط ارتباطا مرتفعا بمحك خارجي كما قدمنا ، فمن الممكن القول بأن هذا التحليل العاملى للبنود يشير إلى صدقها . ومن ناحية أخرى حللت عاملياً معاملات الارتباط المتبادلة بين مقاييس اليأس والاكتئاب والقلق والوسواس القهرى فضلا عن مقياسي التفاؤل والتشاؤم والتوجه نحو الحياة ( تفاؤل) ، واستخرج عامل واحد قوى ، يستوعب نسبة مرتفعة من التباين ، وتشبعات جميع المقاييس به مرتفعة فى تتحليلين مستقلين ، وكان تشبع كل من مقياسى القائمة العربية للنفاؤل والتشاؤم أعلى من 0.8، بحيث كان تشبع التفاؤل سلبيا والتشاؤم إيجابيا ، مما يشير إلى صدق عاملى مرتفع للقائمة .
المعايير :
طبق مقياسا التفاؤل والتشاؤم على عينة من طلاب جامعة الكويت (ن=1025)، واستخرجت المتوسطات والانحرافات المعيارية للدرجة الكلية على المقياسين منفصلين ، وظهرت فروق جوهرية بين متوسط الجنسين ، بحيث كان الطلبة أكثر تفــــاؤلا ، والـــطالبات أكثر تشاؤما ( ويعد ذلك أحد الأدلة على أن التفاؤل ليس عكسا للتشاؤم بالضرورة ) . كما يتاح للقائمة على العينة ذاتها رتب مئينية منفصلة لكل من مقياسي التفاؤل والتشاؤم لدى الجنسين مستقلين .
3- اختبار التوجه نحو الحياة Life Orientation Test ( Lot) (
وهو من وضع كل من " شاير ، وكارفر " ( Scheier & Carver, 1985) ، ويتكون من (12) عبارة يجاب عن كل منها على أساس خمسة اختيارات ، تقيس التفاؤل بعبارات مثل "أنا متفائل دائما بالنسبة لمستقبلى " ، و" أؤمن بالفكرة القائلة : بعد العسر يسرا" ، و" أنظر عادة إلى الوجه المشرق من الأمور " ... وهكذا .
وقد طبق " شاير ، وكارفر " هذا المقياس فى صورته الأخيرة على أربع عينات مستقلة بلغت (1000) طالب وطالبة فى الجامعات الأمريكية ، ووصل معامل الثبات بطريقة إعادة التطبيق بعد أربعة أسابيع إلى 0.79% ، على حين كان معامل كرونباخ ألفا0.76 ، واستخرجت معاملات الصدق بحساب الارتباطات بعدد من المقاييس منها مقاييس التوقع العام للنجاح ، وتقدير الذات ، ووجهة الضبط الداخلى والخارجي ، والعصابية لأيزنك ، والانبساطية لأيزنك ، وقائمة بيك للاكتئاب ، واليأس ، والعداوة ، والانتحار ، والقلق الاجتماعي ، والتقبل الاجتماعي، والوعى بالذات ، والمغامرة ، والضغط النفسي ، والاغتراب النفسى ، وتشير معاملات الارتباط المستخرجة إلى صدق الاختبار .
كما حسب أيضا الصدق العاملى للمقياس على عينة من (624) طالبا وطالبة فى جامعة أمريكية ، واستخرج عاملان من المقياس ، حيث اشتمل العامل الأول على الأسئلة السلبية الاتجاه، فى حين ضمن العامل الثاني الأسئلة الإيجابية التوجه ( أى عامل للتفاؤل وآخر للتشاؤم) . وقد أجرى " موك ، وكليجن ، وبلوج " دراسة على عينات اسكندنافية ممن تراوحت أعمارهم بين 19- 42 عاما ، واستخرج من المقياس عاملان : أحدهما للتفاؤل والثاني للتشاؤم ، حدد الباحثون معايير اسكندنافية لهما ، كما كشفت هذه الدراسة عن عدم وجود فروق بين الجنسين فى هاتين السمتين .
إلا أن دراسة : " سميث " وزملائه أظهرت أن استخبار التوجه نحو الحياة لا يقيس التفاؤل بل يقيس العصابية ، وذلك اعتمادا على دراسة عاملية لاختبار التوجة نحو الحياة ومقياس التوقع العام للنجاح ومقياس القلق الصريح ومقياس سمة القلق ، حيث كشف التحليل العاملى عند استخراج عامل واحد أطلق عليه العصابية ، وبهذا النتيجة فإنه يجب إعادة النظر في تفسير استخبار التوجه نحو الحياة بوصفه مقياسا للتفاؤل ) ( بدر الأنصارى ، 1998 ص ص 36-37).
وقام بدر الأنصارى (1999) بتعريب اختبار التوجه نحو الحياة وإعداده للمجتمع الكويتى ، حيث طبق على عينة قوامها ( 592) طالبا وطالبة من طلاب جامعة الكويت ، تتراوح أعمارهم بين 18-30 عاما ، وقد أدى التحليل العاملي لبنود المقياس إلى استبعاد بندين ( رقم 3، و7) نظرا لانخفاض ارتباطهما بالدرجة الكلية ، ولذا أصبح طول المقياس فى صورته العربية عشرة بنود . ثم طبق مقياس التوجه نحو الحياة فى صورته الأخيرة على ثلاث عينات مستقلة من طلاب جامعة الكويت ، وحسب الصدق العاملى والصدق الاتفاقي والاختلافي ، واستخلصت ثلاثة عوامل من المقياس ، كما كانت معاملات الارتباط دالة بين مقياس التوجه نحو الحياة وكل من : التفاؤل (ر= 0.76) والاكتئاب ( ر=-0.62) والوسواس القهرى ( ر =-0.75) والذنب (ر=- 0.31) ، والخزى ( ر- 0.47) . ووصل معامل ألفا إلى : 0.83 وبطريقة القسمة النصفية إلى 0.75.
4- استخبار التفاؤل والتشاؤم غير الواقعي :
وهو من تأليف بدر الانصارى (1999) ، وقد استمد وعاء بنوده من خلال دراسة استطلاعية على عينة كويتية ضمت (170) طالبا وطالبة يدرسون فى مقررات مختلفة بقسم علم النفس فى جامعة الكويت ، وتراوحت أعمارهم بين 18-25 عاما . وقد طلب منهم كتابة عشرة حوادث إيجابية وأخرى سلبية يحتمل حدوثها لهم بالمقارنة إلى الآخرين ، وبعد تنقيح هذه البنود المقترحة وإعادة صياغة معظمها وإضافة مؤلفه لبنود أخرى ، وصل عدد البنود إلى (15) بندا لقياس التفاؤل غير الواقعي ، ,(18) بندا لقياس التشاؤم غير الواقعي ، ثم حُسب الارتباط بين كل بند والدرجة الكلية ، واختيرت أعلى البنود ارتباطا بالدرجة الكلية ، وبالتالي اختزل عدد من البنود حتى وصل مقياس التفاؤل غير الواقعي إلى (13) بينما فيما وصل طول مقياس التشاؤم غير الواقعي إلى (17) بندا . ويجاب عن كل فقرة على أساس سبعة اختيارات أو بدائل للإجابة . وقد طبق هذا الاستخبار فى صورته النهائية على عينة كويتية قوامها (442) طالبا وطالبة ، بواقع (185) طالبا و (257) طالبة من طلاب جامعة الكويت .
ووصل معامل ألفا للثبات إلى 0.87 ومعامل التنصيف إلى 0.84 لمقياس التفاؤل غير الواقعي ، في حين وصل معامل ألفا إلى 0.85 ومعامل التصنيف إلى 0.83 لمقياس التشاؤم غير الواقعي . وتم التحقق من صدق المقياس بالطرق الأربعة الآتية : الارتباط بين المقياسين ومقياس التوجه نحو الحياة ، والارتباط بين كل بند والدرجة الكلية على المقياس الواحد ، والتحليل العاملى لبنود المقياس الواحد ، والارتباطات المتبادلة بين كل من المقياسين ومقاييس أخرى تقيس أبنية مختلفة وأخرى متشابهة .
القسم الثاني
دراسات ارتباطية وعاملية
1- التفاؤل والتشاؤم بوصفهما سمتين فى الشخصية :
قام بهذه الدراسة أحمد عبد الخالق ، وبدر الأنصارى (1995) ، وكان لها أهداف عدة من بينها فحص الارتباطات بين التفاؤل والتشاؤم كما يقاس بالقائمة العربية وعدد من المتغيرات الدالة على الاضطراب النفسي وهى : الاكتئاب واليأس والقلق والوسواس القهرى ، هذا فضلا عن التحليل العاملى لهذه المتغيرات . واستخدمت عينتان من طلاب جامعة الكويت من الجنسين (ن1 = 277، ن 2=111) ، واستخرجت ارتباطات دالة بين متغيرات الدراسة ، تشير إلى ارتباط سلبى بين التفاؤل وكل من : التشاؤم ، واليأس ، والاكتئاب ، والقلق والواسواس القهرى ، في حين كان ارتباط المقاييس الأربعة الأخيرة بالتشاؤم موجبا ودالا ، إشارة إلى الصدق الاتفاقي لمقياسي التفاؤل والتشاؤم . وعند إجراء تحليل عاملى لأربعة مقاييس استخرج عامل ثنائي القطب للتفاؤل مقابل الضيق ، ويشمل القطب الأخير كلا من التشاؤم واليأس والاكتئاب ، وفى تحليل عاملى ثان استخرج عامل للتفاؤل مقابل المشاعر السلبية ، ويشمل القطب الأخير : التشاؤم والقلق والوسواس القهرى . والاستنتاج العام المسوغ من هذه الدراسة هو التثبت من بعض جوانب صدق القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم .
2- التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما بالانبساط والعصابية :
أجرى حسن عبد اللطيف ، ولولوه حمادة (1998) دراسة مهمة عن التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما ببعدى الشخصية : الانبساط والعصابية . وتكونت عينة الدراسة من 220 طالبا وطالبة بالتساوى ، وهم من المتطوعين الذين يدرسون فى عدد من كليات جامعة الكويت ، طبقت على أفراد العينة القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، هذا فضلا عن المقياسين الفرعيين للعصابية والانبساط المشتقين من استخبار أيزنك للشخصية .
وكشفت النتائج عن فروق دالة بين الجنسين فى التفاؤل ( للذكور متوسط أعلى ) ولكن لم تظهر فروق بين الجنسين فى التشاؤم ، كما استخرج ارتباط إيجابي بين التفاؤل والانبساط ، وبين التشاؤم والعصابية ، ومن ناحية أخرى ظهر ارتباط سلبى بين التشاؤم والانبساط ، وبين التفاؤل والعصابية .
وفسر الباحثان حصول الذكور على متوسط في التفاؤل أعلى جوهريا من الاناث بأن الذكور فى الكويت يتمتعون بفرص وخيارات أكثر مما يمكن ان تتاح لنظرائهم من الإناث ، كما تتيح العوامل البيئية والثقافية للذكور فرصا أكبر للتعبير عن آرائهم واتجاهاتهم ، مع امتلاك الذكور إلى حد كبير ناصية القرار فيما يخص اختيار التعليم : نوعه وإمكانية الاستمرار فيه ، والمهنة ، فضلا عن اختيار الزوجة ، وذلك مما يؤدي إلى نوع من الأمل والتفاؤل نحو المستقبل لدى الذكور أكثر من الإناث . وتفسيرا لنتيجة مهمة مؤداها عدم ظهور فروق دالة بين الجنسين فى التشاؤم قدم الباحثان مناقشة عميقة لمشكلة ارتباط التفاؤل بالتشاؤم ، هل هما بعد واحد ثنائي القطب ؟ أو أنهما بعدان مستقلان استقلالا جزئيا ولكنهما متداخلان ؟
ويورد الباحثان الاستنتاج القائل بأن دراسة مفهومي التفاؤل والتشاؤم يمكن أن تضيف فهما أعمق وتصورا أدق لأهم بعدين فى الشخصية وهما الانبساط والعصابية ، كما يشيران إلى التطبيقات الممكنة لنتائج هذه الدراسة فيما يتعلق بأساليب التدخل والعلاج النفسي .
3- التفاؤل والتشاؤم وقلق الموت :
أجرى هذه الدراسة أحمد عبدالخالق (1998"أ" ) ، وهدفت إلى فحص الارتباط بين التفاؤل والتشاؤم وقلق الموت ، ويعتمد الفرض الأساسي فى هذه الدراسة على أن قلق الموت نوع فرعي خاص من القلق العام ، وأن علاقة التفاؤل والتشاؤم بقلق الموت يجب أن تسير فى الاتجاه ذاته الذى يتوقع بين التفاؤل والتشاؤم والقلق العام ، كما أن قلقل الموت يرتبط عادة ارتباطا إيجابيا بمقاييس القلق والاكتئاب ( Abdel-Khalek, 1997, 1998, “a” ) ، وكذلك الوساوس (Abdel-Khalek, 1998, “c” “d” ) ، واليأس (أحمد عبد الخالق ، وبدر الانصارى ، 1995)، والانتحار (بدر الأنصارى ، 1998ص49) ، ومقاييس هذه المفاهيم ترتبط سلبيا بالتفاؤل وإيجابيا بالتشاؤم ، ومن ثم تلخص الفرض فى هذه الدراسة فى الارتباط الإيجابي بين قلق الموت والتشاؤم ، والارتباط السلبى بين قلق الموت والتفاؤل . ومن ناحية أخرى فإن الموت أمر مغيب عن البشر جميعا" : " وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت " ، وهذا العنصر الغيبى - فى الوقت ذاته - مستقبلى يحدث فى الأيام الآتية ، وفي سمتى التفاؤل والتشاؤم عنصرا مستقبليا يرتبط بتوقع النجاح أو الفشل ، الخير أو الشر ( ويتضح ذلك فى تعريف التفاؤل والتشاؤم) مما يؤدي إلى توجه عام نحو الحياة والموت . واعتمادا على هذا العنصر الجامع بين التفاؤل والتشاؤم فى جانب وقلق الموت فى الجانب الآخر يكون افتراض الارتباط السلبي والإيجابي ، على التوالي ، مسوغا إلى حد بعيد .
وأجريت هذه الدراسة على 270 من طلاب جامعة الكويت من الجنسين ، وطبقت القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ومقياس قلق الموت من وضع " تمبلر " ، وحققت النتائج الفرض ، واستخرجت ارتباطات سالبة دالة بين التفاؤل وقلق الموت ، وارتباطات موجبة بين التشاؤم وقلق الموت ، واتسعت هذه النتائج بين الجنسين . واستخرج من التحليل العاملى لمعاملات الارتباط المتبادلة بين المتغيرات الثلاثة عامل واحد ، استوعب قدرا لا بأس به من التباين المشترك ، وكان ثنائي القطب يجمع بين التشاؤم وقلق الموت في قطب ، والتفاؤل فى القطب المقابل ، سمى عامل " الاستبشار - الضيق " ، واتسقت هذه النتائج بين الذكور والإناث كل على حدة .
4- التفاؤل والتشاؤم والشخصية الفصامية :
أجرى هذه الدراسة فريح العنزى ، وعويد المشعان (1998) ، وهدفت إلى فحص الارتباط بين الشخصية الفصامية Schizoid personality والتفاؤل والتشاؤم . وعرفت الشخصية الفصامية بأنها اضطراب فى الطباع ، يتسم بالانسحاب الاجتماعي والعزلة ، والخجل ، وزيادة الحساسية ، والانفصال عن الواقع المحيط ، وقلة الأصدقاء أو عدم وجودهم ، ونقص القدرة على تكوين علاقات اجتماعية ، والغرابة ، والانسحاب إلى خيالات ذاتية وأحلام يقظة ، وشرود الذهن ، واللامبالاة ، هذا فضلا عن المدى المحدود من التعبير الانفعالى ، وضعف القدرة على أظهار الود والمشاعر الرقيقة تجاه الآخرين ، والبرود ، وضيق الاهتمامات ، وقصر الميول ، والطموح غير الواضح . واضطراب الشخصية الفصامية غير الفصام .
وتكونت عينة هذه الدراسة من 463 من طلبة وطالبات يدرسون فى كلية التربية الأساسية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقى وجامعة الكويت ، طبق عليهم مقياس الشخصية الفصامية والقائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم .
واستخرج ارتباط سالب دال بين التفاؤل والشخصية الفصامية لدى كل من الذكور والإناث على حدة ، كما استخرج ارتباط موجب دال بين التشاؤم والشخصية الفصامية لدى الجنسين . كما استخرج لدى الجنسين كل على حدة عامل واحد استوعب نسبة مرتفعة من التباين المشترك ، وهو عامل ثنائي القطب يجمع بين الشخصية الفصامية والتشاؤم فى جانب ، والتفاؤل فى الجانب الآخر ، وسمى عامل الضيق مقابل التفاؤل . وفسرت النتائج على ضوء المضمون السوى للتفاؤل ، والمضامين غير السوية للشخصية الفصامية والتشاؤم .
5- التفاؤل والتشاؤم وصحة الجسم :
لقد أتى على المتخصصين حين من الدهر ركزوا فيه شدة على الجوانب المرضية الشاذة كالقلق والاكتئاب والفصام والانتحار ومختلف الانحرافات ، وذلك على حساب التوافق والصحة والسلوك الإيجابى ومواجهة الضغوك وامتصاص الصدمات . وأدى الاهتمام بالجوانب الأخيرة - فضلا عن عوامل أخرى - إلى نشأة علم نفس الصحة ، ومن بين هذه النتائج الكثيرة جدا لهذا الفرع المهم من فروع علم التفس ، نتيجة مهمة تكررت فى بحوث كثيرة ، مؤداها أن التفاؤل والمزاج الإيجابي أمران أساسيان لصحة الجسم ، وأن التفاؤل يؤثر تأثيرا إيجابيا على صحة الجسم ، ويسرع بالشفاء فى حال المرض ، وأن هناك جانبا مهما يمكن أن يميز بين مريض وآخر فى الأمل فى الشفاء . ومن ناحية أخرى فإن التشاؤم - الذى يرتبط بكل من الغضب والعدائية - يتسبب فى مشكلات صحية كثيرة منها ارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي والسرطان ، كما ينبئ التشاؤم بانخفاض كل من مستوى الصحة والعمر المتوقع ، وراتفاع معدل الوفاة ، وبطء الشفاء بعد إجراء العملية الجراحية ، بل إن عددا من المؤلفين يثبت أن كفاءة جهاز المناعة تزداد لدى المتفائلبين بالنسبة إلى المتشائمين ، ويرون أن التفاؤل يمكن أن يقوم بدور مهم كعامل وقائي ينشط عندما يواجه الفرد صعوبات الحياة كالمرض ( أنظر : Segerstrom, Taylor, Kemeny & Fahey, 1998 ) .
وقدمت هذه الدراسة ( أحمد عبد الخالق ، 1998"ب") فروضا اربعة مؤداها أن التفاؤل يرتبط بالصحة الجسمية ارتباطا موجبا ، وأن التفاؤل يرتبط بالأعراض والشكاوى الجسمية ارتباطا سالبا ، والعكس صحيح بالنسبة للتشاؤم ؛ إذ يرتبط بكل من الصحة الجسمية ارتباطا سالبا ، وبالأعراض والشكاوى الجسمية ارتباطا موجبا .
وأجريت الدراسة على 147 من الطلبة والطالبات الكويتيين الذين يدرسون فى جامعة الكويت ، طبقت عليهم القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، ومقياس تقدير الصحة العامة بفرعيه : الصحة العامة والصحة فى العام الأخير ، هذا فضلا عن قائمة الأعراض والشكاوى الجسمية .
واستخرجت ارتباطات إيجابية دالة بين : التفاؤل والصحة ، والتشاؤم والأعراض الجسمية، في حين كانت الارتباطات سلبية بين التفاؤل والأعراض الجسمية ، والتشاؤم والصحة ، والصحة والأعراض الجسمية . ثم حللت معاملات الارتباط المتبادلة بين هذه المتغيرات تحليلا عامليا بطريقة المحاور الأساسية ، واستخرج عامل ثنائي القطب يجمع بين التفاؤل والصحة العامة والصحة فى العام الأخير ، في مقابل التشاؤم والأعراض الجسمية ، وسمى عامل التفاؤل/التشاؤم.
وقد فسرت هذه النتائج اعتمادا على كون التفاؤل سمة تؤدي بالشخص إلى تبنى توجه عام مفضل نحو الحياة ، وتفسير إيجابي مرغوب لأحداثها ، ويدعم هذا التوجه تدعيما إيجابياً ، الصحة الجسمية الجيدة ، وفى الوقت نفسه فإن الصحة الجسمية الجيدة تدعم سلوك توقع الأفضل أى التفاؤل ، ومن ثم يحدث تفاعل بين التفاؤل والصحة على ضوء قانون الأثر Law of effect، وعكس ذلك يمكن أن يفسر علاقة التشاؤم بالأعراض والشكاوى الجسمية ، فإن المرض المتكرر يمكن أن يقود الفرد إلى توقع الأسوأ ، أى التشاؤم ، كما أن التشاؤم من ناحية أخرى يمكن أن يضعف من الصحة الجسمية للفرد ، وذلك على ضوء ما كشفت عنه الدراسات الحديثة من علاقة بين التشاؤم ونقص جهاز المناعة .
كما فسرت هذه النتائج على ضوء طرق المواجهة Coping strategies ، حيث يزداد استخدام المتفائلين لأساليب المواجهة الفعالة التى تركز على المشكلة ، ويزداد لجوء المتفائلين إلى التخطيط عند مواجهة موقف عصيب ، والاستفادة من الخبرة والتعلم السابق ، في حين أن التشاؤم يرتبط باستخدام أسلوب الإنكار ، وبمحاولة الفرد إبعاد نفسه عن المشكلة ، وبسوء استخدام المواد والعقاقير التى تقلل من الوعى بالمشكلة . كل ذلك يؤدي بنا إلى افتراض وجود أسلوبين للتفسير: التفاؤلي مقابل التشاؤمي ، وذلك اعتمادا على نموذج " سيليجمان" ، وأن هذين الأسلوبين يرتبطان بمختلف الجوانب الإيجابية والسلبية في الحياة ، ويأتي فى صدر هذه الجوانب الصحة والمرض .
6- التفاؤل والتشاؤم والأداء الوظيفى :
أجرى عثمان الخضر (مقبول للنشر) دراسة مهمة هدفت إلى فحص العلاقة بين التفاؤل والتشاؤم والأداء الوظيفى ، ومدى تأثير عوامل السن ، والجنس ، والحالة الاجتماعية ، والمستوى التعلميى على هذه المتغيرات . واستخدم لهذا الغرض 150 موظفا وموظفة من شركة نفط الكويت ، وخلصت الدراسة إلى تأكيد العلاقة الطردية بين التفاؤل وكل من الدراية بالعمل ، وجودة العمل ، ومعدل الإنتاج ، والانضباط ، وحصافة الرأى ، والتوجيه ، والأداء بشكل عام (تراوح مدى الارتباطات من ر= 0.23 إلى ر=0.39) ، كما كشفت هذه الدراسة عن ارتباط التشاؤم عكسيا بكل متغيرات الأداء هذه ، إضافة إلى المبادرة ، والتعاون ، والقدرة على التخطيط ( مدى الارتباطات من ر=0.14 إلى ر=0.34 ) . ولم تكشف هذه الدراسة عن فرق جوهرى بين الجنسين فى كل من التفاؤل والتشاؤم ( ولا يتفق ذلك مع دراسات أخرى ) ، في حين بدا الذكور أكثر دراية بالعمل ، ومبادرة فى طرح الأفكار والاقتراحات ، وتعاونا مع الاخرين . كما لم تسفر الدراسة عن فرق دال بين المتزوجين وغير المتزوجين ، ولا بين المستويات التعليمية المختلفة فى التفاؤل والتشاؤم ، وقد نقلت هذه الدراسة المهمة بحوث التفاؤل والتشاؤم إلى مجال جديد لم تطرقه الدراسات العربية - سلفا .
7- التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما بمتغيرات اجتماعية ( أسرية ):
تباينت الآراء حول التفاؤل والتشاؤم هل هما سمتان فى الشخصية ؟ أو توجه عام نحو الحياة ، أو توقع شامل لما يمكن أن يأتي به المستقبل ؟ أو نوع من القيم ؟ أو ضرب من التقويم الكلى للحاضر والمستقبل ؟ وأيا ما كان الرأى فى هذا الصدد ، فإن التفاؤل والتشاؤم خاصتان تتطوران من خلال بيئة الأسرة بما لها من خواص محددة . وتلخص السؤال الأساسي فى هذه الدراسة (انظر: عبد الخالق ، غير منشور ) فيما يلى : هل يرتبط التفاؤل والتشاؤم بنماذج لهذه المتغيرات الاجتماعية ؟
درست العلاقة بين التفاؤل والتشاؤم كما يقاسا بالقائمة العربية وأربعة متغيرات : حجم الأسرة ، وعدد الإخوة والأخوات ، ورتبة الميلاد Biro أو ترتيب الفرد بين إخوته وأخواته ، وعدد الأصدقاء المقربين بالنسبة له . وأجريت الدراسة على 235 من الطلبة والطالبات الذين يدرسون بمختلف كليات جامعة الكويت .
واستخرجت معاملات ارتباط غير دالة بين التفاؤل والتشاؤم - على التوالى - وكل من حجم الأسرة (- 0.016، 0.006) ، وعدد الإخوة (-0.006 - 0.015)، ورتبة الميـلاد (- 0.014، 0.038) ، وعدد الأصدقاء المقربين ( 0.032- 0.009) . وتشير هذه النتائج - فى حدود العينة والمقاييس المستخدمة - إلى انه لا يوجد ارتباط دال بين التفاؤل والتشاؤم والمتغيرات الاجتماعية ( الأسرية ) التى قيست . ويمكن أن تعد هذه النتيجة مؤشرا للصدق الاختلافي لمقياسي التفاؤل والتشاؤم . ومن الممكن أن نفترض أن التفاؤل والتشاؤم قد يرتبطان أكثر بأسلوب التنشئة الاجتماعية المتبع مع الأبناء ، ويمكن أن يكون ذلك موضوع دراسة مقترحة.
8- التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما بالتدين :
للقيم أنواع عدة ، فمنها الاجتماعي والسياسي والدينى والجمالى والاقتصادي والعلمى ، والعلاقات متشابكة بين نسق القيم Value system والشخصية ، ويتلخص التساؤل فى هذه الدراسة حول ما إذا كانت هنك علاقة بين التفاؤل والتشاؤم والتدين . وقد تحدد الفرض هنا فى أن الشخص المتفائل أكثر تدينا ، والعكس صحيح .
ولكن قياس التدين Religiosity يعد مشلكة حقا ، فهل يتصدى المقياس لتقديره على مستوى الأداء الفعلى للعبادات وتنظيم المعاملات ؟ أو هل يقاس التدين على مستوى التوجه اللفظي فقط بصرف النظر عن السلوك الفعلى كما هو الحال في قياس الاتجاهات غالبا ؟ ويتــــاح -على المستوى اللفظى - مقاييس للدافعية الدينية الداخلية Intrinsic religious motivation ومنها مقياس " هوج " Hoge ( انظر Beshai et al., 1996, 1997, Thorson et al., 1997 ) ، كما يمكن أن يقدر التدين بمقياس تقدير ذاتي يطلب من المفحوص أن يحدد درجة تدينه كما يدركها هو ذاتيا ، واتبعت الطريقة الأخيرة فى هذه الدراسة التى قام بها عبد الخالق ( غير منشور) ، حيث كان السؤال : ما درجة تدينك ؟ وتراوحت البدائل بين صفر (ضعيفة جدا) ، و10 (ممتازة ).
وقد قيس التفاؤل والتشاؤم بالقائمة العربية السابق عرض نبذة عنها فى الدراسة الثانية فى القسم الأول من هذه الدراسة ، واستخدمت عينة من طلبة وطالبات جامعة الكويت (ن=235) .
واستخرجت معاملات ارتباط دالة ( عند مستوى 0.001) بين التقدير الذاتي للتدين وكل من التفاؤل (0.243) والتشاؤم (- 0.255) ويشير هذان المعاملان إلى أنه كلما زاد التفاؤل ارتفع التدين ، والعكس كذلك صحيح : كلما ارتفع التشاؤم نقص التدين . ولكن هذه المعاملات أقل من معاملات الارتباط بين التفاؤل والتشاؤم والجوانب المرضية فى الشخصية كالقلق واليأس والاكتئاب .
ومن الممكن أن نستخلص - في حدود هذه الدراسة - أن المتدين يميل إلى أن يكون أكثر تفاؤلا ، وغنى عن البيان أن هناك عددا من الأحاديث النبوية الشريفة التى تحض المسلم على التفاؤل مثل : " تفاؤلوا بالخير تجدوه " ، و" يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " . ومن ناحية أخرى فإن هناك تفاعلا وتغيرا مصاحبا سلبيا بين التدين والتشـاؤم ، فقد يكون نقص التدين - فى مجتمع يعلى من شأن التدين - عاملا مسهما فى التشاؤم ، كما قد يعوق التشاؤم أداء الفرد لواجباته الدينية ومن ثم يقرر - لفظئيا - انخفاض تدينه ...
9- التفاؤل والتشاؤم والصحة النفسية والجسمية :
أجريت دراسة عربية ( عبد الخالق ، 1998"ب" ) أكدت العلاقة الوثيقة بين الصحة الجسمية والتفاؤل ، وبين الأعراض والشكاوى الجسمية والتشاؤم ( انظر الدراسة الخامسة فى هذا القسم ) . وتوسع هذه الدراسة - التى قام بها عبد الخالق ( غير منشور )، ونعرض لها هنا - مجال فحص العلاقة بين التفاؤل والتشاؤم وكل من الصحة الجسمية ، والصحة النفسية ، والتقدير الذاتى للشعور بالسعادة . وطبقت القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم وثلاثة مقاييس تقدير ذاتي يملؤها المفحوص بنفسه عن نفسه وتقيس : الصحة الجسمية بوجه عام ، والصحة النفسية بوجه عام، والشعور بالسعادة . وتراوحت بدائل الإجابة بين صفر ، و10.
وكانــــت جميع معاملات الارتباط دالة عند مستوى 0.001 بين التفاؤل وكل من : الصحة الجسمية (0.309) والصحة النفسية ( 0.491) ، والشـــعور بالسعــــــادة ( 0.585) ، وبين التشاؤم وكل من : الصحة الجسمية ( - 0.315) ، والصحة النفسية (- 0.555) ، والشعور بالسعادة ( - 0.587) . ومن الجلى أن وراء هذه الارتباطات عاملا ثنائي القطب للتفاؤل والصحة والسعادة فى مقابل التشاؤم .
وتؤكد نتيجة هذه الدراسة فيما يختص بعلاقة التفاؤل والتشاؤم بالصحة الجسمية، الدراسة العربية السابقة فى المجال ذاته ، ولكن تأتي أهمية هذه الدراسة من إضافة متغيرين مهمين هما : التقدير الذاتى لكل من الصحة النفسية والشعور بالسعادة ، مما يوسع من نطاقه . وعلى الرغم من الدلالة الإحصائية لكل معاملات الارتباط المستخرجة ، فإن الارتباط بين كل من التفاؤل والتشاؤم والصحة الجسمية أقلها ، والارتباط بين كل من التفاؤل والتشاؤم والصحة النفسية وسط بينهما .
ويهمنا أن نبرز من بين هذه الارتباطات ، العلاقة بين الشعور بالسعادة وكل من التفاؤل (0.585) والتشاؤم (- 0.587) ، وهما معاملان يكادان يقتربان من معامل الارتباط بين مقياسي التفاؤل والتشاؤم فى القائمة العربية ( 0.671 على التحديد ) ، ويعنى ذلك تقارب تقديرات التفاؤل والسعادة ، وكذلك التشاؤم والتعاسة (مقلوب السعادة والتفاؤل).
10- التفاؤل والتشاؤم والقلق :
تعد هذه الدراسة (انظر : عبد الخالق ، غير منشور ) تكرار لدراسة سابقة هدفت إلى فحص ارتباط القلق بكل من التفاؤل والتشاؤم ، ولكن الفارق بين الدراستين هو استخدام مقياس جديد للقلق فى هذه الدراسة ، وهو مقياس جامعة الكويت للقلق ، فضلا عن القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، ويتسمان بثبات وصدق مرتفعين ، وطبقتا على عينة من طلبة جامعة الكويت وطالباتها قوامها 235.
وكشفت الدراسة عن ارتباط دال عند مستوى 0.001 بين القلق وكل من التفاؤل (ر=-0.569) والتشاؤم (ر=0.710) ، وتتفق هذه النتيجة مع النتائج الواردة فى دليل تعليمات القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، وتعد تاكيدا لها فى الاتجاه ذاته على الرغم من تغير المقياس المستخدم لقياس القلق .
11- التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما بعادات النوم واضطرابه :
يمكن أن تعد عادات النوم Sleep habits مؤشرا للحالة الصحية العامة من الناحيتين الجسمية والنفسية ، وليس هذا فحسب بل إن هذه العادات ترتبط بمعدلات الوفاة والعمر المتوقع ، فقد دلت دراسة على مليون شخص على أن نقص عدد ساعات النوم (أقل من 5 ساعات) يرتبط بعمر متوقع قصير ، كما أن زيادة عدد ساعات النوم ( أكثر من 9 ساعات فى اليوم) يرتبط كذلك بعمر متوقع قصير ، ولكن نقص عدد ساعات النوم يعد أكثر خطرا من زيادتها ، وأخيرا ظهر أن عدد ساعات النوم المتوسطة يرتبط بعمر متوقع أطول . ومن بين عادات النوم التى درست عدد ساعات النوم ليلا ، وكذلك نهارا (وهما متغيران مستقلان ).
واضطرابات النوم ذات عدد كبير ، وأهمها اضطرابات بدء النوم والمحافظة عليه، واضطرابات جدول النوم واليقظة ، والاضطرابات المصاحبة للنوم ، ومن أكثر اضطرابات النوم شيوعا الأرق .
وأجريت هذه الدراسة التى قام بها كاتب هذه السطور ( غير منشور) على عينة من 235 طالبا وطالبة يدرسون بجامعة الكويت ، طبقت عليهم القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم فضلا عن ثلاثة متغيرات متعلقة بعادات النوم واضطرابه : عدد ساعات النوم فى الليل ، وعدد ساعات النوم فى النهار ، وعدد مرات الاستيقاظ من النوم أثناء الليل .
ولم يرتبط عدد ساعات النوم بالليل ارتباطا دالا بالتفاؤل ولا بالتشاؤم : 0.052 ، 0.095 على التوالى ، وكذلك عدد ساعات النوم بالنهار (0.105، 0.84). ومـــن ناحية أخرى ارتبط متغير عدد مرات الاستيقاظ أثناء الليل ارتباطا سلبيا بالتفاؤل (- 0.240) ، وارتباطا إيجابيا بالتشاؤم (0.225) ، وهما دالان عند مستوى (0.001).
إن الارتباط الدال بين عدد مرات الاستيقاظ أثناء الليل والتفاؤل والتشاؤم - وإن كان ضعيفا - يمكن تفسيره على ضوء التغير المصاحب بين عدد مرات الاستيقاظ أثناء الليل وكل من : التفاؤل (سلبى ) والتشاؤم (إيجابي ) ، من حيث إن عدد مرات الاستيقاظ أثناء الليل دليل وقلق واضطراب ، والأخيران يرتبطان إيجابيا بالتشاؤم وسلبيا بالتفاؤل .
كما أن عدد ساعات النوم - سواء أقلت أم زادت - يرتضيها الفرد ويتكيف لها حتى تعد من عادات النوم لديه ، وقد لا شتير إلى اضطراب محدد من ناحية ما ، ولكن عدد مرات الاستيقاظ أثناء الليل مؤشر محدد لنوم مضطرب متقطع . والحاجة ماسة إلى إجراء دراسة مفصلة للتفاؤل والتشاؤم وعدد من اضطرابات النوم المحددة ، وذلك موضوع دراسة أخرى .
12- التفاؤل والتشاؤم وتدخين السجائر :
حظى سلوك التدخين Smoking behavior بعدد كبير من الدراسات ، وفضلا عن خطورة هذا السلوك على المدخن ومخالطيه ( المدخن السلبى ) ، فإنه يرتبط ارتباطـــا وثيقا بالمرضين اللذين يتسببان فى أعلى معدلات الوفاة وهما : القلب والسرطان ( الرتبتان الأولى والثانية على التوالى من ناحية أسباب الوفاة ).
ونظرا لما يشاع عن أخطار التدخين على الرغم من ارتفاع معدلات استخدامه فى بلادنا ، فمن الممكن أن نفترض ارتباط التدخين بعدد من توقعات المدخن حول المستقبل الشخصى له ، ومن ثم بحث عبد الخالق (غير منشور) علاقة سلوك التدخين بكل من التفاؤل والتشاؤم كما قيس بالقائمة العربية (ن= 235 من طلاب جامعة الكويت ).
ولم يظهر ارتباط دال بين سلوك التدخين كما يقاس بالسؤال الآتي : هل تدخن السجائـــــــر؟ (وأجيــب عنه بـ لا ، أحيانا ، نعم ) وكل من التفاؤل (0.043) والتشاؤم ( 0.037) ، ولذا فإن الفرض الذى بدأت به الدراسة لم يتحقق .
13- التفاؤل والتشاؤم والتحصيل الدراسي :
من الممكن أن نفترض علاقة بين التحصيل الدراسي وكل من التفاؤل والتشاؤم ، وذلك اعتمادا على ما بين الجانبين الوجداني (التفاؤل والتشاؤم)والمعرفى (التحصيل الدراسى ) من علاقات . واجرى كاتب هذه السطور ( غير منشور) هذه الدراسة على عينة من (235) طالبا وطالبة يدرسون بجامعة الكويت ، طبقت عليهم القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، واستخرج المعدل الدراسي العام لكل منهم .
ولم يظهر ارتباط جوهرى بين التحصيل الدراسي وكل من التفاؤل (0.036) والتشاؤم (-0.072) ، وبذا لم يتحقق الفرض ، ويبدو أن التحصيل الدراسي على الرغم من تأثره بعديد من العوامل وتعلقه بها فانه ليس من بينها التفاؤل والتشاؤم تبعا للعينة والمقاييس المستخدمة .
14- التفاؤل والتشاؤم والدافع للإنجاز :
الدافع للإنجاز Need for Achievement ( n-Ach) هو الأداء على ضوء الامتئاز والتفوق ، أو الأداء الذى تحثه الرغبة فى النجاح وقد افترض ارتباطه بالتفاؤل والتشاؤم ).
استخدمت فى هذه الدراسة التى قام بها الباحث (غير منشور) عينة من طلبة جامعة الكويت وطالباتها (235) ، طبقت عليهم - فى موقف قياس جمعى - القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ومقياس " راى ، لن " Ray- Lynn للدافع للإنجاز ، ويشتمل على 14 سؤالا يجاب عنها باختيار أحد البدائل : " نعم ، غير متأكد ، لا " وللمقياس خصائص سكومترية جيدة .
وارتـــــبط الدافــــع للإنــجاز ارتباطا دالا بكل من التفاؤل (- 0.238) ، والتشاؤم (-0.211) وهما دالان عند مستوى (0.001) . وتحقق الفرض الذى بدأت به الدراسة ، وتؤكد النتيجة أن العلاقة متبادلة بين الدافع للإنجاز وكل من التفاؤل والتشاؤم ، ففى التفاؤل توقع النجاح ( والتشاؤم عكسه ) وفى الدافع للإنجاز سعى حثيث إلى تحقيق ذلك النجاح .
15- التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما بنمط السلوك " أ " :
نمط السلوك " أ " Typ A Behavior طائفة من التصرفات التى تصدر عن الفرد ، وتكشف عن مزاج ذى خصائص شخصية محددة ، افترض أنها ترتبط بالقابلية للإصابة بمرض الشريان التاجى للقلب ، ويقابله النمط ب" ب " .
ويتسم أصحاب السلوك من نمط " أ " بالعدوانية ، والطموح ، والمنافسة الشديدة، والانشغال الزائد بالإنجاز ، وعدم الصبر ، والتململ أو عدم الاستقرار ، والتعجل ، ومشاعر التحدى المزمنة ، وبأن الفرد واقع تحت ضغط ، والتنبيه الزائد ، وتوتر العضلات وبخاصة عضلات الوجه ، وعلو الصوت عند الحديث ، والشعور بتحدى المسؤوليات ، وضغط عامل الزمن (Aiken, 1991,p. 368; Henkins et al., 1979, p. 3) .
أما أصحاب النمط " ب " فإنهم أكثر استرخاء وتمهلا وصبرا ، فهم يتكلمون ويتصرفون بطريقة أكثر بطئا وهدوءا . ويكشف أصحاب النمط " أ " - بالمقارنة إلى أصحاب النمط "ب " - عن نسبة أكبر لحدوث الأزمات القلبية ، حتى عندما يوضع فى الاعتبار الفروق فى كل من : العمر ، ومستوى دهون الدم (الكوليسترول* ، ومعدل التدخين ، وضغط الدم (Aiken, 1991,p. 368) .
وفي سبيل فهم الآليات التى يمكن أن تؤثر فى تطور مرض الشريان التاجي فى القلب فقد أجريت البحوث على الاستجابات القلبية الوعائية والكيميائية الحيوية ، كما أجريت لمتغيرات نفسية واجتماعية مثل : الرضا عن العمل ، ومقدار التحكم الذى يمكن أن يمارسه الفرد على عمله، ووضوح الدور أو غموضه . وظهر أن القابلية أو الاستعداد للإصابة بمرض الشريان التاجي فى القلب يمكن أن ترتبط - ليس بدرجة كبيرة - بالدافع للإنجاز والترقى بقدر ما ترتبط بالإحباط والغضب لدى الأشخاص الذين يتسمون بالدافع المرتفع للنضال والذين يواجهون عقبات موقفية فى تحقيق آمالهم . وفضلا عن ذلك فإن الطريقة التى يعبر بها الفرد عن الغضب Anger يمكن أن تكون عاملا مهما فى حدوث آثاره الفيزيولوجية ( Aiken, 1991, p. 369) .
وقد افترض كاتب هذه السطور ( غير منشور ) وجود ارتباط إيجابي بين نمط السلوك "أ" وكل من : التفاؤل (إيجابي) والتشاؤم (سلبى ) . واستخدمت القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، فضلا عن المقياس العربى لنمط السلوك " أ " ، ولهما معاملات ثبات وصدق مرتفعة . وطبق المقياسان على عينة من طلبة جامعة الكويت وطالباتها (ن=235).
واسفرت الدراسة عن ارتباط جوهرى إيجابي دال عند مستوى 0.001 قدره : 0.273 بين نمط السلوك " أ " والتفاؤل ، في حين لم يكن الارتباط دالا مع التشاؤم . ومن ثم يكون الفرض قد تحقق جزئيا ، وقد فسرت علاقة التفاؤل بنمط السلوك " أ " بجامع الطموح وتوقع الأفضل والإصرار على النجاح فى كل منهما .
16- التفاؤل والتشاؤم ومصدر الضبط :
مصدر الضبط Locus of cintrol مصطلح عام فى علم النفس الاجتماعي ، يستخدم للإشارة إلى موقع التحكم فى سلوك الفرد كما يدركه ذلك الشخص ، ويقاس عبر بعد يجمع بين ذوى الدرجة الداخلية Intenal المرتفعة والخارجية Exernal المرتفعة . وتعنى الدرجة المرتفعة على الضبط الداخلى أن اصحابه يميلون إلى تحمل مسئولية أفعالهم ، وينظرون إلى أنفسهم على أنهم يمتلكون التحكم فى مصائرهم الخاصة ، أما أصحاب الدرجة المرتفعة على الضبط الخارجي فإنهم يميلون إلى النظر إلى التحكم أو الضبط على أنه يكمن فى مكان آخر خارجيا عنهم وخارجا عن تحكمهم ، ويميلون إلى أن يعزوا نجاحهم أو فشلهم إلى قوى خارجية . ويجب أن نلاحظ أن " الواقع " لا يقاس فى هذه الحالة ، ولا يكون السؤال ما إذا كان الضبط الحقيقى ينبع من مصادر داخلية أو خارجية بل إن المهم كيف يدركه الفرد ( Reber, 1995,p. 423) .
وقد قيس مصدر الضبط فى هذه الدراسة التى قام بها
قسم علم النفس - كلية العلوم الاجتماعية - جامعة الكويت
التفاؤل والتشاؤم : عرض لدراسات عربية
أ.د. أحمد محمد عبد الخالق
قسم علم النفس - كلية العلوم الاجتماعية - جامعة الكويت
ورد التفاؤل والتشاؤم ومشتقاته ( كالفأل وتفاءلت بكذا ، والشؤم وتشاءم بالأمر والمشأمة) في المعاجم العربية القديمة مثل لسان العرب لابن منظور ، وتاج اللغة وصحاح العربية للجوهرى ، والقاموس المحيط للفيروزابادي ... وغيرهم ، واستخدم لفظ " التفاؤل" فى أحاديث للرسول صلى الله عليه وسلم . كما أن اللفظين يستخدمان في لعة الحياة اليومية لدى غير المتخصص منذ زمن بعيد وحتى اليوم فى حالات الاسم والفعل والصفة .
وعلى الرغم من ذلك فإن الدراسات النفسية للتفاؤل والتشاؤم دراسات حديثة لا تتجاوز - على أقصى تقدير - العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين . فقد نشرت في السبعينيات دراسات قليلة ومتفرقة حتى ظهر أول كتاب أسهم في بلورة هذا المجال ، وكان تحت عنوان " التفاؤل : بيولوجية الأمل " ، من وضع " تايجر " : (Tiger, 1979)، ثم تزايدت البحوث في العقدين الأخيرين زيادة مضطردة . هذا على المستوى العالمى ، أما على المستوى العربي فإن الاهتمام بالتفاؤل والتشاؤم - فيما نعلم - قد بدأ فى العام 1995 فقط .
ونعرف " التفاؤل " Optimism بأنه : " نظرة استبشار نحو المستقبل ، تجعل الفرد يتوقع الأفضل ، وينتظر حدوث الخير ، ويرنو إلى النجاح " . ونعرف " التشاؤم Pessimism بأنه : " توقع سلبى للأحداث القادمة ، يجعل الفرد ينتظر حدوث الأسوأ ، ويتوقع الشر والفشل وخيبة الأمل ".
إن التفاؤل عامل أساسى لبقاء الإنسان ، فإن الرغبة في إنجاب الأطفال ، والأفكار الخاصة بالتطور الاجتماعي والاقتصادى ، والمفاهيم الدينية والسياسية يمكن التنبؤ بها من خلال الاتجاه المتفائل نحو المستقبل ، كما أن التفاؤل أساس تمكين الأفراد ( والمجتمع بالتبعية ) من وضع أهدافهم المحددة ، وطرق تغلبهم على الصعوبات والمحن التى قد تفتك بالمجتمع ( Smith, 1983; Tiger, 1979) .
وبرهنت الدراسات على وجود علاقة إيجابية مرتفعة بين النظرة التفاؤلية للمستقبل والسعادة الحالية ، كما اتضح أن التفاؤل يرتبط ارتباطا إيجابيا بكل من : إدراك السيطرة على الضغوط ومواجهتها ، واستخدام المواجهة الفعالة وإعادة التفسير الإيجابي للموقف ، وحل المشكلات بنجاح ، والبحث عن الدعم الاجتماعي ، والنظرة الإيجابية للمواقف الضاغطة ، والتحصيل الدراسي ، والأداء الوظيفى ، وضبط النفس ، وتقدير الذات ، وسرعة الشفاء من المرض ، والانبساط ، والتوافق ، والصحة الجسمية ، والسلوك الصحى، وسرعة العودة إلى ممارسة الأنشطة الطبيعية في الحياة بعد إجراء العملية الجراحية . ومن ناحية أخرى كشفت الدراسات أن التشاؤم يرتبط لكل من ارتفاع معدلات الإصابة بالاكئتاب ، واليأس ، والانتحار ، والقلق ، والوسواس القهرى ، والعصابية ، والعداوة ، والشعور بالوحدة ، وهبوط الروح المعنوية ، وتناقص الدافعية للعمل والإنجاز ، والشعور بالحزن والقنوط ، والانسحاب الاجتماعي ، والفشل فى حل المشكلات، والنظرة السلبية لصدمات الحياة ( انظر بدر الأنصارى ، 1998).
وتهدف هذه الدراسة إلى عرض البحوث العربية في التفاؤل والتشاؤم التى أجراها عدد من الباحثين بما فيهم كاتب هذه السطور ، والجامع بين هذه البحوث أنها أجريت في إطار علم النفس بمختلف فروعه وتخصصاته ، وأنها أجريت على مفحوصين عربا من دولة الكويت ، وأنها كتبت بالعربية ، بعضها منشور وبعضها الآخر غير منشور ، وتشتمل البحوث التى ستعرض فى هذه الدراسة على البحوث التى أتيحت لكاتب هذه السطور وأمكن التوصل إليها على المستوى العربى . وتجدر الإشارة إلى انه من غير الميسور أن توثق جميع الدراسات التى تشير إلى مختلف التفاصيل ، وذللك تجنبا لإيراد قائمة مراجع غير مقبولة في حجمها . ويوصي القارئ المستزيد بالرجوع إلى الدراسات المنشورة ذاتها وقوائم مراجعها .
وينقسم هذا العرض إلى قسمين : الدراسة النظرية للمفهوم وقياسه ، والدراسات الارتباطية والعاملية .
القسم الأول
مفهوم التفاؤل والتشاؤم وقياسه
يعرض هذا القسم لأربع دراسات عن مفهوم التفاؤل والتشاؤم ومقاييسه كما يلى:
1- الدراسة النظرية للمفهوم :
نشر بدر الانصارى (1998) دراسة نظرية متخصصة عن التفاؤل والتشاؤم ، وهى دراسة مهمة تناولت التفاؤل والتشاؤم من حيث المفهوم والقياس والمتعلقات . ويعرض الفصل الأول منها للمعنى اللغوي للتفاؤل والتشاؤم ، وكذلك التعريف السيكولوجي ، وموقع مفهوم التفاؤل والتشاؤم فى بحوث الشخصية ، ومفهوم التفاؤل غير الواقعي وعلاقته بكل من القلقل والمشكلات الصحية ، وخفض التفاؤل غير الواقعي المتعلق بالقابلية للمرض ، ومفهوم التشاؤم غير الواقعي .
ثم تناول قياس التفاؤل والتشاؤم ، وقدم مقاييس عدة كلها استخبارات ، ومنها المقياس المعدل للتوقعات العامة للنجاح ، واختبار التوجه نحو الحياة من وضع " شاير ، وكارفر " وهو من أشهر الاستخبارات التى تقيس هذا المفهوم ، ومقياس التفاؤل والتشاؤم والمشتق من قائمة مينيسوتا واستخبار التفاؤل والتشاؤم الفمى ( اعتمادا على تقسيم " فرويد " لمراحل النمو الثلاث : النفسية الجنسية فى الطفولة وأولها المرحلة الفمية ) ، ومقياس " ديمبار " وزملائه للتفاؤل والتشاؤم ، ومقياس أحداث الحياة من وضع " واينشتاين " ، ومقياس أحداث الحياة من وضع " أندرسون " وزملائه ، ومقياس اليأس من وضع " بيك " وزملائه ، والقائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، واختبار التفاؤل والتشاؤم للأطفال .
وعرض أخيرا لمتعلقات التفاؤل والتشاؤم ، وبدأ بتقديم الارتباط بين التفاؤل والتشاؤم وبعض متغيرات الشخصية ومنها : العوامل الخمسة الكبرى للشخصية، وتقدير الذات . والتوافق والمرض ، والدافعية وطرق المواجهة ، والقلق ، والاكتئاب ، والخوف من النجاح ومن الفشل ، وعلاقتهما بكل من الديانة والعمر والأداء الوظيفي والأكاديمي . وتتبع أهمية هذا العمل فى تقديم مفهومي التفاؤل والتشاؤم للباحث العربى فى علم النفس ، وفى تضمينه عددا كبيرا من الدراسات السابقة ، مما أثار بحق اهتمام عدد من الباحثين العرب بهذا المجال .
2- القائمة العربية للتفاؤل والتشاءم :
وصف القائمة :
اعتمادا على أفضلية وضع المتخصصين لمقاييس عربية بدلا من تعريبها ( أحمد عبد الخالق ، 1998"ج" ) قام أحمد عبد الخالق (1996) بتأليف هذه القائمة لتناسب البيئة العربية ، وتشتمل القائمة على مقياسين فرعيين منفصلين ، أحدهما للتفاؤل (15 بندا) والآخر للتشاؤم (15 بندا) ، ووضعت البنود على شكل عبارات يجاب عنها على أساس مقياس خماسى ( لا، قليلاً ، متوسط ، كثيرا، كثيرا جدا ) . وهذه القائمة ( بمقياسيها الفرعيين) مقياس تقرير ذاتي يجيب الفرد عنها بنفسه عن نفسه ، وتصلح للاستخدام مع الراشدين ، وهى قائمة موجزة ، سهلة التطبيق ، تتطلب دقائق قليلة للإجابة عنها ، ودقائق قليلة لتقدير الدرجة على مقياسيها . وتتسم هذه القائمة بخصائص سيكومترية جيدة ، فثباتها مرتفع وكذلك صدقها ، وتتاح معايير لها عل عينة تربو على الألف من طلاب جامعة الكويت وطالباتها ، واجرى بوساطتها عدد لا بأس به من الدراسات المنشورة وغير المنشورة كما ستقدم في هذا العرض .
تكوين القائمة :
وجه سؤال مفتوح النهاية إلى طلاب متخصصين فى علم النفس يدرسون فى جامعة الكويت ، يطلب من كل منهم أن يكتب الصفات التى تصف الشخص المتفائل ، وسلوكه العام الذى يكشف عن هذه السمة ، وطلب الأمر ذاته بالنسبة للتشاؤم . وشملت هذه العنية 212 من الطلاب والطالبات . ووصل عدد الاستجابات إلى عدد كبير، وحذف منها المكرر وغير المرتبط بالموضوع ، كما وضع الباحث عددا من البنود ، وأعيدت صياغة كثير من البنود لتحقق المعايير الخاصة ببنود الاستخبارات مثل : الوضوح ، والدقة ، والحد الأقصى لطول البند ، وتعلق البند بأمر واحد فقط .
ثم قدم المقياسان المبدئيان إلى سبعة من المحكمين الخبراء ( أعضاء هيئة التدريس بقسم علم النفس بجامعة الكويت ) ، وطلب من كل منهم وضع تقدير لكل بند لتحديد مدى كفاءته فى قياس التفاؤل ( والأمر ذاته في التشاؤم ) ، وتراوحت التقديرات من صفر إلى 4 . وحسب متوسط تقديرات المحكمين لكل بند ، واستبقيت البنود التى حصلت على متوسط تقدير 3، و4 فقط . ثم أجريت سلسلة من التحليلات العاملية بطريقة المحاور الأساسية ثم التدوير المتعامد بأسلوب "الفاريماكس" ، وحسب ارتباط كل بند بالدرجة الكلية بعد استبعاد البند ، واختير خمسة عشر بندا للتفاؤل (ومثلها للتشاؤم) لها أعلى ارتباطات بالدرجة الكلية . وحيث إن بدائل الإجابة خماسية تكون الدرجة الدنيا =15 والقصوى =75 لكل مقياس فرعى على حدة .
معدلات الثبات :
حسب ارتباط كل بند بالدرجة الكلية علىالمقياس الفرعي بعد استبعاد هذا البند، وكشفت نتيجة هذ التحلييل عن ارتباطات جوهرية مرتفعة تشير إلى اتساق داخلى مرتفع للبنود . وتراوحت معاملات " كرونباخ " ألفا للمقياسين بين 0.91 ، و0.95 لدى طلاب من جامعة الكويت من الجنسين ، وتشير إلى اتساق داخلى مرتفع . ويدور الخطأ المعياري لكل مقياس حول 3، بما يعنى أن الدرجة الخام التى يحصل عليها المفحوص تمثل مدى يتراوح بين مقدارها مضافا إليه 3 ومطروحا منه 3 .
معاملات الصدق :
حسب الصدق المرتبط بالمحك وكان مرتفعا إذ وصل إلى 0.78 ، و0.69 (ن=111) لمقياسي التفاؤل والتشاؤم على التوالى ، وكان المحك : الصيغة العربية من "اختبار التوجه نحو الحياة " Life Orientation Test (LOT) من وضع " شاير ، وكارفر " (Scheier & Carver, 1985 ) ، وقد ثبت صدقه في دراسات كثيرة في لغات عدة . كما استخدم الصدق التقاربي Convergent Validity ويعنى أن المقياس يرتبط بدرجة مرتفعة بغيره من المتغيرات التى يفترض أن يرتبط بها نظريا ( Anastasi & Urbina, 1997,p. 129) ، واعتمادا على ذلك افترض أن كلا من اليأس والاكتئاب والقلق والوسواس القهرى ترتبط ارتباطا سلبيا دالا بالتفاؤل ، وإيجابيا بالتشاؤم ، وتؤكد معاملات الارتباط المستخرجة من عينات من طلاب الجامعة هذا الافتراض . ثم استخدم التحليل العاملى بوصفه أحد الطرق التى تحدد صدق التكوين ، ويستخرج منه الصدق العاملى Factorial validity للاختبار Anastasi & urbina, 1997,p. 128 ) ، فحسبت معاملات الارتباط المتبادلة بين بنود مقياس التفاؤل ، وحللت عامليا ، والأمر ذاته - بشكل مستقل- في مقياس التشاؤم ، واستخراج عامل واحد لكل مقياس فرعي .وحيث إن الدرجة الكلية على المقياس ترتبط ارتباطا مرتفعا بمحك خارجي كما قدمنا ، فمن الممكن القول بأن هذا التحليل العاملى للبنود يشير إلى صدقها . ومن ناحية أخرى حللت عاملياً معاملات الارتباط المتبادلة بين مقاييس اليأس والاكتئاب والقلق والوسواس القهرى فضلا عن مقياسي التفاؤل والتشاؤم والتوجه نحو الحياة ( تفاؤل) ، واستخرج عامل واحد قوى ، يستوعب نسبة مرتفعة من التباين ، وتشبعات جميع المقاييس به مرتفعة فى تتحليلين مستقلين ، وكان تشبع كل من مقياسى القائمة العربية للنفاؤل والتشاؤم أعلى من 0.8، بحيث كان تشبع التفاؤل سلبيا والتشاؤم إيجابيا ، مما يشير إلى صدق عاملى مرتفع للقائمة .
المعايير :
طبق مقياسا التفاؤل والتشاؤم على عينة من طلاب جامعة الكويت (ن=1025)، واستخرجت المتوسطات والانحرافات المعيارية للدرجة الكلية على المقياسين منفصلين ، وظهرت فروق جوهرية بين متوسط الجنسين ، بحيث كان الطلبة أكثر تفــــاؤلا ، والـــطالبات أكثر تشاؤما ( ويعد ذلك أحد الأدلة على أن التفاؤل ليس عكسا للتشاؤم بالضرورة ) . كما يتاح للقائمة على العينة ذاتها رتب مئينية منفصلة لكل من مقياسي التفاؤل والتشاؤم لدى الجنسين مستقلين .
3- اختبار التوجه نحو الحياة Life Orientation Test ( Lot) (
وهو من وضع كل من " شاير ، وكارفر " ( Scheier & Carver, 1985) ، ويتكون من (12) عبارة يجاب عن كل منها على أساس خمسة اختيارات ، تقيس التفاؤل بعبارات مثل "أنا متفائل دائما بالنسبة لمستقبلى " ، و" أؤمن بالفكرة القائلة : بعد العسر يسرا" ، و" أنظر عادة إلى الوجه المشرق من الأمور " ... وهكذا .
وقد طبق " شاير ، وكارفر " هذا المقياس فى صورته الأخيرة على أربع عينات مستقلة بلغت (1000) طالب وطالبة فى الجامعات الأمريكية ، ووصل معامل الثبات بطريقة إعادة التطبيق بعد أربعة أسابيع إلى 0.79% ، على حين كان معامل كرونباخ ألفا0.76 ، واستخرجت معاملات الصدق بحساب الارتباطات بعدد من المقاييس منها مقاييس التوقع العام للنجاح ، وتقدير الذات ، ووجهة الضبط الداخلى والخارجي ، والعصابية لأيزنك ، والانبساطية لأيزنك ، وقائمة بيك للاكتئاب ، واليأس ، والعداوة ، والانتحار ، والقلق الاجتماعي ، والتقبل الاجتماعي، والوعى بالذات ، والمغامرة ، والضغط النفسي ، والاغتراب النفسى ، وتشير معاملات الارتباط المستخرجة إلى صدق الاختبار .
كما حسب أيضا الصدق العاملى للمقياس على عينة من (624) طالبا وطالبة فى جامعة أمريكية ، واستخرج عاملان من المقياس ، حيث اشتمل العامل الأول على الأسئلة السلبية الاتجاه، فى حين ضمن العامل الثاني الأسئلة الإيجابية التوجه ( أى عامل للتفاؤل وآخر للتشاؤم) . وقد أجرى " موك ، وكليجن ، وبلوج " دراسة على عينات اسكندنافية ممن تراوحت أعمارهم بين 19- 42 عاما ، واستخرج من المقياس عاملان : أحدهما للتفاؤل والثاني للتشاؤم ، حدد الباحثون معايير اسكندنافية لهما ، كما كشفت هذه الدراسة عن عدم وجود فروق بين الجنسين فى هاتين السمتين .
إلا أن دراسة : " سميث " وزملائه أظهرت أن استخبار التوجه نحو الحياة لا يقيس التفاؤل بل يقيس العصابية ، وذلك اعتمادا على دراسة عاملية لاختبار التوجة نحو الحياة ومقياس التوقع العام للنجاح ومقياس القلق الصريح ومقياس سمة القلق ، حيث كشف التحليل العاملى عند استخراج عامل واحد أطلق عليه العصابية ، وبهذا النتيجة فإنه يجب إعادة النظر في تفسير استخبار التوجه نحو الحياة بوصفه مقياسا للتفاؤل ) ( بدر الأنصارى ، 1998 ص ص 36-37).
وقام بدر الأنصارى (1999) بتعريب اختبار التوجه نحو الحياة وإعداده للمجتمع الكويتى ، حيث طبق على عينة قوامها ( 592) طالبا وطالبة من طلاب جامعة الكويت ، تتراوح أعمارهم بين 18-30 عاما ، وقد أدى التحليل العاملي لبنود المقياس إلى استبعاد بندين ( رقم 3، و7) نظرا لانخفاض ارتباطهما بالدرجة الكلية ، ولذا أصبح طول المقياس فى صورته العربية عشرة بنود . ثم طبق مقياس التوجه نحو الحياة فى صورته الأخيرة على ثلاث عينات مستقلة من طلاب جامعة الكويت ، وحسب الصدق العاملى والصدق الاتفاقي والاختلافي ، واستخلصت ثلاثة عوامل من المقياس ، كما كانت معاملات الارتباط دالة بين مقياس التوجه نحو الحياة وكل من : التفاؤل (ر= 0.76) والاكتئاب ( ر=-0.62) والوسواس القهرى ( ر =-0.75) والذنب (ر=- 0.31) ، والخزى ( ر- 0.47) . ووصل معامل ألفا إلى : 0.83 وبطريقة القسمة النصفية إلى 0.75.
4- استخبار التفاؤل والتشاؤم غير الواقعي :
وهو من تأليف بدر الانصارى (1999) ، وقد استمد وعاء بنوده من خلال دراسة استطلاعية على عينة كويتية ضمت (170) طالبا وطالبة يدرسون فى مقررات مختلفة بقسم علم النفس فى جامعة الكويت ، وتراوحت أعمارهم بين 18-25 عاما . وقد طلب منهم كتابة عشرة حوادث إيجابية وأخرى سلبية يحتمل حدوثها لهم بالمقارنة إلى الآخرين ، وبعد تنقيح هذه البنود المقترحة وإعادة صياغة معظمها وإضافة مؤلفه لبنود أخرى ، وصل عدد البنود إلى (15) بندا لقياس التفاؤل غير الواقعي ، ,(18) بندا لقياس التشاؤم غير الواقعي ، ثم حُسب الارتباط بين كل بند والدرجة الكلية ، واختيرت أعلى البنود ارتباطا بالدرجة الكلية ، وبالتالي اختزل عدد من البنود حتى وصل مقياس التفاؤل غير الواقعي إلى (13) بينما فيما وصل طول مقياس التشاؤم غير الواقعي إلى (17) بندا . ويجاب عن كل فقرة على أساس سبعة اختيارات أو بدائل للإجابة . وقد طبق هذا الاستخبار فى صورته النهائية على عينة كويتية قوامها (442) طالبا وطالبة ، بواقع (185) طالبا و (257) طالبة من طلاب جامعة الكويت .
ووصل معامل ألفا للثبات إلى 0.87 ومعامل التنصيف إلى 0.84 لمقياس التفاؤل غير الواقعي ، في حين وصل معامل ألفا إلى 0.85 ومعامل التصنيف إلى 0.83 لمقياس التشاؤم غير الواقعي . وتم التحقق من صدق المقياس بالطرق الأربعة الآتية : الارتباط بين المقياسين ومقياس التوجه نحو الحياة ، والارتباط بين كل بند والدرجة الكلية على المقياس الواحد ، والتحليل العاملى لبنود المقياس الواحد ، والارتباطات المتبادلة بين كل من المقياسين ومقاييس أخرى تقيس أبنية مختلفة وأخرى متشابهة .
القسم الثاني
دراسات ارتباطية وعاملية
1- التفاؤل والتشاؤم بوصفهما سمتين فى الشخصية :
قام بهذه الدراسة أحمد عبد الخالق ، وبدر الأنصارى (1995) ، وكان لها أهداف عدة من بينها فحص الارتباطات بين التفاؤل والتشاؤم كما يقاس بالقائمة العربية وعدد من المتغيرات الدالة على الاضطراب النفسي وهى : الاكتئاب واليأس والقلق والوسواس القهرى ، هذا فضلا عن التحليل العاملى لهذه المتغيرات . واستخدمت عينتان من طلاب جامعة الكويت من الجنسين (ن1 = 277، ن 2=111) ، واستخرجت ارتباطات دالة بين متغيرات الدراسة ، تشير إلى ارتباط سلبى بين التفاؤل وكل من : التشاؤم ، واليأس ، والاكتئاب ، والقلق والواسواس القهرى ، في حين كان ارتباط المقاييس الأربعة الأخيرة بالتشاؤم موجبا ودالا ، إشارة إلى الصدق الاتفاقي لمقياسي التفاؤل والتشاؤم . وعند إجراء تحليل عاملى لأربعة مقاييس استخرج عامل ثنائي القطب للتفاؤل مقابل الضيق ، ويشمل القطب الأخير كلا من التشاؤم واليأس والاكتئاب ، وفى تحليل عاملى ثان استخرج عامل للتفاؤل مقابل المشاعر السلبية ، ويشمل القطب الأخير : التشاؤم والقلق والوسواس القهرى . والاستنتاج العام المسوغ من هذه الدراسة هو التثبت من بعض جوانب صدق القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم .
2- التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما بالانبساط والعصابية :
أجرى حسن عبد اللطيف ، ولولوه حمادة (1998) دراسة مهمة عن التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما ببعدى الشخصية : الانبساط والعصابية . وتكونت عينة الدراسة من 220 طالبا وطالبة بالتساوى ، وهم من المتطوعين الذين يدرسون فى عدد من كليات جامعة الكويت ، طبقت على أفراد العينة القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، هذا فضلا عن المقياسين الفرعيين للعصابية والانبساط المشتقين من استخبار أيزنك للشخصية .
وكشفت النتائج عن فروق دالة بين الجنسين فى التفاؤل ( للذكور متوسط أعلى ) ولكن لم تظهر فروق بين الجنسين فى التشاؤم ، كما استخرج ارتباط إيجابي بين التفاؤل والانبساط ، وبين التشاؤم والعصابية ، ومن ناحية أخرى ظهر ارتباط سلبى بين التشاؤم والانبساط ، وبين التفاؤل والعصابية .
وفسر الباحثان حصول الذكور على متوسط في التفاؤل أعلى جوهريا من الاناث بأن الذكور فى الكويت يتمتعون بفرص وخيارات أكثر مما يمكن ان تتاح لنظرائهم من الإناث ، كما تتيح العوامل البيئية والثقافية للذكور فرصا أكبر للتعبير عن آرائهم واتجاهاتهم ، مع امتلاك الذكور إلى حد كبير ناصية القرار فيما يخص اختيار التعليم : نوعه وإمكانية الاستمرار فيه ، والمهنة ، فضلا عن اختيار الزوجة ، وذلك مما يؤدي إلى نوع من الأمل والتفاؤل نحو المستقبل لدى الذكور أكثر من الإناث . وتفسيرا لنتيجة مهمة مؤداها عدم ظهور فروق دالة بين الجنسين فى التشاؤم قدم الباحثان مناقشة عميقة لمشكلة ارتباط التفاؤل بالتشاؤم ، هل هما بعد واحد ثنائي القطب ؟ أو أنهما بعدان مستقلان استقلالا جزئيا ولكنهما متداخلان ؟
ويورد الباحثان الاستنتاج القائل بأن دراسة مفهومي التفاؤل والتشاؤم يمكن أن تضيف فهما أعمق وتصورا أدق لأهم بعدين فى الشخصية وهما الانبساط والعصابية ، كما يشيران إلى التطبيقات الممكنة لنتائج هذه الدراسة فيما يتعلق بأساليب التدخل والعلاج النفسي .
3- التفاؤل والتشاؤم وقلق الموت :
أجرى هذه الدراسة أحمد عبدالخالق (1998"أ" ) ، وهدفت إلى فحص الارتباط بين التفاؤل والتشاؤم وقلق الموت ، ويعتمد الفرض الأساسي فى هذه الدراسة على أن قلق الموت نوع فرعي خاص من القلق العام ، وأن علاقة التفاؤل والتشاؤم بقلق الموت يجب أن تسير فى الاتجاه ذاته الذى يتوقع بين التفاؤل والتشاؤم والقلق العام ، كما أن قلقل الموت يرتبط عادة ارتباطا إيجابيا بمقاييس القلق والاكتئاب ( Abdel-Khalek, 1997, 1998, “a” ) ، وكذلك الوساوس (Abdel-Khalek, 1998, “c” “d” ) ، واليأس (أحمد عبد الخالق ، وبدر الانصارى ، 1995)، والانتحار (بدر الأنصارى ، 1998ص49) ، ومقاييس هذه المفاهيم ترتبط سلبيا بالتفاؤل وإيجابيا بالتشاؤم ، ومن ثم تلخص الفرض فى هذه الدراسة فى الارتباط الإيجابي بين قلق الموت والتشاؤم ، والارتباط السلبى بين قلق الموت والتفاؤل . ومن ناحية أخرى فإن الموت أمر مغيب عن البشر جميعا" : " وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت " ، وهذا العنصر الغيبى - فى الوقت ذاته - مستقبلى يحدث فى الأيام الآتية ، وفي سمتى التفاؤل والتشاؤم عنصرا مستقبليا يرتبط بتوقع النجاح أو الفشل ، الخير أو الشر ( ويتضح ذلك فى تعريف التفاؤل والتشاؤم) مما يؤدي إلى توجه عام نحو الحياة والموت . واعتمادا على هذا العنصر الجامع بين التفاؤل والتشاؤم فى جانب وقلق الموت فى الجانب الآخر يكون افتراض الارتباط السلبي والإيجابي ، على التوالي ، مسوغا إلى حد بعيد .
وأجريت هذه الدراسة على 270 من طلاب جامعة الكويت من الجنسين ، وطبقت القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ومقياس قلق الموت من وضع " تمبلر " ، وحققت النتائج الفرض ، واستخرجت ارتباطات سالبة دالة بين التفاؤل وقلق الموت ، وارتباطات موجبة بين التشاؤم وقلق الموت ، واتسعت هذه النتائج بين الجنسين . واستخرج من التحليل العاملى لمعاملات الارتباط المتبادلة بين المتغيرات الثلاثة عامل واحد ، استوعب قدرا لا بأس به من التباين المشترك ، وكان ثنائي القطب يجمع بين التشاؤم وقلق الموت في قطب ، والتفاؤل فى القطب المقابل ، سمى عامل " الاستبشار - الضيق " ، واتسقت هذه النتائج بين الذكور والإناث كل على حدة .
4- التفاؤل والتشاؤم والشخصية الفصامية :
أجرى هذه الدراسة فريح العنزى ، وعويد المشعان (1998) ، وهدفت إلى فحص الارتباط بين الشخصية الفصامية Schizoid personality والتفاؤل والتشاؤم . وعرفت الشخصية الفصامية بأنها اضطراب فى الطباع ، يتسم بالانسحاب الاجتماعي والعزلة ، والخجل ، وزيادة الحساسية ، والانفصال عن الواقع المحيط ، وقلة الأصدقاء أو عدم وجودهم ، ونقص القدرة على تكوين علاقات اجتماعية ، والغرابة ، والانسحاب إلى خيالات ذاتية وأحلام يقظة ، وشرود الذهن ، واللامبالاة ، هذا فضلا عن المدى المحدود من التعبير الانفعالى ، وضعف القدرة على أظهار الود والمشاعر الرقيقة تجاه الآخرين ، والبرود ، وضيق الاهتمامات ، وقصر الميول ، والطموح غير الواضح . واضطراب الشخصية الفصامية غير الفصام .
وتكونت عينة هذه الدراسة من 463 من طلبة وطالبات يدرسون فى كلية التربية الأساسية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقى وجامعة الكويت ، طبق عليهم مقياس الشخصية الفصامية والقائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم .
واستخرج ارتباط سالب دال بين التفاؤل والشخصية الفصامية لدى كل من الذكور والإناث على حدة ، كما استخرج ارتباط موجب دال بين التشاؤم والشخصية الفصامية لدى الجنسين . كما استخرج لدى الجنسين كل على حدة عامل واحد استوعب نسبة مرتفعة من التباين المشترك ، وهو عامل ثنائي القطب يجمع بين الشخصية الفصامية والتشاؤم فى جانب ، والتفاؤل فى الجانب الآخر ، وسمى عامل الضيق مقابل التفاؤل . وفسرت النتائج على ضوء المضمون السوى للتفاؤل ، والمضامين غير السوية للشخصية الفصامية والتشاؤم .
5- التفاؤل والتشاؤم وصحة الجسم :
لقد أتى على المتخصصين حين من الدهر ركزوا فيه شدة على الجوانب المرضية الشاذة كالقلق والاكتئاب والفصام والانتحار ومختلف الانحرافات ، وذلك على حساب التوافق والصحة والسلوك الإيجابى ومواجهة الضغوك وامتصاص الصدمات . وأدى الاهتمام بالجوانب الأخيرة - فضلا عن عوامل أخرى - إلى نشأة علم نفس الصحة ، ومن بين هذه النتائج الكثيرة جدا لهذا الفرع المهم من فروع علم التفس ، نتيجة مهمة تكررت فى بحوث كثيرة ، مؤداها أن التفاؤل والمزاج الإيجابي أمران أساسيان لصحة الجسم ، وأن التفاؤل يؤثر تأثيرا إيجابيا على صحة الجسم ، ويسرع بالشفاء فى حال المرض ، وأن هناك جانبا مهما يمكن أن يميز بين مريض وآخر فى الأمل فى الشفاء . ومن ناحية أخرى فإن التشاؤم - الذى يرتبط بكل من الغضب والعدائية - يتسبب فى مشكلات صحية كثيرة منها ارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي والسرطان ، كما ينبئ التشاؤم بانخفاض كل من مستوى الصحة والعمر المتوقع ، وراتفاع معدل الوفاة ، وبطء الشفاء بعد إجراء العملية الجراحية ، بل إن عددا من المؤلفين يثبت أن كفاءة جهاز المناعة تزداد لدى المتفائلبين بالنسبة إلى المتشائمين ، ويرون أن التفاؤل يمكن أن يقوم بدور مهم كعامل وقائي ينشط عندما يواجه الفرد صعوبات الحياة كالمرض ( أنظر : Segerstrom, Taylor, Kemeny & Fahey, 1998 ) .
وقدمت هذه الدراسة ( أحمد عبد الخالق ، 1998"ب") فروضا اربعة مؤداها أن التفاؤل يرتبط بالصحة الجسمية ارتباطا موجبا ، وأن التفاؤل يرتبط بالأعراض والشكاوى الجسمية ارتباطا سالبا ، والعكس صحيح بالنسبة للتشاؤم ؛ إذ يرتبط بكل من الصحة الجسمية ارتباطا سالبا ، وبالأعراض والشكاوى الجسمية ارتباطا موجبا .
وأجريت الدراسة على 147 من الطلبة والطالبات الكويتيين الذين يدرسون فى جامعة الكويت ، طبقت عليهم القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، ومقياس تقدير الصحة العامة بفرعيه : الصحة العامة والصحة فى العام الأخير ، هذا فضلا عن قائمة الأعراض والشكاوى الجسمية .
واستخرجت ارتباطات إيجابية دالة بين : التفاؤل والصحة ، والتشاؤم والأعراض الجسمية، في حين كانت الارتباطات سلبية بين التفاؤل والأعراض الجسمية ، والتشاؤم والصحة ، والصحة والأعراض الجسمية . ثم حللت معاملات الارتباط المتبادلة بين هذه المتغيرات تحليلا عامليا بطريقة المحاور الأساسية ، واستخرج عامل ثنائي القطب يجمع بين التفاؤل والصحة العامة والصحة فى العام الأخير ، في مقابل التشاؤم والأعراض الجسمية ، وسمى عامل التفاؤل/التشاؤم.
وقد فسرت هذه النتائج اعتمادا على كون التفاؤل سمة تؤدي بالشخص إلى تبنى توجه عام مفضل نحو الحياة ، وتفسير إيجابي مرغوب لأحداثها ، ويدعم هذا التوجه تدعيما إيجابياً ، الصحة الجسمية الجيدة ، وفى الوقت نفسه فإن الصحة الجسمية الجيدة تدعم سلوك توقع الأفضل أى التفاؤل ، ومن ثم يحدث تفاعل بين التفاؤل والصحة على ضوء قانون الأثر Law of effect، وعكس ذلك يمكن أن يفسر علاقة التشاؤم بالأعراض والشكاوى الجسمية ، فإن المرض المتكرر يمكن أن يقود الفرد إلى توقع الأسوأ ، أى التشاؤم ، كما أن التشاؤم من ناحية أخرى يمكن أن يضعف من الصحة الجسمية للفرد ، وذلك على ضوء ما كشفت عنه الدراسات الحديثة من علاقة بين التشاؤم ونقص جهاز المناعة .
كما فسرت هذه النتائج على ضوء طرق المواجهة Coping strategies ، حيث يزداد استخدام المتفائلين لأساليب المواجهة الفعالة التى تركز على المشكلة ، ويزداد لجوء المتفائلين إلى التخطيط عند مواجهة موقف عصيب ، والاستفادة من الخبرة والتعلم السابق ، في حين أن التشاؤم يرتبط باستخدام أسلوب الإنكار ، وبمحاولة الفرد إبعاد نفسه عن المشكلة ، وبسوء استخدام المواد والعقاقير التى تقلل من الوعى بالمشكلة . كل ذلك يؤدي بنا إلى افتراض وجود أسلوبين للتفسير: التفاؤلي مقابل التشاؤمي ، وذلك اعتمادا على نموذج " سيليجمان" ، وأن هذين الأسلوبين يرتبطان بمختلف الجوانب الإيجابية والسلبية في الحياة ، ويأتي فى صدر هذه الجوانب الصحة والمرض .
6- التفاؤل والتشاؤم والأداء الوظيفى :
أجرى عثمان الخضر (مقبول للنشر) دراسة مهمة هدفت إلى فحص العلاقة بين التفاؤل والتشاؤم والأداء الوظيفى ، ومدى تأثير عوامل السن ، والجنس ، والحالة الاجتماعية ، والمستوى التعلميى على هذه المتغيرات . واستخدم لهذا الغرض 150 موظفا وموظفة من شركة نفط الكويت ، وخلصت الدراسة إلى تأكيد العلاقة الطردية بين التفاؤل وكل من الدراية بالعمل ، وجودة العمل ، ومعدل الإنتاج ، والانضباط ، وحصافة الرأى ، والتوجيه ، والأداء بشكل عام (تراوح مدى الارتباطات من ر= 0.23 إلى ر=0.39) ، كما كشفت هذه الدراسة عن ارتباط التشاؤم عكسيا بكل متغيرات الأداء هذه ، إضافة إلى المبادرة ، والتعاون ، والقدرة على التخطيط ( مدى الارتباطات من ر=0.14 إلى ر=0.34 ) . ولم تكشف هذه الدراسة عن فرق جوهرى بين الجنسين فى كل من التفاؤل والتشاؤم ( ولا يتفق ذلك مع دراسات أخرى ) ، في حين بدا الذكور أكثر دراية بالعمل ، ومبادرة فى طرح الأفكار والاقتراحات ، وتعاونا مع الاخرين . كما لم تسفر الدراسة عن فرق دال بين المتزوجين وغير المتزوجين ، ولا بين المستويات التعليمية المختلفة فى التفاؤل والتشاؤم ، وقد نقلت هذه الدراسة المهمة بحوث التفاؤل والتشاؤم إلى مجال جديد لم تطرقه الدراسات العربية - سلفا .
7- التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما بمتغيرات اجتماعية ( أسرية ):
تباينت الآراء حول التفاؤل والتشاؤم هل هما سمتان فى الشخصية ؟ أو توجه عام نحو الحياة ، أو توقع شامل لما يمكن أن يأتي به المستقبل ؟ أو نوع من القيم ؟ أو ضرب من التقويم الكلى للحاضر والمستقبل ؟ وأيا ما كان الرأى فى هذا الصدد ، فإن التفاؤل والتشاؤم خاصتان تتطوران من خلال بيئة الأسرة بما لها من خواص محددة . وتلخص السؤال الأساسي فى هذه الدراسة (انظر: عبد الخالق ، غير منشور ) فيما يلى : هل يرتبط التفاؤل والتشاؤم بنماذج لهذه المتغيرات الاجتماعية ؟
درست العلاقة بين التفاؤل والتشاؤم كما يقاسا بالقائمة العربية وأربعة متغيرات : حجم الأسرة ، وعدد الإخوة والأخوات ، ورتبة الميلاد Biro أو ترتيب الفرد بين إخوته وأخواته ، وعدد الأصدقاء المقربين بالنسبة له . وأجريت الدراسة على 235 من الطلبة والطالبات الذين يدرسون بمختلف كليات جامعة الكويت .
واستخرجت معاملات ارتباط غير دالة بين التفاؤل والتشاؤم - على التوالى - وكل من حجم الأسرة (- 0.016، 0.006) ، وعدد الإخوة (-0.006 - 0.015)، ورتبة الميـلاد (- 0.014، 0.038) ، وعدد الأصدقاء المقربين ( 0.032- 0.009) . وتشير هذه النتائج - فى حدود العينة والمقاييس المستخدمة - إلى انه لا يوجد ارتباط دال بين التفاؤل والتشاؤم والمتغيرات الاجتماعية ( الأسرية ) التى قيست . ويمكن أن تعد هذه النتيجة مؤشرا للصدق الاختلافي لمقياسي التفاؤل والتشاؤم . ومن الممكن أن نفترض أن التفاؤل والتشاؤم قد يرتبطان أكثر بأسلوب التنشئة الاجتماعية المتبع مع الأبناء ، ويمكن أن يكون ذلك موضوع دراسة مقترحة.
8- التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما بالتدين :
للقيم أنواع عدة ، فمنها الاجتماعي والسياسي والدينى والجمالى والاقتصادي والعلمى ، والعلاقات متشابكة بين نسق القيم Value system والشخصية ، ويتلخص التساؤل فى هذه الدراسة حول ما إذا كانت هنك علاقة بين التفاؤل والتشاؤم والتدين . وقد تحدد الفرض هنا فى أن الشخص المتفائل أكثر تدينا ، والعكس صحيح .
ولكن قياس التدين Religiosity يعد مشلكة حقا ، فهل يتصدى المقياس لتقديره على مستوى الأداء الفعلى للعبادات وتنظيم المعاملات ؟ أو هل يقاس التدين على مستوى التوجه اللفظي فقط بصرف النظر عن السلوك الفعلى كما هو الحال في قياس الاتجاهات غالبا ؟ ويتــــاح -على المستوى اللفظى - مقاييس للدافعية الدينية الداخلية Intrinsic religious motivation ومنها مقياس " هوج " Hoge ( انظر Beshai et al., 1996, 1997, Thorson et al., 1997 ) ، كما يمكن أن يقدر التدين بمقياس تقدير ذاتي يطلب من المفحوص أن يحدد درجة تدينه كما يدركها هو ذاتيا ، واتبعت الطريقة الأخيرة فى هذه الدراسة التى قام بها عبد الخالق ( غير منشور) ، حيث كان السؤال : ما درجة تدينك ؟ وتراوحت البدائل بين صفر (ضعيفة جدا) ، و10 (ممتازة ).
وقد قيس التفاؤل والتشاؤم بالقائمة العربية السابق عرض نبذة عنها فى الدراسة الثانية فى القسم الأول من هذه الدراسة ، واستخدمت عينة من طلبة وطالبات جامعة الكويت (ن=235) .
واستخرجت معاملات ارتباط دالة ( عند مستوى 0.001) بين التقدير الذاتي للتدين وكل من التفاؤل (0.243) والتشاؤم (- 0.255) ويشير هذان المعاملان إلى أنه كلما زاد التفاؤل ارتفع التدين ، والعكس كذلك صحيح : كلما ارتفع التشاؤم نقص التدين . ولكن هذه المعاملات أقل من معاملات الارتباط بين التفاؤل والتشاؤم والجوانب المرضية فى الشخصية كالقلق واليأس والاكتئاب .
ومن الممكن أن نستخلص - في حدود هذه الدراسة - أن المتدين يميل إلى أن يكون أكثر تفاؤلا ، وغنى عن البيان أن هناك عددا من الأحاديث النبوية الشريفة التى تحض المسلم على التفاؤل مثل : " تفاؤلوا بالخير تجدوه " ، و" يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " . ومن ناحية أخرى فإن هناك تفاعلا وتغيرا مصاحبا سلبيا بين التدين والتشـاؤم ، فقد يكون نقص التدين - فى مجتمع يعلى من شأن التدين - عاملا مسهما فى التشاؤم ، كما قد يعوق التشاؤم أداء الفرد لواجباته الدينية ومن ثم يقرر - لفظئيا - انخفاض تدينه ...
9- التفاؤل والتشاؤم والصحة النفسية والجسمية :
أجريت دراسة عربية ( عبد الخالق ، 1998"ب" ) أكدت العلاقة الوثيقة بين الصحة الجسمية والتفاؤل ، وبين الأعراض والشكاوى الجسمية والتشاؤم ( انظر الدراسة الخامسة فى هذا القسم ) . وتوسع هذه الدراسة - التى قام بها عبد الخالق ( غير منشور )، ونعرض لها هنا - مجال فحص العلاقة بين التفاؤل والتشاؤم وكل من الصحة الجسمية ، والصحة النفسية ، والتقدير الذاتى للشعور بالسعادة . وطبقت القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم وثلاثة مقاييس تقدير ذاتي يملؤها المفحوص بنفسه عن نفسه وتقيس : الصحة الجسمية بوجه عام ، والصحة النفسية بوجه عام، والشعور بالسعادة . وتراوحت بدائل الإجابة بين صفر ، و10.
وكانــــت جميع معاملات الارتباط دالة عند مستوى 0.001 بين التفاؤل وكل من : الصحة الجسمية (0.309) والصحة النفسية ( 0.491) ، والشـــعور بالسعــــــادة ( 0.585) ، وبين التشاؤم وكل من : الصحة الجسمية ( - 0.315) ، والصحة النفسية (- 0.555) ، والشعور بالسعادة ( - 0.587) . ومن الجلى أن وراء هذه الارتباطات عاملا ثنائي القطب للتفاؤل والصحة والسعادة فى مقابل التشاؤم .
وتؤكد نتيجة هذه الدراسة فيما يختص بعلاقة التفاؤل والتشاؤم بالصحة الجسمية، الدراسة العربية السابقة فى المجال ذاته ، ولكن تأتي أهمية هذه الدراسة من إضافة متغيرين مهمين هما : التقدير الذاتى لكل من الصحة النفسية والشعور بالسعادة ، مما يوسع من نطاقه . وعلى الرغم من الدلالة الإحصائية لكل معاملات الارتباط المستخرجة ، فإن الارتباط بين كل من التفاؤل والتشاؤم والصحة الجسمية أقلها ، والارتباط بين كل من التفاؤل والتشاؤم والصحة النفسية وسط بينهما .
ويهمنا أن نبرز من بين هذه الارتباطات ، العلاقة بين الشعور بالسعادة وكل من التفاؤل (0.585) والتشاؤم (- 0.587) ، وهما معاملان يكادان يقتربان من معامل الارتباط بين مقياسي التفاؤل والتشاؤم فى القائمة العربية ( 0.671 على التحديد ) ، ويعنى ذلك تقارب تقديرات التفاؤل والسعادة ، وكذلك التشاؤم والتعاسة (مقلوب السعادة والتفاؤل).
10- التفاؤل والتشاؤم والقلق :
تعد هذه الدراسة (انظر : عبد الخالق ، غير منشور ) تكرار لدراسة سابقة هدفت إلى فحص ارتباط القلق بكل من التفاؤل والتشاؤم ، ولكن الفارق بين الدراستين هو استخدام مقياس جديد للقلق فى هذه الدراسة ، وهو مقياس جامعة الكويت للقلق ، فضلا عن القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، ويتسمان بثبات وصدق مرتفعين ، وطبقتا على عينة من طلبة جامعة الكويت وطالباتها قوامها 235.
وكشفت الدراسة عن ارتباط دال عند مستوى 0.001 بين القلق وكل من التفاؤل (ر=-0.569) والتشاؤم (ر=0.710) ، وتتفق هذه النتيجة مع النتائج الواردة فى دليل تعليمات القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، وتعد تاكيدا لها فى الاتجاه ذاته على الرغم من تغير المقياس المستخدم لقياس القلق .
11- التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما بعادات النوم واضطرابه :
يمكن أن تعد عادات النوم Sleep habits مؤشرا للحالة الصحية العامة من الناحيتين الجسمية والنفسية ، وليس هذا فحسب بل إن هذه العادات ترتبط بمعدلات الوفاة والعمر المتوقع ، فقد دلت دراسة على مليون شخص على أن نقص عدد ساعات النوم (أقل من 5 ساعات) يرتبط بعمر متوقع قصير ، كما أن زيادة عدد ساعات النوم ( أكثر من 9 ساعات فى اليوم) يرتبط كذلك بعمر متوقع قصير ، ولكن نقص عدد ساعات النوم يعد أكثر خطرا من زيادتها ، وأخيرا ظهر أن عدد ساعات النوم المتوسطة يرتبط بعمر متوقع أطول . ومن بين عادات النوم التى درست عدد ساعات النوم ليلا ، وكذلك نهارا (وهما متغيران مستقلان ).
واضطرابات النوم ذات عدد كبير ، وأهمها اضطرابات بدء النوم والمحافظة عليه، واضطرابات جدول النوم واليقظة ، والاضطرابات المصاحبة للنوم ، ومن أكثر اضطرابات النوم شيوعا الأرق .
وأجريت هذه الدراسة التى قام بها كاتب هذه السطور ( غير منشور) على عينة من 235 طالبا وطالبة يدرسون بجامعة الكويت ، طبقت عليهم القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم فضلا عن ثلاثة متغيرات متعلقة بعادات النوم واضطرابه : عدد ساعات النوم فى الليل ، وعدد ساعات النوم فى النهار ، وعدد مرات الاستيقاظ من النوم أثناء الليل .
ولم يرتبط عدد ساعات النوم بالليل ارتباطا دالا بالتفاؤل ولا بالتشاؤم : 0.052 ، 0.095 على التوالى ، وكذلك عدد ساعات النوم بالنهار (0.105، 0.84). ومـــن ناحية أخرى ارتبط متغير عدد مرات الاستيقاظ أثناء الليل ارتباطا سلبيا بالتفاؤل (- 0.240) ، وارتباطا إيجابيا بالتشاؤم (0.225) ، وهما دالان عند مستوى (0.001).
إن الارتباط الدال بين عدد مرات الاستيقاظ أثناء الليل والتفاؤل والتشاؤم - وإن كان ضعيفا - يمكن تفسيره على ضوء التغير المصاحب بين عدد مرات الاستيقاظ أثناء الليل وكل من : التفاؤل (سلبى ) والتشاؤم (إيجابي ) ، من حيث إن عدد مرات الاستيقاظ أثناء الليل دليل وقلق واضطراب ، والأخيران يرتبطان إيجابيا بالتشاؤم وسلبيا بالتفاؤل .
كما أن عدد ساعات النوم - سواء أقلت أم زادت - يرتضيها الفرد ويتكيف لها حتى تعد من عادات النوم لديه ، وقد لا شتير إلى اضطراب محدد من ناحية ما ، ولكن عدد مرات الاستيقاظ أثناء الليل مؤشر محدد لنوم مضطرب متقطع . والحاجة ماسة إلى إجراء دراسة مفصلة للتفاؤل والتشاؤم وعدد من اضطرابات النوم المحددة ، وذلك موضوع دراسة أخرى .
12- التفاؤل والتشاؤم وتدخين السجائر :
حظى سلوك التدخين Smoking behavior بعدد كبير من الدراسات ، وفضلا عن خطورة هذا السلوك على المدخن ومخالطيه ( المدخن السلبى ) ، فإنه يرتبط ارتباطـــا وثيقا بالمرضين اللذين يتسببان فى أعلى معدلات الوفاة وهما : القلب والسرطان ( الرتبتان الأولى والثانية على التوالى من ناحية أسباب الوفاة ).
ونظرا لما يشاع عن أخطار التدخين على الرغم من ارتفاع معدلات استخدامه فى بلادنا ، فمن الممكن أن نفترض ارتباط التدخين بعدد من توقعات المدخن حول المستقبل الشخصى له ، ومن ثم بحث عبد الخالق (غير منشور) علاقة سلوك التدخين بكل من التفاؤل والتشاؤم كما قيس بالقائمة العربية (ن= 235 من طلاب جامعة الكويت ).
ولم يظهر ارتباط دال بين سلوك التدخين كما يقاس بالسؤال الآتي : هل تدخن السجائـــــــر؟ (وأجيــب عنه بـ لا ، أحيانا ، نعم ) وكل من التفاؤل (0.043) والتشاؤم ( 0.037) ، ولذا فإن الفرض الذى بدأت به الدراسة لم يتحقق .
13- التفاؤل والتشاؤم والتحصيل الدراسي :
من الممكن أن نفترض علاقة بين التحصيل الدراسي وكل من التفاؤل والتشاؤم ، وذلك اعتمادا على ما بين الجانبين الوجداني (التفاؤل والتشاؤم)والمعرفى (التحصيل الدراسى ) من علاقات . واجرى كاتب هذه السطور ( غير منشور) هذه الدراسة على عينة من (235) طالبا وطالبة يدرسون بجامعة الكويت ، طبقت عليهم القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، واستخرج المعدل الدراسي العام لكل منهم .
ولم يظهر ارتباط جوهرى بين التحصيل الدراسي وكل من التفاؤل (0.036) والتشاؤم (-0.072) ، وبذا لم يتحقق الفرض ، ويبدو أن التحصيل الدراسي على الرغم من تأثره بعديد من العوامل وتعلقه بها فانه ليس من بينها التفاؤل والتشاؤم تبعا للعينة والمقاييس المستخدمة .
14- التفاؤل والتشاؤم والدافع للإنجاز :
الدافع للإنجاز Need for Achievement ( n-Ach) هو الأداء على ضوء الامتئاز والتفوق ، أو الأداء الذى تحثه الرغبة فى النجاح وقد افترض ارتباطه بالتفاؤل والتشاؤم ).
استخدمت فى هذه الدراسة التى قام بها الباحث (غير منشور) عينة من طلبة جامعة الكويت وطالباتها (235) ، طبقت عليهم - فى موقف قياس جمعى - القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ومقياس " راى ، لن " Ray- Lynn للدافع للإنجاز ، ويشتمل على 14 سؤالا يجاب عنها باختيار أحد البدائل : " نعم ، غير متأكد ، لا " وللمقياس خصائص سكومترية جيدة .
وارتـــــبط الدافــــع للإنــجاز ارتباطا دالا بكل من التفاؤل (- 0.238) ، والتشاؤم (-0.211) وهما دالان عند مستوى (0.001) . وتحقق الفرض الذى بدأت به الدراسة ، وتؤكد النتيجة أن العلاقة متبادلة بين الدافع للإنجاز وكل من التفاؤل والتشاؤم ، ففى التفاؤل توقع النجاح ( والتشاؤم عكسه ) وفى الدافع للإنجاز سعى حثيث إلى تحقيق ذلك النجاح .
15- التفاؤل والتشاؤم وعلاقتهما بنمط السلوك " أ " :
نمط السلوك " أ " Typ A Behavior طائفة من التصرفات التى تصدر عن الفرد ، وتكشف عن مزاج ذى خصائص شخصية محددة ، افترض أنها ترتبط بالقابلية للإصابة بمرض الشريان التاجى للقلب ، ويقابله النمط ب" ب " .
ويتسم أصحاب السلوك من نمط " أ " بالعدوانية ، والطموح ، والمنافسة الشديدة، والانشغال الزائد بالإنجاز ، وعدم الصبر ، والتململ أو عدم الاستقرار ، والتعجل ، ومشاعر التحدى المزمنة ، وبأن الفرد واقع تحت ضغط ، والتنبيه الزائد ، وتوتر العضلات وبخاصة عضلات الوجه ، وعلو الصوت عند الحديث ، والشعور بتحدى المسؤوليات ، وضغط عامل الزمن (Aiken, 1991,p. 368; Henkins et al., 1979, p. 3) .
أما أصحاب النمط " ب " فإنهم أكثر استرخاء وتمهلا وصبرا ، فهم يتكلمون ويتصرفون بطريقة أكثر بطئا وهدوءا . ويكشف أصحاب النمط " أ " - بالمقارنة إلى أصحاب النمط "ب " - عن نسبة أكبر لحدوث الأزمات القلبية ، حتى عندما يوضع فى الاعتبار الفروق فى كل من : العمر ، ومستوى دهون الدم (الكوليسترول* ، ومعدل التدخين ، وضغط الدم (Aiken, 1991,p. 368) .
وفي سبيل فهم الآليات التى يمكن أن تؤثر فى تطور مرض الشريان التاجي فى القلب فقد أجريت البحوث على الاستجابات القلبية الوعائية والكيميائية الحيوية ، كما أجريت لمتغيرات نفسية واجتماعية مثل : الرضا عن العمل ، ومقدار التحكم الذى يمكن أن يمارسه الفرد على عمله، ووضوح الدور أو غموضه . وظهر أن القابلية أو الاستعداد للإصابة بمرض الشريان التاجي فى القلب يمكن أن ترتبط - ليس بدرجة كبيرة - بالدافع للإنجاز والترقى بقدر ما ترتبط بالإحباط والغضب لدى الأشخاص الذين يتسمون بالدافع المرتفع للنضال والذين يواجهون عقبات موقفية فى تحقيق آمالهم . وفضلا عن ذلك فإن الطريقة التى يعبر بها الفرد عن الغضب Anger يمكن أن تكون عاملا مهما فى حدوث آثاره الفيزيولوجية ( Aiken, 1991, p. 369) .
وقد افترض كاتب هذه السطور ( غير منشور ) وجود ارتباط إيجابي بين نمط السلوك "أ" وكل من : التفاؤل (إيجابي) والتشاؤم (سلبى ) . واستخدمت القائمة العربية للتفاؤل والتشاؤم ، فضلا عن المقياس العربى لنمط السلوك " أ " ، ولهما معاملات ثبات وصدق مرتفعة . وطبق المقياسان على عينة من طلبة جامعة الكويت وطالباتها (ن=235).
واسفرت الدراسة عن ارتباط جوهرى إيجابي دال عند مستوى 0.001 قدره : 0.273 بين نمط السلوك " أ " والتفاؤل ، في حين لم يكن الارتباط دالا مع التشاؤم . ومن ثم يكون الفرض قد تحقق جزئيا ، وقد فسرت علاقة التفاؤل بنمط السلوك " أ " بجامع الطموح وتوقع الأفضل والإصرار على النجاح فى كل منهما .
16- التفاؤل والتشاؤم ومصدر الضبط :
مصدر الضبط Locus of cintrol مصطلح عام فى علم النفس الاجتماعي ، يستخدم للإشارة إلى موقع التحكم فى سلوك الفرد كما يدركه ذلك الشخص ، ويقاس عبر بعد يجمع بين ذوى الدرجة الداخلية Intenal المرتفعة والخارجية Exernal المرتفعة . وتعنى الدرجة المرتفعة على الضبط الداخلى أن اصحابه يميلون إلى تحمل مسئولية أفعالهم ، وينظرون إلى أنفسهم على أنهم يمتلكون التحكم فى مصائرهم الخاصة ، أما أصحاب الدرجة المرتفعة على الضبط الخارجي فإنهم يميلون إلى النظر إلى التحكم أو الضبط على أنه يكمن فى مكان آخر خارجيا عنهم وخارجا عن تحكمهم ، ويميلون إلى أن يعزوا نجاحهم أو فشلهم إلى قوى خارجية . ويجب أن نلاحظ أن " الواقع " لا يقاس فى هذه الحالة ، ولا يكون السؤال ما إذا كان الضبط الحقيقى ينبع من مصادر داخلية أو خارجية بل إن المهم كيف يدركه الفرد ( Reber, 1995,p. 423) .
وقد قيس مصدر الضبط فى هذه الدراسة التى قام بها