د . نادر فهمي الزيود
قسم العلوم النفسية – كلية التربية
ملخص
هدفت الدراسة إلى التعرف على أكثر إستراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية استخداماً من قبل الطلبة في جامعة قطر، بأخذ المتغيرات التالية بعين الاعتبار: الجنس، والمستوى الدراسي، والمعدل التراكمي والتخصص، والجنسية، وأثر هذه المتغيرات على إستراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية.
واستخدم الباحث مقياس عمليات تحمل الضغوط كوسيلة لجمع البيانات وطبقت هذه الأداة على عينة من طلبة جامعة قطر شملت (284) طالباً وطالبة موزعة على (144 طالباً) (140) طالبة من مختلف كليات الجامعة حيث تم اختيارهم بطريقة عشوائية داخل كل كلية. وقد تم استخدام المعالجات الإحصائية اللازمة باستخدام المتوسطات الحسابية والنسب المئوية واختباري (ت) (L.S.D) وتحليل التباين.
وقد توصلت الدراسة إلى النتائج التالية:
1– إن أكثر الأساليب شيوعاً التي يستخدمها الطلبة هي التفكير الإيجابي واللجوء إلى الله، والتنفيس الانفعالي.
2– أظهرت النتائج وجود فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى متغير الجنس.
3– أظهرت النتائج بأنه لا يوجد فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط تعزى إلى متغير الجنسية، والكلية، والمعدل التراكمي والمستوى الدراسي.
المقدمة:
يتعرض الأفراد في جميع مراحل حياتهم إلى مواقف ضاغطة ومؤثرات شديدة من مصادر عديدة كالبيت والعمل والمجتمع، حتى أطلق البعض على هذا العصر عصر القلق والضغوط النفسية. ويعود ذلك إلى تعقيد أساليب الحياة، والمواقف الأسرية الضاغطة وبيئة العمل، وطبيعة الحياة الاجتماعية، فالأهداف كثيرة والأماني والتطلعات عالية ولكن الإحباطات والعوائق كثيرة.
فلا شك أننا - بصفة عامة - نعيش في عصر يزخر بالصراعات والتناقضات والمشكلات وتزداد فيه مطالب الحياة، وتتسارع فيه التغيرات التكنولوجية والثقافية والقيمية، مما ينتج عنه مواقف ضاغطة شديدة ومصادر للقلق والتوتر وعوامل الخطر والتهديد.
إن طلبة الجامعات ليسوا في منأى عن هذه الظروف والمواقف الحياتية والصراعات المختلفة، فهم يتعرضون إلى تغيرات نمائية نفسية واجتماعية وفسيولوجية ينتج عنها مطالب وحاجات تستدعي إشباعاً، وطموحات وأهداف تستدعي تحقيقا،ً ورغبة ملحة لتحقيق الاستقلالية والتفرد والبحث عن الذات ككيان مستقل متميز (حسين والزيود، 1999: 158).
ومن جهة أخرى فإن الحياة الجامعية بجوانبها الأكاديمية والاجتماعية والنفسية والسلوكية تمثل مصادر للضغوط يتعرض لها الطلبة في هذه المرحلة. فقد أشار كيسكر (Kisker 1977) أن كل مرحلة عمرية لها خصائص مميزة ومواقف ضاغطة وإن طلبة الجامعات يعانون من مواقف وأزمات عديدة تتمثل في مواجهة الامتحانات والعلاقات مع الزملاء والأساتذة، والمنافسة من أجل النجاح والمشكلات العاطفية، والتعامل مع مقتضيات البيئة الجامعية وأنظمتها وقوانينها وما تفرضه من قيود على حركتهم وحريتهم. ومن عوامل الضغط التي يتعرض لها الطلبة الصراع مع الآباء، والصراع القيمي بين ما هو أصيل وما هو وافد، والتخطيط للمستقبل، ومحاولة تأكيد الذات وتحقيقها.
ولاشك أن هذه الضغوط التي يواجهها طالب الجامعة سواء في أسرته أو جامعته أو مجتمعه تمثل مؤثرات لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، فإن لم يستطع الفرد مواجهتها والتكيف معها كانت بداية لكثير من الاضطرابات النفسية كالقلق والاكتئاب "(عوض، 2000: 15). فقد توصل بيرسون ورو Persons & Rao 1985) إلى أن هناك علاقة موجبة بين شدة الضغوط والاكتئاب. كما أشارت العديد من الدراسات التي أجريت على الطلبة الجامعيين في الولايات المتحدة أن هناك علاقة موجبة بين شدة التعرض للضغوط النفسية والاكتئاب والقلق وشدة الغضب، وأن مستوى الأعراض كان لدى الإناث أعلى منه لدى الذكور American Psychiatric Association 1987 Zimmerman, 1987; Rosenthal, etal, 2000)). في حين أن شدة الضغوط وتكرارها يؤدي إلى خلل في مفهوم الفرد عن ذاته، وتحدث تشويهاً معرفياً عن تقويمه لذاته والآخرين (Patterson & MC cubbin 1987) .
لقد أوضح حسين (2000) أن للضغوط النفسية علاقة وثيقة بالاضطرابات السيكوموماتية مثل ضغط الدم والسكر وتصلب الشرايين وعسر التنفس والقولون العصبي والصداع، كما أنها تؤدي إلى ضعف التركيز والذاكرة وتضاؤل القدرة على حل المشكلات والإدراك الخاطئ للمواقف والأشخاص كما أنها تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية مثل الانسحاب الاجتماعي والشك والعجز عن التوافق الاجتماعي (ص: 4).
الإطار النظري لمشكلة الدراسة :
لا شك أن الإنسان لا يقف مكتوف اليدين إزاء أي ضغط يوتره أو يهدد حياته، فالحفاظ على النفس البشرية وتوازنها غريزة فطرية يتمتع بها الإنسان. وعليه فإن الطالب الجامعي يواجه هذه الضغوط محاولاً التعامل والتكيف معها وتخفيف آثارها أو حلها، ويستخدم في ذلك إستراتيجيات أو أساليب معرفية وانفعالية وسلوكية.
لقد حاولت بعض الدراسات تحديد أساليب أو عمليات تحمل الضغوط والتكيف معها. فقد أكد مارتن وآخرون (Martin, et al., 1992) على أسلوبين من أساليب مواجهة الضغوط هما:
• الإستراتيجيات الانفعالية في المواجهة Emotional Coping Strategies وتتمثل في ردود انفعالية في مواجهة المواقف الضاغطة مثل الغضب والتوتر والانزعاج والقلق واليأس.
• الإستراتيجيات المعرفية في المواجهة Cognitive Coping Strategies وتتمثل في إعادة تفسير وتقويم الموقف والتحليل المنطقي والنشاط العقلي.
وهناك من قسم إستراتيجيات التعامل مع الضغط إلى:
1. التفكير العقلاني Rational Thinking ويتمثل في محاولة الفرد في التفكير المنطقي بحثاً عن مصادر القلق وأسبابه.
2. التخيل Imagining حيث يتجه الفرد إلى التفكير في المستقبل وتخيل ما قد يحدث.
3. الإنكار Denial ويتمثل في إنكار الضغوط وكأنها لم تحدث أو يتجاهلها Ignoring.
4. حل المشكلة Problem Solving وهي إستراتيجية معرفية تتمثل في استخدام أفكار جديدة ومبتكرة لمواجهة المشكلة وحلها.
5. الفكاهة Humor وتتمثل في التعامل مع الضغوط ببساطة وروح الفكاهة والانفعالات الإيجابية أثناء المواجهة.
6. الرجوع إلى الدين Turning to religion وتتمثل في رجوع الفرد إلى الدين والإكثار من العبادات كمصدر للدعم الروحي والانفعالي في مواجهة المواقف الضاغطة (Cohen, 1994).
وهناك من قسم إستراتيجيات التعامل إلى:
• إستراتيجية حل المشاكل.
• إستراتيجية التمارين الرياضية.
• إستراتيجية وسائل الدفاع.
• إستراتيجية الاسترخاء.
إستراتيجية الضبط الذاتي. • إستراتيجية الإنعزال والانسحاب.
• إستراتيجية الترفيه.
• إستراتيجية الدعم الاجتماعي.
• إستراتيجية البعد الديني.
لقد اهتم الباحثون بدراسة أساليب التعامل مع الضغوطات النفسية في بيئات متعددة وعلاقتها ببعض المتغيرات، فقد كشفت دراسة العويضة (2003) عن أن أكثر أساليب الضغوط شيوعاً عند الطلبة الجامعيين المغتربين عن ديارهم هو التدبر النشط والتخطيط واللجوء إلى الدين وإعادة التقييم الإيجابي ولوم الذات، وكان أقلها شيوعاً هو اللجوء إلى العقاقير والإنكار. كما بينت دراسة حنون (2000) أن أكثر الإستراتيجيات شيوعاً لدى أسر الشهداء هي اللجوء إلى الله ثم الدعم الاجتماعي والضبط الذاتي. وفي دراسة لازارس وفولكمان (Lazarus & folkman 1988) تبين أن أكثر إستراتيجيات التعامل مع الظروف الضاغطة هي الدعم الاجتماعي والتحول عن الموضوع وضبط الذات والتخطيط لحل المشكلات. وقد توصل رومانو (Romano 1984) إلى أن التدريب على الاسترخاء العضلي العميق والتنفس العميق والتدريب على تأكيد الذات، كانت من أهم الإستراتيجيات التي استخدمتها عينة من طلبة مراكز الإرشاد في الجامعات الأمريكية للتعامل مع ضغوطهم.
وعلى الرغم من ذلك فإن استخدام بعض هذه الإستراتيجيات دون غيرها محكوم بعدد من العوامل، فقد اتضح في بعض الدراسات أن للجنس (ذكر وأنثى) أثراً في استخدام بعض الإستراتيجيات فقد أظهرت دراسة كومار ورامامورت (Kumar & Ramamourt 1990) أن الإناث أكثر استخداماً لإستراتيجيات طلب النصيحة والتحليل المنطقي، والحصول على المعلومات أكثر من الذكور وأن الذكور أكثر استخداماً لإستراتيجية إعادة التقييم المنطقي أكثر من الإناث. في حين لم تؤكد هذه النتيجة دراسات أخرى. لقد أوضح باندوار (Bandura, 1982) أن تنظيم الشخصية الذي يتضمن متغيرات الفاعلية الذاتية Self Efficiency والثقة بالنفس Self Confidence والتحكم بالمدرك Perceived Control عوامل مهمة في تحديد أساليب التعامل مع الضغوط فمثل هذه الشخصية أكثر استخداماً للسلوك المواجهة Coping Behavior والانضباط الذاتي Self Discipline . وهناك دلائل تشير إلى أن استخدام نوع معين من الإستراتيجيات لا يتحدد فقط بسمات شخصية الفرد أو جنسه وإنما بطبيعة المشكلة المسببة للضغوط، ففي الضغوط الصحية تبدو إستراتيجية البحث عن المعلومات وطلب النصيحة أكثر استخداماً في حين أن التحليل المنطقي والتقييم المعرفي أكثر استخداماً مع الضغوط الشخصية، وأن أسلوب حل المشكلات أكثر استخداماً مع الضغوط المالية (Kumar & Ramanourt 1990).
يتضح مما سبق أن الطلبة يلجأون إلى استخدام إستراتيجيات مختلفة للتعامل مع الضغوط المختلفة، وأن هناك اختلافاً واضحاً في شيوع هذه الإستراتيجيات تبعاً لمتغيرات متعددة، وهذا ما دعا الباحث إلى إجراء هذه الدراسة للكشف عن أكثر إستراتيجيات التعامل مع الضغوط شيوعاً لدى طلبة جامعة قطر وعلاقتها بمتغيرات الجنس والجنسية والمستوى الدراسي، والمعدل التراكمي، خاصة وأن هناك ندرة في الدراسات التي تصدت لهذه المشكلة في بيئة لها ثقافتها وهويتها وخصوصيتها.
مشكلة الدراسة وأسئلتها
يتعرض طلبة الجامعات إلى ضغوط أكاديمية ونفسية واجتماعية داخل الجامعة وضغوط حياتية مجتمعية خارجها، تؤثر سلباً على سلوكهم وبناء شخصياتهم وإنجازاتهم العلمية. ويستخدم الطلبة أساليب تدبر وتكيف مختلفة للتعامل مع الضغوط التي تواجههم. وقد اختلفت هذه الأساليب –وفقاً للدراسات المتعددة – تبعاً لمتغيرات شخصية تتعلق بالفرد، ومتغيرات ثقافية. وهذا ما استدعى إجراء هذه الدراسة للكشف عن أهم إستراتيجيات التعامل شيوعاً لدى طلبة جامعة قطر في بيئة لها ثقافتها وخصوصيتها المتفردة.
وعليه فإن الدراسة الحالية في إطار المنهج الوصفي (الارتباطي - المقارن) تسعى إلى الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- ما أكثر إستراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية استخداماً لدى طلبة الجامعة في قطر؟.
2- هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى متغير الجنس، "طالب وطالبة"؟.
3- هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى الجنسية "قطري، غير قطري"؟.
4- هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى متغير الكلية "كليات علمية، أدبية"؟.
5- هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى متغير المعدل التراكمي؟.
6- هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى المستوى الدراسي (مستوى أول، ثاني، ثالث، رابع)؟.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلى:
1) تعرف أكثر إستراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية استخداماً من قبل الطلبة في جامعة قطر.
2) تعرف أثر متغيرات الجنس والمستوى الدراسي والمعدل التراكمي، والتخصص والجنسية على إستراتيجيات التعامل، بمعنى هل تختلف أنواع هذه الإستراتيجيات تبعاً للمتغيرات السابقة؟.
أهمية الدراسة:
تبرز أهمية هذه الدراسة في:
1) أنها من الدراسات القليلة التي أجريت على طلبة الجامعة في قطر، لتكشف عن أكثر أساليب التعامل استخداماً من قبل الطلبة في مواجهة الضغوط التي يواجهونها، وهذا يمكن الباحثين من تكوين نظرة واضحة حول جدوى هذه الأساليب وملاءمتها.
2) أن نتائجها وتوصياتها ستكون عوناً للمرشدين والمدرسين والمسؤولين التربويين في وضع برامج إرشادية وعمل ندوات ولقاءات تساعد الطلبة على تنمية مهارات التكيف مع الضغوط النفسية.
3) أنها ستفتح المجال لمزيد من الدراسات المستقبلية التي تغطي أبعاد هذه المشكلة مما يسهل وضع خريطة سليمة لأساليب التعامل مع الضغوط.
مصطلحات البحث:
وتتضمن هذه المصطلحات:
إستراتيجيات التعامل مع الضغوط:
تعرف إستراتيجيات التعامل مع الضغوط بأنها مجموعة من الأساليب أو الطرق والنشاطات الدينامية والسلوكية والمعرفية التي يستخدمها الفرد في مواجهة الموقف الضاغط لحل المشكلة وتخفيف التوتر الانفعالي المترتب عليها. (حسين , والزيود 1999) .
وتعرف إجرائياً، بأنها مجموع الدرجات التي يحصل عليها الطلبة على كل إستراتيجية أو عملية يتضمنها المقياس، ويعتبر ارتفاع الدرجة على الإستراتيجية دليلاً على شيوع استخدامها.
الضغوط النفسية: هي مجموع الشدّات أو المؤثرات أو المواقف الضاغطة من مصادر مختلفة يتعرض لها الفرد وتؤدي إلى استجابات لا تكيفية فسيولوجية ونفسية وتخلق حالة من التوتر والانزعاج، تستدعي من الفرد التعامل معها ومواجهتها.
المستوى الدراسي: ويقصد به طلبة المستويات الأول والثاني والثالث والرابع والخامس من دراستهم الجامعية.
المعدل التراكمي: ويقصد به الطلبة الذين حصلوا على معدل ممتاز وجيد جداً ثم جيد ثم مقبول وضعيف.
الجنس: ويمثل الطلاب والطالبات الذين يكونون عينة الدراسة.
التخصص: وهم الطلبة الذين يدرسون في الكليات الأدبية والكليات العلمية "تخصص علمي، أدبي".
محددات الدراسة:
تتحدد نتائج هذه الدراسة ومدى تعميم نتائجها من خلال العوامل الآتية:
1) الموضوع: استراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية لدى طلبة جامعة قطر وعلاقتها ببعض المتغيرات.
2) العينة: حيث اقتصرت على عينة عشوائية بسيطة بنين وبنات.
3) الأداة المستخدمة: حيث تم استخدام مقياس عمليات تحمل الضغوط.
4) المجال الزمني: حيث أجريت هذه الدراسة في الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 2003/2004م.
وعلى ذلك فإن نتائج هذه الدراسة محكومة بطبيعة موضوعها والعينة والأداة التي استخدمت، والزمان والمكان الذي أجريت فيه الدراسة، مما يعني الحذر من تعميم نتائج هذه الدراسة .
قسم العلوم النفسية – كلية التربية
ملخص
هدفت الدراسة إلى التعرف على أكثر إستراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية استخداماً من قبل الطلبة في جامعة قطر، بأخذ المتغيرات التالية بعين الاعتبار: الجنس، والمستوى الدراسي، والمعدل التراكمي والتخصص، والجنسية، وأثر هذه المتغيرات على إستراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية.
واستخدم الباحث مقياس عمليات تحمل الضغوط كوسيلة لجمع البيانات وطبقت هذه الأداة على عينة من طلبة جامعة قطر شملت (284) طالباً وطالبة موزعة على (144 طالباً) (140) طالبة من مختلف كليات الجامعة حيث تم اختيارهم بطريقة عشوائية داخل كل كلية. وقد تم استخدام المعالجات الإحصائية اللازمة باستخدام المتوسطات الحسابية والنسب المئوية واختباري (ت) (L.S.D) وتحليل التباين.
وقد توصلت الدراسة إلى النتائج التالية:
1– إن أكثر الأساليب شيوعاً التي يستخدمها الطلبة هي التفكير الإيجابي واللجوء إلى الله، والتنفيس الانفعالي.
2– أظهرت النتائج وجود فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى متغير الجنس.
3– أظهرت النتائج بأنه لا يوجد فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط تعزى إلى متغير الجنسية، والكلية، والمعدل التراكمي والمستوى الدراسي.
المقدمة:
يتعرض الأفراد في جميع مراحل حياتهم إلى مواقف ضاغطة ومؤثرات شديدة من مصادر عديدة كالبيت والعمل والمجتمع، حتى أطلق البعض على هذا العصر عصر القلق والضغوط النفسية. ويعود ذلك إلى تعقيد أساليب الحياة، والمواقف الأسرية الضاغطة وبيئة العمل، وطبيعة الحياة الاجتماعية، فالأهداف كثيرة والأماني والتطلعات عالية ولكن الإحباطات والعوائق كثيرة.
فلا شك أننا - بصفة عامة - نعيش في عصر يزخر بالصراعات والتناقضات والمشكلات وتزداد فيه مطالب الحياة، وتتسارع فيه التغيرات التكنولوجية والثقافية والقيمية، مما ينتج عنه مواقف ضاغطة شديدة ومصادر للقلق والتوتر وعوامل الخطر والتهديد.
إن طلبة الجامعات ليسوا في منأى عن هذه الظروف والمواقف الحياتية والصراعات المختلفة، فهم يتعرضون إلى تغيرات نمائية نفسية واجتماعية وفسيولوجية ينتج عنها مطالب وحاجات تستدعي إشباعاً، وطموحات وأهداف تستدعي تحقيقا،ً ورغبة ملحة لتحقيق الاستقلالية والتفرد والبحث عن الذات ككيان مستقل متميز (حسين والزيود، 1999: 158).
ومن جهة أخرى فإن الحياة الجامعية بجوانبها الأكاديمية والاجتماعية والنفسية والسلوكية تمثل مصادر للضغوط يتعرض لها الطلبة في هذه المرحلة. فقد أشار كيسكر (Kisker 1977) أن كل مرحلة عمرية لها خصائص مميزة ومواقف ضاغطة وإن طلبة الجامعات يعانون من مواقف وأزمات عديدة تتمثل في مواجهة الامتحانات والعلاقات مع الزملاء والأساتذة، والمنافسة من أجل النجاح والمشكلات العاطفية، والتعامل مع مقتضيات البيئة الجامعية وأنظمتها وقوانينها وما تفرضه من قيود على حركتهم وحريتهم. ومن عوامل الضغط التي يتعرض لها الطلبة الصراع مع الآباء، والصراع القيمي بين ما هو أصيل وما هو وافد، والتخطيط للمستقبل، ومحاولة تأكيد الذات وتحقيقها.
ولاشك أن هذه الضغوط التي يواجهها طالب الجامعة سواء في أسرته أو جامعته أو مجتمعه تمثل مؤثرات لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، فإن لم يستطع الفرد مواجهتها والتكيف معها كانت بداية لكثير من الاضطرابات النفسية كالقلق والاكتئاب "(عوض، 2000: 15). فقد توصل بيرسون ورو Persons & Rao 1985) إلى أن هناك علاقة موجبة بين شدة الضغوط والاكتئاب. كما أشارت العديد من الدراسات التي أجريت على الطلبة الجامعيين في الولايات المتحدة أن هناك علاقة موجبة بين شدة التعرض للضغوط النفسية والاكتئاب والقلق وشدة الغضب، وأن مستوى الأعراض كان لدى الإناث أعلى منه لدى الذكور American Psychiatric Association 1987 Zimmerman, 1987; Rosenthal, etal, 2000)). في حين أن شدة الضغوط وتكرارها يؤدي إلى خلل في مفهوم الفرد عن ذاته، وتحدث تشويهاً معرفياً عن تقويمه لذاته والآخرين (Patterson & MC cubbin 1987) .
لقد أوضح حسين (2000) أن للضغوط النفسية علاقة وثيقة بالاضطرابات السيكوموماتية مثل ضغط الدم والسكر وتصلب الشرايين وعسر التنفس والقولون العصبي والصداع، كما أنها تؤدي إلى ضعف التركيز والذاكرة وتضاؤل القدرة على حل المشكلات والإدراك الخاطئ للمواقف والأشخاص كما أنها تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية مثل الانسحاب الاجتماعي والشك والعجز عن التوافق الاجتماعي (ص: 4).
الإطار النظري لمشكلة الدراسة :
لا شك أن الإنسان لا يقف مكتوف اليدين إزاء أي ضغط يوتره أو يهدد حياته، فالحفاظ على النفس البشرية وتوازنها غريزة فطرية يتمتع بها الإنسان. وعليه فإن الطالب الجامعي يواجه هذه الضغوط محاولاً التعامل والتكيف معها وتخفيف آثارها أو حلها، ويستخدم في ذلك إستراتيجيات أو أساليب معرفية وانفعالية وسلوكية.
لقد حاولت بعض الدراسات تحديد أساليب أو عمليات تحمل الضغوط والتكيف معها. فقد أكد مارتن وآخرون (Martin, et al., 1992) على أسلوبين من أساليب مواجهة الضغوط هما:
• الإستراتيجيات الانفعالية في المواجهة Emotional Coping Strategies وتتمثل في ردود انفعالية في مواجهة المواقف الضاغطة مثل الغضب والتوتر والانزعاج والقلق واليأس.
• الإستراتيجيات المعرفية في المواجهة Cognitive Coping Strategies وتتمثل في إعادة تفسير وتقويم الموقف والتحليل المنطقي والنشاط العقلي.
وهناك من قسم إستراتيجيات التعامل مع الضغط إلى:
1. التفكير العقلاني Rational Thinking ويتمثل في محاولة الفرد في التفكير المنطقي بحثاً عن مصادر القلق وأسبابه.
2. التخيل Imagining حيث يتجه الفرد إلى التفكير في المستقبل وتخيل ما قد يحدث.
3. الإنكار Denial ويتمثل في إنكار الضغوط وكأنها لم تحدث أو يتجاهلها Ignoring.
4. حل المشكلة Problem Solving وهي إستراتيجية معرفية تتمثل في استخدام أفكار جديدة ومبتكرة لمواجهة المشكلة وحلها.
5. الفكاهة Humor وتتمثل في التعامل مع الضغوط ببساطة وروح الفكاهة والانفعالات الإيجابية أثناء المواجهة.
6. الرجوع إلى الدين Turning to religion وتتمثل في رجوع الفرد إلى الدين والإكثار من العبادات كمصدر للدعم الروحي والانفعالي في مواجهة المواقف الضاغطة (Cohen, 1994).
وهناك من قسم إستراتيجيات التعامل إلى:
• إستراتيجية حل المشاكل.
• إستراتيجية التمارين الرياضية.
• إستراتيجية وسائل الدفاع.
• إستراتيجية الاسترخاء.
إستراتيجية الضبط الذاتي. • إستراتيجية الإنعزال والانسحاب.
• إستراتيجية الترفيه.
• إستراتيجية الدعم الاجتماعي.
• إستراتيجية البعد الديني.
لقد اهتم الباحثون بدراسة أساليب التعامل مع الضغوطات النفسية في بيئات متعددة وعلاقتها ببعض المتغيرات، فقد كشفت دراسة العويضة (2003) عن أن أكثر أساليب الضغوط شيوعاً عند الطلبة الجامعيين المغتربين عن ديارهم هو التدبر النشط والتخطيط واللجوء إلى الدين وإعادة التقييم الإيجابي ولوم الذات، وكان أقلها شيوعاً هو اللجوء إلى العقاقير والإنكار. كما بينت دراسة حنون (2000) أن أكثر الإستراتيجيات شيوعاً لدى أسر الشهداء هي اللجوء إلى الله ثم الدعم الاجتماعي والضبط الذاتي. وفي دراسة لازارس وفولكمان (Lazarus & folkman 1988) تبين أن أكثر إستراتيجيات التعامل مع الظروف الضاغطة هي الدعم الاجتماعي والتحول عن الموضوع وضبط الذات والتخطيط لحل المشكلات. وقد توصل رومانو (Romano 1984) إلى أن التدريب على الاسترخاء العضلي العميق والتنفس العميق والتدريب على تأكيد الذات، كانت من أهم الإستراتيجيات التي استخدمتها عينة من طلبة مراكز الإرشاد في الجامعات الأمريكية للتعامل مع ضغوطهم.
وعلى الرغم من ذلك فإن استخدام بعض هذه الإستراتيجيات دون غيرها محكوم بعدد من العوامل، فقد اتضح في بعض الدراسات أن للجنس (ذكر وأنثى) أثراً في استخدام بعض الإستراتيجيات فقد أظهرت دراسة كومار ورامامورت (Kumar & Ramamourt 1990) أن الإناث أكثر استخداماً لإستراتيجيات طلب النصيحة والتحليل المنطقي، والحصول على المعلومات أكثر من الذكور وأن الذكور أكثر استخداماً لإستراتيجية إعادة التقييم المنطقي أكثر من الإناث. في حين لم تؤكد هذه النتيجة دراسات أخرى. لقد أوضح باندوار (Bandura, 1982) أن تنظيم الشخصية الذي يتضمن متغيرات الفاعلية الذاتية Self Efficiency والثقة بالنفس Self Confidence والتحكم بالمدرك Perceived Control عوامل مهمة في تحديد أساليب التعامل مع الضغوط فمثل هذه الشخصية أكثر استخداماً للسلوك المواجهة Coping Behavior والانضباط الذاتي Self Discipline . وهناك دلائل تشير إلى أن استخدام نوع معين من الإستراتيجيات لا يتحدد فقط بسمات شخصية الفرد أو جنسه وإنما بطبيعة المشكلة المسببة للضغوط، ففي الضغوط الصحية تبدو إستراتيجية البحث عن المعلومات وطلب النصيحة أكثر استخداماً في حين أن التحليل المنطقي والتقييم المعرفي أكثر استخداماً مع الضغوط الشخصية، وأن أسلوب حل المشكلات أكثر استخداماً مع الضغوط المالية (Kumar & Ramanourt 1990).
يتضح مما سبق أن الطلبة يلجأون إلى استخدام إستراتيجيات مختلفة للتعامل مع الضغوط المختلفة، وأن هناك اختلافاً واضحاً في شيوع هذه الإستراتيجيات تبعاً لمتغيرات متعددة، وهذا ما دعا الباحث إلى إجراء هذه الدراسة للكشف عن أكثر إستراتيجيات التعامل مع الضغوط شيوعاً لدى طلبة جامعة قطر وعلاقتها بمتغيرات الجنس والجنسية والمستوى الدراسي، والمعدل التراكمي، خاصة وأن هناك ندرة في الدراسات التي تصدت لهذه المشكلة في بيئة لها ثقافتها وهويتها وخصوصيتها.
مشكلة الدراسة وأسئلتها
يتعرض طلبة الجامعات إلى ضغوط أكاديمية ونفسية واجتماعية داخل الجامعة وضغوط حياتية مجتمعية خارجها، تؤثر سلباً على سلوكهم وبناء شخصياتهم وإنجازاتهم العلمية. ويستخدم الطلبة أساليب تدبر وتكيف مختلفة للتعامل مع الضغوط التي تواجههم. وقد اختلفت هذه الأساليب –وفقاً للدراسات المتعددة – تبعاً لمتغيرات شخصية تتعلق بالفرد، ومتغيرات ثقافية. وهذا ما استدعى إجراء هذه الدراسة للكشف عن أهم إستراتيجيات التعامل شيوعاً لدى طلبة جامعة قطر في بيئة لها ثقافتها وخصوصيتها المتفردة.
وعليه فإن الدراسة الحالية في إطار المنهج الوصفي (الارتباطي - المقارن) تسعى إلى الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- ما أكثر إستراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية استخداماً لدى طلبة الجامعة في قطر؟.
2- هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى متغير الجنس، "طالب وطالبة"؟.
3- هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى الجنسية "قطري، غير قطري"؟.
4- هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى متغير الكلية "كليات علمية، أدبية"؟.
5- هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى متغير المعدل التراكمي؟.
6- هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إستراتيجيات التعامل مع الضغوط لدى الطلبة تعزى إلى المستوى الدراسي (مستوى أول، ثاني، ثالث، رابع)؟.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلى:
1) تعرف أكثر إستراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية استخداماً من قبل الطلبة في جامعة قطر.
2) تعرف أثر متغيرات الجنس والمستوى الدراسي والمعدل التراكمي، والتخصص والجنسية على إستراتيجيات التعامل، بمعنى هل تختلف أنواع هذه الإستراتيجيات تبعاً للمتغيرات السابقة؟.
أهمية الدراسة:
تبرز أهمية هذه الدراسة في:
1) أنها من الدراسات القليلة التي أجريت على طلبة الجامعة في قطر، لتكشف عن أكثر أساليب التعامل استخداماً من قبل الطلبة في مواجهة الضغوط التي يواجهونها، وهذا يمكن الباحثين من تكوين نظرة واضحة حول جدوى هذه الأساليب وملاءمتها.
2) أن نتائجها وتوصياتها ستكون عوناً للمرشدين والمدرسين والمسؤولين التربويين في وضع برامج إرشادية وعمل ندوات ولقاءات تساعد الطلبة على تنمية مهارات التكيف مع الضغوط النفسية.
3) أنها ستفتح المجال لمزيد من الدراسات المستقبلية التي تغطي أبعاد هذه المشكلة مما يسهل وضع خريطة سليمة لأساليب التعامل مع الضغوط.
مصطلحات البحث:
وتتضمن هذه المصطلحات:
إستراتيجيات التعامل مع الضغوط:
تعرف إستراتيجيات التعامل مع الضغوط بأنها مجموعة من الأساليب أو الطرق والنشاطات الدينامية والسلوكية والمعرفية التي يستخدمها الفرد في مواجهة الموقف الضاغط لحل المشكلة وتخفيف التوتر الانفعالي المترتب عليها. (حسين , والزيود 1999) .
وتعرف إجرائياً، بأنها مجموع الدرجات التي يحصل عليها الطلبة على كل إستراتيجية أو عملية يتضمنها المقياس، ويعتبر ارتفاع الدرجة على الإستراتيجية دليلاً على شيوع استخدامها.
الضغوط النفسية: هي مجموع الشدّات أو المؤثرات أو المواقف الضاغطة من مصادر مختلفة يتعرض لها الفرد وتؤدي إلى استجابات لا تكيفية فسيولوجية ونفسية وتخلق حالة من التوتر والانزعاج، تستدعي من الفرد التعامل معها ومواجهتها.
المستوى الدراسي: ويقصد به طلبة المستويات الأول والثاني والثالث والرابع والخامس من دراستهم الجامعية.
المعدل التراكمي: ويقصد به الطلبة الذين حصلوا على معدل ممتاز وجيد جداً ثم جيد ثم مقبول وضعيف.
الجنس: ويمثل الطلاب والطالبات الذين يكونون عينة الدراسة.
التخصص: وهم الطلبة الذين يدرسون في الكليات الأدبية والكليات العلمية "تخصص علمي، أدبي".
محددات الدراسة:
تتحدد نتائج هذه الدراسة ومدى تعميم نتائجها من خلال العوامل الآتية:
1) الموضوع: استراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية لدى طلبة جامعة قطر وعلاقتها ببعض المتغيرات.
2) العينة: حيث اقتصرت على عينة عشوائية بسيطة بنين وبنات.
3) الأداة المستخدمة: حيث تم استخدام مقياس عمليات تحمل الضغوط.
4) المجال الزمني: حيث أجريت هذه الدراسة في الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 2003/2004م.
وعلى ذلك فإن نتائج هذه الدراسة محكومة بطبيعة موضوعها والعينة والأداة التي استخدمت، والزمان والمكان الذي أجريت فيه الدراسة، مما يعني الحذر من تعميم نتائج هذه الدراسة .