يوجد اتفاق عام على أن مرحلة المراهقة هي مرحلة "أزمة"، ولعل جورج ستانلي هول كان أوَّلَ من أطلق هذا الوصف في عبارته الشهيرة "مرحلة الضغوط والعواصف", وهو وصفٌ يتضمن المعنى التقليدي, وهو أن المراهقة مرحلة توتر انفعالي شديد, مصدره التغيرات الجسمية والسيكولوجية التي تحدث في هذه المرحلة, إلّا أننا إذا علمنا أن النموَّ يستمر طوال مرحلة المراهقة بمعدلٍ بطيءٍ، بعد البلوغ خاصة، وأن معظم النمو ليس إلّا محض تكملة للتغيرات التي حدثت بالفعل أثناء البلوغ، فإن هذا التفسير البيولوجي الحتمي للأزمة يصبح موضع شك, والأصح أن نضع في الاعتبار نتائج بحوث علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا التي أكدت أن أزمة المراهقة "تختلف في شكلها ومضمونها وحِدَّتِهَا من مجتمعٍ إلى مجتمعٍ، ومن حضارةٍ إلى حضارةٍ، وأنَّ المراهق أو الشاب يعكس في أزمته -في المحل الأول- ظروفًا اجتماعية وحضارية معينة, لا ظروفًا بيولوجية ونفسية. فالأزمة لا تكون استجابةً لتغيرات داخل الفرد نفسه، وإنما تكون نتيجة لاستجابة البيئة -أي المجتمع والحضارة- التي يعيش فيها للتغيرات التي تطرأ عليه "عزت حجازي، 1978: 53".
وهذا ما تؤكده أيضًا البحوث النفسية الحديثة, فعلى الرغم من أن كلَّ مراهقٍ يواجه بعض الظروف الضاغطة المجتهدة Strissors التي يمكن التنؤ بها, إلّا أن معظم المراهقين لا يشعرون بأن مرحلة المراهقة أكثر صعوبة من غيرها في حياة الإنسان "Simmon 1987", ويعتمد ذلك في جوهره على النواحي المزاجية للمراهق، وعلاقته بوالديه, والخبرات والفرص التي تتهيأ له في بيئته الاجتماعية, وعلى هذا فإن "زملة الضغوط والعواصف" ليست عرضًا ملازمًا للمراهقة, وتلعب الأسرة دورها الحاسم، فكلما كانت علاقة المراهق بوالديه -في أطوار ما قبل المراهقة- على درجة كافية من السواء النفسي, كانت الظروف أكثر ملاءمة لاجتياز مرحلة المراهقة، وخاصةً في طورها المبكر، بنجاح.
تفسير الأزمة إذن يجب أن نبحث عنه في الظروف الاجتماعية التي تحيط بالمراهق, ومن ذلك ضغوط وتوقعات الجماعة على الفرد الذي لا يتزود طوال سنوات الطفولة بأيّ إعداد لمواجهة الظروف المتغيرة التي يتعرض لها خلال المراهقة, وفي ضوء هذا نقول: إننا لا نتوقع لجميع المراهقين أن يمروا بخبرة لضغوط والعواصف" التي أشار إليها ستانلي هول. صحيحٌ أن معظمهم يعاني من عدم الاستقرار الانفعالي من وقت لآخر, وهذا طبيعيٌّ بسبب التكيفات التي يجب أن تتمَّ لأنماطٍ جديدةٍ من السلوك, ولتوقعاتٍ اجتماعيةٍ جديدة, إلّا أن هذا كله لا يؤدي بالمراهق -حتمًا- إلى سوء التوافق أو الاضطراب النفسي.
ويؤكد هذا القول النتائج الهامة التي توصَّلَ إليها رائد بحوث المراهقة في مصر صموئيل مغاريوس "1957"؛ ففي دراسته الهامة التي قام بها عام 1957 على 67 حالة من الشباب المصري الذين تجاوزوا مرحلة المراهقة, مستخدمًا طريقة تحليل الوثائق الشخصية "في صورة السير الذاتية", توصَّلَ من تحليل محتوى المذكرات التي كتبها هؤلاء المفحوصون إلى تصنيف "أشكال" المراهقة في مصر إلى أربعة أنواع هي: المراهقة التكيفية، والمراهقة الانسحابية المنطوية، والمراهقة العدوانية المتمردة، والمراهقة المنحرفة.
وعلى الرغم من أن انفعالات المراهق تكون في العادة حادةً، والتعبير عنها لا يخضع للتحكم، وبالرغم من ظهور بعض أعراض سوء التوافق نتيجةً لهذا, فإننا عادةً ما نلاحظ تحسنًا في السلوك الانفعالي عامًا بعد عامٍ, ومرةً أخرى نجد أن النموَّ الانفعالي يتجه تدريجيًّا نحو الاستقرار مع الاقتراب من مرحلة الرشد، شأنه في ذلك شأن النمو العقلي والجسمي.
وعمومًا فإن الأنماط الانفعالية لدى المراهق, تشبه إلى حَدٍّ كبيرٍ ما لدى الطفل، ولكنها تختلف عنها في نوع المثيرات التي تثير لدى المراهق انفعالاته، وفي صور التعبير عنها؛ فالغضب يستثار في المراهقة المبكرة نتيجة النقد أو السخرية, أو حين يشعر المراهق أن أصدقاءه يُعَامَلُونَ معاملةً غير ملائمة من الوالدين أو المعلمين، أو حين يُحْرَمُ من بعض الامتيازات التي يعتبرها من حقوقه، أو حين يُعَامَلُ "كطفلٍ", كما يشعر بالغضب حين لا تستقيم في نظره الأمور، أو حين يعجز عن إتمام ما أَعَدَّ نفسه لإنجازه، أو حين يُقَاطَعُ أثناء الانشغال بعمل، أو حين يقتحم الآخرون عالمه الخاص, أو يتم التعدي على ممتلكاته الشخصية.
ويشعر المراهق الصغير بكثير من مشاعر الإحباط حين يُعَاقُ إشباع حاجاته, وخاصةً حاجته إلى الاستقلال, كما تُوجَدُ مصادر كثيرة للتوتر, بعضها ينشأ عن سلوك الآخرين إزاءه "وخاصة الوالدين والمعلمين وغيرها من ممثلي السلطة الاجتماعية", وبعضها من الأشياء التي توجد في بيئته ولا يحبها، وبعضها الثالث من سلوكه هو, وقد يستخدم المراهق في هذه المرحلة الاستجابات الصريحة
للتعبير عن العدوان "كالعنف البدني عند الذكور, والصراخ والبكاء عند الإناث"، إلّا أنه يدرك بالتدريج أن مثل هذه الاستجابات تُعَدُّ من علامات عدم النضج، ويتعلم التحكم فيها, وتحل وسائل التعبير اللفظي محل الوسائل المباشرة في التعبير عن العدوان, ولا يكاد يصل المراهق إلى نهاية مرحلة المراهقة المبكرة إلّا ويكون تحكمه في استجابات الغضب قد وصل إلى درجة جيدة من النموّ؛ بحيث لا تظهر علامات التعبير المباشر عن العدوان إلّا في قليلٍ من الأحيان, وبالطبع تختلف صور التعبير عن العدوان تبعًا للمستوى الاقتصادي والاجتماعي وحسب الجنس.
ويتعلم المراهق أن معظم الأشياء التي كان يخاف منها أثناء الطفولة ليست مصدر خطرٍ أو أذًى كما يتوهم, ولهذا تزول معظم مخاوفه السابقة, وتحل محلها مخاوف جديدة يرتبط معظمها بالمواقف الاجتماعية التي قد يتعرض لها، كالوجود مع الغرباء, أو مع عدد كبير من الناس, أو في عزلة عن الآخرين, وتصل هذه المخاوف إلى قِمَّتِها في سن الثانية عشرة, ثم تبدأ في الزوال تدريجيًّا "M.Abou- Hatab 1994", ويصبح مع المخاوف معتدل الحدة, ومع ذلك يؤدي به إلى الشعور بالخجل أو الارتباك, ومن ذلك حين يسعى المراهق إلى السلوك على النحو الذي يسلكه الراشدون، أو حين يجهل أفضل طريقة للسلوك في موقف اجتماعي معين, وقد يشعر بالارتباك من ملابسه, وخاصة في بعض المجتمعات التي تعد الملابس نوعًا من رموز المكانة الاجتماعية, ولعل هذا يفسر لنا كثيرًا من الخلل الاجتماعي الذي طرأ على مراهقينا نتيجةً لسيطرة فكرة "المستَوْرَد" على ما يلبسون، وأصبح أقصى ما يتمناه المراهق أن يحصل على "بنطلون مستورد", والمراهقة على "بلوزة" مستوردة تحقيقًا للوجاهة الاجتماعية التي أشاعها بهذا المعنى عصر "الانفتاح" في مصر, وخاصة في مراحله العشوائية المبكرة، وقد سقط في سبيل هذا الهدف كثير من الضحايا, ولعل الدعوات التي ظهرت في السنوات الأخيرة للتركيز على شعار "صُنِعَ في مصر" تؤدي إلى تعديل هذا السلوك في الاتجاه الصحيح.
ويمثِّلُ العمل المدرسي وما يرتبط به من امتحانات مصدر كثيرٍ من القلق لدى المراهق الصغير, ومن المصادر الأخرى لقلق المراهق مظهره, ونقص التفاهم مع والديه، والعلاقة بين الجنسين، وصعوبة تكوين صداقات، ونقص وسائل الترفيه الملائمة, والاختيار التعليمي والمهني، والمسائل الدينية والصحية، والملابس والنقود، وبعض المشكلات الشخصية مثل نقص التحكم الانفعالي.
وهذا ما تؤكده أيضًا البحوث النفسية الحديثة, فعلى الرغم من أن كلَّ مراهقٍ يواجه بعض الظروف الضاغطة المجتهدة Strissors التي يمكن التنؤ بها, إلّا أن معظم المراهقين لا يشعرون بأن مرحلة المراهقة أكثر صعوبة من غيرها في حياة الإنسان "Simmon 1987", ويعتمد ذلك في جوهره على النواحي المزاجية للمراهق، وعلاقته بوالديه, والخبرات والفرص التي تتهيأ له في بيئته الاجتماعية, وعلى هذا فإن "زملة الضغوط والعواصف" ليست عرضًا ملازمًا للمراهقة, وتلعب الأسرة دورها الحاسم، فكلما كانت علاقة المراهق بوالديه -في أطوار ما قبل المراهقة- على درجة كافية من السواء النفسي, كانت الظروف أكثر ملاءمة لاجتياز مرحلة المراهقة، وخاصةً في طورها المبكر، بنجاح.
تفسير الأزمة إذن يجب أن نبحث عنه في الظروف الاجتماعية التي تحيط بالمراهق, ومن ذلك ضغوط وتوقعات الجماعة على الفرد الذي لا يتزود طوال سنوات الطفولة بأيّ إعداد لمواجهة الظروف المتغيرة التي يتعرض لها خلال المراهقة, وفي ضوء هذا نقول: إننا لا نتوقع لجميع المراهقين أن يمروا بخبرة لضغوط والعواصف" التي أشار إليها ستانلي هول. صحيحٌ أن معظمهم يعاني من عدم الاستقرار الانفعالي من وقت لآخر, وهذا طبيعيٌّ بسبب التكيفات التي يجب أن تتمَّ لأنماطٍ جديدةٍ من السلوك, ولتوقعاتٍ اجتماعيةٍ جديدة, إلّا أن هذا كله لا يؤدي بالمراهق -حتمًا- إلى سوء التوافق أو الاضطراب النفسي.
ويؤكد هذا القول النتائج الهامة التي توصَّلَ إليها رائد بحوث المراهقة في مصر صموئيل مغاريوس "1957"؛ ففي دراسته الهامة التي قام بها عام 1957 على 67 حالة من الشباب المصري الذين تجاوزوا مرحلة المراهقة, مستخدمًا طريقة تحليل الوثائق الشخصية "في صورة السير الذاتية", توصَّلَ من تحليل محتوى المذكرات التي كتبها هؤلاء المفحوصون إلى تصنيف "أشكال" المراهقة في مصر إلى أربعة أنواع هي: المراهقة التكيفية، والمراهقة الانسحابية المنطوية، والمراهقة العدوانية المتمردة، والمراهقة المنحرفة.
وعلى الرغم من أن انفعالات المراهق تكون في العادة حادةً، والتعبير عنها لا يخضع للتحكم، وبالرغم من ظهور بعض أعراض سوء التوافق نتيجةً لهذا, فإننا عادةً ما نلاحظ تحسنًا في السلوك الانفعالي عامًا بعد عامٍ, ومرةً أخرى نجد أن النموَّ الانفعالي يتجه تدريجيًّا نحو الاستقرار مع الاقتراب من مرحلة الرشد، شأنه في ذلك شأن النمو العقلي والجسمي.
وعمومًا فإن الأنماط الانفعالية لدى المراهق, تشبه إلى حَدٍّ كبيرٍ ما لدى الطفل، ولكنها تختلف عنها في نوع المثيرات التي تثير لدى المراهق انفعالاته، وفي صور التعبير عنها؛ فالغضب يستثار في المراهقة المبكرة نتيجة النقد أو السخرية, أو حين يشعر المراهق أن أصدقاءه يُعَامَلُونَ معاملةً غير ملائمة من الوالدين أو المعلمين، أو حين يُحْرَمُ من بعض الامتيازات التي يعتبرها من حقوقه، أو حين يُعَامَلُ "كطفلٍ", كما يشعر بالغضب حين لا تستقيم في نظره الأمور، أو حين يعجز عن إتمام ما أَعَدَّ نفسه لإنجازه، أو حين يُقَاطَعُ أثناء الانشغال بعمل، أو حين يقتحم الآخرون عالمه الخاص, أو يتم التعدي على ممتلكاته الشخصية.
ويشعر المراهق الصغير بكثير من مشاعر الإحباط حين يُعَاقُ إشباع حاجاته, وخاصةً حاجته إلى الاستقلال, كما تُوجَدُ مصادر كثيرة للتوتر, بعضها ينشأ عن سلوك الآخرين إزاءه "وخاصة الوالدين والمعلمين وغيرها من ممثلي السلطة الاجتماعية", وبعضها من الأشياء التي توجد في بيئته ولا يحبها، وبعضها الثالث من سلوكه هو, وقد يستخدم المراهق في هذه المرحلة الاستجابات الصريحة
للتعبير عن العدوان "كالعنف البدني عند الذكور, والصراخ والبكاء عند الإناث"، إلّا أنه يدرك بالتدريج أن مثل هذه الاستجابات تُعَدُّ من علامات عدم النضج، ويتعلم التحكم فيها, وتحل وسائل التعبير اللفظي محل الوسائل المباشرة في التعبير عن العدوان, ولا يكاد يصل المراهق إلى نهاية مرحلة المراهقة المبكرة إلّا ويكون تحكمه في استجابات الغضب قد وصل إلى درجة جيدة من النموّ؛ بحيث لا تظهر علامات التعبير المباشر عن العدوان إلّا في قليلٍ من الأحيان, وبالطبع تختلف صور التعبير عن العدوان تبعًا للمستوى الاقتصادي والاجتماعي وحسب الجنس.
ويتعلم المراهق أن معظم الأشياء التي كان يخاف منها أثناء الطفولة ليست مصدر خطرٍ أو أذًى كما يتوهم, ولهذا تزول معظم مخاوفه السابقة, وتحل محلها مخاوف جديدة يرتبط معظمها بالمواقف الاجتماعية التي قد يتعرض لها، كالوجود مع الغرباء, أو مع عدد كبير من الناس, أو في عزلة عن الآخرين, وتصل هذه المخاوف إلى قِمَّتِها في سن الثانية عشرة, ثم تبدأ في الزوال تدريجيًّا "M.Abou- Hatab 1994", ويصبح مع المخاوف معتدل الحدة, ومع ذلك يؤدي به إلى الشعور بالخجل أو الارتباك, ومن ذلك حين يسعى المراهق إلى السلوك على النحو الذي يسلكه الراشدون، أو حين يجهل أفضل طريقة للسلوك في موقف اجتماعي معين, وقد يشعر بالارتباك من ملابسه, وخاصة في بعض المجتمعات التي تعد الملابس نوعًا من رموز المكانة الاجتماعية, ولعل هذا يفسر لنا كثيرًا من الخلل الاجتماعي الذي طرأ على مراهقينا نتيجةً لسيطرة فكرة "المستَوْرَد" على ما يلبسون، وأصبح أقصى ما يتمناه المراهق أن يحصل على "بنطلون مستورد", والمراهقة على "بلوزة" مستوردة تحقيقًا للوجاهة الاجتماعية التي أشاعها بهذا المعنى عصر "الانفتاح" في مصر, وخاصة في مراحله العشوائية المبكرة، وقد سقط في سبيل هذا الهدف كثير من الضحايا, ولعل الدعوات التي ظهرت في السنوات الأخيرة للتركيز على شعار "صُنِعَ في مصر" تؤدي إلى تعديل هذا السلوك في الاتجاه الصحيح.
ويمثِّلُ العمل المدرسي وما يرتبط به من امتحانات مصدر كثيرٍ من القلق لدى المراهق الصغير, ومن المصادر الأخرى لقلق المراهق مظهره, ونقص التفاهم مع والديه، والعلاقة بين الجنسين، وصعوبة تكوين صداقات، ونقص وسائل الترفيه الملائمة, والاختيار التعليمي والمهني، والمسائل الدينية والصحية، والملابس والنقود، وبعض المشكلات الشخصية مثل نقص التحكم الانفعالي.