نبذة الناشر:
كاد التحليل النفسي أن ينطفئ لولا ظهور جاك لا كان في أوائل الخمسينات. تلامذة فرويد كانوا لا يزالون تحت تأثير سلطة ونفوذ المعلم الأكبر، مما جعلهم يبتعدون عن كل قدرة في الاستنباط والإبداع، فوقعوا فريسة ما يسمى بالأنا الأعلى التحليلي، ولم يبق لهم سوى التقليد مما أفرغ العمل التحليلي من قوته الخلاقة وديناميكيته الناجعة فأصبح هيكلية نظرية.
من هذا المنطلق اعتبر لا كان أن العودة إلى فرويد هي السبيل الوحيد لتصحيح المسار التحليلي، لأن التحليل النفسي يتخطى فضيلته العلاجية، لكي يطال كل نشاط فمري في أي حقل وجد. ويبقى نموذج فرويد في مساره السبيل الوحيد لكل من اتبعه أن يكتشف الحقائق التي توصل إليها. الحقيقة ليست مطلقة إنما بالدرجة الأولى هي حقيقة تكمن في اللاوعي بحكم المكبوت. وإن غابت عن الوعي فهي تستمر بالتحكم بتصرفات الإنسان ومسكله، وتفرز العوارض المرضية.
موضوع التحليل النفسي يكمن في هذه الحقيقة التي اكتشفها فرويد ثم لا كان بعده، والتي تتجسد في موضوع الرغبة، والأنا خلافاً لما كان يتصور البعض تضللنا عن طريق التماهيات الآنية والمخيالية.
الجديد عند لاكان يعبر عن ذاته ويصبو دائماً إلى بلوغ حقيقتها وصدقيتها من خلال علاقته بالآخر الذي يسميه لاكان بالكبير للتمييز بينه وبين الصغير أي القرين، فهذا منحى فكري ديناميكي معتمد على الرغبة التي تحركه في الحياة وتضمن له المتعة، وهو منحى مغاير تماماً لما يسمى بسيكولوجية الأنا.
ولا عجب في أن يواجه التحليل النفسي مقاومة شديدة لا سيما في مجتمعنا العربي: أولاً لأن لغة الحب ممنوعة، ثانياً لأن الاعتزاز بالأنا قد تزعزع بعدما تبين أن حقيقتها تكمن في اللاوعي حيث لا سلطة عليه سوى قول الحق والحقيقة.
كل ذلك شرحه البروفيسور عدنان حب الله بأسلوب مبسط: السهل الممتنع، وهو تلميذ لاكان، كي يبين تواصله مع فرويد.