نبذة الناشر:
من النادر لكتابٍ كُتب قبل أكثر من ثلاثة أرباع القرن أن يُحافظ على أهمية راهنية مثل كتاب فرويد هذا: "علم نفس الجماهير".
فهذا الكتاب ليس ردّاً على نظرية غوستاف لوبون في علم نفس الجموع فحسب، بل هو متابعة للتحليل على مستوى بالغ العُمق والإبتكار لأبرز ظاهرة سوسيولوجية في العصور الحديثة: ظاهرة الجماهير الثورية والتكتلات الجماعية والزعامة الشعبية.
وهذا الكتاب، إذ يدرس علم نفس الجماهير من وجهة نظر إجتماعية ونفسية معاً، يُشكِّل مساهمةً في حلِّ واحدة من أهمّ مشكلات علم السياسة الحديث.
التحميل
http://adf.ly/rjWxI
او
ميديافير
http://adf.ly/rjWYB
إن التعارض بين علم النفس الفردي وعلم النفس الإجتماعي أو علم نفس الجماهير الذي قد يبدو للوهلة الأولي عميقاً للغاية يفقد الكثير من حدته عندما نمعن فيه النظر عن كثب فلا مراء في أن العلم الأول موضوعه الفرد وأنه يبحث عن الوسائل التي يستخدمها هذا الفرد وعن الطرق التي يسلكها للوصل إلي إشباع دوافعه الغريزية ولكنه في هذا البحث لا يفلح إلا فيما ندر وفي حالات استثنائية تماماً في صرف النظر عن العلاقات القائمة بين الفرد ونظرائه وأية ذلك أن الغير يلعب علي الدوام في حياة الفرد النفسية دور النموذج أو موضوع أو شريك أو خصم وعلم النفس الفردي يتبدي من البداية بوصفه في الوقت نفسه من جانب من الجوانب علماً نفسياً اجتماعياً بالمعني الواسع- ولكن المبرر تماماً – للكلمة.
علم نفس الجماهير إن موقف الفرد من والديه من إخوته وأخواته من الشخص الحبيب من طبيبة وبالأختصار جميع العلاقات التي كانت حتي الأن موضوعاً لأبحاث تحليلية نفسية يمكن أن تعتبر بحق ظاهرات اجتماعية مما يضعها علي طرفي نقيض مع بعض السيرورات الأخري التي وصفناها بأنها نرجسية لأنها تتميز بكون الفرد يسعي فيها إلي إشباع دوافعه الغريزية ويصل إلي ذلك خارج نطاق تأثير الأشخاص الأخرين وبصرف النظر عنهم هكذا نري أن التعارض بين الأفعال النفسية الاجتماعية والنرجسية ( الأنوية بحسب اصطلاح بلولر ) تعارض لا يتخطي حدود علم الفردي ولا يبرر الفصل بين هذا العلم وبين علم النفس الاجتماعي أو الجماهيري.
إن الفرد في موقفه من والديه ومن إخوته وأخواته من حبيبه أو صديقه أو طبيبه لا يقع إلا تحت تأثير شخص واحد أو عدد محدود من الأشخاص ممن يرتدي كل واحد منهم في نظره أهمية كبري. وحال أنه عندما يدور الكلام عن علم النفس الاجتماعي أو الجماهيري يضرب الصفح عادة عن هذه العلاقات ولا يقام اعتبار إلا للتأثير المتزامن الذي يمارسه علي الفرد عدد كبير من الأشخاص الذين قد يكونون من العديد من النواحي أغراباً بالنسبة إليه وإن كانت تربطه بهم بعض الروابط. هكذا يتناول علم النفس الجماهيري الفرد بوصفه عضواً في قبيلة في شعب في طائفة في طبقة اجتماعية في مؤسسة أو بوصفه عنصراً في جمع بشري انتظم في ساعة محددة وبرسم هدف محدد في جمهور أو جماعة وبعد تقطيع الروابط الطبيعية التي ذكرناها أعلاه لم يجد أنصار علم النفس الجمعي بدأ من اعتبار الظاهرات التي تحدث في هذه الشروط الخاصة تظاهرات لغريزة خاصة غير قابلة للاختزال تحليلياً غريزة القطيع وعقل الجماعة- ولا تظهر إلي حيز الوجود في أوضاع أخري إلا أننا نري لزاماً علينا أن نعلن رفضنا إيلاء العامل العددي مثل هذه الأهمية الكبيرة ولا نسلم بأنه قادر وحده علي توليد غريزة جديدة في حياة الإنسان النفسية لا تظهر إلي حيز الوجود في شروط أخري. إنما نقول بالأحري باحتمالين أخرين أولهما أن الغريزة المشار إليها ليست غريزة أولية وغير قابلة للإرجاع إلي غيرها وثانيهما أن هذه الغريزة عينها لها وجودها وإن في حالة جنينية في دوائر أضيق نطاقاً كدائرة الأسرة علي سبيل المثال.
إن علم النفس الجماهيري وإن يكن لا يزال في بداياته يطال عدداً لا يقع تحت حصر من المشكلات ويطرح علي الباحث مهاماً لا يحصي لها عدد فضلاً عن أنها مهام غير متمايزة تمايزاً واضحاً أو كافياً. وإن محض تصنيف الأشكال المتنوعة للتجمعات البشرية الجماعية ووصف الظاهرات النفسية التي بها تتظاهر هذه التجمعات يتطلبان مجهوداً هائلاً من الملاحظة والرصد والعرض وقد تمخضا من الأن عن أدب ثر للغاية ونظراً إلي سعة مضمار علم النفس الجماهيري لن تكون بي من حاجة إلي تنبيه القارئ إلي أن عملي المتواضع لا يتناول إلا بعض النقاط اليسيرة من هذا الموضوع الواسع. غير أن هذه النقاط هي بالتحديد التي تستأثر بالاهتمام الخاص للتحليل النفسي في سبره للنفس البشرية.
من النادر لكتابٍ كُتب قبل أكثر من ثلاثة أرباع القرن أن يُحافظ على أهمية راهنية مثل كتاب فرويد هذا: "علم نفس الجماهير".
فهذا الكتاب ليس ردّاً على نظرية غوستاف لوبون في علم نفس الجموع فحسب، بل هو متابعة للتحليل على مستوى بالغ العُمق والإبتكار لأبرز ظاهرة سوسيولوجية في العصور الحديثة: ظاهرة الجماهير الثورية والتكتلات الجماعية والزعامة الشعبية.
وهذا الكتاب، إذ يدرس علم نفس الجماهير من وجهة نظر إجتماعية ونفسية معاً، يُشكِّل مساهمةً في حلِّ واحدة من أهمّ مشكلات علم السياسة الحديث.
التحميل
http://adf.ly/rjWxI
او
ميديافير
http://adf.ly/rjWYB
إن التعارض بين علم النفس الفردي وعلم النفس الإجتماعي أو علم نفس الجماهير الذي قد يبدو للوهلة الأولي عميقاً للغاية يفقد الكثير من حدته عندما نمعن فيه النظر عن كثب فلا مراء في أن العلم الأول موضوعه الفرد وأنه يبحث عن الوسائل التي يستخدمها هذا الفرد وعن الطرق التي يسلكها للوصل إلي إشباع دوافعه الغريزية ولكنه في هذا البحث لا يفلح إلا فيما ندر وفي حالات استثنائية تماماً في صرف النظر عن العلاقات القائمة بين الفرد ونظرائه وأية ذلك أن الغير يلعب علي الدوام في حياة الفرد النفسية دور النموذج أو موضوع أو شريك أو خصم وعلم النفس الفردي يتبدي من البداية بوصفه في الوقت نفسه من جانب من الجوانب علماً نفسياً اجتماعياً بالمعني الواسع- ولكن المبرر تماماً – للكلمة.
علم نفس الجماهير إن موقف الفرد من والديه من إخوته وأخواته من الشخص الحبيب من طبيبة وبالأختصار جميع العلاقات التي كانت حتي الأن موضوعاً لأبحاث تحليلية نفسية يمكن أن تعتبر بحق ظاهرات اجتماعية مما يضعها علي طرفي نقيض مع بعض السيرورات الأخري التي وصفناها بأنها نرجسية لأنها تتميز بكون الفرد يسعي فيها إلي إشباع دوافعه الغريزية ويصل إلي ذلك خارج نطاق تأثير الأشخاص الأخرين وبصرف النظر عنهم هكذا نري أن التعارض بين الأفعال النفسية الاجتماعية والنرجسية ( الأنوية بحسب اصطلاح بلولر ) تعارض لا يتخطي حدود علم الفردي ولا يبرر الفصل بين هذا العلم وبين علم النفس الاجتماعي أو الجماهيري.
إن الفرد في موقفه من والديه ومن إخوته وأخواته من حبيبه أو صديقه أو طبيبه لا يقع إلا تحت تأثير شخص واحد أو عدد محدود من الأشخاص ممن يرتدي كل واحد منهم في نظره أهمية كبري. وحال أنه عندما يدور الكلام عن علم النفس الاجتماعي أو الجماهيري يضرب الصفح عادة عن هذه العلاقات ولا يقام اعتبار إلا للتأثير المتزامن الذي يمارسه علي الفرد عدد كبير من الأشخاص الذين قد يكونون من العديد من النواحي أغراباً بالنسبة إليه وإن كانت تربطه بهم بعض الروابط. هكذا يتناول علم النفس الجماهيري الفرد بوصفه عضواً في قبيلة في شعب في طائفة في طبقة اجتماعية في مؤسسة أو بوصفه عنصراً في جمع بشري انتظم في ساعة محددة وبرسم هدف محدد في جمهور أو جماعة وبعد تقطيع الروابط الطبيعية التي ذكرناها أعلاه لم يجد أنصار علم النفس الجمعي بدأ من اعتبار الظاهرات التي تحدث في هذه الشروط الخاصة تظاهرات لغريزة خاصة غير قابلة للاختزال تحليلياً غريزة القطيع وعقل الجماعة- ولا تظهر إلي حيز الوجود في أوضاع أخري إلا أننا نري لزاماً علينا أن نعلن رفضنا إيلاء العامل العددي مثل هذه الأهمية الكبيرة ولا نسلم بأنه قادر وحده علي توليد غريزة جديدة في حياة الإنسان النفسية لا تظهر إلي حيز الوجود في شروط أخري. إنما نقول بالأحري باحتمالين أخرين أولهما أن الغريزة المشار إليها ليست غريزة أولية وغير قابلة للإرجاع إلي غيرها وثانيهما أن هذه الغريزة عينها لها وجودها وإن في حالة جنينية في دوائر أضيق نطاقاً كدائرة الأسرة علي سبيل المثال.
إن علم النفس الجماهيري وإن يكن لا يزال في بداياته يطال عدداً لا يقع تحت حصر من المشكلات ويطرح علي الباحث مهاماً لا يحصي لها عدد فضلاً عن أنها مهام غير متمايزة تمايزاً واضحاً أو كافياً. وإن محض تصنيف الأشكال المتنوعة للتجمعات البشرية الجماعية ووصف الظاهرات النفسية التي بها تتظاهر هذه التجمعات يتطلبان مجهوداً هائلاً من الملاحظة والرصد والعرض وقد تمخضا من الأن عن أدب ثر للغاية ونظراً إلي سعة مضمار علم النفس الجماهيري لن تكون بي من حاجة إلي تنبيه القارئ إلي أن عملي المتواضع لا يتناول إلا بعض النقاط اليسيرة من هذا الموضوع الواسع. غير أن هذه النقاط هي بالتحديد التي تستأثر بالاهتمام الخاص للتحليل النفسي في سبره للنفس البشرية.