كان لعلماء التراث الإسلامي دور مهم في تناول النفس الإنسانية وكيفية التعرف عليها وأحوالها والتعامل معها في جميع حالاتها السوية وغير السوية.
*** ***
اختار الباحث ثلاثة من علماء النفس وهم: سجموند فرويد (Sigmund Freud) وكارل يونج (Carl Jung) وإبراهام ماسلو (Abraham Maslow). ومن علماء المسلمين تم اختيار كل من: أبوحامد الغزالي (505هـ)، وابن تيمية (728هـ)، وابن قيم الجوزية (751هـ)، ومحمد قطب.
*** ***
النفس الإنسانية هي محرك الإنسان ودافعه نحو العمل والسلوك أن خيراً فخير وإن شراً فشر.
*** ***
لما انحراف الناس عن تعاليم الأديان بدأ البشر يرسمون للنفس ملامح تختص بمحاولة معرفتها اعتماداً على الجهد البشر المنقطع على الهدي الرباني
*** ***
جاءت رسالة الإسلام الخاتمة للرسالات حيث حوت كل ما يحتاجه الإنسان لحياته الدنيا وما يسعده في آخرته. ومن ذلك ما يمكن أن يفيده في ما يتعلق بالنفس الإنسانية.
*** ***
لقد كان لعلماء المسلمين دور مهم في تناول النفس الإنسانية وكيفية التعرف عليها وأحوالها والتعامل معها في جميع حالاتها السوية وغير السوية.
*** ***
ويلعب الإدراك الحسي في الأنا نفس الدور الذي تلعبه الغريزة في الهو. ويمثل الأنا ما نسميه الحكمة وسلامة العقل، على خلاف الهو الذي يحوي الانفعالات.
*** ***
الهو: وهو مركز الغرائز في الإنسان، كالجنس والعدوان، وتحتاج تدفع طلباً للإشباع دون مراعاة للموانع من عادات وتقاليد وقيم وغيرها.
*** ***
الأنا: وهو الجانب الشعوري المباشر للحياة الواقعية، وهو مرتبط بالهو ويسعى الهو للاشباع من خلال الأنا، ولكن لا يتحقق له ذلك فتحصل حالة الكبت التي يتسبب بها المركب الثالث.
*** ***
الأنا الأعلى: وهو مستوى يأتي من سلطة الوالدين والعادات والتقاليد التي تصارع ما يأتي من الهو في مستوى الأنا، ويتحقق لها النصر فتحدث حالة الكبت.
*** ***
وهذا التركيب الثلاثي المتصارع للنفس لم تقم الأدلة العلمية عليه، ولذا لم يقبله كثير من علماء النفس من عصر فرويد إلى يومنا الحاضر.
*** ***
لا يلزم بأن نحول كل ما ندرسه إلى جانب حسي بل لدى الإنسان قدرة على فهم وتناول ما هو غير حسي ومعنوي، وبهذا نستطيع أن نقترب كثيراً من دراسة الإنسان من خلال تلك القدرة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنا.
*** ***
إنه لواضح في أي علم نفس يمس البناء النفسي للشخصية الإنسانية لا يمكنه إغفال حقيقة أن الدين ليس فقط ظاهرة نفسية اجتماعية تاريخية ، ولكنه كذلك يعتبر شيئاً مهماً للذات الشخصية لعدد كبير جداً من الناس) ( .(Jung, P.5, 1981
*** ***
اللاشعور الجمعي بمثابة استعدادات نتهيأ بها للتجاوب مع العالم ومواقفه.
*** ***
واللاشعور الجمعي بوصفه الأساس العنصري الموروث يقوم عليه البناء النفسي كله، وهو خبرات الأجيال وحكمة القرون، ويستقي منه الأنا ويصدر عنه، فإذا حدث أن انقطع ما بينهما اضطرب الأنا واضطربت بالتالي كل العمليات الشعورية فتكون الهذاءات والهواجس
*** ***
الذات هي كمال الشخصية، وهي أعلى مراتب الوجود النفسي، ولا يبلغها الفرد إلا بعد أن تنمو كل نواحي نفسه نمواً تتكامل به الذات، وعندئذ ينتقل مركز الشخصية من الأنا إلى الذات.(الحفني، ب.ت، ص413-417).
*** ***
أكد يونج على مفهوم الذات وأنها مرحلة اكتمال نمو النفس الإنسانية. وأكد على أهمية الدين للذات الإنسانية.
*** ***
ففي المستويات الأعمق لدى الناس يبدون في تشابه أكثر مما يختلفون. ولذا إذا استطاع الفرد أن يصل إلى هذه الأعماق داخل نفسه، عادة بمساعدة المعالج، يكتشف ليس ذاته فحسب ولكن أيضاً الروح الإنسانية الكاملة
*** ***
ويبدو من طرح ماسلو تركيزه على الحاجات الإنسانية التي لا بد لهم منها، ولكنها في الحقيقة تقف على إشباع الأمور الدنيوية في حياة الإنسان، ولا ترتقي بنفسه إلى ما هو أعلى من أمور الدنيا، وهي أمور الآخرة والأعمال الروحية التي تسمو بروح الإنسان في دنياه شوقاً إلى آخرته.
*** ***
(القلب يشير إلى أعمق الأفكار وأبعدها غوراً في طبيعة الإنسان وهو المسئول تجاه الله وهو الذي يخاطب ويحاسب، وتبدو الشهوات غريبة عن هذا القلب، وعلاقته بالقلب الجسماني علاقة معنوية لا مادية.( أبوحامد الغزالي)
*** ***
والنفس مرتبطة بالتنفس وباللذات والشهوات الدنيوية وتكون على ثلاثة أحوال: مطمئنة أو لوامة أو أمارة.
*** ***
يحسب للغزالي الدخول في تفاصيل تسعى للتعرف على مكونات هذه النفس ودور العبادات والعادات في تزكيتها، ومكارم النفس الإنسانية كالعدل والإحسان من خلال نصوص القرآن الكريم. وكذلك وضح التأكيد على البعد الأخروي وأثره على الإنسان والنفس الإنسانية
*** ***
السعيد يسعد بالأعمال الصالحة ، والشقي يشقى بالأعمال السيئة ، فمن كان سعيداً ييسر للأعمال الصالحة التي تقتضي السعادة ؛ ومن كان شقياً ييسر للأعمال السيئة التي تقتضي الشقاوة
*** ***
وكلاهما ميسر لما خلق له ، وهو ما يصير إليه من مشيئة اللَّـه العامة الكونية التي ذكرها اللَّـه سبحانه في كتابه في قوله تعالى : ((ولا يزالون مختلفين إلاّ من رحم ربك ولذلك خلقهم)))( ابن تيمية، التحفة العراقية في أعمال القلوب، ص 30ـ31).
*** ***
( إن قوى الأفعال في النفس إما جذب وإما دفع ، فالقوة الجاذبة الجالبة للملائم هي الشهوة وجنسها : من المحبة والإرادة ونحو ذلك ، والقوة الدافعة المانعة للمنافي هي الغضب وجنسها : من البغض والكراهة (أبن تيمية )،
*** ***
( والقلوب فيها وسواس النفس ، والشيطان يأمر بالشهوات والشبهات ما يفسد عليه طيب عيشها ، فمن كان محباً لغير اللَّـه فهو معذب في الدنيا والآخرة ؛ إن نال مراده عذب به ؛ وإن لم ينله فهو في العذاب والحسرة والحزن)(مجموع فتاوى أبن تيمية، المجلد28، ص 31ـ32).
*** ***
( إن إخلاص الدين لله : يمنع من تسلط الشيطان ، ومن ولاية الشيطان التي توجب العذاب . كما قال تعالى : (( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء . إنه من عبادنا المخلصين)) ( يوسف : 24 )
*** ***
وإذا لم يخلص لربه الدين ولم يفعل ما خلق له وفطر عليه . عوقب على ذلك ، وكان من عقابه : تسلط الشيطان عليه ، حتى يزين له فعل السيئات ، وكان إلهامه لفجوره : عقوبة له على كونه لم يتق اللَّـه)( ابن تيمية، الحسنة والسيئة، ص 77).
*** ***
( والشيطان وسواس خناس ، إذا ذكر العبد ربه خنس ، فإذا غفل عن ذكره وسوس ، فلهذا كان ترك ذكر اللَّـه سبباً ومبدأ لنزول الاعتقاد الباطل والإرادة الفاسدة في القلب ، ومن ذكر اللَّـه تعالى : تلاوة كتابه وفهمه ومذاكرة العلم)(مجموع فتاوى أبن تيمية، المجلد4، ص 34).
*** ***
تميز تناول ابن تيمية للنفس الإنسانية بالتركيز على الإيمان ومعرفة الحق وتجنب الشبهات والشهوات المهلكات للنفس الإنسانية، وبين قوى النفس الثلاث العقلية والغضبية والشهوية، وبين مخاطر الشيطان على النفس الإنسانية، وكيفية حماية النفس من تلك الآفات.
*** ***
هي السعادة الحقيقية ، وهي سعادة نفسانية روحية قلبية ، وهي سعادة العلم النافع ثمرته فإنها هي الباقية على تقلب الأحوال والمصاحبة للعبد في جميع أسفاره وفي دوره الثلاثة أعني : دار الدنيا ، ودار البرزخ ، ودار القرار ، وبها يترقى في معارج الفضل ودرجات الكمال (ابن قيم الجوزية، مفتاح دار السعادة، ج1، ص 156ـ157).
*** ***
(القلوب ثلاثة : قلب خال من الإيمان وجميع الخير ، فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه ، لأنه قد اتخذه بيتاً ووطناً ، وتحكم فيه بما يريد ، وتمكن منه غاية التمكن .
*** ***
القلب الثالث : قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان ، وانقشعت عنه حجب الشهوات ، وأقلعت عنه تلك الظلمات ، فلنوره في صدره إشراق ، ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس احترق به
*** ***
قلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة والمعرفة والإيمان ، وفيه أنوارها ، فهو حقيق أن يحرس ويحفظ من كيد العدو ، فلا ينال منه شيئاً إلاّ خطفه)( ابن قيم الجوزية، الوابل الصيب من الكلم الطيب، ص 29ـ30).
*** ***
والتحقيق أنها نفس واحدة ولكن لها صفات فتسمى باعتبار كل صفة باسم فتسمى مطمئنة باعتبار طمأنينتها إلى ربها بعبوديته ومحبته والإنابة إليه والتوكل عليه والرضا به والسكون إليه (أبن قيم الجوزية )
*** ***
ولا يمكن حصول الطمأنينة الحقيقية إلاّ باللَّـه وبذكره وهو كلامه الذي أنزله على رسوله كما قال تعالى : (( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر اللَّـه ألا بذكر اللَّـه تطمئن القلوب)). (أبن قيم الجوزية
*** ***
وأشرف النفوس من لامت نفسها في طاعة اللَّـه واحتملت ملام اللائمين في مرضاته فلا تأخذها فيه لومة لائم فهذه قد تخلصت من لوم اللَّـه ، وأما من رضيت بأعمالها ولم تلم نفسها ولم تحتمل في اللَّـه ملام اللوام . فهي التي يلومها اللَّـه سبحانه (أبن قيم الجوزية
*** ***
فما تخلص أحد من شر نفسه إلاّ بتوفيق اللَّـه له كما قال تعالى حاكياً عن امرأة العزيز : (( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلاّ ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم )).... فالشر كامن في النفس وهو يوجب سيئات الأعمال فإن خلى اللَّـه بين العبد وبين نفسه هلك بين شرها وما تقتضيه من سيئات الأعمال ، وإن وفقه وأعانه نجاه من ذلك كله)( ابن قيم الجوزية، الروح، ص 220ـ226).
*** ***
تناول ابن قيم الجوزية أنوع القلوب لدى الناس ومعها الأنفس وهي ثلاثة: قلب خال من الإيمان، وقلب فيه إيمان وعليه غشاوة المعصية، وقلب متنور بالإيمان
*** ***
تميز أبن قيم الجوزية بدخوله في دراسة النفس الإنسانية بشكل متعمق يعكس علماً واسعاً ظهرت في كتاباته فاقت في كثير من نواحيها ما هو مطروح حالياً في كتب علم النفس.
*** ***
قدم محمد قطب في كتابه (دراسات في النفس الإنسانية) تصوراً إسلامياً عن النفس الإنسانية استمده من نصوص الكتاب والسنة ، حيث يورد ثمانية خطوط لتلك النفس،
*** ***
(أهم ما يتميز به الإسلام أنه يأخذ الكائن البشري على ما هو عليه، لا يحاول أن يفسره على ما ليس من طبيعته، كما تصنع النظم المثالية، وإن كان في الوقت ذاته يعمد إلى تهذيب هذه الطبيعة إلى آخر مدى مستطاع، دون أن يكبت شيئاً من النوازع الفطرية، أو يمزق الفرد بين الضغط الواقع عليه من هذه النوازع، وبين المثل العليا التي يرسمها له. ( قطب، الإنسان بين المادية والإسلام، ص69).
*** ***
الإنسان في نظر الإسلام كائن لا هو بالملاك ولا بالحيوان. وإن كان قادراً في بعض حالات الهبوط أن يصبح أسوأ من الحيوان، وفي بعض حالات الارتفاع أن يسمو بروحه إلى مستوى الملائكة من الطهر ( قطب، الإنسان بين المادية والإسلام، ص69).
*** ***
(مقياس الفطرة الثابت في التطور النفسي هو النمو الدائم نحو النضوج والتكامل والشمول والتوازن. فكل فرد أو جيل يتجه نحو هذا اللون من النمو فهو سليم الفطرة سائر في الطريق الصحيح. وكل فرد أو جيل يثبت على درجة معينة من النمو ـ متخلفة ـ أو يتقدم ببعض جوانب نفسه ويتأخر ببعض، أو يفقد توازنه، فهو منحرف الفطرة في حاجة إلى علاج)( قطب، التطور والثبات في حياة البشرية، ص 146).
*** ***
أن الإنسان مخلوق من عنصرين هما المادة (التراب) والروح. وهما يحتاجان إلى ما يشبعهما، فالمادة تحتاج لحاجات الجسدية من غذاء وجنس وراحة وما يدخل فيها، وكذلك الروح تحتاج إلى إشباع عن طريق ما يأتي به الدين من عبادات وأخلاق.
*** ***
أن مصادر المعرفة للإنسان تبدأ بالحواس ثم العقل ثم الوحي، ويكون الوحي هو المعيار لما يقبل ويرفض من المصدرين السابقين.
*** ***
إن النفس الإنسانية لديها الاستعداد للخير والشر، ولكنها مفطورة على فطرة الخير المركوزة في الجبلة الإنسانية، ما لم يأتي ما يحرفها عن فطرتها من عوامل خارجية كالوالدين والشيطان ورفاق السوء.
*** ***
يركز الغربيون على الجوانب المادية للنفس الإنسانية واشباعها. و لا يعطون الجوانب الروحية حقها في الاشباع.
*** ***
يتميز العلماء المسلمون باعطاء النفس الإنسانية حقها في الاشباع الحيوي المادي، وكذلك الاشباع الروحي الذي لا بد لها منه حتى تستقر حياتها، ويحدث التوازن اللازم في تحقيق اشباع الجانبين المادي والروحي.
*** ***
يغفل العلماء الغربيون في تعاملهم مع النفس الإنسانية عن جوانب الآخرة وبركزون على الأمور الدنيوية.
*** ***
يحرص العلماء المسلمون على الجوانب الدنيوية في النفس الإنسانية لكنهم يؤكدون أهمية الجوانب الآخروية وضرورتها لحياة الإنسان.
*** ***
تبرز الغرائز الإنسانية الدنيا في طرح معظم الباحثين الغربيين، ويقل الاهتمام بالجوانب العليا في الإنسان.
*** ***
اختار الباحث ثلاثة من علماء النفس وهم: سجموند فرويد (Sigmund Freud) وكارل يونج (Carl Jung) وإبراهام ماسلو (Abraham Maslow). ومن علماء المسلمين تم اختيار كل من: أبوحامد الغزالي (505هـ)، وابن تيمية (728هـ)، وابن قيم الجوزية (751هـ)، ومحمد قطب.
*** ***
النفس الإنسانية هي محرك الإنسان ودافعه نحو العمل والسلوك أن خيراً فخير وإن شراً فشر.
*** ***
لما انحراف الناس عن تعاليم الأديان بدأ البشر يرسمون للنفس ملامح تختص بمحاولة معرفتها اعتماداً على الجهد البشر المنقطع على الهدي الرباني
*** ***
جاءت رسالة الإسلام الخاتمة للرسالات حيث حوت كل ما يحتاجه الإنسان لحياته الدنيا وما يسعده في آخرته. ومن ذلك ما يمكن أن يفيده في ما يتعلق بالنفس الإنسانية.
*** ***
لقد كان لعلماء المسلمين دور مهم في تناول النفس الإنسانية وكيفية التعرف عليها وأحوالها والتعامل معها في جميع حالاتها السوية وغير السوية.
*** ***
ويلعب الإدراك الحسي في الأنا نفس الدور الذي تلعبه الغريزة في الهو. ويمثل الأنا ما نسميه الحكمة وسلامة العقل، على خلاف الهو الذي يحوي الانفعالات.
*** ***
الهو: وهو مركز الغرائز في الإنسان، كالجنس والعدوان، وتحتاج تدفع طلباً للإشباع دون مراعاة للموانع من عادات وتقاليد وقيم وغيرها.
*** ***
الأنا: وهو الجانب الشعوري المباشر للحياة الواقعية، وهو مرتبط بالهو ويسعى الهو للاشباع من خلال الأنا، ولكن لا يتحقق له ذلك فتحصل حالة الكبت التي يتسبب بها المركب الثالث.
*** ***
الأنا الأعلى: وهو مستوى يأتي من سلطة الوالدين والعادات والتقاليد التي تصارع ما يأتي من الهو في مستوى الأنا، ويتحقق لها النصر فتحدث حالة الكبت.
*** ***
وهذا التركيب الثلاثي المتصارع للنفس لم تقم الأدلة العلمية عليه، ولذا لم يقبله كثير من علماء النفس من عصر فرويد إلى يومنا الحاضر.
*** ***
لا يلزم بأن نحول كل ما ندرسه إلى جانب حسي بل لدى الإنسان قدرة على فهم وتناول ما هو غير حسي ومعنوي، وبهذا نستطيع أن نقترب كثيراً من دراسة الإنسان من خلال تلك القدرة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنا.
*** ***
إنه لواضح في أي علم نفس يمس البناء النفسي للشخصية الإنسانية لا يمكنه إغفال حقيقة أن الدين ليس فقط ظاهرة نفسية اجتماعية تاريخية ، ولكنه كذلك يعتبر شيئاً مهماً للذات الشخصية لعدد كبير جداً من الناس) ( .(Jung, P.5, 1981
*** ***
اللاشعور الجمعي بمثابة استعدادات نتهيأ بها للتجاوب مع العالم ومواقفه.
*** ***
واللاشعور الجمعي بوصفه الأساس العنصري الموروث يقوم عليه البناء النفسي كله، وهو خبرات الأجيال وحكمة القرون، ويستقي منه الأنا ويصدر عنه، فإذا حدث أن انقطع ما بينهما اضطرب الأنا واضطربت بالتالي كل العمليات الشعورية فتكون الهذاءات والهواجس
*** ***
الذات هي كمال الشخصية، وهي أعلى مراتب الوجود النفسي، ولا يبلغها الفرد إلا بعد أن تنمو كل نواحي نفسه نمواً تتكامل به الذات، وعندئذ ينتقل مركز الشخصية من الأنا إلى الذات.(الحفني، ب.ت، ص413-417).
*** ***
أكد يونج على مفهوم الذات وأنها مرحلة اكتمال نمو النفس الإنسانية. وأكد على أهمية الدين للذات الإنسانية.
*** ***
ففي المستويات الأعمق لدى الناس يبدون في تشابه أكثر مما يختلفون. ولذا إذا استطاع الفرد أن يصل إلى هذه الأعماق داخل نفسه، عادة بمساعدة المعالج، يكتشف ليس ذاته فحسب ولكن أيضاً الروح الإنسانية الكاملة
*** ***
ويبدو من طرح ماسلو تركيزه على الحاجات الإنسانية التي لا بد لهم منها، ولكنها في الحقيقة تقف على إشباع الأمور الدنيوية في حياة الإنسان، ولا ترتقي بنفسه إلى ما هو أعلى من أمور الدنيا، وهي أمور الآخرة والأعمال الروحية التي تسمو بروح الإنسان في دنياه شوقاً إلى آخرته.
*** ***
(القلب يشير إلى أعمق الأفكار وأبعدها غوراً في طبيعة الإنسان وهو المسئول تجاه الله وهو الذي يخاطب ويحاسب، وتبدو الشهوات غريبة عن هذا القلب، وعلاقته بالقلب الجسماني علاقة معنوية لا مادية.( أبوحامد الغزالي)
*** ***
والنفس مرتبطة بالتنفس وباللذات والشهوات الدنيوية وتكون على ثلاثة أحوال: مطمئنة أو لوامة أو أمارة.
*** ***
يحسب للغزالي الدخول في تفاصيل تسعى للتعرف على مكونات هذه النفس ودور العبادات والعادات في تزكيتها، ومكارم النفس الإنسانية كالعدل والإحسان من خلال نصوص القرآن الكريم. وكذلك وضح التأكيد على البعد الأخروي وأثره على الإنسان والنفس الإنسانية
*** ***
السعيد يسعد بالأعمال الصالحة ، والشقي يشقى بالأعمال السيئة ، فمن كان سعيداً ييسر للأعمال الصالحة التي تقتضي السعادة ؛ ومن كان شقياً ييسر للأعمال السيئة التي تقتضي الشقاوة
*** ***
وكلاهما ميسر لما خلق له ، وهو ما يصير إليه من مشيئة اللَّـه العامة الكونية التي ذكرها اللَّـه سبحانه في كتابه في قوله تعالى : ((ولا يزالون مختلفين إلاّ من رحم ربك ولذلك خلقهم)))( ابن تيمية، التحفة العراقية في أعمال القلوب، ص 30ـ31).
*** ***
( إن قوى الأفعال في النفس إما جذب وإما دفع ، فالقوة الجاذبة الجالبة للملائم هي الشهوة وجنسها : من المحبة والإرادة ونحو ذلك ، والقوة الدافعة المانعة للمنافي هي الغضب وجنسها : من البغض والكراهة (أبن تيمية )،
*** ***
( والقلوب فيها وسواس النفس ، والشيطان يأمر بالشهوات والشبهات ما يفسد عليه طيب عيشها ، فمن كان محباً لغير اللَّـه فهو معذب في الدنيا والآخرة ؛ إن نال مراده عذب به ؛ وإن لم ينله فهو في العذاب والحسرة والحزن)(مجموع فتاوى أبن تيمية، المجلد28، ص 31ـ32).
*** ***
( إن إخلاص الدين لله : يمنع من تسلط الشيطان ، ومن ولاية الشيطان التي توجب العذاب . كما قال تعالى : (( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء . إنه من عبادنا المخلصين)) ( يوسف : 24 )
*** ***
وإذا لم يخلص لربه الدين ولم يفعل ما خلق له وفطر عليه . عوقب على ذلك ، وكان من عقابه : تسلط الشيطان عليه ، حتى يزين له فعل السيئات ، وكان إلهامه لفجوره : عقوبة له على كونه لم يتق اللَّـه)( ابن تيمية، الحسنة والسيئة، ص 77).
*** ***
( والشيطان وسواس خناس ، إذا ذكر العبد ربه خنس ، فإذا غفل عن ذكره وسوس ، فلهذا كان ترك ذكر اللَّـه سبباً ومبدأ لنزول الاعتقاد الباطل والإرادة الفاسدة في القلب ، ومن ذكر اللَّـه تعالى : تلاوة كتابه وفهمه ومذاكرة العلم)(مجموع فتاوى أبن تيمية، المجلد4، ص 34).
*** ***
تميز تناول ابن تيمية للنفس الإنسانية بالتركيز على الإيمان ومعرفة الحق وتجنب الشبهات والشهوات المهلكات للنفس الإنسانية، وبين قوى النفس الثلاث العقلية والغضبية والشهوية، وبين مخاطر الشيطان على النفس الإنسانية، وكيفية حماية النفس من تلك الآفات.
*** ***
هي السعادة الحقيقية ، وهي سعادة نفسانية روحية قلبية ، وهي سعادة العلم النافع ثمرته فإنها هي الباقية على تقلب الأحوال والمصاحبة للعبد في جميع أسفاره وفي دوره الثلاثة أعني : دار الدنيا ، ودار البرزخ ، ودار القرار ، وبها يترقى في معارج الفضل ودرجات الكمال (ابن قيم الجوزية، مفتاح دار السعادة، ج1، ص 156ـ157).
*** ***
(القلوب ثلاثة : قلب خال من الإيمان وجميع الخير ، فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه ، لأنه قد اتخذه بيتاً ووطناً ، وتحكم فيه بما يريد ، وتمكن منه غاية التمكن .
*** ***
القلب الثالث : قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان ، وانقشعت عنه حجب الشهوات ، وأقلعت عنه تلك الظلمات ، فلنوره في صدره إشراق ، ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس احترق به
*** ***
قلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة والمعرفة والإيمان ، وفيه أنوارها ، فهو حقيق أن يحرس ويحفظ من كيد العدو ، فلا ينال منه شيئاً إلاّ خطفه)( ابن قيم الجوزية، الوابل الصيب من الكلم الطيب، ص 29ـ30).
*** ***
والتحقيق أنها نفس واحدة ولكن لها صفات فتسمى باعتبار كل صفة باسم فتسمى مطمئنة باعتبار طمأنينتها إلى ربها بعبوديته ومحبته والإنابة إليه والتوكل عليه والرضا به والسكون إليه (أبن قيم الجوزية )
*** ***
ولا يمكن حصول الطمأنينة الحقيقية إلاّ باللَّـه وبذكره وهو كلامه الذي أنزله على رسوله كما قال تعالى : (( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر اللَّـه ألا بذكر اللَّـه تطمئن القلوب)). (أبن قيم الجوزية
*** ***
وأشرف النفوس من لامت نفسها في طاعة اللَّـه واحتملت ملام اللائمين في مرضاته فلا تأخذها فيه لومة لائم فهذه قد تخلصت من لوم اللَّـه ، وأما من رضيت بأعمالها ولم تلم نفسها ولم تحتمل في اللَّـه ملام اللوام . فهي التي يلومها اللَّـه سبحانه (أبن قيم الجوزية
*** ***
فما تخلص أحد من شر نفسه إلاّ بتوفيق اللَّـه له كما قال تعالى حاكياً عن امرأة العزيز : (( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلاّ ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم )).... فالشر كامن في النفس وهو يوجب سيئات الأعمال فإن خلى اللَّـه بين العبد وبين نفسه هلك بين شرها وما تقتضيه من سيئات الأعمال ، وإن وفقه وأعانه نجاه من ذلك كله)( ابن قيم الجوزية، الروح، ص 220ـ226).
*** ***
تناول ابن قيم الجوزية أنوع القلوب لدى الناس ومعها الأنفس وهي ثلاثة: قلب خال من الإيمان، وقلب فيه إيمان وعليه غشاوة المعصية، وقلب متنور بالإيمان
*** ***
تميز أبن قيم الجوزية بدخوله في دراسة النفس الإنسانية بشكل متعمق يعكس علماً واسعاً ظهرت في كتاباته فاقت في كثير من نواحيها ما هو مطروح حالياً في كتب علم النفس.
*** ***
قدم محمد قطب في كتابه (دراسات في النفس الإنسانية) تصوراً إسلامياً عن النفس الإنسانية استمده من نصوص الكتاب والسنة ، حيث يورد ثمانية خطوط لتلك النفس،
*** ***
(أهم ما يتميز به الإسلام أنه يأخذ الكائن البشري على ما هو عليه، لا يحاول أن يفسره على ما ليس من طبيعته، كما تصنع النظم المثالية، وإن كان في الوقت ذاته يعمد إلى تهذيب هذه الطبيعة إلى آخر مدى مستطاع، دون أن يكبت شيئاً من النوازع الفطرية، أو يمزق الفرد بين الضغط الواقع عليه من هذه النوازع، وبين المثل العليا التي يرسمها له. ( قطب، الإنسان بين المادية والإسلام، ص69).
*** ***
الإنسان في نظر الإسلام كائن لا هو بالملاك ولا بالحيوان. وإن كان قادراً في بعض حالات الهبوط أن يصبح أسوأ من الحيوان، وفي بعض حالات الارتفاع أن يسمو بروحه إلى مستوى الملائكة من الطهر ( قطب، الإنسان بين المادية والإسلام، ص69).
*** ***
(مقياس الفطرة الثابت في التطور النفسي هو النمو الدائم نحو النضوج والتكامل والشمول والتوازن. فكل فرد أو جيل يتجه نحو هذا اللون من النمو فهو سليم الفطرة سائر في الطريق الصحيح. وكل فرد أو جيل يثبت على درجة معينة من النمو ـ متخلفة ـ أو يتقدم ببعض جوانب نفسه ويتأخر ببعض، أو يفقد توازنه، فهو منحرف الفطرة في حاجة إلى علاج)( قطب، التطور والثبات في حياة البشرية، ص 146).
*** ***
أن الإنسان مخلوق من عنصرين هما المادة (التراب) والروح. وهما يحتاجان إلى ما يشبعهما، فالمادة تحتاج لحاجات الجسدية من غذاء وجنس وراحة وما يدخل فيها، وكذلك الروح تحتاج إلى إشباع عن طريق ما يأتي به الدين من عبادات وأخلاق.
*** ***
أن مصادر المعرفة للإنسان تبدأ بالحواس ثم العقل ثم الوحي، ويكون الوحي هو المعيار لما يقبل ويرفض من المصدرين السابقين.
*** ***
إن النفس الإنسانية لديها الاستعداد للخير والشر، ولكنها مفطورة على فطرة الخير المركوزة في الجبلة الإنسانية، ما لم يأتي ما يحرفها عن فطرتها من عوامل خارجية كالوالدين والشيطان ورفاق السوء.
*** ***
يركز الغربيون على الجوانب المادية للنفس الإنسانية واشباعها. و لا يعطون الجوانب الروحية حقها في الاشباع.
*** ***
يتميز العلماء المسلمون باعطاء النفس الإنسانية حقها في الاشباع الحيوي المادي، وكذلك الاشباع الروحي الذي لا بد لها منه حتى تستقر حياتها، ويحدث التوازن اللازم في تحقيق اشباع الجانبين المادي والروحي.
*** ***
يغفل العلماء الغربيون في تعاملهم مع النفس الإنسانية عن جوانب الآخرة وبركزون على الأمور الدنيوية.
*** ***
يحرص العلماء المسلمون على الجوانب الدنيوية في النفس الإنسانية لكنهم يؤكدون أهمية الجوانب الآخروية وضرورتها لحياة الإنسان.
*** ***
تبرز الغرائز الإنسانية الدنيا في طرح معظم الباحثين الغربيين، ويقل الاهتمام بالجوانب العليا في الإنسان.