سلسة عالم المعرفة العدد 156
الهدف الأول لهذا الكتاب هو أن أوضح للقارئ ما نعلم وما لا نعلم عن الفصام، وهو حالة ذهانية يعاني منها ثلاثة ملايين مواطن أمريكي وأكثر من أربعين مليونا من البشر وأملي أن أتمكن من توضيح طبيعة العالم الوهمي الذي يعيش فيه، الفصامي، والأبعاد المتعددة لأزمته، والكيفية التي يتكون بها نمط شخصيته الخاص، والتي يواجه بها مشكلاته النفسية الذاتية، واحتمالات الشفاء.
وقد أتاح نقص معارفنا- المثير للعجب- في هذا المجال الفرصة للمفاهيم الخاطئة وغير الدقيقة أن تظل في الأذهان، وللمخاوف أن تتزايد (بصورة مبالغ فيها)، كما أتاح للشعور بالتحامل أن يستمر، وجعل تقديم المساعدة يواجه بالإنكار أو يقبل بتردد وفتور. وأود أن أبين أن الفصامي، حتى قبل أن يتماثل للشفاء، يظل أكثر قربا منا بكثير من الصورة التي نراها في التليفزيون أو نقرأها في الأدب لشخصية المريض النفسي.
لكن ذلك الهدف الأول إنما يمهد للهدف الثاني والرئيسي لهذا الكتاب: وهو إرشاد الأسرة، والأصدقاء، وكل من يهمه الأمر إلى كيفية المشاركة في مهمة مساعدة المريض في أن يستعيد حالته السوية أو تتحسن حالته إلى حد معقول. فمن المهم أن نتعلم ما علينا أن نفعله في البداية، وما هي أنواع العلاج القائمة وكيفية الحصول عليها، وأية فائدة يمكن أن تتحقق من العلاج داخل المستشفى، وأهم من كل ذلك كيف نتعايش مع المريض يوما بيوم، وكيف نتحادث معه، وأية ترتيبات علينا أن نوفرها له.
ولقد ظل دور الأسرة كعامل مسبب للفصام، لسنوات طويلة، ينظر إليه نظرة خاصة، لا تخلو من تحيز، كما أن قدرة الأسرة على المشاركة في إعادة التكامل للمريض والمشاركة في عملية التأهيل ظلت موضع شك. وأنا أسعى في هذا الكتاب إلى إشاعة جو مختلف، وأكثر توافقا مع المعارف الحديثة. ولحسن الحظ لا تقف الأسرة وحدها في هذا المجال. فكما سنرى في هذا الكتاب: هناك الأطباء النفسيون، والإختصاصيون ومعاونوهم، وهناك المستشفيات النفسية، والبيوت الإنتقالية، وكثير من المؤسسات ومن الأفراد الذين لديهم استعداد للمشاركة في هذا العمل العظيم، وهم كثيرا ما يؤدون عملا ممتازا. أما بالنسبة للحالات المرضية التي لا
تستجيب للعلاج وتخلف لنا مشكلة خطيرة، فيمكننا القول بأن حدود مسئوليتنا تقف عند هذا الحد ولا يبقى أمامنا سوى الأسرة فليس هناك مكان آخر أو أفضل من الأسرة حيث تجدي النصائح والإرشادات وتلقى تقديرا كبيرا.
أما الهدف الثالث، فهو تقديم نظرة عامة للجهود الرائدة في مجال الوقاية من ذلك المرض، وسوف أبين في النهاية كيف أن مثل تلك الحالة العقلية المرضية يمكن أن تضيء لنا جوانب أخرى في فهمنا للحياة.
وكتابنا هذا لا يغطي بطبيعة الحال، كل تلك المجالات المتسعة، فقد تغاضيت عن موضوعات كثيرة لا تهم القارئ بصورة مباشرة. ويمكن للقارئ الذي يريد الإطلاع على مناقشة أعمق لموضوعات هذا الكتاب، أو على المزيد من الموضوعات المتصلة بها، أن يجد ذلك في كتابي " تفسير الفصام " أو في كتب أخرى كثيرة عالجت تلك المشكلة. وقد أوردت في هذا الكتاب كل وجهات النظر وأنواع العلاج الرئيسية. على أن القارئ سيتبين أيا من تلك الآراء أؤيد، وأيا منها أعطي أهمية أكبر. فاتخاذ موقف موضوعي بالكامل إزاء كل التفسيرات والعلاجات القائمة، يتطلب مني قدرا من التجرد يتناقض مع طريقتي في معالجة الفصام.
وسيلحظ كثير من القراء أن ثمة مسائل كثيرة بلا إجابة محددة وأقول لهؤلاء:
إن الفصام ليس شيئا شبيها بمرض الغدة النكفية أو الحصبة. وقصور معارفنا بصدد حالة تشتمل على كافة جوانب الوجود الإنساني ناشئ إلى حد كبير من حقيقة أنه لا نهاية لسر الحياة. لكن إذا كانت الرحلة بلا نهاية، فقدرتنا على الفهم، وعلى النمو، وعلى التقدم، هي أيضا بلا نهاية.
وأنا لا أعتبر نفسي المؤلف الوحيد لهذا الكتاب. إذ علي أن أنوه بأنني قد تعلمت الكثير من أعمال زملائي، ليس هذا فحسب، بل إنني أعتبر أن مرضاي العديدين، الذين منحوني ثقتهم وولاءهم، هم شركائي في تأليف هذا الكتاب، فلهم مني خالص الشكر. فقد امتدت بيننا أواصر الصداقة والرفقة التي تنشأ من المشاركة المتبادلة في الأفكار، والمشاعر، والابتكار، والاندهاش، والآمال.
التحميل
http://adf.ly/sgryJ
ميديافير
http://adf.ly/EcCT1
فورشيرد
http://adf.ly/EcCN5
عدل سابقا من قبل health psychologist في الثلاثاء أكتوبر 07, 2014 6:24 pm عدل 2 مرات
الهدف الأول لهذا الكتاب هو أن أوضح للقارئ ما نعلم وما لا نعلم عن الفصام، وهو حالة ذهانية يعاني منها ثلاثة ملايين مواطن أمريكي وأكثر من أربعين مليونا من البشر وأملي أن أتمكن من توضيح طبيعة العالم الوهمي الذي يعيش فيه، الفصامي، والأبعاد المتعددة لأزمته، والكيفية التي يتكون بها نمط شخصيته الخاص، والتي يواجه بها مشكلاته النفسية الذاتية، واحتمالات الشفاء.
وقد أتاح نقص معارفنا- المثير للعجب- في هذا المجال الفرصة للمفاهيم الخاطئة وغير الدقيقة أن تظل في الأذهان، وللمخاوف أن تتزايد (بصورة مبالغ فيها)، كما أتاح للشعور بالتحامل أن يستمر، وجعل تقديم المساعدة يواجه بالإنكار أو يقبل بتردد وفتور. وأود أن أبين أن الفصامي، حتى قبل أن يتماثل للشفاء، يظل أكثر قربا منا بكثير من الصورة التي نراها في التليفزيون أو نقرأها في الأدب لشخصية المريض النفسي.
لكن ذلك الهدف الأول إنما يمهد للهدف الثاني والرئيسي لهذا الكتاب: وهو إرشاد الأسرة، والأصدقاء، وكل من يهمه الأمر إلى كيفية المشاركة في مهمة مساعدة المريض في أن يستعيد حالته السوية أو تتحسن حالته إلى حد معقول. فمن المهم أن نتعلم ما علينا أن نفعله في البداية، وما هي أنواع العلاج القائمة وكيفية الحصول عليها، وأية فائدة يمكن أن تتحقق من العلاج داخل المستشفى، وأهم من كل ذلك كيف نتعايش مع المريض يوما بيوم، وكيف نتحادث معه، وأية ترتيبات علينا أن نوفرها له.
ولقد ظل دور الأسرة كعامل مسبب للفصام، لسنوات طويلة، ينظر إليه نظرة خاصة، لا تخلو من تحيز، كما أن قدرة الأسرة على المشاركة في إعادة التكامل للمريض والمشاركة في عملية التأهيل ظلت موضع شك. وأنا أسعى في هذا الكتاب إلى إشاعة جو مختلف، وأكثر توافقا مع المعارف الحديثة. ولحسن الحظ لا تقف الأسرة وحدها في هذا المجال. فكما سنرى في هذا الكتاب: هناك الأطباء النفسيون، والإختصاصيون ومعاونوهم، وهناك المستشفيات النفسية، والبيوت الإنتقالية، وكثير من المؤسسات ومن الأفراد الذين لديهم استعداد للمشاركة في هذا العمل العظيم، وهم كثيرا ما يؤدون عملا ممتازا. أما بالنسبة للحالات المرضية التي لا
تستجيب للعلاج وتخلف لنا مشكلة خطيرة، فيمكننا القول بأن حدود مسئوليتنا تقف عند هذا الحد ولا يبقى أمامنا سوى الأسرة فليس هناك مكان آخر أو أفضل من الأسرة حيث تجدي النصائح والإرشادات وتلقى تقديرا كبيرا.
أما الهدف الثالث، فهو تقديم نظرة عامة للجهود الرائدة في مجال الوقاية من ذلك المرض، وسوف أبين في النهاية كيف أن مثل تلك الحالة العقلية المرضية يمكن أن تضيء لنا جوانب أخرى في فهمنا للحياة.
وكتابنا هذا لا يغطي بطبيعة الحال، كل تلك المجالات المتسعة، فقد تغاضيت عن موضوعات كثيرة لا تهم القارئ بصورة مباشرة. ويمكن للقارئ الذي يريد الإطلاع على مناقشة أعمق لموضوعات هذا الكتاب، أو على المزيد من الموضوعات المتصلة بها، أن يجد ذلك في كتابي " تفسير الفصام " أو في كتب أخرى كثيرة عالجت تلك المشكلة. وقد أوردت في هذا الكتاب كل وجهات النظر وأنواع العلاج الرئيسية. على أن القارئ سيتبين أيا من تلك الآراء أؤيد، وأيا منها أعطي أهمية أكبر. فاتخاذ موقف موضوعي بالكامل إزاء كل التفسيرات والعلاجات القائمة، يتطلب مني قدرا من التجرد يتناقض مع طريقتي في معالجة الفصام.
وسيلحظ كثير من القراء أن ثمة مسائل كثيرة بلا إجابة محددة وأقول لهؤلاء:
إن الفصام ليس شيئا شبيها بمرض الغدة النكفية أو الحصبة. وقصور معارفنا بصدد حالة تشتمل على كافة جوانب الوجود الإنساني ناشئ إلى حد كبير من حقيقة أنه لا نهاية لسر الحياة. لكن إذا كانت الرحلة بلا نهاية، فقدرتنا على الفهم، وعلى النمو، وعلى التقدم، هي أيضا بلا نهاية.
وأنا لا أعتبر نفسي المؤلف الوحيد لهذا الكتاب. إذ علي أن أنوه بأنني قد تعلمت الكثير من أعمال زملائي، ليس هذا فحسب، بل إنني أعتبر أن مرضاي العديدين، الذين منحوني ثقتهم وولاءهم، هم شركائي في تأليف هذا الكتاب، فلهم مني خالص الشكر. فقد امتدت بيننا أواصر الصداقة والرفقة التي تنشأ من المشاركة المتبادلة في الأفكار، والمشاعر، والابتكار، والاندهاش، والآمال.
التحميل
http://adf.ly/sgryJ
ميديافير
http://adf.ly/EcCT1
فورشيرد
http://adf.ly/EcCN5
عدل سابقا من قبل health psychologist في الثلاثاء أكتوبر 07, 2014 6:24 pm عدل 2 مرات