مقدمة:
إن ظهور التحليل النفسى فى العقد الأول من القرن العشرين ،كان نتيجة و إستجابة
حتمية لما تطلبتة الممارسة الطبية المعاصرة.
لقد إصطدم الأطباء فى عوارض مرضية لم تكن معروفة ،ولم تكن لتعالج بوسائل الطب
المعروفة والمعهودة أنذاك.هذة العوارض إضطراب الأطباء للبحث عنوسائل أخرى لمساعدة
هؤلاء المرضاء .وهنا كانت بدايات البحث والعمل فى هذا المجال.
فى بداية الأمر لم يزد التحليل النفسى عن أن يكون أكثر من أسلوب خاص لعلاج العصاب
،الذى إستخدم بدلا من التنويم الذى شاع إستعمالة فى ذلك الوقت مع المرضى فى المستشفيات
ولا سيما الأقسام الداخلية.
لقد تطور التحليل بإستمرارية جعلتة أن يصبح أساسا لمنطلق جديد فى مجال علم
النفس.لكن إستخدامة لم ينحصر فقط على على حل المشاكل الطبية النفسية فحسب بل إمتد
لمعالجة المشاكل والتعقيدات التى تجابة المجتمعات ودينامكيتها المختلفة ،لقد أحرز التحليل
النفسى منذ بروزة تقدما لا يستهان بة وأثر تأثيرا مباشرا على الحياة الإجتماعية ،وعلاقة الأفراد
مع بعض وعلاقتهم مع باقى أفراد المحيط والثقافة التى يعيشون فى ظلالها.
بعد عمل جاد وأبحاث مضنية توصل فرويد إلى النتيجة التالية ،إن سبب نشوء العصاب
هو الصراع الحاد بين غرائز الإنسان الطبيعية وبين المجتمع .
فرويد اكد بأن الدوافع الجنسية والعدوانية المتأصلة فى طبيعة الإنسان ،فى صراع دائم
بين الرغبة فى الإشباع وضروريتة الإجتماعية والتناقض مع القيم والمقتضيات الأخلاقية والتقاليد
فى كل مجتمع .
فرويد إختزل السبب الرئيسى فى ظهور وإنتشار الأمراض العصبية ،بالقمع الذى تفرضة
الأخلاق والقواعد الإجتماعية وكبحها للغرائز الجنسية بصور شتى ووسائل مختلفة ،ضميرية
وبدنية.
كما نلاحظ فإن نظرية فرويد تتميز بطابعها النفسى البيولوجى الواضح
،والذى يرتكز على الغرائز.هذة النظريات أثارت ضغينة علماء الإجتماع ،خاصة
هؤلاء الذين يعتقدون بأن فرويد لم يعط المجتمع الأهمية الكافية على صقل شخصية الفرد
وتصرفاتة المقبولة والمنحرفة .فرويد إكتفى بالنتيجة بأن الحياة الإجتماعية هى صراع دائم بين
الخير والشر وبين الغريزة والأخلاق الذى ينتهى.
فرويد يعتقد بأن المجتمع المثالى هو الذى يخلوا من الضغوط على الفرد والذى يهيئ
ويضمن مجالا حرا واسعا لإشباع الغريزة .ولكن وبما أن الغرائز متناقضة بطبيعتها مع النظام
الإجتماعى ،فسيبقى العنف والقسر هو الأساس الحتمى ،لأى مجتمع مهما كانت الظروف التى
لقد حاول فرويد لإثبات صحة نظريتة.بتطبيق النتائج التى توصل إليها من تحليل
سلوك أفراد من المرضى ،على الفروق الأجتماعية المختلفة وعلى شعوب بأكملها دون أن يفرق
بين السوى والمريض .وهناك السؤال عن صحة هذا التعميم.
حسب إعتقادى إنه لمن الصعب التعامل مع التحليل النفسى دون مراعاه البيئة و
الثقافة التى نشأ و ترعرع فيها المريض. إن موطن هذا العلم هو أوروبا حيث أكتشف و
تطور لمعالجه مرضى عصابين،هم نتاج هذه الثقافة و الصراع و الضغوط النفسيه الناتجة عن
ذلك،هذا يعنى بأن علم النفس الذى يراد التعامل معه بالشرق يجب أن يكون ملائما للحياة
هناك ، والأخذ بعين الإعتبار الظروف الإجتماعية الثقافية لهذه المجتمعات.
لم يكن لعلم النفس التحليلى فى التقاليد الشرقية و العلمية حتى عشرينات القرن الماضى
مكانة تستحق الذكر .
من بدأوا بالإهتمام به كانوا أفراد قلائل ، بدأوا تدريبهم فى بلاد التحليل وبعد عودتهم
مارسوا البحوث المتواضعة،وتطبيق ما حصلوا عليه من التجارب، وتأليف و ترجمة بعض الكتب
و المقالات.
٢٠ )،وتطوره بطئ، - حتى أيامنا هذه بقى عدد المحللين فى العالم العربى محدود ( ١٥
لأسباب عديدة وأهمها الفكرة الخاطئة عن هذا العلم و كيفية التعامل معه.
إن ما ألف وترجم حتى الأن وفى أكثر الأحيان لم تكن تلبى متطلبات
القارئ أحيانا لتفاهة الموضوع الذى ترجموه أو لسوء الترجمة ،فالمترجمون لم يكونوا مهنيون
،وهذا دفعهم للترجمة الحرفية أى ترجمة الكلمة، ففهم القارئ الكلمة ولم يفهم المحتوى .لقد
إصطدمت أكثر من مرة بصعوبة الفهم على قراءتى لبعض المقالات المترجمة .وإضطررت أحيانا
ان اعود الى اللغة الأصلية حتى أفهم ما قرأتة بالعربية .
الذى كتبها » خمس محاضرات فى التحليل النفسى » الدكتورة نيفين زيور قامت بترجمة
فرويد
خلال القراءة لما ترجمتة الدكتورة نيفين شعرت بالإرتياح والطمأنينة،بأن هنالك فى العالم
العربى ليس فقط من يترجم وإنما من يفهم ما ترجمة ،نجحت المحللة المصرية والمدرسة
فى جامعة عين شمس بلغتها السلسة والشفافية العالية ،أن تنظم لقاءا بين المؤلف والمترجم
والقارئ على صفحات ما ترجمتة، أظهرت بذلك كفاءة الأستاذة المُجربة التى ترجمت المحتوى
وبهذا سهلت على القارئ فهم و إستيعاب ما يُقرأ .
لقد أضافت الدكتورة نيفين زيور بترجمتها للمحاضرات الخمس حجراَ فى بناء قاعدة
الأسس الضرورية لتطوير هذا العلم فى مصر ونجحت بذلك خير نجاح .