مدخل
لكل مجتمع قيمه الخلقية التي اتفق أفراده على صحتها وعلى ضرورة تطبيقها والالتزام
بها، ولضمان ذلك فقد وضعت قوانين خاصة تحكم أسلوب التطبيق وتعاقب الخارجين على
هذه القيم، كما أن في كل مجتمع أع رافا وتقاليد يلتزم الأفراد بتطبيقها دونما حاجة إلى القانون
وقوته، وهذه القيم والأعراف والتقاليد يتعلمها الفرد منذ نعومة أظفاره، فهو يستدخلها
ويستدمجها باستمرار، ثم يقوم بتعميمها على حالات مشابهة، وهكذا تنتظم لديه الصورة
القيمية والخلقية في مجتمعه بشكل تراكمي وعن طريق التعديل والتحوير لكل سلوك لا
ينسجم وهذه القيم والأعراف.
والطفل عند ولادته لا يمتلك أي معيار قيمي أو أخلاقي خاص به؛ لأنه لا يدرك مفاهيم
الجماعة ولا يفهم اعتبارات الصواب والخطأ، لكنه ما يلبث أن يتعلم هذه المفاهيم من خلال
العلاقات الاجتماعية داخل أسرته، وبالذات من خلال ارتباطه بوالديه، وعليه يمكننا أن نقول: إن
اللبنات الأولى للبناء الخلقي هي تلك التي يرسيها الوالدان، وبعد أن يتعلم المشي والكلام
وينطلق من بيئته الصغيرة هذه (الأسرة) إلى البيئة الأكبر، ويتصل بجماعة الأقران ويتعلم
معاييرهم فإنه يبدأ بمطابقة سلوكه مع هذه المعايير رغبة منه في تقييم سلوكه وفقا لهذه
المعايير، وعندما يصل إلى المراهقة فإن المجتمع يبدأ بمطالبته لكي يكون ذا سلوك منسجم
ومتطابق مع النظم السائدة في المجتمع، ويترافق مع ذلك شعور ذاتي من قبل هذا المراهق
بالمسئولية التي تحتم عليه أن يأخذ بنظر الاعتبار مصلحة الجماعة أولا، ومن ثم رغباته
الشخصية ثانيا.
إن ما يجب التأكيد عليه هنا- وللمرة الثانية، وبشدة - هو دور الأسرة، ذلك أن السلوك
الخلقي لا يأتي من فراغ بل هو سلوك تقمصي في بداياته، فالطفل يتشرب سلوك والديه كما هو،
صحيحا كان أو غير صحيح، فالوالدان بالنسبة له أنموذج وقدوة يقتبس سلوكهما ويتفاعل معه
ويتعلمه ويطبقه، وهذا الأمر يقودنا إلى مسألة
- 8 -
أخرى مهمة أيضا، لابد من التنبيه إليها والتذكير بها، تلك هي العلاقة بين الوالدين مع
بعضهما من جهة، والعلاقة بين الوالدين والطفل من جهة ثانية، فالأسر المتصدعة والمفككة لا
يمكن أن تشيع فيها القيم الخلقية الإيجابية، كما أن الأسر التي تعيش برودا عاطفيا، لاسيما بين
الوالدين والأطفال؛ فإن المتوقع أيضا أن تكون نتائج عملية التقمص سلبية لدى الأبناء، ويمكن
أن نضيف نموذجا سلبيا آخر يكثر شيوعه بين الأسر، ذلك هو النموذج الدكتاتوري أو الوالد
الذي يكون قدوة سيئة لأبنائه، بينما الأسر التي يشيع فيها Authoritarian Parent التسلطي
نجدها تساعد على التقمص Permissiveness وروح التسامح Warmth الدفء العاطفي
الإيجابي الشديد الذي يجعل الطفل مقلدا ومبادرا بشكل يجعله مطمئنا للاحتفاظ بحب والديه
والرضا عنه كلما أدى دوره التقمصي بالشكل المرغوب لديهم.
مفاهيم عامة
قبل الدخول في موضوعات هذا الكتاب لابد من رصد لبعض المصطلحات والمفاهيم التي
سترد في فصوله؛ بغية تسهيل عملية الفهم على القارئ:
: Moral development * النمو الخلقي
هو مظهر من مظاهر التطبيع الاجتماعي يتعلم من خلاله الطفل الكيفية التي يساير بها
توقعات المجتمع والثقافة المحيطة به من خلال تمثله لمعايير الحكم الخلقي باعتبارها نموذجا
لنظامه القيمي الشخصي.
: Moral judgment * الحكم الخلقي
السلوك الذي يبديه الفرد إزاء موقف معين بحيث يتطابق هذا السلوك مع قيم الجماعة
وتقاليدها وأعرافها وعاداتها.
: Moral concepts * المفاهيم الخلقية
هي القواعد السلوكية السائدة لدى مجتمع أو حضارة معينة تحدد سلوك أفراد ذلك
المجتمع.
: Moral standars * المعايير الخلقية
هي القواعد والمبادئ العليا التي يقاس وفقها السلوك الخلقي والإنساني للفرد والمجتمع.
: Moral codes * الأعراف الخلقية
مجموعة القواعد والأعراف الخلقية التي اتفق على صلاحيتها ومشروعيتها أفراد مجتمع
ما، وأصبحت بالنسبة لهم قواعد صحيحة ومقرة ويجب العمل بموجبها.
- 10 -
: Moral values * القيم الخلقية
نسق من القواعد الخلقية تم امتصاصها واستيعابها من قبل الفرد؛ بحيث أصبحت رقيبا
داخليا يمنعه من ارتكاب الأخطاء الخلقية مهما كانت الإغراءات التي تدفعه إلى ذلك حتى عند
غياب السلطة الخارجية الضابطة للسلوك والمعاقبة عليه.
. Moral sense * الحس الخلقي
. Moral aptitude * الاستعداد الخلقي
. Moral faculty * الملكة الخلقية
مفاهيم مترادفة تشير إلى قدرة الفرد على التمييز بين ما هو خاطئ وما هو صواب،
وذلك باستخدام المعايير الاجتماعية السائدة كمحكات يقيس عليها السلوك المعني ومن ثم
إصدار الحكم وفقا لذلك.
: Moral realism * الواقعية الأخلاقية
يعني هذا المفهوم أن أخلاقية الفعل هي شيء كامن في الفعل نفسه؛ ولذلك فمن السهل
أن تدرك هذه الأخلاقية كواقع موضوعي.
: Moral Thinking * التفكير الخلقي
تطبيق عمليات الفكر العادي على مجال معين من مجالات الحياة، وهذا يرتبط بالطبع
بالنمو العقلي للطفل كما يتطلب تنمية المفاهيم بحيث تكون دائما محور اهتمام التربية
الخلقية.
: Moral understanding * الفهم الخلقي
دليل السلوك الخلقي ومتطلب أساسي من متطلباته يساعد الفرد على أن يسلك وفقا لمبدأ
أو نموذج أو قاعدة خلقية معينة.
: Moral situation * الموقف الخلقي
هو الموقف الذي يجعل للقيم الخلقية معنى أو دلالة في ضوء واقع الحياة؛ حيث
تتبلور الشخصية الخلقية وتنمو من خلال السلوك الفعلي، أي: من خلال الخبرة بالمواقف
الحقيقية والمرتبطة والتي تمكن الطفل من تعلمها وتطبيقها.
: Moral self * الذات الخلقية
التي تعد مصدر الحس بالالتزام ،Ego ideal ويمكن أن نطلق عليها أيضا الأنا المثالية
الخلقي، وهي التي ترفع الإنسان فوق مصاف الحيوان وتمنحه نقد الذات بما نطلق عليه
(بالضمير) وكذلك ضبط النفس بما نطلق عليه (بالإرادة).
: Moral crisis * الأزمة الخلقية
انهيار الإرادة الخلقية لدى الفرد وفقدانه للروح المعنوية التي تجعل تمسكه بمبادئه
والعمل بوحي منها أمر صعب، كما أنه يصبح عاجزا عن تطبيق مثله الخلقية في مواقف معينة.
: Premorality * ما قبل الأخلاق
مرحلة السلوك الغريزي الذي لا يتقيد ب أية قيم أو مبادئ خلقية وإنما تتمثل محدداته
وضوابطه باللذة وتجنب الألم.
: Moral Scruple * التزمت الخلقي
فرط التشدد على النفس في الأحكام الخلقية، وهذا التشدد إذا ما تفاقم فقد يصبح عرضا
من أعراض الاضطراب النفسي.
: Absolute Morality * الخلقية المطلقة
ا لأخلاقية المعتقد أن قواعدها أزلية ومطلقة وليست نسبية ولا متغيرة مع تبدل المكان
وتغير الزمان.
: Moral Conscience * الضمير الخلقي
هو مجموعة القيم والمعايير والمعتقدات والمبادئ الخلقية التي يستخدمها الفرد في الحكم
على دوافعه وسلوكه والتي يهتدي بها في تفك يره
التحميل
http://raboninco.com/171OT
او
http://raboninco.com/171N5
او
%D9 - 6.4 MB