إعداد
د. بدر محمد الأنصارى
قسم علم النفس - كلية الآداب
جامعة الكويت
مايو 1997
The psychometric Properties of NEO Five-Factor Inventory
(NEO-FFI- S) based on the Kuwaiti Society.
ABSTRACT
The last two decades have witnessed an increase in interes in five model factors of personality. There is now good evidence to suggest that the five model factors ( Neuroticism, Extraversion, openness, Agreeableness, and conscientiousness) constitute a paradigm for the description of personality, because they do not only emerge at the descriptive level from large numbers of investigations but also linkup with a number of theories implying causal influences. Therefore the aim of the present project is to test its psychometric properties version of the NEO Five-Factor inventory (NEO-FFI-S) (Costa & McCrae, 1992) in Kuwait Society . The (NEO-FFI-S) conducted on three different applicant Samples (one consisting of 200 subjects, the second consisting of 1005 subjects and the third consisting of 2584 subjects ) on reported. Evidence was found that the (NE0-FFI -S) is not valid and reliable csale to assess the Five-Factor model of personality. Implications point to the need to reconsider the Factorial Structure of the (NEO-FFI-S).
مدى كفاءة قائمة العوامل
الخمسة الكبرى للشخصية على المجتمع الكويتى
ملخص :
تزايد الاهتمام حديثا بقياس العوامل الخمسة الكبرى للشخصية ، ولقد حظيت قائمة العوامل الخمسة الكبرى للشخصية NEO-FFI من إعداد " كوستا ، ماكرى " عام 1992 باهتمام عالمى كبير ، حيث ترجمت إلى عدة لغات مختلفة ، وبذلك أصبحت خلال السنوات الأخيرة واحدة من أكثر الأدوات استخداما لفحص العوامل الخمسة الكبرى للشخصية . ولم تحظ هذه القائمة باهتمام فى الوطن العربي ، ومن ثم هدفت هذه الدراسة إلى فحص الكفاءة السيكومترية للقائمة على المجتمع الكويتى ووضع معايير لها تناسب أفراد هذا المجتمع . وقد مر تقنين هذه القائمة بمراحل عديدة ، وتشتمل القائمة فى صورتها النهائية على 60عبارة . يجاب عن كل منها على أساس خمسة بدائل ، وتقيس القائمة خمسة عوامل للشخصية: العصابية، والانبساط ، والتفتح ، والطيبة ، ويقظة الضمير ، بحيث يقاس كل عامل باثنى عشر بندا . وتتفاوت معاملات ثبات المقاييس الفرعية للقائمة بين مرتفع ومنخفض بطريقة معامل ألفا وطريقة القسمة النصفيه حيث كانت معاملات الثبات مقبولة لمقياسي العصابية ويقظة الضمير فقط ، كما أيضا كشف التركيب العاملى للقائمة عن تركيب غير بسيط لدى ثلاث مجموعات مستقلة حيث أسفر التحليل العاملى عن استخلاص 20 عاملا لعينة قوامها (200) من الشباب الجامعى ، و16 عاملا لعينة قوامها (1005) من الشباب الجامعى و11 عاملا لعينة قوامها (2584) من الشباب الجامعى والموظفين . وبذلك تقدم نتائج هذه الدراسة نتيجة مختلفة عن الدراسات السابقة تبرهن عدم قابلية العوامل الخمسة للتكرار عبر ثقافة شرقية ، كما أن قائمة العوامل الخمسة الكبرى للشخصية غير صالحة من الناحية السيكومترية للاستخدام فى المجتمع الكويتى .
مدى كفاءة قائمة العوامل
الخمسة الكبرى للشخصية على المجتمع الكويتى *
مقدمة :
نشأ فى العقدين الثاني والثالث من هذا القرن خط متسق من الدراسات فى مجال الشخصية ، وتركز الهدف منه حول التوصل إلى أسماء السمات من خلال البحث فى معاجم اللغة، إذ تشتمل المعاجم اللغوية على أسماء وصفات وأفعال يستخدمها الأفراد الذين يتكلمون ويكتبون بهذه اللغة . وهذا المنحى النفـسي اللغوى المعجمى Psycholexical له أهميته وجدارته ، فهذه السمات أو الصفات تشير إلى أشـــكال محددة من السلوك ، ولــــذا فــإن هــــذه " الرموز اللغوية " ذات علاقة وثيقة بالوحدات البنائية التى تكمن وراء الشخصية ، إذ تشير أسماء السمات هذه إلى تراكيب نفسية حقيقية ، ومن ثم فإن الرابطة متينة بين المفردات اللغوية والحقائق السيكولوجية. ويكفى أن وصف تركيب الشخصية يكون فى النهاية فى قالب لغوى(5). ونعرض فيما يلى لطرف من هذه البحوث النفسية المعجمية فى مجال الشخصية .
لقد أيقن علماء نفس الشخصية بالحاجة الماسة إلى نموذج وصفى أو تصنيف يشكل الأبعاد أو العوامل الأساسية للشخصية عن طريق تجميع السمات المرتبطة معا ، وتصنيفها أو إدراجها تحت بعد أو عامل مستقل يمكن تعميمه عبر مختلف الأفراد والثقافات . ومن هنا بدأ كل من " كلاجس " ( 3 ) ، و " بومجارتين " ( 12 ) ، و"أولبورت " ، و " أودبيرت (8) بالبحث فى معاجم اللغة للتوصل إلى صفات أو سمات تشير إلى السلوك لدى أفراد من البشر ، إلا أن دراسة "أولبورت، وأودبيرت " تعد من أبرز الدراسات فى هذا المجال ، وذلك لأن قائمة "أولبورت،أودبيرت " حظيت باهتمام كبير ، وكان من أوائل من اعتمد عليها "كاتل" ثم تلاه "نورمان" ( انظر : 5). ثم قام " كاتل " ( 17 ) بمراجعة " قائمة "أولبورت "، و" أودبيرت " بهدف خفض هذه القائمة من (000ر18سمة ) تقريبا إلى عدد أقل ، فأوصلها إلى (160) اسما من أسماء السمات بحذف المترادفات الواضحة ، ثم أضاف إليها (11) سمة أخرى اعتقد أنها مهمة ، وبعد ذلك استخدم قائمة السمات هذه والتى ضمت (171بندا) ، وباستخدام إسلوب الــتحليل العاملــى توصل إلى تحديد اثنى عشر عاملا أساسيا فى دراساته التـىاستخدمت مقاييس
________________________________________________________________
* تم انجاز هذا البحث بتمويل من إدارة الابحاث بجامعة الكويت تحت رقم AP0 30
تقديـــر السمات ، وإلى ستة عشر عاملا اساسيا ( الانطلاق ، والذكاء ، وقوة الأنا ، والسيطرة ، والاستبشار ، وقوة الأنا الأعلى ، والمغامرة ، والطراوة ، والتوجس ، والاستقلال، والدهاء ، والاستهداف للذنب ، والتحرر ، والاكتفاء الذاتي ، والتحكم الذاتي فى العواطف ، وضغط الدوافع)، وذلك فى دراساته التى استخدمت الاستخبارات . ولكن الدراسات اللاحقة التى أعادت تحليل مصفوفات الارتباط لكاتل برهنت على عدم إمكان استخراج عوامل كاتل الستة عشر (32)، وذلـــك لأسبــــــاب مختلفة مــن بينها بعض الأخطاء الكتابية أو أخطاء النسخ وغير ذلك ( انظر: بدر الانصارى ، تحت النشر ).
توصل " فيسك " ( 30 ) إلى استخراج خمسة عوامل للشخصية عن طريق التحليل العاملى لقائمة " كاتل " ، وذلك باستخدام منهج يجمع بين طرق التقدير الذاتي وتقدير المحكمين لعينة قوامها 128 فردا . كمـا توصل كل من " تيوبس " ، وكريستال" ( 43 ) عن طريق التحليل العاملى لقائمة كاتل إلى خمسة عوامل للشخصية ، أطلقا على العامل الأول اسم : الانبساط أو الاستبشار Surgency ، والثاني : الطيبة Agreeableness ، والثالث : الاتكالية Dependability ، والرابع : الاتزان الانفعالي Emotional Stability ، والخامس: التحضر Culture ( لمزيد من التفاصيل انظر: 34) .
كما قام " نورمان " ( 40) بإجراء التحليل العاملى لقائمة الصفات التى وضعها أخيراً ، ثم توصل إلى عزل خمسة ابعاد أساسية للشخصية : الانبساط ، والطيبة، ويقظة الضمير ، والعصابية ، والتفتح ( أحمد عبد الخالق ، وبدر الانصارى 1996).
أطلق " جولدبيرج " ( 31 ) على هذه الأبعاد ، العوامل الخمسة الكبرى The Big Five Factors ، إذ أكد أن كل عامل منها عبارة عن عامل مستقل تماما عن العوامل الأخرى ، بحيث يلخص هذا العامل مجموعة كبيرة من سمات الشخصية المميزة ، وقد يعكس ترقيم العوامل من واحــــد إلــــى خمسة اتفــــاق الباحــــثين على ظهور العــــوامل الخمسة فى دراساتهم الواقعية ( الامبيريقية) . فيندرج تحت العاملين الأول والثاني السمات ذات الطابع التفاعلى، فى حين يصف العامل الثالث المطالب السلوكية والتحكم فى الدوافع . وكان العاملان الأخيران أصغر العوامل من ناحية عدد السمات المندرجة تحتهما ، فقد تكون العامل الرابع من السمات المرتبطة بالاتزان الانفعالي كالهدوء والثقة مقابل العصبية والتوتر والمزاج المتقلب والنزعة إلى القلق والحزن ، ويصف العامل الخامس التكوين العقلى للفرد ، ومدى عمقه ونوعيته بالإضافة إلى الخبرة الذاتية .
بعد ذلك توصل مجموعة من الباحثين إلى عزل خمسة عوامل أساسية فى الشخصية عن طريق التحليل العاملى لمجموعة من المتغيرات النفسية (الصفات) غير المرتبطة مباشرة بقائمة كاتل (15،20،21، 22،41) ( لمزيد من التفاصيل انظر: 34 ).
ثم أجرى " جولدبيرج " ( 31 ) بعد ذلك فى وقت أحدث دراسة استخدم فيها قائمة " نورمان " المنقحة والأخيرة ، والتى تضم حوالى 431ر1 صفة ، وطبقت على عينة من طلاب الكليات (ن=187) ، ومن خلال التقدير الذاتي وتقدير المحكمين وباستخدام طرق مختلفة من التحليل العاملي استطاع " جولدبيرج " عزل مايقرب من ثلاثة عشر عاملا ، بحيث كان تشكيل العوامل الخمسة الأولى وترتيبها مطابقا للعوامل الخمسة الكبرى التى توصل إليها " نورمان " .
وبعد ذلك قام " كوستا ، وماكرى " (22) ببناء مقياس جديد لقياس العوامل الخمسة الكبرى للشخصية فى عام 1985 وهى : العصابية والانبساط والتفتح Openness والطيبة Agreeableness ويقظة الضمير Conscientiousness ، وأطلقا على المقياس الجديد اسم استخبار الشخصية المنقح للعصابية والانبساطية والتفتح The Revised Neuroticism, Extraversion and Openness Personality Inventory ( NEO - PL -R ) والذى يتكون من 181 بندا ، تم استخراجها عن طريق التحليل العاملى لوعاء بنود مشتق من عديد من استخبارات الشخصية ( انظر: 21 ) كما قام أيضا " كوستا ، وماكرى" (22) بتطوير قائمة من الصفات التى تقيس العوامل الخمسة الكبرى للشخصية . والتى اشتقت أساسا من قائمة "جولدبيرج " عام 1983 للصفات ثنائية القطب ، وتتكون من أربعين صفة ، أضافا إليها ضعف هذا العدد من الصفات ، فأصبحت القائمة المعدلة تحتوى على ثمانين صفة، حيث استخرجا من هذه القائمة العوامل الخمسة الكبرى للشخصية ، وذلك من خلال طرق التقدير الذاتي وتقدير الملاحظين (23) . ثم نشر "كوستا، وماكرى " بعد ذلك( 24 ) قائمة العوامل الخمسة (NEO-FEI-5) فى أصلها الإنجليزى عام 1989 ، ثم صدرت الصيغة الثانية لنفس القائمة عام 1992 (27 ) . ومن هنا تكمن أهمية إضافة " كوستا ، وماكرى " لنموذج العوامل الخمسة الكبرى فى تطويرهما لأداة قياس موضوعية تقيس العوامل الأساسية الكبرى للشخصية بواسطة مجموعة من البنود ، بحيث تختلف طريقتهما عن مناهج الدراسات الأخرى التى اعتمدت أساسا على منهج المفردات اللغوية المشتقة من معاجم اللغة ( 5).
ثم أجرى " جون " ( 33 ) دراسة على الراشدين ( ن= 280) مستخدما طريقة تقدير الملاحظين ، حيث قام بعزل (112صفة ) والتى تشكل بدورها النموذج الأصلى للعوامل الخمسة الكبرى ، ثم وضعها فى قائمة خاصة ، وقدمها لعشرة من الملاحظين ممن يعملون فى معهد بحوث الشخصية وتقييمها فى كاليفورنيا، وطلب منهم تقدير عينة الدراسة ( 140 رجلا ، 140 امرأة ) على قائمة الصفات هذه ، وذلك من خلال ملاحظتهم الفعلية لسلوك أفراد هذه العينة لفترة تزيد على ثلاثة أعوام. وبعد أن استخدم طريقة التجميع Aggregation لتقديرات الملاحظين للمفحوصين على قائمة الصفات (112 صفة) ، قام "جون" بتحليل عاملى لمصفوفة معاملات الارتباط بين تقديرات الملاحظين، وأسفر هذا التحليل عن عزل خمسة عوامل كبرى للشخصية شبيهة بالعوامل الخمسة الكبرى التى توصل لها كل من "كوستا ، وماكرى "(21،22).
قام "ديجمان " (29 ) بفحص تحليلى لست دراسات إمبيريقية اعتمدت فى منهجها على استخبار "كاتل " وقائمة " فيسك " ، وذلك عن طريق تجميع تقديرات الملاحظين عن الأفراد أو المفحوصين دون تحديد ، سواء أكان تقدير المعلمين لتلاميذهم ، أم تقدير المشرفين للعمال ، أم تقدير التلاميذ لزملائهم ، أم تقدير المعالجين لمرضاهم ، أم تقدير الخبراء لزملائهم فى المهنة . وتوصل "ديجمان " إلى النتائج نفسها ، وهى عزل خمسة أبعاد كبرى فى الشخصية شبيهة بالعوامل التى توصل إليها " كوستا ، ماكرى (21،22 ).
قام عدد من الباحثين بعد ذلك بالتحقق من العوامل الخمسة الكبرى للشخصية عبر الحضارات واللغات المختلفة ، حيث كانت جميع الدراسات حتى وقت قريب مقصورة على العينات التى تتحدث اللغة الانجليزية ، وتعيش فى الثقافة الأمريكية فقط ، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى تعميم هذه العوامل الخمسة الكبرى على لغات وثقافات أخرى ، فقام "بوند" ومساعدوه ( 14 ) بترجمة قائمة " نورمان " ( 39 ) التى تحتوى على عشرين مقياسا فرعيا إلى اللغتين اليابانية والصينية ، وتوصلوا إلى استخراج خمسة عوامل كبرى فى الشخصية تطابق العوامل الخمسة التي توصل لها " نورمان " على العينات الأمريكية . في حين لم يتمكن " وايت " (44) من استخراج العوامل الخمسة الكبرى في الشخصية في دراسته على عينات من الهند ومن أيــسلندا باستخدام قائمة " نورمان " ذاتها .
ومن ناحية أخرى برهنت دراسة " أميلانج ، بوركينو" ( 9) على ظهور خمسة عوامل كبرى في الشخصية بالتحليل العاملى لنموذج جاكسون للبحث في الشخصية Jackson PRF على عينة من طلاب الجامعات الألمانية . كما برهنت الدراسات الأخرى التي أجريت في الثقافة الألمانية على ظهور العوامل الخمسة الكبرى للشخصية ، والتي استخدمت مختلف مناهج البحث لوصف الشخصية ، ومنها المفردات اللغوية من المعاجم أو عن طريق ترجمة بعض الصفات من اللغة الإنجليزية إلى الألمانية (5) .
وفي دراسة أخرى(19 ) استخدمت المنهج المتبع في دراسة " شابلن ، جون " السابق الإشارة إليها على عينة فلبينية ( ن = 867 ) من طلبة الكليات الأكاديمية في الفلبين ، استخرجت خمسة عوامل كبرى في الشخصية بوساطة التحليل العاملى للصفات التي تم جمعها عن طريق الوصف الذاتي الحر للمفحوصين ، بحيث تطابقت هذه العوامل الخمسة الكبرى مع عدد من الدراسات السابقة ( أنظر: 31، 41 ) .
وكشفت دراسة " شيونج وزملائه " ( 18) التي أجريت على عينة من الصين من الراشدين بهدف المقارنة الحضارية بين شخصية كل من سكان كل من : هونج كونج و تايوان وبكين والصينيين من ذوي الجنسية الأمريكية على قائمة سمات الشخصية المتعددة (MTPI) من إعداد " باس، ووفن" ( 16) ، وباستخدام منهج التحليل العاملى والتدوير المائل بطريقة " البروماكس " تم استخراج خمسة عوامل ثنائية القطب للأربع مجموعات ،هي :عامل الاجتماعية في مقابل الانعزال ، وعامل الذاتية في مقابل الغيرية ، وعامل المطاوعة في مقابل عدم المطاوعة ، وعامل الاستقرار أو الاتزان في مقابل عدم الاتزان أو التقلب ، وعامــــــل الصرامة في مقابل القبول أو الاستحسان .
وبرهنت دراسة " شميلوف ، وبوخيلكو " (42 ) على عدم عمومية العوامل الخمسة الكبرى فى الثقافة الروسية ، حيث توصلا إلى أربعة عوامل أساسية للشخصية .
وأخيرا قام " كاتيجباك ، وكارك ، وآكامين " (35) بدراسة على عينة أمريكية قوامها (610) وأخرى فلبينية قوامها (387) ، حيث قامـــوا بالتــحليل العاملى لبنود استخبار "كوستا وماكرى" لعوامل الشخصية الخمسة NEO- PI-R لقياس العصابية ، والانبساطية ، والطيبة ، ويقظة الضمير ، والتفتح وتوصلوا إلى استخراج خمسة عوامل للشخصية لدى العينتين ، مما يؤكد عمومية العوامل الخمسة الكبرى للشخصية (6 ).
ومن إستقراء نتائج هذه الدراسات يمكننا أن نستنتج أن مسألة عمومية العوامل الخمسة الكبرى للشخصية عبر الحضارات المختلفة أمر سابق لأوانه برغم ظهورها في ست حضارات ولغات مختلفة ، مما يدعو إلى عدم التأكد من وجود شيء ما أساسي كامن خلف هذه العوامل، بحيث يجعل مختلف الافراد يصفون شخصياتهم بشكل متسق على الرغم من اختلاف اللغة والحضارة ، كما يمكننا أيضا أن نستنتج من خلال عرضنا لنتائج بعض الدراسات السابقة في هذا المجال عدم اتفاق الباحثـين على اللغة والمنهج المتبع لقياس العوامل الخمسة للشخصية .
ومنذ نشرت قائمة العوامل الخمسة في أصلها الانجليزي عام 1989 ، حظيت باهتمام غيرقليل على المستوى العالمى ، فترجمت عدة ترجمات في ألمانيا واليابان وبولندا والبرتغال وفرنسا والصين والسويد والنرويج والفلبين . ولكن لم تظهر لها ترجمات عربية منشورة حسب علمنا ، فكان من المناسب والضرورى أن يتاح للباحثين والممارسين صيغة عربية ومعالم سيكومتريه لقائمة العوامل الخمسة في صورتها المختصرة، والتي تعتمد على آخر طبعة أمريكية منشورة عام 1992، وهذا ما تهدف إليه هذه الدراسة .
قائمة العوامل الخمسة الكبرى للشخصية
تعد قائمة " كوستا ، وماكرى " للعوامل الخمسة الكبرى للشخصية (NEO-FFI-S ) أول أداة موضوعية تهدف إلى قياس العوامل الأساسية الكبرى للشخصية بواسطة مجموعة من البنود (60بندا) ، تم استخراجها عن طريق التحليل العاملي لوعاء بنود مشتقة من عديد من استخبارات الشخصية ( انظر: 24 ). وتختلف هذه القائمة عن القوائم الأخرى التى تهدف إلى قياس العوامل الخمسة الكبرى للشخصية ، فى أن الأخيرة اعتمدت أساسا على منهج المفردات اللغوية المشتقة من معاجم اللغة ، فى حين اعتمدت هذه القائمة على منهج الاستخبارات التى تعتمد على عبارات فى قياسها للشخصية .
وكانت الصيغة الأولى للقائمة والتى ظهرت عام 1989 تتكون من 180 بندا ، أجريت عليها دراسات كثيرة - وعلى عينات سوية متنوعة تراوحت أعمارهم من 21 إلى 65 عاما ، ثم أدخلت عليها بعض التعديلات بغية اختزال عدد بنود ( انظر :23،26 ) إلى ان صدرت الصـــيغة الثانية للقائمـــة فى عام 1992 ( 27 ) ، والتى تتكون من 60 بندا وتشتمل على خمسة مقاييس فرعية هى : العصابية ، والانبساط ، والتفتح ، والطيبة، ويقظة الضمير . ويضم كل مقياس فرعي 12 عبارة ، يجاب عن كل منها باختيار بديل من خمسة .
د. بدر محمد الأنصارى
قسم علم النفس - كلية الآداب
جامعة الكويت
مايو 1997
The psychometric Properties of NEO Five-Factor Inventory
(NEO-FFI- S) based on the Kuwaiti Society.
ABSTRACT
The last two decades have witnessed an increase in interes in five model factors of personality. There is now good evidence to suggest that the five model factors ( Neuroticism, Extraversion, openness, Agreeableness, and conscientiousness) constitute a paradigm for the description of personality, because they do not only emerge at the descriptive level from large numbers of investigations but also linkup with a number of theories implying causal influences. Therefore the aim of the present project is to test its psychometric properties version of the NEO Five-Factor inventory (NEO-FFI-S) (Costa & McCrae, 1992) in Kuwait Society . The (NEO-FFI-S) conducted on three different applicant Samples (one consisting of 200 subjects, the second consisting of 1005 subjects and the third consisting of 2584 subjects ) on reported. Evidence was found that the (NE0-FFI -S) is not valid and reliable csale to assess the Five-Factor model of personality. Implications point to the need to reconsider the Factorial Structure of the (NEO-FFI-S).
مدى كفاءة قائمة العوامل
الخمسة الكبرى للشخصية على المجتمع الكويتى
ملخص :
تزايد الاهتمام حديثا بقياس العوامل الخمسة الكبرى للشخصية ، ولقد حظيت قائمة العوامل الخمسة الكبرى للشخصية NEO-FFI من إعداد " كوستا ، ماكرى " عام 1992 باهتمام عالمى كبير ، حيث ترجمت إلى عدة لغات مختلفة ، وبذلك أصبحت خلال السنوات الأخيرة واحدة من أكثر الأدوات استخداما لفحص العوامل الخمسة الكبرى للشخصية . ولم تحظ هذه القائمة باهتمام فى الوطن العربي ، ومن ثم هدفت هذه الدراسة إلى فحص الكفاءة السيكومترية للقائمة على المجتمع الكويتى ووضع معايير لها تناسب أفراد هذا المجتمع . وقد مر تقنين هذه القائمة بمراحل عديدة ، وتشتمل القائمة فى صورتها النهائية على 60عبارة . يجاب عن كل منها على أساس خمسة بدائل ، وتقيس القائمة خمسة عوامل للشخصية: العصابية، والانبساط ، والتفتح ، والطيبة ، ويقظة الضمير ، بحيث يقاس كل عامل باثنى عشر بندا . وتتفاوت معاملات ثبات المقاييس الفرعية للقائمة بين مرتفع ومنخفض بطريقة معامل ألفا وطريقة القسمة النصفيه حيث كانت معاملات الثبات مقبولة لمقياسي العصابية ويقظة الضمير فقط ، كما أيضا كشف التركيب العاملى للقائمة عن تركيب غير بسيط لدى ثلاث مجموعات مستقلة حيث أسفر التحليل العاملى عن استخلاص 20 عاملا لعينة قوامها (200) من الشباب الجامعى ، و16 عاملا لعينة قوامها (1005) من الشباب الجامعى و11 عاملا لعينة قوامها (2584) من الشباب الجامعى والموظفين . وبذلك تقدم نتائج هذه الدراسة نتيجة مختلفة عن الدراسات السابقة تبرهن عدم قابلية العوامل الخمسة للتكرار عبر ثقافة شرقية ، كما أن قائمة العوامل الخمسة الكبرى للشخصية غير صالحة من الناحية السيكومترية للاستخدام فى المجتمع الكويتى .
مدى كفاءة قائمة العوامل
الخمسة الكبرى للشخصية على المجتمع الكويتى *
مقدمة :
نشأ فى العقدين الثاني والثالث من هذا القرن خط متسق من الدراسات فى مجال الشخصية ، وتركز الهدف منه حول التوصل إلى أسماء السمات من خلال البحث فى معاجم اللغة، إذ تشتمل المعاجم اللغوية على أسماء وصفات وأفعال يستخدمها الأفراد الذين يتكلمون ويكتبون بهذه اللغة . وهذا المنحى النفـسي اللغوى المعجمى Psycholexical له أهميته وجدارته ، فهذه السمات أو الصفات تشير إلى أشـــكال محددة من السلوك ، ولــــذا فــإن هــــذه " الرموز اللغوية " ذات علاقة وثيقة بالوحدات البنائية التى تكمن وراء الشخصية ، إذ تشير أسماء السمات هذه إلى تراكيب نفسية حقيقية ، ومن ثم فإن الرابطة متينة بين المفردات اللغوية والحقائق السيكولوجية. ويكفى أن وصف تركيب الشخصية يكون فى النهاية فى قالب لغوى(5). ونعرض فيما يلى لطرف من هذه البحوث النفسية المعجمية فى مجال الشخصية .
لقد أيقن علماء نفس الشخصية بالحاجة الماسة إلى نموذج وصفى أو تصنيف يشكل الأبعاد أو العوامل الأساسية للشخصية عن طريق تجميع السمات المرتبطة معا ، وتصنيفها أو إدراجها تحت بعد أو عامل مستقل يمكن تعميمه عبر مختلف الأفراد والثقافات . ومن هنا بدأ كل من " كلاجس " ( 3 ) ، و " بومجارتين " ( 12 ) ، و"أولبورت " ، و " أودبيرت (8) بالبحث فى معاجم اللغة للتوصل إلى صفات أو سمات تشير إلى السلوك لدى أفراد من البشر ، إلا أن دراسة "أولبورت، وأودبيرت " تعد من أبرز الدراسات فى هذا المجال ، وذلك لأن قائمة "أولبورت،أودبيرت " حظيت باهتمام كبير ، وكان من أوائل من اعتمد عليها "كاتل" ثم تلاه "نورمان" ( انظر : 5). ثم قام " كاتل " ( 17 ) بمراجعة " قائمة "أولبورت "، و" أودبيرت " بهدف خفض هذه القائمة من (000ر18سمة ) تقريبا إلى عدد أقل ، فأوصلها إلى (160) اسما من أسماء السمات بحذف المترادفات الواضحة ، ثم أضاف إليها (11) سمة أخرى اعتقد أنها مهمة ، وبعد ذلك استخدم قائمة السمات هذه والتى ضمت (171بندا) ، وباستخدام إسلوب الــتحليل العاملــى توصل إلى تحديد اثنى عشر عاملا أساسيا فى دراساته التـىاستخدمت مقاييس
________________________________________________________________
* تم انجاز هذا البحث بتمويل من إدارة الابحاث بجامعة الكويت تحت رقم AP0 30
تقديـــر السمات ، وإلى ستة عشر عاملا اساسيا ( الانطلاق ، والذكاء ، وقوة الأنا ، والسيطرة ، والاستبشار ، وقوة الأنا الأعلى ، والمغامرة ، والطراوة ، والتوجس ، والاستقلال، والدهاء ، والاستهداف للذنب ، والتحرر ، والاكتفاء الذاتي ، والتحكم الذاتي فى العواطف ، وضغط الدوافع)، وذلك فى دراساته التى استخدمت الاستخبارات . ولكن الدراسات اللاحقة التى أعادت تحليل مصفوفات الارتباط لكاتل برهنت على عدم إمكان استخراج عوامل كاتل الستة عشر (32)، وذلـــك لأسبــــــاب مختلفة مــن بينها بعض الأخطاء الكتابية أو أخطاء النسخ وغير ذلك ( انظر: بدر الانصارى ، تحت النشر ).
توصل " فيسك " ( 30 ) إلى استخراج خمسة عوامل للشخصية عن طريق التحليل العاملى لقائمة " كاتل " ، وذلك باستخدام منهج يجمع بين طرق التقدير الذاتي وتقدير المحكمين لعينة قوامها 128 فردا . كمـا توصل كل من " تيوبس " ، وكريستال" ( 43 ) عن طريق التحليل العاملى لقائمة كاتل إلى خمسة عوامل للشخصية ، أطلقا على العامل الأول اسم : الانبساط أو الاستبشار Surgency ، والثاني : الطيبة Agreeableness ، والثالث : الاتكالية Dependability ، والرابع : الاتزان الانفعالي Emotional Stability ، والخامس: التحضر Culture ( لمزيد من التفاصيل انظر: 34) .
كما قام " نورمان " ( 40) بإجراء التحليل العاملى لقائمة الصفات التى وضعها أخيراً ، ثم توصل إلى عزل خمسة ابعاد أساسية للشخصية : الانبساط ، والطيبة، ويقظة الضمير ، والعصابية ، والتفتح ( أحمد عبد الخالق ، وبدر الانصارى 1996).
أطلق " جولدبيرج " ( 31 ) على هذه الأبعاد ، العوامل الخمسة الكبرى The Big Five Factors ، إذ أكد أن كل عامل منها عبارة عن عامل مستقل تماما عن العوامل الأخرى ، بحيث يلخص هذا العامل مجموعة كبيرة من سمات الشخصية المميزة ، وقد يعكس ترقيم العوامل من واحــــد إلــــى خمسة اتفــــاق الباحــــثين على ظهور العــــوامل الخمسة فى دراساتهم الواقعية ( الامبيريقية) . فيندرج تحت العاملين الأول والثاني السمات ذات الطابع التفاعلى، فى حين يصف العامل الثالث المطالب السلوكية والتحكم فى الدوافع . وكان العاملان الأخيران أصغر العوامل من ناحية عدد السمات المندرجة تحتهما ، فقد تكون العامل الرابع من السمات المرتبطة بالاتزان الانفعالي كالهدوء والثقة مقابل العصبية والتوتر والمزاج المتقلب والنزعة إلى القلق والحزن ، ويصف العامل الخامس التكوين العقلى للفرد ، ومدى عمقه ونوعيته بالإضافة إلى الخبرة الذاتية .
بعد ذلك توصل مجموعة من الباحثين إلى عزل خمسة عوامل أساسية فى الشخصية عن طريق التحليل العاملى لمجموعة من المتغيرات النفسية (الصفات) غير المرتبطة مباشرة بقائمة كاتل (15،20،21، 22،41) ( لمزيد من التفاصيل انظر: 34 ).
ثم أجرى " جولدبيرج " ( 31 ) بعد ذلك فى وقت أحدث دراسة استخدم فيها قائمة " نورمان " المنقحة والأخيرة ، والتى تضم حوالى 431ر1 صفة ، وطبقت على عينة من طلاب الكليات (ن=187) ، ومن خلال التقدير الذاتي وتقدير المحكمين وباستخدام طرق مختلفة من التحليل العاملي استطاع " جولدبيرج " عزل مايقرب من ثلاثة عشر عاملا ، بحيث كان تشكيل العوامل الخمسة الأولى وترتيبها مطابقا للعوامل الخمسة الكبرى التى توصل إليها " نورمان " .
وبعد ذلك قام " كوستا ، وماكرى " (22) ببناء مقياس جديد لقياس العوامل الخمسة الكبرى للشخصية فى عام 1985 وهى : العصابية والانبساط والتفتح Openness والطيبة Agreeableness ويقظة الضمير Conscientiousness ، وأطلقا على المقياس الجديد اسم استخبار الشخصية المنقح للعصابية والانبساطية والتفتح The Revised Neuroticism, Extraversion and Openness Personality Inventory ( NEO - PL -R ) والذى يتكون من 181 بندا ، تم استخراجها عن طريق التحليل العاملى لوعاء بنود مشتق من عديد من استخبارات الشخصية ( انظر: 21 ) كما قام أيضا " كوستا ، وماكرى" (22) بتطوير قائمة من الصفات التى تقيس العوامل الخمسة الكبرى للشخصية . والتى اشتقت أساسا من قائمة "جولدبيرج " عام 1983 للصفات ثنائية القطب ، وتتكون من أربعين صفة ، أضافا إليها ضعف هذا العدد من الصفات ، فأصبحت القائمة المعدلة تحتوى على ثمانين صفة، حيث استخرجا من هذه القائمة العوامل الخمسة الكبرى للشخصية ، وذلك من خلال طرق التقدير الذاتي وتقدير الملاحظين (23) . ثم نشر "كوستا، وماكرى " بعد ذلك( 24 ) قائمة العوامل الخمسة (NEO-FEI-5) فى أصلها الإنجليزى عام 1989 ، ثم صدرت الصيغة الثانية لنفس القائمة عام 1992 (27 ) . ومن هنا تكمن أهمية إضافة " كوستا ، وماكرى " لنموذج العوامل الخمسة الكبرى فى تطويرهما لأداة قياس موضوعية تقيس العوامل الأساسية الكبرى للشخصية بواسطة مجموعة من البنود ، بحيث تختلف طريقتهما عن مناهج الدراسات الأخرى التى اعتمدت أساسا على منهج المفردات اللغوية المشتقة من معاجم اللغة ( 5).
ثم أجرى " جون " ( 33 ) دراسة على الراشدين ( ن= 280) مستخدما طريقة تقدير الملاحظين ، حيث قام بعزل (112صفة ) والتى تشكل بدورها النموذج الأصلى للعوامل الخمسة الكبرى ، ثم وضعها فى قائمة خاصة ، وقدمها لعشرة من الملاحظين ممن يعملون فى معهد بحوث الشخصية وتقييمها فى كاليفورنيا، وطلب منهم تقدير عينة الدراسة ( 140 رجلا ، 140 امرأة ) على قائمة الصفات هذه ، وذلك من خلال ملاحظتهم الفعلية لسلوك أفراد هذه العينة لفترة تزيد على ثلاثة أعوام. وبعد أن استخدم طريقة التجميع Aggregation لتقديرات الملاحظين للمفحوصين على قائمة الصفات (112 صفة) ، قام "جون" بتحليل عاملى لمصفوفة معاملات الارتباط بين تقديرات الملاحظين، وأسفر هذا التحليل عن عزل خمسة عوامل كبرى للشخصية شبيهة بالعوامل الخمسة الكبرى التى توصل لها كل من "كوستا ، وماكرى "(21،22).
قام "ديجمان " (29 ) بفحص تحليلى لست دراسات إمبيريقية اعتمدت فى منهجها على استخبار "كاتل " وقائمة " فيسك " ، وذلك عن طريق تجميع تقديرات الملاحظين عن الأفراد أو المفحوصين دون تحديد ، سواء أكان تقدير المعلمين لتلاميذهم ، أم تقدير المشرفين للعمال ، أم تقدير التلاميذ لزملائهم ، أم تقدير المعالجين لمرضاهم ، أم تقدير الخبراء لزملائهم فى المهنة . وتوصل "ديجمان " إلى النتائج نفسها ، وهى عزل خمسة أبعاد كبرى فى الشخصية شبيهة بالعوامل التى توصل إليها " كوستا ، ماكرى (21،22 ).
قام عدد من الباحثين بعد ذلك بالتحقق من العوامل الخمسة الكبرى للشخصية عبر الحضارات واللغات المختلفة ، حيث كانت جميع الدراسات حتى وقت قريب مقصورة على العينات التى تتحدث اللغة الانجليزية ، وتعيش فى الثقافة الأمريكية فقط ، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى تعميم هذه العوامل الخمسة الكبرى على لغات وثقافات أخرى ، فقام "بوند" ومساعدوه ( 14 ) بترجمة قائمة " نورمان " ( 39 ) التى تحتوى على عشرين مقياسا فرعيا إلى اللغتين اليابانية والصينية ، وتوصلوا إلى استخراج خمسة عوامل كبرى فى الشخصية تطابق العوامل الخمسة التي توصل لها " نورمان " على العينات الأمريكية . في حين لم يتمكن " وايت " (44) من استخراج العوامل الخمسة الكبرى في الشخصية في دراسته على عينات من الهند ومن أيــسلندا باستخدام قائمة " نورمان " ذاتها .
ومن ناحية أخرى برهنت دراسة " أميلانج ، بوركينو" ( 9) على ظهور خمسة عوامل كبرى في الشخصية بالتحليل العاملى لنموذج جاكسون للبحث في الشخصية Jackson PRF على عينة من طلاب الجامعات الألمانية . كما برهنت الدراسات الأخرى التي أجريت في الثقافة الألمانية على ظهور العوامل الخمسة الكبرى للشخصية ، والتي استخدمت مختلف مناهج البحث لوصف الشخصية ، ومنها المفردات اللغوية من المعاجم أو عن طريق ترجمة بعض الصفات من اللغة الإنجليزية إلى الألمانية (5) .
وفي دراسة أخرى(19 ) استخدمت المنهج المتبع في دراسة " شابلن ، جون " السابق الإشارة إليها على عينة فلبينية ( ن = 867 ) من طلبة الكليات الأكاديمية في الفلبين ، استخرجت خمسة عوامل كبرى في الشخصية بوساطة التحليل العاملى للصفات التي تم جمعها عن طريق الوصف الذاتي الحر للمفحوصين ، بحيث تطابقت هذه العوامل الخمسة الكبرى مع عدد من الدراسات السابقة ( أنظر: 31، 41 ) .
وكشفت دراسة " شيونج وزملائه " ( 18) التي أجريت على عينة من الصين من الراشدين بهدف المقارنة الحضارية بين شخصية كل من سكان كل من : هونج كونج و تايوان وبكين والصينيين من ذوي الجنسية الأمريكية على قائمة سمات الشخصية المتعددة (MTPI) من إعداد " باس، ووفن" ( 16) ، وباستخدام منهج التحليل العاملى والتدوير المائل بطريقة " البروماكس " تم استخراج خمسة عوامل ثنائية القطب للأربع مجموعات ،هي :عامل الاجتماعية في مقابل الانعزال ، وعامل الذاتية في مقابل الغيرية ، وعامل المطاوعة في مقابل عدم المطاوعة ، وعامل الاستقرار أو الاتزان في مقابل عدم الاتزان أو التقلب ، وعامــــــل الصرامة في مقابل القبول أو الاستحسان .
وبرهنت دراسة " شميلوف ، وبوخيلكو " (42 ) على عدم عمومية العوامل الخمسة الكبرى فى الثقافة الروسية ، حيث توصلا إلى أربعة عوامل أساسية للشخصية .
وأخيرا قام " كاتيجباك ، وكارك ، وآكامين " (35) بدراسة على عينة أمريكية قوامها (610) وأخرى فلبينية قوامها (387) ، حيث قامـــوا بالتــحليل العاملى لبنود استخبار "كوستا وماكرى" لعوامل الشخصية الخمسة NEO- PI-R لقياس العصابية ، والانبساطية ، والطيبة ، ويقظة الضمير ، والتفتح وتوصلوا إلى استخراج خمسة عوامل للشخصية لدى العينتين ، مما يؤكد عمومية العوامل الخمسة الكبرى للشخصية (6 ).
ومن إستقراء نتائج هذه الدراسات يمكننا أن نستنتج أن مسألة عمومية العوامل الخمسة الكبرى للشخصية عبر الحضارات المختلفة أمر سابق لأوانه برغم ظهورها في ست حضارات ولغات مختلفة ، مما يدعو إلى عدم التأكد من وجود شيء ما أساسي كامن خلف هذه العوامل، بحيث يجعل مختلف الافراد يصفون شخصياتهم بشكل متسق على الرغم من اختلاف اللغة والحضارة ، كما يمكننا أيضا أن نستنتج من خلال عرضنا لنتائج بعض الدراسات السابقة في هذا المجال عدم اتفاق الباحثـين على اللغة والمنهج المتبع لقياس العوامل الخمسة للشخصية .
ومنذ نشرت قائمة العوامل الخمسة في أصلها الانجليزي عام 1989 ، حظيت باهتمام غيرقليل على المستوى العالمى ، فترجمت عدة ترجمات في ألمانيا واليابان وبولندا والبرتغال وفرنسا والصين والسويد والنرويج والفلبين . ولكن لم تظهر لها ترجمات عربية منشورة حسب علمنا ، فكان من المناسب والضرورى أن يتاح للباحثين والممارسين صيغة عربية ومعالم سيكومتريه لقائمة العوامل الخمسة في صورتها المختصرة، والتي تعتمد على آخر طبعة أمريكية منشورة عام 1992، وهذا ما تهدف إليه هذه الدراسة .
قائمة العوامل الخمسة الكبرى للشخصية
تعد قائمة " كوستا ، وماكرى " للعوامل الخمسة الكبرى للشخصية (NEO-FFI-S ) أول أداة موضوعية تهدف إلى قياس العوامل الأساسية الكبرى للشخصية بواسطة مجموعة من البنود (60بندا) ، تم استخراجها عن طريق التحليل العاملي لوعاء بنود مشتقة من عديد من استخبارات الشخصية ( انظر: 24 ). وتختلف هذه القائمة عن القوائم الأخرى التى تهدف إلى قياس العوامل الخمسة الكبرى للشخصية ، فى أن الأخيرة اعتمدت أساسا على منهج المفردات اللغوية المشتقة من معاجم اللغة ، فى حين اعتمدت هذه القائمة على منهج الاستخبارات التى تعتمد على عبارات فى قياسها للشخصية .
وكانت الصيغة الأولى للقائمة والتى ظهرت عام 1989 تتكون من 180 بندا ، أجريت عليها دراسات كثيرة - وعلى عينات سوية متنوعة تراوحت أعمارهم من 21 إلى 65 عاما ، ثم أدخلت عليها بعض التعديلات بغية اختزال عدد بنود ( انظر :23،26 ) إلى ان صدرت الصـــيغة الثانية للقائمـــة فى عام 1992 ( 27 ) ، والتى تتكون من 60 بندا وتشتمل على خمسة مقاييس فرعية هى : العصابية ، والانبساط ، والتفتح ، والطيبة، ويقظة الضمير . ويضم كل مقياس فرعي 12 عبارة ، يجاب عن كل منها باختيار بديل من خمسة .