علم النفس الصحي
مرحبا بك
نتمني ات تجد بالمنتدي مايفيدك واذا رغبت في المشاركة فالتسجيل للمنتدي مفتوح

ولك الشكر


علم النفس الصحي
مرحبا بك
نتمني ات تجد بالمنتدي مايفيدك واذا رغبت في المشاركة فالتسجيل للمنتدي مفتوح

ولك الشكر

علم النفس الصحي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

علم النفس الصحيدخول

الصحة النفسية علم النفس الطب النفسي


description الأَسْبابُ الجسديَّة للعَجز الجِنسِي Empty الأَسْبابُ الجسديَّة للعَجز الجِنسِي

more_horiz
الأَسْبابُ الجسديَّة للعَجز الجِنسِي
حتى نَتَعرَّفَ إلى العجز في تحقيق الانتصاب ونَفْهَمَ أسبابَه، من المهمِّ أن نتذكَّرَ بأنَّ انتصاب القضيب ظاهرةٌ عصبية وعائية مستمرَّة تخضع للتَّحكُّم النَّفْسي، وتَتَطلَّب وَسَطاً هُرْمونياً مناسباً للإنجاز الناجح. تَذكَّرْ هذه الآليَّاتِ الفيزيولوجيَّة للانتصاب الموصوفة سابقاً: عِنْدَ التَّنْبيه الجنسي، تؤدِّي الإشاراتُ الصادرة عن الأعصاب اللاودِّية وغير الأدرينالية الفِعْل/الكولينيَّة الفِعْل إلى إِطْلاق أُكْسيد النِّتْريك (وربَّما يُفْرَز أيضاً من الخلايا البطانية لأوعية القضيب)، ثمَّ يَدْخُل أكسيدُ النِّتْريك إلى الخلايا العضلية الملساء داخلَ الأوعية في الجسم الكهفي، حيث يُنِبِّهُ أنـزيم مُحَلِّقة الغوانيلات لإنتاج أحادي فوسفات الغوانوزين الحلقي، وهذا ما يُفَعِّل أنـزيم كيناز البروتين C لفَسْفَرَة (إِضافَة زمرة فُوسْفَات) بَعْض البروتينات المسؤولة عن تَنْظيم توتُّر العضلات الملساء في الشَّرايين والجيوب الكهفية، وهذا ما يُساهِم في ارتخاءِ هذه الأوعية، ومن ثَمَّ اندفاع الدَّم إلى داخل القضيب.

استطراداً، يمكن أن ترى أنَّ أيَّ مرضٍ، أو إصابة، أو اضطراب يصيب الدِّماغَ، أو الجهاز العصبي، أو الوعائي، أو الغدِّي الصَّمَّاوي، أو العضل الأملس للجسم الكهفي، أو الغلالة البيضاء، أو النَّوَاقِل العصبية، أو الجهاز البولي التناسلي، قد يُؤَدِّي إلى عجز الرَّجُل عن تحقيق انتصاب قوي أو صُلْب، والمحافظة عليه لفترةٍ زمنية كافية لتحقيق الإشباع الجِنْسي له أو لشريكته (زوجته)؛ كما يمكن أن يؤدِّي أيضاً إلى عدم استمتاعِه بالنَّشاط الجنسي. ويُلاحظُ أنَّ معظمَ الرِّجال يمكن أن يعانوا من بعضِ الصعوبة في تحقيق الانتصاب، والمحافظة عليه في مرحلةٍ ما من حياتهم، لكن ينبغي ألاَّ يُنْظَرَ إلى هذه العوارضِ المؤقَّتة على أنَّها من علامات العجز في تحقيق الانتصاب المستمر.

الفيزيولوجيا المَرَضِيَّة

يمكن تَصْنيفُ المجال الواسِع للعَوَامِل المسببة ذات المنشأ العضوي للعجز في تحقيق الانتصاب إلى أربعة أنماط أو حالات عامة:

1. يُعَدُّ العَجْزُ عن ضَخِّ ما يكفي من الدم داخل القضيب، بسبب مَرَضٍ شِرْياني، السَّبَبَ العضوي الأكثر شيوعاً للعجز في تحقيق الانتصاب، ويبلغ معدَّلُ حدوثه نحو 40٪ بين العوامل الجسدية.

2. يمكن أن تحولَ الاضطراباتُ العصبيَّة دون الإفراز السَّوِي للنَّواقِل العصبية من الأعصاب القضيبية التي تُرْخِي الشرايينَ والجيوب القضيبية، أو ربَّما تُنْقِص الإحساسَ في أعصاب القضيب، مما يحول دون تَفْعيل عمليةِ الانتصاب (مونتورسي 2003).

3. يحولُ تَسَرُّبُ الدَّم من الأوردةِ القضيبية الشاذَّة أثناء الانتصاب دون تخزين الدَّم داخلَ القضيب لفترةٍ كافية، وقد يكونُ هذا التَّسرُّبُ ناجماً عن أيَّةِ حَدَثيَّةٍ مَرَضية في الغلالة، أو عن سوء ارتخاء الجيوب الوعائية، أو تَليُّف العضل الأملس في الجسم الكهفي.

4. قد تؤدِّي أيَّةُ حالةٍ طبية تؤثِّر في الجهازِ الشِّرْيَانِي القَضيبي إلى إخفاقِه في التَّوسُّع والامتلاء بمقدار كبير من الدم تحت ضغطٍ عالٍ.

تترافق الكَثيرُ من الحالاتِ الطبِّية بوضوحٍ مع زيادة في خطر العجز في تحقيق الانتصاب؛ فعلى سَبيل المثال، يذكر أحدُ التَّقارير مُعَدَّلاتِ الانتشار المرتفعة التالية: يحصل العجز في تحقيق الانتصاب لدى 52٪ من الرِّجال الذين يعانون من فرط ضَغْط الدَّم، و55٪ من الرِّجال الذين يعانون من أعراض المسالك البولية، و61٪ لدى الرِّجال الذين يعانون من الدَّاء القلبِي الإِقْفاري، و64٪ لدى الرِّجال الذين يعانون من داء السكري، و86٪ لدى الرِّجال الذين يعانون من الدَّاء الوعائي المحيطي، و90٪ لدى الرِّجال الذين يعانون من الاكتئاب (كارسون وزملاؤه 2006). ويُقَدِّمُ هذا الفصل تفاصيلَ عن مختلفِ عوامل الخطر الرئيسية المختلفة التي تترافق مع العجز في تحقيق الانتصاب.

الشَّيْخوخَة

من المَقْبول جيِّداً أن يزدادَ العجز في تحقيق الانتصاب انتشاراً وشدةً مع تقدُّم العمر، فالرِّجالُ بعد عمر 50 سنة يعانون عادةً من اضطراباتٍ عضوية مختلفة تَشْتَمِل على الدَّاء القلبي الوعائي، وداء السكري، وارتفاع ضغط الدم، وفَرْط كوليسترول الدم، ونَقْص التِّسْتوستيرون وعلى أعراضِ السَّبيل البَوْلِي السُّفْلي الحاصلة بشكلٍ ثانوي نتيجة فَرْطِ التَّنسُّج البروستاتِي الحمي، والاضطرابات العصبيَّة المُزْمِنة مثل الباركنسونية، والسَّكْتَة، وداء آلزهايمر، والاضطرابات النَّفْسية مثل الاكتئاب، والقلق فأيٌّ من هذه المشاكل، فَضْلاً عن استعمالِ الكثير من الأدوية، يمكن أن يساهمَ في العجز في تحقيق الانتصاب. يعاني نحو 48٪ من الرِّجال الذين تجاوزوا عمر 50 سنة من عجز في تحقيق الانتصاب بدرجاتٍ متفاوتة بسببِ عوامل جسدية، ونفسية، وشخصية (كورونا وزملاؤه 2004)، لكنَّ ذلك لا يعني أنَّ العجز في تحقيق الانتصاب نتيجةٌ محتومة للشيخوخة، فلدى معظم هؤلاء الرِّجال، يَبْقى الاهتمامُ بالجنس والرَّغبة به قويين.

يُعَدُّ التَّصلُّبُ العَصيدي للشِّرْيانين الفَرْجي والكهفي عاملَ خطرٍ رَئيسي نَوْعي للعجز في تحقيق الانتصاب عِنْدَ الرِّجال ممن هم بعمر 50 سنة وما فوق، ويتمثَّلُ ذلك في تشكُّل لويحات في جدران الشرايين تَسُدُّ بالتَّدْريج لُمْعَةَ الشِّرْيَان (أي الجَوْف المفتوح لجريانِ الدم). وقد يَكونُ التَّصلُّبُ العَصيدي ثانوياً لحالاتٍ أخرى، بما في ذلك داء السكري، وفَرْط ضغط الدم، وفرط كوليسترول الدم فَضْلاً عن التَّدْخين. يمكن أن يؤدِّيَ التَّصلُّب العَصيدي إلى تغيُّراتٍ باثولوجية (مَرَضيَّة)، مثل تَنَكُّس العَضَل الأملس القضيبي واستبداله بنسيجٍ ليفي، مع نَقْص قدرة الجسم الكهفي على التمدُّد والتوسُّع، ممَّا يقودُ إلى تسرُّبٍ وريدي شاذ (مونتورسي 2003) (نُوقِشَ التَّصلُّبُ العَصيدي أكثر في الصفحة...).

تُمَثِّلُ مَشاكلُ البروستات عاملَ خطرٍ نَوْعي آخر لدى الرَّجُل المُسِن. وقد أَثْبتت عدَّةُ دراساتٍ حديثة وجودَ علاقةٍ وثيقة بين العجز الجنسي (العجز في تحقيق الانتصاب تَحْديداً) وعدم كِفايَة القذف، ونَقْص الرَّغْبة الجنسية الفعَّالة، والقذف المؤلم، وبين أعراضِ السَّبيل البَوْلِي السُّفْلي الشَّديدة الناتجة عن فَرْطِ التَّنسُّج البروستاتِي الحميد الذي يحصلُ عادةً لدى أكثر من 50٪ من الرِّجال بَعْدَ سنّ الخمسين. وفي بعض الحالات، أَدَّتْ المعالجةُ ببعضِ مُحْصِرات ألفا، أو الفياغرا، أو السيالِس إلى تحسُّنِ كلٍّ من الأعراض البَوْلية والأعراض الجنسيَّة. ويمكن أن يحدث كل من العجز في تحقيق الانتصاب، ومشاكل القذف، وأعراض السَّبيل البولي السفلي كنتيجة لفرطِ نشاط الجهاز العصبي الودِّي، أو العَدْوَى، أو الالتهاب البروستاتِي، أو الاضطرابات الوعائية في القضيب والبروستات أو عَوَز أُكْسيد النِّتْريك. وتشتمل الأعراضُ النَّموذجيَّة لعَدْوَى البروستات أو التهابها على الألمِ في الحوض، والمنطقة فوقَ العانة، والعجان، والمنطقة الأُرْبِيَّة، والصَّفن، وأسفل البطن والظهر فَضْلاً عن الأعراض التي تتصاحب أيضاً مع فَرْط التَّنسُّج البروستاتِي الحميد، مثل الحرقة عند التبول، والتَّبوُّل المتكرِّر، أو الزَّحير البولِي، وبُطْء تَدفُّق البَوْل (ولقد درسنا فَرْط التَّنسُّج البروستاتِي الحميد وأعراض السَّبيل البولي السفلي بالتفصيل في موضع لاحق من الكتاب).

في معظم الأحيان، تُفَسَّرُ التَّغيُّراتُ الفيزيولوجيَّة السَّويَّة المرتبطة بالعمر بشكل خاطئ على أنَّها عجز جنسي، ويمكن عندئذٍ ألاَّ تحتاجَ فِعْلياً إلى أكثر من تفَهْم الرَّجلِ وزوجته لها بشكل جيد، مع تَعْديل في طرق المجانسة. وتشتملُ التَّغيُّراتُ الطبيعية للأداء الجنسي عندَ الرَّجُل السليم مع تقدُّم العمر على ما يلي:

= نقص متزايد في مستوى التِّسْتوستيرون الحرِّ نتيجةَ انخفاض إنتاج الخصيتين له، ممَّا قد يؤثِّر في وظيفةِ الانتصاب، والنشوة، ويُنْقِص الشهوةَ الجنسية.

= الحاجة إلى المزيد من التَّنْبيه الجنسي لبلوغِ الانتصاب نتيجةَ نَقْص حساسية القضيب للمسِّ والاهتزاز وازدياد المدة التي يستغرقها نقل الإشارات العصبيَّة.

= الحاجة إلى المزيدِ من الوقت لتحقيق الانتصاب نتيجةَ نَقْص المرونة في الشرايين والجيوب القضيبية، وربَّما بسبب تراجعِ وظيفة الجهاز العصبي المستقل.

= نَقْص قَساوَة (صلابة) القضيب خلال الانتصاب، لكنَّ الصَّلابةَ تبقى كافيةً للإيلاج والمجانسة النَّاجِحة، ولا يحصل تغيُّرٌ في زيادةِ محيط القضيب المُنْتَصِب.

= زيادة الزَّمن الفاصل بين الإثارة والقذف، مع الحاجةِ إلى الانتظار ساعات أو حتَّى بضعة أيَّام قبلَ التَّمكُّن من الحصولِ على انتصاب جَديد.

= نَقْص في شدَّة النشوة.

= نَقْص في مقدار المَنِيِّ المقذوف بسببِ ضُمور الغُدَد البروستاتيَّة وغدد الحُوَيْصَلتَيْن المنويتين بشكلٍ رئيسي نتيجةَ انخفاض تِسْتوستيرون المصل (وقد يتوقَّف بعضُ الرِّجال المسنِّين عن قذف أيِّ مني على الإطلاق، رغم النشوة الجيِّدة).

= نَقْص في عدد مرَّات الانتصاب العفوي، ومدَّته، وجودته أثناء النَّوْم ويعزى ذلك ربَّما لنقص الزَّمن الكلِّي المطلوب للنَّوْم.

مع التَّباطؤ الجسدي والنَّفْسي الذي يصاحبُ الشيخوخةَ عادةً، قد يُعانِي الرِّجالُ من نقص الاعتداد بالذَّات ومن القلق الشَّديد، والاكتئاب، والكَرْب، والشُّعور بعدم الكفاية. ويمكن أن تؤدِّي هذه المشاعرُ، عندما لا تُوَاجَه بآليات التَّكيُّف بشكلٍ مناسب، إلى ضعف جِنْسي نفسي المنشأ كما أنَّ نقصَ الاهتمام الجنسي من جانب الزوجات (اللواتي ربما يعانين من اضطرابات جنسية لديهن) يُساهِم أيضاً في بعضِ حالات العجز في تحقيق الانتصاب عِنْدَ الرِّجال. قد تلعب المشاكلُ في العلاقات، وعدم توفُّر الشَّريك أو تقبُّله، والاضطرابات النَّفْسية، كالاكتئاب والكرب والقلق، أدواراً هامة مسببة للعجز في تحقيق الانتصاب عِنْدَ الرِّجال المسنِّين.

من الأساطير والأوهام الاعتقادُ بأنَّ الرَّجلَ بَعْدَ عمر 60 سنة (أو يَنْبَغِي) لا يستطيعُ ممارسةَ النَّشاط الجنسي؛ في الواقع، يحتاجُ الرِّجال المسنون إلى المزيدِ من العاطفة، والحب، والفهم، والحَنان، والخصوصيَّة مثل الرِّجال الشبان، وربما أكثر. لقد أَوْضحَتْ دراساتٌ عديدة أنَّ أكثرَ من 65٪ من الرِّجال والنِّساء بَعْدَ عمر 65 سنة يَبْقَوْنَ مهتمِّين بالجِنْس ونشيطين جنسياً، وينبغي أن يُشَجَّعَ هؤلاء على التَّعْبير عن رغباتهم الجنسية وعلى الاستمتاع بحياةٍ جنسية كاملة من دون الشُّعور بالخجل أو الذنب (يمكن اللجوءُ إلى الاستمناء عندَ عدم توفُّر شريكةٍ جنسية لتخفيف التَّوتُّر الجنسي). لقد أَشارت التَّقاريرُ إلى أنَّ عددَ اللقاءات الجنسية ينخفض بمقدار 75٪ تقريباً بين عُمرَيْ 30 و65 سنة، وإلى أنَّ أغلبيةَ الرِّجال بَعْدَ عمر 60 سنة يجانسون بشكلٍ منتظم أيضاً.

من جهةٍ أخرى، إن معدل الإخفاق في تحقيق الانتصاب عندَ الرِّجال بَعْدَ عمر 60 سنة بشكلٍ خاص هو أعلى مما هو عليه لدى الرِّجال الأصغر سناً. ويَشْكو نحو 40 - 70٪ من الرِّجال بين الأربعين والسبعين من عجز جنسي، مع زيادةٍ ملحوظة في تواتر الأحداث الجنسية بَعْدَ الخمسين. يمكن أن تشتملَ أسبابُ العجز في تحقيق الانتصاب في هذه الفئة العمريَّة على نقص تِسْتوستيرون المصل الحرِّ، وعلى عوامل وعائية، وهرمونية، وعصبية، ونفسية، واجتماعية. ويُقَدَّرُ بأنَّ أقلَّ من 15٪ من الرِّجال بعد الثمانين يجانسون، رغم الرَّغْبَة الجنسية المسجَّلة لدى أكثر من 50٪ منهم، بسَببِ إخفاق الانتصاب.

لا بدَّ من الحصول على قصةٍ جنسية وطبِّية، ومن إجراء فحص سريري، لإيضاح الطَّبيعة الحقيقيَّة للعجز الجنسي - مهما يكنْ - عندَ الرَّجُل الذي قد يعاني في مرحلةٍ متأخِّرة من الحياة، سواءٌ أَكانت شكواه الرئيسيَّة هي نقص الشهوة الجنسية أم اضطراب القذف أو النشوة أم مشكلة في الانتصاب. ولا بدَّ من تَقْييم العوامل الوعائية، والعصبية، والهرمونية، والنَّفْسية (واستبعادها) بالاختبارات النَّوْعية؛ ثمَّ تكونُ المعالجةُ حسبَ السَّبب المستبطن (الخفي) لخللِ الأداء.

الأسبابُ القلبيَّة الوعائيَّة

يمكن أن يؤدِّي أيُّ تَضيُّق أو تصلُّب أو انسداد شديد في الأبهر والأوعية الحَرْقَفِيَّة وفروعهما، أو الشَّرايين والجيوب القضيبية، إلى العجز الجنسي. ويُعَدُّ المرضُ الوعائي السَّببَ العضوي الأكثر شُيُوعاً للعجز في تحقيق الانتصاب، حيث يمثِّل نحوَ 40٪ من جميعِ العوامل العضويَّة.

يُعانِي نحو 17٪ من الرِّجال المصابين بعجز في تحقيق الانتصاب بسببِ التَّصلُّب العصيدي، وهو انسدادٌ في الشرايين مع توضُّع لويحات صفراء تحتوي على الكوليسترول، ومادة دهنيَّة، وبَالِعات الشَّحْم (خلايا تمتصُّ الدُّهْن)، مما قد يقود إلى انسدادٍ جزئي أو تام في الأوعية الدموية. وتتصاحبُ هذه الحالةُ الشَّائعة عادةً مع التَّدْخين، وفَرْط شحميات الدَّم (زيادة تركيز إحدى الشَّحْميات أو جميعها في الدَّم، بما في ذلك الكوليسترول والشَّحْميات الثلاثية) والسِّمْنَة، وداء السكري. ويحول نقصُ جريان الدَّم في الشَّرايين والجيوب القضيبية دون امتلاءِ القضيب وانتفاخه، وقد يؤدِّي إلى تسرُّبٍ وريدي بسبب نقص انضغاط الوريدات تحت الغلالة بشكلٍ ثانوي لتقلُّص الجيوب الوعائية.

علاوةً على ذلك، وُجِدَتْ علاقةٌ مباشرة بين الأمراضِ القلبيَّة الوعائية والعجز في تحقيق الانتصاب؛ فالمشكلةُ الجنسية قد تكون العلامةَ الأولى لوجودِ داءٍ قلبي خفي، مثل الدَّاء القلبي الإقفاري، وقد تسبقُ مظاهرَه السَّريرية بأشهر أو سنوات؛ وهذا ما يفسِّر تسميةَ القضيب "بمرصد" أو "مِقْياس" السَّلامة الوعائية في الجسم. وقد شَجعَّتْ العلاقةُ الوثيقة بين العجز في تحقيق الانتصاب والاضطرابات الوعائية المرضية الأخرى بعضَ الأطباء على اقتراحِ جملةٍ من الاستقصاءات القلبية الوعائية الكاملة عندَ أيِّ رجلٍ يعاني من العجز في تحقيق الانتصاب، لا سيَّما إذا وُجِدَتْ لديه عواملُ خطرٍ، مثل التَّدْخين، وداء السكري، وفَرْط ضغط الدَّم، والسِّمْنة، وفرط شحميات الدَّم.

يُحقق المصابون بمرضٍ قلبي إقفاري في وعاءٍ واحد انتصاباً أفضل من أولئك المصابين بانسداد عدَّة أوعية. َعلاوةً على ذلك، يزداد خطرُ ظهورِ داء الشرايين الإكليلية "التاجيَّة" (سِبِيل وزملاؤه 2003) بشكلٍ ملحوظ عندَ الرِّجال المصابين بقصور الشرايين الكهفية. ويمكن أن تساهمَ العواملُ الأخرى المصاحبة للتَّصلُّب العصيدي، مثل نقصِ سِنْثاز (مُخَلِّقَة) أكسيد النِّتْريك في البطانة، وزيادة مستويات الجذور الحرَّة، والتَّرْكيز المرتفع للهُوموسيسْتئين في اللويحات الوعائية في حدوثِ العجز في تحقيق الانتصاب (كِنْدَرْسي وزملاؤه 2003). وترى أدلَّةٌ حديثة قوية بأنَّ نضوبَ سِنْثاز أكسيد النِّتْريك من الأعصاب المكوِّنة للنِّتْريك (الأعصاب غير الأدرينالية الفِعْل/غير الكولينيَّة الفِعْل في القضيب التي تُفْرِز أكسيدَ النتريك) قد يساهم في العجز الجنسي أيضاً. كما قد تترافق أمراضٌ قلبيَّة وعائيَّة أخرى، مثل فَشَل القلب الاحتقانِي وأم الدم الأبهريَّة (تشكُّل كيس شاذ في جدار الأبهر)، مع عجز في تحقيق الانتصاب.

حَلَّلَتْ دراسةٌ حديثة معدَّلَ حدوث الدَّاء الوعائي خارجَ الأعضاء التَّناسلية لدى 457 مريضاً مصاباً بالعجز في تحقيق الانتصاب، استناداً إلى دراسةِ الشرايين القضيبية أو الشرايين السُّباتية أو أوعية الطَّرَف السفلي المشتبه باحتوائها على لويحاتٍ تصلُّبية عصيدية باستعمال تخطيط الصَّدَى الدُّوبلري؛ وَجدَ الباحثون قصوراً مَعْزولاً في الشَّرايين القضيبيَّة لدى نحو 25٪ من المرضى، وتصلباً عصيدياً قضيبياً وسُباتياً وفي الطَّرفين السُّفْليين معاً لدى 75٪ من هذه الحالات (فيكاري وزملاؤه 2005)، وهذا ما أوضحَ من جديد وجودَ علاقةٍ وثيقة بين التَّغيُّراتِ الوعائية في شرايين القضيب والشرايين الأخرى في الجسم.

في دراسةٍ إيطالية حديثة، وُجِدَ أنَّ عددَ الشرايين الإكليلية المريضة، والعمر، وداء السكري هي عوامل مستقلَّة في العجز في تحقيق الانتصاب، كما لوحظ أنَّ العجز في تحقيق الانتصاب بدَوْرِه قد تَصاحَب مع زيادة خطرِ داء الشرايين الإكليلية بمقدار أربعة أضعاف، مثلما شُخِّصَ بتصوير الأوعية الإكليلية بشكلٍ مستقل عن عوامل الخطر المعروفة الأخرى. ويظهر العجز في تحقيق الانتصاب عادةً لدى الرِّجال الذين يعانون من أعراضٍ إكليلية (تاجيَّة) حادة، ويمكن أن يُعَدَّ علامةً للتَّصلُّبِ العَصيدي الإكليلي أو المنتشر (مونتورسي وزملاؤه 2006).

في دراسةٍ أخرى، كانَ عاملُ الخطر الوعائي الأكثر شيوعاً لظهور العجز في تحقيق الانتصاب هو التَّدْخين، ثُمَّ السِّمْنَة، ثم فرط ضغط الدم. وَوُجِدَتْ أَضْعفُ المعالم لقصور جريان الدَّم والقصور الشرياني لدى الرِّجال الذين يعانون من عجز في تحقيق الانتصاب وداء الشرايين الإكليلية أيضاً (40٪ من المجموعة)، وأتى بعدَهم المصابون بداء السكري أيضاً (23.3٪). كما لوحظ الدَّاءُ الوريدي السَّاد لدى مرضى فَرْط ضغط الدَّم (36.5٪). وقد ازداد حدوث معالم جريان الدَّم الشاذ مع زيادةِ عوامل الخطر الوعائية (كِنْديرا وزملاؤها 2006).

أخبارٌ عاجلَة: العجز في تحقيق الانتصاب، وداء الشرايين الإكليليَّة، والدَّاء القلبي الوعائي

ذكرَ تومبسون وزملاؤه في اللِّقاء السنوي عام 2006 للرابطةِ الأميركية لأطبَّاء المسالك البولية وجودَ علاقة للعجز في تحقيق الانتصاب بظهورِ داء الشرايين الإكليلية لاحقاً لدى 9457 رجلاً ممن تجاوزوا سنّ 55 عاماً. ولوحظ عجز في تحقيق الانتصاب في بدايةِ الدراسة لدى 57٪ من الرِّجال. وبعد 5 سنوات من المتابعة، عانى 11٪ من الرِّجال المصابين بعجز في تحقيق الانتصاب من داءٍ قلبي وعائي أو من حادثةٍ أخرى، مثل الذَّبْحَة، واحتشاء العضلة القلبية، وارتفاع البروتين الشحمي الخَفيض الكثافة LDL في المصل أو الحادثَة الدِّماغية الوعائية أو فشل القلب الاحتقاني. ولذلك، كانت نسبةُ خطر (زيادة احتمال الإصابة بمرضٍ معيَّن بشكل ارتفاع فوق القيمة الطبيعية البالغة 1) الإصابة بداءٍ قلبي وعائي هي 1.30 لدى الرِّجال المصابين بالعجز في تحقيق الانتصاب. لقد قَرَّرْ القيِّمون على الدراسةِ القيامَ باستقصاءٍ، وتدخُّل عاجل لدى الرِّجال المصابين بالعجز في تحقيق الانتصاب الذين لديهم عواملُ خطر لداءِ الشرايين الإكليلية أو الدَّاء القلبي الوعائي.

مثلما ناقشنا سابقاً، يَعْنِي التَّسرُّبُ الوريدي أثناء الانتصاب أنَّ الدمَ الذي ينبغي أن يبقى عادةً مُحْتَجزاً في القضيب إلى حين انتهاء الانتصاب، يُفْلِت فِعْلياً مع بدايةِ الانتصاب أو بَعْدَ حصوله مباشرةً، مما يؤدِّي إلى العجز في تحقيق الانتصاب، وهذا ما قد ينجم عن تسرُّبٍ خِلْقِي للدَّم من خلال أوردة كبيرة شاذَّة، أو خلل في وظيفةِ العضل الأملس الكهفي أو إصابته بشكلٍ ثانوي برض، أو داء السكري، أو التَّصلُّب العصيدي، أو ضعف الغلالة البيضاء بسببِ الشيخوخة أو داء بيروني (انظرْ الصفحة 142). ويمكن لاضطراباتٍ عصبيَّة ونفسية أخرى مسبِّبة لنقصِ تحرُّر النواقل العصبية أن تساهمَ أيضاً في التَّسرُّب الوريدي، مثلما يفعل التَّدْخينُ، وفرط ضغط الدَّم، وارتفاع الكوليسترول أو الحَدَثِيَّات المرضية الدَّاخلية التي تصيب العضلاتِ الملساء للجسمِ الكهفي. وقد يكونُ التَّسرُّبُ الوريدي أحدَ الأسباب الرئيسية للعجز في تحقيق الانتصاب بمعدَّل حدوث يبلغ نحو 65٪ بين الرِّجال المصابين بعجز في تحقيق الانتصاب هذا.

يُعَانِي عَددٌ هامٌّ من الرِّجال من انتصاب غير مستمر؛ ومع أنَّهم يمكن أن يحققوا انتصاباً جيداً، لكنَّهم يفقدونه بسرعةٍ كبيرة، وغالباً قبل تمكنهم من القيام بمجانسة ناجحة. ويكون لدى بعض هؤلاء الرِّجال تسرُّبٌ وريدي، بخلاف الرِّجال الذين يعانون من عجز في تحقيق الانتصاب النَّاجِم عن قصور جريان الدَّم الشِّرْيانِي. في العادة، يستغرق هؤلاء الرجال وَقْتاً أطول لتحقيق الانتصاب، وبعد أن يحققوه يمكن أن يَفْقِدوه بسرعة أكبر. ويُشْتَبَهُ بحصولِ التَّسرُّب الوريدي والداء الشرياني معاً لدى الرِّجال الذين يحققون الانتصاب ببطءٍ، ويُفْقََدونه بسرعة.

كخلاصة، يمكننا القول تُمَثِّلُ العواملُ الوعائية المنشأ السَّببَ الأكثر شيوعاً للعجز في تحقيق الانتصاب العضوي؛ وهي تشتملُ على تصلُّبِ أو انسداد الشرايين خارجَ القضيب أو الأوعية داخله، وفَرْط ضغط الدَّم، وارتفاع الكوليسترول (ارتفاع البروتين الشَّحْمِي الخَفيض الكَثافة أو انخفاض البروتين الشَّحْمِي المُرْتَفِع الكَثافَة) أو داء السكري، فَضْلاً عن رضوضِ الحوض، أو جراحته، أو معالجته إشعاعياً. لقد ذكرت التَّقاريرُ اضطرابَ الدِّينمِيَّات الدّموية للانتصاب لدى الرِّجال المصابين باحتشاء العضلة القلبية أو الذين خضعوا لجراحة المجازة الإكليلية، والمصابين بالدَّاء الوعائي المحيطي، والحادثة الوعائية الدِّماغية، وفَرْط ضغط الدَّم. ويبلغُ معدَّلُ حدوث عجز في تحقيق الانتصاب نحوَ 60٪ في حالاتِ احتشاء العضلة القلبية والمجازة الإكليلية، ونحو 10٪ في حالات فَرْط ضغط الدَّم غير المعالَج. ويزيد تشاركُ عوامل الخطر، مثل داء السكري، والأمراض الوعائية، وارتفاع ضغط الدَّم، والتَّدْخين حدوث العجز في تحقيق الانتصاب بشكلٍ هام. وفضلاً عن ذلك، قد يكونُ القضيبُ الرَّاصِد الرَّئيسي للشُّذوذات الوعائية البطانية لبقيةِ الجسم، وقد يُنْذِرُ حدوثُ عجز في تحقيق الانتصاب بظهورِ الدَّاء القلبي الوعائي مستقبلاً.

داء السكري

يُعَانِي نحو 30 - 75٪ من الرِّجال المصابين بداء السكري من عجزٍ في تحقيق الانتصاب. وبالمقابل، تظهر الإحصائيَّاتُ أنَّ نحوَ رجلٍ من بين كلِّ أربعة رجال مصابين بالعجز في تحقيق الانتصاب لديه داء السكري. في الواقع، قد يؤدِّي العجز في تحقيق الانتصاب إلى الاكتشاف الأوَّلي لداء السكري عند الرَّجُل، ففي إحدى الدِّراسات، كان العجز في تحقيق الانتصاب هو العلامة الأولى لداء السكري لدى 12٪ من المجموعة المَدْروسَة، وظهر العجز في تحقيق الانتصاب لدى 50٪ من مرضى داء السكري في غضون 10 سنوات من تَشْخيصه لديهم (كايزر وكورِنْمان 1988).

لقد وُجِدَ أنَّ العجز الجنسي عِنْدَ المصابين بداء السكري مرتبطٌ بالعمر، حيث يصيبُ العجز في تحقيق الانتصاب 15٪ من الذين تتراوح أعمارُهم بين 30 - 34 سنة مقابل نحو 55٪ من المصابين بداء السكري بعمر 60 سنة (وايتهيد وكايد 1990). يتصاحب داء السكري من النَّمط الثاني، الذي يحصل عادةً عندَ المسنين وينجمُ عن مقاومةِ الأنسولين، مع حدوث عجز في تحقيق الانتصاب أكثر من النمط الأول الذي يكون وراثياً.

قد يكونُ العجز في تحقيق الانتصاب المرافق لداء السكري مُتَعَدِّدَ العوامل، مع وجود كلٍّ من الأسباب العضوية والنَّفْسية. ومن بين أهمِّ العوامل العضوية في هذه الحالات نذكر:

= الدَّاء الوعائي المترافق مع التَّصلُّب العصيدي، والذي يمكن أن يرافقَ داء السكري. قد تؤدِّي هذه الحالةُ إلى انسداد أو تضيُّق الشرايين القضيبية أو إلى التَّسرُّب الوريدي.

= أَظْهَرَتْ دراسةٌ تجريبية حديثة أنَّ خللَ سِنْثَاز أكسيد النِّتْريك، وهو الأنـزيم الرَّئيسي المسؤول عن تَكْوين أكسيد النتريك في الخلايا البطانية لأوعية القضيب، يمكن أن يشكلَ سَبباً رئيسياً للعجز الجنسي المترافق مع داء السكري.

= أمَّا العَوَامِلُ الهامَّة الأخرى في العجز في تحقيق الانتصاب المرافق لداء السكري فهي حالات اعتلالِ الأعصاب الذي يعني أنَّ أعصابَ القضيب وإفرازها للنَّوَاقِل العصبية قد يتأثَّران سَلْباً بالمرض.

= قد يُعَاني بَعْضُ الرِّجال المصابين بداء السكري والذين يعانون من العجز الجنسي الناجم من عَوَزِ التِّسْتوستيرون أو من اضطرابات نفسيَّة هامَّة بشكلٍ رئيسي. فقد أوضحت دراسةٌ حديثة وجودَ علاقةٍ قويَّة بينَ العجز في تحقيق الانتصاب، واعتلال الأعصاب الحسية، ونقص الرَّغْبَة الجنسيَّة بشكلٍ مستقل عن العمر لدى بعضِ المصابين بداء السكري والذين يعانون من عجز في تحقيق الانتصاب، وهذا ما يوحي بأنَّ العواملَ النفسية قد تكون ذات تأثيرٍ واضح في بعضِ حالات العجز في تحقيق الانتصاب المرتبط بداء السكري (ناكانيهي وزملاؤه 2004).

= أَظْهَرَتْ دراساتٌ حديثة بالمجهر الإلكتروني، لدى رجال مصابين بداء السكري يعانون من عجز في تحقيق الانتصاب، تغيُّراتٍ مَرَضيةً في الأعصاب، والعضلات الملساء للنَّسيج الكهفي، وشرايين القضيب. وقد لوحظ اضطرابُ ارتخاءِ العضل الأملس في الجسم الكهفي في حالاتِ العجز في تحقيق الانتصاب من قِبَل باحثين في المركز الطبِّي بجامعة بوسطن. كما أشارت دراساتٌ حديثة إلى أنَّ داء السكري وارتفاع الكوليسترول قد يحولان دون الارتخاءِ الكامل للعضلِ الأملس التَّرْبيقي في الجيوبِ الوعائية القضيبيَّة، مع انسداد الشرايين الصَّغيرة داخلَ القضيب في النَّسيج الكهفي، وهذا ما يمكن أن يؤدِّي إلى عجز في تحقيق الانتصاب.

تشتملُ الأسبابُ الإضافية للعجز في تحقيق الانتصاب لدى المصابين بداء السكري على فرط خَثورِيَّة الدَّم، وإفراز مواد مضيِّقة للأوعية، واستبدال العضل الأملس بالكولاجين في الجسمِ الكهفي. لقد قادت أحدثُ الدِّراسات إلى اكتشاف عوامل مسببة جديدة يمكن أن تمارسَ دَوْراً رئيسياً في الاضطرابِ الجنسي عِنْدَ مرضى داء السكري، بما في ذلك خلل الوظيفة البطانية، والإجهاد التَّأَكْسُدي، والاعتلال العصبي، والتَّغيُّرات البنيويَّة (كينديرسي وزملاؤه 2005).

قد تُثَبِّطُ زيادةُ نشاط سَبيل الكيناز الرُّو[52] لدى المصابين بداء السكري (حيث ينظِّمُ هذا السَّبيلُ تَعْبيرَ سِنْثاز أُكْسيد النِّتْريك في الخلايا البطانية ووظائفه في الجسم الكهفي أيضاً) إنتاجَ أكسيد النِّتْريك. كما أنَّ فرطَ إنتاج المَنْتوج النِّهائي للارتباط المتقدِّم بالغلوكوز، لدى المصابين بداء السكري، قد يُنْقِص إنتاجَ أكسيد النتريك. لقد شُك بأن فرط إنتاج جذور الأكسجين المُتَفاعِلَة التي يمكن أن تُسَبِّبَ عيوباً عصبيَّة وعائية، وفَرْط تفاعل سبيل كيناز البروتين C (الذي يشتمل على أنـزيم من صِنْف النَّوَاقِل التي تساعد على إنتاج الأنـزيمات والبروتينات بالفسفرة داخل الخلايا) (كِنْدَرْسي وزملاؤه 2005)،كسببٍ محتمَل للعجز في تحقيق الانتصاب لدى المصابين بداء السكري.

تَشْتَمِلُ الأمراضُ الغدِّية الصَّمَّاوية الأخرى التي قد تساهمُ في العجز على تحقيق الانتصاب على قصور الغدد التَّناسُلِيَّة، وقصور الدرقيَّة أو فرط نشاطها، والاضطرابات الكُظْريَّة، وفَرْط برولاكتينِ الدَّم (انظرْ العواملَ الغدِّية الصمَّاوية والهرمونيَّة، ص...).

المتلازمةُ الاستقلابية والعجز في تحقيق الانتصاب

لقد عَرَّفت المعاهدُ الوطنية للصِّحَّة المتلازمةَ الاستقلابية عام 2001، ووصفتها بالموجوداتِ السريريَّة التَّالية:

1. محيط الخصر أكبر من 100 سم.

2. ضَغْط الدَّم الانقباضي أكثر من 130 ملم.ز، وضغط الدَّم الانبساطي أكثر من 85 ملم.ز، أو استعمال الأدوية المضادَّة لارتفاع ضغط الدَّم.

3. كوليسترول البروتين الشَّحْمِي المُرْتَفِع الكَثافَة أقلُّ من 40 ملغ/100 ملم، أو استعمال الأدوية الخافضة للشَّحْميات.

4. داء السكري المشخَّص ذاتياً.

5. ثلاثيَّات الغليسيريد أكثر من 150 ملغ/100 ملم.

لقد تبيَّنَ أنَّ المتلازمةَ الاستقلابيَّة استهلالية بالنسبة للدَّاء القلبي الوعائي، وقد وُجِدَتْ لدى 43٪ من المصابين بالعجز في تحقيق الانتصاب مقابل 24٪ تَقْريباً في مجموعةٍ مقابلة، مع زيادةٍ في حدوث المقاومة للأنسولين. ولذلك، قد يؤدِّي الاكتشافُ الباكر لها لدى الذكور الشَّباب المصابين بالعجز في تحقيق الانتصاب، من دون أعراض سريرية أخرى، إلى إنقاصِ خطرِ خَلَل الوظيفَة البطانية والدَّاء القلبي الوعائي مُسْتقبلاً (بانسال وزملاؤه 2005). لقد أَثبتت دراسةٌ حديثة هذهِ الموجودات، وأَوْضَحَتْ أنَّ العجز في تحقيق الانتصاب كانَ متوقعاً بحدوثِ المتلازمةِ الاستقلابية لدى الرِّجال الذين يقلُّ مؤشر كتلة الجسم لديهم عن 25. وتؤكِّدُ هذه الموجودةُ الهامَّةَ بأنَّ العجز في تحقيق الانتصاب قد يقدِّم علامةً مُنْذِرَة باكرة وفرصة للمُدَاخَلةِ العلاجية الباكرة لدى الرِّجال المسنِّين المصابين بالعجز في تحقيق الانتصاب، والذين يُعَدُّون - بسببِ نقص مؤشر كتلة الجسم - في خطرٍ أقل للإصابةِ بالمتلازمة الاستقلابية ثمَّ بالدَّاء القلبي الوعائي (كوبيليان وزملاؤه 2006).

description الأَسْبابُ الجسديَّة للعَجز الجِنسِي Emptyرد: الأَسْبابُ الجسديَّة للعَجز الجِنسِي

more_horiz
العَوَاملُ العصبيَّة

تُعَدُّ الاضطراباتُ العصبيَّة عواملَ مسببة لدى نحو 10 - 20٪ من حالاتِ العجز في تحقيق الانتصاب، فقد تؤثِّر أمراضٌ واضطرابات مختلفة في المراكز الجنسيَّة بالدِّماغ أو الأجزاء الأخرى من الجهاز العصبي، مثل الوِطَاء، والغدَّة النُّخامية، والنُّخاع الشَّوْكي، والأعصاب المحيطية المعصِّبَة للقضيب، فلكل ما تقدم دور هامَّ في التَّطوُّر الجنسي والوظيفة الجنسيَّة (انظرْ الفصلين 3 و4)؛ فالآفاتُ التي تَكْتَنِفُ الدِّماغَ مثلاً يمكن أن تؤدِّي إلى خَللٍ في إفراز نواقل عصبيَّة حيوية، كالدُّوبامين والأُوكسيتوسين، وتثبِّط نَقْلَ الإشاراتِ العصبيَّة من المراكزِ الجنسية إلى الأعصاب القضيبية عبر النُّخاع الشَّوْكي. وتشتملُ أسبابُ مثل هذه الآفاتِ الدِّماغيَّة على السَّكْتَة، وداء آلزهايمر، وأورام الدِّماغ، والصَّرْع، والحادثة الوعائية الدِّماغية، والعَدْوَى والباركنسونيَّة، والتَّصلُّب المتعدِّد، والرُّضوض.

يمكن أن تترافق آفاتُ النُّخاع الشوكي النَّاجمة عن بعض الحالات، مثل الإصابات، والأورام، والعَدْوَى، والتَّصلُّب المتعدِّد، واعتلال الأعصاب الناجم عن داء السكري، والانفتاق القرصي، والزُّهْري العصبي مع فقدان الانتصاب ذي المنشأ النفسي، وربما الانتصاب الانعكاسي، وغياب المُتْعَة الجنسية، والنشوة، والقذف. تنجمُ هذه المشاكلُ عن الاضطرابات في نَقْل الإشارات الحسية من القضيب إلى الدِّماغ وعَوْدَة المنبِّهات الحركية من الدِّماغ إلى القضيب. وتعتمدُ شدَّةُ خلل الأداء على مستوى الآفة وشدَّتها، لا سيَّما فيما يتعلَّق بالمركزِ الجنسي الثانوي المتوضِّع في النُّخاع العجزي. وتقودُ إصابةُ المركز الجنسي العجزي هذا بأيةِ آفة إلى غيابِ الانتصاب الانعكاسي والنَّفْسي المنشأ. كما أنَّ رضوضَ الأعصاب الحوضية أو القضيبية يمكن أن تسبِّبَ نقصَ الإحساس والعجز في تحقيق الانتصاب، وذلك من خلال الإِخْلال بالإشاراتِ العصبية المتَّجهة إلى القضيب والعائدة منه عبرَ العَصَب الفَرْجي.

لقد ذُكِرَ، في حالاتِ إصابة النُّخاع الشَّوْكي، أنَّ نحوَ 70٪ من مرضى الشَّلل في القسم الأسفل من الجسم أو الرُّباعي يكونون نَشيطين جنسياً، وأنَّ نحو 70٪ منهم يمارسون أشكالاً بديلةً من التَّعْبير الجِنْسي مثل التَّنْبيه الفموي أو التَّناسلي. وقد وَجَدَتْ إحدى الدراسات أنَّ الانتصاب الانعكاسي كانَ موجوداً لدى نحو 95٪ من المرضى المصابين بإصاباتٍ نخاعية فَوْقَ الفقرات العجزية، وأنَّ الانتصاب النفسي المنشأ استمرَّ لدى نحو 25٪ من المصابين بإصاباتٍ عجزية جزئية. ومع أنَّ القدرةَ على الانتصاب بقيت لدى نحو 90٪ من المصابين بآفاتٍ جزئية، لكنَّ أشكالَ الانتصاب تلك لم تكنْ متوقَّعةً عموماً، وكانت قصيرةَ المدَّة ومتصاحبةً مع قذف ضعيف، مما يحولُ دونِ الأداءِ الجِنْسي الطَّبيعي.

فَرْطُ ضَغْط الدَّم

أَثبتَتْ عدَّةُ دراسات وبائيَّة حديثة العَلاقةَ بين فَرْط ضَغْط الدَّم والعجز في تحقيق الانتصاب، فقد قُدِّرَ بأنَّ نحوَ 8 - 10٪ من المرضى المصابين بِفَرْط ضغط الدَّم غير المُعالَج يعانون من عجز في تحقيق الانتصاب عندما يُشَخَّصُ ارتفاعُ ضغط الدَّم لأوَّل مرَّةٍ لديهم. لكنَّ دراساتٍ أكثر حداثةً ذَكَرَتْ معدَّلاتِ حدوث أعلى بكثير تتراوح بين 26 حتى 41٪ (روزن وزملاؤه 2004؛ سِيفتيل وزملاؤه 2004). ويمكن لفَرْط ضغطَ الدَّم بحدِّ ذاته أن يسبِّبَ ضَرراً في البطانة الوعائية المُفْرِزَة لأُكْسيد النِّتْريك في شرايين القضيب، أو يبدِّلَ تَرْكيب النُّسُج في الأجسام الكهفية، مما يؤدِّي إلى زيادةِ حَجْم العضلات الملساء، وتكاثرها، وزيادة مقادير الكولاجين غير المرن، وإلى التَّلَيُّف، وفَرْط تَنْشيط الجهاز العصبي الودِّي. وهذا ما قد يسبِّب خللاً في قدرةِ الأوعية القضيبية على الارتخاء والتَّوسُّع بما يتفق مع الحجمِ المتزايد للدَّم الضَّروري للانتصاب.

علاوةً على ذلك، يمكن أن يؤدِّي نقصُ تركيز تِسْتوستيرون المصل - المُلاحَظ لدى بعض الذُّكور الشَّباب المصابين بارتفاع ضغط الدَّم - إلى تبدُّلِ إفراز أُكْسيد النِّتريك في نسيج القضيب، واضطراب القدرة النسيجية على الاستجابة لتأثيره، أو يساهم في العجز الجنسي من خلال القَلَق والخوف اللذين يسبِّبهما لدى الشَّخْص المصاب. وقد لوحظ أنَّ بعضَ الأدوية المضادَّة لارتفاعِ ضغط الدَّم، مثل المدرَّات، وبَعْض مُحْصِرات بيتا تُنْقِص الرَّغبةَ الجنسية وتفاقم العجز الجنسي كأحد التَّأثيرات الجانبية السيِّئة للمعالجة، وهذا ما يحصل عندما يؤدِّي الدَّواءُ إلى تضيُّقِ الشرايين القضيبية، أو عندما يكون للدَّواء تأثيرٌ مضاد للفِعْل الأندروجيني يؤثِّر في الرَّغبة الجنسية والقدرة على تحقيق انتصاب قوي.

الأَدْويةُ، والمخدِّرات، والكحول

قد تمثِّلُ الأدويةُ أكثرَ الأسباب شيوعاً للعجز في تحقيق الانتصاب بمعدَّل حدوث يبلغ نحوَ 25٪ بين جميع العوامل المسببة. وفيما يلي أصنافُها العامَّة:

= مُضَادَّات ارتفاع ضغط الدم.

= مُضَادَّات اضطراب النَّظْم.

= مُضَادَّات الاكتئاب.

= مُضَادَّات الذُّهان.

= خَافضاتُ الكوليسترول.

= السِّتيرويدات الابْتِنائِيَّة.

= مُضَادَّات الاختلاج.

= المعالجات الكيميائيَّة.

= المُهَدِّئات.

= المدرَّات (لإزالة الماء الزائد).

= الأدوية القلبيَّة (مثل الدِّيجوكسين).

= مضادَّات الفِعْل الكوليني (مُحْصِرات الإشارة العصبيَّة).

= أدوية القرحة الهضميَّة (مثل السِّيميتيدين).

= مضادَّات الأَنْدروجينات (مضادات الهرمونات الذكرية) (مثل الإستروجينات).

= المخدِّرات.

= بَعْض الباربيتورات ومضادَّات الهيستامين.

تُؤَثِّرُ عدَّةُ أدوية موصوفة سَلْباً في الفحولة؛ وتؤدِّي بعضُ هذه الأدوية إلى انخفاض الحافز الجنسي أو انخفاض القدرة على تحقيق الانتصاب. ومن بين أكثرِ هذه الأدوية شيوعاً بَعْضُ العقاقير المضادَّة لارتفاعِ ضغط الدَّم، مثل مُحْصِرات بيتا، والمُدِرَّات، ومُحْصِرات قَنَواتِ الكالْسْيُوم وتلك التي تؤثِّرُ مركزياً في الدِّماغ، وبَعْض المهدِّئات، وَنَاهِضَات (مُقَوِّيات) مُوَجِّهَةِ الغُدَدِ التَّنَاسُلِيَّة المُسْتَعْمَلَة في مُعَالجَةِ سَرَطان البروستات المتقدِّم ومُخْتَزِلَة ألفا - 5 (البروسكار والآفودارت) وفرط التنسُّج الهرمونِي الحميد، والهُرْمونَات الأنثويَّة مضادَّات الأَنْدروجينات. ومن بين الأدوية الأخرى التي تترافق مع عجز في تحقيق الانتصاب مُنَاهِضَات (مُضَادَّات) الهيستامين 2 المستعمَلَة في معالجةِ القرحة الهضمية، ومثبِّطات إعادة قَبْط السِّيروتونين، وبعض مضادَّات الاكتئاب الأخرى، والأمفيتامينات، ومضادَّات الصَّرْع (لوبو ونيهرا 2005).

كما شُك ببعض الأدوية التي لا تحتاج لوصفة طبية - مثل الاستعمال المزمن لبعض مُزيلات الاحتقان الأنفي المضيِّقَة للأوعية - في التسبب بالعجز الجنسي. كما أنَّ استعمالَ المخدرات (الماريجوانا، الكوكايين... إلخ) يمكن أن يُسَبِّبَ العجز في تحقيق الانتصاب، وقد تؤدِّي المقاديرُ الصغيرة من الكوكايين إلى انتصاب مُعَزَّز وقذف متأخر، لكنَّ الاستعمالَ المزمن للكوكايين أو الأفيونات قد يؤدِّي إلى العجز الجنسي.

مثلما هي الحال مع المخدرات، يمكن أن يزيدَ الاستهلاكُ الخفيف أو المتوسِّط المتعةَ الجنسيَّة لدى نحو 45٪ من الرِّجال ولدى نحو 70٪ من النِّساء؛ فالتَّهيُّجُ الجنسي باستهلاك الكحول يَتَأثَّر عادةً بمُعْتَقَدَات الفَرْدِ المتعلِّقة بتأثير الكحول. ولكنَّ الكحوليةَ المزمنة، أو حتَّى تناول كمياتٍ كبيرة من الكحول، قد تؤدِّي إلى عجز في القدرة على تحقيق الانتصاب، مع نَقْصٍ في تِسْتوستيرون المصل وزيادة في الهرمونات الأنثويَّة؛ وقد تُحْصِر إطلاقَ الهرمونات النخامية والخصوية، وتؤثِّر في استقلاب الهرمون الأنثوي الإستروجين (في شَكْله الإستراديول) في الكبد.

العَوَامِلُ الهُرْمونيَّة، والغدِّية الصمَّاوية

مثلما لاحظنا آنفاً، يؤثِّر التِّسْتوستيرون في نموِّ الجهازِ التناسلي لدى الذكر، وظهور الخصائص الجنسيَّة الثانوية، ولا بدَّ من التِّسْتوستيرون، لا سيَّما في شَكْله الحرّ أو المتاح حيوياً في المصل، للتَّهيُّج الجنسي والأداء الوظيفي الصَّحيح للأعضاء الجنسية عندَ معظم الذكور، كما أنَّه ينظِّم إفرازَ النَّوَاقِل العصبية من المراكز الجنسية في الدِّماغ والنُّخاع الشَّوْكي، وربما إفراز أُكْسيد النِّتْريك في الجسم الكهفي (انظرْ الفصل 16)؛ ولكنَّ مساهمةَ التِّسْتوستيرون في الانتصاب والعجز في تحقيق الانتصاب لا تزالُ مَوْضِعَ خلاف.

تُبْدِي المعطياتُ التَّجْريبيَّة والسَّريرية أنَّ الوسطَ الهُرْمونِي المناسب (لا سيَّما التِّسْتوستيرون) يمارسُ دَوْراً فعَّالاً في الحفاظِ على الأداء الجنسي الطَّبيعي. وقد أوضحت دراساتٌ سريرية حديثة، من خلال قياس مستويات التِّسْتوستيرون الكلِّي، أنَّ نحوَ 5٪ من الرِّجال الذين يُعَانون من عجز في تحقيق الانتصاب قد يكونُ لديهم نَقْصٌ في المستويات الهرمونية، في حين قد يكونُ لدى نحو 18٪ نَقْصٌ في مستوياتِ التِّسْتوستيرون الحُرِّ (مارتينـز - جابالويَاس وزملاؤهما 2006). ومع أنَّه كانَ يُعْتَقَدُ بأنَّ التِّسْتوستيرون يُسَهِّلُ الانتصاب بتَوْسيعه الشرايين والجيوب الوعائية القضيبيَّة، إلاَّ أنَّ تَأْثيرَه في إِحْداثِ عجز في تحقيق الانتصاب لا يزالُ مَوْضِعَ خلاف (مِكْهايِل 2006). وقد يؤدِّي ارتفاعُ برولاكتين المَصْلِ (هُرْمونٌ نخامي) إلى نحو 6٪ من حالاتِ العجز في تحقيق الانتصاب، وهو يترافق عادةً مع نقص التِّسْتوستيرون. ويمكن أن يؤدِّي فَرْطُ أو نَقْص إفراز الهرمونات الدرقيَّة إلى العجز الجنسي أيضاً.

قَيَّمَتْ دِراسةٌ في ماساشوستس عن شَيْخوخة الذكور تَأْثيرَ الهرمونات الجنسيَّة في العجز على تحقيق الانتصاب لدى 1519 رجلاً تتراوح أعمارهم بين الأربعين والسبعين سنة كمستوى قاعدي؛ فلم تكنْ هناك علاقةٌ بين التِّسْتوستيرون الكلِّي، والتِّسْتوستيرون المتاح حيوياً، والغلوبولين الرَّابِط للهُرْمونِ في المصل، وبين العجز في تحقيق الانتصاب. وقد ترافقَتْ زيادةُ مستويات الهرمون المُلَوْتِن فقط مع زيادةِ خطر العجز في تحقيق الانتصاب، ممَّا قد يَدُلُّ على وجودِ علاقةٍ بين العجز في تحقيق الانتصاب ووظيفة الخصيتين بشكلٍ مستقل عن مستويات التِّسْتوستيرون (كوبيليَان وزملاؤه 2006).

لكن، في بعض الحالات، يَكونُ التَّأْثيرُ الرَّئيسي لنَقْص تِسْتوستيرون المصل هو نقص الحافز الجنسي. وغالباً ما يحصل الرِّجالُ الأصحَّاء من كلِّ النَّواحي - لكن مع نَقْص مستوياتِ التِّسْتوستيرون الحر - على التَّعْزيز الجنسي من خلال الإمداد بالهرمون. وقد لا يستجيبُ بَعْضُ الرِّجال المُسَنِّين المصابين بنَقْص تِسْتوستيرون المصل والعجز في تحقيق الانتصاب لحُقَن التِّسْتوستيرون العضلية، لأنَّ معظمَ التِّسْتوستيرون المَحْقون يرتبطُ ببروتينات الدَّم، مثل الغلوبولين الرَّابط للهرمون في المصل، مما يؤدِّي إلى نَقْص الجُزْء الحرِّ الذي يمكن أن يؤثِّرَ في مختلف النُّسُج، أو يسبِّب زيادةً سريعة في مستوى تِسْتوستيرون المصل خلال 72 ساعة، مع نَقْصٍ تَدْريجي على مدى الأسبوعين أو الثلاثة الأسابيع اللاحقة. واليوم، تجري الإعاضةُ المثالية للتِّسْتوستيرون، مع جَعْلِ مستواه في المصل سوياً، خلال 24 - 72 ساعة من خلال اللُّصَاقات، والهلام، والأَقْرَاص المخاطية اللاصقة، وحتَّى بَعْض الأقراص الفموية.

تُعِيدُ حُقَنُ التِّسْتوستيرون القدرةَ على الانتصاب (الفحوليةَ) أحياناً في الخَصِيِّ أو الذُّكور الذين فَقَدوا خِصاهم قبلَ البلوغ (قبل أن تُصَنِّعَ أجسامُهم التِّسْتوستيرون لأية فترةٍ طويلة من الزمن)، فضلاً عن الرِّجال المَخْصِيِّين الذين فَقَدُوا خِصاهُم بعدَ البلوغ (بعد فترةٍ طويلة من إنتاجِ التِّسْتوستيرون). ومع أنَّ بعضَ الرِّجال المَخْصِيِّين يمكن أن يحققوا الانتصاب أحياناً بشكل كافٍ، ويحافظوا عليه من دون تِسْتوستيرون إضافي، لكنَّ معظمَهم لا يمتلكون لذلك سبيل.

كما يمكن أن يؤثِّرَ جُزْءٌ هام آخر من الوسط الهُرْمونِي الصحِّي في الوظيفة الجنسيَّة وخللها، وهو الهرمونات الدرقيَّة؛ ففرطُ إنتاج هذه الهرمونات من الغُدَّةِ الدرقيَّة (فرط الدرقيَّة)، أو عوز هذه الهرمونات بسبب نقص نشاط الغُدَّةِ الدرقيَّة (قُصور الدرقيَّة)، يمكن أن يؤدِّي إلى عجز في تحقيق الانتصاب، ونقص الرغبة الجنسيَّة، واضطرابات القذف.

الجِرَاحَة

تُسَاهِمُ جِراحَةُ الحَوْضِ، أو المستقيم، أو الأَعْضاء التَّناسلية الباطنة، لدى كلٍّ من المرضى الرِّجال والنِّساء، في معدَّل الحدوث المرتفع للعجز الجنسي بَعْدَ الجراحة؛ ويتراوحُ ذلك ما بين 8 و32٪ حسبَ نوع الجراحة. وقد يؤدِّي استئصالُ الخصية، لمعالجة سرطانِ البروستات المتقدِّم، إلى عجز في تحقيق الانتصاب بسببِ انخفاضِ التِّسْتوستيرون حتَّى المستويات الخِصَائِيَّة. وقد تتأذَّى الأعصابُ والأوعية الدموية التي تساهمُ في عمليةِ الانتصاب في إجراءات جراحيَّة أخرى مثل:

= العمليَّات خَلْفَ الصِّفاق (أي تحت جَوْف البَطن وخَلْفَه) لأمِّ الدَّم البطنية (تَبارُز شاذ في جدارِ الشريان) أو جراحة المجازَة الأَبْهريَّة الحرقفية أو جراحة النُّخاع الشَّوْكي.

= استئصال البروستات الجذري (الاستئصال التَّام للغدَّة البروستاتية السرطانية، وهو إجراءٌ يُسْتَعْمَل بشكلٍ واسع لمعالجةِ المراحل الباكرة من سرطان البروستات عندما تكون الخباثةُ محصورةً بالبروستات عادةً).

= استئصال البروستات البسيط لمعالجة فرطِ التَّنسُّج البروستاتِي الحميد (تضخم البروستات غير السَّرَطاني).

= بَضْع المصرَّة الظَّاهِرة (القَطْع الجراحي للمصرَّة) لمعالجةِ المثانة العصبيَّة (الثانوية لإصابات النُّخاع الشَّوْكي أو السَّكْتَة أو الأورام).

= الجِراحَةُ الجذريَّة لسرطانِ المثانة أو المستقيم.

في الحالةِ الخاصَّة من استئصالِ البروستات الجذري، يَتَفاوتُ معدَّلُ حدوث العجز في تحقيق الانتصاب بَعْدَ الجراحة ما بين 20 - 100٪ حسب عمرِ المريض، وقدرات الانتصاب التَّالية للجراحةِ، والمحافظة على الأعصاب التي تُعَصِّب القضيبَ خلال الجراحة، وخبرة الجرَّاح. علاوةً على ذلك، يمكن أن يحصلَ لدى بَعْض المرضى سَلَسٌ بول بعد الجراحة خلالِ النشوة، ممَّا قد يُسَبِّبَ لهم الإحراجَ، وقد يجعلهم يتجنَّبون أيَّ لقاءٍ جنسي.

تَشْتَمِلُ العَوَامِلُ الأخرى التي قد تؤثِّر في عودة الانتصاب الطَّبيعي بَعْدَ استئصال البروستات الجذري على: استعمال أدوية الفُسْفودايستِيرَاز، مثل الفياغرا، أو السِّيالس، أو الليفيترا؛ واستعمال حُقَن الأَلْبرُوستاديُول PGE1 أو الغِرْسَات داخل الإحليل أو تَوْليفةٍ من هذه الأدوية وذلك بعد مضي 4 أسابيع على الجراحة؛ والرَّغْبَة الجنسيَّة الكافية، والاهتمام بالجِنْس من جانبِ المريض؛ وتوفُّر شَريكته الجنسية، ورغبتها بالمجانسة؛ وغياب القلق، أو الاكتئاب، أو الاضطرابات النَّفْسية الأخرى. وبمتابعةِ المرضى على مدى 24 و48 شهراً بَعْدَ الجراحة الحافظة للأعصاب بالجانبين، تَرَاوحَتْ استعادةُ الانتصاب بين 32 - 80٪ تقريباً (مع المعالجة الدَّوَائية أو من دونها).

الرُّضوضُ الجسديَّة

كما أنَّ رضوضَ أعصاب الحوض أو القضيب بسببِ حادث سيارة، أو سقوط، أو جُرْح ناري، أو كسر حوضي مع تمزُّق المثانة أو الإحليل، يمكن أن تُسَاهِمَ في حدوثِ عجز في تحقيق الانتصاب. وقد ناقشنا الإصاباتِ النُّخاعية والدِّماغية آنفاً في هذا الفصل وقد ينجمُ اضطرابُ جريان الدَّم في شرايين القضيب عن إصابةٍ في فترة المراهقة أيضاً، مثل ارتطامٍ قوي للمَسَافة بين الفخذين على عارضةِ الدرَّاجة.

السِّمْنَةُ، وفرطُ شحميَّات الدَّم، والتَّدْخين

من الأخبارِ السيِّئة أنَّ السِّمْنةَ التي تتصاحبُ مع الإفراط في الأكل، ونَقْص التَّمارين، والحياة الكسولة (قلَّة الحركَة)، والنَّهَم، والتَّدْخين يمكن أن تُساهِمَ في العجز على تحقيق الانتصاب. أمَّا الأخبارُ الجيِّدة فتتمثَّل في أنَّ نحوَ 30٪ من هذه الحالات، يمكن أن يُساهِمَ فيها التَّمْرينُ المنتظم، والنِّظام الغذائي المتوازِن، والامتناع عن التَّدْخين، ونَقْص الوزن في استعادةِ الوظيفة الجنسية، من دون الحاجةِ إلى أيَّة معالجة.

علاوةً على ذلك، ففي الوقت الذي ترتفعُ فيه مستوياتُ كوليسترول المصل لدى نحو 26٪ من المصابين بالعجز في تحقيق الانتصاب، إلا أنَّ هذا الرَّقمَ يزداد حتى نحو 40 - 80٪ إذا كانوا يُعانون من ارتفاعِ ضغط الدَّم أيضاً (سيفتل وزملاؤه 2004). ولا تزالُ الآليةُ الدَّقيقة لنقصِ الأداء الجنسي الطَّبيعي بسببِ المستويات المرتفعة لكوليسترول المصل غيرَ معروفةٍ. وقد رَبطت عدَّةُ نظريات، معتمدة على الدِّراسات التَّجْريبية عِنْدَ الجرذان والأرانب، هذه العلاقةَ بضعفِ ارتخاء السَّرير الوعائي المعتمد على البطانة وتراكم الكوليسترول السيئ (البروتين الشَّحْمِي الخَفيض الكَثافة) في اللُّوَيْحات التي تسدُّ الشرايينَ القضيبية، ونَقْص التَّعْصيب أو قلَّة الخلايا البطانية، والتَّرْكيز المرتفع للخلايا العضليَّة المَلْسَاء (غولامي وزملاؤه 2003.). وتشتملُ العَوَامِلُ الأخرى على التَّغيُّرات العصبية والوعائية المترافقة بضمورِ ونقص عددِ المحاوير وحجمها (المِحْوَارُ هو بروزٌ عصبوني تعبرُ من خلاله الإشاراتُ من جسم الخلية) وتنكُّس الخلايا العضلية الكهفية الملساء ونَقْص عامل نُمو البطانة الوعائية (كِنْدَرْسي وزملاؤه 2005).

مثلما هي الحال في التَّدْخين، أَشارَت عِدَّةُ دراساتٍ إلى وجودِ علاقةٍ مباشرة بين عدد السَّجائر في اليوم ومدَّة التَّدْخين وبين ظهورِ العجز الجنسي وشدَّته، حتى في غياب عوامل الخطر الأخرى. وتشتمل أسبابُ عدم الكفاية الجنسية، أو العوامِل المساهمة في المشكلة الجنسيَّة، على نَقْص ارتخاءِ العضل الأملس المعتمد على البطانة في المجموع الوعائي القَضيبي وتَضيُّق الشِّريانين الفَرْجيين وضعف الصَّلابة أثناء الانتصاب اللَّيْلي. ومن بين العواملِ الأخرى خَللُ الوظيفة المستقلَّة، وتَضَرُّر البطانة، وتشنُّج الشرايين القضيبية، ونَقْص تراكيز سِنْثاز أُكْسيد النِّتْريك وأُكْسيد النِّتْريك، وزيادة الجذور الحرَّة السَّامَّة والمركَّبات الأروماتيَّة التي يمكن أن تؤدِّي إلى نَقْصِ جريان الدَّم الشِّرْيانِي أو إلى التَّسرُّب الوريدي في القضيب.

أَعْراضُ السَّبيل البولي السُّفْلي

يمكن أن يؤدِّي التَّضخُّمُ الحميد (غير السَّرطاني) لغدَّة البروستات إلى انضغاطٍ فاعل أو مُنْفَعِل للإحليل (قناة البول). وتحصلُ الأعراضُ البولية السُّفْلية لدى نحو 40 - 50٪ من الرِّجال ممن تجاوزوا الخمسين سنة من العمر الذين لديهم فرطُ تنسُّجٍ بروستاتِي حميد؛ وتشتملُ هذه الأعراضُ على التَّبوُّلِ، والزَّحير، وضعف تدفُّق البول، وتقطعه، ونَقْص الإفراغ المثانِي، والكَبْس خلال التَّبوُّل، والتقطر بعد الإفراغ، والسَّلَس أحياناً وقد تكونُ هذه الأعراضُ مزعجةً تماماً، وتؤثِّر في نوعية الحياة.

رَبَطَتْ دِراساتٌ حَديثَة أَعْراضَ السَّبيل البَوْلِي السُّفْلي (حسب درجةِ شِدَّتها) بالعجز في تحقيق الانتصاب وقصور القذف، والقذف المؤلِم؛ ففي دراسةٍ على 12815 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 50 - 80 سنة، سُمِّيَتْ المسحَ الوَطني المتعدِّد للذكور المسنِّين، وأُجْرِيَتْ في الولاياتِ المتحدة وستَّة بلدان أوروبية، شَكَّلَتْ شدَّةُ الأعراض البولية عاملَ خطرٍ رئيسياً في حدوثِ اضطرابات الانتصاب والقذف، بغض النَّظر عن العمر وعوامل الخطر الأخرى (رُوزِن وزملاؤه 2003). كما عَزَتْ عدَّةُ نظريَّات، لم تَثْبُتْ بَعْدُ، هذه العلاقةَ بين الأعراض البَوْلية والجنسيَّة إلى فَرْطِ نَشاطِ الجهاز العصبي الودِّي في البروستات والقضيب، مما يَقودُ إلى تَقلُّصٍ مُفْرِط للعَضلات الملساء البروستاتيَّة والشرايين القضيبيَّة أو عَوَز أُكْسيد النَّتْريك في كلا العضوين، أو تغيُّرات عصيديَّة تصلُّبية في الأوعية الدَّموية، مع نقصٍ هام في جريان الدم في القضيب.

لقد جرَى التَّأْكيدُ كثيراً مؤخَّراً على دورِ كيناز الرُّو في كلٍّ من العجز في تحقيق الانتصاب والأعراض البولية السُّفْلية الثانوية لفرط التَّنسُّج البروستاتي الحميد. وكيناز الرو هو بروتين صغير لثُلاثِي فُوسْفَات الغوانوزين، يُنَظِّم عدداً من العمليات الخلوية بما فيها تقلُّص العضل الأملس. وتشتركُ التَّغيُّراتُ المورفولوجيَّة في البروستاتِ والقضيب والمثانة، عِنْدَ المصابين بعجز في تحقيق الانتصاب أو الأعراض البولية السُّفْلية، في الآلية، وهي تَعْزيزُ نَشاط الرُّو في السَّبيل البولي والتَّناسلي. وقد يقودُ هذا التَعْزيزُ إلى زيادةِ الحساسيَّة تجاه الكالسيوم وزيادة الاستجابةِ للنَّوَاقِل والوسائط المسبِّبة للتَّقلُّص.

مثلما هي الحال في فَرْط ضغط الدَّم، يمكن أن تؤثِّرَ بعضُ الأدوية، المستعمَلَة في معالجة الأعراض البولية، في الوظيفةِ الجنسية؛ فأنـزيماتُ مختزلَة ألفا - 5، مثل البروسكار (الفِيناستيريد) والأَفودارت (الدُّوتاستيريد)، يمكن أن تنقصَ الرَّغبةَ الجنسية، وتؤثِّر في الفحوليةِ الجنسية، وتثبِّط القذف. كما أنَّ مُحْصِرَات ألفا، لا سيَّما الفلوماكس (التَّامسولوزين)، يمكن أن تؤدِّيَ إلى اضطراباتِ القذف لدى زُهاء 30٪ من هذه الحالات. ويُعْتَقَدُ أنَّ هذا التَّأْثيرَ السَّلبي ناجمٌ عن التَّأثير المثبِّط لهذا الدَّوَاء في الحُوَيْصِلَتَيْن المَنويَّتَيْن والأَسْهَر، أو في بعض الأَفْعال المركزيَّة في الدِّماغ. من جهةٍ أخرى، يمكن أن تُحَسِّنَ مُحْصِراتُ ألفا البَوْلية غير الانتقائيَّة، مثل الفلوماكس واليُوروزاترال (الأَفْلوزوسين)، فضلاً عن مُثَبِّطات الفُسْفودايستيراز من الفئة 5 (انظرْ الفصل العاشر)، كلاً من الأَعْراضِ البَوْلِيَّة والجِنْسِيَّة. ولكن، وبالاستناد إلى تحذيرات إدارة الأغذية والأدوية الأميركيَّة، ينبغي ألاَّ تتجاوزَ جرعاتُ الفياغرا 25 ملغ في غضون 4 ساعات من تناول أحد مُحْصِرات ألفا. وقد أثبتت الدِّراساتُ السَّريرية سلامةَ المشاركة بين السيالِس والفلوماكس أو السيالس واليوروزاترال في المعالجةِ المتزامنة للأعراضِ البولية السُّفْلية وخلل الانتصاب، من دون تأثيراتٍ جانبية خطيرة.

داءُ بيرونِي

يُعَدُّ الطَّبيبُ الفرنسي فرانسوا دي لا بيروني أوَّلَ من وصفَ هذه الحالةَ في العام 1743م، وهي تتميَّز بلويحةٍ أو لَطْخة من النَّسيج المتندِّب تتشكَّلُ على الغلالةِ البيضاء وتخترق النَّسيجَ الكهفي. ويمكن أن تؤدِّي هذه اللويحةُ، حسب توضُّعها، إلى انحناءِ القضيب (ظهرياً في العادة، وربما باتجاهاتٍ أخرى)، أو تؤدِّي أحياناً إلى مَظْهَر "زُجاجة السَّاعَة" “hourglass appearance” بسببِ التَّفرُّض في القسمِ المتوسِّط من جذع القضيب، مع تضيُّق محتمل من مَوْضِعِ التَّفَرُّض باتجاهِ الحشفة. كما يمكن أن يؤدِّي هذا التَّشوُّهُ إلى شذوذات وعائية قد تسبِّب عجزاً جنسياً. وإذا لم يُعالَجْ داءُ بيرونِي لفترةٍ طويلة، يترقَّى لدى نحو 40٪ من حالاته، بينما لا يتغيَّر لدى نحو 47٪، ويتراجع لدى نحو 13٪ بشكلٍ عفوي (جِلْبارد وزملاؤه 1990).

يصيبُ داءُ بيرونِي نحو 0.4 - 16٪ من الرِّجال حولَ العالم؛ ففي إحدى الدِّراسات التي اشتملت على 4432 رجلاً ألمانياً متوسِّط العمر، بلغَ معدَّلُ الحدوث نحو 3.2٪ (سومر وزملاؤه 2002). ورغم دراستِه الواسعة، لا تزالُ مسبباته مجهولةً، لكنَّ هناك عدَّةَ نظريَّات بشأنه، إحداها وراثيَّة تَقومُ على ربطه بحالةٍ وراثية تُدْعَى تقفُّعَ دُوبْوِيتْران في اليدين، فضلاً عن وجود جيناتٍ معيَّنة تُدْعَى النُّمَيْطات هلا ب 27 وتشتملُ النَّظرياتُ الأخرى على حصول تفاعلٍ مناعي ذاتِي يشكِّل أضداداً للإيلاستين في النَّسيج الذاتي للجسم، ووجود شذوذٍ في شفاء الجروح بسببِ الاستعداد الوراثي، والإصابة المسبِّبة لظهور اللُّوَيْحة الكولاجينيَّة (الكولاجين هو البروتينُ الموجود في الألياف البيضاء للنَّسيج الضَّام).

اليومَ، تتمثَّلُ النَّظريةُ الأكثر قبولاً في أنَّ الرَّضَّ الفيزيائي المتكرِّر أثناء المجانسة يؤدِّي إلى النـزف وتوضُّع الفِبْرين (مادَّة دموية تساهم في عملية التَّجلُّط) والالتهاب في الغلالة أو تحتها عِنْدَ الحاجز العمودي الذي يفصل الجسمين الكهفيين، وفَرْط إنتاج السِّيتوكينات من الخلايا الالتهابية مثل اللمفاويات التَّائِيَّة. والسِّيتوكينات هي بروتيناتٌ غير ضديَّة، مثل عامل النموِّ المشتقِّ من الصُّفَيْحات وعامل النموِّ المُحَوِّل اللذين يساهمان في الاستجابةِ المناعية من خلال جَذْب الخلايا الالتهابية الأخرى، كالعَدْلات والبَلاعِم والأَرومات الليفيَّة، إلى موضعِ الإصابة. ويؤدِّي هذا الالتهابُ إلى فرط إنتاج الكولاجين، وقد يثبِّط أنـزيم الكولاجيناز الذي يخرِّبه عادةً. وقد تَشْتَمِلُ العواملُ المساهِمَة الأخرى في فرطِ إنتاج الكولاجين وإعادة القَوْلَبَة الشاذة للنَّسيج، خلال الشِّفاء، على الشُّذوذات الوراثية وزيادة الإجهاد التَّأَكْسُدي النَّاجِم عن فَرْط إنتاج جذور الأكسجين الحرَّة، وربما الأنـزيمات (الأشكال الإِسْوِيَّة لسِنْثاز أُكْسيد النتريك) المسؤولة عن إنتاجِ أُكْسيد النِّتْريك، وانسداد الأوعية النَّازِحَة (موتورزي 2005).

تَشْخيصُ داء بيرونِي ومعالجتُه

يَعْتَمِدُ تَشْخيصُ داء بيروني على أعراض التَّزوِّي القَضيبي والألم، وربَّما العجز في تحقيق الانتصاب، وعلى القصَّة الطبِّية السابقة لرضوض القضيب أو الاضطرابات الطبِّية الأخرى، مثل تَقَفُّع دوبوِيتْران. ويركِّز الفحصُ السَّريري على جَسِّ (التَّمييز باللمس) اللويحة في الغلالة البيضاء، وربَّما تقدير حجمها وتوضُّعها بتَخْطيط الصَّدى الدُّوبلري الملوَّن، وهذا ما قد يُثْبِت السَّببَ الوعائي للعجز الجنسي إن وُجِد. وقد يكونُ إيضاحُ درجة الانحناء القضيبي أثناء الانتصاب بالصُّورَة الشُّعاعية أو شريط الفيديو المأخوذين في المَنـزل، أو بالملاحظةِ بعد حَقْن موسِّع وعائي داخل القضيبِ في عيادة الطَّبيب، مفيداً جدّاً في اتخاذِ القرار بشأن التَّدْبير المستقبلي.

يَعتمدُ تَدْبيرُ داء بيرونِي على عدَّةِ عوامل: المدَّة، ودرجة التَّشوُّه، ووجود الألم أو العجز في تحقيق الانتصاب، ومرحلة المرض. ولا يُنْصَحُ بالمعالجةِ الجراحية قَبْلَ مضيِّ 12 شهراً على الأقل من بَدْء المرض. وتشتملُ المظاهرُ السريريَّة في المرحلةِ الباكرة على وجود لويحةٍ ممتدَّة ومحسوسة مع ألم وتشوُّه قضيبي أثناء الانتصاب. أمَّا مظاهرُ المرحلة المتأخِّرة فهي وجودُ لويحة قاسية وأكثر توضُّعاً (متصاحبة أحياناً بتكلُّس)، وتشوُّه قضيبـي ثابت وربما عجز في تحقيق الانتصاب. ولا حاجةَ إلى المعالجة في حالة التشوُّه البسيط من دون ألم أو انـزعاج، إنَّما يُكْتَفَى ببساطةٍ بطمأنة المريض ومتابعته بشكلٍ منتظم. أمَّا في حالةِ الألم والانحناء الواضح وربَّما العجز في تحقيق الانتصاب، فيمكن تجربةُ التَّدْبير المحافظ بالأدوية الفمويَّة والتَّفْتيت بالأمواج الكهربيَّة الصَّادِمة الموضعيَّة (طريقة تُسْتَعْمَلُ بشكلٍ أكثر شيوعاً في تَفْتيت الحصيات الكلوية أو البولية) أو الحقن داخل الآفة، مع أنَّها تتصاحبُ بدرجاتٍ متفاوتة من النَّجاح عادةً.

لقد جُرِّبَتْ عدَّةُ أدوية، مثل الكولشِيسين والفيتامين E وأمينوبِنـزوات البوتاسيوم والتَّاموكسيفين وأسيتيل الأَرجِنين المُيَاسِر والستيروويدات ومضادَّات الهيستامين وغيرها، وحدَها أو بشكلٍ مشترك، بمعدَّلاتٍ مختلفة من النَّجاح، لكن من دون فائدةٍ نوعية عدا تحسُّن متوسِّط أحياناً في الألم والانحناء، أو الوقاية من ترقِّي الحالة في المراحل الباكرة من المرض. وقد حصلت نتائجُ مختلطة بحقن الفيراباميل (دواء قلبي يُسْتَعْمَلُ في معالجة الذبحةِ وبعض اضطرابات النَّظم) أو الأنترفيرون ألفا 2 ب (فصيلة من البروتينات السُّكَّرية ذات الخصائص المضادَّة للفيروسات، تُسْتَعْمَلُ في المعالجةِ المناعية لبعض السرطانات) في اللويحة، كلَّ أسبوعين على مدى 12 أسبوعاً أو أكثر. وذكرت إحدى الدِّراسات نَقْصاً في انحناء القضيب لدى نحو 60٪ من الحالات، وزيادة في محيطه لدى نحو 83٪، وتحسُّناً في الوظيفةِ الجنسية لدى 71٪ (ليفين وإِسْترادا 2002)؛ بينما لم تَذْكُرْ دراسةُ أخرى فائدةً واضحة بالمقارنة مع الدَّواء الغُفْل (غرينفيلد وزملاؤه 2006). وقد كانَ حَقْنُ الفيراباميل المشترك مع تناول بروبيونيل الكارنِيتين المُيَاسِر فموياً أكثرَ فعَّالية من المعالجةِ بواحدٍ منهما (كافاليني وزملاؤه 2002).

لقد أعطت الحُقَنُ التجريبيَّة لنُمَيْطات أنـزيم الكولاجيناز في اللويحة مؤخَّراً نتائجَ أولية جيِّدة، وقد تكونُ هي المعالجة المستقبلية المختارة. وأدَّى استعمالُ التَّفْتيت بالأمواج الكهربائيَّة الصَّادِمة على اللويحات إلى تحسُّنٍ ملحوظ لدى نحو 50٪ من الحالات، وبلغَ رضا المرضى 64٪ في إحدى الدراسات (مانيكاندان وزملاؤه 2002)، لكنَّ هذه الموجوداتِ لم تَلْقَ موافقةً مشتركة من مؤلِّفين آخرين، لذلك تبقى هذه الطريقةُ تجريبيةً إلى أن تثبتَ كفاءتُها أكثر بدراساتٍ مضبوطة جيِّداً.

في المرحلةِ المتأخِّرة من المرض، بعد أكثر من 12 شهراً، يكون تشوُّهُ القضيب شديداً بما يكفي للحيلولة دون الإيلاج. وعندما تخفق جميعُ المعالجات المحافظة، يكون لا بدَّ من التَّدخُّل الجراحي إذا قَبِلَ المريضُ بعد إيضاح جميع الفوائد والأخطار. أمَّا في حال غياب العجز في تحقيق الانتصاب ووجود انحناءٍ واضح في القضيب يقلُّ عن 60 درجة مع صعوبةٍ في الإيلاج، بشرط بقاء طول القضيب كافياً، فإنَّ التَّغْطينَ أو التَّثْنِيَة (استئصال أجزاء إسفينيَّة من الغلالة عندَ الجهة المحدَّبة من القضيب في منطقةِ الانحناء الأعظمي، مع إجراء خياطة مستعرضة للعيوب في الغلالة) تعطي نتائجَ جيِّدة في معظم الحالات. أمَّا إذا كان الانحناءُ أكثرَ من 60 درجة، أو كان القضيبُ صغيراً، فتكونُ المعالجةُ المُنْتَخَبَة هي إجراء شَقٍّ في اللُّوَيْحة والتَّطْعم بمادة طبيعية أو صُنعية مختلفة (يمكن أن تتكوَّنَ مادَّةُ التَّطْعيم من الأوردة أو التَّامور أو الغلالة البيضاء أو شريحة من الكولاجين أو الأدمة أو اللفافة العريضة الصُّدْغيَّة أو الأم الجافية أو من نسيج بقري أو خِنـزيري أو مادة صُنْعِيَّة)، وقد ذُكِرَتْ نتائجُ جيِّدة إلى ممتازة.

فَضْلاً عن ذلك، يعطي إدخالُ بِدْلات قضيبيَّة، مع إمكانية قَوْلَبةِ القضيب، نتائجَ ممتازة في حالاتِ العجز في تحقيق الانتصاب التَّام غير المُسْتَجيب لمُثَبِّطات مُثَبِّطات الفُسْفودايستيراز من الفئة 5 أو الحُقَن داخل الجسم الكهفي. في كل هذه الإجراءات الجراحية، يمكن أن تشتملَ المضاعفاتُ التَّالية للجراحة على قِصَر القضيب أو نَقْص الأحاسيس القضيبية والعجز في تحقيق الانتصاب، إن لم يكنْ موجوداً في الأصل، ونكس أو استمرار الانحناء. وعلاوةً على ما سبق، أَظْهَرت دراسةٌ جديدة حصولَ تندُّب غير محسوس في الحاجزِ القضيبـي، وكان يُعَدُّ ذلك شَكْلاً غيرَ نموذجي لداء بيروني، وهذا ما أوضحه تخطيطُ الصَّدى الدُّوبلري المضاعف لدى 20 مريضاً من بين 341 مريضاً مصاباً بعجز في تحقيق الانتصاب غير المفسَّر. (بيلا وزملاؤه 2006).

أسبابٌ عضويَّة متفرِّقة

يحصلُ العجز في تحقيق الانتصاب في مرحلةٍ لاحقة لدى نحو 20 - 50٪ من المرضى المعالجين من سرطانِ البروستات بالتَّشْعيع الخارجي أو بالمَعالَجَة الكَثَبِيَّة (غَرْس بذور من النَّظائر المشعَّة). وتشتملُ الأسبابُ العضوية الأخرى على التَّصلُّب الشرياني (قساوة الشرايين)، والفَشَل الكلوي المزمن، والفشل الكبدي، والمعالجة الإشعاعية الخارجية أو المعالجة الكَثَبِيَّة لسَرطان المستقيم أو تمزُّق الإحليل والدَّاء الرئوي السَّاد المزمن. ويمكن أن تؤدِّي قيادةُ الدَّرَّاجة لفتراتٍ طويلة من الزَّمن أسبوعياً إلى عصر الشريان الفرجي العميق على الارتفاق العاني، مما يسبِّب نقصَ التأكسُج أو ضعف أكسجة النَّسيج القضيبـي، لا سيَّما إذا كانَ راكبُ الدرَّاجة منحنياً إلى الأمام، ويمكن أن يتصاحبَ ذلك مع عجز في تحقيق الانتصاب (جيمري وزملاؤه 2006).

كما أنَّ داء السكري من النَّمط الأوَّل والانفتال الخصوي مع النَّخر (الموت النَّسيجي) أثناء الطُّفولة والشذوذات الصبغية، مثل التَّوْليفات الصبغيَّة XXY وXX وXO لدى الأولاد بَدَلاً من XY الطَّبيعيَّة، قد تؤدِّي إلى غيابِ الخصية، وهذا ما يمكن أن يقودَ إلى عجز في تحقيق الانتصاب أو نَقْص الرَّغْبة الجنسية (انظرْ الفصل 16).

description الأَسْبابُ الجسديَّة للعَجز الجِنسِي Emptyرد: الأَسْبابُ الجسديَّة للعَجز الجِنسِي

more_horiz
الجنس المشكلات وأسبابها النفسية الدكتور لطفي الشربيني
https://www.file-upload.com/bv91mg1rri93
الجنس علي كمال (جزأين)
https://www.file-upload.com/r66rdwkxz8y1
https://www.file-upload.com/4axghaws6dy4
الموسوعة الجنسية البهجوري
https://www.file-upload.com/t4xymbz6vvoz
الجنس ومعناه الانساني كزستي بندلي (اربعة اجزاء)
https://www.file-upload.com/7pk43fgdyxqw
https://www.file-upload.com/rt6tmp53tb8r
https://www.file-upload.com/9vdyc3ryudku
https://www.file-upload.com/0prvnkh95hor
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد