يقسم البنزوديازيبين إلى مجموعتين طبقًا لفترة نصف العمر.. المجموعة الأولى هى الأدوية المنومة (لها فترة نصف عمر قصيرة)، والمجموعة الثانية هى الأدوية المضادة للقلق (لها فترة نصف عمر طويلة)..
وبالرغم من أن مجموعة البنزوديازيبين لها دور في علاج الصرع والشد العضلي الشديد كما يمكن استخدامها قبل إجراء بعض العمليات الجراحية إلا أن الاستخدام الأوسع لها يكون لدورها في علاج القلق واستخدامها كمنوم.. كما تستخدم كمهدئ أو مسكن للأعصاب.. وأيضًا لها دور في علاج الاكتئاب والفصام، وقد وجد أن هذه الأدوية تستخدم بكثرة حيث أشارت دراسة أوربية حديثة أن 10% من البالغين قد أخذوا هذه الأدوية خلال عام.
تأثيرها كأدوية مضادة للقلق:
تقلل مجموعة البنزوديازيبين من أعراض القلق المرضي والهياج والتوتر ولكن يجب مراعاة أن هذه الأدوية إدمانية ويستمر الكثير من المرضى في تناولها لأعوام بدون فوائد معروفة، وعمومًا عند وصف هذه الأدوية يراعى ألا تزيد مدة استخدامها عن شهر (الهيدروكسيزين وهو مضاد هستامين قد يكون أكثر فاعلية من البنزوديازيبين ولا يسبب الإدمان).. هناك تفاصيل أخرى ذكرت قبل ذلك عند استعمال هذه المجموعة لفترة طويلة ولكن بشروط.
وليس للبنزوديازيبين دور في علاج الحرمان (bereavement) .
ويوصى بعدم وصف هذه الأدوية لإضطرابات الشخصية التي يصعب علاجها كما يوصى بالإبتعاد عن وصف هذه الأدوية مع من لديه تاريخ لتعاطي مواد مخدرة.
تأثيرها كأدوية منومة:
تثبط مجموعة البنزوديازيبين النوم غير العميق (Rem sleep) وهى أدوية منومة فعالة، ويجب استبعاد بعض أسباب الأرق مثل الأسباب العضوية مثل (الشعور بالألم، ضيق التنفس) أو تناول المنبهات بكثرة قبل وصف المنوم..
ويوصف لكثير من المرضى المحجوزين بالمستشفى أدوية منومة ويجب مراعاة ألا يتم استخدام هذه الأدوية بصورة منتظمة أو لفترات طويلة.
وهناك نقطة هامة يجب التركيز عليها وهى عدم وصف هذه الأدوية للمرضى عند الخروج من المستشفى حيث يؤدي ذلك للإعتماد عليها.
ولا تعتبر البنزوديازيبين علاجًا للإكتئاب ولم يجد المعهد الوطني للصحة والتفوق السريري (NICE) أى أدلة تدعم استخدام البنزوديازيبين مع مضادات الاكتئاب في المراحل الأولى لعلاج الاكئتاب.. إلا إذا صاحب هذا الاكتئاب قلق شديد أو حرمان من النوم.
كما أوضحت الدراسات أنه لا يوجد دور للبنزوديازيبين في علاج الفصام ولكن هناك قلة من المرضى تكون أعراضهم الذهانية مزمنة ولا يستجيبون بشكل كاف لمضادات الذهان بمفردها، ولذلك يوصف لهم البنزوديازيبين بشكل دائم حيث توجد بعض الأدلة وإن كانت ضعيفة على أن المرضى عندما توصف لهم مضادات الذهان مع البنزوديازيبين يستجيبون بشكل أفضل لمضادات الذهان، كما يمكن تقليل جرعة مضاد الذهان المستخدم.. ولكن يمكن استخدامها في أول العلاج مع مضادات الذهان لتقليل قلق وهياج وعدوانية المريض.
الآثار الجانبية للبنزوديازيبين:
صداع، ارتباك ذهني، ترنح، تلعثم في الكلام، زغللة، اضطراب في الجهاز الهضمي، صفار، تهيج.
زيادة في معدل حدوث كسر عظام الورك في كبار السن بنسبة 50% ويزداد هذا المعدل مع الأيام الأولى لاستخدام الدواء وبعد شهر من الاستخدام المتواصل.. ويلاحظ أن الآثار الجانبية لا تقل باستخدام الأدوية ذات فترة نصف العمر القصيرة، وتسبب البنزوديازيبين ضعف في الذاكرة الحديثة كما تؤثر على أداء بعض المهارات كالقيادة، كما تسبب زيادة في جرأة المريض على الكلام والتحدث وطلب أى شئ بصورة فظة أو غير أدبية أو الخروج عن حدود اللياقة لبعض المرضى (Disinhibitaion) وهذا أكثر حدوثًا في الأدوية ذات فترة عمر النصف القصيرة.
ويندر حدوث قلة في معدلات التنفس مع استخدام الدواء عن طريق الفم ولكن يمكن حدوثها عند إعطاء الدواء كحقن وريدية، ويوجد دواء مضاد لبنزوديازيبين وهو فلومازينيل وفترة نصف العمر له أقل بكثير من الديازيبام.. ومن الممكن أن تكون الحقن الوريدية مؤلمة وتسبب التهاب الأوردة التجلطية وذلك لقلة ذوبات الدواء في الماء، ولذا يلزم استخدام مذيبات عند تحضير الحقن.. ويتواجد الديازيبام في صورة مستحلب (emulsion) تسمى Diazemuls للتغلب على هذه المشكلة.
التفاعلات الدوائية:
لا تسبب مجموعة البنزوديازيبين زيادة في نشاط الإنزيمات ولذلك لا تسبب تفاعلات مع الأدوبة الأخرى وتتم عملية الأيض لهذه الأدوية عن طريق إنزيم وهو CYP3A4 ويتم تثبيط هذا الإنزيم بواسطة الإرثروميسين والكيتوكونازول والعديد من مثبطات استرجاع السيروتونين وبالتالي فإن إعطاء أحد هذه الأدوية مع البنزوديازبين يؤدي لزيادة مستوى البنزوديازيبين في البلازما مما يؤدي إلى زيادة مفعول البنزوديازيبين (خاصة الرغبة في النوم) وتتفاعل البنزوديازيبين مع الميثادون تفاعل هام.
البنزوديازيبين والتفاعلات المعاكسة
قد تحدث زيادة في السلوكيات العنيفة نتيجة الأدوية (تفاعلات معاكسة) وهذه التفاعلات تشمل هياج مفاجئ، زيادة في جرأة المريض على الكلام والتحدث وطلب أى شئ بصورة فظة أو غير أدبية أو الخروج عن حدود اللياقة لبعض المرضى (Disinhibitaion) ، زيادة القلق، أحلام مزعجة، عدم القدرة على التحكم في الرغبات الجنسية، عدوانية وغضب.
ومن الأدوية التي تسبب مثل هذه التفاعلات (الأمفيتامين، ميثيل فينيديت، بنزوديازيبين، الكحول) مع ملاحظة أن كل هذه الأدوية قد تستخدم بشكل سئ في بعض المرضى.
وتختلف معدلات حدوث هذه التفاعلات طبقًا لنوعية المرضى الذين تتم عليهم الدراسة حيث توجد بعض الحالات التي تزداد فيها الخطورة لحدوث مثل هذه التفاعلات وتشمل صعوبات التعلم، الاضطرابات العصبية، أمراض تسبب ضمور الجهاز العصبي، السن الصغير كما في الأطفال والمراهقين وكبار السن، ممن لديهم تاريخ لوجود سلوك عنيف أو عدم التحكم في بالنفس..
وهناك عوامل خاصة بالدواء ذاته تجعله يسبب هذه التفاعلات وتشمل (مجموعة البنزوديازيبين القوية وذات فترة نصف العمر القصيرة وعندما تكون الجرعة الدوائية كبيرة أو عند استخدام الحقن الوريدية) وقد تسبب عوامل جينية حدوث هذه التفاعلات مع ملاحظة أن الدمج بين هذه العوامل يزيد الخطورة فمثلاً (البنزوديازيبين طويل المفعول يسبب التفاعلات المعاكسة بنسبة كبيرة في الأطفال).
أسباب حدوث هذه التفاعلات:
هناك العديد من النظريات التي تفترض أسباب لحدوث هذه التفاعلات مع البنزوديازيبين حيث يعتقد أن دور هذه الأدوية في التخلص من القلق وأثرها على الذاكرة قد يؤدي لفقدان الردع والذي يتحكم في السلوك الطبيعي لفرد.. بينما تؤدي قدرة الدواء على زيادة الرغبة في النوم وضعف الذاكرة إلى قلة التركيز وقلة إدراك الأحداث الخارجية والذي يؤدي إلى زيادة مادة GABA وهو ناقل عصبي مثبط مما يؤدي إلى قلة التأثير الرادع بقشرة المخ وينتج عن ذلك إثارة وقلق وعدوانية.
أما بالنسبة للمرضى الذين يأخذون البنزوديازيبين فهم يقولون عن أنفسهم أصبحوا أكثر تحملاً وأكثر ودًا ولكن يستجيبوا بشكل أكبر عند إثارة غضبهم..
أما من يعانون مشاكل في التحكم في النفس فيقولون أنهم مع البنزوديازيبين يشعرون بمزيد من القوة والثقة بالنفس بينما تشير بعض المعايير النفسية إلى زيادة الاقتراحات وعدم القدرة على معرفة الغضب والأحداث الاجتماعية.
وعند حدوث التفاعلات المعاكسة بصورة شديدة يمكن استخدام الفلومازينيل وإذا كان البنزوديازيبين مستخدم لعلاج الاضطرابات السلوكية فيمكن التغلب على هذه التفاعلات باستخدام مضادات الذهان أو مهدئات غير البنزوديازيبين Non- Benzodiazapine- sedatives .
الإعتماد وإزالة التسمم (Detoxification)
من المعروف عن مجموعة البنزوديازيبين أنها أدوية تسبب الإدمان في بعض المرضى، وتحدث أعراض انسحاب بعد 4 – 6 أسابيع من إيقاف استخدامها المستمر.. ويعاني ثلث المرضى على الأقل من مشاكل عند إيقاف الدواء أو تقليل الجرعة، وهذه الأعراض أكثر حدوثًا مع الأدوية ذات فترة عمر النصف القصيرة مثل لورازيبام.. وتقل مع الأدوية ذات التأثير طويل المفعول مثل ديازيبام. ولكى تتجنب أو تقلل حدوث هذه الأعراض يجب ألا يوصف البنزوديازيبين لمدة تزيد عن 4 أسابيع كما يمكن استخدام الدواء يوم بعد يوم لتجنب حدوث الاعتماد والتحمل الدوائي (Tolerance) .
أعراض الإنسحاب:
أعراض جسدية:
الشعور بالاختناق، ضعف الجسم، اضطراب في الجهاز الهضمي، الشعور بالتنميل، أعراض شبيهة بالأنفلونزا، اضطرابات بالرؤية.
أعراض نفسية:
قلق، أرق، كوابيس، تبدد الشخصية، قلة التركيز وضعف الذاكرة، ضلالات وهلاوس، اكتئاب.
وعمومًا لا تستمر هذه الأعراض إلا فترات قليلة (أسابيع قليلة) ولكن قد تستمر لفترات أطول في نسبة قليلة من المرضى وإعطاء رسالة بسيطة للمرضى بعدم تناول البنزوديازيبين لفترة طويلة يقلل من ظهور هذه الأعراض ويساعد إيقاف الدواء أن يسير بطريقة صحيحة وقد يحتاج المرضى لجلسات علاج نفسي.. وأيضًا يجب أن يقف الدواء بصورة تدريجية.
وعند سحب البنزوديازيبين يجب إتباع الآتي:
تأكيد الاستخدام:
عندما يكون المرضى يأخذون الدواء بدون وصف الطبيب يمكن التأكد من استخدام الدواء عن طريق إجراء تحليل بول ولكى نستبعد الاعتماد على الدواء يجب أن يكون التحليل سلبي مع عدم وجود أعراض انسحاب، والأدوية ذات المفعول قصير المدى قد تعطي تحليل سلبي بالرغم من استخدامها يوميًا.
اختبار التحمل الدوائي:
يستخدم هذا الاختبار عندما يستخدم الدواء بشكل غير جائز (محرم) وعند إجراء هذا الاختبار يجب ألا يتناول المريض الدواء (بنزوديازيبين – كحول) لفترة 12 ساعة ويتم إعطاء المريض 10 مجم ديازيبام أو 20 مجم إذا كان المريض يأخذ جرعة تزيد عن 50 مجم يوميًا.. وتتم ملاحظة المريض لمدة 2 – 3 ساعات فإذا لم تحدث زيادة في الرغبة في النوم يمكن وصف نفس الجرعة المستخدمة أثناء الاختبار وإعطائها ثلاث مرات يوميًا وقد يحتاج المرضى لجرعات أعلى وقد يحتاجون للتواجد بالمستشفى في هذه الحالة.
التغيير إلى الديازيبام:
المرضى الذين يأخذون الأدوية ذات المفعول قصير أو متوسط المدى يوصى بأن يستخدموا جرعة معادلة من الديازيبام (والذي له مفعول طويل المدى وبالتالي أعراضه الانسحابية قليلة الشدة) ومن الصعب حساب الجرعات المعادلة للبنزوديازيبين حيث تختلف فترات نصف العمر لها كما تختلف درجة زيادة النوم والهدوء (sedation) التي يسببها كل دواء، ويجب مراعاة إن كان المريض يعاني من خلل في وظائف الكبد حيث قد يتراكم الديازيبام ويصل لمستويات سامة.
وهذه بعض الجرعات المعادلة للديازيبام:
كلورديازيبوكسايد 25 مجم
كلونازيبام 1 – 2 مجم
ديازيبام 10 مجم
لورازيبام 1 مجم
لورميتازيبام 1 مجم
نيترازيبام 10 مجم
أكسازيبام 30 مجم
تيمازيبام 20 مجم
تقليل الجرعة:
تقليل الجرعة بشكل منظم يؤدي إلى الابتعاد عن استخدام الدواء بشكل مضاعف عن مجرد نصح المريض لإيقاف استخدام الدواء والتقليل بشكل تدريجي يكون مقبول أكثر عند المرضى من التقليل بشكل مفاجئ مع ملاحظة أنه لم يتم إثبات وجود فارق بين الطرق المختلفة لتقليل الجرعة الدوائية.. وهذه إحدى الطرق لتقليل الجرعة الدوائية:
نقلل 10 مجم يوميًا كل 1 – 2 أسبوع لنصل لجرعة يومية 50 مجم.
نقلل 5 مجم يوميًا كل 1 – 2 أسبوع لنصل لجرعة يومية 30 مجم.
نقلل 2 مجم يوميًا كل 1 – 2 أسبوع لنصل لجرعة يومية 20 مجم.
نقلل 1 مجم يوميًا كل 1 – 2 أسبوع حتى يتم إيقاف الدواء.
ويمكن توقع حدوث أعراض الانسحاب في حالات معينة مثل وجود محاولات سابقة غير ناجحة لإيقاف الدواء، المريض يفتقد الدعم الاجتماعي، وجود إساءة استخدام للكحول أو العديد من الأدوية، حدوث تشنجات عند سحب الدواء، كبر السن، وجود مرض عضوي أو نفسي أو اضطراب في الشخصية.. ويراعى في هذه الحالات أن يكون الانسحاب ببطء وقد لا ينجح البعض في الانسحاب على الإطلاق ويجب الاستمرار في استخدام الدواء.. وقد تعيق رغبة المريض للاستمرار في العلاج إيقاف استخدام العلاج.
استخدام أدوية مساعدة:
هناك بعض الأدلة التي تدعم استخدام مضادات الاكتئاب ومعدلات المزاج أثناء سحب البنزوديازيبين وعندما يعاني المريض من الأرق قد يستفيد من إضافة الميلاتونين ومن يعانون من الهلع قد يستفيدوا من العلاج المعرفي السلوكي أثناء سحب الدواء.