نبذة عن الكتاب :
نعيش اليوم عصرا تفوق فيه الإنسان على نفسه محققا أعز أمانيه من تقدم حضاري وتكنولوجي ولكنه في المقابل لم يستطع أن يحقق ماهيته من خلال تلك المظاهر المختلفة من التقدم - ظهر ذلك كله في تلك الاضطرابات التي تغشي شخصية الإنسان وسلوكه في هذا العصر .
ومعنى ذلك أن هناك هوة هائلة أو فجوة كبيرة بين التقدم المادي والجانب المعنوي , ويشير في هذا أريك فروم في مؤلفه :
" أن الإنسان لم يقترب في يوم ما من تحقيق أعز أمانيه مثلما اقترب اليوم ,,, ولكن ماذا يستطيع أن يقول إذا نظر إلى نفسه ؟
هل اقترب من تحقيق حلم آخر للبشر هو كمال الإنسان ... محققا ما هيته أي أن يكون صورة للإله ؟
إن الإجابة واضحة وضوحاً جلياً فبينما خلقنا أشياء رائعة أخفقنا في أن نجعل أنفسنا جديرين بهذا الجهد الخارق , وحياتنا حياة لا يسودها الإخاء والسعادة والقناعة بل تجتاحها الفوضى الروحية والضياع الذي يقترب اقترابا خطيراً من حالة الجنون وهو جنون لا يشبه الجنون الهستيري الذي وجد في العصر الوسيط , بل جنون شبيه بانفصام الشخصية ( الشيزوفرانيا ) فينعدم فيها الإتصال بالواقع ويتشق فيها الفكر على الوجدان " .
معنى هذا أن التغير الاجتماعي والاقتصادي السريع الذي طرأ على المجتمع كان تأثيره خطيرا على الافراد والمجتمعات , فمن ناحية كان هذا التغيير يفوق لإمكانيات النفسية للأفراد مما انعكس أثره على تقليل قدرة والمجتمع على التعامل مع مواقف الانعصاب المختلفة الناشئة عن تلك التغيرات ومن ثم زادت الاضطرابات النفسية والعقلية والجناح والجريمة والعنف - تماما كما زادت الأمراض الجسمية .
والله اسأل أن أكون قد وفقت بهذا الجهد في تناول جوانب علم النفس المرضى , وفي إفادة الطالب والباحث وفعتهما إلى المزيد من الإطلاع والبحث في هذا المجال واخيرا ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) .