معني التحليل النفسي:
التحليل النفسي: عملية علاجية متخصصة، شاملة، طويلة الأمد، يتم فيها استكشاف المود المكبوتة في اللاشعورية من أحداث وخبرات وذكريات مؤلمة ودوافع متصارعة وانفعالات عنيفة وصراعات شديدة سببت المرض النفسي، واستدراجها من غياهب اللاشعوري إلى حيز الشعور، عن طريق التعبير اللفظي التلقائي الحر الطليق، ومساعدة المريض في حلها في ضوء الواقع وزيادة استبصاره وتحسين الفاعلية الشخصية والنمو الشخصي، وهدفه النهائي هو إحداث تغيير أساسي صحي في بناء الشخصية(1).
والتحليل النفسي من أهم طرق العلاج النفسي. ومن الناس من يجعلون – خطأ- من التحليل النفسي مرادفاً للعلاج النفسي أو أنه يعني عندهم العلاج النفسي كله.
ويستند التحليل النفسي إلى نظرية التحليل النفسي (في الشخصية) والتحليل النفسي بهذا يعتبر مرة واحدة وفي نفس الوقت- نظرية نفسية عن ديناميات الطبيعة البشرية وعن بناء الشخصية، ومنهج بحث لدراسة السلوك البشري، وهو أيضاً طريقة علاج فعالة وناجحة. ويتميز في التحليل النفسي اتجاهان هما:
 التحليل النفسي الكلاسيكي المرتبط باسم سيجموند فرويد Freud الذي يعتبر أول من وضع أساسه.
 التحليل النفسي الحديث وفيه أدخل زملاء فرويد وتلاميذه- ومنهم أبنته "أنا فرويد (Anna Freud)- تعديلات وتطويرات مستقلة خاصة بهم دخلت معظمها في النظرية الشاملة للتحليل النفسي. ويرتبط التحليل النفسي الحديث بمجموعة من أساطين علم النفس يطلق عليهم البعض اسم (الفرويديون الجدد Neo- Freudians) لأنه أصبح لكل شيخ منهم طريقته، ومنهم كارل يونج Jung والفريد آدلر Adler وكارين هورني Horney وأوتو رانك Rank وإيريك فروم Fromm وهاري ستاك سوليفان Sullivan.
ويلاحظ أن الفروق بين التحليل النفسي الكلاسيكي والتحليل النفسي الحديث تكمن في الاختلافات النظرية أكثر منها في نواحي ممارسة العلاج وطريقة التحليل. ويلاحظ أيضاً أن الاختلافات المدرسية كلها في إطار النظرية العامة للتحليل النفسي، ولها فوائدها الملاحظة في تنويع النظرة النظرية بما يتلاءم مع مختلف الحالات وكذلك الإسراع بعملية التحليل.
المرض في إطار التحليل النفسي:
الصراع: Conflict
يري سيجموند فرويد أن الصراع بين الغرائز والمجتمع صراع عام وموجودة في كل مكان وزمان، وهذا يفرض على الفرد أن يكبح جماع نفسه وأن يتحكم في غرائزه حفاظاً على المعايير الاجتماعية.
وتقرر كارين هورني أن الصراع لا يمكن أن يقتصر تفسيره على الناحية الغريزية، بل إنه مرتبط في نظرها بالحاجة إلى الأمن. وينشأ الصراع في رأيها بسب تعارض رغبات الفرد واتجاهاته. وهي تري أن الصراع بين الدوافع الأولية وبين النواحي الاجتماعية صراع ثانوي وليس صراعاً أساسياً.
والصراع الأساسي: في رأيها ينشأ بسبب تعارض رغبات الفرد واتجاهاته، كذلك قالت هورني بوجود "الصراع الداخلي المركزي) وهو صراع بين الذات الحقيقية والذات العصابية(1).

العصاب: Neurosis
أرجع فرويد العصاب إلى عوامل حيوية وليس إلى العوامل الثقافية والإجتماعية. وجعل من القلق لب العصاب ومحوره، ومن عقدة أوديب نواته ومنشأة. ويرى أنه لا يوجد عصاب نفسي دون إستعداد عصابي أي دون عصاب طفلي. ويرى أن العصابيين هم أولئك الذين لا يزالون يستجيبون لحالات الخطر السابقة، وكأنها ما زالت قائمة بالفعل. وهكذا يرى فرويد أن العصاب الذي يحدث عند مرحلة البلوغ يستند إلى عصاب طفلي بسبب تثبيت الليبيدو في أحد الأطوار السابقة فيكون العرض هو إعادة متخفية لخبرة جنسية طفلية.
ويرى كارل يونج أن المرض العصابي عبارة عن محاولة غير ناضجة للتوافق من الواقع، وينسب إلى الذكريات المكبوته في اللاشعورية دوراً هاماً في تكوين العصاب، ولكنه يقول إنها ليست متصلة بالرغبات الجنسية الطفلية بل إنها تتعلق بجميع مشكلات الفرد التي لم تحل.
وتكلم ألفريد آدلر عن نشأة العصاب. وهو يرى أن العصاب ينشأ من خطأ الفرد في إدراك وتفسير بيئته، وحينما يصعب على الفرد أن يتخذ أسلوباً في الحياة يستطيع أن يعوض ما يشعر به من نقض فيخاف من الفشل في تحقيق هدف الحياة، فيلجأ إلى حيل الدفاع النفسي التي تكون الأعراض العصابية. ويرى أيضاً أسباب العصاب ترجع إلى خبرات الطفولة وخاصة تلك التي تتعلق بالعلاقات المضطربة داخل الأسرة(1).
وتقول كارين هورني إن هناك ثلاثة إتجاهات عصابية يتضمن كل منها عنصراً من عناصر القلق. الإتجاه الأول يتميز بالتحرك نحو الناس، ويصاحبه قبول الحب والقرب والإعتماد على الناس مع الشعور بالعجز، والإتجاه الثاني يتميز بالتحرك ضد الناس في شكل قطيعة ومعارضة، ويصاحبه الشعور بالعداء، والإتجاه الثالث يتميز بالتحرك بعيداً عن الناس في عالم خصوصي ويصاحبه التمركز حول الذات والشعور بالعزلة. إلا أن الفرد لا يسير فقط في اتجاه واحد دون الاتجاهين الآخرين، وأقواها دائماً يكون هو الاتجاه العصابي السائد، فقد ينقلب الاتجاه العصابي السائد لدى الفرد إلى اتجاه آخر نتيجة لتعرضه لظروف جديدة. وتقرر هروني أن القلق هو أساس العصاب. وهي تعتبر أن خبرات الطفولة العنيفة الشديدة شرط لازم وضروري لتكون العصاب وأن هذه الخبرات تشكل تربة خصبة لنمو مختلف أنواع العصاب، إلا أنها وحدها لا تكفي لتكونه. وتضيف كارين هورني أن العصابي شخص جامد في سلوكه، بينما الشخص السوي يستجيب لمواقف الحياة بمرونة.والعصابي يعكس قلقه على العالم الخارجي، فيصبح هذا العالم في نظره أكثر عدواناً، فيزداد شعوره بالعجز، ويتضخم شعوره بالانعزال.
والعملية العصابية في نظر كارين هورني عملية عكسية تتجه ضد النمو الطبيعي للشخص فهي شكل شاذ من النمو الإنساني، تختلف صفاتها وطبيعتها عن عملية النمو السليم. ويتمزق الشخص العصابي من جراء الصراع الداخلي الدائم. وكثيراً ما تتحول الحاجة العصابية للشخص إلى مطالب غير معقولة، كرغبته إلا يقع في مرض، وألا يسير نحو الشيخوخة وألا يدركه الموت...الخ. ويتمركز العصابي حول نفسه، ويغرق في بحر من الخيال والأوهام، وتتحطم مطالبه على صخرة الواقع، فينتابه اليأس، ويسود حياته الكآبة ويخيم عليها السواد، ويكره ذاته العصابية لتهديدها له ولشخصيته. وهكذا يقع الشخص في صراع مرير هو الذي أطلقت عليه هورني اسم الصراع الداخلي المركزي، وهو الصراع بين الذات الحقيقية وبين الذات العصابية.
وهكذا تعتقد كارين هورني أن العصابي يحيد عن الطريق السوي للنمو، ويقع في صراع يدفعه إلى الاتجاه العصابي عله يجد فيه الأمن، ولكنه أمن صناعي مزيف، لا يلبث أن ينهار أمام أي موقف يثير القلق المستتر(1).
أما أوتو رانك فهو يعتقد أن العصابي هو ذلك الشخص الذي لا ينجح في محاولة التغلب على صدمة الميلاد.
والشخصية العصابية في نظر رانك هي تلك الشخصية التي وقفت في نموها عند ما اسماه بدور الشخص العصابي، فيشعر العصابي أنه مبعد عن الأكثرية، لا يقبل معاييرها، ولا يتقبل نفسه، ولا يتقبل المثل التي يوجدها بإرادته الخاصة، ويكافح ضد أي ضغط خارجي، ويعيش في حرب دائمة مع نفسه ومع المجتمع، وتسيطر عليه مشاعر الخوف من الحياة النابعة من شعوره بالاختلاف والانفصال عن الآخرين، وتسيطر عليه في نفس الوقت مشاعر الخوف من الموت النابعة من فقدان الفردية، يبذل أي مجهود مشترك مع الآخرين، أو يشترك معهم في خبرة مباشرة، ويكون لديه استعداد لقبول ما يملي عليه وتبني وجهات نظر الآخرين.
ويري فروم أن العصاب هو أحد مظاهر الفشل الأخلاقي، وأن العرض العصابي يكون في كثير من الحالات تعبيراً عن نزاع أخلاقي.
وتمثل الأعراض العصابية- غالباً- تعبيرات نموذجية لبعض مشاكل الإنسان الحديث الذي يعاني من القلق ومن تزايد الحيرة والارتباك. فبينما تزداد قوة الإنسان الحديث وسيطرته على المادة تراه يشعر بالعجز في حياته الفردية وفي المجتمع.
ويعتقد هاري ستاك سوليفان أن القلق هو أساس كل من العصاب والذهان. وعلى العموم فإن العصاب هو أكثر الأمراض النفسية قابلية للعلاج بالتحليل النفسي.
ويري سيجموند فرويد أن ثمة علاقة وثيقة بين الكبت الجنسي وبين القلق، وأن القلق يصاحب الحالات الهستيرية والمخاوف والعصاب القهري. وربط فرويد أيضاً بين القلق وبين الحرمان والتهديد بالحرمان وبين خطر الإخصاء الذي يثير القلق في المرحلة القضيبية. وربط أيضاً بين القلق العصابي أو المرض الذي ينشأ عن خطر كامن في الدوافع الغريزية الفطرية عند الفرد ولا يدرك الإنسان مصدره، وبين القلق الموضوعي أو العادي حيث يكون مصدر القلق كامنا في العالم الخارجي أي خارج نطاق الذات، وينشأ بسبب شعور الفرد بضعفه وعجزه تجاه أخطار العالم الخارجي.
ويعتقد كارل يونج أن القلق عبارة عن رد فعل يقوم به الفرد حينما تغزو عقله قوى وخيالات غير معقولة صادرة عن اللاشعور الجمعي. فالإنسان في حياته العادية لا يشعر بالأشباح، ولكنه إذا مر بالقبور ليلاً فإنه تنتابه مشاعر الخوف والقلق ولأنه قد حدث نوع من الغزو من محتويات اللاشعور الجمعي.
وتري كارين هورني أن القلق هو استجابة انفعالية لخطر موجه إلى المكونات الأساسية للشخصية. ومن هذه المكونات ما هو عام بين كل الناس مثل الحرية، حب الحياة، إنجاب الأطفال...الخ، ومنها ما هو خاص تختلف قيمته حسب الشخص نفسه وثقافته وبيئته ومرحلة نموه وجنسه مثل السمعة والمركز الاجتماعي والاقتصادي والعلاقات العاطفية....الخ. ويتخذ القلق مظاهر سلوكية مختلفة كالحذر والحيطة والخواف وهذا القلق يسلب بالتدريج السمات الأصلية للفرد، ويرمي بها بعيداً عن ذاته الحقيقية.
ويري إيريك فروم أن القلق هو نتاج الضغوط الثقافية والبيئية، ويعتقد أن المجتمع الحديث مسئول ولاشك عن كثير من الاضطرابات النفسية.
ويقول هاري ستاك سوليفان إن القلق عبارة عن ظاهرة تنتج عن العلاقات الشخصية مع الآخرين، ووصفه بأنه استجابة لمشاعر عدم الموافقة من جانب الكبار سواء كانوا حقيقيين أو متخيلين. وتقوم الشخصية بمناورات دفاعية للتغلب على القلق. وحيث أن القلق ينبع أساساً من الشعور بتهديد الحاجة إلى الأمن، فإن الوسائل الدفاعية التي تعتمد عليها الشخصية تتخذ أساساً لتحقيق الأمن بالحصول على الموافقة من الآخرين وإذا زاد خطر القلق حاول الفرد حصر هذا الخطر في أضيق الحدود بأن يضيق خبراته ونشاطه مقتصراً على ما يستطيع أن يتنبأ تماماً بعواقبه. وفي أثناء عملية النمو قد يلجأ الفرد إلى الانتباه الانتقائي حيث يركز فقط على المهم ويتجاهل غير المهم، ويتغاضي عن الخبرات المقلقة أو المثيرة للقلق مما يضيق أفق الفرد ويقلل فرص التعلم أمامه.
الذهان: Psychosis
كما أهتم سيجموند فرويد بالعصاب اهتم أيضاً بالذهان باعتباره صورة خطيرة لاضطراب السلوك، تظهر تغيرات مرضية في إدراك الواقع وفي السيطرة على الذات. واعتبر فرويد الذهان دفاعاً يقوم به ضد خيبة أمل واقعة الواقع فيها.
وعلى العموم فإن النظرية العامة للأمراض الذهانية تتشابه مع نظرية العصاب، إلا أن ثمة فروقاً هامة بينهما. فالنكوص والتثبيت في الذهان أعمق منهما في العصاب. ففي الفصام مثلاً يأخذ النكوص شكل الانفصال عن الواقع. وفي الذهان تزيد قسوة الحرمان والصدمة عن قدرة الأنا على الاحتمال. وفي الذهان يعرض الأنا عن الواقع ويستسلم للهو ومن ثم تحدث نكسة النمو ويكشف عن ذلك الهلوسات والهذيان. وفي الذهان يدور الصراع في معظمه بين الأنا والواقع، بينما في العصاب يكون الصراع في الغالب بين الأنا والهو.
ويرجع الفريد آدلر الذهان سواء كان فصاماً أم ذهان الهوس والاكتئاب إلى خليط من أسباب نفسية وأسباب جسمية. ووضع آدلر أهمية كبيرة على فهم المنطق الخاص لمريض الذهان والخلط الذي يميز هذيانات العظمة وخيالات الاكتئاب. ويري آدلر أنه بينما قد يعاني العصابي من الشعور بالفشل سواء كان هذا الشعور حقيقياً أو متخيلاً، فإن الذهاني لا يقبل الواقع الاجتماعي، وتعوض خيالاته شعوره باليأس من إمكان تحقيق أي أهمية في العالم الواقعي.
وهكذا لم ينكر التحليل النفسي الأسباب والأصول والتفسيرات العضوية للذهان إلى جانب الأسباب والأصول والتفسيرات النفسية.
إجراءات التحليل النفسي:
البداية:
يأتي المريض النفسي في البداية قبل العلاج أشبه بالشخص الخائف المتصارع والقلق الحائر في حجرة مظلمة مكدسة (بالمحتويات) تماماًن وهو لا يعرف عنها شيئاً، ومن ثم يصطدم بمحتوياتها. إنه يتصارع مع أشياء مخفية خفية تهدده (اللاشعور والقوي التي لا يعرفها عن نفسه). ومع الظهور التدريجي للضوء (التفسيرات التي يقوم بها المحلل) يستطيع المريض أن يري ويقدر هذه الأشياء المخفية حق قدرها، وبعد ذلك تصبح مسئوليته أن يقوم هو نفسه بتنظيم مسكنه.
وفي المقابلات الأولي وقبل البدء في إجراءات التحليل النفسي يجب أن يتريث المعالج وأن يتأكد بعد إجراء عملية الفحص أن المريض ومرضه يصلحان للتحليل النفسي. ويجب أن يكون المعالج نفسه مؤهلاً وخبيراً بالتحليل، ويري أصحاب التحليل النفسي الكلاسيكي أنه من المستحسن أن يكون المعالج نفسه قد سبق تحليله نفسياً.
وفي البداية يعطي المريض بعض المعلومات الأساسية عن عملية التحليل مثل الجلسات والوقت ووسائل التحليل وأهدافه...الخ. أما عن الجلسات ففي العادة تستغرق الجلسة ساعة (أو 45 دقيقة)، من مرة إلى خمس مرات أسبوعياً. وتري كارين هورني أن تكرار الجلسات يجب إلا يقل عن جلسة ولا يزيد عن ثلاث جلسات في الأسبوع. أما عن الوقت، فقد يستغرق العلاج بالتحليل النفسي عاماً أو عامين أو أكثر حسب الحالة. إلا أن المعتاد هو أن يستمر العلاج لمدة عامين وسبب طول الوقت الذي يستغرقه التحليل النفسي هو أن تصحيح اضطراب التركيب النفسي الذي ظل ثابتاً طوال بضع سنوات لا يحتمل أن يتم بسرعة في بضع جلسات. وقد استنكر أوتو رانك طول عملية التحليل النفسي بالطريقة الكلاسيكية حيث يصل عدد الجلسات إلى 200 وقد يصل إلى 600 جلسة.
وترتبط الصورة الكلاسيكية للتحليل النفسي باستخدام سرير التحليل حيث يطلب إلى المريض أن يستلقي أو يضطجع على سرير التحليل وتبعد عنه المؤثرات الخارجية، ويحث على الاسترخاء التام، ويجلس المعالج خلف المريض بعيداً عن أنظاره حتى لا يظل المريض يحملق في المعالج، وحتى لا يتأثر بتعبيرات وجهه، وحتى يركز على مشاعره وعلى داخلية نفسه، دون تدخل أي عوامل تشتت انتباهه، فضلاً عن أن وضع الاستلقاء يبعث على الراحة ويقلل من التوتر. وهذا الوضع يغني المحلل عن بذل أي مجهود للسيطرة على حركاته وإيماءاته، ويوفر له مزيداً من الحرية للإنصات والملاحظة والتفسير. وقد كان سيجموند فرويد يصر على هذا الوضع. أما غيره من المحللين النفسيين مثل كارين هورني وهاري ستاك سوليفان فهم أكثر مرونة إذ يرون أن استخدام سرير التحليل ليس ضرورياً، وهم يبيحون التحليل وجهاً لوجه، حيث يجلس المريض أو يضطجع في مواجهة الاستلقاء، أو إذا كان نومه على السرير قد يشعره بالخضوع والدونية والبعد عن المحلل، فضلاً عن أنه قد يربط بينه وبين الوضع الجنسي. وهؤلاء المحللون يؤكدون أن مواجهة المريض للمعالج تفيد المريض الذي يود قراءة ردود فعل المعالج، وخاصة أن المريض يتلمس موافقة المعالج ويريد أن يشعر أنه قريب منه. كذلك فإن المواجهة تفيد المعالج في أنها تمكنه من ملاحظة المريض بطريقة أفضل.
العلاقة العلاجية الدينامية:
يركز التحليل النفسي على أهمية العلاقة الدينامية بين المريض والمعالج ويهتم بمبدأ التقبل، أي تقبل المريض من المعالج، لأن العصابي يكون دائماً فاقداً لهذا الشعور بالتقبل والمحبة. فعندما يري المريض أنه مقبول من المعالج فإنه في هذه الحالة يستطيع أن يتقبل نفسه.
وفي العلاقة العلاجية، يجب أن تكون اتجاهات المحلل متناسبة ما اتجاهات المريض. ويجب – كما يقول سيجموند فرويد- أن ينتبه المعالج لكل شئ وإلا يركز تركيزاً زائداً على أي شئ ويري فرويد أيضاً أن المعالج يجب ألا يوجه أي نقد إلى المريض، وألا يتخذ دور الرقيب، وأن يمتنع عن اتخاذ موقف الناصح والموجه فيما يتعلق بسلوك المريض في حياته الخاصة. ويري فرويد أن على المحلل أن يضع مشاعره جانباً وأن يهتم بإجراء عملية التحليل بأقصي درجة ممكنة من المهارة. ويجب أن يكون المحلل مستقبلاً حساساً للمواد الخام التي تستدرج من لا شعور المريض وتطفو على سطح شعوره. ويري هاري ستاك سوليفان أن إتسام المعالج بالذكاء وسرعة البديهة وروح الدعابة على الإسراع بالعلاج.
ويتلخص دور المحلل على رأي أصحاب التحليل النفسي الكلاسيكي وعلى رأسهم سيجموند فرويد في أن يكون بمثابة مرآة تعكس بدقة ووضوع ما يعرض عليها من دوافع واتجاهات ومشاعر المريض، وعليه أن يجيد الإصغاء والملاحظة والفهم وبذلك يكون دوره حيادياً. وتستنكر كارين هورني ورانك وفروم وسوليفان اتخاذ المعالج مثل هذا الدور السلبي في نظرهم. وهم يرون أن المعالج يجب أن يكون له دور نشط وإيجابي في عملية التحليل فهو يجب أن يبدي المشاركة الانفعالية والفهم والانبتاه والتسامح. ويجب أن يلاحظ التناقض في كلام المريض ويعلق على اتجاهاته وأنماط سلوكه، ويعلق على الأحلام...الخ. ويجب ألا يتردد في إسداء النصح وتقديم التوجيه والإرشاد والشرح والتفسير حتى تزداد ثقة المريض في العملية العلاجية، على ألا يفرض سلطانه. وأبرز رانك أهمية مرونة المحلل، فأكد مميزات التحلل من التقيد الجامد بقواعد خطوات التحليل النفسي الكلاسيكي.
وترى كارين هورني أن العلاقة العلاجية السليمة هامة كنموذج للعلاقات الاجتماعية، وتقول إن الهدف العام من العلاج يتمثل في تكوين علاقات اجتماعية سليمة، ومساعدة المريض على تحقيق ذاته، وتكوين علاقات إنسانية طيبة مرنة مع الآخرين، وضمان قدرة الفرد على الاستقلال الذاتي والعمل الايجابي وتحمل المسئولية. وتضيف هورني أن التحليل النفسي يتطلب عمل التغييرات اللازمة في الاتجاهات التي تسيطر على المريض. والنتيجة العامة للتغير الذي يحدث بسبب التحليل النفسي هي تحسين علاقة الفرد بنفسه والآخرين فيصبح أقل عدواناً وأكثر قوة وأقدر على أن يكون مشاعر صادقة مع غيرة.
وينظر هاري ستاك سوليفان إلى المعالج كملاحظ ومشارك. ويهتم سوليفان كثيراً بتحقيق مهارة المريض في إقامة علاقات شخصية سليمة متوافقة مع الآخرين.
التفريغ أو التطهير الانفعالي:
تتلخص عملية التفريغ أو التطهير الانفعالي كما حددها فرويد في حث المريض (أثناء التنويم الإيحائي في أول الأمر) على تذكر الحوادث والخبرات الشخصية الماضية، وإسترجاع الدوافع والذكريات والصراعات اللاشعورية بمصاحبتها الانفعالية، التي لم يعبر عنها المريض أثناء الصدمة تعبيراً كافياً مما أدي إلى الكبت وتكوين العصاب.
وقد وجد سيجموند فرويد أن أعراض العصاب تختفي تلقائياً نتيجة عملية التفريغ أو التطهير الإنفعالي التي يحدث خلالها استدراج محتويات اللاشعور إلى حيز الشعور، والتعبير عنها لفظياً وانفعالياً. وعلى هذا فهذه عملية علاجية هامة.
إلا أنه قد لوحظ أن طريقة التفريغ أو التطهير القائمة على الإيحاء في حد ذاتها لا تؤدي إلى إحداث التطهير المرغوب في بناء شخصية المريض، وأن الشفاء الناتج عنها يكون وقتياً وقاصراً على إزالة الأعراض ولا يتناول الأسباب، وهي لا تقي المريض شر استعادة الأعراض لنشاطها أو استبدالها بأعراض أخرى إذا ما تعرض المريض لنفس الظروف التي أدت إليها أو لظروف مشابهة هذا علاوة على أن بعض المرضي لا يمكن تنويمهم.
وقد قابل فرويد هذه المشكلة بأن لجأ إلى استخدام الإيحاء أثناء اليقظة والإصرار على أن المريض سوف يتذكر الذكريات المنسية. وكان ذلك يتطلب جهداً كبيراً من جانبه، إذ عليه أن يتغلب عن طريق الإصرار على مقاومة المريض. ثم ما لبث فرويد أن وجد أن طريقة الإيحاء أثناء اليقظة طريقة قاصرة ولا يمكن الاعتماد عليها وحدها، فهي تتضمن إقحام مؤشرات نفسية خارجية على المريض عليه أن يتقبلها دون مناقشة، ومن ثم فهي تقرب إلى أن تكون عملية تضليل نفسي أو إجبار نفسي منها إلى أن تكون عملية إرشاد نفسي، وهي لا تساعد المريض على الاستقلال بل تساعده أكثر على الاعتماد على المعالج، وتقربه من أن يكون كالطفل المطيع، وليس كل المرضي قابلين لمثل هذا التأثير. كذلك وجد أنه لا يستطيع باستخدام الإيحاء وحده دفع المريض إلى تذكر الحوادث والخبرات الشخصية الماضية المكبوتة التي سببت المرض، فلجأ إلى
التداعي الحر أو الترابط الطليق:
يعتبر التداعي الحر أو الترابط الطليق الإجراء الرئيسي في عملية التحليل النفسي للكشف عن المواد المكبوتة في اللاشعور.
وفي بادئ الأمر كان سيجموند فرويد يطلب من المريض أن يركز جهده في تذكر المرة الأولي التي ظهرت فيها الأعراض. ولكن بعد جعل يطلب إلى المريض أن يطلق العنان بحرية لأفكاره وخواطره واتجاهاته وصراعاته ورغباته وإحساساته ومشاعره، تسترسل من تلقاء نفسها دون تخطيط ودون اختيار أو تحفظ ودون قيد أو شرط متناولاً تاريخ حياته وكل ما مر به من خبرات وأحداث دون التقيد بمعناها أو تماسكها وحتى دون التقيد بالمنطق. وعلى حد تعبير فرويد نفسه يكون المريض كالجالس بجوار شباك قطار يصف لشخص يجلس خلفه المناظر المتغيرة المتلاحقة التي يراها بأمانة ذاكراً أي شئ وكل شئ.
وحيث أن أفكار المريض في موقف التحليل تتأثر بأربعة متغيرات هي: المثيرات الخارجية، والمثيرات الحشوية الحسية، والمواد الشعورية (مثل ما يريد ومالا يريد أن يقوله)، والمواد اللاشعورية المكبوتة، فإنه يحاول أن يقلل من آثار العوامل الثلاثة الأولى بقدر الإمكان وهكذا يمكن بهذه الطريقة أن تخرج الأفكار والخبرات والأحداث بحرية وانطلاق مرتبطة بأفكار أخرى سابقة تتصل بدورها بالأفكار المكبوتة في اللاشعور.
ويعمل المحلل حسابه أنه يفسر ما كشف عنه التداعي الحر من مشاعر وأفكار ورغبات واتجاهات وصراعات....الخ، وعلاقتها بخبرات طفولة المريض ومشكلاته في الوقت الحاضر، ويساعد المريض في عملية الاستبصار بهذه المواد والخبرات التي لم يكن يعيها من قبل.
ويعتبر الإدراك الشعوري جزءاً رئيسياً من العلاج بالتحليل النفسي. ويسمح إضعاف القوى الكابتة بواسطة التحليل النفسي، باستدراج العمليات اللاشعورية وإدراكها. ذلك أنه على الرغم من أن هذه العمليات لا شعورية فإنها تؤثر تأثيراً قوياً على الخبرة الشعورية وعلى السلوك.
وقد رأينا أن سيجموند فرويد يعتبر العلاج النفسي عملية تتضمن استعادة كل ما استبعد بطريقة الكبت من اللاشعور إلى الشعور. وتساعد العلاقة العلاجية السليمة على تقوية الذات بدرجة تجعلها قادرة على أن تسيطر على القلق الذي يحركه استدراج المكبوت من اللاشعور إلى الشعور. ولكي نصل إلى المكبوتات لابد أن تصبح كل عوامل الكبت في أقل درجة من درجات التأثير، بحيث تتيح للمريض فرصة للوصول بسهولة إلى أعماق نفسه.
وقد وردت عدة تعليقات على التداعي الحر. فترى كارين هورني أن التداعي الحر مرغوب فيه ولكنه ليس ضرورياً في عملية العلاج، وتقول إنه ليس من الضروري أن يتناول كل شئ يخطر على بال المريض، ولكنه يقتصر على الاسترسال التلقائي غير المراقب للخبرات الداخلية (وتشمل المشاعر والإحساسات والأفكار والأحلام...الخ). ورفض أوتو رانك التداعي الحر والاستبصار بخصوص جذور وأصول الصراعات الحالية على أساس أنه يلفت نظر المريض إلى ماضيه الأليم مع تركه عاجزاً عن مواجهة مشكلاته الحالية.
تحليل التحويل (تحليل الطرح): Transference Analysis
يكون موقف المريض من المحلل في أول عملية التحليل موقفاً محايداً لا يصطبغ بانفعال أو عاطفة معينة. وقد لاحظ سيجموند فرويد أن المريض أثناء التحليل يتعرض لمشاعر مختلفة تجاه المحلل، فهو تارة يحبه وتاره يكرهه، وقد تظهر عليه علامات الغضب أو الغيرة أو الخوف أو حتى العدوان. وحيث أن المريض لم يكن له صلة سابقة بالمحلل، فليس هناك ما يبرر هذا السلوك. ولابد إذن أن يكون المقصود بهذا السلوك شخصاً آخر، وما المحلل إلا رمز يرمز إليه، باعتباره الشخص المتاح، ومن ثم تتحول تجاهه المشاعر التي يكنها المريض في واقع الحياة لهذا الشخص الآخر (أو الأشخاص الآخرين)، ويطرح المريض الانفعالات الخاصة بهؤلاء على المحلل الذي يصبح هدفاً لانفعالات المريض المكبوتة. وقد يضع المريض المحلل في دور خاص يفتقر إليه في حياته ويعتبر خلو حياته من هذا الدور جزءاً من اضطرابه مثل المحب أو المحبوب. وقد أطلق فرويد على هذه الظاهرة اسم "التحويل" أو "الطرح".
وهكذا فإن التحويل يكشف عن أعمق تجارب المريض الانفعالية. ولكن بالنسبة لطبيعة الموقف العلاجي التحليلي فإن الانفعالات تكون أقل شدة من الانفعالات الأصلية. فالأنا عند المريض قد أصبح أكثر نضجاً وقوة وأكثر قدرة على تحمل الصراع الذي لم يتحمله وهو ضعيف أثناء الطفولة، ومن ثم فهو أقدر الآن على ضبط الانفعال نسبياً. إذن ففي عملية التحويل يسلك المريض بإزاء المحلل ما كان يسلك في ماضيه بإزاء الأشخاص المحيطين به. ومن خلال عملية التحويل يعيد المريض تمثيل المأساة الماضية التي حدثت في الطفولة. ويري هاري ستاك سوليفان أن عملية التحويل تشير إلى الخبرات مع الوالدين أو الأخوة أو الزوج أو المحبوب أو الرؤساء أو المدرسين أو الأصدقاء أو الزملاء...الخ. وعلى سبيل المثال قد ينظر مريض إلى المعالج على أنه "الأب" الذي كان يرفضه في الحياة الواقعية. ففي التحويل يمد المعالج المريض بما يحتاجه فعلاً وهو "الأب الطيب" في موقف علاجي صحي.
وعلى هذا نجد أن المريض يحيي ويحيا الخبرات السابقة في عملية التحويل. فالتحويل هو تحقيق فعلي في مجال التحليل لمشكلة لا شعورية تمتد جذورها في الطفولة. ويقوم المعالج بتحليل سلوك المريض في موقف التحويل.
ويسمي التحويل الذي يتسم بالحب والإعجاب "التحويل الإيجابي"، وقد يأخذ شكل تحويل إيجابي جنسي ويحاول المريض استبدال العلاقة العلاجية بعلاقة حب. ويسمي التحويل الذي يتسم بالكراهية والنفور "التحويل السلبي"، وقد يأخذ شكل تحويل سلبي عدواني ويكون مصدراً لمقاومة المريض وعدم تعاونه وفقدان اهتمامه بالعلاج أو إنهائه. وقد يجمع التحويل بين النقيضين أي الحب والكراهية كمثل ما قد يكنه الطفل لوالديه، ويطلق على هذا اسم "التحويل المختلط".
ويمكن للمعالج أن يستفيد من التحويل الإنفعالي في التغلب على المقاومة التي تطرأ على المريض ومعرفة السبب الذي من أجله حدث الكبت. وبدراسة سلوك المريض المتكرر خلال عملية التحويل يستطيع المحلل أن يكون فكرة واضحة عن النمط السلوكي في حياة المريض.
وقد يحدث في علاقة التحويل الإيجابي التي تحدث في مرحلة مبكرة من التحليل النفسي أن تختفي أعراض وتبدو علامات الصحة النفسية واضحة على المريض. وهذا يرجع أساساً إلى التخلص من القلق. وهذا يحدث بسبب الثقة في المحلل. وحيث أن هذه الثقة هي أحد عناصر التحويل، فإن هذه الظاهرة تعرف باسم "علاج التحويل".
وفي عملية التحويل أيضاً، ومن خلال العلاقة العلاجية بين المحلل والمريض وتكرار الأنماط السلوكية العصابية، يستبدل العصاب الكلينيكي الأصلي بعصاب آخر يسمي "عصاب التحويل" transference neurosis، وهذا التكوين العصابي الجديد يوجه نحو المعالج والتحليل. وفي التحليل النفسي يجب تفسير عصاب التحويل وضبطه وعلاجه.
ويلاحظ أنه قد تحدث عملية "تحويل مضاد" counter- transference من جانب المحلل. فالمريض يعبر عن خبراته الانفعالية أثناء عملية التحويل. وعملية التحويل أيضاً تعتبر خبرة انفعالية بالنسبة للمحلل نفسه. فقد يستجيب المحلل انفعالياً تجاه انفعالات المريض، وهذا من شأنه أن يؤثر في قدرة المحلل على أن يقوم بتحليل موضوعي. والتحويل المضاد ظاهرة غير مرغوب فيها وترجع إلى العناصر المكبوتة غير المحللة في لا شعور المحلل نفسه. ولاشك أن هذه مشكلة كبيرة بالنسبة للمحلل، ولذلك يجب أن يكون المحلل حريصاً جداً ويحول تماماً دون حدوث التحويل المضاد. والمحل وإن كان لابد أن يتجاوب انفعالياً مع المريض- كشرط أساسي لفهمه – إلا أنه يجب أن يكون قادراً تماماً على ملاحظة وضبط انفعالاته هو شخصياً.
ويقول سيجموند فرويد إن التحويل هو الميدان الذي ينبغي أن يحرز فيه النصر النهائي الذي يتبلور في الشفاء الدائم من العصاب. ولاشك أن السيطرة على مظاهر التحويل تثير أعظم صعوبات يواجهها المحلل النفسي. ولكن هذه المظاهر وحدها هي التي تتيح للانفعالات الودية أو العدائية أو الودية العدائية المنسية أن تتحقق وأن تظهر، وبذلك يسهل علاجها.
ويؤكد أوتو رانك أهمية تنمية استقلال المريض والبعد عن عملية التحويل، وعدم تشجيع المريض على الاعتماد على المعالج. وعلى المعالج واجب تحليل التحويل أي تحرير المريض من التحويل بأن يفسره له ويبين له سببه ويوضح له أن مشاعره أو انفعالاته هذه ليس مصدرها الوقت الراهن، ولا صلة لها بشخص المحلل، بل إنها اسقطت على شخص المحلل خلال عملية التحويل.
ويلجأ بعض المعالجين إلى العلاج النفسي الجماعي للمساعدة في فطام المريض انفعالياً من علاقة التحويل. ففي الجلسات الجماعية يتشعب التحويل إلى علاقة متعددة الأبعاد بدلاً من اتخاذ نمط علاقة ذات طرفين فقط، وذلك يسهل التخلص التدريجي من التحويل.
هذا ولا يكون تحليل التحويل خطوة خاصة من العلاج كما يقال أحياناً، بل ينبغي أن يبدأ منذ بداية العلاج ويستمر حتى نهايته كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا. وعلى العموم فإن فرويد يعتبر أن عملية التحويل وعملية المقاومة هما أهم ما يميز التحليل النفسي عن غيره من طرق العلاج.
تحليل المقاومة: Resistance Analysis
لاحظ سيجموند فرويد أن المريض أثناء التداعي الحر أو الترابط الطليق قد يبدي مقاومة شديدة لا شعورية للحيلولة دون ظهور المواد المكبوتة في اللاشعور إلى حيز الشعور. ومن الناحية الإجرائية فإن المقاومة هي أي شئ يعوق سير عملية التحليل ويحاول إجهاضها، وهي قوة مضادة للعلاج. والمريض يقاوم التداعي الحر حين يلمس نقطة حساسة في حياته. وتعتبر القوى الانفعالية التي تبعث المقاومة عكس تلك التي تحدث التحويل.
ويعلق المحلل النفسي أهمية خاصة على المواد والخبرات المؤلمة والأفكار والرغبات والصدمات الانفعالية التي تعترض المقاومة ظهورها لأن لها دلالة خاصة وارتباطاً وثيقاً بمشكلات المريض الأساسية. ومن المعروف أن التفسير والشرح، الذي يقدمه المحلل للمريض بخصوص المكبوتات اللاشعورية، هو نفسه ما كان المريض يحرص على كبته. ولذلك تهب وسائل الدفاع وتنشط. هذا فضلاً عن أن المقاومة وليس عدم المعرفة هي التي تمنع المريض من فهم مشكلاته. وتقول كارين هورني إن المقاومة تنبع من القوى التي تقدم الحافز نحو تحقيق الذات (بما في ذلك العصاب نفسه) ودفاعات المريض. وقد تكون شخصية أو غير شخصية، ضد الذات أو ضد المعالج، سلبية أو نشطة، سافرة أو مستترة.
وقد تكون ظاهرة التحويل السلبي العدواني مصدراً لأقوى مقاومة للعلاج مما قد يفقد المريض اهتمامه بالعلاج وسيره ويصبح غير متعاون وقد ينهي العلاج.
وقد تكون المكاسب الثانوية من وراء المرض عاملاً هاماً في حدوث ظاهرة المقاومة.
وقد يكون لدى المريض رغبة مرضية في المعاناة والبقاء في حالة المرض رغبة في تحطيم الذات. وفي هذه الحالة يكون الأنا لدى المريض فير قادر على تحقيق وحفظ الذات.
وقد يقاوم المريض اكتشاف المقاومة التي يبديها لا شعورياً خاصة إذا عرفنا أن المقاومة تعتبر إحدى حيل الدفاع النفسي لدى المريض ضد كشف المكبوتات غير المرغوب في كشفها وإلقاء الضوء عليها.
وتكون المقاومة على أشدها عندما تكون المواد المكبوتة بغيضة أو مخفية أو محرمة أو مشوبة بالشعور القوي بالخجل أو الذنب أو إذا كان ظهورها في حيز الشعور لا يقبله المريض مثل الخبرات الجنسية، والعدوان ضد الوالدين أو غيرهم.
أما عن مظاهر المقاومة فأهمها: الإمتناع عن الإفضاء بأي أفكار للمحلل أو الإفضاء بأفكار ظاهرية، والكلام بصوت غير مسموع أو الصمت الطويل. والبطء أو التوقف أثناء التداعي الحر، والاسترسال في موضوع واحد دون غيره، والاكتفاء بالكلام عن الحقائق فقط والاحتفاظ بما عدا ذلك، وتوجيه أسئلة غير مناسبة للموضوع لتحويل مسار التداعي، والانصراف عن المحلل وعدم الإصغاء إليه، وإعداد ما يراد قوله في شكل مذكرات حرصاً على عدم ظهور أي شئ غير مرغوب التحدث عنه، واللجلجة، وفلتات اللسان، وتصحيح ما يقوله، والملل والضيق وظهور علامات القلق مثل اللعب في الملابس وأجزاء الجسم، والميل إلى النوم، والنسيان، والإنكار، والتبرير والغموض، وعدم رغبته أو عدم قدرته على التعاون مع المحلل لتحقيق هدف العلاج، وعدم الموافقة على التفسيرات التي يوردها المحلل والنضال ضدها، ومحاولة إثبات أن المحلل مخطئ، والتشكك في قيمة العلاج بالتحليل، والحضور متأخراً إلى جلسات التحليل أو تناسي مواعيدها أو الاعتذار عنها.
ويؤكد سيجموند فرويد ضرورة مقاومة المريض بالإصرار. أي أن واجب المعالج تحليل المقاومة وكسر حدتها وإضعافها والقضاء عليها، ولفت نظر المريض إليها وإلى مظاهرها، وتوضيح وشرح كيف أنها تمنع الوصول إلى أسباب مشكلات المريض، وجعله يواجه أفكاره الغريبة ورغباته المخجلة وخبراته العنيفة وجهاً لوجه، وبهذا يستطيع أن يستدرج هذه الأفكار والرغبات والخبرات إلى حيز الشعور حيث يمكن حل المشكلة. ويعتبر التفسير هو الأداة الرئيسية لتحقيق ذلك حيث تتحول المقاومة إلى تعاون يؤدي إلى الاستبصار وفهم النفس.
هذا ويلاحظ أن المريض قد يبذل جهوداً لا شعورية في مقاومة تحليل المقاومة. فالمريض قد يعتبر جهود المحلل لتحليل المقاومة بمثابة هجوم شخصي عليه يزيد القلق ويدعو إلى مزيد من المقاومة. ومن هنا نجد أن من واجب المحلل أن يبذل كل جهده في التغلب على هذه المقاومة هادفاً إلى تحقيق تعاون المريض حتى يسير التحليل نحو تحقيق أهدافه العلاجية.
وقد اكتشفت مجموعة من العقاقير لها أهميتها في إحداث حالة نفسية بالمريض تمكنه خلالها من الرجوع بذاكرته إلى مرحلة الطفولة المبكرة، وبذلك يمكن التغلب على المقاومة والإسراع في عملية التحليل. على أنه يجب الحذر الشديد عند استعمال هذه العقاقير.
تحليل الأحلام: Dream Analysis (1)
نشر سيجموند فرويد مؤلفه عن "تحليل الأحلام" عام 1899م- ويري فرويد أنه لما كان الأنا في حالة اليقظة هو الذي يسيطر على قوة الحركة، فإن هذه الوظيفة تتعطل أثناء النوم، ومن ثم يتلاشي جزء كبير من الرقابة التي تفرض على الهو أو اللاشعور. وسحب الشحنات النفسية التي تقوم بوظيفة الرقابة أو إضعافها يسمح للهو بشئ من الحرية التي تبدو الآن غير ضارة.
وقد استخدم فرويد تحليل الأحلام كوسيلة للوصول إلى أعماق اللاشعور والكشف عن اسراره ويعتبر فرويد أن الأحلام بمثابة "الطريق السلطاني" إلى اللاشعور الذي يحتوي على العقد والدوافع والرغبات المكبوتة والتي يري أن أغلبها جنسية، وهي وأن كانت مكبوتة، إلا أنها لم تفقد القدرة على الظهور رغبة في الإشباع. وبعبارة أخرى فإن الحلم يعتبر نافذة مطلة على أعماق النفس.
ويقول فرويد إن تكوين الأحلام يمكن أن يحدث بطريقتين مختلفتين. فقد يكون أصلها أن أحد الدوافع أو الرغبات الغريزية التي تكون عادة مكبوتة ومختزنة في اللاشعور- والتي تحول الأوضاع الاجتماعية دون تحقيقها في الواقع- تجد قوة كافية أثناء النوم تجعلها تؤثر في الأنا (الرقيب) الذي يكون في غفلة أثناء النوم وتفلت منه وتشق طريقها من اللاشعور إلى الشعور وتفصح عن نفسها في الأحلام. وقد يكون أصل الحلم رغبة متخلفة من حياة اليقظة- أي سلسلة من الأفكار الموجودة قبل الشعور بكل ما تتضمنه من الدوافع المتصارعة- تلقي تدعيماً أثناء النوم من أحد العناصر اللاشعورية. وباختصار فإن الأحلام قد تنشأ إما من الهو وإما من الأنا.
ويفسر فرويد كيف ولماذا يقوم الأنا النائم بعملية الحلم. إن كل حلم في مرحلة التكوين إنما يقوم تحت تأثير اللاشعور بمطالبة الأنا بإرضاء غريزة أو بحل صراع..الخ ويعتبر فرويد أن "الحلم هو حارس النوم". فالأنا النائم شديد الرغبة في الإبقاء على النوم وحمايته من الإزعاج. وهو يرى في هذه المطالبة التي تنبعث في الحلم إقلاقاً لراحته يعمل على التخلص منها. ويحقق الأنا ذلك بما يبدو كأنه موافقه. فهو يجيب هذه المطالبة بما يعتبره في هذه الظروف إشباعاً بريئاً لرغبة معينة، وبذلك يتخلص من المطالبة. وعملية الإبدال هذه التي تشبع بها رغبة ما بدلاً من تحقيق ما يطلبه الهو هي الوظيفة الرئيسية للحلم. ويضرب فرويد مثلاً بحلم عن الجوع. ففي أثناء النوم تتنبه في الشخص صاحب الحلم حاجة للطعام، ويحلم الشخص أنه يتناول طعاماً لذيذاً، ثم يستمر في نومه، وكان على الشخص بالطبع أن يختار بين الاستيقاظ وتناول شئ من الطعام أو الاستمرار في النوم. وهنا نجده قد اختار الأمر الثاني وأشبع جوعه عن طريق الحلم بصفة مؤقتة، إذا لو استمر جوعه لاضطر إلى الاستيقاظ. ويضرب فرويد مثلاً آخر بحلم عن الرغبة الجنسية. فقد تتحرك أثناء النوم، رغبة في علاقة جنسية محرمة، فيحلم النائم أنه يمارس العملية الجنسية.
وقد ميز فرويد بين المضمون الصريح والمضمون الكامن للحلم. أما عن المضمون الصريح أو المحتوى الظاهري للحلم، فهو ما يرويه الشخص (ويرتبط عادة بذكريات يوم الحلم وبالخبرات السابقة)، وعادة يكون ساراً، أما عن المضمون الكامن أو المحتوى الباطني للحلم، فهو ما يحاول المحلل أن يصل إليه، وعادة ما يكون مؤلماً، وقد يكون مشوشاً غير مفهوم أو لا معني له، أو مناقضاً للواقع، أو متضاداً (حيث لا يوجد في اللاشعور فصل بين الأضداد، ولذلك فأي عنصر في الحلم الظاهر قد يعني أيضاً ضده).
ويطلق على العملية التي تحول المحتوى الباطني المؤلم إلى محتوى ظاهر سار عملية "إخراج الحلم". وهكذا فإن الحلم الذي نحكيه (بعد اليقظة) ليس هو الحلم الحقيقي. ويمكن صياغة ذلك في الصورة الآتية:
إخراج الحلم = المحتوي الحقيقي + المحتوي الظاهري – المحتوي الباطني.
ويلجأ الحالم في إخراج الحلم إلى وسائل هي:
• التكثيف: أي تكوين وحدات جديدة من عناصر هي بالضرورة منفصلة بعضها عن بعض، وحذف بعض العناصر، وإدماج العناصر المتشابهة مع بعضها في بعض الصفات.
• النقل: أي نقل سمات انفعالية من شخص إلى آخر، أو نقل التأكيد من عنصر من عناصر الحل إلى عنصر آخر.
• الإخراج المسرحي: أي تحويل الأفكار إلى صور ذهنية بصرية كما لو كانت فيلماً سينمائياً وأنها تتعلق بشخص آخر، وبهذا تصبح أقل إثارة للناحية الانفعالية في الشخص.
• التعبير الرمزي: أي ظهور الموضوعات والمواقف في صور رمزية لا تسبب الألم أو الانفعال الشديد. ويكون معنى هذه الرموز في معظم الأوقات غير معروف للحالم.
• الصياغة الثانوية: التي يقوم بها الحالم بإعادة تنظيم أجزاء الحلم وتحريفه وإضافة تفصيلات أو تحسينات ثانوية لسد ما به من ثغرات، وإضافة "الشئ لزوم الشئ"، فإذا كان فرحاً كانت هناك الموسيقي والأنوار والمدعوين. وبذا يصبح الحلم أقرب إلى المنطق.
وقد اهتم كارل يونج إلى حد كبير بتحليل الأحلام والخيال والإنتاج الفني. وفي حين ينظر فرويد إلى الحلم على أنه "تحقيق لرغبة"، فإن يونج يشكك في ذلك إذ أن كثيراً من الأحلام يتضمن أموراً مؤلمة في الواقع، أو أنها توقظ الحالم في حالة قلق نفسي، فنحن نجد أن يونج ينظر إلى الحلم ليس كتعبير لرغبات كامنة مكبوتة، ولكن كتعبير لا إرادي لعملية نفسية لا تخضع لضبط الشعور، وهي من ثم تعبر عن الحالة الذاتية للمريض في واقعه. ويتبع يونج في تحليله للحلم مستويين، أولهما مستوي الموضوع، وثانيهما مستوي الشخص.
كذلك اهتمت كارين هورني بتحليل الأحلام، وهي تري أن الاحلام تزيد البصيرة حول الحالة، وتكشف عن بعض اتجاهات المريض نحو العالم. وهي تهتم بالحلم من حيث هو مختصر أم مفصل، منظم أم فير منظم، قريب من الواقع أم بعيد عنه، ثابت أم ملئ بالحركة، نادر أم متكرر أم دوري. كذلك فهي تتلمس من الحلم الاتجاهات والصراعات والحلول والعلاقات بالآخرين...الخ.
ويعتقد إيريك فروم أن الأحلام تعكس العناصر المعقولة والعناصر غير المعقولة من الشخصية في نفس الوقت.
وفي ضوء هذا كله نجد أن إجراء تحليل الأحلام يتضمن أن يطلب المحلل من المريض أن يروي له آخر حلم رآه دون تحرز أو تحرج. ثم يسجل المحلل مادة الحلم كما يرويها المريض مع ما يذكره من تعليق عليها أو ما يظهر عليه من انفعال أثناء الرواية والتعليق. وقد يلفت المحلل نظر المريض إلى روابط خاصة من أجزاء مختلفة من الحلم، أو يسأله عما يثيره موقف خاص أو شخص معين في الحلم من ذكريات عن نفسه. ويستعين المحلل بالتداعي الحر والأسئلة لاستجلاء غوامض الحلم. ويستعين المحلل أيضاً في تأويل الحلم وتفسير رموزه بالمريض نفسه، فلا شك أن أفكار الحالم تمد المحلل بحلقات متوسطة يمكن أن تسد الفراغ الموجود بين المحتوى الظاهري والمحتوى الكامن للحلم، ويمكن أن يستعين بها في الكشف عن تلك المادة وتفسيرها. وإذا انتقل المريض من حلم إلى آخر فيجب على المحلل أن يتركه يسترسل كما يشاء، على أن يلاحظ العناصر المشتركة بين الأحلام المختلفة.
وهكذا نري أن تحليل الأحلام يعتبر وسيلة مساعدة في عملية التداعي الحر حيث يتمكن المعالج من استعمال المواد التي وردت في الحلم كوسيلة لاستدعاء نقاط معينة مما يوضح مختلف نواحي النشاط النفسي.
ويحاول المحلل أن يدرك معني الحلم في المجرى العام للعملية العلاجية وذلك بوضعه في سياقه، وبنسبته إلى معايير الموقف العلاجي وغيرها مما يتصل بالحياة الراهنة، والحالة الجسمية، والماضي والطفولة، والمطامح والآمال في المستقبل. وهكذا يتطلب الحلم مجهوداً لتفسيره.
ويخضع تفسير الحلم لمقتضيات سير العلاج، ففي أغلب الحالات لا يكاد يكمل تحليل حلم حتى تظهر مشكلات جديدة، وبالعكس، يمكن أن تتضح الأجزاء التي تظل غامضة من حلم ما بفضل تطور التحليل.
وعلى أية حالة فإن بعض المحللين يرون أنه من المستحسن تأجيل عملية تحليل الأحلام إلى أن يحصل المعالج على قدر كاف من المعلومات عن مشكلات المريض وصراعات التي أظهرت هذه الأحلام.
التفسير التحليلي:
يعتقد عدد كبير من المحللين النفسيين أن الكثير مما يقوله المريض عبارة عن تورية لأشياء أخرى، ومن ثم فإن على المحلل استنتاج وترجمة وتفسير المعاني الكامنة وراء ذلك. ومع تقدم جلسات التحليل تبدأ المعاني وكل ما يرتبط بمشكلات المريض في الظهور. وبالطبع يكون المحلل هو أول من يلاحظ ذلك ويجد له تفسيراً في ضوء معرفته النفسية التي جمعتها من خبرته بالحياة، ومن ثقافته، ومن تحليله الشخصي، ودراساته، وحالات التحليل التي قام بها.
ولا شك أن التفسير يجب أن يكون كاملاً وصحيحاً ومنطقياً حتى يقبله المريض وحتى يؤدي إلى هدف التحليل النفسي في كشف وفهم الذكريات المكبوتة. وهكذا يعتبر التفسير من أخص ما يميز عملية التحليل النفسي، ويعتبر أيضاً المظهر الرئيسي لتدخل المعالج في الصراعات العصابية لدى المريض.
ويتناول التفسير التحليلي العلاقة الدينامية بين المريض والمحلل، والمواد التي تنكشف خلال عملية التداعي الحر، والتحويل وعصاب التحويل، والمقاومة، والأحلام...الخ.
كل هذه الأشياء يفسرها المحلل داخلياً في ضوء نظرية التحليل النفسي مستعيناً بخبرته في التحليل.
ويلجأ المحلل إلى التفسير بهدف: إحداث تغيير في إدراك المريض للأشياء، وإحداث تغيير في معرفته ومشاعره تجاه نفسه وإحداث تغيير في سلوكه، وجعل المواد اللاشعورية شعورية، وتنمية بصيرة المريض ومساعدته في حلها، وتسهيل التداعي الحر، وتحليل التحويل والتغلب على المقاومة وزيادة اهتمام المريض بالتحليل، وشعور المحلل بعمل شئ ملموس للمريض.
التعلم واكتساب العادات:
يعتبر التعلم واكتساب العادات خطوة ضرورية في التحليل النفسي. وقد رأينا أن التحليل النفسي يهدف إلى مساعدة المريض في تغيير اتجاهاته وتنمية بصيرته. وقد يحتاج تحليل التحويل وتحليل المقاومة إلى جهود كبيرة تبذل في هذا الصدد. وقد علمنا أن التحليل النفسي يتضمن إحداث تغيير في بنية الأنا عن طريق الاستبصار بخصوص المشاعر المكبوتة والصراعات غير الحلولة وإعادة التنظيم الإنفعالي.
ويوصي الفريد آدلر بعلاج وإعادة تعليم وتوجيه الطفل المشكل وكذلك إعادة تعليم وتوجيه الوالدين فيما يتعلق بالعلاقات بينهما وبين الطفل.
وتري كارين هورني أن التحليل عبارة عن إعادة تربية وتعلم، فالمحلل يجب أن يتناول المشكلات الأخلاقية وأن يشير إلى الجوانب البناءة والجوانب الهدامة في اتجاهات المريض.
والعلاج في نظر هاري ستاك سوليفان ليس مجرد كشف المكبوتات، بل هو أيضاً عملية تعلم يعاد فيها تنظيم الأنماط السلوكية للمريض وتعلم أنماط سلوكية جديدة.
وباختصار فإن على المحلل أن يس