مقدمة:
تتعلق الدراسة الحالية بمجال حيوي وأساسي من مجالات علم النفس بصفة عامة، وعلم النفس
المرضي والإكلينيكي بصفة خاصة، فأحداث الحياة وتأثيراتها على الحالة النفسية للفرد وما يتبعها من
أثار تنعكس على الصحة الجسمية.
وتهتم هذه الدراسة بالجانب النفسي في مجال الأورام السرطانية انطلاقاً من أن العامل النفسي
يلعب دوراً قوياً في الاضطرابات السيكوماتية، كذلك في نشأتها واستمرارها أو إثارتها وضعف
مقاومة الفرد في مواجهتها، ومن هذا المنطلق اهتم علماء النفس بأحداث الحياة كمدخل لدراسة
الضغوط التي تنعكس على الحالة الجسمية والنفسية للإنسان، حيث تعتبر الخبرات اليومية المشحونة
انفعالياً على الحالة الصحية للإنسان، ومنها الكدح اليومي، والإحباطات الناتجة عن روتين الحياة،
والضغوط الاجتماعية، والنزعات المزعجة، منبئات جيدة للأمراض الجسمية والنفسية مثلها مثل
الأحداث الرئيسية.
إن إدراك الفرد السلبي لهذه المواقف الحياتية يؤدي إلى ضغوط نفسية، وبالتالي إلى انفعال يضعف
من مناعة جسمه ومقاومته لتساعد على ظهور الأمراض السيكوسوماتية كمرض السكري، والسمنة،
والحساسية، وضغط الدم، والسرطان. وهذا الأخير أي السرطان يمثل تحدياً للمختصين في هذا المجال من خلال معرفة الأسباب وأساليب الوقاية والعلاج التي يتزايد الاهتمام بها من قبل الباحثين في هذا
المجال.
بدأ الاهتمام بمفهوم المناعة النفسية في عام 1980 م، ودور العوامل النفسية في التأثير على الجهاز
المناعي، وعلى مدى مواجهة الضغوط النفسية التي يتعرض لها الفرد بسبب أحداث الحياة.
مشكلة الدراسة:
تحاول هذه الدراسة الربط بين أحداث الحياة، والضغوط النفسية، ودور هذه الأحداث والضغوط
بالإصابة بالأورام السرطانية. إذ أن أحداث الحياة المشحونة بالتوتر تثير الضغوط النفسية لدى الفرد
وجوهر الاختلاف في مجال البحث العلمي المتعلق بالجانب النفسي وتأثيره على نمو الأورام
السرطانية يتمثل في السؤالين التالين: هل العوامل النفسية سبب رئيسي مباشر في إحداث الأورام
السرطانية؟. وما مدى تأثير الحالة النفسية على الأورام السرطانية أثناء وبعد الإصابة؟.
من خلال الاطلاع على الدراسات السابقة اتضح أن العامل النفسي يمكن أن يساهم في نمو الأورام
السرطانية وكذلك تأثيره على الحالة المرضية للمريض بعد الإصابة بالمرض.
من خلال متابعة الباحثين وأخذ التاريخ المرضي لبعض الحالات بالمعهد القومي لعلاج الأورام
بمصراته، تبين أن هذه الحالات تعرضت لضغوط وصدامات نفسية، ولكثير من المشكلات النفسية
والاجتماعية قبل إصابتها بالأورام السرطانية مثل وفاة شخص عزيز، وظروف الحياة القاسية،
والكبت، وكظم الانفعالات، وكذلك حالات الاكتئاب والقلق المزمن، والخوف لدى بعض الحالات مما
يدل على تأثير العوامل النفسية في نمو أمراض الأورام السرطانية.
وتتحدد مشكلة الدراسة في التساؤلات التالية:
-1 هل هناك ارتباط بين أحداث الحياة، والضغوط النفسية، ونمو الأورام السرطانية؟.
-2 هل هناك فروق بين الجنسين في الشعور بأحداث الحياة، والضغوط النفسية؟.
-3 أي المراحل العمرية أكثر معاناة لأحداث الحياة والضغوط النفسية؟.
أهمية الدراسة:
تكمن أهمية الدراسة فيما يلي:
-1 أنها تتناول موضوعاً مهماً، وهو أثر العامل النفسي في نمو الأورام السرطانية، قبل وأثناءوبعد الإصابة بالأورام.
أنها من الناحية العملية تقدم للأخصائيين في هذا المجال المعلومات المتعلقة بنوعية أحداث
الحياة، والضغوط النفسية المهيئة لظهور الأمراض السرطانية.
هدف الدراسة:
- التعرف على أثر الضغوط النفسية على الإصابة بالأورام السرطانية.
حدود الدراسة:
تقتصر الدراسة الحالية على عينة من المصابين بالأمراض السرطانية المترددين على المعهد
. القومي لعلاج الأورام بمدينة مصراته للعام 2006
مفاهيم الدراسة:
* أحداث الحياة:
أحداث الحياة الضاغطة بأنها: حرمان يثقل كاهل الإنسان نتيجة لمروره بخبرة DSM III عرف
غير مريحة.
إن من بين ضغوط أحداث الحياة: الوحدة، المرض، فساد الطفل، تعاطي Farnce ويذكر فرانس
العقاقير، الصراع الزواجي، الطلاق، الانفصال، البطالة عن العمل، الشيخوخة، السجن، الديون، فقدان
شخص عزيز، الضغوط المهنية.
* الضغوط النفسية:
بأنها: "أي مثيرات أو تغيرات في البيئة الداخلية أو الخارجية بدرجة من Stress تعرف الضغوط
الشدة والدوام بما يثقل القدرة التكيفية للإنسان إلى حده الأقصى والتي في ظروف معينة يمكن أن
تؤدي إلى اختلال السلوك أو عدم التوافق، أو الاختلال الوظيفي الذي يؤدي إلى المرض، وبقدر
.( استمرار الضغوط بقدر ما يتبعها من استجابات جسمية ونفسية غير مريحة"( 1
* الأورام السرطانية:
السرطان عبارة عن "تورم ناتج عن خلايا خرجت عن أجهزة المراقبة في الجسم، وأخذت تنمو
بصورة عشوائية، ويحدث النمو في البدء في العضو المصاب وابتداء من إصابة أولية، ثم يتخطى
التورم الحواجز التي تفصل بين الأعضاء؛ وخلال هذا التخطي قد تخرج بعض الخلايا السرطانية
لتدخل الشعيرات الدموية أو البلغمية التي تنقلها إلى مختلف أجزاء الجسم حيث تبنى مستعمرات
الضغوط النفسية والاضطرابات الجسمية والنفسية:
الذي يتناول Psychosomatic medicine ظهر فرع جديد من الطب وهو الطب السيكوسوماتي
تأثير الضغوط والانفعالات على الاختلال الوظيفي أو المرضي، وعرفت الأمراض السيكوسوماتية
بأنها: "مجموعة من الاضطرابات أو الأعراض الجسمية التي تحدثها عوامل انفعالية، وتتضمن أحد
الأجهزة العضوية التي يتحكم فيها الجهاز العصبي المستقل - وبذلك تكون المتغيرات الفسيولوجية
المتضمنة هي تلك التي تكون في العادة مصحوبة بمجالات انفعالية معينة، وتكون هذه التغيرات أكثر
.( إصراراً وحدة ويطول بقاؤها ويمكن أن يكون الفرد غير واع شعورياً بهذه الحالة الانفعالية"( 3
أن السيكوسوماتية ترجع غالباً لضغوط "المواقف المختلفة في الحياة، تلك Wolff كما يرى يولف
الضغوط، التي لا تتفق مع تكوين الفرد الفسيولوجي أو النفسي، وهي مواقف يحدث فيها ما يضغط
على نفسية الفرد، ويثير قلقه وتوتره حتى تؤثر على أحشائه وإفرازات غدده من الهرمونات
والعصارات وغيرها. مما يجعل الحالة الانفعالية الحشوية تأخذ صفة الاستمرار بما لا تتحمله الآليات
.( الجسمية الداخلية فتضطرب الوظائف أو تصاب الأعضاء"( 4
إن مفهوم الضغط النفسي يشير إلى "أي تغيير داخلي أو خارجي، من شأنه أن يؤدي إلى استجابة
انفعالية حادة ومستمرة. بعبارة أخرى تمثل الأحداث الخارجية بما فيها ظروف العمل أو التلوث البيئي
أو السفر، والصراعات الأسرية ضغوطاً، مثلها في ذلك مثل الأحداث الداخلية أو التغيرات العضوية
.( كالإصابة بالمرض، أو الأرق، أو التغيرات الهرمونية الدورية"( 5
أن الضغوط تعتبر "من العوامل المهمة في Selye وذكر محمد علاوي نقلاً عن هانز سيليي
حدوث الإجهاد والانفعال الزائد لدى الفرد. ومن ناحية أخرى فإن الضغوط موجودة لدى كل فرد
بدرجة معينة، كما أن التعرض المستمر للضغوط الحادة يؤثر بصورة سلبية على حياة الفرد، ويؤدي
.( إلى ظهور الأعراض المرضية والجسمية والنفسية ويرى الباحثون أن ضغوط أحداث الحياة "تجعل الإنسان عرضة للانهيار العصبي والوقوع فريسة الأمراض الجسمية والنفسية وأن الشعور بانعدام الثقة، وقلة التحمل، وعدم القدرة على التحكم في
الأحداث والمشكلات هي مسببات للمرض الجسمي والنفسي" وإن الصراعات والمواقف الإحباطية
المختلفة هي بوابة الدخول في عالم الأمراض النفسية والعقلية التي تعطي الاستعداد والاستجابة
بالأمراض المختلفة.
إن أحداث الحياة والضغوط النفسية تتأثر أيضاً بالجانب الإدراكي للفرد من حيث مستوى تقبله أو
عدم تقبله وقدرته لمواجهة الضغوط الحياتية "إن مستوى الإجهاد النفسي يرتبط بقدرة الفرد على إدراك
الموقف وهذا الإدراك قد يكون من خلال الإطار المرجعي الداخلي للفرد. فما يبدو غريباً أو شاذاً
للغير، قد يكون مألوفاً وهادفاً للفرد نفسه. ومعظم طرق السلوك التي يتبناها الفرد هي التي تتسق مع
.( مفهومه عن نفسه ومع صورة الذات"( 8
يتبين مما ذكر إن الإطار المرجعي للفرد والذي يتمثل في مفهوم فلسفة حياته والأخلاق والقيم
والعادات والتقاليد لها دور في التأثير على مقدرة الفرد في تحمل أحداث الحياة والضغوط النفسية.
ويرى الباحثون إن العامل النفسي لا يعمل لوحده وإنما إلى جانب التغير الهرموني ويعتبره البعض
العامل "الغلاب والفعال المباشر في إحداث الأذى للعضو. كما أن هذا العضو قد سبق له وأن تعرض
.( للأذى النفسي منذ الطفولة فأصبح موضع الانفعال"( 9
نستنتج مما سبق إن أحداث الحياة الضاغطة والضغوط النفسية تساهم في الاضطرابات الانفعالية
مثل القلق، والخوف، والاكتئاب، ومن ثم أن هذه الاضطرابات تؤثر على الجهاز العصبي والهرموني،
والحالة الجسمية للفرد بصفة عامة. وإن تفاعل العامل النفسي مع العامل الوراثي والبيولوجي له أثر
كبير في إحداث الاضطرابات الجسمية.
كيف تحدث العوامل النفسية أعراضاً جسمية مرضية؟.
إن الإجابة عن السؤال السابق تكمن في أن: "الجهاز المناعي يتصل بالمخ وأن حالات العقل
كالشعور بالأمل يكون لها تأثيرات عقلية مقابلة تعكس الحالة النفسية للإنسان، وتؤثر هذه الحالات
العقلية بعد ذلك على بقية الجسد... إن المخ والجهاز المناعي متصلان ببعضهما البعض ليس من
خلال الأعصاب بل من خلال الهرمونات.. وإن الرسائل الكيميائية التي تنساق عبر الدم بحيث يمكن
أن تنقل الحالة الانفعالية من أحد أجزاء الجسم إلى جزء آخر، ولقد ثبت أنه عندما يشعر الإنسان
بالاكتئاب، تتغير حالة المخ، إن الهرمونات التي تقوم بنقل الذبذبات الكهربية من عصب إلى آخر
حتى يتم Catechol Amines يمكن أن تستنزف إحدى مجموعات هذه الهرمونات التي يطلق عليها
وعندما تنفذ هرمونات المخ التي تقوم بنقل الذبذبات الكهربية فإن هذا يزيد أو يرفع "من مستوى
المورفين الداخلي بالمخ، والجهاز المناعي لديه مستقبلات تهدد الهرمونات وهو ينغلق عند زيادة نشاط
الأندروفين، إذا كان مستوى التشاؤم لدى الفرد… فيمكن أن يستنزف جهازه المناعي، فعلى الأرجح أن
.( هذا التشاؤم يمكنه أن يضعف صحته البدنية خلال دورة حياته"( 11
الضغوط النفسية والأورام السرطانية:
من خلال تتبع الباحثين لموضوع العلاقة بين العوامل النفسية والأورام السرطانية وجدا بعض
الاختلافات في وجهات نظر الباحثين في هذا المجال وهو ما يتمثل في اتجاهين: الأول يعتقد أن
العوامل النفسية لها دور كبير في نمو الأورام السرطانية في حين أن الاتجاه الآخر ينفي ذلك. ولكن
هناك دراسات حديثة تؤكد دور العوامل النفسية في نمو الأورام السرطانية. ويعتبر العالم سيمونز
1956 ) أول من أشار إلى العلاقة بين العوامل النفسية ومرض السرطان ولخص ) (H. Simmons)
هذه العلاقة في الآتي:
-1 يمكن أن تعجل الصدمات النفسية بظهور السرطان دون أن تكون هي السبب الأول في المرض.
-2 إن اضطراب الوظائف الغددية الهرمونية تثيرها الضغوط الانفعالية، وخاصة تلك الضغوط
المتعلقة بمشكلات الطفولة.
-3 إن علاج السرطان يجب أن يجمع بين الجراحة وعلاج الغدد، بالإضافة إلى العلاج النفسي،
.( والتوجيه، والإرشاد، والخدمة الاجتماعية"( 12
ويرى الدكتور بارنارد أن "هناك أثراً للعوامل النفسية، وحالات القلق، واليأس، والخوف، والتوتر،
وهذه العوامل التي قد تكون نتاجاً لأوضاع اجتماعية واقتصادية تزيد من أعباء الإنسان ومشكلاته، مما
يترك أثره الواضح في عضوية الإنسان بما فيها من اضطرابات عصبية وهرمونية تعتبر من أكبر
العوامل المساعدة على حدوث السرطان ونموه أو تطوره، ومما لا شك فيه أن مثل هذه العوامل
.( النفسية تنشط التربة السرطانية وتحثها على النمو والانتشار( 13
ومن وجهة نظر التحليل النفسي أن مريض السرطان لا يعاني من صراعات نفسية بقدر ما يعاني
من استنفاذ مصادر الطاقة النفسية لديه. كما أن القابلية للإيحاء تلعب دوراً في حدوث المرض.
الأبعاد النفسية للأورام السرطانية (الدراسات السابقة):
لوحظ من خلال مراجعة الباحثين للإنتاج العلمي حول دور العوامل النفسية في نمو الأورام
السرطانية، أن الدراسات التي تناولت هذا الموضوع تتمثل في فئتين
الفئة الأولى: تتمثل في موضوع التعرض لمثيرات المشقة وأحداث الحياة اليومية والإصابة
بالأورام السرطانية، وهذا هو موضوع دراستنا هذه. أما الفئة الثانية: فتتناول ارتباط سلوكيات
وأساليب التكيف ونمط الشخصية بالإصابة بالأورام السرطانية ويتم عرض هذه الدراسات كما يلي:
أولاً: دراسات تناولت دور العوامل النفسية في نمو الأورام السرطانية:
أجرى الباحثون بحثهم على مجموعة من (Visintainer et al, دراسة فينستينز وآخرون ( 1983
الفئران، حيث قاموا بتقسيم "الفئران الذين تم زرع خلايا سرطانية في أجسامهم إلى ثلاث مجموعات
إحداها تعرضت لصدمة كهربية لا يمكن تجنبها، والثانية تعرضت لصدمات كهربية يمكن الإفلات
منها، والثالثة لم تتعرض لأية صدمات، وقد بينت النتائج أن أقل المجموعات رفضاً للخلايا السرطانية
.( المزروعة كانت مجموعة الصدمات الكهربية التي لا يمكن الإفلات منها"( 14
وفي دراسة نجية إسحاق، ورأفت السيد عبد الفتاح ( 1995 ): بعنوان العوامل النفسية في أمراض
السرطان، دراسة في أحداث الحياة والشخصية لدى مرضى السرطان، وكان الهدف من الدراسة
محاولة التعرف على أحداث الحياة الشائعة المرتبطة بمرض السرطان، ومعرفة الفروق بين المرضى
والأسوياء فيما يتعرضون له من أحداث، وتكونت عينة الدراسة من ( 30 ) مريضاً بالسرطان نصفهم
من الذكور والنصف الآخر من الإناث، بالإضافة إلى ( 30 ) فرداً من الأسوياء.. نصفهم من الذكور
والنصف الآخر من الإناث وقد تمت الدراسة باستخدام الأدوات الآتية (استبيان ضغوط أحداث الحياة،
اختبار رسم المنزل، الشجرة، الشخص) وقد أثبت النتائج أن أهم أحداث الحياة المرتبطة بمرض
السرطان هي الأحداث المتعلقة بالعمل، والدخل، والحياة الأسرية والزواج والعلاقة بالجنس الأخر، كما
وجدت فروقاً دالة في جانب مجموعة المرضى عند مقارنتهم بالأسوياء في أحداث الحياة المتعلقة
بالعمل، والدراسة، والناحية المالية والناحية الصحية، والمنزل، والحياة الأسرية، حيث كان المرضى
أكثر تأثراً بتلك الأحداث، أما فيما يتعلق بالفروق بين مرضى السرطان من الجنسين في تأثرهم
.( بأحداث الحياة فكان الذكور أكثر تأثراً فيما يتعلق بالعمل والدراسة والنواحي المالية( 15
دراسة على ( 250 ) مريضاً من مرضى (lawrance leshan) لقد أجرى لورانس ليشان
4) من المرضى كانوا يعانون من يأس قاتل، وفقدان الأمل في الحياة، - السرطان، فوجد نسبة ( 3
والإحساس بالفشل. كما لاحظ ليشان أن مريض السرطان يكون منعزلاً، انطوائياً في حياته، وليس لديه
القدرة على تغيير سلوكه مع وجود صراع غير محلول مع صورة أبويه، ووجود اضطرابات جنسية( مثلية")
واكتئابياً لا يستطيع التعبير عن توتراته أو قلقه أو غضبه، يسعى لإسعاد
.( الآخرين"( 18
وهي شخصية تتسم ،type c ( إن الشخصية التي تتعرض للسرطان هي شخصية من نوع (ج
وتستجيب للتوتر والضغوط وأحداث الحياة من خلال الاكتئاب، واليأس، وانعدام الأمل، والانفعالات
السلبية.
مناقشة الدراسات السابقة:
من خلال تتبعنا للإنتاج العلمي حول دور العوامل النفسية في نمو الأورام السرطانية تبين لنا أن
هذا الدور يكمن في تأثير الانفعالات على الجهاز العصبي، ورأينا مما سبق أن التشاؤم واليأس من
الحياة والاستسلام وعدم القدرة على المواجهة والأفكار الخاطئة تؤثر على الجهاز المناعي وتضعفه،
هذا بالإضافة إلى نمط الشخصية الذي يسلكه مريض الأورام في حياته وتأثيره على الجسم.ومن هذا
المنطلق إن للإرشاد النفسي دوراً كبيراً في تدريب الأفراد على الإجراءات الوقائية قبل وبعد المرض.
عندما يشعر الفرد بالعجز "في كثير من الخبرات يفترض أن يؤدي إلى اليأس وانعدام الأمل، وهو
ما قد يسهم بدوره في نمو السرطان، فالأشخاص الذين يرتفع اليأس لديهم يكون لديهم تاريخ طويل من
انخفاض الفاعلية والخضوع للأحداث بدون شعور بالنجاح أو المتعة مع انخفاض الشعور بالمسؤولية
تجاه الإنجاز، وقابلية شديدة للفشل، وتشير البحوث إلى أن الأفراد الذين يتفق سلوكهم مع هذه الصورة
.( الخاصة باليأس وانعدام الأمل أكثر عرضة للإصابة بالسرطان"( 19
ونستطيع القول أن الحالة النفسية لا تؤثر في الحالات المتأخرة وتدهور حالة المريض ولكن يمكن
أن تؤثر في نمو الأورام السرطانية خاصة عندما يكون الورم في مراحله الأولى، عندئذ يكون التفاؤل
والإقبال على الحياة، ومواجهة المرض أثر إيجابي كبير، وقد يشكل فارقاً حقيقياً بين الحياة والموت.
إجراءات الدراسة:
تهدف الدراسة إلى معرفة العلاقة بين أحداث الحياة والضغوط النفسية والإصابة بالأورام
السرطانية.
منهج الدراسة:
المنهج المستخدم في هذه الدراسة هو المنهج الوصفي الارتباطي.
مجتمع الدراسة:
يتكون مجتمع الدراسة من جميع المرضى المترددين على المعهد القومي لعلاج الأورام بمصراته
. 2006 والبالغ عددهم 100 – خلال شهر 9
عينة الدراسة:
تتكون عينة الدراسة الحالية من ( 29 ) مريضاً ومريضة منهم 21 ذكوراً و 8 إناث يعانون من
أنواع مختلفة من الأورام السرطانية، يترددون على المعهد القومي لعلاج الأورام بمصراته، ومن
شرائح مختلفة من البلاد. تم اختيارهم بصورة عشوائية من المجتمع الأصلي للدراسة ويشكلون نسبة
.%29
أداة الدراسة:
استخدم الباحثان الأدوات التالية:
-1 المقابلة الشخصية.
-2 اختبار ضغوط الحياة للدكتور محمود الزيادي والدكتور فيصل محمد خير الزراد.
-3 استبيان يحتوي على سؤال مستقل يقيس معاناة المريض قبل الإصابة بالمرض.
عرض النتائج:
( جدول رقم ( 1
يوضح العلاقة بين أحداث الحياة
المتمثل في وفاة شخص من الدرجة الأولى للمريض ونوع الورم الذي يعاني منه
هل توفى أحد أفراد أسرتك
من الدرجة الأولى
نعم لا
النسبة
Count 3 5 8
37.5% 62.5% 100.0% نوع الورم - رئة
Count 1 3 4
25.0% 75.0% 100.0% نوع الورم - قالون
Count 1 2 3
33.3% 66.7% 100.0% نوع الورم - ليمفاوية
Count 0 1 1
0% 100.0% 100.0% . نوع الورم - حنجرة
Count 5 5 10
50.0% 50.0% 100.0% نوع الورم - الثدي
Count 0 1 1
0% 100.0% 100.0% . نوع الورم - بنكرياس
Count 0 1 1
0% 100.0% 100.0% . نوع الورم - العصب الخامس
Count 1 0 1
نوع الورم
100.0% .0% 100.0% نوع الورم - المثانة
الإجمالي Count 11 18 29 %within 37.9% 62.1% 100.0%
يتضح من الجدول السابق وجود علاقة بين أحداث الحياة والضغوط النفسية المتمثلة في وفاة شخص
من الدرجة الأولى للمريض ونوع الورم حيث تمثلت النسبة العامة 62 %. أي نسبة 62 % من أفراد
العينة أجابوا بنعم.
مناقشة النتائج:
وللإجابة عن تساؤلات الدراسة قام الباحثان باستخراج التكرارات والنسب المئوية لاستجابات عينة
الدراسة على كل فقرة من فقرات الاختبار وكذلك تحليل محتوى المقابلات الشخصية، وكانت النتائج
على تساؤلات الدراسة كالتالي:
فيما يتعلق بالسؤال الأول وهو: هل هناك علاقة بين أحداث الحياة، والضغوط النفسية، ونمو
الأورام السرطانية؟.
من خلال نتائج الدراسة تبين لنا أن أفراد عينة الدراسة كانوا يعانون من أحداث الحياة والضغوط
النفسية، حيث كانت إحدى فقرات المقياس تبين وفاة شخص عزيز على المريض فتبين لنا أن بنسبة
%62 من أفراد العينة توفى لهم أقارب من الدرجة الأولى.
وهذا يؤكد رأي بعض الدراسات السابقة التي ربطت بين أحداث الحياة غير القابلة للسيطرة مثل
إن الأحداث غير " (Schmale et Ikey الوفاة كما في دراستنا هذه، وكما جاءت به دراسة ( 1971
القابلة للسيطرة ويتسق ذلك مع التحليل أن بداية السرطان ترتبط بأحداث غير قابلة للسيطرة أكثر من
.( ارتباطها بأحداث يمكن السيطرة عليها"( 20
ومما لفت نظرنا في هذه الدراسة ومن خلال تساؤلنا عن سبب وفاة الأقرباء، كان سبب الوفاة هو
حوادث السيارات. وهذا ما جاءت به الدراسات الحديثة التي ربطت بين الأورام السرطانية والأحداث
الحياتية التي يصعب التحكم فيها.
فمن خلال النتائج والمقابلات الشخصية تبين لنا أن لعاداتنا الاجتماعية تأثير قوي على الفرد،
وذلك في الحد في بعض الأحيان من التعبير عن انفعالاته، وعلى سبيل المثال عند وفاة عزيز فنجد
استهجان البكاء والحزن على المتوفى، وكذلك عدم التعبير الكامل عن الصراعات والمشكلات
الشخصية خاصة لدى المرأة، وهذا ما يجعلها تكبت هذه المشكلات والصراعات.
فيما يتعلق بالسؤال الثاني: هل هناك فروق بين الجنسين في الشعور بأحداث الحياة والضغوط
النفسية؟.
بينت الدراسة أن الإناث أكثر استجابة لضغوط الحياة من الذكور، وهذا يفسر لنا طبيعة المرأة في
تعرضها للضغوط وصعوبة التعبير عن نفسها خاصة في الحالات النفسية والأمراض المزمنة. وهذا
يتفق مع نتائج دراسة جمعة سيد يوسف حول الفروق بين الذكور والإناث في إدراك أحداث الحياة
المثيرة للمشقة، حيث "كشفت نتائج المقارنة بين العينتين عن وجود فروق جوهرية في تقدير بعض
.( الأحداث الفردية معظمهما لصالح الإناث"( 21
وتضيف دراسة جمعة يوسف أن الإناث حصلن على درجات أكثر من الذكور خاصة في الأحداث
السلبية التي تمثلت في الجانب الوجداني مثل وفاة شريك الحياة، أو وفاة عزيز أو عضو من الأسرة،
وهذا ما جاءت به أيضاً دراستنا الحالية حيث كانت هناك دلالة واضحة في الفروق بين الإناث
والذكور وتمثلت في أن درجات الضغط المرتفع كان لدى الإناث أكثر من الذكور. كما نضيف في
تفسيرنا لهذه النتيجة هو إصابة الإناث بالاكتئاب التفاعلي بعد وفاة شخص عزيز مما يسبب لها الألم
النفسي والمعاناة والعزلة واليأس.
كما يفسر بعض الباحثين السرطان النسوي (كسرطان الرحم وسرطان الثدي) إلى طبيعة المرأة
النفسية وتركيبها العضوي، حيث أن الوضع النفسي للمرأة قد يعجل من انتشار الداء أو يؤخره، لما
لهذا الوضع النفسي من تأثير قوي لدى المرأة على انتظام الإفرازات الهرمونية وتوازنها.
كما قابلنا حالة مرضية تعاني من سرطان القولون وأُصيبت بهذا المرض بعد وفاة أمها إثر
سرطان الثدي، وكانت المريضة تقوم برعاية والدتها وكانت وتتحسس الورم بيديها ومنذ ذلك الوقت
كان ينتابها الخوف الشديد من الإصابة بنفس المرض وهذا ما يؤيد رأي نظرية التحليل النفسي أن
الإيحاء يمكن أن يكون سبباً في الإصابة بالأورام السرطانية.
فيما يتعلق بالسؤال الثالث: أي المراحل العمرية أكثر معاناة لأحداث الحياة والضغوط نفسية؟.
41 ) تحصلت على نسبة عالية في تعرضها – بينت لنا الدراسة أن الفئة العمرية الواقعة بين ( 30
لأحداث الحياة الضاغطة مقارنة بالفئات العمرية الأخرى. مما تشير هذه النتيجة بنوعية هذه المرحلة
الحاسمة في حياة الإنسان، وهي مرحلة الإنتاج والحياة الأسرية والضغوط المهنية والمطالب
الاجتماعية والتي لها دورها في ارتفاع ضغوط الحياة في هذه المرحلة.
التوصيات:
-1 اتخاذ تدابير وقائية أولية متمثلة في الحد من انتشار الأورام السرطانية، وهذا يكون من خلال
تأهيل المجتمع وتعديل نمط الحياة والوصول بالأفراد إلى جودة حياتية ومساعدتهم على التوافق
النفسي والاجتماعي.
تأهيل وتدريب الأخصائيين النفسيين في مجال الأورام السرطانية، وكذلك فهم دورهم الهام في
الوقاية والعلاج من الأورام السرطانية من قبل المتخصصين والمجتمع هذا بالإضافة إلى
ضرورة وجود الأخصائيين النفسيين في المراكز الصحية ويتمثل دورهم في الإرشاد الصحي
المتمثل في الوقاية.
-3 محاولة مساعدة الأفراد في التغلب على مشاكلهم وضغوطهم النفسية وأحداث الحياة المستمرة
فإن هذا البرنامج مهما أنفقنا عليه من أموال، فإنه لا يعادل الأموال التي سوف ننفقها على
الحالات المرضية المتأخرة في الأورام السرطانية.
-4 تصحيح الأفكار الاجتماعية الخاطئة الخاصة بالأورام السرطانية من خلال وسائل الإعلام بأن
السرطان مرض قاتل، وأنه ينتقل من مكان إلى آخر وهذه أفكار تفسيرية سلبية يعاني منها
الكثير من أفراد المجتمع ونعتبرها أحد الأسباب المساهمة في المعاناة النفسية لدى مرض
الأورام.
-5 لا ننسى الخدمة الاجتماعية التي لها دور كبير في مساعدة الأفراد على التغلب على ضغوط
الحياة ومشاكلها وتقديم الخدمات الاجتماعية لهم .
المقترحات:
واستكمالاً للبحث الحالي يقترح الباحثان إجراء الدراسات التالية:
1. دراسة عن نوعية ونمط الاضطرابات العصابية المصاحبة للأورام السرطانية.
2. دراسة عن نمط الشخصية المهيأ للإصابة بالأورام السرطانية.
3. دراسة عن مدى فاعلية أسلوب المناقشة والاسترخاء والأسلوب التفسيري في تخفيف
وتلطيف آلام الأورام السرطانية. ( دراسة تجريبية)
4. دراسة عن علاقة الاكتئاب بسرطان الثدي. (دراسة وصفية)
5. دراسة عن مدى فاعلية العلاج النفسي المساند في تخفيف وتلطيف الآلام والاضطرابات
النفسية المصاحبة للأورام السرطانية
ملخص الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلى معرفة دور العوامل النفسية وتأثيرها على النمو الأورام السرطانية،
وعلى ضوء مناقشة نتائج الدراسة نستطيع بلورة أبرز دلالاتها في نقاط محددة على النحو التالي:
1. إن النظرة الشاملة لنتائج مرضى الأورام السرطانية بالدراسة على مقياس أحداث الحياة تشير
إلى وجود في دلالة إكلينيكية بين أحداث الحياة والضغوط النفسية والإصابة بالأورام السرطانية.
2. ارتفاع درجات تأثيرات أحداث الحياة والضغوط النفسية لدى الإناث أكثر من الذكور.
.40- 3. ارتفاع ملحوظ في درجات أحداث الحياة والضغوط النفسية في الفئة العمرية بين 30
ونستخلص أن نتائج الدراسة كانت ذات مؤشر واضح رغم صغر حجم العينة، وهذا يدفعنا إلى
الاستمرار في البحوث والدراسات في هذا المجال والكشف عن متغيرات أخرى اتضحت لنا من خلال
هذه الدراسة، والتي تتعلق بأحداث الحياة والضغوط النفسية والاجتماعية المتمثلة في حوادث السيارات
والعادات والتقاليد الاجتماعية الخاطئة، كما أن الدراسات في هذا المجال لازالت محدودة في مجتمعنا
المحلي. كل هذا يحتاج منا إلى معالجة منهجية في غاية الدقة في اختيار اختبارات التوافق الاجتماعي
والنفسي واختبارات الشخصية وتصميم استبانات خاصة بطبيعة مجتمعنا المحلي في هذا المجال. وهذا
يتم وفقاً لمتطلبات البحث العلمي وتطوره.
Abstract :
In the light of the previous discussion of the study results we can
summarize the main indications in some determined points as follows:
1- The comprehensive view to the cancer patients results that life incidents
scale reveals in the clinical indication specified the life incidents, stress
and the cancers susptiblity .
2- There is an in crease of life incidents and life stress influence in the
females more than in males .
3- There is a remarkable increase that stress and life incidents for the age
category between 30-40.
هوت قايل
http://adf.ly/IS1IK
فايل ديفند
http://adf.ly/IS1UA