اختلفت النظريات التي اهتمت بدراسة الضغوط طبقا لاختلاف الأطر النظرية التي تبنتها وانطلقت منها، فهناك نظريات ذات أسس نفسية أو فسيولوجية أو اجتماعية، ومن أهم هذه النظريات ما يلي :
1- نظرية كانون: Cannon Theory
يعتبر كانون أحد الرواد الأوائل في بحوث الضغط، وعرف الضغط بأنه ردود فعل الجسم في حالة الطوارئ، وأشار إلى مفهوم استجابة المواجهة أو الهروب Fight or Flight ، التي قد يسلكها الفرد حيال تعرضه للمواقف المؤلمة في البيئة وتعتبر هذه الاستجابة تكيفية لأنها تمكن الفرد من الاستجابة بسرعة للتهديد، غير أنها قد تكون ضارة للكائن لأنها تزيد من مستوى أدائه الانفعالي والفسيولوجي عندما يتعرض لضغوط مستمرة ولا يستطيع المواجهة أو الهروب، ويحدث تنشيط للجهاز العصبي السمبثاوي والجهاز الغددي مما يؤدي إلى حدوث تغيرات فسيولوجية تجعل الشخص مستعداً لمواجهة التهديد أو الهروب، ويرى كانون أن جسم الإنسان مزود بميكانيزم يساهم في الاحتفاظ بحالة من الاتزان، أي قدرة الجسم على مواجهة التغيرات التي تحدث وكذلك ميله إلى العودة إلى الوضع الفسيولوجي الذي كان عليه قبل الضغط، وبالتالي فإن أي متطلب بيئي إذا فشل الجسم في التعامل معه فإنه يخلّ بهذا الاتزان، ومن ثم ينتج المرض ( .(Cannon, 1932
2-نظرية فرويد للتحليل النفسي :Psychoanalytic Theory
طبقاً لوجهة نظر فرويد تنطوي ديناميات الشخصية على التفاعلات المتبادلة وعلى الصدام بين الجوانب الثلاثة للشخصية وهي الهو Id وهو الجانب البيولوجي للشخصية، والأنا Ego الجانب السيكولوجي للشخصية، والأنا الأعلى Super Ego ويعكس قيم ومعايير المجتمع، فالهو تحاول دائماً السعي نحو إشباع المحفزات الغريزية ودفاعات الأنا تسد عليها الطريق، وبالتالي لا تسمح لهذه المحفزات والرغبات الغريزية الصادرة من الهو بالإشباع ما دام هذا الإشباع لا يتسق ولا يتماشى مع قيم ومعايير المجتمع ويتم هذا عندما تكون الأنا قوية، ولكن عندما تكون الأنا ضعيفة وتكون كمية الطاقة المستثمرة لديها منخفضة فسرعان ما يقع الفرد فريسة للصراعات والتوترات والتهديدات، ومن ثم لا تستطيع الأنا القيام بوظائفها ولا تستطيع تحقيق التوازن بين مطالب وحفزات الهو ومتطلبات الواقع الخارجي، وعلى هذا ينتج الضغط النفسي.
وإن الانفعالات السلبية كالقلق والخوف، ما هي إلاّ امتداد لصراعات وخبرات ضاغطة ومؤلمة مر بها الفرد في الطفولة، ولذلك فإن المشقة والكدر النفسي (Psychological Distress) التي يعانيها الفرد في حياته الحالية هي امتداد للصعوبات والخبرات الماضية والتي حاول التعامل معها من خلال استخدام ميكانيزمات الدفاع في الطفولة والتي تبدو غير توافقية وغير ملائمة اجتماعياً للمواقف والخبرات المؤلمة حالياً (Freud, 1949).
3- نظرية التقييم المعرفي للازاروس : Cognitive Appraisal Theory
أكد لازاروس(1966) Lazarus، أن طريقة تفكير الفرد بالمواقف التي يتعرض لها هي التي تسبب الضغط له، بمعنى أنه حين يكون الموقف مجهدا،يجب أن ندرك أولا بأنه كذلك، أي يجب إدراكه بأنه مهدد لصحة الفرد وسلامته بمعنى أن الأساس في هذه النظرية أن الاستجابة للضغط تحدث فقط عندما يقوّم الفرد موقفه الحالي بأنه مهدد، أي يحاول الفرد تقييم الموقف معرفياً بصورة أولية لتحديد معنى الموقف و دلالته، وأن رد الفعل يظهر عندما يدرك الفرد أن بعض القيم أو المبادئ المهمة تبدو مهددة. ففي هذه المرحلة يتم تقييم جميع المنبهات على أنها ضارة أو مفيدة أو لا تشكل أية خطورة، ثم بعد ذلك يقوم بعملية تقييم ثانوي لتحديد مصادر المواجهة التي يستند إليها في التعامل مع الموقف، ثم القيام باستجابة المواجهة إزاء الموقف الضاغط وهو ما سماه لازاروس بعملية التقييم الأولي و الثانوي، وكلتا المرحلتين متأثرة بعدد من العوامل الآتية
1- طبيعة المنبه نفسه.
2- خصائص الفرد الشخصية.
3-الخبرة السابقة بالمنبه.
4- ذكاء الفرد.
5- المستوى الثقافي للفرد.
6- تقويم الفرد لإمكاناته ((Lazarus, 1966.
4- نظرية أحداث الحياة الضاغطة لهولمز و راهي: Critical Life Events Theory
أكد كلٌّ من هولمز و راهي (1967) Holmes& Rahe أن أحداث الحياة وتغيرات البيئة الخارجية سواء أكانت ايجابية أو سلبية من شأنها أن تسبب ضغطا على الفرد، وأعدا بذلك مقياساً لقياس تأثير أحداث الحياة الضاغطة على الأفراد، وأن الأفراد ذوي الدرجات المرتفعة على المقياس هم الذين يتعرضون للإصابة بالأمراض مقارنة بالأفراد ذوي الدرجات المنخفضة فيه، وأن تكدس وتراكم أحداث الحياة الضاغطة(أي الضواغط البيئية) يحدث المشقة والضيق للفرد،وترتبط أحداث الحياة الضاغطة التي تكون مهددة وغير مرغوبة أجتماعيا ولا يمكن التحكم والتنبؤ بها بالمشقة النفسية، وكذلك ترتبط بالاكتئاب والقلق وظهور بعض الأضطرابات الذهنية مثل البارانويا والشيزوفرينيا، وقد تؤدي هذه الأحداث أيضا الى المنغصات اليومية وبالتالي الى الأعراض والأضطرابات النفسية (Holmes & Rahe, 1967, p:210-218).
5- نظرية العجز المكتسب لسيلجمان :Learned Helplessness Theory
أرجع سيلجمان(1975) Seligman ، مفهوم العجز المتعلم أو المكتسب Learned Helplessness الى أن تكرار تعرض الفرد للضغوط مع تزامن اعتقاده بأنه لا يستطيع التحكم في المواقف الضاغطة أو مواجهتها فإن هذا من شأنه أن يجعل الفرد يشعر بالعجز وعدم القيمة أو الاستحقاق، وأن هذا الشعور بالعجز يجعله يبالغ في تقييمه للأحداث والمواقف التي يمر بها ويشعر بالتهديد منها، ويشعر بعدم قدرته على مواجهتها مما يجعله يشعر بالفشل بشكل مستمر، ويدرك أن فشله وعدم قدرته على المواجهة في الماضي والحاضر سوف تستمر معه في المستقبل ومن ثم يشعر باليأس ثم يترتب على ذلك الشعور بالسلبية والبلادة وانخفاض تقدير الذات ونقص الدافعية والاكتئاب.
وتعود أسباب العجز المتعلم إلى نوعين من العوامل: أولها عوامل بيئية ضاغطة سواء في الحياة الأسرية أو المهنية أو الاجتماعية للفرد، وثانيهما إلى عوامل ذاتية وتتعلق بالشخص ذاته وبخصائص شخصيته والتي على أساسها يتحدد نوع الاستجابة التي تصدر عنه إزاء الأحداث الضاغطة، ومن أمثلة ذلك مفهوم الفرد عن ذاته ومركز التحكم والمرونة والانطوائية (Seligman, 1975).
6- نظرية فعالية الذات لباندورا :Self- Efficacy theory
أشار باندورا (1977) Bandura إلى أن قدرة الفرد على التغلب على الأحداث الصدمية والخبرات الضاغطة تتوقف على درجة فاعلية الذات Self-Efficacy لديهِ، وأن فاعلية الذات لدى الفرد تنمو من خلال إدراك الفرد لقدراته وإمكاناته الشخصية ومن خلال تعدد الخبرات التي يمر بها في حياته، حيث تعمل هذه الخبرات في مساعدة الفرد على التغلب على المواقف الضاغطة التي تواجهه، ويؤكد باندورا أيضاً أن الشخص عندما يواجه بموقف معين فإنه يقيم الموقف من خلال نوعين من التوقعات، وهما: أولاً توقع النتيجة، ويشير ذلك إلى تقويم الفرد لسلوكهِ الشخصي الذي يؤدي إلى نتيجة معينة، وثانيا توقع الفاعلية ويشير ذلك إلى اعتقاد الشخص وقناعته بأنه يستطيع تنفيذ السلوك الذي يتطلب حدوث النتيجة بشكل ناجح، وعلى ضوء ذلك صاغ باندورا نظريته عن فعالية الذات، وأن توقعات الفاعلية لدى الفرد عندما تكون في تزايد تكون مصادر الفرد كافية لمواجهة الموقف، وبالتالي يصبح الموقف أقل تهديداً للفرد (Bandura, 1977, p:191-215).
7- نظرية مفهوم الحاجة لموراي :Need Concept Theory
يعتبر موراي أن مفهوم الحاجة ومفهوم الضغط مفهومان أساسيان على اعتبار أن مفهوم الحاجة يمثل المحددات الجوهرية للسلوك، ومفهوم الضغط يمثل المحددات المؤثرة والجوهرية للسلوك في البيئة، ويعرف الضغط بأنه صفة لموضوع بيئي أو لشخص تيسر أو تعوق جهوده للوصول الى هدف معين، ويميز موراي بين نوعين من الضغوط هما :
أ- ضغط بيتا Beta Stress: ويشير الى دلالة الموضوعات البيئية والأشخاص كما يدركها الفرد.
ب- ضغط ألفا :Alpha Stressويشير الى خصائص الموضوعات ودلالتها كما هي.
ويوضح موراي أن سلوك الفرد يرتبط بالنوع الأول من الضغوط ويؤكد على أن الفرد بخبرته يصل الى ربط موضوعات معينة بحاجة بعينها، ويطلق على هذا مفهوم تكامل الحاجة، أما عندما يحدث التفاعل بين الموقف الحافز والضغط والحاجة الناشطة فهذا ما يعبر عنه بمفهوم ألفا(عثمان، 2001،ص:100).
8- نظرية حفظ المصادر لهوبفول:Conservation of resources theory
يرى هوبفول(1989) Hobfoll،أن الضغط يحدث عند وجود واحدة من الحالات التالية: أولاً عندما يعاني الفرد من فقدان مصادر السعادة(المفيدة) التي يمتلكها في مواجهة الضغوط، وثانياً عندما تكون هذه المصادر معرضة للتهديد، وثالثاً عندما لا يتم استثمار أو تفعيل هذه المصادر.
وقد صنف هوبفول المصادر إلى أربعة أصناف وهي أولاً: المصادر الموضوعية(الحسية) مثل البيت والملابس والحصول على وسائل النقل وغيرها، وثانياً: المصادر الحالية مثل الوظيفة والعلاقات الإنسانية، وثالثاً: المصادر الشخصية مثل المهارات أو فاعلية الذات self-efficacy، ورابعاً: مصادر الطاقة وهي المصادر التي تسهل تحقيق المصادر الأخرى مثل توفر المال والقروض والمعرفة .(Hobfoll,1989,p:513-524)
وتوصل هوبفول وجماعته(1996) إلى مجموعة من الفرضيات أو(المبادئ) التي تركزت على نظرية صيانة أو حفظ المصادر وهي: ( Hobfoll,et al.,1996,p:322-349)
1- أن فقدان المصادر يعتبر السبب الرئيسي للضغط بسبب تعرض الفرد لمحنة.
2- تقوم المصادر على حماية وحفظ المصادر الأخرى. فمثلاً تقدير الذات هو مصدر مهم وقد يكون مفيداً لبقية المصادر، فمثلاً وِجد أن النساء اللواتي لديهنّ تقدير ذات مرتفع يستطعنّ الاستفادة من الدعم الاجتماعي عند مواجهتهنّ للضغط على عكس النساء اللواتي لديهنّ تقدير ذات منخفض فإنهنّ يفسرنّ الدعم الاجتماعي على أنه دليل على عدم الكفاية الذاتية وبذلك فإنهنّ يبتعدنّ ولا يستفدن من هذا الدعم (Hobfoll & Lieberman , 1987, p: 18-26 ).
3- يستنزف الأفراد مصادر المقاومة المخزونة بعد تعرضهم المستمر للمواقف الضاغطة (الضغوط) ،وهذا الاستنزاف يقلل قابلية الفرد لمواجهة ضغوط إضافية. وهذه الحالة توضح أهمية الحفاظ على المصادر وذلك بالتركيز على كيفية التفاعل بين المصادر ومتطلبات متغيرات الموقف باستمرار الزمن، باعتبارها عملية كشف للضغوط المتعاقبة، إن هذا المبدأ يظهر أهمية فحص النتيجة على المصادر بالإضافة إلى فحص المصادر على النتيجة.
ومن خلال عرض النظريات المختلفة المفسرة للضغوط ترى الباحثة أن أقرب النظريات ملاءمةً لهذه الدراسة هي نظرية هوبفول لحفظ المصادر الشخصية ، حيث ظهر ومن خلال الدراسات والبحوث السابقة أن المصابات بسرطان الثدي يعانينّ من المشقة والضيق بسبب فقدان أو تهديد كثير من مصادر الراحة والسعادة نتيجة مرض السرطان والتأثيرات الجانبية للعلاج ولأن هذا المرض يتصف بطول فترة العلاج وبالتالي استنزاف مصادر أخرى من المريضة ، ومن هذه المصادر البيت والعائلة والعلاقات الإنسانية والفاعلية الذاتية وتقدير الذات ونقص المال أو فقدان الوظيفة بسبب العلاج وغيرها من المصادر المهمة لسعادة ورفاهية الإنسان .
1- نظرية كانون: Cannon Theory
يعتبر كانون أحد الرواد الأوائل في بحوث الضغط، وعرف الضغط بأنه ردود فعل الجسم في حالة الطوارئ، وأشار إلى مفهوم استجابة المواجهة أو الهروب Fight or Flight ، التي قد يسلكها الفرد حيال تعرضه للمواقف المؤلمة في البيئة وتعتبر هذه الاستجابة تكيفية لأنها تمكن الفرد من الاستجابة بسرعة للتهديد، غير أنها قد تكون ضارة للكائن لأنها تزيد من مستوى أدائه الانفعالي والفسيولوجي عندما يتعرض لضغوط مستمرة ولا يستطيع المواجهة أو الهروب، ويحدث تنشيط للجهاز العصبي السمبثاوي والجهاز الغددي مما يؤدي إلى حدوث تغيرات فسيولوجية تجعل الشخص مستعداً لمواجهة التهديد أو الهروب، ويرى كانون أن جسم الإنسان مزود بميكانيزم يساهم في الاحتفاظ بحالة من الاتزان، أي قدرة الجسم على مواجهة التغيرات التي تحدث وكذلك ميله إلى العودة إلى الوضع الفسيولوجي الذي كان عليه قبل الضغط، وبالتالي فإن أي متطلب بيئي إذا فشل الجسم في التعامل معه فإنه يخلّ بهذا الاتزان، ومن ثم ينتج المرض ( .(Cannon, 1932
2-نظرية فرويد للتحليل النفسي :Psychoanalytic Theory
طبقاً لوجهة نظر فرويد تنطوي ديناميات الشخصية على التفاعلات المتبادلة وعلى الصدام بين الجوانب الثلاثة للشخصية وهي الهو Id وهو الجانب البيولوجي للشخصية، والأنا Ego الجانب السيكولوجي للشخصية، والأنا الأعلى Super Ego ويعكس قيم ومعايير المجتمع، فالهو تحاول دائماً السعي نحو إشباع المحفزات الغريزية ودفاعات الأنا تسد عليها الطريق، وبالتالي لا تسمح لهذه المحفزات والرغبات الغريزية الصادرة من الهو بالإشباع ما دام هذا الإشباع لا يتسق ولا يتماشى مع قيم ومعايير المجتمع ويتم هذا عندما تكون الأنا قوية، ولكن عندما تكون الأنا ضعيفة وتكون كمية الطاقة المستثمرة لديها منخفضة فسرعان ما يقع الفرد فريسة للصراعات والتوترات والتهديدات، ومن ثم لا تستطيع الأنا القيام بوظائفها ولا تستطيع تحقيق التوازن بين مطالب وحفزات الهو ومتطلبات الواقع الخارجي، وعلى هذا ينتج الضغط النفسي.
وإن الانفعالات السلبية كالقلق والخوف، ما هي إلاّ امتداد لصراعات وخبرات ضاغطة ومؤلمة مر بها الفرد في الطفولة، ولذلك فإن المشقة والكدر النفسي (Psychological Distress) التي يعانيها الفرد في حياته الحالية هي امتداد للصعوبات والخبرات الماضية والتي حاول التعامل معها من خلال استخدام ميكانيزمات الدفاع في الطفولة والتي تبدو غير توافقية وغير ملائمة اجتماعياً للمواقف والخبرات المؤلمة حالياً (Freud, 1949).
3- نظرية التقييم المعرفي للازاروس : Cognitive Appraisal Theory
أكد لازاروس(1966) Lazarus، أن طريقة تفكير الفرد بالمواقف التي يتعرض لها هي التي تسبب الضغط له، بمعنى أنه حين يكون الموقف مجهدا،يجب أن ندرك أولا بأنه كذلك، أي يجب إدراكه بأنه مهدد لصحة الفرد وسلامته بمعنى أن الأساس في هذه النظرية أن الاستجابة للضغط تحدث فقط عندما يقوّم الفرد موقفه الحالي بأنه مهدد، أي يحاول الفرد تقييم الموقف معرفياً بصورة أولية لتحديد معنى الموقف و دلالته، وأن رد الفعل يظهر عندما يدرك الفرد أن بعض القيم أو المبادئ المهمة تبدو مهددة. ففي هذه المرحلة يتم تقييم جميع المنبهات على أنها ضارة أو مفيدة أو لا تشكل أية خطورة، ثم بعد ذلك يقوم بعملية تقييم ثانوي لتحديد مصادر المواجهة التي يستند إليها في التعامل مع الموقف، ثم القيام باستجابة المواجهة إزاء الموقف الضاغط وهو ما سماه لازاروس بعملية التقييم الأولي و الثانوي، وكلتا المرحلتين متأثرة بعدد من العوامل الآتية
1- طبيعة المنبه نفسه.
2- خصائص الفرد الشخصية.
3-الخبرة السابقة بالمنبه.
4- ذكاء الفرد.
5- المستوى الثقافي للفرد.
6- تقويم الفرد لإمكاناته ((Lazarus, 1966.
4- نظرية أحداث الحياة الضاغطة لهولمز و راهي: Critical Life Events Theory
أكد كلٌّ من هولمز و راهي (1967) Holmes& Rahe أن أحداث الحياة وتغيرات البيئة الخارجية سواء أكانت ايجابية أو سلبية من شأنها أن تسبب ضغطا على الفرد، وأعدا بذلك مقياساً لقياس تأثير أحداث الحياة الضاغطة على الأفراد، وأن الأفراد ذوي الدرجات المرتفعة على المقياس هم الذين يتعرضون للإصابة بالأمراض مقارنة بالأفراد ذوي الدرجات المنخفضة فيه، وأن تكدس وتراكم أحداث الحياة الضاغطة(أي الضواغط البيئية) يحدث المشقة والضيق للفرد،وترتبط أحداث الحياة الضاغطة التي تكون مهددة وغير مرغوبة أجتماعيا ولا يمكن التحكم والتنبؤ بها بالمشقة النفسية، وكذلك ترتبط بالاكتئاب والقلق وظهور بعض الأضطرابات الذهنية مثل البارانويا والشيزوفرينيا، وقد تؤدي هذه الأحداث أيضا الى المنغصات اليومية وبالتالي الى الأعراض والأضطرابات النفسية (Holmes & Rahe, 1967, p:210-218).
5- نظرية العجز المكتسب لسيلجمان :Learned Helplessness Theory
أرجع سيلجمان(1975) Seligman ، مفهوم العجز المتعلم أو المكتسب Learned Helplessness الى أن تكرار تعرض الفرد للضغوط مع تزامن اعتقاده بأنه لا يستطيع التحكم في المواقف الضاغطة أو مواجهتها فإن هذا من شأنه أن يجعل الفرد يشعر بالعجز وعدم القيمة أو الاستحقاق، وأن هذا الشعور بالعجز يجعله يبالغ في تقييمه للأحداث والمواقف التي يمر بها ويشعر بالتهديد منها، ويشعر بعدم قدرته على مواجهتها مما يجعله يشعر بالفشل بشكل مستمر، ويدرك أن فشله وعدم قدرته على المواجهة في الماضي والحاضر سوف تستمر معه في المستقبل ومن ثم يشعر باليأس ثم يترتب على ذلك الشعور بالسلبية والبلادة وانخفاض تقدير الذات ونقص الدافعية والاكتئاب.
وتعود أسباب العجز المتعلم إلى نوعين من العوامل: أولها عوامل بيئية ضاغطة سواء في الحياة الأسرية أو المهنية أو الاجتماعية للفرد، وثانيهما إلى عوامل ذاتية وتتعلق بالشخص ذاته وبخصائص شخصيته والتي على أساسها يتحدد نوع الاستجابة التي تصدر عنه إزاء الأحداث الضاغطة، ومن أمثلة ذلك مفهوم الفرد عن ذاته ومركز التحكم والمرونة والانطوائية (Seligman, 1975).
6- نظرية فعالية الذات لباندورا :Self- Efficacy theory
أشار باندورا (1977) Bandura إلى أن قدرة الفرد على التغلب على الأحداث الصدمية والخبرات الضاغطة تتوقف على درجة فاعلية الذات Self-Efficacy لديهِ، وأن فاعلية الذات لدى الفرد تنمو من خلال إدراك الفرد لقدراته وإمكاناته الشخصية ومن خلال تعدد الخبرات التي يمر بها في حياته، حيث تعمل هذه الخبرات في مساعدة الفرد على التغلب على المواقف الضاغطة التي تواجهه، ويؤكد باندورا أيضاً أن الشخص عندما يواجه بموقف معين فإنه يقيم الموقف من خلال نوعين من التوقعات، وهما: أولاً توقع النتيجة، ويشير ذلك إلى تقويم الفرد لسلوكهِ الشخصي الذي يؤدي إلى نتيجة معينة، وثانيا توقع الفاعلية ويشير ذلك إلى اعتقاد الشخص وقناعته بأنه يستطيع تنفيذ السلوك الذي يتطلب حدوث النتيجة بشكل ناجح، وعلى ضوء ذلك صاغ باندورا نظريته عن فعالية الذات، وأن توقعات الفاعلية لدى الفرد عندما تكون في تزايد تكون مصادر الفرد كافية لمواجهة الموقف، وبالتالي يصبح الموقف أقل تهديداً للفرد (Bandura, 1977, p:191-215).
7- نظرية مفهوم الحاجة لموراي :Need Concept Theory
يعتبر موراي أن مفهوم الحاجة ومفهوم الضغط مفهومان أساسيان على اعتبار أن مفهوم الحاجة يمثل المحددات الجوهرية للسلوك، ومفهوم الضغط يمثل المحددات المؤثرة والجوهرية للسلوك في البيئة، ويعرف الضغط بأنه صفة لموضوع بيئي أو لشخص تيسر أو تعوق جهوده للوصول الى هدف معين، ويميز موراي بين نوعين من الضغوط هما :
أ- ضغط بيتا Beta Stress: ويشير الى دلالة الموضوعات البيئية والأشخاص كما يدركها الفرد.
ب- ضغط ألفا :Alpha Stressويشير الى خصائص الموضوعات ودلالتها كما هي.
ويوضح موراي أن سلوك الفرد يرتبط بالنوع الأول من الضغوط ويؤكد على أن الفرد بخبرته يصل الى ربط موضوعات معينة بحاجة بعينها، ويطلق على هذا مفهوم تكامل الحاجة، أما عندما يحدث التفاعل بين الموقف الحافز والضغط والحاجة الناشطة فهذا ما يعبر عنه بمفهوم ألفا(عثمان، 2001،ص:100).
8- نظرية حفظ المصادر لهوبفول:Conservation of resources theory
يرى هوبفول(1989) Hobfoll،أن الضغط يحدث عند وجود واحدة من الحالات التالية: أولاً عندما يعاني الفرد من فقدان مصادر السعادة(المفيدة) التي يمتلكها في مواجهة الضغوط، وثانياً عندما تكون هذه المصادر معرضة للتهديد، وثالثاً عندما لا يتم استثمار أو تفعيل هذه المصادر.
وقد صنف هوبفول المصادر إلى أربعة أصناف وهي أولاً: المصادر الموضوعية(الحسية) مثل البيت والملابس والحصول على وسائل النقل وغيرها، وثانياً: المصادر الحالية مثل الوظيفة والعلاقات الإنسانية، وثالثاً: المصادر الشخصية مثل المهارات أو فاعلية الذات self-efficacy، ورابعاً: مصادر الطاقة وهي المصادر التي تسهل تحقيق المصادر الأخرى مثل توفر المال والقروض والمعرفة .(Hobfoll,1989,p:513-524)
وتوصل هوبفول وجماعته(1996) إلى مجموعة من الفرضيات أو(المبادئ) التي تركزت على نظرية صيانة أو حفظ المصادر وهي: ( Hobfoll,et al.,1996,p:322-349)
1- أن فقدان المصادر يعتبر السبب الرئيسي للضغط بسبب تعرض الفرد لمحنة.
2- تقوم المصادر على حماية وحفظ المصادر الأخرى. فمثلاً تقدير الذات هو مصدر مهم وقد يكون مفيداً لبقية المصادر، فمثلاً وِجد أن النساء اللواتي لديهنّ تقدير ذات مرتفع يستطعنّ الاستفادة من الدعم الاجتماعي عند مواجهتهنّ للضغط على عكس النساء اللواتي لديهنّ تقدير ذات منخفض فإنهنّ يفسرنّ الدعم الاجتماعي على أنه دليل على عدم الكفاية الذاتية وبذلك فإنهنّ يبتعدنّ ولا يستفدن من هذا الدعم (Hobfoll & Lieberman , 1987, p: 18-26 ).
3- يستنزف الأفراد مصادر المقاومة المخزونة بعد تعرضهم المستمر للمواقف الضاغطة (الضغوط) ،وهذا الاستنزاف يقلل قابلية الفرد لمواجهة ضغوط إضافية. وهذه الحالة توضح أهمية الحفاظ على المصادر وذلك بالتركيز على كيفية التفاعل بين المصادر ومتطلبات متغيرات الموقف باستمرار الزمن، باعتبارها عملية كشف للضغوط المتعاقبة، إن هذا المبدأ يظهر أهمية فحص النتيجة على المصادر بالإضافة إلى فحص المصادر على النتيجة.
ومن خلال عرض النظريات المختلفة المفسرة للضغوط ترى الباحثة أن أقرب النظريات ملاءمةً لهذه الدراسة هي نظرية هوبفول لحفظ المصادر الشخصية ، حيث ظهر ومن خلال الدراسات والبحوث السابقة أن المصابات بسرطان الثدي يعانينّ من المشقة والضيق بسبب فقدان أو تهديد كثير من مصادر الراحة والسعادة نتيجة مرض السرطان والتأثيرات الجانبية للعلاج ولأن هذا المرض يتصف بطول فترة العلاج وبالتالي استنزاف مصادر أخرى من المريضة ، ومن هذه المصادر البيت والعائلة والعلاقات الإنسانية والفاعلية الذاتية وتقدير الذات ونقص المال أو فقدان الوظيفة بسبب العلاج وغيرها من المصادر المهمة لسعادة ورفاهية الإنسان .