ستغرق عملية الإرشاد النفسي عدة جلسات إرشادية. وتختلف الجلسة الإرشادية عن الجلسة الاجتماعية العادية. فالجلسة الإرشادية جلسة مهنية تتم فيها علاقة إرشادية في مناخ نفسي خاص حيث يشجع المرشد العميل ليعبر عن أفكاره، وليقول كل شيء وأي شيء عن المشكلة، فكل ما يقال مهم. وتحدث في الجلسات الإرشادية كل إجراءات العملية الإرشادية التالية، مثل التداعي الحر والتنفيس الانفعالي والاستبصار والتعلم والنمو وتغير الشخصية واتخاذ القرارات وحل المشكلات والمشورة وتعديل السلوك.
عوامل نجاح الجلسة الإرشادية:
فيما يلي أهم عوامل نجاح الجلسة الإرشادية:
الاستعداد للمساعدة: هذا أمر هام يجب أن يحرص عليه المرشد، ويجب أن يكون لديه اتجاه موجب نحو العميل، ولديه الرغبة المخلصة في مساعدته وبذل الوقت والجهد الكافي لتحقيق
ذلك. ويجب على المرشد إظهار الاستعداد لمساعدة العميل في مجالات أوسع من مجرد المشكلة المحدودة.
الألفة: يجب أن تتوافر الألفة والوئام والوفاق والتفاهم الكامل بين المرشد والعميل.
التقبل: نعني بالتقبل الإيجابي غير المشروط للعميل، أي تقبله على ما هو عليه دون التأثر بأحكام سابقة أو آراء مسبقة، ودون نقد أو لوم. فالمرشد يجب ألا يحمل العميل أكثر من حمولته التي جاء بها، وقد جاء العميل فاقدا الشعور بالتقبل، وهو يحتاج إلى التقبل الإيجابي غير المشروط مما يساعده على تقبل نفسه.
المشاركة الانفعالية Empathy: أي الشعور بمشاعر العميل وجعله يشعر بأن المرشد يشاركه انفعالاته ويفهم مشاعره، ويقدر ظروفه ويفهم عالمه الداخلي والخارجي، وكأنه يرى الأمور من داخل الإطار المرجعي للعميل.
التركيز: يجب أن يتركز الكلام والتفاعل حول موضوع الجلسة الإرشادية أي المشكلة الخاصة والشخصية وليس حول مشكلات عامة غير محددة، وحول الأفكار والمشاعر الشخصية وليس حول الأحاديث العامة. أي أن المطلوب هو التحديد لا التعميم والتخصيص لا التعويم.
الحكمة: يجب أن يسود الجلسة الإرشادية الحكمة في القول والفعل من جانب المرشد الذي يصدق عليه صفة "الحكيم". ومن الحكمة أن يكون المرشد أسوة حسنة للعميل "افعل كما أفعل وليس كما أقول". ويجب أن يتروى في كلامه، وأن يتحلى بالصبر والأناة. كذلك فإن لأسلوب إلقاء الكلام دخلا كبيرا في التأثير في نفس العميل، فالكلام مهما كان عميقا لو ألقي بسرعة وعجلة لا يؤثر التأثير المطلوب بعكس ما إذا ألقي بتأن واتزان، وفي ذلك توقير للحكمة1.
التلقائية: يقصد بها التعبير عن المشاعر الحقيقة في حرية وصراحة وأمانة وبإخلاص وعلى طبيعتها ودون مواجهة مزيفة ودون
ويجب أن يتاح له فرصة الكلام والسلوك أكثر، ويكون تداخل المرشد بقدر محدود وعند الضرورة بما يساعد العميل على الاسترسال والبوح والتفريغ الانفعالي.
بيع الصداقة: يقول بعض المرشدين إن الإرشاد هو بيع صداقة، ويتضمن ذلك بشاشة المرشد. ومن الأقوال المأثورة " لا تكن تاجرا دون وجه بشوش" وإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يصافح الآخر ويده مقبوضه فكيف يتعامل معه وجبهته مقبوضة1.
الثقة المتبادلة: هذا أمر ضروري يعطي العميل الأمان على نفسه وعلى أسراره ويساعده على الاسترخاء والطمأنينة، والبوح والتفكير بصوت عال حين يعرض ذاته ومشكلته، والثقة المتبادلة تشجع المرشد على المساعدة والعميل على التعاون. ويلاحظ أن الجلسات الأولى تكون غالبا "جس نبض" من جانب العميل، ويتوقف على نجاحها مستقبل عملية الإرشاد كلها. والعميل هنا يكون أشبه بمن يريد النزول إلى ماء البحر فيبدأ بجس الماء، فإن وجده باردا فإنه يتردد وقد يمتنع، أما إذا وجده دافئا فإنه ينزل ويستمتع "هولدين Holden؛ 1971".
المسئولية المشتركة: المسئولية في عملية الإرشاد مشتركة بين كل من المرشد والعميل ويتوقف نجاح العملية على فهم كل من الطرفين لدوره ومسئولياته وتحملها.
مظهر المرشد: إن مظهر المرشد المناسب وجلسته وصوته الواضح وتعبيرات وجهه وإظهاره اهتمامه بالعميل أمور هامة، وقد تطرق براسير Pricer؛ "1971" إلى مظهر المرشد ولبسه ووجد أن العملاء الذكور يفضلون اللبس البسيط بينما العميلات الإناث يفضلن اللبس الأنيق.
تحديد المواعيد: يحسن الإسراع بتحديد مواعيد الجلسات للعميل والحرص على هذه المواعيد، ويجب تنظيم الجلسات بما يتناسب مع مواعيد كل من المرشد والعميل.
الزمان: يحسن أن يكون للجلسة الإرشادية زمن محدد. ويحدد البعض الجلسة الإرشادية بمدة لا تقل عن نصف ساعة ولا تزيد عن ساعة. وينبغي ألا تكون مواعيد الجلسات متقاربة جدا كأن تكون يومية، ولا متباعدة جدا كأن تكون مرة كل شهر. ومعظم المرشدين يكتفون بجلسة واحدة أسبوعيا. وعلى العموم فمن المفيد أن يفصل بين كل جلسة وأخرى بضعة أيام على الأقل، لأن ذلك يساعد على منح العميل فرصة تزيد من استبصاره بنفسه.
المكان: يجب أن يكون للجلسة الإرشادية مكان محدد، أي غرفة خاصة، ويجب أن تكون جلسة العميل مريحة، وأن يكون في مواجهة المرشد. وقد وجد برايسر Pricer؛ "1971" أن
العملاء الذكور يفضلون ألا يكون بينهم وبين المرشد مكتب بينما تفضل العميلات أن يكون بينهن وبين المرشد مكتب. ومن ملاحظات الباحث حول العلاقة الإرشادية أن تكوين العلاقة الإرشادية بين المرشد والعميل من جنسين مختلفين يتم أسرع مما بين مرشد وعميل من نفس الجنس.
المناخ النفسي الإرشادي:
المناخ النفسي مصطلح مستعار من الجغرافيا. والمناخ المناسب يساعد على الحياة بطريقة أفضل، والعكس صحيح كذلك فإن المناخ النفسي الصحي السليم الآمن السمح الحر الذي يسوده الاسترخاء والارتياح والألفة والأمل أمر ضروري جدا في الحياة بصفة عامة، وفي الجلسة الإرشادية بصفة خاصة، ضمانا لنجاح عملية الإرشاد، ويجب على المرشد تهيئة مثل هذا المناخ الذي يسوده التقبل وفهم آراء العميل وأفكاره وانفعالاته ومشاعره ودوافعه وحاجاته واتجاهاته وردود فعله نحو مشكلاته وطرق حلها ومعنى أعراضه وأهدافها، إن المناخ الإرشادي المشبع بالدفء والأمن والفهم والتقبل والتسامح والسرية والخصوصية، يعتبر مثيرا لانفعالات سارة ومريحا، ويبعث في العميل الطمأنينة والأمل، ويساعده على استرجاع المواقف والخبرات المثيرة
الملموس والاعتراف بقيمة العميل وقدرته على التفكير والسلوك البناء والاستجابة الإيجابية لما يقوله وما يفعله.
الدفء Warmth: الدفء عنصر هام من عناصر المناخ النفسي والإرشادي، ويقصد به دفء العلاقة الإرشادية وحرارة التفاعل واستمرار الأخذ والعطاء والتقبل والاهتمام والانتباه الواضح والمشاركة الانفعالية "جون بيتروفيسا وآخرون Pietrofesa et al؛ 1978".
العلاقة الإرشادية:
العلاقة الإرشادية هي قلب عملية الإرشاد. وهي علاقة شخصية اجتماعية مهنية دينامية هادفة وثيقة، تتم بين المرشد والعميل في حدود معايير اجتماعية، تحدد ما هو جائز وما هو غير جائز، وتحدد دور كل منهما، وتهدف إلى تحقيق الأهداف العامة والخاصة لعملية الإرشاد.
وفي بداية العلاقة الإرشادية: يرحب المرشد بالعميل ويتعارفان. ومنذ البداية يجب أن يعرف كل من الطرفين حدود دوره ومعاييره السلوكية وإمكاناته ومسئولياته تجاه الآخر.
وخلال العلاقة الإرشادية، يتعلم العميل كيف يعبر عن مشاعره ويواجهها ويتعامل معها ومع أفكاره وخبراته، وتزداد ثقته بنفسه، ويتعلم مهارات جديدة لتحسين مستوى توافقه، ويطبق ما تعلمه لتغيير سلوكه "ميرل أولسين Ohlsen؛ 1970".
وقد بذل دونالد سوبر وآرثر كومبس Super & Combps؛ "1962" جهدا في دراسة العلاقة الإرشادية المثالية بمقارنتها بالعلاقة الإرشادية الواقعية، وينصحان ببذل الجهد في تدريب طلاب الإرشاد النفسي على العمل على ترجمة ما يدرسونه كوضع مثالي إلى وضع عملي في صورة أقرب ما تكون إلى الوضع المثالي.
ودرس لوبيتكين Lubetkin؛ "1970" العلاقة الإرشادية كما تتم خلال دائرة تليفزيونية مغلقة وأثرها في عملية الإرشاد، ووجد أن العلاقات الإرشادية وجها لوجه أفضل منها.
أما عن حدود العلاقات الإرشادية التي تميزها عن العلاقة الاجتماعية العادية، والتي يجب أن يحافظ عليها كل من الطرفين
فأهمها ما يلي:
- العلاقة المهنية: العلاقة الإرشادية علاقة مهنية لها حدود، وليست علاقة صداقة.
- العلاقة المتبادلة: من أهم عوامل نجاح العلاقة الإرشادية أن تكون العلاقة متبادلة بين المرشد والعميل بصرف النظر عن العمر والثقافة ... إلخ، من حيث الاحترام الموجب Regard غير المشروط، "أي بدون تحفظات وبدون تقييمات وبدون أحكام"، والثقة والفهم والانتباه
والاهتمام والتعاون والمساعدة والود والصداقة ... إلخ. والمسئولية مشتركة بين المرشد العميل لتحقيق ذلك، بحيث إذا طرأ ما يهدد العلاقة المتبادلة السليمة، يجب أن يعمل الطرفان على إزالته فورا والعودة إلى الوضع السليم.
- التفاعل: التفاعل والاتصال بين المرشد والعميل هو الوسيلة التي تقوي أو تقوض العلاقة الإرشادية، وقد تكون الاتصال بلغات عديدة تشمل الاتصال اللفظي وبالإشارات واللمحات والوضع واللبس، وقد يكون رمزيا له معان ضمنية كامنة تختلف عن معناه الظاهري. ويوجه المرشد انتباهه إلى مجرى الاتصال بينه وبين العميل، ويختار عناصر يركز عليها وعناصر يتخطاها وعناصر يستجيب لها استجابة المرشد كلها بناءة في شكل شرح وتفسير وتوضيح وتأكيد وإيحاء ومشاركة انفعالية ... إلخ، وهذا يحتاج إلى ترتيب خاص للوصل على الأهداف الرئيسية للإرشاد. هذا ويجب أن يختار المرشد الوقت المناسب لاستجاباته.
- الاعتدال: يجب أن تكون العلاقة الإرشادية معتدلة بين الحنو الزائد والتعامل الرسمي المتزمت، وأن تكون نموذجا للعلاقة الإنسانية السليمة.
- المدى: للعلاقة الإرشادية مدى يجب أن تقف عنده، فلا يجوز أن تأخذ شكل صداقة شخصية أو علاقة عاطفية، ولا يجوز أن يتدخل المرشد فيما لا يعنيه بين العميل وأهله ورؤسائه، ما لم يطلب إليه كذلك ... وهكذا.
- الزمان: قد تكون العلاقة الإرشادية قصيرة كما في حالة إرشاد الطلاب العاديين، وقد تكون طويلة كما في حالة الإرشاد العلاجي الفردي، ونحن نعلم أن الإرشاد العلاجي عملية طويلة حيث أن أنماط السلوك غير السوي التي تثبت خلال مدة طويلة من الزمن تقاوم التغير السريع.
- خصوصيات المرشد: يحسن البعد عن الكلام عن خصوصيات المرشد وحياته الشخصية وقيمه الخاصة أثناء الجلسات
1- ذات عامة "منفتحة" Open Self وهي معروفة للشخص "العميل" ومعروفة للآخرين "المرشد".
2- ذات خاصة "مخفية" Hidden Self وهي معروفة للشخص "العميل، ومجهولة للآخرين "المرشد".
3- ذات مجهولة "لا شعورية" Unknown وهي مجهولة للشخص "العميل" ومجهولة للآخرين "المرشد".
وهناك ملاحظات على هذا النموذج، وهي:
- المساحات في الواقع ليست متساوية.
- تتسع المساحة "1" نتيجة للإرشاد النفسي أو التربية النفسية Psychological Education.
- تنحصر المساحة "2" نتيجة للتربية النفسية.
- تنحصر المساحة "3" نتيجة للتغذية المرتدة من الآخرين.
- المساحة "4" قد تتغير وقد لا تتغير، فهي مجهولة للذات واللآخرين.
- الهدف الأساسي للإرشاد النفسي والتربية النفسية هي توسيع المساحة "1".
- إذا حدث تغير في أي مربع لا بد أن يحدث تغير في مربع آخر أو أكثر.
- الإخفاء يستهلك طاقة، والكشف يوسع المساحة "1" ويسبب التحسن.
- إذا كان هناك تهديد، فلن تتسع المساحة "1".
و
عوامل نجاح الجلسة الإرشادية:
فيما يلي أهم عوامل نجاح الجلسة الإرشادية:
الاستعداد للمساعدة: هذا أمر هام يجب أن يحرص عليه المرشد، ويجب أن يكون لديه اتجاه موجب نحو العميل، ولديه الرغبة المخلصة في مساعدته وبذل الوقت والجهد الكافي لتحقيق
ذلك. ويجب على المرشد إظهار الاستعداد لمساعدة العميل في مجالات أوسع من مجرد المشكلة المحدودة.
الألفة: يجب أن تتوافر الألفة والوئام والوفاق والتفاهم الكامل بين المرشد والعميل.
التقبل: نعني بالتقبل الإيجابي غير المشروط للعميل، أي تقبله على ما هو عليه دون التأثر بأحكام سابقة أو آراء مسبقة، ودون نقد أو لوم. فالمرشد يجب ألا يحمل العميل أكثر من حمولته التي جاء بها، وقد جاء العميل فاقدا الشعور بالتقبل، وهو يحتاج إلى التقبل الإيجابي غير المشروط مما يساعده على تقبل نفسه.
المشاركة الانفعالية Empathy: أي الشعور بمشاعر العميل وجعله يشعر بأن المرشد يشاركه انفعالاته ويفهم مشاعره، ويقدر ظروفه ويفهم عالمه الداخلي والخارجي، وكأنه يرى الأمور من داخل الإطار المرجعي للعميل.
التركيز: يجب أن يتركز الكلام والتفاعل حول موضوع الجلسة الإرشادية أي المشكلة الخاصة والشخصية وليس حول مشكلات عامة غير محددة، وحول الأفكار والمشاعر الشخصية وليس حول الأحاديث العامة. أي أن المطلوب هو التحديد لا التعميم والتخصيص لا التعويم.
الحكمة: يجب أن يسود الجلسة الإرشادية الحكمة في القول والفعل من جانب المرشد الذي يصدق عليه صفة "الحكيم". ومن الحكمة أن يكون المرشد أسوة حسنة للعميل "افعل كما أفعل وليس كما أقول". ويجب أن يتروى في كلامه، وأن يتحلى بالصبر والأناة. كذلك فإن لأسلوب إلقاء الكلام دخلا كبيرا في التأثير في نفس العميل، فالكلام مهما كان عميقا لو ألقي بسرعة وعجلة لا يؤثر التأثير المطلوب بعكس ما إذا ألقي بتأن واتزان، وفي ذلك توقير للحكمة1.
التلقائية: يقصد بها التعبير عن المشاعر الحقيقة في حرية وصراحة وأمانة وبإخلاص وعلى طبيعتها ودون مواجهة مزيفة ودون
ويجب أن يتاح له فرصة الكلام والسلوك أكثر، ويكون تداخل المرشد بقدر محدود وعند الضرورة بما يساعد العميل على الاسترسال والبوح والتفريغ الانفعالي.
بيع الصداقة: يقول بعض المرشدين إن الإرشاد هو بيع صداقة، ويتضمن ذلك بشاشة المرشد. ومن الأقوال المأثورة " لا تكن تاجرا دون وجه بشوش" وإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يصافح الآخر ويده مقبوضه فكيف يتعامل معه وجبهته مقبوضة1.
الثقة المتبادلة: هذا أمر ضروري يعطي العميل الأمان على نفسه وعلى أسراره ويساعده على الاسترخاء والطمأنينة، والبوح والتفكير بصوت عال حين يعرض ذاته ومشكلته، والثقة المتبادلة تشجع المرشد على المساعدة والعميل على التعاون. ويلاحظ أن الجلسات الأولى تكون غالبا "جس نبض" من جانب العميل، ويتوقف على نجاحها مستقبل عملية الإرشاد كلها. والعميل هنا يكون أشبه بمن يريد النزول إلى ماء البحر فيبدأ بجس الماء، فإن وجده باردا فإنه يتردد وقد يمتنع، أما إذا وجده دافئا فإنه ينزل ويستمتع "هولدين Holden؛ 1971".
المسئولية المشتركة: المسئولية في عملية الإرشاد مشتركة بين كل من المرشد والعميل ويتوقف نجاح العملية على فهم كل من الطرفين لدوره ومسئولياته وتحملها.
مظهر المرشد: إن مظهر المرشد المناسب وجلسته وصوته الواضح وتعبيرات وجهه وإظهاره اهتمامه بالعميل أمور هامة، وقد تطرق براسير Pricer؛ "1971" إلى مظهر المرشد ولبسه ووجد أن العملاء الذكور يفضلون اللبس البسيط بينما العميلات الإناث يفضلن اللبس الأنيق.
تحديد المواعيد: يحسن الإسراع بتحديد مواعيد الجلسات للعميل والحرص على هذه المواعيد، ويجب تنظيم الجلسات بما يتناسب مع مواعيد كل من المرشد والعميل.
الزمان: يحسن أن يكون للجلسة الإرشادية زمن محدد. ويحدد البعض الجلسة الإرشادية بمدة لا تقل عن نصف ساعة ولا تزيد عن ساعة. وينبغي ألا تكون مواعيد الجلسات متقاربة جدا كأن تكون يومية، ولا متباعدة جدا كأن تكون مرة كل شهر. ومعظم المرشدين يكتفون بجلسة واحدة أسبوعيا. وعلى العموم فمن المفيد أن يفصل بين كل جلسة وأخرى بضعة أيام على الأقل، لأن ذلك يساعد على منح العميل فرصة تزيد من استبصاره بنفسه.
المكان: يجب أن يكون للجلسة الإرشادية مكان محدد، أي غرفة خاصة، ويجب أن تكون جلسة العميل مريحة، وأن يكون في مواجهة المرشد. وقد وجد برايسر Pricer؛ "1971" أن
العملاء الذكور يفضلون ألا يكون بينهم وبين المرشد مكتب بينما تفضل العميلات أن يكون بينهن وبين المرشد مكتب. ومن ملاحظات الباحث حول العلاقة الإرشادية أن تكوين العلاقة الإرشادية بين المرشد والعميل من جنسين مختلفين يتم أسرع مما بين مرشد وعميل من نفس الجنس.
المناخ النفسي الإرشادي:
المناخ النفسي مصطلح مستعار من الجغرافيا. والمناخ المناسب يساعد على الحياة بطريقة أفضل، والعكس صحيح كذلك فإن المناخ النفسي الصحي السليم الآمن السمح الحر الذي يسوده الاسترخاء والارتياح والألفة والأمل أمر ضروري جدا في الحياة بصفة عامة، وفي الجلسة الإرشادية بصفة خاصة، ضمانا لنجاح عملية الإرشاد، ويجب على المرشد تهيئة مثل هذا المناخ الذي يسوده التقبل وفهم آراء العميل وأفكاره وانفعالاته ومشاعره ودوافعه وحاجاته واتجاهاته وردود فعله نحو مشكلاته وطرق حلها ومعنى أعراضه وأهدافها، إن المناخ الإرشادي المشبع بالدفء والأمن والفهم والتقبل والتسامح والسرية والخصوصية، يعتبر مثيرا لانفعالات سارة ومريحا، ويبعث في العميل الطمأنينة والأمل، ويساعده على استرجاع المواقف والخبرات المثيرة
الملموس والاعتراف بقيمة العميل وقدرته على التفكير والسلوك البناء والاستجابة الإيجابية لما يقوله وما يفعله.
الدفء Warmth: الدفء عنصر هام من عناصر المناخ النفسي والإرشادي، ويقصد به دفء العلاقة الإرشادية وحرارة التفاعل واستمرار الأخذ والعطاء والتقبل والاهتمام والانتباه الواضح والمشاركة الانفعالية "جون بيتروفيسا وآخرون Pietrofesa et al؛ 1978".
العلاقة الإرشادية:
العلاقة الإرشادية هي قلب عملية الإرشاد. وهي علاقة شخصية اجتماعية مهنية دينامية هادفة وثيقة، تتم بين المرشد والعميل في حدود معايير اجتماعية، تحدد ما هو جائز وما هو غير جائز، وتحدد دور كل منهما، وتهدف إلى تحقيق الأهداف العامة والخاصة لعملية الإرشاد.
وفي بداية العلاقة الإرشادية: يرحب المرشد بالعميل ويتعارفان. ومنذ البداية يجب أن يعرف كل من الطرفين حدود دوره ومعاييره السلوكية وإمكاناته ومسئولياته تجاه الآخر.
وخلال العلاقة الإرشادية، يتعلم العميل كيف يعبر عن مشاعره ويواجهها ويتعامل معها ومع أفكاره وخبراته، وتزداد ثقته بنفسه، ويتعلم مهارات جديدة لتحسين مستوى توافقه، ويطبق ما تعلمه لتغيير سلوكه "ميرل أولسين Ohlsen؛ 1970".
وقد بذل دونالد سوبر وآرثر كومبس Super & Combps؛ "1962" جهدا في دراسة العلاقة الإرشادية المثالية بمقارنتها بالعلاقة الإرشادية الواقعية، وينصحان ببذل الجهد في تدريب طلاب الإرشاد النفسي على العمل على ترجمة ما يدرسونه كوضع مثالي إلى وضع عملي في صورة أقرب ما تكون إلى الوضع المثالي.
ودرس لوبيتكين Lubetkin؛ "1970" العلاقة الإرشادية كما تتم خلال دائرة تليفزيونية مغلقة وأثرها في عملية الإرشاد، ووجد أن العلاقات الإرشادية وجها لوجه أفضل منها.
أما عن حدود العلاقات الإرشادية التي تميزها عن العلاقة الاجتماعية العادية، والتي يجب أن يحافظ عليها كل من الطرفين
فأهمها ما يلي:
- العلاقة المهنية: العلاقة الإرشادية علاقة مهنية لها حدود، وليست علاقة صداقة.
- العلاقة المتبادلة: من أهم عوامل نجاح العلاقة الإرشادية أن تكون العلاقة متبادلة بين المرشد والعميل بصرف النظر عن العمر والثقافة ... إلخ، من حيث الاحترام الموجب Regard غير المشروط، "أي بدون تحفظات وبدون تقييمات وبدون أحكام"، والثقة والفهم والانتباه
والاهتمام والتعاون والمساعدة والود والصداقة ... إلخ. والمسئولية مشتركة بين المرشد العميل لتحقيق ذلك، بحيث إذا طرأ ما يهدد العلاقة المتبادلة السليمة، يجب أن يعمل الطرفان على إزالته فورا والعودة إلى الوضع السليم.
- التفاعل: التفاعل والاتصال بين المرشد والعميل هو الوسيلة التي تقوي أو تقوض العلاقة الإرشادية، وقد تكون الاتصال بلغات عديدة تشمل الاتصال اللفظي وبالإشارات واللمحات والوضع واللبس، وقد يكون رمزيا له معان ضمنية كامنة تختلف عن معناه الظاهري. ويوجه المرشد انتباهه إلى مجرى الاتصال بينه وبين العميل، ويختار عناصر يركز عليها وعناصر يتخطاها وعناصر يستجيب لها استجابة المرشد كلها بناءة في شكل شرح وتفسير وتوضيح وتأكيد وإيحاء ومشاركة انفعالية ... إلخ، وهذا يحتاج إلى ترتيب خاص للوصل على الأهداف الرئيسية للإرشاد. هذا ويجب أن يختار المرشد الوقت المناسب لاستجاباته.
- الاعتدال: يجب أن تكون العلاقة الإرشادية معتدلة بين الحنو الزائد والتعامل الرسمي المتزمت، وأن تكون نموذجا للعلاقة الإنسانية السليمة.
- المدى: للعلاقة الإرشادية مدى يجب أن تقف عنده، فلا يجوز أن تأخذ شكل صداقة شخصية أو علاقة عاطفية، ولا يجوز أن يتدخل المرشد فيما لا يعنيه بين العميل وأهله ورؤسائه، ما لم يطلب إليه كذلك ... وهكذا.
- الزمان: قد تكون العلاقة الإرشادية قصيرة كما في حالة إرشاد الطلاب العاديين، وقد تكون طويلة كما في حالة الإرشاد العلاجي الفردي، ونحن نعلم أن الإرشاد العلاجي عملية طويلة حيث أن أنماط السلوك غير السوي التي تثبت خلال مدة طويلة من الزمن تقاوم التغير السريع.
- خصوصيات المرشد: يحسن البعد عن الكلام عن خصوصيات المرشد وحياته الشخصية وقيمه الخاصة أثناء الجلسات
1- ذات عامة "منفتحة" Open Self وهي معروفة للشخص "العميل" ومعروفة للآخرين "المرشد".
2- ذات خاصة "مخفية" Hidden Self وهي معروفة للشخص "العميل، ومجهولة للآخرين "المرشد".
3- ذات مجهولة "لا شعورية" Unknown وهي مجهولة للشخص "العميل" ومجهولة للآخرين "المرشد".
وهناك ملاحظات على هذا النموذج، وهي:
- المساحات في الواقع ليست متساوية.
- تتسع المساحة "1" نتيجة للإرشاد النفسي أو التربية النفسية Psychological Education.
- تنحصر المساحة "2" نتيجة للتربية النفسية.
- تنحصر المساحة "3" نتيجة للتغذية المرتدة من الآخرين.
- المساحة "4" قد تتغير وقد لا تتغير، فهي مجهولة للذات واللآخرين.
- الهدف الأساسي للإرشاد النفسي والتربية النفسية هي توسيع المساحة "1".
- إذا حدث تغير في أي مربع لا بد أن يحدث تغير في مربع آخر أو أكثر.
- الإخفاء يستهلك طاقة، والكشف يوسع المساحة "1" ويسبب التحسن.
- إذا كان هناك تهديد، فلن تتسع المساحة "1".
و