قد تعترض عملية الإرشاد بعض المشكلات، فتؤثر في سيرها أو في تحقيق أهدافها. وتتناول هذه المشكلات للفت النظر إليها للوقاية من حدوثها، ولحلها والتغلب عليها عند حدوثها فعلا.
وفيما يلي أهم المشكلات في عملية الإرشاد النفسي:
- فشل عملية الإرشاد:
في بعض الأحيان قد لا تتم عملية الإرشاد النفسي بنجاح كامل، أو قد تفشل في تحقيق أهدافها، ويرجع ذلك إلى الأسباب الآتية:
- قد يقوم بالإرشاد النفسي بعض غير المختصين، وبطريقة غير سليمة.
- قد يكون العميل غير مستعد وغير متقبل لعملية الإرشاد.
- قد ينقطع العميل عن عملية الإرشاد فلا تتم وتكون مبتورة.
- قد تكون المشكلة مزمنة ومستعصية على الحل.
- قد لا يقوم العميل بمسئوليته في التنفيذ، وقد يكون في بيئته ما يحول دون نجاح عملية الإرشاد.
- قد لا تتم عملية تقييم سليمة لعملية الإرشاد، وقد لا تتيسر المتابعة بعد تمامها.
مضاعفات الإرشاد غير الناجح:
من مضاعفات الإرشاد النفسير غير الناجح ما يلي:
- قد يفهم العميل أن غير المختصين الذين لجأ إليهم علماء فشلوا معه، ومن ثم ينصرف عن عملية الإرشاد.
- قد يزداد القلق عند العميل لعدم تقدم حالته والإخفاق في حل مشكلاته فيزداد يأسا.
- قد يلجأ العميل عن قصد إلى بعض الدجالين -من باب طرق جميع الأبواب- وهناك الكثيرون ممن يتحينون هذه الفرص.
- قد يلجأ العميل إلى إدمان الأدوية والعقاقير أو حتى المخدرات.
- قد تزداد الحالة سوءا وتتطور إلى عصاب أو حتى إلى ذهان.
- في حالات نادرة قد ييأس العميل ويكتئب، وقد يقدم على الانتحار.
مصادر الإحالة:
قد يحال العميل دفعا إلى عملية الإرشاد بدلا من أن يأتي إليها بنفسه سعيا، وفي مثل هذه الحالة فقد يتخذ موقفا سلبيا في عملية الإرشاد ولا يتجاوب ولا يتعاون، مما يسبب مشكلة من مظاهرها عدم تقدم حالته أو زيادتها سوءا في بعض الأحيان. ونحن نعلم أن الفرد يستطيع أن يقود الحصان إلى الماء ولكنه لا يستطيع أن يجبره على أن يشرب.
وتحيل المدارس بعض الحالات إلى عيادة أو مركز الإرشاد بعد تشخيص قد يكون خاطئا وبعد قطع شوط غير موفق في عملية الإرشاد لا يؤتي ثمارا، مما قد يفقد العميل الأمل في خدمات عيادة أو مركز الإرشاد لاعتقاده بأنها لن تكون إلا امتداد لخدمات المدرسة.
وتحيل الهيئات والمؤسسات أعدادا كثيرة إلى عيادات ومراكز الإرشاد، مما قد يزيد عن إمكانات هذه العيادات والمراكز، فلا تستطيع قبولها، أو إذا قبلتها لا تستطيع تقديم الخدمات الإرشادية لها كما يجب.
وتحيل المحاكم أو مؤسسات الجانحين بعض الحالات، ويكون ذلك أحيانا بهدف إجراء عملية الإرشاد، وأحيانا بهدف التثبت من الحالة النفسية للفرد الذي ارتكب مخالفة أو جريمة، وقد يربط العميل بين عملية الإرشاد وبين جهة الإحالة مثل المحكمة أو المؤسسة التي تعامله كمتهم أو كمذنب وما يلقاه أو قد يلقاه من عقاب.
وقد تطلب جهة الإحالة بعض المعلومات السرية التي أدلى بها العميل أثناء الجلسات الإرشادية، وبالطبع لا يوافق المرشد على ذلك -حسب أخلاقيات الإرشاد النفسي- مما يجعل صدر جهة الإحالة ضيقا بالإرشاد والمرشد، وقد يسبب هذا توقف عملية الإرشاد.
اتجاهات الوالدين وأولياء الأمور:
قد تكون اتجاهات الوالدين سالبة نحو عملية الإرشاد. ونحن نعلم أنه لكي تنجح العملية -وخاصة مع الأطفال- فلا بد من
وقد يعتقد بعض أولياء الأمور أن مشكلة الطفل تتعلق به وحده ولا يشاركون مشاركة فعالة في عملية الإرشاد، ويعتبرونها مسئولية المرشدين وحدهم.
وقد يلاحظ إساءة فهم عملية الإرشاد لدى الوالدين أو أولياء الأمور. فمثلا في إرشاد الأطفال يسمح المرشح للطفل في حجرة اللعب بالتعبير عن عدوانه فيكسر بعض الأشياء، ويعتبر الوالدان ذلك نقصا في ضبط سلوك الطفل وتعويده الحرية الزائدة، مما قد يؤدي إلى مزيد من العدوان في المنزل، وعادة فإن الوالدين وأولياء الأمور يسألون العميل بمجرد خروجه عما دار في جلسة الإرشاد، وهو يحكي، وقد يساء فهم ما جرى وما يحكى.
وقد لا يقتصر وجود مثل هذه الاتجاهات على الوالدين أولياء الأمور فقط، بل قد توجد لدى الأزواج، وقد تسود في المجتمع بصفة عامة، مما يجعل المرشدين والمعالجين النفسيين وكأنهم يسبحون ضد تيار اجتماعي معاكس.
بعض المفاهيم الخاطئة لدى العميل:
يعلن بعض العملاء أن الاضطراب أو المرض النفسي مرادف لما يعرفه العامة باسم "الجنون"، ويظنون أن العيادة النفسية أو مركز الإرشاد النفسي لا يذهب إليها إلا "المجانين"، ومن ثم يتحاشون الإرشاد النفسي، وإذا بدءوه فقد ينقطعون عن استئنافه خشية أن يشيع عنهم أنهم "مجانين".
ويعتقد بعض المرضى خطأ أن المرشد النفسي يتدخل في شئون حياتهم الخاصة وتفاصيل سلوكهم ودخائل أسرارهم الشخصية بدرجة كبيرة، ومن ثم يبدون مقاومة أثناء عملية الإرشاد.
ويفهم بعض المرضى خطأ أن على المرشد أن يعمل لهم كل شيء، وأن يحل لهم مشكلاتهم، وكأنه يملك قوة سحرية يسخرها في ذلك، فيلقون عليه بمشكلاتهم ليحلها، وكيف لا وهو دكتور وعالم نفسي، ويصعب عليهم أن يفهموا أن على عاتقهم هم مسئولية كبيرة في عملية الإرشاد.
من هو الخبير:
قد يحدث صراع بين المرشد والعميل عندما تتحد المسئولية المشتركة بينهما في عملية الإرشاد. فقد لا يعرف العميل حدود مسئولياته وإسهاماته الخاصة بها. فمن هو الخبير إذن؟ أهو المرشد المتخصص العالم بالنظريات والخبير في الطرق والفنيات، أم هو العميل صاحب المسألة "والذي يده في النار"، والذي عليه مسئولية التنفيذ. إن الأمر قد يصل إلى درجة تضطرب فيها العملية وخاصة عندما يكون العميل زائد الذاتية، كثير الأفكار الخاطئة أو حتى الخرافية.
القدرة العقلية للعميل:
قد يكون العميل ضعيف العقل أو غبيا أو يعاني من اضطرابات في الجهاز العصبي، وهنا تكون إمكانات مساعدته وفرص استفادته من عملية الإرشاد النفسي محدودة.
عمر العميل:
في حالة الأطفال الصغار، لا بد من تعاون أهلهم وذويهم ومربيهم في عملية الإرشاد، وإذا لم يتوافر مثل هذا التعاون، فإن درجة نجاح عملية الإرشاد تصبح مشكوكا فيها.
وفي حالة المراهقين، قد يعتقدون أن المرشدين كراشدين -شأنهم شأن غيرهم من الراشدين- لا يفهمونهم وأنهم نوع من السلطة التي يرغبون التخلص منها والاستقلال عنها.
وفي حالة بعض المسنين الذين تراكمت المشكلات لديهم عبر السنين، والذين تأصلت ورسخت عاداتهم السلوكية وأصبحت تقاوم التغير، والذين يعتبرون أنهم في أواخر حياتهم آمالهم محدودة وما عاد من العمر قدر ما مضى، تكون عملية الإرشاد وما تتضمن من تعلم ومحو تعلم وتعديل وتغيير في السلوك صعبة نسبيا، مما يقلل من أثرها.
الدواء:
يختلط مفهوم وطبيعة عملية الإرشاد النفسي والعلاج النفسي مع العلاج الطبي، فكله عند العامة علاج، والمرشد عادة يكون حاصلا على درجة الدكتوراة، فهو دكتور، ولقب دكتور عند العامة ما زال يرتبط بالطب أكثر منه بالإرشاد والعلاج النفسي، ولذلك نجد الكثيرين من العملاء يتوقعون وصفة دواء، وإذا لم يكتبها المرشد، فإنهم يسألون "أليس هناك دواء؟ "
المواعيد:
قد تتعارض مواعيد جلسات الإرشاد مع مواعيد عمل العميل مثلا، وقد تكون المواعيد ثابتة في يوم وساعة محددة من كل أسبوع مما يفوت انتظام نشاط العمل في كليته مثلا في هذا اليوم والساعة من كل أسبوع.
وقد يعتبر بعض العملاء أن المواعيد أقل مما يرجون أو يتوقعون أو يحتاجون، ويطيلون في كل جلسة، أو يشعرون بالضيق عندما تنتهي وخاصة إذا كانت جلسة كل أسبوع مثلا.
وقد يعتبر البعض الآخر أن المواعيد أكثر مما يتوقعون أو يحتاجون أو يستطيعون، وأنها تؤثر في سير حياتهم العملية، وهذا يجعلهم يتخلفون عن بعضها.
وقد تلعب مشكلة المواصلات دورا معطلا، وخاصة عندما تكون المسافة التي على العميل أن يقطعها طويلة ومرهقة. فقد تعوق التزام العميل بمواعيد الجلسات وتعوق انتظامها.
التكاليف:
في حالة الإرشاد أو العلاج النفسي الخاص، يتكلف تكاليف قد تمثل مشكلة كبيرة حين تكون مرهقة بالنسبة للعميل.
في حالة دفع التكاليف عادة يتوقع العميل مقابلا محسوسا ونتائج سريعة، وعملية الإرشاد تستغرق جلسات قد تطول، ويجد العميل أن مجرد الكلام لا يريحه، وقد يعتقد أنه لا يستحق ما يتكلفه من مال.
وفي حالة الإرشاد المجاني على حساب الدولة، قد ينطبق المثل "أبو بلاش كتر منه"، فلا يكون العميل حريصا على وقت المرشد، ولا يحرص على الاستفادة الكاملة من الجلسات، لأنه يستطيع أن يتردد كما يشاء ما دام ذلك لا يكلفه شيئا.
أدعياء الإرشاد والعلاج النفسي:
يمارس بعض الأطباء النفسيين العلاج النفسي وأحيانا الإرشاد النفسي بطريقة "وضع اليد"، ويهتمون بدرجة أكبر بالنواحي الطبية والعلاج الطبي والعلاج بالأدوية فحسب حسب تخصصهم، وقد لا يتمكنون من إعطاء العميل الوقت الكافي لدراسة حالته، ومن ثم لا يقومون فعلا بالعلاج أو الإرشاد النفسي بالطريقة السليمة.
وما زالت نسبة كبيرة من الجمهور في مجتمعنا -للأسف الشديد- يعتقدون أن سبب مشكلاتهم واضطراباتهم هو السحر والأعمال والجن، وهؤلاء يتلقفهم أدعياء الإرشاد والعلاج وحل المشكلات والعقد من غير المختصين بل من الدجالين،
أيديهم الشفاء من كل داء، وهكذا تزمن المشكلات والاضطرابات والأمراض إلى أن تستعصي على الإرشاد والعلاج، حتى على أيدي الأخصائيين.
الإرشاد والعلاج الذاتي:
قد يحاول بعض الأفراد القيام بإرشاد أو علاج أنفسهم بأنفسهم: فيقرءون كتبا بدون دراسة وهم غير مختصين، فيسيئون الفهم أو يضخمون شيئا بسيطا، وقد ينجح البعض جزئيا أو نسبيا، ولكن معظمهم يزيدون الطين بلة، وهنا نحذر هؤلاء من مثل هذه المحاولات ونوجههم إلى مزيد من المعرفة والمهارة في طريقة الإرشاد الذاتي1 "ويأتي تفصيل ذلك في الفصل السابع".
الأقارب والأصدقاء:
قد يلجأ بعض العملاء إلى عملية الإرشاد عند أقاربهم وأصدقائهم من المرشدين، ونحن نعرف أن المرشد أو المعالج لا يستطيع تناول مشكلات أقاربه وأصدقائه، كما لا يستطيع الجراح إجراء جراحة لأقاربه وأصدقائه، ونحن نعرف كذلك أن الأقارب والأصدقاء يأخذون كلام أقاربهم وأصدقائهم بطريقة ودية وبألفة ويخلطون بينه وبين الكلام الأسري والعادي. ويحتاج الأمر إلى الكلام عن أسرار شخصية جدا تتعلق بالأقارب أو بالمرشد نفسه كقريب أو صديق. وقد تتعدى العلاقة الإرشادية الحدود المهنية بحكم القرابة أو الصداقة. وهكذا يكون الإرشاد والعلاج مع الأقارب والأصدقاء بصفة عامة صعبا وأحيانا غير مجد أو غير ممكن أو ممنوعا2.
وفيما يلي أهم المشكلات في عملية الإرشاد النفسي:
- فشل عملية الإرشاد:
في بعض الأحيان قد لا تتم عملية الإرشاد النفسي بنجاح كامل، أو قد تفشل في تحقيق أهدافها، ويرجع ذلك إلى الأسباب الآتية:
- قد يقوم بالإرشاد النفسي بعض غير المختصين، وبطريقة غير سليمة.
- قد يكون العميل غير مستعد وغير متقبل لعملية الإرشاد.
- قد ينقطع العميل عن عملية الإرشاد فلا تتم وتكون مبتورة.
- قد تكون المشكلة مزمنة ومستعصية على الحل.
- قد لا يقوم العميل بمسئوليته في التنفيذ، وقد يكون في بيئته ما يحول دون نجاح عملية الإرشاد.
- قد لا تتم عملية تقييم سليمة لعملية الإرشاد، وقد لا تتيسر المتابعة بعد تمامها.
مضاعفات الإرشاد غير الناجح:
من مضاعفات الإرشاد النفسير غير الناجح ما يلي:
- قد يفهم العميل أن غير المختصين الذين لجأ إليهم علماء فشلوا معه، ومن ثم ينصرف عن عملية الإرشاد.
- قد يزداد القلق عند العميل لعدم تقدم حالته والإخفاق في حل مشكلاته فيزداد يأسا.
- قد يلجأ العميل عن قصد إلى بعض الدجالين -من باب طرق جميع الأبواب- وهناك الكثيرون ممن يتحينون هذه الفرص.
- قد يلجأ العميل إلى إدمان الأدوية والعقاقير أو حتى المخدرات.
- قد تزداد الحالة سوءا وتتطور إلى عصاب أو حتى إلى ذهان.
- في حالات نادرة قد ييأس العميل ويكتئب، وقد يقدم على الانتحار.
مصادر الإحالة:
قد يحال العميل دفعا إلى عملية الإرشاد بدلا من أن يأتي إليها بنفسه سعيا، وفي مثل هذه الحالة فقد يتخذ موقفا سلبيا في عملية الإرشاد ولا يتجاوب ولا يتعاون، مما يسبب مشكلة من مظاهرها عدم تقدم حالته أو زيادتها سوءا في بعض الأحيان. ونحن نعلم أن الفرد يستطيع أن يقود الحصان إلى الماء ولكنه لا يستطيع أن يجبره على أن يشرب.
وتحيل المدارس بعض الحالات إلى عيادة أو مركز الإرشاد بعد تشخيص قد يكون خاطئا وبعد قطع شوط غير موفق في عملية الإرشاد لا يؤتي ثمارا، مما قد يفقد العميل الأمل في خدمات عيادة أو مركز الإرشاد لاعتقاده بأنها لن تكون إلا امتداد لخدمات المدرسة.
وتحيل الهيئات والمؤسسات أعدادا كثيرة إلى عيادات ومراكز الإرشاد، مما قد يزيد عن إمكانات هذه العيادات والمراكز، فلا تستطيع قبولها، أو إذا قبلتها لا تستطيع تقديم الخدمات الإرشادية لها كما يجب.
وتحيل المحاكم أو مؤسسات الجانحين بعض الحالات، ويكون ذلك أحيانا بهدف إجراء عملية الإرشاد، وأحيانا بهدف التثبت من الحالة النفسية للفرد الذي ارتكب مخالفة أو جريمة، وقد يربط العميل بين عملية الإرشاد وبين جهة الإحالة مثل المحكمة أو المؤسسة التي تعامله كمتهم أو كمذنب وما يلقاه أو قد يلقاه من عقاب.
وقد تطلب جهة الإحالة بعض المعلومات السرية التي أدلى بها العميل أثناء الجلسات الإرشادية، وبالطبع لا يوافق المرشد على ذلك -حسب أخلاقيات الإرشاد النفسي- مما يجعل صدر جهة الإحالة ضيقا بالإرشاد والمرشد، وقد يسبب هذا توقف عملية الإرشاد.
اتجاهات الوالدين وأولياء الأمور:
قد تكون اتجاهات الوالدين سالبة نحو عملية الإرشاد. ونحن نعلم أنه لكي تنجح العملية -وخاصة مع الأطفال- فلا بد من
وقد يعتقد بعض أولياء الأمور أن مشكلة الطفل تتعلق به وحده ولا يشاركون مشاركة فعالة في عملية الإرشاد، ويعتبرونها مسئولية المرشدين وحدهم.
وقد يلاحظ إساءة فهم عملية الإرشاد لدى الوالدين أو أولياء الأمور. فمثلا في إرشاد الأطفال يسمح المرشح للطفل في حجرة اللعب بالتعبير عن عدوانه فيكسر بعض الأشياء، ويعتبر الوالدان ذلك نقصا في ضبط سلوك الطفل وتعويده الحرية الزائدة، مما قد يؤدي إلى مزيد من العدوان في المنزل، وعادة فإن الوالدين وأولياء الأمور يسألون العميل بمجرد خروجه عما دار في جلسة الإرشاد، وهو يحكي، وقد يساء فهم ما جرى وما يحكى.
وقد لا يقتصر وجود مثل هذه الاتجاهات على الوالدين أولياء الأمور فقط، بل قد توجد لدى الأزواج، وقد تسود في المجتمع بصفة عامة، مما يجعل المرشدين والمعالجين النفسيين وكأنهم يسبحون ضد تيار اجتماعي معاكس.
بعض المفاهيم الخاطئة لدى العميل:
يعلن بعض العملاء أن الاضطراب أو المرض النفسي مرادف لما يعرفه العامة باسم "الجنون"، ويظنون أن العيادة النفسية أو مركز الإرشاد النفسي لا يذهب إليها إلا "المجانين"، ومن ثم يتحاشون الإرشاد النفسي، وإذا بدءوه فقد ينقطعون عن استئنافه خشية أن يشيع عنهم أنهم "مجانين".
ويعتقد بعض المرضى خطأ أن المرشد النفسي يتدخل في شئون حياتهم الخاصة وتفاصيل سلوكهم ودخائل أسرارهم الشخصية بدرجة كبيرة، ومن ثم يبدون مقاومة أثناء عملية الإرشاد.
ويفهم بعض المرضى خطأ أن على المرشد أن يعمل لهم كل شيء، وأن يحل لهم مشكلاتهم، وكأنه يملك قوة سحرية يسخرها في ذلك، فيلقون عليه بمشكلاتهم ليحلها، وكيف لا وهو دكتور وعالم نفسي، ويصعب عليهم أن يفهموا أن على عاتقهم هم مسئولية كبيرة في عملية الإرشاد.
من هو الخبير:
قد يحدث صراع بين المرشد والعميل عندما تتحد المسئولية المشتركة بينهما في عملية الإرشاد. فقد لا يعرف العميل حدود مسئولياته وإسهاماته الخاصة بها. فمن هو الخبير إذن؟ أهو المرشد المتخصص العالم بالنظريات والخبير في الطرق والفنيات، أم هو العميل صاحب المسألة "والذي يده في النار"، والذي عليه مسئولية التنفيذ. إن الأمر قد يصل إلى درجة تضطرب فيها العملية وخاصة عندما يكون العميل زائد الذاتية، كثير الأفكار الخاطئة أو حتى الخرافية.
القدرة العقلية للعميل:
قد يكون العميل ضعيف العقل أو غبيا أو يعاني من اضطرابات في الجهاز العصبي، وهنا تكون إمكانات مساعدته وفرص استفادته من عملية الإرشاد النفسي محدودة.
عمر العميل:
في حالة الأطفال الصغار، لا بد من تعاون أهلهم وذويهم ومربيهم في عملية الإرشاد، وإذا لم يتوافر مثل هذا التعاون، فإن درجة نجاح عملية الإرشاد تصبح مشكوكا فيها.
وفي حالة المراهقين، قد يعتقدون أن المرشدين كراشدين -شأنهم شأن غيرهم من الراشدين- لا يفهمونهم وأنهم نوع من السلطة التي يرغبون التخلص منها والاستقلال عنها.
وفي حالة بعض المسنين الذين تراكمت المشكلات لديهم عبر السنين، والذين تأصلت ورسخت عاداتهم السلوكية وأصبحت تقاوم التغير، والذين يعتبرون أنهم في أواخر حياتهم آمالهم محدودة وما عاد من العمر قدر ما مضى، تكون عملية الإرشاد وما تتضمن من تعلم ومحو تعلم وتعديل وتغيير في السلوك صعبة نسبيا، مما يقلل من أثرها.
الدواء:
يختلط مفهوم وطبيعة عملية الإرشاد النفسي والعلاج النفسي مع العلاج الطبي، فكله عند العامة علاج، والمرشد عادة يكون حاصلا على درجة الدكتوراة، فهو دكتور، ولقب دكتور عند العامة ما زال يرتبط بالطب أكثر منه بالإرشاد والعلاج النفسي، ولذلك نجد الكثيرين من العملاء يتوقعون وصفة دواء، وإذا لم يكتبها المرشد، فإنهم يسألون "أليس هناك دواء؟ "
المواعيد:
قد تتعارض مواعيد جلسات الإرشاد مع مواعيد عمل العميل مثلا، وقد تكون المواعيد ثابتة في يوم وساعة محددة من كل أسبوع مما يفوت انتظام نشاط العمل في كليته مثلا في هذا اليوم والساعة من كل أسبوع.
وقد يعتبر بعض العملاء أن المواعيد أقل مما يرجون أو يتوقعون أو يحتاجون، ويطيلون في كل جلسة، أو يشعرون بالضيق عندما تنتهي وخاصة إذا كانت جلسة كل أسبوع مثلا.
وقد يعتبر البعض الآخر أن المواعيد أكثر مما يتوقعون أو يحتاجون أو يستطيعون، وأنها تؤثر في سير حياتهم العملية، وهذا يجعلهم يتخلفون عن بعضها.
وقد تلعب مشكلة المواصلات دورا معطلا، وخاصة عندما تكون المسافة التي على العميل أن يقطعها طويلة ومرهقة. فقد تعوق التزام العميل بمواعيد الجلسات وتعوق انتظامها.
التكاليف:
في حالة الإرشاد أو العلاج النفسي الخاص، يتكلف تكاليف قد تمثل مشكلة كبيرة حين تكون مرهقة بالنسبة للعميل.
في حالة دفع التكاليف عادة يتوقع العميل مقابلا محسوسا ونتائج سريعة، وعملية الإرشاد تستغرق جلسات قد تطول، ويجد العميل أن مجرد الكلام لا يريحه، وقد يعتقد أنه لا يستحق ما يتكلفه من مال.
وفي حالة الإرشاد المجاني على حساب الدولة، قد ينطبق المثل "أبو بلاش كتر منه"، فلا يكون العميل حريصا على وقت المرشد، ولا يحرص على الاستفادة الكاملة من الجلسات، لأنه يستطيع أن يتردد كما يشاء ما دام ذلك لا يكلفه شيئا.
أدعياء الإرشاد والعلاج النفسي:
يمارس بعض الأطباء النفسيين العلاج النفسي وأحيانا الإرشاد النفسي بطريقة "وضع اليد"، ويهتمون بدرجة أكبر بالنواحي الطبية والعلاج الطبي والعلاج بالأدوية فحسب حسب تخصصهم، وقد لا يتمكنون من إعطاء العميل الوقت الكافي لدراسة حالته، ومن ثم لا يقومون فعلا بالعلاج أو الإرشاد النفسي بالطريقة السليمة.
وما زالت نسبة كبيرة من الجمهور في مجتمعنا -للأسف الشديد- يعتقدون أن سبب مشكلاتهم واضطراباتهم هو السحر والأعمال والجن، وهؤلاء يتلقفهم أدعياء الإرشاد والعلاج وحل المشكلات والعقد من غير المختصين بل من الدجالين،
أيديهم الشفاء من كل داء، وهكذا تزمن المشكلات والاضطرابات والأمراض إلى أن تستعصي على الإرشاد والعلاج، حتى على أيدي الأخصائيين.
الإرشاد والعلاج الذاتي:
قد يحاول بعض الأفراد القيام بإرشاد أو علاج أنفسهم بأنفسهم: فيقرءون كتبا بدون دراسة وهم غير مختصين، فيسيئون الفهم أو يضخمون شيئا بسيطا، وقد ينجح البعض جزئيا أو نسبيا، ولكن معظمهم يزيدون الطين بلة، وهنا نحذر هؤلاء من مثل هذه المحاولات ونوجههم إلى مزيد من المعرفة والمهارة في طريقة الإرشاد الذاتي1 "ويأتي تفصيل ذلك في الفصل السابع".
الأقارب والأصدقاء:
قد يلجأ بعض العملاء إلى عملية الإرشاد عند أقاربهم وأصدقائهم من المرشدين، ونحن نعرف أن المرشد أو المعالج لا يستطيع تناول مشكلات أقاربه وأصدقائه، كما لا يستطيع الجراح إجراء جراحة لأقاربه وأصدقائه، ونحن نعرف كذلك أن الأقارب والأصدقاء يأخذون كلام أقاربهم وأصدقائهم بطريقة ودية وبألفة ويخلطون بينه وبين الكلام الأسري والعادي. ويحتاج الأمر إلى الكلام عن أسرار شخصية جدا تتعلق بالأقارب أو بالمرشد نفسه كقريب أو صديق. وقد تتعدى العلاقة الإرشادية الحدود المهنية بحكم القرابة أو الصداقة. وهكذا يكون الإرشاد والعلاج مع الأقارب والأصدقاء بصفة عامة صعبا وأحيانا غير مجد أو غير ممكن أو ممنوعا2.