أهمية دراسة طرق الإرشاد المتعددة:
يتحمس بعض المرشدين لطريقة دون أخرى ويعتبرونها طريقة الطرق، وأن ما سواها يعتبر لا شيء وفي الواقع، لا توجد طريقة عامة شاملة، أو جامعة مانعة، ومن ثم فعلى الدارس والممارس أن يعرف كل الطرق.
ومما تجدر الإشارة إليه هو أن العلماء يتابعون دراسة طرق الإرشاد النفسي المعروفة، ويبتكرون طرقا جديدة لا تزال تحت الدراسة، والبحث فعلى سبيل المثال درس هاريس Harris؛ "1971" أساليب ثلاثة مستقلة مشتقة من طريقة الإرشاد الجماعي أطلق عليها: تأثير الخبير، والتقليد الاجتماعي، وتأثير المعايير الاجتماعية، وقارنها بطريقة جديدة وهي الإرشاد بالمراسلة أي عن طريق الخطابات، وبدون اتصال شخصي بين المرشد والعميل، ولكنه وجد أن الأساليب الثلاثة المشتقة من طريقة الإرشاد الجماعي أجدى من الإرشاد بالمراسلة، ورغم هذه النتيجة فإن طريقة الإرشاد بالمراسلة جديرة بالمزيد من البحث والدراسة.
وفي تناولنا لطرق الإرشاد النفسي سوف نركز على عدد منها بصفة خاصة، لأسباب منها مثلا أن طريقة الإرشاد الجماعي تعتبر طريقة المستقبل، وأن طريقة الإرشاد الديني تهمنا في مجتمعنا الذي يضع الدين والسلوك الديني في وضع هام، وأن الأسلوب الديني هو الأسلوب المشترك الذي يعرفه كل الناس ... وهكذا.
الإرشاد الفردي INDIVIDUAL COUNSELLING:
اد بعض الكتاب يقصدون بالإرشاد الفردي المصطلح الإنجليزي Counselling، وأنه العملية الرئيسية في خدمات التوجيه Guidance Services، ويقابله الإرشاد الجماعي Group Counslling، وسوف نذكر أوجه الشبه والاختلاف بينهما بعد قليل:
والإرشاد الفردي هو إرشاد عميل واحد وجها لوجه في كل مرة، وتعتمد فعاليته أساسا على العلاقة الإرشادية المهنية بين المرشد والعميل، أي أنه علاقة مخططة بين الطرفين، تتم في إطار الواقع وفي ضوء الأعراض وفي حدود الشخصية ومظاهر النمو "لورانس بارمر وإيفيريت شوستروم Brammer & shostrom؛
والإرشاد الفردي هو أوج عملية الإرشاد، ويعتبر أهم مسئولية مباشرة في برنامج التوجيه والإرشاد، ويعتبر نقطة الارتكاز لأنشطة أخرى في كل من عملية الإرشاد وبرنامج الإرشاد.
ومن الوظائف الرئيسية للإرشاد الفردي، تبادل المعلومات وإثارة الدافعية لدى العميل وتفسير المشكلات ووضع خطط العمل المناسبة.
ويحتاج الإرشاد الفردي إلى توافر أعداد كافية من المرشدين النفسيين، بحيث يقابلون الحاجات الفردية للإرشاد.
الإرشاد الجماعي GROUP COUNSELLING:
إن العميل الذي يأتي إلى الإرشاد النفسي لا يأتي من فراغ أو عزلة، ولا يعود إلى فراغ أو عزلة، إنه يأتي من جماعات ويعود إلى جماعات، ومعظم خبرات العميل تحدث في مواقف اجتماعية، ومهما كانت أهمية الفروق الفردية، فإن دراسة علم النفس الاجتماعي وسيكولوجية الفرد والجماعة تعلمنا أن كل فرد يشترك سلوكيا مع غيره في كثير من خصائص السلوك وأنماطه، فهو فريد في بعض أنماط سلوكه ومثل غيره في بعض أنماط السلوك الأخرى.
والإرشاد الجماعي هو إرشاد عدد من العملاء الذين يحسن أن تتشابه مشكلاتهم واضطراباتهم معا في جماعات صغيرة، كما يحدث في جماعة إرشادية أو في فصل.
ويعتبر الإرشاد الجماعي عملية تربوية، إذ أنه يقوم أساس على موقف تربوي، ومن ثم لفت أنظار المرشدين والمربين، ويعتبر كذلك طريقة المستقبل، ومن ثم تأتي أهميته الخاصة "كابلان Caplan؛ 1957، وين رايت Right؛ 1959، كوهن وآخرون. Cohn et al؛ 1960، ليو جولدمان Goldman؛ 1959".
الأسس النفسية والاجتماعية للإرشاد الجماعي:
يقوم الإرشاد الجماعي على أسس نفسية واجتماعية أهمها ما يلي:
- الإنسان كائن اجتماعي، لديه حاجات نفسية واجتماعية لا بد من إشباعها في إطار اجتماعي مثل الحاجة إلى الأمن، والنجاح، والاعتراف، والتقدير، والمكانة، والشعور بالانتماء، والشعور بالمسئولية، والحب والمحبة، والمسايرة، وتجنب اللوم، والانقياد، والسلطة والضبط والتوجيه ... إلخ.
- تتحكم المعايير الاجتماعية التي تحدد الأدوار الاجتماعية في سلوك الفرد وتخضعه للضغوط الاجتماعية.
- تعتمد الحياة في العصر الحاضر على العمل في جماعات، وتتطلب ممارسة أساليب التفاعل الاجتماعي السوي واكتساب مهارات التعامل مع الجماعة.
- يعتبر تحقيق التوافق الاجتماعي هدفا هاما من أهداف الإرشاد النفسي.
- تعتبر العزلة الاجتماعية سببا من أسباب المشكلات والاضطرابات النفسية.
الجماعة الإرشادية:
تضم الجماعة الإرشادية عددا من العملاء. وهي تكون إما جماعة طبيعية قائمة فعلا مثل جماعة طلاب في فصل، أو جماعة مصطنعة يكونها المرشد بهدف الإرشاد، وتتم عملية الإرشاد مع الجماعة كوحدة، ومن ثم فلا بد أن يعرف جميع أفراد الجماعة أهدافها وأسلوب العمل الجماعي ومسئولياتهم.
ويجب أن يعتني المرشد عناية خاصة بتكوين الجماعة الإرشادية، وتنمية العلاقات والتفاعل الاجتماعي بين أعضائها، وإنهاء التفاعل الاجتماعي عند انتهاء عملية الإرشاد الجماعي.
القوى الإرشادية في الجماعة:
للجماعة قوى إرشادية هائلة يجب استغلالها، وتعريف أعضاء الجماعة الإرشادية بهذه القوى حتى يمكن الاستفادة منها. وتعبر القوى الإرشادية في الجماعة عن فائدة الجماعة الإرشادية "ميرل أولسين Ohlsen؛ 1970". وفيما يلي أهم القوى الإرشادية في الجماعة.
بين الإرشاد الفردي والجماعي:
يعتبر الإرشاد الفردي والإرشاد الجماعي وجهين لعملة واحدة، كل يكمل الآخر، ولا غنى عن أي منهما في أي برنامج متكامل للتوجيه والإرشاد النفسي. فقد يبدأ الإشارد الفردي قبل الإرشاد الجماعي ويمهد له، وقد يبدأ الإرشاد الجماعي كذلك قبل الإرشاد الفردي ويمهد له، وقد يتخلل جلسات الإرشاد الفردي جلسات جماعية، وقد يتخلل الإرشاد الجماعي جلسات فردية "مارجريت بينيت Bennett؛ 1963".
وقد نشطت الدراسات والبحوث حول مقارنة فعالية الإرشاد الفردي والإرشاد الجماعي ومن أمثلتها دراسة سميث Smith؛ "1972" الذي وجد فيها أن تأثير الإرشاد الجماعي أقوى في مجال الإرشاد المهني ومشكلات النمو والتوافق المهني، بينما من المعروف أن تأثير الإرشاد الفردي أقوى في مجال الإرشاد العلاجي للمشكلات الشخصية.
أوجه الشبه بين الإرشاد الفردي والإرشاد الجماعي:
تتمثل أوجه الشبه بين الإرشاد الفردي والإرشاد الجماعي في أوجه الاتفاق بين كل منهما والتي تتلخص فيما يلي:
- وحدة الأهداف العامة، فكل منهما يهدف إلى مساعدة وتوجيه العميل ليفهم ويساعد ويوجه ذاته.
- وحدة الإجراءات الأساسية في عملية الإرشاد كما سبق تناولها في الفصل السادس.
- كلاهما يتعامل مع الأشخاص العاديين وأقرب المرضى إلى الصحة وأقرب المنحرفين إلى السواء.
- كلاهما عرضة لحدوث طوارئ عملية الإرشاد
الإرشاد الموجه DIRECTIVE COUNSELLING:
الإرشاد الموجه هو الإرشاد الممركز حول المرشد Counsellor- centred الممركز حول الحقيقة Fact- centred وفيه يقوم المرشد بدور إيجابي نشط في كشف الصراعات وتفسير المعلومات، وتوجيه العميل نحو السلوك الموجب المخطط، مما يؤدي إلى التأثير المباشر في تغيير الشخصية والسلوك، وفيه يتحمل المرشد مسئولية أكبر من تلك التي يتحملها العميل، وهو بهذا يعتبر نوعا من الإرشاد المفروض.
ويقوم الإرشاد الموجه على أساس افتراض رئيسي: وهو نقص معلومات العميل وعجزه عن حل مشكلاته من ناحية، وزيادة معلومات المرشد وخبرته في حل المشكلات من ناحية أخرى.
ويهدف الإرشاد الموجه مباشرة إلى حل مشكلات العميل التي جاء بها، ويعتقد فيه أنه يحل المشكلات يكتسب العميل بالتدريج القدرة على التوافق، ويعتقد أن الإشباع والرضا اللذين يتحققان للعميل نتيجة حل مشكلاته الحالية يزيدان من ثقته بنفسه وبالمرشد وبعملية الإرشاد.
ويستخدم الإرشاد الموجه عادة مع العملاء المتعجلين الذين تنقصهم المعلومات ويحتاجونها ويطلبونها، ويستخدم كذلك مع العملاء ذوي المشكلات الواضحة المحددة. وهو بصفة عامة أكثر استخداما في مجال الإرشاد العلاجي.
وقد سبق أن ذكرنا أن نظرية السمات والعوامل هي الأساس النظري الذي تقوم عليه طريقة الإرشاد الموجه "راجع نظرية السمات والعوامل في الفصل الثالث".
ورائد طريقة الإرشاد الموجه هو ويليامسون Williamson.
أسلوب الإرشاد الموجه:
أسلوب الإرشاد الموجه علاجي "كلينيكي" يكاد يسير في عملية الإرشاد بإسلوب الطبيب "نوردبيرج Nordberg؛ 1970".
ويرى البعض أن أسلوب الإرشاد الموجه يرتبط أكثر بميدان التربية والتعليم لأنه يتضمن قدرا كبيرا من التوجيه وتقديم المعلومات، وحيث يتبع المرشد أسلوبا لتعليم العميل كيف يحل مشكلاته، أي أن الإجراء الخاص بالتعليم وإعادة التعلم والخبرة والنمو في عملية الإرشاد إجراء أساسي في الإرشاد الموجه.
ويرى آخرون أن الإرشاد الموجه يعتبر ببساطة أسلوبا لحل المشكلات.
ويلاحظ أنه في الإرشاد الموجه، تستخدم الاختبارات والمقاييس بكثرة في عملية التشخيص وتحديد المشكلة، حيث يركز على الحقائق الموضوعية أكثر من المعنى الانفعالي والمرتبط بها عند العميل "كرونباخ Cronbach؛ 1970".
لإرشاد غير الموجه NONDIRECTIVE COUNSELLIGN:
الإرشاد غير الموجه يسمى أيضا الإرشاد غير المباشر أو "الإرشاد الممركز حول العميل"1 Client- centred Counselling أو الإرشاد الممركز حول الذات -Self centred counslling وهو توأم العلاج الممركز حول
العميل Client- centred Therapy أي الذي يضع العميل أو الشخص في مركز دائرة الاهتمام وهو أقرب طرق الإرشاد النفسي إلى العلاج النفسي.
وشيخ هذه الطريقة هو كارل روجرز Rogers؛ "1942"صاحب نظرية الذات -Self- theory "راجع الفصل الثالث" التي توصل إليها من خلال خبرته في الإرشاد والعلاج غير المباشر أو الممركز حول العميل كما بلورها روجرز، وهو روح الطريقة الممتازة وتطوراتها أكثر منها اتباع أسلوب روجرز حرفيا "انظر حامد زهران، 1997".
ولقد لخص روجرز أسلوب طريقة الإرشاد والعلاج الممركز حول العميل في "إقامة علاقة إرشادية وتهيئة مناخ نفسي يمكن العميل من أن يحقق هو أفضل نمو نفسي" أي أن الهدف ليس مجرد حل مشكلة معينة.
وحدد روجرز هدف الإرشاد الممركز حول العميل بأنه مساعدة العميل على النمو النفسي السوي، وإحداث التطابق بين مفهوم الذات الواقعي وبين مفهوم الذات المدرك ومفهوم الذات المثالي مفهوم الذات الاجتماعي "أي التغير من مفهوم الذات السالب إلى مفهوم الذات الموجب" أي أنه يركز حول تغيير مفهوم الذات بما يتطابق مع الواقع، وإذا تطابق السلوك مع هذا المفهوم الأقرب إلى الواقع كانت النتيجة هي التوافق النفسي.
ويستخدم الإرشاد غير الموجه بنجاح مع أنواع معينة من العملاء، وخاصة أولئك الذين يكون ذكاؤهم متوسطا أو أكثر ويكون لديهم طلاقة لفظية، ويفيد جيدا في مجال الإرشاد العلاجي والإرشاد الزواجي، ويستخدم في حل المشكلات الشخصية للشباب، ويفيد بصفة خاصة في حالات مفهوم الذات السالب لدى العميل ورغبته في التغيير.
بين الإرشاد الموجه وغير الموجه:
لا شك أن لكل من الإرشاد الموجه وغير الموجه مكانه واستخداماته حسب نوع العميل ونوع مشكلته، فمثلا لا يصلح الإرشاد الموجه حينما يتضح أن المشكلة هي نقص معلومات كما في حالة الإرشاد المهني، بينما يصلح الإرشاد غير الموجه في المشكلات التي تتضمن الصراعات النفسية كما في الإرشاد العلاجي، وهناك من يتحمس للإرشاد الموجه، وينتقد بشدة الإرشاد غير الموجه، والعكس موجود، ويرى بعض المعتدلين أن كلا من الإرشاد الموجه والإرشاد غير الموجه، هما في الواقع طرف متصل إرشادي واحد. ويلاحظ فيليب فيرنون Vernon؛ "1964" أن طريقة الإرشاد غير الموجه يفضلها المرشدون في أمريكا، بينما يفضل المرشدون البريطانيون طريقة الإرشاد الموجه.
وقد أجريت الدراسات والبحوث حول الطريقتين: ومن أمثلتها دراسة راشيل أجزين Ajzen؛ "1971" حول ردود فعل العملاء لكل من طريقة الإرشاد الموجه وطريقة الإرشاد غير الموجه، حيث أجريت العملية الإرشادية مع عينة من طلبة وطالبات الجامعة بالطريقتين. وأوضحت الدراسة أن الإرشاد غير الموجه، أكثر فعالية وخاصة في مواقف الإرشاد الأسري والمسائل الجنسية، أما فيما يتعلق بوضع حلول نفسية لمشكلة العميل، فقد وجدت الباحثة أنه يكون أفضل في حالة الإرشاد الموجه، أما الحلول غير النفسية فتكون أفضل في حالة الأسلوب غير الموجه، ووجدت أيضا أن الإناث يفضلن الإرشاد غير الموجه على الإرشاد الموجه بشكل ملحوظ، وأن التفضيل العام في العينة عموما هو أيضا للإرشاد غير الموجه.
ولقد قامت محاولات للتوفيق بين طريقتي الإرشاد الموجه وغير الموجه، واتخاذ موقف وسط. ومن بين الذين اضطلعوا بهذا نورديبرج Nordberg؛ "1970" الذي حول -على حد تعبيره- الجمع بين موضوعية ويليامسون وتمركز روجرز حول العميل. وقد أطلق نوردبيرج على أسلوبه اسم "الأسلوب غير المجبر" Non- coersive Approach وهو يتفق مع روجرز في أن المرشد يجب ألا يقدم نصائح ويجب ألا يعبر عن آراء، ويتفق مع ويليامسون في أن جمع المعلومات بطريقة موضوعية يجعل هناك إطارا، محددا ومعياريا للحكم على السلوك والرجوع إليه، يمثل الواقع الموضوعي، ويختلف أيضا مع روجرز في أن المرشد يجب أن يحدد التشخيص.
أوجه الاتفاق والاختلاف بين الإرشاد الموجه وغير الموجه:
يركز الكتاب على أوجه الاختلاف بين الإرشاد الموجه والإرشاد غير الموجه، أكثر مما ركزوا على أوجه الاتفاق ويبين جدول "6" أوجه الاختلاف بين الطريقتين:
الإرشاد بالقراءة BIBLIOCOUNSELLING:
تعريفه وأهدافه:
استخدم مصطلح الإرشاد بالقراءة أو "القراءة الإرشادية" في بحوث ودراسات
بكرة، منها على سبيل المثال لا الحصر، نورمان كينج King؛ "1973" سيتفين ريتشاردز وآخرون، Rivhacds؛ "1976".
والإرشاد بالقراءة هو استخدام مواد مكتوبة، مثل الكتب والكتيبات أو النشرات أو الموديولات1، وغيرها من المواد التي تقرأ، يقرؤها العميل، ويتفاعل معها، ويستفيد منها في العملية الإرشادية.
ويتضمن الإرشاد بالقراءة التفاعل الدينامي بين شخصية القارئ والمادة المقروءة، والذي يوظف لإحداث التوافق والنمو السوي، وتحقيق الصحة النفسية "شارلز تومبسون، ليندا رودولف Thomposon & Rudolph؛ 1983، سلمى الأنصاري، 1986".
وأفضل مصادر القراءة: السير الشخصية، والقصص التي تتناول الخبرات البشرية المتنوعة، مثل الحياة الزوجية والأسرية، ومظاهر النمو، والتوافق، وأفضل كل ما يقرأ الكتب السماوية، حيث يؤخذ منها أفضل معايير السلوك. "إجلال سري، 1990".
ومن أهداف الإرشاد بالقراءة، ما يلي:
- الإسهام في تشكيل البناء المعرفي للعميل، واكتساب العميل معارف حول مشكلته.
- تعلم العميل التفكير الإيجابي البناء.
- مساعدة العميل على تحليل اتجاهاته وسلوكياته.
- إتاحة الفرصة أمام العميل لوضع حلول بديلة.
- تشجيع العميل على التوافق مع المشكلة.
- مساعدة العميل على مقارنة مشكلته بمشكلات الآخرين.
إجراءات الإرشاد بالقراءة:
تتلخص إجراءات الإرشاد بالقراءة فيما يلي:
تحديد المادة التي يقرؤها العميل: في ضوء أهداف عملية الإرشاد، ومع مراعاة عمره وجنسه ومستوى فهمه وتعليمه وخبراته.
وتقديم القراءة على أنها مقترحات: وليست إلزاما، مع زيادة دافعية العمل وتشجيعه على القراءة باعتدال، وتأكيد فائدتها الإرشادية.
مناقشة المادة المقروءة،: مع العميل، حيث تتناول المناقشة التساؤلات، والمشكلات، والمشاعر، والأفكار، والأسباب، والنتائج، وتطبيق المادة المقروءة في حياة العميل.
- الإرشاد التفاعلي بالقراءة: INteractive Bibliocounselling وتكون القراءة موجهة، حيث تقدم مادة القراءة إلى العميل، ويتفاعل معه المرشد كميسر Facilitator.
- الإرشاد بالقراءة بمساعدة الذات: Self-help Bibliocounselling حيث يقوم العميل بالقراءة بنفسه، ولا تقدم له أي مساعدة في ذلك. ويفيد هنا بصفة خاصة، الموديولات الإرشادية، "لوار كوهين Cohen؛ 1994".
استخدامات الإرشاد بالقراءة:
غالبا ما يستخدم الإرشاد بالقراءة كمساعد أو كملحق "نورمان كينج King؛ 1991".
ومن أمثلة الاستخدامات الناجحة للإرشاد بالقراءة ما يلي:
- حالات قلق الامتحان "أنجيلا ريجيستر وآخرون، Rigister et al؛ 1991".
- حالات ذوي الاحتياجات الخاصة مثل: العميان، والموهوبين الفائقين "ألفين روبرتس Roberts؛ 1984، إليوت أديرهولت وسوزان Adderholdt & Eller؛ 1989".
- حالات الأطفال حتى في المرحلة الابتدائية "فريدريك شرانك Schrank؛ 1982، جون بارديك ومارثا ماركوارد Rardeck & Markward؛ 1995".
- حالات مشكلات المراهقين "سلمى الأنصاري، 1986".
- حالات كبار السن، وخاصة في مجال إرشاد الصحة النفسية "أرلين هاينز، لويس ويدل Hynes & Wedl؛ 1990".
- حالات المسجونين "كريس دانيل Daniel؛ 1992".
- حالات الأمراض المزمنة والخطيرة.
الإرشاد اللعب PLAY COUNSELLING:
الإرشاد باللعب طريقة شائعة الاستخدام في مجال الإرشاد الأطفال، على أساس أنه يستند على أسس نفسية، وله أساليب تتفق مع مرحلة النمو التي يمر بها الطفل وتناسبها، وأنه يفيد في تعليم الطفل، وفي تشخيص مشكلاته، وفي علاج اضطرابه السلوكي.
ويفترض في الإرشاد باللعب أن الطفل يقوم وهو يلعب بعملية "لعب أدوار" يعبر فيها عن مشاعره، ومشكلاته، لأنه ليس كالكبار الذين يمكنهم عمل ذلك بالكلام والتعبير.
أسس الإرشاد باللعب:
يقوم الإرشاد باللعب على أسس نفسية لها أصولها في ميادين علم النفس العام وعلم النفس النمو وعلم النفس العلاجي.
فاللعب بصفة عامة هو أي سلوك يقوم به الفرد دون غاية عملية مسبقة. وتحاول نظريات اللعب تفسير لماذ لا بد أن يلعب الأشخاص في كل الأعمار، فنجد منها نظرية الطاقة الزائدة التي تعتبر اللعب تنفيسا ضروريا للطاقة الزائدة عند الفرد. وهناك نظرية الغريزية التي تقول: إن اللعب يستند إلى أساس غريزي، فهو نشاط ضروري لتدريب وتهذيب الغرائز والدوافع مثل المقاتلة والعدوان، وهناك نظرية التلخيص ما كان يعمله أجداده، بل يلخص تاريخ الجنس البشري كله، وهناك نظرية تجديد النشاط بالتسلية والرياضة كشيء ضروري بعد التعب والإجهاد في العمل.
ونحن نعلم في علم نفس النمو أن اللعب يكاد يكون "مهنة الطفل" ويعتبر أحد الأساليب الهامة التي يعبر بها الطفل عن نفسه، ويفهم عن طريقها العالم من حوله، وهو أيضا نشاط ضروري في كل الأعمار، ولكنه يختلف في مراحل النمو المتتالية، ففي الطفولة المبكرة يكون بسيطا وعضليا وفرديا، ثم يتجه إلى المشاركة الجماعية مع أصدقاء اللعب ويشاهد اللعب الإيهامي، ويتمايز لعب الذكور عن لعب الإناث، فالبنت تدلل عروستها كما تدلل الأم طفلها، والذكر يلعب بالطائرة والصاروخ كما يتعامل معها الرجال. وفي الطفولة المتأخرة تظهر بعض الألعاب الجماعية، ثم تظهر الهوايات وتبرز الميول والاهتمامات. وفي المراهقة المبكرة تبدأ المباريات واللعب الجماعي والترفيه وتتضح روح الجماعة، وفي المراهقة الوسطى والمتأخرة يظهر التمسك بقواعد اللعب.
وفي علم النفس العلاجي: نجد أساسا متينا يقوم عليه الإرشاد باللعب، فاللعب حاجة نفسية اجتماعية لا بد أن تشبع. واللعب مخرج وعلاج لمواقف الإحباط في الحياة اليومية، فالطفل الذي لا يختاره أقرانه في موقف قيادي، قد يجد مخرجا في وضع لعبة في صف ويقودها ويتولى الموقف القيادي الذي افتقده، واللعب نشاط دفاعي تعويضي، فالطفل الذي يفتقد العطف والاهتمام داخل المنزل يعوض ذلك عن طريق اللعب مع رفاق يحبونه ويهتمون به خارج المنزل، واللعب الإيهامي المفرد يدل على فشل في التوافق مع الحياة الواقعية، واللعب يعتبر تمثيلا صادقا يعرض متاعب الأطفال.
حجرة اللعب:
تخصص في عيادة أو مركز الإرشاد حجرة أو حجرات للإرشاد باللعب، تضم لعبا متنوعة الشكل والحجم والموضوع، وتمثل الأشخاص والأشياء الهامة في حياة الطفل والتي توجد في مجالهم السلوكي وتعتبر بمثابة مدروسة لسلوك الطفل، ولقد تخصصت الكثير من
لشركات العالمية -كما في اليابان مثلا- في صناعة لعب الأطفال المدروسة عمليا بحيث تناسب النشاط الجسمي والعقلي والاجتماعي والانفعالي للأطفال في كافة الأعمار.
ويلاحظ أن اللعب والأدوات التي توجد في حجرة اللعب يجب أن تكون غير قابلة للكسر ولا تكون غالية الثمن.
ومن أمثلة اللعب التي تضمها حجرة اللعب: الدمى والتماثيل التي تمثل أعضاء الأسرة ورجال الشرطة والسلطة، واللعب التي تمثل الحيوانات والطيور، وقطع تمثل مواد البناء وقطع الأثاث المنزلي والأدوات المنزلية، وقطع قماش تمثل الملابس والمفروشات، ولعب تمثل وسائل المواصلات المتنوعة، ولعب تمثل الأسلحة المختلفة، علاوة على أحواض الرمل والماء والدلاء والجواريف، وطين الصلصال، والأقلام والألوان وورق الرسم، وبعض الأقنعة، والأدوات الأخرى التي يألفها الطفل مثل الأرجوحة والأراجوز، وبعض الأدوات الموسيقية، وتزود حجرة اللعب بالكراسي والمناضد المناسبة للأطفال.
استخدام اللعب في التشخيص:
يمكن دراسة سلوك الطفل عن طريق ملاحظته: أثناء اللعب بهدف تشخيص مشكلاته، ومن المهم أيضا ملاحظة سلوك الطفل أثناء اللعب خارج حجرة اللعب وخارج جلسات الإرشاد حين يعود الطفل إلى بيته وأسرته.
ويلاحظ أن الطفل المضطرب نفسيا يسلك في لعبه سلوكا يختلف عن الطفل العادي الصحيح نفسيا. فالطفل عادة يعبر رمزيا أثناء لعبه عن خبراته في عالم الواقع. ويعبر الطفل المضطرب نفسيا عن مشكلاته وصراعاته وحاجاته غير المشبعة وافعالاته المشحونة أثناء لعبه، وهو يسقط كل ذلك على الدمى واللعب، وهذا يسهل تشخيصها
وقد تستخدم بعض اختبارات اللعب الإسقاطية كوسيلة هامة في التشيخص، ومن أمثلتها اختبار العالم1، وضع مارجريت لوفن فيلد، وتقنين شارولت بوهلر Buhler، ويتكون من لعب صغيرة كالدمى والحيوانات والبيوت والأشجار والأسوار والعربات ... إلخ، ويمكن أن يكون بها قرية أو مدينة أو مزرعة أو حديقة حيوان أو غابة أو مطار ... إلخ، واختبار المشهد أو المنظر وضع جيرد هيلد فون شتابس Staabs، ويتكون من مجموعة من اللعب والدمى يمكن ثنيها، وتمثل شخصيات لها اتصال بحياة الطفل، وكذلك على عدد من الحيوانات الأليفة والمفترسة والأدوات ... إلخ، مما يساعد الطفل على التعبير عن انفعالاته ورغباته الشعورية واللاشعورية "سيد غنيم وهدى برادة، 1964".
استخدام اللعب في الإرشاد:
يلجأ المرشد إلى اللعب كطريقة هامة لضبط وتوجيه وتصحيح سلوك الطفل.
ويستخدم اللعب لدعم النمو الجسمي والعقلي والاجتماعي والانفعالي المتكامل والمتوازن للطفل، فهو يقويه جسيما ويراوده بمعلومات عامة ومعايير اجتماعية ويضبط انفعالاته.
ويستخدم اللعب في إشباع حاجات الطفل مثل حاجاته إلى اللعب نفسه حين يلعب، وحاجاته إلى التملك حين يشعر أن هناك أشياء يتملكها، وحاجته إلى السيطرة حين يشعر أن هناك أجزاء من بيئته يسيطر عليها، وحاجاته إلى الاستقلال حين يلعب في حرية ويعبر عن نفسه بالطريقة التي يفضلها من دون توجيه من الآخرين.
ويتيح اللعب فرصة التعبير والتنفيس الانفعالي عن التوترات التي تنشأ عن الصراع والإحباط، ويظهر ذلك عندما يعبر الطفل عن مشكلاته وهو يتعامل مع اللعب "حركة وكلاما" وحين يكرر مواقف تمس مشكلاته الانفعالية ويعبر عن انفعالاته ويفرغها.
وقد يجد الطفل أثناء لعبه حلا لصراعاته وحتى مشكلاته، فمثلا في بعض الأحيان قد يهمل الطفل دمية تمثل شخصا معينا أو يرفضها أو يحطمها ... إلخ، وهذا كله له أهمية بالغة في فهم انفعالاته وتنفيسها "موزر وموزر Moser & Moser؛ 1963".
ويستخدم اللعب أيضا لتحقيق أغراض وقائية وذلك مثلا عن طريق تقديم الطفل لخبرة ميلاد طفل جديد، حتى يتقي شر ردود الفعل المعروفة حين يفاجأ بهذا الميلاد.
ويحتاج الإرشاد باللعب إلى مرشد ذي شخصية وقدرات تناسب التعامل مع الأطفال، يحتاج إلى فهم وصبر وحساسية ومرح وشعور بالوالدية. وقد يشرك المرشد الوالدين أو غيرهما من أفراد الأسرة أو أعضاء هيئة التدريس في المدرسة أو رفاق الطفل في جلسات الإرشاد باللعب.
ويلاحظ أن المرشد قد يصبح موضوعا لطارئ التحويل الموجب أو السالب، وهنا يتصرف مستغلا التحويل بما يساعد الطفل، ثم يحلل التحويل ويضع الأمور في نصابها.
أساليب الإرشاد باللعب:
يكون المرشد العلاقة الإرشادية المناسبة مع الطفل، ويهيئ مناخا نفسيا ملائما يسوده التقبل، ويصحب الطفل إلى حجرة اللعب، ويتبع المرشد أحد الأساليب الآتية في الإرشاد باللعب:
اللعب الحر: وهو غير محدد Unstructured تترك فيه الحرية للطفل لاختيار اللعب، وإعداد مسرح اللعب وتركه يلعب بما يشاء وبالطريقة التي يراها دون تهديد أو لوم أو استنكار أو رقابة أو عقاب. وقد يشارك الرشد في اللعب وقد لا يشارك، وذلك حسب رغبة الطفل وقد يتخذ المرشد موقفا متدرجا فيكتفي أول الأمر بملاحظة الطفل وهو يلعب وحده ثم يشترك معه تدريجيا ليقدم مساعدات أو تفسيرات لدوافع الطفل ومشاعره بما يتناسب مع عمره وحالته.
اللعب المحدد Structured: وهو لعب موجه مخطط، وفيه يحدد المرشد مسرح اللعب ويختار اللعب والأدوات بما يتناسب مع عمر الطفل وخبرته، وبحيث تكون مألوفة له حتى
ستثير نشاطا واقعيا أو أقرب إلى الواقع، ويصمم اللعب بما يناسب مشكلة الطفل. فمثلا في حالة مشكلة أسرية لطفل ريفي تتكون أسرته من والديه وإخوته الستة من الجنسين وآخرهم طفل وليد بالإضافة إلى جديه، تعد الدمى التي تمثل هؤلاء جنسا وعددا، وتعد كذلك الأدوات التي تمثل المنزل الريفي والبيئة الريفية من حيوانات وأشجار ... إلخ، ثم يترك الطفل يلعب في مناخ يسوده العطف والتقبل. وغالبا يشترك المرشد في اللعب، وهو حين يفعل ذلك يعكس مشاعر الطفل ويوضحها له حتى يدرك نفسه ويعرف إمكاناته ويحقق ذاته ويفكر لنفسه ويتخذ قراراته بنفسه.
اللعب بطريقة الإرشاد السلوكي: هناك بعض الحالات التي يستخدم فيها اللعب بطريقة الإرشاد السلوكي، فمثلا في حالات الخواف من حيونات معينة يمكن تحصين الطفل تدريجيا بتعويده على اللعب بدمى هذه الحيوانات في مواقف آمنة سارة متدرجة ومتكررة حتى تتكون ألفة تذهب بالحساسية والخواف مبدئيا، ويمكن أن يلي ذلك زيارات لحديقة الحيوان لمشاهدة هذه الحيوانات في استرخاء دون خوف.
فوائد الإرشاد باللعب:
لا شك أن الإرشاد باللعب طريقة مفيدة متعددة المزايا، وفيما يلي أهم فوائد الإرشاد باللعب:
- هو أنسب الطرق لإرشاد الطفل.
- يستفاد منه تعليميا وتشخيصيا وعلاجيا في نفس الوقت.
- يتيح خبرات نمو بالنسبة للطفل في مواقف مناسبة لمرحلة نموه.
- يساعد الطفل على الاستبصار بطريقة تناسب عمره.
- يتيح فرصة التعبير الاجتماعي في شكل "بروفة" مصغرة لما في العالم الواقعي الخارجي.
- يعتبر مجالا سمحا يتيح فرصة التنفيس الانفعالي ويخفف عن الطفل التوتر الانفعالي.
- يمثل فرصة لإشراك الوالدين والتعامل معهما في عملية الإرشاد.
ملاحظات في طرق الإرشاد النفسي:
بقيت بعض الملاحظات في طرق الإرشاد. وتتعلق هذه الملاحظات بالإجراءات والخطوات والعناصر المشتركة في طرق الإرشاد، والاختلافات، بينها، ومحددات اختيار طريقة الإرشاد.
العناصر المشتركة في طرق الإرشاد:
تتفق معظم طرق الإرشاد في عدد من الإجراءات والخطوات والعناصر المشتركة، وفي اتفاقها فائدة.
وجميع طرق الإرشاد تسعى إلى تحقيق الأهداف العامة للإرشاد كل بأسلوبها.
ولقد رأينا في الفصل السادس أن عملية الإرشاد النفسي لها إجراءات وخطوات حين تحدثنا عنها لم نربطها بطريقة معينة ولا بنظرية محددة، ذلك لأننا نعتبرها في الواقع إجراءات عملية مشتركة تتفق عليها معظم طرق الإرشاد.
وتجمع جميع طرق الإرشاد على أهمية الإعداد للعملية وتقديمها للعميل، وعلى أهمية المناخ الإرشادي المناسب الذي يجب أن يسود الجلسات والعلاقة الإرشادية، وعلى أهمية التنفيس الانفعالي، والاستبصار، والتعلم وتعديل السلوك، والنمو وتغيير الشخصية، والإنهاء والمتابعة.
الاختلافات بين طرق الإرشاد:
هناك اختلافات بين طرق الإرشاد المتعددة كما هو الحال بين طريقتي الإرشاد الفردي والإرشاد الجماعي، وبين طريقتي الإرشاد الموجه والإرشاد غير الموجه، وهنا أيضا نقول إن في اختلافها فائدة.
ولا توجد طريقة إرشاد واحدة تعتبر طريقة الطرق التي تصلح مع كل المرشدين , وكل العملاء وكل المشكلات وفي كل الظروف، ولكن الطرق تتعدد وتختلف لتناسب المرشدين المختلفين والعملاء والمتابينين والمشكلات المتعددة وحتى البيئات والمجتمعات والظروف المختلفة.
والهدف واحد بالنسبة لطرق الإرشاد المتعددة والمختلفة، وهو تحقيق أهداف عملية الإرشاد. ففي مجال الطاقة مثلا، الهدف هو إنتاجها، وتتعدد الطرق وتختلف، فمنها استخدام الماء والبترول والذرة والهواء والشمس، وهناك فروق بينها تؤدي إلى تفضيل بعضها على بعض مثل التوافر والتكلفة، وكل دولة تحصل على الطاقة من المصادر المتاحة والأرخص حسب ظروفها، ومصادرها، وهكذا الحال بالنسبة للإرشاد النفسي.
وقد داب بعض الباحثين على دراسة الاختلافات بين طرق الإرشاد من حيث درجة فعاليتها، ومن هؤلاء هورن Horne؛ "1972"، فقد درس الفروق بين ثلاث طرق إرشادية، ولها طريقة قديمة تقوم على إرشاد البصيرة أو الإرشاد النفسي الدينامي، والثانية والثالثة من أسالب طريقة الإرشاد السلوكي، "التحصين التدريجي، والكف المتبادل" ودرس أثر هذه الطرق في خفض قلق الامتحان، ووجد هورن أنه على الرغم من اختلاف هذه الطرق إلا أن كلا منها يؤثر تأثيرا ملحوظا في خفض قلق الامتحان رغم الفروق والاختلافات بينها.
أما عن أسباب الاختلافات بين طرق الإرشاد، فأهمها ما يلي:
- تعدد مفاهيم الإرشاد: وهذا واضح من تعدد المدارس التي تؤكد نواحي معينة دون الأخرى، وجود مدارس تؤكد على الإرشاد النفسي كعلم أكثر منه فن، وأخرى تؤكد عليه كفن أكثر منه علم، وثالثة تأخذ موقفا وسطا فتعتبره فن تطبيق علم.
- تعدد نظريات الإرشاد: واختلاف وجهات نظر العلماء أصحاب هذه النظرية من حيث بحوثهم ودراساتهم وحتى ثقافاتهم وجنسياتهم ودياناتهم، وكل نظرية يتحمس لها البعض ويفضلون طريقة الإرشاد المرتبطة بها.
- تعدد مجالات الإرشاد: وهي -كما سنرى في الفصل القادم- تتعدد، فمنها الإرشاد العلاجي والإرشاد التربوي والإرشاد المهني ... إلخ. وكل من المجالات المتعددة يتناول مشكلات خاصة تناسبها بعض الطرق بدرجة أفضل من طرق أخرى.
- النمو السريع لعلم النفس: والإرشاد النفسي أحد ميادينه، مما يجعل بعض طرق الإرشاد القديمة تتخذ مكانها مصونة في متحف علم النفس، ويجعل لها قيمة تاريخية فقط.
حددات اختيار طريقة الإرشاد:
السؤال الآن هو: كيف تحدد الطريقة المناسبة في حالة من الحالات؟ هناك محددات تتعلق بالمرشد، ومحددات تتعلق بالعميل، ومحددات تتعلق بالمشكلة، ومحددات تتعلق بالظروف العامة لعملية الإرشاد.
المرشد: أهم المحددات هي تعدد شخصيات واتجاهات المرشدين وخلفياتهم العلمية وتدريبهم، فمثلا تدخل شخصية المرشد وخبراته في العلاقة الإرشادية كعامل يؤدي إلى ضرورة وجود بعض الاختلافات في طرق الإرشاد بما يناسب هذه الاختلافات لدى المرشدين. ومعروف أنه قد تؤدي طريقة معينة إلى آثار ونتائج ناجحة في يد مرشد، وبينما قد تفضل ولا تثمر في يد مرشد آخر، ونحن نجد بعض المرشدين يفضلون طريقة دون أخرى، وقد يتعصب لها، وقد يصل الحال إلى الاستخفاف بالطرق الأخرى، وبعض المرشدين قد يتبع مدرسة أو نظرية عملية محددة ويتبع الطريقة التي ترتبط بها كما هو الحال بالنسبة لنظرية الذات وطريقة الإرشاد غير المباشر. وبعض المرشدين قد ينقصهم بعض المهارات التي تلزم في طريقة من الطرق كما في الإرشاد السلوكي، فيحجم عن استخدامها، كذلك فإن الوقت المتاح للمرشد يحدد الطريقة، فمن الطرق ما يحتاج إلى وقت طويل، وقد يكون وقت المرشد محددا، ونحن نعلم أن مدى توافر المرشدين أيضا يحدد الطريقة كما حدث في الإرشاد الجماعي الذي نما نتيجة لنقص عدد المرشدين. وتلعب الخبرة والممارسة أيضا دورا في تحديد طريقة الإرشاد، فأحيانا نجد المرشد يميل إلى طريقة مارسها وخبرها دون غيرها من الطرق.
العميل: هناك من العملاء من يكون منطويا أو منبسطا، ونحن نعرف أن التعامل مع الشخصية المنطوية يختلف عن التعامل مع الشخصية المنبسطة، وتخلتف طرق الإرشاد التي تناسب كلا منهما، وهناك نقطة أخرى خاصة بمدى سهولة التعامل مع العميل، هل هو عميل صعب أم عميل سهل؟ ومن أمثلة العميل الصعب ذلك الذي يلجأ إلى المقاومة والكذب والذي يلقي العبء على المرشد في عملية الإرشاد. ومثل هذا النوع لا يصلح معه الإرشاد غير المباشر مثلا. وتوجد اختلافات في اتجاهات وتوقعات وشخصية العملاء. فبناء شخصيات العملاء يختلف بين التكامل والانهيار، والذكاء ويتراوح بين الضعف والتفوق، والخبرات تتنوع في الحياة اليومية حسب مرحلة النمو وحسب المستوى الاجتماعي والاقتصادي ... إلخ. ونجد من العملاء المتعجلين من يأتي أول جلسة ويتعجل الأمور وكأنه يتوقع أن يتعامل معه المرشد كما يعامله الطبيب، فيكتب له "روشتة" دواء لكي تتغير شخصيته وتحل مشكلاته
المشكلة: المشكلة بدورها تحدد أيضا اختيار طريقة الإرشاد. فالمشكلات أنواع منها مشكلات خاصة وشخصية جدا لا يصلح لها الإرشاد الجماعي مثلا، وهناك بعض المشكلات الاجتماعية يصلح لها الإرشاد الجماعي أكثر من الفردي، وهناك بعض المشكلات الدينية يصلح لها الإرشاد النفسي الديني، وهناك مشكلات تربوية يصلح لها الإرشاد خلال العملية التربوية. ومشكلات وقت الفراغ يصلح لها إرشاد وقت الفراغ. وحتى المشكلات السطحية الوقتية العابرة يصلح لها الإرشاد العرضي، ومن المشكلات ما يكون بسيطا أو حديث وسهل الحل ولا يحتاج إلى أكثر من الإرشاد المختصر، ومنها ما يكون معقدا وقديما قد يتكون من عدة مشكلات فرعية ضاربة بجذورها في ماضي العميل وتتمكن منه، وهذه تحتاج إلى إرشاد مطول.
الظروف العامة لعملية الإرشاد: وهذه تحدد كذلك اختيار طريقة الإرشاد. فهناك مدارس وكليات ومؤسسات يوجد بها مكاتب أو مراكز أو عيادات إرشاد ذات إمكانات تساعد على اختيار طرق الإرشاد التي تستغرق وقتا ويتعاون فيها فريق إرشاد وتستخدم أجهزة ... إلخ، وفي نفس الوقت هناك مدارس وكليات ومؤسسات كثيرة لا يوجد بها مكاتب أو مراكز أو عيادات إرشاد ويعتمد فيها على نظام "المعلم المرشد" أو "المرشد المتجول" أو المنتدب، وهذه تحتم استخدام الإرشاد السلوكي -من أجهزة ومعدات- قد لا تتوافر في غيرها، ومن ثم لا يمكن استخدامها.
وهكذا نرى أن محددات طريقة الإرشاد تتعلق بمتغيرات خاصة بالمرشد والعميل والمشكلة والظروف العامة لعملية الإرشاد.
يتحمس بعض المرشدين لطريقة دون أخرى ويعتبرونها طريقة الطرق، وأن ما سواها يعتبر لا شيء وفي الواقع، لا توجد طريقة عامة شاملة، أو جامعة مانعة، ومن ثم فعلى الدارس والممارس أن يعرف كل الطرق.
ومما تجدر الإشارة إليه هو أن العلماء يتابعون دراسة طرق الإرشاد النفسي المعروفة، ويبتكرون طرقا جديدة لا تزال تحت الدراسة، والبحث فعلى سبيل المثال درس هاريس Harris؛ "1971" أساليب ثلاثة مستقلة مشتقة من طريقة الإرشاد الجماعي أطلق عليها: تأثير الخبير، والتقليد الاجتماعي، وتأثير المعايير الاجتماعية، وقارنها بطريقة جديدة وهي الإرشاد بالمراسلة أي عن طريق الخطابات، وبدون اتصال شخصي بين المرشد والعميل، ولكنه وجد أن الأساليب الثلاثة المشتقة من طريقة الإرشاد الجماعي أجدى من الإرشاد بالمراسلة، ورغم هذه النتيجة فإن طريقة الإرشاد بالمراسلة جديرة بالمزيد من البحث والدراسة.
وفي تناولنا لطرق الإرشاد النفسي سوف نركز على عدد منها بصفة خاصة، لأسباب منها مثلا أن طريقة الإرشاد الجماعي تعتبر طريقة المستقبل، وأن طريقة الإرشاد الديني تهمنا في مجتمعنا الذي يضع الدين والسلوك الديني في وضع هام، وأن الأسلوب الديني هو الأسلوب المشترك الذي يعرفه كل الناس ... وهكذا.
الإرشاد الفردي INDIVIDUAL COUNSELLING:
اد بعض الكتاب يقصدون بالإرشاد الفردي المصطلح الإنجليزي Counselling، وأنه العملية الرئيسية في خدمات التوجيه Guidance Services، ويقابله الإرشاد الجماعي Group Counslling، وسوف نذكر أوجه الشبه والاختلاف بينهما بعد قليل:
والإرشاد الفردي هو إرشاد عميل واحد وجها لوجه في كل مرة، وتعتمد فعاليته أساسا على العلاقة الإرشادية المهنية بين المرشد والعميل، أي أنه علاقة مخططة بين الطرفين، تتم في إطار الواقع وفي ضوء الأعراض وفي حدود الشخصية ومظاهر النمو "لورانس بارمر وإيفيريت شوستروم Brammer & shostrom؛
والإرشاد الفردي هو أوج عملية الإرشاد، ويعتبر أهم مسئولية مباشرة في برنامج التوجيه والإرشاد، ويعتبر نقطة الارتكاز لأنشطة أخرى في كل من عملية الإرشاد وبرنامج الإرشاد.
ومن الوظائف الرئيسية للإرشاد الفردي، تبادل المعلومات وإثارة الدافعية لدى العميل وتفسير المشكلات ووضع خطط العمل المناسبة.
ويحتاج الإرشاد الفردي إلى توافر أعداد كافية من المرشدين النفسيين، بحيث يقابلون الحاجات الفردية للإرشاد.
الإرشاد الجماعي GROUP COUNSELLING:
إن العميل الذي يأتي إلى الإرشاد النفسي لا يأتي من فراغ أو عزلة، ولا يعود إلى فراغ أو عزلة، إنه يأتي من جماعات ويعود إلى جماعات، ومعظم خبرات العميل تحدث في مواقف اجتماعية، ومهما كانت أهمية الفروق الفردية، فإن دراسة علم النفس الاجتماعي وسيكولوجية الفرد والجماعة تعلمنا أن كل فرد يشترك سلوكيا مع غيره في كثير من خصائص السلوك وأنماطه، فهو فريد في بعض أنماط سلوكه ومثل غيره في بعض أنماط السلوك الأخرى.
والإرشاد الجماعي هو إرشاد عدد من العملاء الذين يحسن أن تتشابه مشكلاتهم واضطراباتهم معا في جماعات صغيرة، كما يحدث في جماعة إرشادية أو في فصل.
ويعتبر الإرشاد الجماعي عملية تربوية، إذ أنه يقوم أساس على موقف تربوي، ومن ثم لفت أنظار المرشدين والمربين، ويعتبر كذلك طريقة المستقبل، ومن ثم تأتي أهميته الخاصة "كابلان Caplan؛ 1957، وين رايت Right؛ 1959، كوهن وآخرون. Cohn et al؛ 1960، ليو جولدمان Goldman؛ 1959".
الأسس النفسية والاجتماعية للإرشاد الجماعي:
يقوم الإرشاد الجماعي على أسس نفسية واجتماعية أهمها ما يلي:
- الإنسان كائن اجتماعي، لديه حاجات نفسية واجتماعية لا بد من إشباعها في إطار اجتماعي مثل الحاجة إلى الأمن، والنجاح، والاعتراف، والتقدير، والمكانة، والشعور بالانتماء، والشعور بالمسئولية، والحب والمحبة، والمسايرة، وتجنب اللوم، والانقياد، والسلطة والضبط والتوجيه ... إلخ.
- تتحكم المعايير الاجتماعية التي تحدد الأدوار الاجتماعية في سلوك الفرد وتخضعه للضغوط الاجتماعية.
- تعتمد الحياة في العصر الحاضر على العمل في جماعات، وتتطلب ممارسة أساليب التفاعل الاجتماعي السوي واكتساب مهارات التعامل مع الجماعة.
- يعتبر تحقيق التوافق الاجتماعي هدفا هاما من أهداف الإرشاد النفسي.
- تعتبر العزلة الاجتماعية سببا من أسباب المشكلات والاضطرابات النفسية.
الجماعة الإرشادية:
تضم الجماعة الإرشادية عددا من العملاء. وهي تكون إما جماعة طبيعية قائمة فعلا مثل جماعة طلاب في فصل، أو جماعة مصطنعة يكونها المرشد بهدف الإرشاد، وتتم عملية الإرشاد مع الجماعة كوحدة، ومن ثم فلا بد أن يعرف جميع أفراد الجماعة أهدافها وأسلوب العمل الجماعي ومسئولياتهم.
ويجب أن يعتني المرشد عناية خاصة بتكوين الجماعة الإرشادية، وتنمية العلاقات والتفاعل الاجتماعي بين أعضائها، وإنهاء التفاعل الاجتماعي عند انتهاء عملية الإرشاد الجماعي.
القوى الإرشادية في الجماعة:
للجماعة قوى إرشادية هائلة يجب استغلالها، وتعريف أعضاء الجماعة الإرشادية بهذه القوى حتى يمكن الاستفادة منها. وتعبر القوى الإرشادية في الجماعة عن فائدة الجماعة الإرشادية "ميرل أولسين Ohlsen؛ 1970". وفيما يلي أهم القوى الإرشادية في الجماعة.
بين الإرشاد الفردي والجماعي:
يعتبر الإرشاد الفردي والإرشاد الجماعي وجهين لعملة واحدة، كل يكمل الآخر، ولا غنى عن أي منهما في أي برنامج متكامل للتوجيه والإرشاد النفسي. فقد يبدأ الإشارد الفردي قبل الإرشاد الجماعي ويمهد له، وقد يبدأ الإرشاد الجماعي كذلك قبل الإرشاد الفردي ويمهد له، وقد يتخلل جلسات الإرشاد الفردي جلسات جماعية، وقد يتخلل الإرشاد الجماعي جلسات فردية "مارجريت بينيت Bennett؛ 1963".
وقد نشطت الدراسات والبحوث حول مقارنة فعالية الإرشاد الفردي والإرشاد الجماعي ومن أمثلتها دراسة سميث Smith؛ "1972" الذي وجد فيها أن تأثير الإرشاد الجماعي أقوى في مجال الإرشاد المهني ومشكلات النمو والتوافق المهني، بينما من المعروف أن تأثير الإرشاد الفردي أقوى في مجال الإرشاد العلاجي للمشكلات الشخصية.
أوجه الشبه بين الإرشاد الفردي والإرشاد الجماعي:
تتمثل أوجه الشبه بين الإرشاد الفردي والإرشاد الجماعي في أوجه الاتفاق بين كل منهما والتي تتلخص فيما يلي:
- وحدة الأهداف العامة، فكل منهما يهدف إلى مساعدة وتوجيه العميل ليفهم ويساعد ويوجه ذاته.
- وحدة الإجراءات الأساسية في عملية الإرشاد كما سبق تناولها في الفصل السادس.
- كلاهما يتعامل مع الأشخاص العاديين وأقرب المرضى إلى الصحة وأقرب المنحرفين إلى السواء.
- كلاهما عرضة لحدوث طوارئ عملية الإرشاد
الإرشاد الموجه DIRECTIVE COUNSELLING:
الإرشاد الموجه هو الإرشاد الممركز حول المرشد Counsellor- centred الممركز حول الحقيقة Fact- centred وفيه يقوم المرشد بدور إيجابي نشط في كشف الصراعات وتفسير المعلومات، وتوجيه العميل نحو السلوك الموجب المخطط، مما يؤدي إلى التأثير المباشر في تغيير الشخصية والسلوك، وفيه يتحمل المرشد مسئولية أكبر من تلك التي يتحملها العميل، وهو بهذا يعتبر نوعا من الإرشاد المفروض.
ويقوم الإرشاد الموجه على أساس افتراض رئيسي: وهو نقص معلومات العميل وعجزه عن حل مشكلاته من ناحية، وزيادة معلومات المرشد وخبرته في حل المشكلات من ناحية أخرى.
ويهدف الإرشاد الموجه مباشرة إلى حل مشكلات العميل التي جاء بها، ويعتقد فيه أنه يحل المشكلات يكتسب العميل بالتدريج القدرة على التوافق، ويعتقد أن الإشباع والرضا اللذين يتحققان للعميل نتيجة حل مشكلاته الحالية يزيدان من ثقته بنفسه وبالمرشد وبعملية الإرشاد.
ويستخدم الإرشاد الموجه عادة مع العملاء المتعجلين الذين تنقصهم المعلومات ويحتاجونها ويطلبونها، ويستخدم كذلك مع العملاء ذوي المشكلات الواضحة المحددة. وهو بصفة عامة أكثر استخداما في مجال الإرشاد العلاجي.
وقد سبق أن ذكرنا أن نظرية السمات والعوامل هي الأساس النظري الذي تقوم عليه طريقة الإرشاد الموجه "راجع نظرية السمات والعوامل في الفصل الثالث".
ورائد طريقة الإرشاد الموجه هو ويليامسون Williamson.
أسلوب الإرشاد الموجه:
أسلوب الإرشاد الموجه علاجي "كلينيكي" يكاد يسير في عملية الإرشاد بإسلوب الطبيب "نوردبيرج Nordberg؛ 1970".
ويرى البعض أن أسلوب الإرشاد الموجه يرتبط أكثر بميدان التربية والتعليم لأنه يتضمن قدرا كبيرا من التوجيه وتقديم المعلومات، وحيث يتبع المرشد أسلوبا لتعليم العميل كيف يحل مشكلاته، أي أن الإجراء الخاص بالتعليم وإعادة التعلم والخبرة والنمو في عملية الإرشاد إجراء أساسي في الإرشاد الموجه.
ويرى آخرون أن الإرشاد الموجه يعتبر ببساطة أسلوبا لحل المشكلات.
ويلاحظ أنه في الإرشاد الموجه، تستخدم الاختبارات والمقاييس بكثرة في عملية التشخيص وتحديد المشكلة، حيث يركز على الحقائق الموضوعية أكثر من المعنى الانفعالي والمرتبط بها عند العميل "كرونباخ Cronbach؛ 1970".
لإرشاد غير الموجه NONDIRECTIVE COUNSELLIGN:
الإرشاد غير الموجه يسمى أيضا الإرشاد غير المباشر أو "الإرشاد الممركز حول العميل"1 Client- centred Counselling أو الإرشاد الممركز حول الذات -Self centred counslling وهو توأم العلاج الممركز حول
العميل Client- centred Therapy أي الذي يضع العميل أو الشخص في مركز دائرة الاهتمام وهو أقرب طرق الإرشاد النفسي إلى العلاج النفسي.
وشيخ هذه الطريقة هو كارل روجرز Rogers؛ "1942"صاحب نظرية الذات -Self- theory "راجع الفصل الثالث" التي توصل إليها من خلال خبرته في الإرشاد والعلاج غير المباشر أو الممركز حول العميل كما بلورها روجرز، وهو روح الطريقة الممتازة وتطوراتها أكثر منها اتباع أسلوب روجرز حرفيا "انظر حامد زهران، 1997".
ولقد لخص روجرز أسلوب طريقة الإرشاد والعلاج الممركز حول العميل في "إقامة علاقة إرشادية وتهيئة مناخ نفسي يمكن العميل من أن يحقق هو أفضل نمو نفسي" أي أن الهدف ليس مجرد حل مشكلة معينة.
وحدد روجرز هدف الإرشاد الممركز حول العميل بأنه مساعدة العميل على النمو النفسي السوي، وإحداث التطابق بين مفهوم الذات الواقعي وبين مفهوم الذات المدرك ومفهوم الذات المثالي مفهوم الذات الاجتماعي "أي التغير من مفهوم الذات السالب إلى مفهوم الذات الموجب" أي أنه يركز حول تغيير مفهوم الذات بما يتطابق مع الواقع، وإذا تطابق السلوك مع هذا المفهوم الأقرب إلى الواقع كانت النتيجة هي التوافق النفسي.
ويستخدم الإرشاد غير الموجه بنجاح مع أنواع معينة من العملاء، وخاصة أولئك الذين يكون ذكاؤهم متوسطا أو أكثر ويكون لديهم طلاقة لفظية، ويفيد جيدا في مجال الإرشاد العلاجي والإرشاد الزواجي، ويستخدم في حل المشكلات الشخصية للشباب، ويفيد بصفة خاصة في حالات مفهوم الذات السالب لدى العميل ورغبته في التغيير.
بين الإرشاد الموجه وغير الموجه:
لا شك أن لكل من الإرشاد الموجه وغير الموجه مكانه واستخداماته حسب نوع العميل ونوع مشكلته، فمثلا لا يصلح الإرشاد الموجه حينما يتضح أن المشكلة هي نقص معلومات كما في حالة الإرشاد المهني، بينما يصلح الإرشاد غير الموجه في المشكلات التي تتضمن الصراعات النفسية كما في الإرشاد العلاجي، وهناك من يتحمس للإرشاد الموجه، وينتقد بشدة الإرشاد غير الموجه، والعكس موجود، ويرى بعض المعتدلين أن كلا من الإرشاد الموجه والإرشاد غير الموجه، هما في الواقع طرف متصل إرشادي واحد. ويلاحظ فيليب فيرنون Vernon؛ "1964" أن طريقة الإرشاد غير الموجه يفضلها المرشدون في أمريكا، بينما يفضل المرشدون البريطانيون طريقة الإرشاد الموجه.
وقد أجريت الدراسات والبحوث حول الطريقتين: ومن أمثلتها دراسة راشيل أجزين Ajzen؛ "1971" حول ردود فعل العملاء لكل من طريقة الإرشاد الموجه وطريقة الإرشاد غير الموجه، حيث أجريت العملية الإرشادية مع عينة من طلبة وطالبات الجامعة بالطريقتين. وأوضحت الدراسة أن الإرشاد غير الموجه، أكثر فعالية وخاصة في مواقف الإرشاد الأسري والمسائل الجنسية، أما فيما يتعلق بوضع حلول نفسية لمشكلة العميل، فقد وجدت الباحثة أنه يكون أفضل في حالة الإرشاد الموجه، أما الحلول غير النفسية فتكون أفضل في حالة الأسلوب غير الموجه، ووجدت أيضا أن الإناث يفضلن الإرشاد غير الموجه على الإرشاد الموجه بشكل ملحوظ، وأن التفضيل العام في العينة عموما هو أيضا للإرشاد غير الموجه.
ولقد قامت محاولات للتوفيق بين طريقتي الإرشاد الموجه وغير الموجه، واتخاذ موقف وسط. ومن بين الذين اضطلعوا بهذا نورديبرج Nordberg؛ "1970" الذي حول -على حد تعبيره- الجمع بين موضوعية ويليامسون وتمركز روجرز حول العميل. وقد أطلق نوردبيرج على أسلوبه اسم "الأسلوب غير المجبر" Non- coersive Approach وهو يتفق مع روجرز في أن المرشد يجب ألا يقدم نصائح ويجب ألا يعبر عن آراء، ويتفق مع ويليامسون في أن جمع المعلومات بطريقة موضوعية يجعل هناك إطارا، محددا ومعياريا للحكم على السلوك والرجوع إليه، يمثل الواقع الموضوعي، ويختلف أيضا مع روجرز في أن المرشد يجب أن يحدد التشخيص.
أوجه الاتفاق والاختلاف بين الإرشاد الموجه وغير الموجه:
يركز الكتاب على أوجه الاختلاف بين الإرشاد الموجه والإرشاد غير الموجه، أكثر مما ركزوا على أوجه الاتفاق ويبين جدول "6" أوجه الاختلاف بين الطريقتين:
الإرشاد بالقراءة BIBLIOCOUNSELLING:
تعريفه وأهدافه:
استخدم مصطلح الإرشاد بالقراءة أو "القراءة الإرشادية" في بحوث ودراسات
بكرة، منها على سبيل المثال لا الحصر، نورمان كينج King؛ "1973" سيتفين ريتشاردز وآخرون، Rivhacds؛ "1976".
والإرشاد بالقراءة هو استخدام مواد مكتوبة، مثل الكتب والكتيبات أو النشرات أو الموديولات1، وغيرها من المواد التي تقرأ، يقرؤها العميل، ويتفاعل معها، ويستفيد منها في العملية الإرشادية.
ويتضمن الإرشاد بالقراءة التفاعل الدينامي بين شخصية القارئ والمادة المقروءة، والذي يوظف لإحداث التوافق والنمو السوي، وتحقيق الصحة النفسية "شارلز تومبسون، ليندا رودولف Thomposon & Rudolph؛ 1983، سلمى الأنصاري، 1986".
وأفضل مصادر القراءة: السير الشخصية، والقصص التي تتناول الخبرات البشرية المتنوعة، مثل الحياة الزوجية والأسرية، ومظاهر النمو، والتوافق، وأفضل كل ما يقرأ الكتب السماوية، حيث يؤخذ منها أفضل معايير السلوك. "إجلال سري، 1990".
ومن أهداف الإرشاد بالقراءة، ما يلي:
- الإسهام في تشكيل البناء المعرفي للعميل، واكتساب العميل معارف حول مشكلته.
- تعلم العميل التفكير الإيجابي البناء.
- مساعدة العميل على تحليل اتجاهاته وسلوكياته.
- إتاحة الفرصة أمام العميل لوضع حلول بديلة.
- تشجيع العميل على التوافق مع المشكلة.
- مساعدة العميل على مقارنة مشكلته بمشكلات الآخرين.
إجراءات الإرشاد بالقراءة:
تتلخص إجراءات الإرشاد بالقراءة فيما يلي:
تحديد المادة التي يقرؤها العميل: في ضوء أهداف عملية الإرشاد، ومع مراعاة عمره وجنسه ومستوى فهمه وتعليمه وخبراته.
وتقديم القراءة على أنها مقترحات: وليست إلزاما، مع زيادة دافعية العمل وتشجيعه على القراءة باعتدال، وتأكيد فائدتها الإرشادية.
مناقشة المادة المقروءة،: مع العميل، حيث تتناول المناقشة التساؤلات، والمشكلات، والمشاعر، والأفكار، والأسباب، والنتائج، وتطبيق المادة المقروءة في حياة العميل.
- الإرشاد التفاعلي بالقراءة: INteractive Bibliocounselling وتكون القراءة موجهة، حيث تقدم مادة القراءة إلى العميل، ويتفاعل معه المرشد كميسر Facilitator.
- الإرشاد بالقراءة بمساعدة الذات: Self-help Bibliocounselling حيث يقوم العميل بالقراءة بنفسه، ولا تقدم له أي مساعدة في ذلك. ويفيد هنا بصفة خاصة، الموديولات الإرشادية، "لوار كوهين Cohen؛ 1994".
استخدامات الإرشاد بالقراءة:
غالبا ما يستخدم الإرشاد بالقراءة كمساعد أو كملحق "نورمان كينج King؛ 1991".
ومن أمثلة الاستخدامات الناجحة للإرشاد بالقراءة ما يلي:
- حالات قلق الامتحان "أنجيلا ريجيستر وآخرون، Rigister et al؛ 1991".
- حالات ذوي الاحتياجات الخاصة مثل: العميان، والموهوبين الفائقين "ألفين روبرتس Roberts؛ 1984، إليوت أديرهولت وسوزان Adderholdt & Eller؛ 1989".
- حالات الأطفال حتى في المرحلة الابتدائية "فريدريك شرانك Schrank؛ 1982، جون بارديك ومارثا ماركوارد Rardeck & Markward؛ 1995".
- حالات مشكلات المراهقين "سلمى الأنصاري، 1986".
- حالات كبار السن، وخاصة في مجال إرشاد الصحة النفسية "أرلين هاينز، لويس ويدل Hynes & Wedl؛ 1990".
- حالات المسجونين "كريس دانيل Daniel؛ 1992".
- حالات الأمراض المزمنة والخطيرة.
الإرشاد اللعب PLAY COUNSELLING:
الإرشاد باللعب طريقة شائعة الاستخدام في مجال الإرشاد الأطفال، على أساس أنه يستند على أسس نفسية، وله أساليب تتفق مع مرحلة النمو التي يمر بها الطفل وتناسبها، وأنه يفيد في تعليم الطفل، وفي تشخيص مشكلاته، وفي علاج اضطرابه السلوكي.
ويفترض في الإرشاد باللعب أن الطفل يقوم وهو يلعب بعملية "لعب أدوار" يعبر فيها عن مشاعره، ومشكلاته، لأنه ليس كالكبار الذين يمكنهم عمل ذلك بالكلام والتعبير.
أسس الإرشاد باللعب:
يقوم الإرشاد باللعب على أسس نفسية لها أصولها في ميادين علم النفس العام وعلم النفس النمو وعلم النفس العلاجي.
فاللعب بصفة عامة هو أي سلوك يقوم به الفرد دون غاية عملية مسبقة. وتحاول نظريات اللعب تفسير لماذ لا بد أن يلعب الأشخاص في كل الأعمار، فنجد منها نظرية الطاقة الزائدة التي تعتبر اللعب تنفيسا ضروريا للطاقة الزائدة عند الفرد. وهناك نظرية الغريزية التي تقول: إن اللعب يستند إلى أساس غريزي، فهو نشاط ضروري لتدريب وتهذيب الغرائز والدوافع مثل المقاتلة والعدوان، وهناك نظرية التلخيص ما كان يعمله أجداده، بل يلخص تاريخ الجنس البشري كله، وهناك نظرية تجديد النشاط بالتسلية والرياضة كشيء ضروري بعد التعب والإجهاد في العمل.
ونحن نعلم في علم نفس النمو أن اللعب يكاد يكون "مهنة الطفل" ويعتبر أحد الأساليب الهامة التي يعبر بها الطفل عن نفسه، ويفهم عن طريقها العالم من حوله، وهو أيضا نشاط ضروري في كل الأعمار، ولكنه يختلف في مراحل النمو المتتالية، ففي الطفولة المبكرة يكون بسيطا وعضليا وفرديا، ثم يتجه إلى المشاركة الجماعية مع أصدقاء اللعب ويشاهد اللعب الإيهامي، ويتمايز لعب الذكور عن لعب الإناث، فالبنت تدلل عروستها كما تدلل الأم طفلها، والذكر يلعب بالطائرة والصاروخ كما يتعامل معها الرجال. وفي الطفولة المتأخرة تظهر بعض الألعاب الجماعية، ثم تظهر الهوايات وتبرز الميول والاهتمامات. وفي المراهقة المبكرة تبدأ المباريات واللعب الجماعي والترفيه وتتضح روح الجماعة، وفي المراهقة الوسطى والمتأخرة يظهر التمسك بقواعد اللعب.
وفي علم النفس العلاجي: نجد أساسا متينا يقوم عليه الإرشاد باللعب، فاللعب حاجة نفسية اجتماعية لا بد أن تشبع. واللعب مخرج وعلاج لمواقف الإحباط في الحياة اليومية، فالطفل الذي لا يختاره أقرانه في موقف قيادي، قد يجد مخرجا في وضع لعبة في صف ويقودها ويتولى الموقف القيادي الذي افتقده، واللعب نشاط دفاعي تعويضي، فالطفل الذي يفتقد العطف والاهتمام داخل المنزل يعوض ذلك عن طريق اللعب مع رفاق يحبونه ويهتمون به خارج المنزل، واللعب الإيهامي المفرد يدل على فشل في التوافق مع الحياة الواقعية، واللعب يعتبر تمثيلا صادقا يعرض متاعب الأطفال.
حجرة اللعب:
تخصص في عيادة أو مركز الإرشاد حجرة أو حجرات للإرشاد باللعب، تضم لعبا متنوعة الشكل والحجم والموضوع، وتمثل الأشخاص والأشياء الهامة في حياة الطفل والتي توجد في مجالهم السلوكي وتعتبر بمثابة مدروسة لسلوك الطفل، ولقد تخصصت الكثير من
لشركات العالمية -كما في اليابان مثلا- في صناعة لعب الأطفال المدروسة عمليا بحيث تناسب النشاط الجسمي والعقلي والاجتماعي والانفعالي للأطفال في كافة الأعمار.
ويلاحظ أن اللعب والأدوات التي توجد في حجرة اللعب يجب أن تكون غير قابلة للكسر ولا تكون غالية الثمن.
ومن أمثلة اللعب التي تضمها حجرة اللعب: الدمى والتماثيل التي تمثل أعضاء الأسرة ورجال الشرطة والسلطة، واللعب التي تمثل الحيوانات والطيور، وقطع تمثل مواد البناء وقطع الأثاث المنزلي والأدوات المنزلية، وقطع قماش تمثل الملابس والمفروشات، ولعب تمثل وسائل المواصلات المتنوعة، ولعب تمثل الأسلحة المختلفة، علاوة على أحواض الرمل والماء والدلاء والجواريف، وطين الصلصال، والأقلام والألوان وورق الرسم، وبعض الأقنعة، والأدوات الأخرى التي يألفها الطفل مثل الأرجوحة والأراجوز، وبعض الأدوات الموسيقية، وتزود حجرة اللعب بالكراسي والمناضد المناسبة للأطفال.
استخدام اللعب في التشخيص:
يمكن دراسة سلوك الطفل عن طريق ملاحظته: أثناء اللعب بهدف تشخيص مشكلاته، ومن المهم أيضا ملاحظة سلوك الطفل أثناء اللعب خارج حجرة اللعب وخارج جلسات الإرشاد حين يعود الطفل إلى بيته وأسرته.
ويلاحظ أن الطفل المضطرب نفسيا يسلك في لعبه سلوكا يختلف عن الطفل العادي الصحيح نفسيا. فالطفل عادة يعبر رمزيا أثناء لعبه عن خبراته في عالم الواقع. ويعبر الطفل المضطرب نفسيا عن مشكلاته وصراعاته وحاجاته غير المشبعة وافعالاته المشحونة أثناء لعبه، وهو يسقط كل ذلك على الدمى واللعب، وهذا يسهل تشخيصها
وقد تستخدم بعض اختبارات اللعب الإسقاطية كوسيلة هامة في التشيخص، ومن أمثلتها اختبار العالم1، وضع مارجريت لوفن فيلد، وتقنين شارولت بوهلر Buhler، ويتكون من لعب صغيرة كالدمى والحيوانات والبيوت والأشجار والأسوار والعربات ... إلخ، ويمكن أن يكون بها قرية أو مدينة أو مزرعة أو حديقة حيوان أو غابة أو مطار ... إلخ، واختبار المشهد أو المنظر وضع جيرد هيلد فون شتابس Staabs، ويتكون من مجموعة من اللعب والدمى يمكن ثنيها، وتمثل شخصيات لها اتصال بحياة الطفل، وكذلك على عدد من الحيوانات الأليفة والمفترسة والأدوات ... إلخ، مما يساعد الطفل على التعبير عن انفعالاته ورغباته الشعورية واللاشعورية "سيد غنيم وهدى برادة، 1964".
استخدام اللعب في الإرشاد:
يلجأ المرشد إلى اللعب كطريقة هامة لضبط وتوجيه وتصحيح سلوك الطفل.
ويستخدم اللعب لدعم النمو الجسمي والعقلي والاجتماعي والانفعالي المتكامل والمتوازن للطفل، فهو يقويه جسيما ويراوده بمعلومات عامة ومعايير اجتماعية ويضبط انفعالاته.
ويستخدم اللعب في إشباع حاجات الطفل مثل حاجاته إلى اللعب نفسه حين يلعب، وحاجاته إلى التملك حين يشعر أن هناك أشياء يتملكها، وحاجته إلى السيطرة حين يشعر أن هناك أجزاء من بيئته يسيطر عليها، وحاجاته إلى الاستقلال حين يلعب في حرية ويعبر عن نفسه بالطريقة التي يفضلها من دون توجيه من الآخرين.
ويتيح اللعب فرصة التعبير والتنفيس الانفعالي عن التوترات التي تنشأ عن الصراع والإحباط، ويظهر ذلك عندما يعبر الطفل عن مشكلاته وهو يتعامل مع اللعب "حركة وكلاما" وحين يكرر مواقف تمس مشكلاته الانفعالية ويعبر عن انفعالاته ويفرغها.
وقد يجد الطفل أثناء لعبه حلا لصراعاته وحتى مشكلاته، فمثلا في بعض الأحيان قد يهمل الطفل دمية تمثل شخصا معينا أو يرفضها أو يحطمها ... إلخ، وهذا كله له أهمية بالغة في فهم انفعالاته وتنفيسها "موزر وموزر Moser & Moser؛ 1963".
ويستخدم اللعب أيضا لتحقيق أغراض وقائية وذلك مثلا عن طريق تقديم الطفل لخبرة ميلاد طفل جديد، حتى يتقي شر ردود الفعل المعروفة حين يفاجأ بهذا الميلاد.
ويحتاج الإرشاد باللعب إلى مرشد ذي شخصية وقدرات تناسب التعامل مع الأطفال، يحتاج إلى فهم وصبر وحساسية ومرح وشعور بالوالدية. وقد يشرك المرشد الوالدين أو غيرهما من أفراد الأسرة أو أعضاء هيئة التدريس في المدرسة أو رفاق الطفل في جلسات الإرشاد باللعب.
ويلاحظ أن المرشد قد يصبح موضوعا لطارئ التحويل الموجب أو السالب، وهنا يتصرف مستغلا التحويل بما يساعد الطفل، ثم يحلل التحويل ويضع الأمور في نصابها.
أساليب الإرشاد باللعب:
يكون المرشد العلاقة الإرشادية المناسبة مع الطفل، ويهيئ مناخا نفسيا ملائما يسوده التقبل، ويصحب الطفل إلى حجرة اللعب، ويتبع المرشد أحد الأساليب الآتية في الإرشاد باللعب:
اللعب الحر: وهو غير محدد Unstructured تترك فيه الحرية للطفل لاختيار اللعب، وإعداد مسرح اللعب وتركه يلعب بما يشاء وبالطريقة التي يراها دون تهديد أو لوم أو استنكار أو رقابة أو عقاب. وقد يشارك الرشد في اللعب وقد لا يشارك، وذلك حسب رغبة الطفل وقد يتخذ المرشد موقفا متدرجا فيكتفي أول الأمر بملاحظة الطفل وهو يلعب وحده ثم يشترك معه تدريجيا ليقدم مساعدات أو تفسيرات لدوافع الطفل ومشاعره بما يتناسب مع عمره وحالته.
اللعب المحدد Structured: وهو لعب موجه مخطط، وفيه يحدد المرشد مسرح اللعب ويختار اللعب والأدوات بما يتناسب مع عمر الطفل وخبرته، وبحيث تكون مألوفة له حتى
ستثير نشاطا واقعيا أو أقرب إلى الواقع، ويصمم اللعب بما يناسب مشكلة الطفل. فمثلا في حالة مشكلة أسرية لطفل ريفي تتكون أسرته من والديه وإخوته الستة من الجنسين وآخرهم طفل وليد بالإضافة إلى جديه، تعد الدمى التي تمثل هؤلاء جنسا وعددا، وتعد كذلك الأدوات التي تمثل المنزل الريفي والبيئة الريفية من حيوانات وأشجار ... إلخ، ثم يترك الطفل يلعب في مناخ يسوده العطف والتقبل. وغالبا يشترك المرشد في اللعب، وهو حين يفعل ذلك يعكس مشاعر الطفل ويوضحها له حتى يدرك نفسه ويعرف إمكاناته ويحقق ذاته ويفكر لنفسه ويتخذ قراراته بنفسه.
اللعب بطريقة الإرشاد السلوكي: هناك بعض الحالات التي يستخدم فيها اللعب بطريقة الإرشاد السلوكي، فمثلا في حالات الخواف من حيونات معينة يمكن تحصين الطفل تدريجيا بتعويده على اللعب بدمى هذه الحيوانات في مواقف آمنة سارة متدرجة ومتكررة حتى تتكون ألفة تذهب بالحساسية والخواف مبدئيا، ويمكن أن يلي ذلك زيارات لحديقة الحيوان لمشاهدة هذه الحيوانات في استرخاء دون خوف.
فوائد الإرشاد باللعب:
لا شك أن الإرشاد باللعب طريقة مفيدة متعددة المزايا، وفيما يلي أهم فوائد الإرشاد باللعب:
- هو أنسب الطرق لإرشاد الطفل.
- يستفاد منه تعليميا وتشخيصيا وعلاجيا في نفس الوقت.
- يتيح خبرات نمو بالنسبة للطفل في مواقف مناسبة لمرحلة نموه.
- يساعد الطفل على الاستبصار بطريقة تناسب عمره.
- يتيح فرصة التعبير الاجتماعي في شكل "بروفة" مصغرة لما في العالم الواقعي الخارجي.
- يعتبر مجالا سمحا يتيح فرصة التنفيس الانفعالي ويخفف عن الطفل التوتر الانفعالي.
- يمثل فرصة لإشراك الوالدين والتعامل معهما في عملية الإرشاد.
ملاحظات في طرق الإرشاد النفسي:
بقيت بعض الملاحظات في طرق الإرشاد. وتتعلق هذه الملاحظات بالإجراءات والخطوات والعناصر المشتركة في طرق الإرشاد، والاختلافات، بينها، ومحددات اختيار طريقة الإرشاد.
العناصر المشتركة في طرق الإرشاد:
تتفق معظم طرق الإرشاد في عدد من الإجراءات والخطوات والعناصر المشتركة، وفي اتفاقها فائدة.
وجميع طرق الإرشاد تسعى إلى تحقيق الأهداف العامة للإرشاد كل بأسلوبها.
ولقد رأينا في الفصل السادس أن عملية الإرشاد النفسي لها إجراءات وخطوات حين تحدثنا عنها لم نربطها بطريقة معينة ولا بنظرية محددة، ذلك لأننا نعتبرها في الواقع إجراءات عملية مشتركة تتفق عليها معظم طرق الإرشاد.
وتجمع جميع طرق الإرشاد على أهمية الإعداد للعملية وتقديمها للعميل، وعلى أهمية المناخ الإرشادي المناسب الذي يجب أن يسود الجلسات والعلاقة الإرشادية، وعلى أهمية التنفيس الانفعالي، والاستبصار، والتعلم وتعديل السلوك، والنمو وتغيير الشخصية، والإنهاء والمتابعة.
الاختلافات بين طرق الإرشاد:
هناك اختلافات بين طرق الإرشاد المتعددة كما هو الحال بين طريقتي الإرشاد الفردي والإرشاد الجماعي، وبين طريقتي الإرشاد الموجه والإرشاد غير الموجه، وهنا أيضا نقول إن في اختلافها فائدة.
ولا توجد طريقة إرشاد واحدة تعتبر طريقة الطرق التي تصلح مع كل المرشدين , وكل العملاء وكل المشكلات وفي كل الظروف، ولكن الطرق تتعدد وتختلف لتناسب المرشدين المختلفين والعملاء والمتابينين والمشكلات المتعددة وحتى البيئات والمجتمعات والظروف المختلفة.
والهدف واحد بالنسبة لطرق الإرشاد المتعددة والمختلفة، وهو تحقيق أهداف عملية الإرشاد. ففي مجال الطاقة مثلا، الهدف هو إنتاجها، وتتعدد الطرق وتختلف، فمنها استخدام الماء والبترول والذرة والهواء والشمس، وهناك فروق بينها تؤدي إلى تفضيل بعضها على بعض مثل التوافر والتكلفة، وكل دولة تحصل على الطاقة من المصادر المتاحة والأرخص حسب ظروفها، ومصادرها، وهكذا الحال بالنسبة للإرشاد النفسي.
وقد داب بعض الباحثين على دراسة الاختلافات بين طرق الإرشاد من حيث درجة فعاليتها، ومن هؤلاء هورن Horne؛ "1972"، فقد درس الفروق بين ثلاث طرق إرشادية، ولها طريقة قديمة تقوم على إرشاد البصيرة أو الإرشاد النفسي الدينامي، والثانية والثالثة من أسالب طريقة الإرشاد السلوكي، "التحصين التدريجي، والكف المتبادل" ودرس أثر هذه الطرق في خفض قلق الامتحان، ووجد هورن أنه على الرغم من اختلاف هذه الطرق إلا أن كلا منها يؤثر تأثيرا ملحوظا في خفض قلق الامتحان رغم الفروق والاختلافات بينها.
أما عن أسباب الاختلافات بين طرق الإرشاد، فأهمها ما يلي:
- تعدد مفاهيم الإرشاد: وهذا واضح من تعدد المدارس التي تؤكد نواحي معينة دون الأخرى، وجود مدارس تؤكد على الإرشاد النفسي كعلم أكثر منه فن، وأخرى تؤكد عليه كفن أكثر منه علم، وثالثة تأخذ موقفا وسطا فتعتبره فن تطبيق علم.
- تعدد نظريات الإرشاد: واختلاف وجهات نظر العلماء أصحاب هذه النظرية من حيث بحوثهم ودراساتهم وحتى ثقافاتهم وجنسياتهم ودياناتهم، وكل نظرية يتحمس لها البعض ويفضلون طريقة الإرشاد المرتبطة بها.
- تعدد مجالات الإرشاد: وهي -كما سنرى في الفصل القادم- تتعدد، فمنها الإرشاد العلاجي والإرشاد التربوي والإرشاد المهني ... إلخ. وكل من المجالات المتعددة يتناول مشكلات خاصة تناسبها بعض الطرق بدرجة أفضل من طرق أخرى.
- النمو السريع لعلم النفس: والإرشاد النفسي أحد ميادينه، مما يجعل بعض طرق الإرشاد القديمة تتخذ مكانها مصونة في متحف علم النفس، ويجعل لها قيمة تاريخية فقط.
حددات اختيار طريقة الإرشاد:
السؤال الآن هو: كيف تحدد الطريقة المناسبة في حالة من الحالات؟ هناك محددات تتعلق بالمرشد، ومحددات تتعلق بالعميل، ومحددات تتعلق بالمشكلة، ومحددات تتعلق بالظروف العامة لعملية الإرشاد.
المرشد: أهم المحددات هي تعدد شخصيات واتجاهات المرشدين وخلفياتهم العلمية وتدريبهم، فمثلا تدخل شخصية المرشد وخبراته في العلاقة الإرشادية كعامل يؤدي إلى ضرورة وجود بعض الاختلافات في طرق الإرشاد بما يناسب هذه الاختلافات لدى المرشدين. ومعروف أنه قد تؤدي طريقة معينة إلى آثار ونتائج ناجحة في يد مرشد، وبينما قد تفضل ولا تثمر في يد مرشد آخر، ونحن نجد بعض المرشدين يفضلون طريقة دون أخرى، وقد يتعصب لها، وقد يصل الحال إلى الاستخفاف بالطرق الأخرى، وبعض المرشدين قد يتبع مدرسة أو نظرية عملية محددة ويتبع الطريقة التي ترتبط بها كما هو الحال بالنسبة لنظرية الذات وطريقة الإرشاد غير المباشر. وبعض المرشدين قد ينقصهم بعض المهارات التي تلزم في طريقة من الطرق كما في الإرشاد السلوكي، فيحجم عن استخدامها، كذلك فإن الوقت المتاح للمرشد يحدد الطريقة، فمن الطرق ما يحتاج إلى وقت طويل، وقد يكون وقت المرشد محددا، ونحن نعلم أن مدى توافر المرشدين أيضا يحدد الطريقة كما حدث في الإرشاد الجماعي الذي نما نتيجة لنقص عدد المرشدين. وتلعب الخبرة والممارسة أيضا دورا في تحديد طريقة الإرشاد، فأحيانا نجد المرشد يميل إلى طريقة مارسها وخبرها دون غيرها من الطرق.
العميل: هناك من العملاء من يكون منطويا أو منبسطا، ونحن نعرف أن التعامل مع الشخصية المنطوية يختلف عن التعامل مع الشخصية المنبسطة، وتخلتف طرق الإرشاد التي تناسب كلا منهما، وهناك نقطة أخرى خاصة بمدى سهولة التعامل مع العميل، هل هو عميل صعب أم عميل سهل؟ ومن أمثلة العميل الصعب ذلك الذي يلجأ إلى المقاومة والكذب والذي يلقي العبء على المرشد في عملية الإرشاد. ومثل هذا النوع لا يصلح معه الإرشاد غير المباشر مثلا. وتوجد اختلافات في اتجاهات وتوقعات وشخصية العملاء. فبناء شخصيات العملاء يختلف بين التكامل والانهيار، والذكاء ويتراوح بين الضعف والتفوق، والخبرات تتنوع في الحياة اليومية حسب مرحلة النمو وحسب المستوى الاجتماعي والاقتصادي ... إلخ. ونجد من العملاء المتعجلين من يأتي أول جلسة ويتعجل الأمور وكأنه يتوقع أن يتعامل معه المرشد كما يعامله الطبيب، فيكتب له "روشتة" دواء لكي تتغير شخصيته وتحل مشكلاته
المشكلة: المشكلة بدورها تحدد أيضا اختيار طريقة الإرشاد. فالمشكلات أنواع منها مشكلات خاصة وشخصية جدا لا يصلح لها الإرشاد الجماعي مثلا، وهناك بعض المشكلات الاجتماعية يصلح لها الإرشاد الجماعي أكثر من الفردي، وهناك بعض المشكلات الدينية يصلح لها الإرشاد النفسي الديني، وهناك مشكلات تربوية يصلح لها الإرشاد خلال العملية التربوية. ومشكلات وقت الفراغ يصلح لها إرشاد وقت الفراغ. وحتى المشكلات السطحية الوقتية العابرة يصلح لها الإرشاد العرضي، ومن المشكلات ما يكون بسيطا أو حديث وسهل الحل ولا يحتاج إلى أكثر من الإرشاد المختصر، ومنها ما يكون معقدا وقديما قد يتكون من عدة مشكلات فرعية ضاربة بجذورها في ماضي العميل وتتمكن منه، وهذه تحتاج إلى إرشاد مطول.
الظروف العامة لعملية الإرشاد: وهذه تحدد كذلك اختيار طريقة الإرشاد. فهناك مدارس وكليات ومؤسسات يوجد بها مكاتب أو مراكز أو عيادات إرشاد ذات إمكانات تساعد على اختيار طرق الإرشاد التي تستغرق وقتا ويتعاون فيها فريق إرشاد وتستخدم أجهزة ... إلخ، وفي نفس الوقت هناك مدارس وكليات ومؤسسات كثيرة لا يوجد بها مكاتب أو مراكز أو عيادات إرشاد ويعتمد فيها على نظام "المعلم المرشد" أو "المرشد المتجول" أو المنتدب، وهذه تحتم استخدام الإرشاد السلوكي -من أجهزة ومعدات- قد لا تتوافر في غيرها، ومن ثم لا يمكن استخدامها.
وهكذا نرى أن محددات طريقة الإرشاد تتعلق بمتغيرات خاصة بالمرشد والعميل والمشكلة والظروف العامة لعملية الإرشاد.