ظهرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب في نهاية عام 1983، ثم تكررت طبعاته حتى بلغت جميعا سبع طبعات. و كانت آخر طبعاته في عام 1986. و لعل ذلك يدل على ما لاقاه الكتاب من رواج يستأهله بين القراء نظرا لأهمية موضوعه وطرافة الأسلوب في تناوله مع الاحتفاظ بالروح العلمية في عرض جوانبه المختلفة ومتابعة الجديد في أساليب علاجه، ولعل المؤلف يتميز فيه بنظريته التي تلم شتات الأطراف في الموضوع على نسق متكامل يزيد في وضوح الرؤية لمرض عجيب تتعدد أعراضه و مظاهره. و كان ذلك من أسباب الاختلاف في تسميته و طرائق علاجه إلى عهد قريب.
ومؤلف الكتاب الدكتور دافيد. ف. شيهان Sheehan .David V طبيب عمل مديرا لأبحاث القلق في قسم الطب النفسي Psychiatry في المستشفى العام لولاية ماساتشوستس Massachusettsبالولايات المتحدة الأمريكية. وكان من قبل مدرسا للطب النفسي بكلية الطب في جامعة هارفارد. و هو الآن مدير الأبحاث الإكلينيكية و أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة جنوب فلوريدا في مدينة تامبا، و هو من الخبراء المعروفين في دراسة مرض القلق وعلاجه، و من أوائل الباحثين فيه في العصر الحاضر.
إنه لا ينجو إنسان من الناس في مواقف الحياة المختلفة من التعرض للقلق بدرجات متفاوتة. و من أمثلة ذلك الطالب الذي يوشك أن يدخل الامتحان أو يسعى للاطلاع على نتيجته، و الرياضي الذي يتهيأ للمنافسة في حلبات الألعاب الرياضية، و الموظف الذي يواجه تهديدا لاستقراره و أمنه في كسب رزقه، و السعي على عياله، و الزوج الذي يشرف على انفصام رابطته الزوجية، و الإنسان الذي يفقد واحدا من أقاربه أو أحبائه، و هذه كلها مواقف متجددة في حياة الناس حين يكدون و يكافحون في هذه الدنيا التي لا تخلو من الصراع. و كلنا يخبر في نفسه ما تعنيه أعراض القلق من أعراض وعلامات جسمية ونفسية كسرعة النبض، و خفقان القلب، و ارتفاع ضغط الدم، و شحوب الوجه، و برودة الأطراف و رعشة اليدين، و سرعة التنفس فضلا عن الشعور بالهم و الغم، و اضطراب النوم، و أضغاث الأحلام، و تغير الشهية، و النظرة السوداوية للحياة عامة. و لكن هذه الأعراض والعلامات جميعا تصيب الإنسان عندما يشعر بالتهديد في بعض مواقف الحياة. و هي على ذلك تعد أعراضا مألوفة لا شذوذ فيها ولا انحراف. و هي تزول حين تزول أسبابها المعروفة و قلما ينجو منها أحد كما أسلفنا. و لعل هذه التغيرات البدنية والنفسية بقيت فينا من أسلافنا القدماء حين كانوا يواجهون في حياتهم البدائية مواقف الحرب أو الهرب في صراعهم مع أخطار البيئة حولهم.
ولكن هناك نوعا آخر من القلق تتعدد صوره و تختلف مظاهره و هو يصيب الناس دون سبب وجيه أو داع واضح، وقد ينتهي في آخر المطاف إلى عجز بالغ يعوق ضحاياه عن النهوض بأعباء الحياة و مسؤولياتها الطبيعية، وعندئذ يخرج هذا القلق عن نطاق القلق السوي و يصبح مرضا، و لذلك نسميه مرض القلق. و ليس من الإنصاف أن نلوم المصابين به أو من حوله من أفراد العائلة، و إنما ينبغي أن نعده مرضا كسائر الأمراض يحتاج إلى علاج يتطور مع تقدم الأساليب العلمية في التشخيص و العلاج.
والجديد في أمر مرض القلق هو أن هناك من الدلائل ما يشير إلى نوع من الاضطراب في كيماويات المخ يراه المؤلف أساسا ماديا جوهريا لأعراض المرض يضاف إليه ما يعتري المريض من اختلال في السلوك والتعلم من تجارب الحياة. و يزيد الطين بلة ما يكون من ضغوط البيئة حوله فترهق المريض من أمره عسرا. ولذلك تتجه أساليب العلاج الحديث إلى هذه الأمور جميعا حتى يتم الشفاء. و من بواعث الأمل أن التقدم العلمي قد أتاح لنا أنواعا من العقاقير النفسية أحدثت ما يشبه الثورة في علاج الاضطرابات النفسية، عقاقير ثبت نجاحها حين تم استخدامها بدقة وعناية.
و من الأمور الطريفة في هذا الكتاب أن المؤلف يعرض نماذج المرضى من واقع مشاهداته و خبراته المهنية، و لذلك فقد جاءت نابضة بالحياة تعرض صورا متنوعة من عذاب المرضى و معاناتهم و تقلبهم بين الرجاء واليأس. و سيجد المصابون بمرض القلق أنفسهم في مرآة تجلو لهم خفايا شعورهم و كوامن أحاسيسهم. و لعلهم بذلك يدركون أنهم ليسوا وحدهم في محنتهم، و إنما يشاركهم كثيرون آخرون يألمون كما يألمون، إن يمسسهم قرح فقد مس القوم الآخرين قرح مثله، و حين عولج المرضى تم شفاؤهم. فمن واجب المصابين بمرض القلق أن يجدوا في طلب العلاج و الأمل في الشفاء بإذن الله. أما الذين أنعم الله عليهم فنجوا من بلاء المرض فسوف يزيدهم الكتاب معرفة بغيرهم، و لعلهم يعرفون عندئذ واجبهم في ضرورة الأخذ بأيدي المرضى الآخرين و تقديم العون لهم.
و إذا كان في هذا الكتاب ما يفتح أبواب الأمل أمام المعذبين من المرضى في حياة جديدة خصبة منتجة تنقشع عنها سحب قاتمة مزعجة فذلك حسب المؤلف من توفيق، و ذلك حسبنا من إسهام متواضع حين نقدم ترجمة الكتاب إلى قراء العربية، و نحن أحوج ما نكون إلى متابعة التطورات العلمية، و الله الموفق إلى سبيل الرشاد.
الرابط علي فورشيرد
http://adf.ly/E04xK
ميديافير
http://adf.ly/HIpWK
عدل سابقا من قبل health psychologist في السبت أغسطس 30, 2014 4:05 am عدل 2 مرات
ومؤلف الكتاب الدكتور دافيد. ف. شيهان Sheehan .David V طبيب عمل مديرا لأبحاث القلق في قسم الطب النفسي Psychiatry في المستشفى العام لولاية ماساتشوستس Massachusettsبالولايات المتحدة الأمريكية. وكان من قبل مدرسا للطب النفسي بكلية الطب في جامعة هارفارد. و هو الآن مدير الأبحاث الإكلينيكية و أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة جنوب فلوريدا في مدينة تامبا، و هو من الخبراء المعروفين في دراسة مرض القلق وعلاجه، و من أوائل الباحثين فيه في العصر الحاضر.
إنه لا ينجو إنسان من الناس في مواقف الحياة المختلفة من التعرض للقلق بدرجات متفاوتة. و من أمثلة ذلك الطالب الذي يوشك أن يدخل الامتحان أو يسعى للاطلاع على نتيجته، و الرياضي الذي يتهيأ للمنافسة في حلبات الألعاب الرياضية، و الموظف الذي يواجه تهديدا لاستقراره و أمنه في كسب رزقه، و السعي على عياله، و الزوج الذي يشرف على انفصام رابطته الزوجية، و الإنسان الذي يفقد واحدا من أقاربه أو أحبائه، و هذه كلها مواقف متجددة في حياة الناس حين يكدون و يكافحون في هذه الدنيا التي لا تخلو من الصراع. و كلنا يخبر في نفسه ما تعنيه أعراض القلق من أعراض وعلامات جسمية ونفسية كسرعة النبض، و خفقان القلب، و ارتفاع ضغط الدم، و شحوب الوجه، و برودة الأطراف و رعشة اليدين، و سرعة التنفس فضلا عن الشعور بالهم و الغم، و اضطراب النوم، و أضغاث الأحلام، و تغير الشهية، و النظرة السوداوية للحياة عامة. و لكن هذه الأعراض والعلامات جميعا تصيب الإنسان عندما يشعر بالتهديد في بعض مواقف الحياة. و هي على ذلك تعد أعراضا مألوفة لا شذوذ فيها ولا انحراف. و هي تزول حين تزول أسبابها المعروفة و قلما ينجو منها أحد كما أسلفنا. و لعل هذه التغيرات البدنية والنفسية بقيت فينا من أسلافنا القدماء حين كانوا يواجهون في حياتهم البدائية مواقف الحرب أو الهرب في صراعهم مع أخطار البيئة حولهم.
ولكن هناك نوعا آخر من القلق تتعدد صوره و تختلف مظاهره و هو يصيب الناس دون سبب وجيه أو داع واضح، وقد ينتهي في آخر المطاف إلى عجز بالغ يعوق ضحاياه عن النهوض بأعباء الحياة و مسؤولياتها الطبيعية، وعندئذ يخرج هذا القلق عن نطاق القلق السوي و يصبح مرضا، و لذلك نسميه مرض القلق. و ليس من الإنصاف أن نلوم المصابين به أو من حوله من أفراد العائلة، و إنما ينبغي أن نعده مرضا كسائر الأمراض يحتاج إلى علاج يتطور مع تقدم الأساليب العلمية في التشخيص و العلاج.
والجديد في أمر مرض القلق هو أن هناك من الدلائل ما يشير إلى نوع من الاضطراب في كيماويات المخ يراه المؤلف أساسا ماديا جوهريا لأعراض المرض يضاف إليه ما يعتري المريض من اختلال في السلوك والتعلم من تجارب الحياة. و يزيد الطين بلة ما يكون من ضغوط البيئة حوله فترهق المريض من أمره عسرا. ولذلك تتجه أساليب العلاج الحديث إلى هذه الأمور جميعا حتى يتم الشفاء. و من بواعث الأمل أن التقدم العلمي قد أتاح لنا أنواعا من العقاقير النفسية أحدثت ما يشبه الثورة في علاج الاضطرابات النفسية، عقاقير ثبت نجاحها حين تم استخدامها بدقة وعناية.
و من الأمور الطريفة في هذا الكتاب أن المؤلف يعرض نماذج المرضى من واقع مشاهداته و خبراته المهنية، و لذلك فقد جاءت نابضة بالحياة تعرض صورا متنوعة من عذاب المرضى و معاناتهم و تقلبهم بين الرجاء واليأس. و سيجد المصابون بمرض القلق أنفسهم في مرآة تجلو لهم خفايا شعورهم و كوامن أحاسيسهم. و لعلهم بذلك يدركون أنهم ليسوا وحدهم في محنتهم، و إنما يشاركهم كثيرون آخرون يألمون كما يألمون، إن يمسسهم قرح فقد مس القوم الآخرين قرح مثله، و حين عولج المرضى تم شفاؤهم. فمن واجب المصابين بمرض القلق أن يجدوا في طلب العلاج و الأمل في الشفاء بإذن الله. أما الذين أنعم الله عليهم فنجوا من بلاء المرض فسوف يزيدهم الكتاب معرفة بغيرهم، و لعلهم يعرفون عندئذ واجبهم في ضرورة الأخذ بأيدي المرضى الآخرين و تقديم العون لهم.
و إذا كان في هذا الكتاب ما يفتح أبواب الأمل أمام المعذبين من المرضى في حياة جديدة خصبة منتجة تنقشع عنها سحب قاتمة مزعجة فذلك حسب المؤلف من توفيق، و ذلك حسبنا من إسهام متواضع حين نقدم ترجمة الكتاب إلى قراء العربية، و نحن أحوج ما نكون إلى متابعة التطورات العلمية، و الله الموفق إلى سبيل الرشاد.
الرابط علي فورشيرد
http://adf.ly/E04xK
ميديافير
http://adf.ly/HIpWK
عدل سابقا من قبل health psychologist في السبت أغسطس 30, 2014 4:05 am عدل 2 مرات