مقدمة
تقديم:
نقدم كتابنا هذا بمقولة "جيزل": بأن "الأطفال هم الأمل الوحيد الباقي للإنسانية، فدراسة الأطفال تقدم الدليل الأوفى على ما يكْمُن في الروح الإنسانية من قوى وإمكانيات، وما ركِّب فيها من صفات فاتنة، فليتنا نستطيع أن ندرك براءتهم الصافية وإخلاصهم الصادق، وأنه لا يزال عندهم حتى اليوم الكثير مما يمكن أن نتعلمه منهم لو دققنا الملاحظة التدقيق الكافي. أضف إلى ذلك: فإن طبيعة الإنسان تكاد تبلغ في إرهابها وإرعابها مبلغ الذروة بغير زمام أو لجام، وستظل طبيعته كذلك إلى أن نتفهَّم القوى الكامنة فيه, ونمسك بزمامها ونتحكم فيها تبعًا لذلك. ولن يتهيأ للعقل البشري الهيمنة على الفرد والجماعة إلّا عن طريق المعرفة العميقة بالنفس الإنسانية وتطورها".
من خلاصة ما يزيد عن خمسة وعشرين عامًا قضاها المؤلفان في دراسات حول مسائل النمو والصحة النفسية دراسة وتدريسًا لطلابهما جاءت مادة هذا الكتاب "علم نفس النمو" الذي نقدِّم جزأه الأول حول: أسس ونظريات النمو، وجزأه الثاني: مظاهر النمو وتطبيقاته. ومن المؤكَّد أن الأسباب الداعية لدراسة النمو عديدة بقدر عدد من يعملون في هذا المجال, وكلها تهدف إلى وصف مسار النمو والمعدلات التي تتغير عندها مختلف أنماط السلوك أو تنضج في الوقت المناسب.
وكتاب علم نفس النمو في جزئه الأول الذي نحن بصدد تقديمه يتضمَّن عشرة فصول:
تناولنا في الفصل الأول: طبيعة النمو الإنساني, مركزين على موضوع دراسة علم نفس النمو، وقوانين ومبادئ النمو الأساسية، وأهمية دراسة النمو, فلقد تمكَّن الباحثون في هذا المجال أن يجمعوا قدرًا هائلًا من الحقائق العلمية حول العديد من أنماط السلوك الإنساني ومظاهر نموّه، وحدَّدوا متوسّط العمر الذي يبدأ عنده البلوغ، وكثيرًا ما تستخدم هذه المبادئ لتحديد ما إذا كان معدل النمو طبيعيًّا من عدمه.