مقدمة:
ليس هناك مرض نفسي يثير الاضطراب في العاملين في الصحة النفسية مثل صوم البنات
هذا المرض امره .Anorexia Nervosa او ما نسميه بفقدان الشهية أو القهم العصبي
شديد و فتاة من كل عشرة على اقل تقدير يقضون حتفهم 4 بسببه خلال عشرون عامًا و
البعض يقول ضعف هذا العدد.
رغم ان هذا الاضطراب يصنف ضمن الامراض النفسية و لكنه يدمر كل جهاز من اجهزة
الجسم. يبدا او ً لا بتدمير العظام و يتسلل تدريجيًا ليقضي على اعضاء الجسم الواحد بعد
الاخر و يقضي في النهاية على مناعة الجسم. يمكن ان نقول انه مرض متعدد الاجهزة
هناك من يقول بانه ناتج من اضطرابات عضوية في الدماغ. .Multisystem Disease
اما البعض الاخر فيقول بانه نتيجة طبيعية لظاهرة مدنية جعلت من النحافة مقياسًا
للجمال. لكنه ليس بمرض حديث و معروف تاريخيًا منذ الاف السنين
النموذج المثالي لهذا المرض سابقًا، و حتى حاليًا بالنسبة للحالات الشديدة، يتمثل بفتاة في
سن المراهقة من عائلة متوسطة او اعلى تبدأ تدريجيًا بخفض وزنها و الامتناع الجزئي عن
تناول الطعام. يتم اكتشاف الحالة بصورة عفوية من جراء التدهور الصحي العام للفتاة او
ملاحظة كادر التعليم لتغيير ملحوظ في سلوكها. ليس بغير المألوف ان تمر اعوام على
الحالة المرضية قبل تشخيصها .
و لكي نعالج المرض هناك علاجا واحدًا فقط يضمن النتيجة و هو تغذية المريضة. بدون
التغذية تصل المريضة الى مرحلة لا يمكن تجاوزها و تشير الى النهاية. هذه الايام هناك
جدل قانوني حول تغذية المريضة بدون رضاها طبيًا. كان الراي السائد سابقًا بان التغذية
الاجبارية تتعارض مع البعد الإنساني للعلاج. لكن رجال القانون غيروا رايهم و قرروا بان
هؤلاء الفتيات لا يملكون القدرة على اتخاذ قرار صائب و لا بد من تغذيتهن بالإجبار. غير
ان هذه القرارات القانونية لم تحدث تغييرًا ملحوظًا على ارض الواقع فهناك مرحلة يستسلم
فيها الاهل لمصير ابنتهم و يعلن الأطباء استسلامهم لنهاية المريضة.
الأغلبية منهن يتجاوزن هذا الاضطراب، و ان كان رهاب الوزن يصاحب الكثير منهن
طوال العمر بصورة او بأخرى. البعض منهن يدخلن مرحلة اخرى من مراحل اضطرابات
حيث يسيطر سلوك الشره و Bulimia Nervosa الاكل و هو ما يعرف بالضور العصبي
التقيؤ على سلوك المريضة و لكن الوزن يكون طبيعيًا. تم اكتشاف هذا النوع من
اضطرابات الاكل في نهاية السبعينيات 7 ، و كان يعتبر من انواع القهم العصبي.
الكثير من المريضات يتجاوزن مرحلة الضور العصبي و يمضين في طريق الحياة ولكن
بعضهن قد يعاني من اكتئاب مزمن و أقلية قد تدخل مرحلة جديدة و هي الادمان على
المواد الكيمائية المحظورة و غير المحظورة بالإضافة الى الكحول. كل ذلك يحصل خوفًا
من زيادة في الوزن و ربما مواجهة ازمات الحياة. بعبارة اخرى هناك ثلاثة مراحل قد تمر
بها الفتاة ان لم تتجاوز كليًا هذا الاضطراب و هي:
1 مرحلة القهم.
2 مرحلة الضور.
3 مرحلة الادمان.
مشاكل التشخيص:
ليتم تشخيص هذا المرض حتى يومنا هذا لا بد من توفر ثلاثة معايير:
.Weight Phobia 1 رهاب الوزن
. دون 18 Body Mass Index 2 نزول مؤشر كتلة الجسم
3 غياب العادة الشهرية( مع ان استعمال حبوب منع الحمل قد يمنع ذلك).
هذه المعايير في طريقها الى التغيير العام القادم مع صدور المجلد الخامس التشخيصي و
الاحصائي للاضطرابات العقلية(الجمعية الطبية الامريكية). اول معيار سيتم التخلص منه
هو المعيار الثالث. المعيار الأخير كان و لا يزال يعتبر المؤشر الطبي الذي يعتمد عليه
سريريًا لتشخيص الحالة بصورة لا تقبل الجدل. قد يؤدي هذا التغيير الى زيادة تشخيص
حالات القهم العصبي مما يؤثر سلبيًا على تقديم الخدمات الصحية و استهداف الحالات
الشديدة.
اما نزول مؤشر كتلة الجسم فسيتم التعويض عنه بعبارة فقدان الوزن من جراء تحديد المقدار
المأخوذ من الطاقة، و بالتالي نزول الوزن دون الحد الادنى الصحي للبالغين او دون الحد
الادنى المتوقع في المريضات دون سن البلوغ. هذا المعيار قد لا يقل غموضًا و اثارة
للجدل و قد يزيد ايضًا من عدد الحالات التي يتم تشخيصها، و قد يكون تأثيره سلبيًا كما هو
الامر مع المعيار اعلاه.
أما المعيار الثالث الجديد فهو يتعلق بسلوك المريضة من تجنب الاكل و الحد من عدد
السعرات الحرارية المأخوذة من خلال الطعام او التخلص منها عن طريق الاسراف في
الفعاليات الرياضية على سبيل المثال. سيتم تصنيف القهم العصبي الى نوعين:
حيث تمتنع المريضة عن تناول الطعام و تحرص على عدد Restricting 1 نوع التقييد
السعرات الحرارية التي يتم تعاطيها عن طريق الطعام و التخلص منها كذلك عن طريق
ممارسة الفعاليات الرياضية.
أو الشره المرضي حيث يطغي على الحالة السريرية سلوكًا Bulimic 2 نوع الضور
يتصف بتناول كميات هائلة من الطعام و التقيؤ بعدها.
ان المعايير المستعملة في تشخيص جميع الامراض الطبية و النفسية لا فائدة من استعمالها
ان لم تساعد على التكهن بمسار الحالة و تقديم العلاج اللازم. لا شك بان المعايير الجديدة
ستزيد من عدد الحالات التي ستصنف على انها حالات قهم عصبي و ربما سيكون مسار
الحالات أكثر حميدًا مما هو عليه الان. لكن هذا لا يعني بان الحالات الشديدة سيتم اكتشافها
مبكرًا و بالتالي ستكون نتائج العلاج اكثر نجاحًا مما هو عليه الان. قد تنطبق القاعدة
الاخيرة على الكثير من الاضطرابات الطبية العضوية و كذلك الامراض الذهانية، و لكن لا
يوجد دليل على تطبيقها في القهم العصبي.
موقع القهم العصبي في مجموعات الاضطرابات النفسية:
القهم العصبي كاضطراب عضوي:
هناك من يصف فقدان الشهية العصبي كاضطراب لمنطقة المهاد ناتج عن زيادة فعالية
الناقلات العصبية الكيمائية و من ضمنها الدوبامين و السيروتنين. معظم هذه النظريات تستند
على ابحاث مختبرية على الحيوان و من الصعب ربطها بواقع الممارسة السريرية. تحدث
تغيرات بنيوية في القشرة المخية في المصابات بهذا المرض و لكن معظمها ناتج من سوء
. التغذية و هي قابلة للانعكاس مع زيادة الوزن 5
القهم العصبي كاضطراب ذهاني:
يحاول البعض ربط هذا الاضطراب بعملية ذهانيه. يمكن وضع رهاب الوزن في اطارة
فكرة طبيعية تتطور مع الوقت الى فكرة حصارية و بعدها الى فكرة باهظة الاهمية و من ثم
مجرد وهام. رغم ان معظم المصابات بهذا المرض ينكرون الخوف من زيادة الوزن في
بداية الامر، و لكن تمسكهم بهذه الفكرة مع تقدم الحالة لا يختلف في اطاره عن الاضطراب
الوهامي 8. لكن لا يوجد تنصيف يدرج رهاب الوزن الواقع ضمن معايير فقدان الشهية
العصبي ضمن الاضطرابات الوهامية.
هناك اتجاه تكثر ملاحظته في استعمال العقاقير المضادة للذهان من الجيل الثاني مثل
الاولانزابين و الكوتايبين هذه الايام، و حتى عند الاطفال، رغم غياب الدليل العلمي القاطع
. بان هذه العقاقير تساعد على زيادة الوزن 6
قد تساعد هذه العقاقير في علاج اعراض الاكتئاب و القلق المصاحبة للاضطراب و لكنها لا
تساعد على التخلص من فقدان الشهية او زيادة الوزن. ما يعكسه استعمال هذه العقاقير احيانًا
هي حالة الياس من علاج الحالة بالتغذية و الطرق النفسية السلوكية.
القهم العصبي كاضطراب وجداني:
يميل الكثير من الاطباء العاملين في مجال الطب النفسي الى علاج المريضة على انها
قد تكون هذه النظرية .Atypical Depression مصابة باضطراب اكتئاب غير نموذجي
صحيحة في الكثير من الحالات التي تظهر في بعض المرضى بعد البلوغ، و تستجيب
للعلاج باستعمال العقاقير المضادة للاكتئاب رغم هيمنة رهاب الوزن على الحالة المرضية.
كذلك العكس هو الصحيح، و هو ان احد مضاعفات القهم العصبي هو الاكتئاب، و الاستجابة
للعقاقير المضادة للاكتئاب يساعد المريضة على التخلص من الاعراض الوجدانية و
المشاركة بصورة فعالة في العلاج النفسي.
أما الضور العصبي فعلى عكس القهم فهو يستجيب للعلاج بالعقاقير المضادة للاكتئاب.
تلاحظ 60 % من المصابات بالضور العصبي تحسنًا في السلوك و الاضطراب الوجداني
المصاحب له. على ضوء ذلك يميل الكثير الى تصنيف الضور العصبي على انه اضطراب
.Atypical Depression اكتئاب غير نموذجي
القهم العصبي كاضطراب عصابي:
ان الولع بالوزن و الطعام ما هو الا جزء من عقد نفسية تحملها الانثى في مراحل معينة من
مراحل حياتها و قد تتخلص منها بعد عبورها تلك المرحلة او تستمر على حملها طوال
العمر.
هذا التصنيف للقهم العصبي لا يخلوا من المصداقية في بعض الحالات. تميل المدرسة
التحليلية الى التركيز على علاقة الفتاة بأمها لتفسير امتناعها عن الطعام و على ان سلوكها
ما هو الا عقوبة طفل لامه. يكثر ملاحظة غياب الاب عن دائرة العلاقات العائلية و تركه
الفتاة في تفاعل و تشابك مع الام حيث تتدخل الاخيرة في كل صغيرة و كبيرة تتعلق بابنتها.
تقضي الفتاة عمرها منذ الطفولة الى عمر المراهقة في محاولة لإرضاء الام و كسب
رضاها. مع الدخول الى مرحلة المراهقة يبدأ السلوك السلبي و العنيد و يصاحب ذلك
شعور بان الجسد هو في حالة فراق عن النفس، و اصبح ملكًا للام و لا بد من القضاء
عليه. يميل البعض الى ان علاقة الام بابنتها تؤدي الى تجريد الفتاة من شخصيتها و يتم
التعامل معها على انها مجرد الذراع اليمنى لها. اما الذكور المصابين بالقهم العصبي فتلعب
مشاكل الصراع مع التوجه الجنسي المثلي و القبول بالهوية الجنسية المثلية دورها.
القهم العصبي و اضطرابات الشخصية الحدية:
سلوك الامتناع عن الطعام و فقدان الوزن ما هو الا سلوك يلحق الاذى بالمريضة. هذا
السلوك لا يختف في اطاره عن اكثر اعراض اضطراب الشخصية الحدية شيوعًا و هو
الحاق الاذى بالنفس.
اكثر من 50 % من المريضات المصابات باضطراب الشخصية الحدية يتم تشخيصهم
% باضطرابات الاكل 3، بنما يتم تشخيص اضطراب الشخصية الحدية في ما لا يقل عن 20
من المصابات بالقهم العصبي، في 24 % من المصابات بالضور العصبي، و ما يقارب في
%40 اذا اجتمع القهم و الضور سوية.
القهم العصبي و نماذج الصحة النفسية:
يعتبر القهم العصبي من الاكثر الاضطرابات النفسية تمثي ً لا لدور النماذج المختلفة المستعملة
في الطب النفسي هي الاجتماعي، النفسي الحركي، المعرفي السلوكي، و الطبي.
اصبحت النحافة معيارًا للجمال سوا ء كان ذلك في الغرب او الشرق. معظم الجمعيات
الاجتماعية التي تعني بالقهم العصبي تضع العوامل الاجتماعية و دور الفن و الاعلام في
موقع الصدارة. أما تفاوت الاضطراب عبر مختلف الحضارات فهو ايضًا لم يخضع
لدراسات ميدانية موثوقًا فيها 1
لا يحمل القهم العصبي تلك الوصمة السلبية التي تصاحب الكثير من الاضطرابات النفسية.
على العكس من ذلك اصبح هذا الاضطراب علامة مميزة لفتاة شابة و ذكية من عائلة اعلى
من المتوسطة سلاحها الطموح لحياة افضل. هذا النموذج الاجتماعي المعروف للقهم العصبي
لم يتم اثباته في الدراسات الميدانية، و من الجائز بان المريضة التي تنحدر من مستوى
اجتماعي متوسط ربما اوفر حظًا في الحصول على العلاج.
اما النموذج النفسي الحركي فقد اعطى القهم العصبي الكثير من الانتباه سواء على مستوى
العلاج الفردي او العائلي. كانت و لا تزال قاعدة العلاج هذا الاضطراب تتلخص بان
العلاج العائلي يستحسن في المريضات دون سن البلوغ و أما بعد ذلك فيستحسن العلاج
على مستوى فردي. اما النموذج الطبي فيتم تطبيقه في الحالات المتقدمة و العسيرة.
من يعالج البنات الصائمات؟
ليس هناك جدال بان المصابات بالقهم العصبي دون سن البلوغ يجب تقديم الخدمات لهن عبر
الفرق الصحية للطب النفسي للأطفال و المراهقين. اما بعد عمر السادسة عشر فيستحسن
تقديم العلاج عن طريق فريق طبي له خبرة في علاج هذا الاضطراب لعدة اسباب:
1 هناك عدة عوامل اجتماعية و عائلية تلعب دورها في الاضطراب التي قد يتم التغاضي
عنها في مجال الطب النفسي العام.
2 علاج اضطرابات الاكل قد تتجه تدريجيًا نحو النموذج الطبي اذا تم حصرها ضمن
خدمات الطب النفسي ألعام و هذا النموذج لوحده قلما يكون كافيًا.
3 سلوك البنات الصائمات لا يخلوا من التلاعب في التعامل مع الفرق الصحية و ألنفسية و
هذا التلاعب بحد ذاته قد يولد تفاعل سلبي تجاه المستخدمة و بالتالي انهيار العلاقة العلاجية.
على ضوء ذلك فان من المستحسن ان يتم تقديم هذا العلاج من قبل فريق صحي لديه خبرة
في التعامل معهن.
هناك من يعارض استحداث هذه الفرق و يطالب بالدليل على استهدافها الحالات الصعبة
الخطيرة حيث ان اكثر من 50 % من الحالات التي يتم علاجها من قبل هذه الفرق هي
EDNOS(Eating Disorder Not اضطراب الاكل الغير قابل للتعريف 2 او ما يسمى
لا شك بان المعايير الجديدة في العام القادم ستؤدي الى انخفاض .Otherwise Specified)
تشخيص اضطراب الاكل الغير قابل للتعريف و استبداله بالقهم العصبي. كذلك فان نتائج
مختلف انواع العلاج النفسي و الطبي لمريضات القهم العصبي غير حاسمة على اقل تقدير،
و يشمل غياب الدليل ايضًا تقديم العلاج من قبل فريق مختص مقارنة بفريق عام.
References / در
أ
1 Bennet D, Sharpe M, Freeman C, Carson A(2004). Anorexia
nervosa among female secondary school girls in Ghana. B J
Psych 185: 312-7.
2 Button E, Benson E, Nollett C, Palmer R(2005). Don’t
forget EDNOS( eating disorder not otherwise specified):
Patterns of service use in an eating disorder service
The Psychiatrist 29: 134-136.
3 Herzog, David B.; Keller, Martin B.; Lavori, Philip W.;
Kenny, Gina M.; et al(1992).The prevalence of personality
disorders in 210 women with eating disorders. Journal of
Clinical Psychiatry, 53(5): 147-152.
4 Hlynsky J , Goldner E, Gao M. The mortality rate from
anorexia nervosa. Int J Eat Disord. (2005) 38(2):143-6.
5 Mainz V, Schulte-Rüther M, Fink GR, Herpertz-Dahlmann
B, Konrad K(2012). Structural brain abnormalities in
adolescent anorexia nervosa before and after weight
recovery and associated hormonal changes. Psychosom Med.;
74(6):574-82
6 McKnight RF, Park RJ.(2010) Atypical antipsychotics and
anorexia nervosa: a review. Eur Eat Disord
Rev. 2010;18(1):10-21.
7 Russell G (1979). Bulimia nervosa: an ominous variant
of anorexia nervosa. Psychological Medicine 9 (3): 429–
48
8 Steinglass JE, Eisen JL, Attia E, Mayer L, Walsh
BT(2007)
Is anorexia nervosa a delusional disorder? An assessment
of eating beliefs in anorexia nervosa. J Psychiatr
Pract. ;13(2):65-71.
ليس هناك مرض نفسي يثير الاضطراب في العاملين في الصحة النفسية مثل صوم البنات
هذا المرض امره .Anorexia Nervosa او ما نسميه بفقدان الشهية أو القهم العصبي
شديد و فتاة من كل عشرة على اقل تقدير يقضون حتفهم 4 بسببه خلال عشرون عامًا و
البعض يقول ضعف هذا العدد.
رغم ان هذا الاضطراب يصنف ضمن الامراض النفسية و لكنه يدمر كل جهاز من اجهزة
الجسم. يبدا او ً لا بتدمير العظام و يتسلل تدريجيًا ليقضي على اعضاء الجسم الواحد بعد
الاخر و يقضي في النهاية على مناعة الجسم. يمكن ان نقول انه مرض متعدد الاجهزة
هناك من يقول بانه ناتج من اضطرابات عضوية في الدماغ. .Multisystem Disease
اما البعض الاخر فيقول بانه نتيجة طبيعية لظاهرة مدنية جعلت من النحافة مقياسًا
للجمال. لكنه ليس بمرض حديث و معروف تاريخيًا منذ الاف السنين
النموذج المثالي لهذا المرض سابقًا، و حتى حاليًا بالنسبة للحالات الشديدة، يتمثل بفتاة في
سن المراهقة من عائلة متوسطة او اعلى تبدأ تدريجيًا بخفض وزنها و الامتناع الجزئي عن
تناول الطعام. يتم اكتشاف الحالة بصورة عفوية من جراء التدهور الصحي العام للفتاة او
ملاحظة كادر التعليم لتغيير ملحوظ في سلوكها. ليس بغير المألوف ان تمر اعوام على
الحالة المرضية قبل تشخيصها .
و لكي نعالج المرض هناك علاجا واحدًا فقط يضمن النتيجة و هو تغذية المريضة. بدون
التغذية تصل المريضة الى مرحلة لا يمكن تجاوزها و تشير الى النهاية. هذه الايام هناك
جدل قانوني حول تغذية المريضة بدون رضاها طبيًا. كان الراي السائد سابقًا بان التغذية
الاجبارية تتعارض مع البعد الإنساني للعلاج. لكن رجال القانون غيروا رايهم و قرروا بان
هؤلاء الفتيات لا يملكون القدرة على اتخاذ قرار صائب و لا بد من تغذيتهن بالإجبار. غير
ان هذه القرارات القانونية لم تحدث تغييرًا ملحوظًا على ارض الواقع فهناك مرحلة يستسلم
فيها الاهل لمصير ابنتهم و يعلن الأطباء استسلامهم لنهاية المريضة.
الأغلبية منهن يتجاوزن هذا الاضطراب، و ان كان رهاب الوزن يصاحب الكثير منهن
طوال العمر بصورة او بأخرى. البعض منهن يدخلن مرحلة اخرى من مراحل اضطرابات
حيث يسيطر سلوك الشره و Bulimia Nervosa الاكل و هو ما يعرف بالضور العصبي
التقيؤ على سلوك المريضة و لكن الوزن يكون طبيعيًا. تم اكتشاف هذا النوع من
اضطرابات الاكل في نهاية السبعينيات 7 ، و كان يعتبر من انواع القهم العصبي.
الكثير من المريضات يتجاوزن مرحلة الضور العصبي و يمضين في طريق الحياة ولكن
بعضهن قد يعاني من اكتئاب مزمن و أقلية قد تدخل مرحلة جديدة و هي الادمان على
المواد الكيمائية المحظورة و غير المحظورة بالإضافة الى الكحول. كل ذلك يحصل خوفًا
من زيادة في الوزن و ربما مواجهة ازمات الحياة. بعبارة اخرى هناك ثلاثة مراحل قد تمر
بها الفتاة ان لم تتجاوز كليًا هذا الاضطراب و هي:
1 مرحلة القهم.
2 مرحلة الضور.
3 مرحلة الادمان.
مشاكل التشخيص:
ليتم تشخيص هذا المرض حتى يومنا هذا لا بد من توفر ثلاثة معايير:
.Weight Phobia 1 رهاب الوزن
. دون 18 Body Mass Index 2 نزول مؤشر كتلة الجسم
3 غياب العادة الشهرية( مع ان استعمال حبوب منع الحمل قد يمنع ذلك).
هذه المعايير في طريقها الى التغيير العام القادم مع صدور المجلد الخامس التشخيصي و
الاحصائي للاضطرابات العقلية(الجمعية الطبية الامريكية). اول معيار سيتم التخلص منه
هو المعيار الثالث. المعيار الأخير كان و لا يزال يعتبر المؤشر الطبي الذي يعتمد عليه
سريريًا لتشخيص الحالة بصورة لا تقبل الجدل. قد يؤدي هذا التغيير الى زيادة تشخيص
حالات القهم العصبي مما يؤثر سلبيًا على تقديم الخدمات الصحية و استهداف الحالات
الشديدة.
اما نزول مؤشر كتلة الجسم فسيتم التعويض عنه بعبارة فقدان الوزن من جراء تحديد المقدار
المأخوذ من الطاقة، و بالتالي نزول الوزن دون الحد الادنى الصحي للبالغين او دون الحد
الادنى المتوقع في المريضات دون سن البلوغ. هذا المعيار قد لا يقل غموضًا و اثارة
للجدل و قد يزيد ايضًا من عدد الحالات التي يتم تشخيصها، و قد يكون تأثيره سلبيًا كما هو
الامر مع المعيار اعلاه.
أما المعيار الثالث الجديد فهو يتعلق بسلوك المريضة من تجنب الاكل و الحد من عدد
السعرات الحرارية المأخوذة من خلال الطعام او التخلص منها عن طريق الاسراف في
الفعاليات الرياضية على سبيل المثال. سيتم تصنيف القهم العصبي الى نوعين:
حيث تمتنع المريضة عن تناول الطعام و تحرص على عدد Restricting 1 نوع التقييد
السعرات الحرارية التي يتم تعاطيها عن طريق الطعام و التخلص منها كذلك عن طريق
ممارسة الفعاليات الرياضية.
أو الشره المرضي حيث يطغي على الحالة السريرية سلوكًا Bulimic 2 نوع الضور
يتصف بتناول كميات هائلة من الطعام و التقيؤ بعدها.
ان المعايير المستعملة في تشخيص جميع الامراض الطبية و النفسية لا فائدة من استعمالها
ان لم تساعد على التكهن بمسار الحالة و تقديم العلاج اللازم. لا شك بان المعايير الجديدة
ستزيد من عدد الحالات التي ستصنف على انها حالات قهم عصبي و ربما سيكون مسار
الحالات أكثر حميدًا مما هو عليه الان. لكن هذا لا يعني بان الحالات الشديدة سيتم اكتشافها
مبكرًا و بالتالي ستكون نتائج العلاج اكثر نجاحًا مما هو عليه الان. قد تنطبق القاعدة
الاخيرة على الكثير من الاضطرابات الطبية العضوية و كذلك الامراض الذهانية، و لكن لا
يوجد دليل على تطبيقها في القهم العصبي.
موقع القهم العصبي في مجموعات الاضطرابات النفسية:
القهم العصبي كاضطراب عضوي:
هناك من يصف فقدان الشهية العصبي كاضطراب لمنطقة المهاد ناتج عن زيادة فعالية
الناقلات العصبية الكيمائية و من ضمنها الدوبامين و السيروتنين. معظم هذه النظريات تستند
على ابحاث مختبرية على الحيوان و من الصعب ربطها بواقع الممارسة السريرية. تحدث
تغيرات بنيوية في القشرة المخية في المصابات بهذا المرض و لكن معظمها ناتج من سوء
. التغذية و هي قابلة للانعكاس مع زيادة الوزن 5
القهم العصبي كاضطراب ذهاني:
يحاول البعض ربط هذا الاضطراب بعملية ذهانيه. يمكن وضع رهاب الوزن في اطارة
فكرة طبيعية تتطور مع الوقت الى فكرة حصارية و بعدها الى فكرة باهظة الاهمية و من ثم
مجرد وهام. رغم ان معظم المصابات بهذا المرض ينكرون الخوف من زيادة الوزن في
بداية الامر، و لكن تمسكهم بهذه الفكرة مع تقدم الحالة لا يختلف في اطاره عن الاضطراب
الوهامي 8. لكن لا يوجد تنصيف يدرج رهاب الوزن الواقع ضمن معايير فقدان الشهية
العصبي ضمن الاضطرابات الوهامية.
هناك اتجاه تكثر ملاحظته في استعمال العقاقير المضادة للذهان من الجيل الثاني مثل
الاولانزابين و الكوتايبين هذه الايام، و حتى عند الاطفال، رغم غياب الدليل العلمي القاطع
. بان هذه العقاقير تساعد على زيادة الوزن 6
قد تساعد هذه العقاقير في علاج اعراض الاكتئاب و القلق المصاحبة للاضطراب و لكنها لا
تساعد على التخلص من فقدان الشهية او زيادة الوزن. ما يعكسه استعمال هذه العقاقير احيانًا
هي حالة الياس من علاج الحالة بالتغذية و الطرق النفسية السلوكية.
القهم العصبي كاضطراب وجداني:
يميل الكثير من الاطباء العاملين في مجال الطب النفسي الى علاج المريضة على انها
قد تكون هذه النظرية .Atypical Depression مصابة باضطراب اكتئاب غير نموذجي
صحيحة في الكثير من الحالات التي تظهر في بعض المرضى بعد البلوغ، و تستجيب
للعلاج باستعمال العقاقير المضادة للاكتئاب رغم هيمنة رهاب الوزن على الحالة المرضية.
كذلك العكس هو الصحيح، و هو ان احد مضاعفات القهم العصبي هو الاكتئاب، و الاستجابة
للعقاقير المضادة للاكتئاب يساعد المريضة على التخلص من الاعراض الوجدانية و
المشاركة بصورة فعالة في العلاج النفسي.
أما الضور العصبي فعلى عكس القهم فهو يستجيب للعلاج بالعقاقير المضادة للاكتئاب.
تلاحظ 60 % من المصابات بالضور العصبي تحسنًا في السلوك و الاضطراب الوجداني
المصاحب له. على ضوء ذلك يميل الكثير الى تصنيف الضور العصبي على انه اضطراب
.Atypical Depression اكتئاب غير نموذجي
القهم العصبي كاضطراب عصابي:
ان الولع بالوزن و الطعام ما هو الا جزء من عقد نفسية تحملها الانثى في مراحل معينة من
مراحل حياتها و قد تتخلص منها بعد عبورها تلك المرحلة او تستمر على حملها طوال
العمر.
هذا التصنيف للقهم العصبي لا يخلوا من المصداقية في بعض الحالات. تميل المدرسة
التحليلية الى التركيز على علاقة الفتاة بأمها لتفسير امتناعها عن الطعام و على ان سلوكها
ما هو الا عقوبة طفل لامه. يكثر ملاحظة غياب الاب عن دائرة العلاقات العائلية و تركه
الفتاة في تفاعل و تشابك مع الام حيث تتدخل الاخيرة في كل صغيرة و كبيرة تتعلق بابنتها.
تقضي الفتاة عمرها منذ الطفولة الى عمر المراهقة في محاولة لإرضاء الام و كسب
رضاها. مع الدخول الى مرحلة المراهقة يبدأ السلوك السلبي و العنيد و يصاحب ذلك
شعور بان الجسد هو في حالة فراق عن النفس، و اصبح ملكًا للام و لا بد من القضاء
عليه. يميل البعض الى ان علاقة الام بابنتها تؤدي الى تجريد الفتاة من شخصيتها و يتم
التعامل معها على انها مجرد الذراع اليمنى لها. اما الذكور المصابين بالقهم العصبي فتلعب
مشاكل الصراع مع التوجه الجنسي المثلي و القبول بالهوية الجنسية المثلية دورها.
القهم العصبي و اضطرابات الشخصية الحدية:
سلوك الامتناع عن الطعام و فقدان الوزن ما هو الا سلوك يلحق الاذى بالمريضة. هذا
السلوك لا يختف في اطاره عن اكثر اعراض اضطراب الشخصية الحدية شيوعًا و هو
الحاق الاذى بالنفس.
اكثر من 50 % من المريضات المصابات باضطراب الشخصية الحدية يتم تشخيصهم
% باضطرابات الاكل 3، بنما يتم تشخيص اضطراب الشخصية الحدية في ما لا يقل عن 20
من المصابات بالقهم العصبي، في 24 % من المصابات بالضور العصبي، و ما يقارب في
%40 اذا اجتمع القهم و الضور سوية.
القهم العصبي و نماذج الصحة النفسية:
يعتبر القهم العصبي من الاكثر الاضطرابات النفسية تمثي ً لا لدور النماذج المختلفة المستعملة
في الطب النفسي هي الاجتماعي، النفسي الحركي، المعرفي السلوكي، و الطبي.
اصبحت النحافة معيارًا للجمال سوا ء كان ذلك في الغرب او الشرق. معظم الجمعيات
الاجتماعية التي تعني بالقهم العصبي تضع العوامل الاجتماعية و دور الفن و الاعلام في
موقع الصدارة. أما تفاوت الاضطراب عبر مختلف الحضارات فهو ايضًا لم يخضع
لدراسات ميدانية موثوقًا فيها 1
لا يحمل القهم العصبي تلك الوصمة السلبية التي تصاحب الكثير من الاضطرابات النفسية.
على العكس من ذلك اصبح هذا الاضطراب علامة مميزة لفتاة شابة و ذكية من عائلة اعلى
من المتوسطة سلاحها الطموح لحياة افضل. هذا النموذج الاجتماعي المعروف للقهم العصبي
لم يتم اثباته في الدراسات الميدانية، و من الجائز بان المريضة التي تنحدر من مستوى
اجتماعي متوسط ربما اوفر حظًا في الحصول على العلاج.
اما النموذج النفسي الحركي فقد اعطى القهم العصبي الكثير من الانتباه سواء على مستوى
العلاج الفردي او العائلي. كانت و لا تزال قاعدة العلاج هذا الاضطراب تتلخص بان
العلاج العائلي يستحسن في المريضات دون سن البلوغ و أما بعد ذلك فيستحسن العلاج
على مستوى فردي. اما النموذج الطبي فيتم تطبيقه في الحالات المتقدمة و العسيرة.
من يعالج البنات الصائمات؟
ليس هناك جدال بان المصابات بالقهم العصبي دون سن البلوغ يجب تقديم الخدمات لهن عبر
الفرق الصحية للطب النفسي للأطفال و المراهقين. اما بعد عمر السادسة عشر فيستحسن
تقديم العلاج عن طريق فريق طبي له خبرة في علاج هذا الاضطراب لعدة اسباب:
1 هناك عدة عوامل اجتماعية و عائلية تلعب دورها في الاضطراب التي قد يتم التغاضي
عنها في مجال الطب النفسي العام.
2 علاج اضطرابات الاكل قد تتجه تدريجيًا نحو النموذج الطبي اذا تم حصرها ضمن
خدمات الطب النفسي ألعام و هذا النموذج لوحده قلما يكون كافيًا.
3 سلوك البنات الصائمات لا يخلوا من التلاعب في التعامل مع الفرق الصحية و ألنفسية و
هذا التلاعب بحد ذاته قد يولد تفاعل سلبي تجاه المستخدمة و بالتالي انهيار العلاقة العلاجية.
على ضوء ذلك فان من المستحسن ان يتم تقديم هذا العلاج من قبل فريق صحي لديه خبرة
في التعامل معهن.
هناك من يعارض استحداث هذه الفرق و يطالب بالدليل على استهدافها الحالات الصعبة
الخطيرة حيث ان اكثر من 50 % من الحالات التي يتم علاجها من قبل هذه الفرق هي
EDNOS(Eating Disorder Not اضطراب الاكل الغير قابل للتعريف 2 او ما يسمى
لا شك بان المعايير الجديدة في العام القادم ستؤدي الى انخفاض .Otherwise Specified)
تشخيص اضطراب الاكل الغير قابل للتعريف و استبداله بالقهم العصبي. كذلك فان نتائج
مختلف انواع العلاج النفسي و الطبي لمريضات القهم العصبي غير حاسمة على اقل تقدير،
و يشمل غياب الدليل ايضًا تقديم العلاج من قبل فريق مختص مقارنة بفريق عام.
References / در
أ
1 Bennet D, Sharpe M, Freeman C, Carson A(2004). Anorexia
nervosa among female secondary school girls in Ghana. B J
Psych 185: 312-7.
2 Button E, Benson E, Nollett C, Palmer R(2005). Don’t
forget EDNOS( eating disorder not otherwise specified):
Patterns of service use in an eating disorder service
The Psychiatrist 29: 134-136.
3 Herzog, David B.; Keller, Martin B.; Lavori, Philip W.;
Kenny, Gina M.; et al(1992).The prevalence of personality
disorders in 210 women with eating disorders. Journal of
Clinical Psychiatry, 53(5): 147-152.
4 Hlynsky J , Goldner E, Gao M. The mortality rate from
anorexia nervosa. Int J Eat Disord. (2005) 38(2):143-6.
5 Mainz V, Schulte-Rüther M, Fink GR, Herpertz-Dahlmann
B, Konrad K(2012). Structural brain abnormalities in
adolescent anorexia nervosa before and after weight
recovery and associated hormonal changes. Psychosom Med.;
74(6):574-82
6 McKnight RF, Park RJ.(2010) Atypical antipsychotics and
anorexia nervosa: a review. Eur Eat Disord
Rev. 2010;18(1):10-21.
7 Russell G (1979). Bulimia nervosa: an ominous variant
of anorexia nervosa. Psychological Medicine 9 (3): 429–
48
8 Steinglass JE, Eisen JL, Attia E, Mayer L, Walsh
BT(2007)
Is anorexia nervosa a delusional disorder? An assessment
of eating beliefs in anorexia nervosa. J Psychiatr
Pract. ;13(2):65-71.