ولد في 4 ديسمبر 1925 م بقرية صغیرة تسمى موندرا بولاية
البرتا بكندا لأبوين بولنديین من مزارعي القمح . التحق بالمدرسة
العلیا التي كان عدد طلابھا 20 طالبا وعدد مدرسیھا اثنین فقط من
المدرسین ( أشبه بالمدرسة ذات الفصل الواحد ) علم نفسه
بنفسه ھو وغیره من زملائه . ھذه الفترة من التعلم الذاتي أثرت
على تكوينه العلمي ھو وزملائه حیث تقلدوا جمیعا مواقع ھامة
وتخرجوا والتحقوا بمھن رفیعة المستوى . التحق بجامعة كولومبیا
وحصل على البكالوريوس عام 1949 م ، ثم واصل دراسته العلیا
بقسم علم النفسبجامعة ايوا وحصل على درجة الماجستیر عام
1951 م ،ثم الدكتوراه عام 1952 م . عمل بمركز ويشیتا كانساس
للإرشاد ، ثم انتقل للعمل بقسم علم النفس بجامعة ستانفورد
حیث ظل يعمل به طوال حیاته العملیة .
كان باندورا غزير الإنتاج العلمي حیث نشر عددا ضخما من
المقالات والدراسات والبحوث في المجلات العلمیة المتخصصة ،
إلى جانب أنه ظل مشغولا ومھتما بالتعلم الاجتماعي كمدخل
لدراسة الشخصیة ، كتب كتاباً عن عدوان المراھق عام 1963 م
أول طالب Richard H. Walters بالتعاون مع ريتشارد وولترز
للدكتوراه أشرف علیه . ثم نشر كتاب عن مبادئ تعديل السلوك
عام 1969 م . وكتاب عن نظرية التعلم الاجتماعي عام 1971 م
وأعاد نشره عام 1977 م تناول فیه تصور نظري دقیق لنظرية
التعلم الاجتماعي المعرفي .
حصل على الجائزة التقديرية كعالم متمیز من الجمعیة
الأمريكیة لعلم النفس عام 1972 م ، وحصل على جائزة الإنتاج
العلمي المتمیز من رابطة كالیفورنیا لعلم النفس عام 1973 م .
ورأس الجمعیة الأمريكیة لعلم النفس وھي أرقى وأقوى مركز
أدبي وأكاديمي في الولايات المتحدة الأمريكیة ، حیث يقتصر تقلد
ھذا المركز على علماء النفس الذين لھم إسھامات متمیزة في
مجتمع علم النفس ، ظل على مدى 25 عاما يقوم بتدريس
مقررين بجامعة ستانفورد ھما سیكولوجیة العدوان ،
وسیكولوجیة الشخصیة لطلاب البكالوريوس وطلاب الدراسات
العلیا .
يعد باندورا أحد الرموز الأساسیة لنظرية التعلم الاجتماعي ،
ومن رواد تعديل السلوك وبصفة خاصة السلوك العدواني . (
( الزيات ، 361
أساسیات النظرية
-1 يعتقد أن المثیرات الخارجیة تؤثر في السلوك من خلال تدخل
العملیات المعرفیة ، فالناسحین يتصرفون ويقومون ببعض
السلوكیات يفكرون فیما ھم يعملون ، واعتقاداتھم تؤثر في كیفیة
تأثر سلوكھم بالبیئة فالعملیات المعرفیة تحدد أي المثیرات ندرك
وقیمتھا وكیف ننظر لھا وكیف نتصرف بناء علیھا . وتسمح العملیات
المعرفیة أيضا باستخدام الرموز والدخول في نوع من التفكیر يتیح
التخمین بمجموعة التصرفات المختلفة ونتائجھا . لأن تصرفاتنا
تمثل انعكاسا لما في البیئة من مثیرات فنحن قادرين على تغییر
البیئة الحاضرة وبذلك ننظم ونرتب التعزيزات لأنفسنا لتؤثر في
سلوكنا ، وخلال عملیة التفاعل المتبادل ، الحدث نفسه يمكن أن
يكون مثیرا أو استجابة أو معززا بیئیا ، ومن غیر المجدي البحث
في أسباب بیئیة مطلقة للسلوك . والمقابلات أو اللقاءات العرضیة
سلسلة منفصلة من الأحداث لھا محدداتھا السببیة لكن ظھورھا
مع بعضيأتي مصادفة ، وعلم النفسلا يستطیع التنبؤ باحتمالیة
اللقاءات العرضیة لكنه يستطیع توضیح العوامل التي تؤثر فیما
( تتركه من آثار . ( انجلز ، 366
-2 تؤكد نظرية التعلم الاجتماعي على التفاعل الحتمي المتبادل
المستمر للسلوك ، والمعرفة ، والتأثیرات البیئیة ، وعلى أن
السلوك الإنساني ومحدداته الشخصیة والبیئیة تشكل نظاما
متشابكا من التأثیرات المتبادلة والمتفاعلة فإنه لا يمكن إعطاء أي
منھا مكانة متمیزة .
-3 تتضح ھذه التأثیرات المتبادلة من خلال : ( السلوك ذو الدلالة ،
والجوانب المعرفیة ، والأحداث الداخلیة الأخرى التي يمكن أن تؤثر
على الإدراكات والأفعال ، والمؤثرات البیئیة الخارجیة ) .
4 السلوك لا يتأثر بالمحددات البیئیة فحسب ولكن البیئة ھي
جزئیاً نتاج لمعالجة الفرد لھا ، ولذلك فالناس يمارسون بعض
التأثیرات على أنماط سلوكھم من خلال أسلوب معالجتھم للبیئة
ومن ثم فالناس لیسوا فقط مجرد ممارسین لردود الفعل إزاء
المثیرات الخارجیة ولكنھم أي الناسقادرون على التفكیر والابتكار
وتوظیف عملیاتھم المعرفیة لمعالجة الأحداث والوقائع البیئیة .
5 تلعب المعرفة دورا رئیسیا في التعلم الاجتماعي القائم على
الملاحظة . وتأخذ عملیات المعرفة شكل التمثیل الرمزي للأفكار
والصور الذھنیة وھي تتحكم في سلوك الفرد وتفاعله مع البیئة
كما تكون محكومة بھما .
6 تنطوي محددات السلوك على التأثیرات المعقدة التي تحدث
قبل قیام السلوك وتشمل : ( المتغیرات الفسیولوجیة ، والعاطفیة
، والأحداث المعرفیة ) والتأثیرات التي تلي السلوك وتتمثل في
أشكال التعزيز والتدعیم أو العقاب الخارجیة أو الداخلیة .
7 أن معظم أنماط السلوك الإنساني لا تكون محكومة بالتعزيزات
الفورية الخارجیة التي يؤكد علیھا السلوكیین أو أصحاب المدرسة
السلوكیة ( ثورنديك وسكنر وغیرھما ) حیث تتحدد توقعات الناس
في ضوء خبراتھم السابقة ، وبأثار السلوك المتوقعة المبنیة على
( 363 – خبرات الفرد الماضیة ( الزيات ، 362
8 يشیر التعلم من خلال الملاحظة إلى أن معظم السلوك
الإنساني متعلم باتباع نموذج أو مثال حي وواقعي ولیس من
خلال عملیات الأشراط الكلاسیكي أو الإجرائي . فبملاحظة
الآخرين تتطور فكرة عن كیفیة تكون سلوك ما وتساعد المعلومات
كدلیل أو موجه لتصرفاتنا الخاصة .
9 يمكن بالتعلم عن طريق ملاحظة الآخرين تجنب عمل أخطاء
فادحة ، أما الاعتماد على التعزيز المباشر يجعل الإنسان يعیش
فيعالم خطیر .
10 _ معظم سلوك البشر متعلم من خلال الملاحظة سواء
بالصدفة أو بالقصد . فالطفل الصغیر يتعلم الحديث باستماعه
لكلام الآخرين وتقلیدھم فلو أن تعلم اللغة كان معتمدا بالكامل
على التطويع أو الأشراط الكلاسیكي أو الإجرائي فمعنى ذلك أننا
لن نحقق ھذا التعلم .
11 _ الملاحظون قادرون على حل المشاكل بالشكل الصحیح
حتى بعد أن يكون النموذج أو القدوة فاشلا في حل نفس
المشاكل ، فالملاحظ يتعلم من أخطاء القدوة مثلما يتعلم من
نجاحاته وإيجابیاته . والتعلم من خلال الملاحظة يمكن أن يشتمل
على سلوكیات إبداعیة وتجديدية . والملاحظین يستنتجون سمات
متشابھة من استجابات مختلفة ويصفون قوانین من السلوك
تسمح لھم بتجاوز ما قد رأوه أو سمعوه ، ومن خلال ھذا النوع من
التنظیم نجدھم قادرين على تطوير أنماط جديدة من التصرف
يمكن أن تكون مختلفة عن تلك التي لاحظوھا بالفعل . ( انجلز ،
( 367
12 _ عندما يرتب الإنسان المتغیرات البیئیة الموقفیة ويبتكر أسسا
معرفیة لإنتاج الآثار المرغوبة التي يمكن اشتقاقھا من المتغیرات
فإنه يمارسخاصیة تنظیم وضبط الذات . وعلى ذلك فإن الطاقة أو
القدرة العملیة تكون مشغولة بالتفكیر الرمزي الذي يمدنا بالطرق
أو الوسائل أو الأسالیب أو الاستراتیجیات التي تمكننا من التفاعل
المستمر والناجح مع البیئة .
13 _ يقصد بالتعلم الاجتماعي : اكتساب الفرد أو تعلمه
لاستجابات أو أنماط سلوكیة جديدة من خلال موقف أو إطار
اجتماعي .
14 _ تأخذ العملیات المعرفیة شكل التمثیل الرمزي للأفكار والصور
الذھنیة وعملیات الانتباه القصدي والاحتفاظ التي تتحكم في
سلوك الفرد في تفاعله مع البیئة كما تكون محكومة بھما أيضا .
ويشیر مفھوم المعرفة إلى النظم اللغوية والتمثیل الذھني
الداخلي للمعلومات وترمیزھا وتخزينھا وتجھیزھا ومعالجتھا بحیث
تشكل إطرا تفسیرية وإدراكیة تستقبل من خلالھا المعلومات
وتستدخل . وحیث إن التعلم الاجتماعي القائم على الملاحظة
يحدث في إطار أو سیاق اجتماعي فإن استیعاب وتفسیر
واستدخال ھذا السیاق الاجتماعي يتأثر بما لدى الفرد من أطر
معرفیة ، وبصورة أكثر دقة بالبناء المعرفي للفرد وما ينطوي علیه
من محتوى معرفي وخبرات واستجابات وناتج ھذه الاستجابات
ومن ثم يؤثر كل ھذا على عملیات الانتقاء الذاتي للاستجابات . (
( الزيات ، 373 ، 364
15 _ توجد ثلاثة عوامل تؤثر في عملیة الاقتداء والمحاكاة وھي:
أ ) خصائص القدوة . كالخصائص المشابھة مثل تماثلھم في
العمر والجنس المركز الاجتماعي والوظیفة والكفاءة والسلطة .
وتوجد سلوكیات أكثر قابلیة للمحاكاة ، والسلوكیات العدوانیة
تأتي منسوخة وتحتذي بشكل دقیق خصوصا بواسطة الأطفال
الصغار .
ب ) صفات الملاحظ . الناس الذين ينقصھم الاحترام الذاتي وغیر
المؤھلین يكونون على وجه الخصوص عرضه وأكثر قابلیة لتقلید
القدوة أو النموذج كذلك أولئك الاتكالیین أو من سبق لھم الحصول
على مكافأة نتیجة مطابقة سلوكھم لسلوك آخر ، وما يتعلمه
الشخصويؤديه بعد ملاحظة القدوة يتغیر مع العمر .
ج ) آثار المكافآت المرتبطة بالسلوك أو نتائج المكافآت المرتبطة
بالسلوك ، فالنتائج المرتبطة بالسلوك تؤثر في فعالیة المحاكاة .
فسلوك المحاكاة قد يكون متأثرا بنتائج الثواب أو العقاب طويل
المدى . فالفرد يمكن أن يتوقف عن محاكاة النموذج أو القدوة
الذي يماثله في المستوى والخصائص فیما لو كانت آثار أو نتائج
الثواب غیر كافیة . وحتى الأفراد الواثقین من أنفسھم سیقومون
بمحاكاة سلوك الآخرين عندما تكون قیمة الثواب واضحة وأكیدة . (
( انجلز ، 372
16 _ التعلم الاجتماعي القائم على الملاحظة يقوم على عملیات
من الانتباه القصدي بدقة تكفي لاستدخال المعلومات والرموز
والاستجابات المراد تعلمھا في المجال المعرفي الإدراكي ،
فالفرد يتعلم عن طريق الملاحظة ويستقبل بدقة الأنماط
السلوكیة التي تصدر عن النموذج الملاحظ ، بما فیھا إيماءاته أو
تلمیحاته الصامتة وخصائصه الممیزة لاستدخال المعلومات
والاستجابات المراد تعلمھا داخل المجال الادراكي المعرفي للفرد
الملاحظ . وتؤثر عملیات الانتباه القصدي ھذه على انتقاء أو اختیار
ما ينبغيالانتباه له واستدخاله من أنماط سلوكیة تصدر عن
النموذج وما يجب اكتسابه وتعلمه وما يمكن إھماله أو تجاھله
17 عوامل التعلم بالملاحظة المتعلقة بالفرد الملاحظ ومنھا :
٠ العمر الزمني والاستعداد العقلي العام واتجاھه نحو النموذج .
٠ إدراكه لمدى أھمیة ما يصدر عن النموذج وتقديره للقیمة
العلمیة والمكانة الاجتماعیة له كما يدركھا الفرد .
٠ الجاذبیة الشخصیة أو الارتیاح النفسي القائم على التفاعل مع
النموذج .
18 عوامل التعلم بالملاحظة المتعلقة بالنموذج الملاحظ ومنھا :
٠ المكانة الاجتماعیة للنموذج أو درجة نجومیته فیزداد الحرص
على الانتباه للنموذج ومتابعته والاقتداء به كلما كان النموذج نجما
أو ذا شھرة .
٠ ما يصدر عن النموذج من أنماط استجابیة مصاحبة وتأثیره
الشخصي على الفرد الملاحظ ودرجة حیاده أو موضوعیته في
العرض.
٠ جنسالنموذج وقد تباينت نتائج الدراسات في ھذه النقطة ھذه
الدراسات اتفقت في معظمھا حول میل الفرد الملاحظ للاقتداء
بالنموذج الملاحظ كلما ذادت مساحة الخصائصالمشتركة بینھما
19 عوامل التعلم بالملاحظة المتعلقة بالظروف البیئیة أو
المحددات الموقفیة للتعلم بالنمذجة ومنھا :
٠ مدى التوافق بین القیم السائدة والمحددات الثقافیة
والاجتماعیة والدينیة والأخلاقیة من ناحیة وبین ما يصدر عن
النموذج فمثلا تصعب الدعوة إلى الأصالة والاعتماد الكلي على
مآثر الماضي في ظل ظروف تفرض فیھا التكنولوجیا المعاصرة
نفسھا على كافة مناشط المجتمع وحركته .
٠ مدى ملاءمة الظروف الموقفیة التي يحدث فیھا التعلم
بالملاحظة من حیث الزمان والمكان والوسیلة وحجم التفاعل
_ القائم بین الفرد الملاحظ والنموذج الملاحظ . ( الزيات ، 367
( 368
20 _ التعلم بالملاحظة محكوم بأربع عملیات مترابطة ھي:
أ ) عملیات الانتباه وھي القدرة على عمل تمییزات بین
الملاحظات وتحلیل المعلومات ، وھي مھارات يجب أن تكون
حاضرة قبل أن يظھر التعلم بالملاحظة . والمثیرات معظمھا يمر
بدون ملاحظة أو انتباه . عدد من المتغیرات يؤثر في عملیات
الانتباه . بعض من ھذه المتغیرات يتعلق بخصائص القدوة ،
وأخرى تتعلق بطبیعة النشاط وجزء آخر مرتبط بالشخص نفسه .
والناس الذين يرتبط بھم الفرد يحددون الأنواع السلوكیة التي
يلاحظھا الواحد لأن الارتباطات ، سواء بالاختیار أو بالصدفة ، تحدد
أنواع الأنشطة التي سوف تظھر مرات ومرات . وطبیعة
السلوكیات المقلدة تؤثر في حجم الاھتمام أو الانتباه الموجه لھا
فالتغییرات الحركیة والسريعة تفرض مثیرات تتحكم في مستوى
ودرجة الانتباه . من جانب آخر إذا كان النشاط معقدا جدا ، فمعنى
ذلك أنه قد يسبب الاستغراب والدھشة لعقولنا . والتلفزيون قد
وسع مجال النماذج المتاحة للناس ھذه الأيام
ب ) عملیات التذكر يتذكر الفرد أعمال وأقوال النموذج عندما يلاحظ
سلوكیات شخصما بدون الاستجابة في نفساللحظة ، فأنت قد
تقوم بھا من أجل أن تستخدمھا كدلیل وموجه للتصرف والسلوك
في مناسبات قادمة . وھناك شكلان أساسیان من الرموز التي
تسھل عملیة التعلم بالملاحظة ھما : ( اللفظي ، التخیلي ) ،
ومعظم العملیات المعرفیة بالنسبة للراشدين التي تتحكم في
السلوك لفظیة لا بصرية . والعلامات والتصورات الحیوية تساعد
في عملیة التمسك بالسلوكیات مدة أطول . والبروفة تعتبر عاملا
مساعدا وھاما للتذكر حیث أنه في حالة عدم القدرة على أداء
السلوك آنیا ، فمن الممكن القیام به ذھنیا . والمستوى الأعلى
للتعلم بالملاحظة يظھر عندما يطبق السلوك المقلد رمزيا وبعد
ذلك يقوم بتطبیقه فعلیا .
ج ) عملیات تكاثر حركیة وھي المیكانیزم الثالث للتقلید يتضمن
عملیات ، فمن أجل أن نحاكي نموذجا معینا يجب أن نحول التمثیل
الرمزي للسلوك إلى تصرفات مناسبة . عملیات التكاثر الحركي
تتضمن أربع مراحل فرعیة ھي : ( التنظیم المعرفي للاستجابة ،
بداية الاستجابة ، مراقبة الاستجابة ، تصفیة وتقنیة الاستجابة )
ومن أجل أداء نشاطا ما يكون ھناك اختیار وننظم للإستجابة على
المستوى المعرفي حیث يقرر ماھیة النشاط نقوم ثم تبدأ
الاستجابة بناء على فكرة كیف يمكن أن تنفذ ھذه الأشیاء ،
والقدرة على القیام بأداء ھذه الاستجابة جیدا يعتمد على
المھارات الضرورية لتنفیذ السلوكیات والعناصر التي تضمنھا
النشاط . إذا كانت متوفرة المھارات المطلوبة يكون من السھل
تعلم مھام جديدة وعندما تكون ھذه المھارات مفقودة فمعنى ذلك
أن التكاثر المطلوب لھذا النشاط سیكون ناقصا لذا يجب تطوير
المھارات الضرورية قبل أداء النشاط . والمھام المعقدة مثل قیادة
السیارة يتم تقسیمھا إلى أجزاء وعناصر عدة ، كل جزء مقلد
ومطبق بصورة منفصلة وبعد ذلك يضافون ويجمعون على بعضھم
البعض . وعند البدأ في أداء بعض الأنشطة لا نجیدھا في البداية
حیث تكثر الأخطاء مما يتطلب إعادة للسلوك وعمل التصحیحات
حتى يمكن تكوين النموذج أو فكرة عنه . وأحیانا من الممكن
التصرف كما لو كنا نقادا لأنفسنا ، نراقب سلوكیاتنا ونزودھا
بتغذية رجعیة .... الخ . والمھارات التي نتعلمھا من خلال التعلم
بالملاحظة تصبح متكاملة بالتدريج من خلال عملیة المحاولة
والخطأ نحن نتبع سلوك القدوة وبعد ذلك نبحث عن تحسین
تقديراتنا من خلال التغذية الرجعیة والانسجام .
د ) العملیات الدافعیة فنظرية التعلم الاجتماعي تعمل تمییزا بین
الاكتساب ( ما تعلمه الشخصويستطیع القیام به ) والأداء وھو ما
يستطیع الشخص بالفعل القیام به . الناس لا يقومون بكل شيء
يتعلمونه ھناك احتمال كبیر أن ندخل في سلوك مقلد إذا كان
ذلك السلوك يؤدي إلى نتائج قیمة واحتمال ضعیف بتقلید ذلك
السلوك إذا كانت النتائج عقابیة . ويمكن أن ندخل في عملیة
تعزيز ذاتي ، ونكون استجابات تقییمیة تجاه السلوك الخاص وھذا
يقود إلى مواصلة الدخول في سلوكیات مرضیة ذاتیا حیث نرفض
السلوكیات التي لا نحبھا ولا نرتاح لھا . ولا يظھر سلوك بدون
باعث فالدافع الصحیح لیس فقط القیام بالأداء الفعلي للسلوك
لكن أيضا التأثیر في العملیات الأخرى التي تدخل في التعلم
بالملاحظة . عندما لا نحفز لتعلم شيء ما قد لا نعیره اھتماما ،
حیث لا نرغب في ممارسة أنشطة تتطلب مجھودا كبیرا . وعددا
من السلوكیات المقلدة تظھر بسرعة تجعلھا سھلة في البحث
عن العملیات التي تشكل أرضیة للتعلم بالملاحظة . فقدوة
الأطفال تتكون في الغالب من تقلید فوري لكن مع الكبر ، يطور
الأطفال مھارات رمزية وحركیة تساعدھم أو تتیح لھم متابعة
سلوكیات أكثر تعقیدا . والفشل في تكوين أو تكاثر سلوك مقلد
ينتج من انتباه غیر كاف ، أو رمزية واحتفاظ غیر ملائمین ، أو نقص
في الاستعدادات الجسمانیة أو المھارة أو التطبیق أو الحافز الغیر
مناسب أو أي فرع من ھذه العملیات أو الأشیاء جمیعا .
21 _ أن أي سلوك يقوم به الفرد يمكن تعلمه بدون تجربة مباشرة
للتعزيز ، فنحن مثلا لا نحتاج إلى تعزيز لكي نعیر اھتماما للأصوات
المزعجة لأن تأثیر المثیر نفسه يتحكم في اھتمامنا وانتباھنا .
والتعلم بالملاحظة يظھر من خلال عملیات رمزية عندما يكون
الواحد منا عرضة للأنشطة المقلدة وقبل صدور أي استجابة ، لذا
فھو لا يعتمد على تعزيز خارجي . في حین أن مثل ھذا التعزيز
يلعب دورا في التعلم بالملاحظة إلا أنه لیس شرطا بل مساعدا
فقط ، فدوره يسبق الاستجابة ولا يتلوھا . توقعات الفرد
( وتخمیناته للعقاب أو الثواب تؤثر في كیفیة سلوكه ( انجلز ، 373
22 _ عملیات الاحتفاظ بسلوكیات النموذج أو تخزينھا في الذاكرة
بعیدة المدى واستیعابھا وتمثلھا وترمیزھا وتحويلھا إلى صیغ
رمزية تشكل إحدى الأسس الھامة للتعلم بالملاحظة . حیث لا
يمكن للفرد أن يتأثر بملاحظة النموذج ما لم يقم باستدخال
لسلوكیات النموذج والاحتفاظ بھا في الذاكرة بعیدة المدى
واستیعابھا وتمثلھا بحیث تحدث تغییرا في بنائه المعرفي يؤدي
إلى تغییر في سلوكه . ونظرا لأن فترات ملاحظة النموذج
وتكرارھا يكون محدودا فإن الفرد يقوم بترمیز الأنماط السلوكیة
التي تصدر عن النموذج ويتم تحويلھا إلى صیغ رمزية ( كلمات أو
صور ) يمكن استرجاعھا في وقت لاحق مصحوبة بأداء الفرد لھا .
-23 ھناك أسلوبین أو نظامین رئیسیین للتمثیل الداخلي :
أ ) التخیل أو التصور الذھني ، فعند ملاحظة الشخصيحدث نوع
من الأشراط الحاسي ،بین ما تجري ملاحظته من أنماط سلوكیة
تصدر عن النموذج ، وبین الرموز التي يقوم علیھا التخیل أو التصور
الذھني يمكن معه استرجاعھا عند الحاجة . ھذه التصورات أو
الصور البصرية تلعب دورا أساسیا أو مركزيا في التعلم بالملاحظة
وخاصة خلال مراحل النمو المبكرة عندما تكون المھارات اللغوية أو
مھارات استخدام اللغة محدودة وبصفة عامة خلال مراحل نمو
قابلیات اكتساب مختلف المھارات والأنشطة .
ب) الترمیز اللفظي للأحداث أو الوقائع التي لوحظت . فعند
ملاحظة النموذج يقوم الفرد بعملیة الترمیز اللفظي لما يلاحظه أو
لما بفعله النموذج الملاحظ ، وھذه الأنماط أو الصیغ الترمیزية
يمكن تسمیعھا أو ترديدھا داخلیا في وقت لاحق عندما يحاول
الفرد اجترارھا أو تذكرھا ، وعملیات الترمیز اللفظي تیسر الكثیر
البرتا بكندا لأبوين بولنديین من مزارعي القمح . التحق بالمدرسة
العلیا التي كان عدد طلابھا 20 طالبا وعدد مدرسیھا اثنین فقط من
المدرسین ( أشبه بالمدرسة ذات الفصل الواحد ) علم نفسه
بنفسه ھو وغیره من زملائه . ھذه الفترة من التعلم الذاتي أثرت
على تكوينه العلمي ھو وزملائه حیث تقلدوا جمیعا مواقع ھامة
وتخرجوا والتحقوا بمھن رفیعة المستوى . التحق بجامعة كولومبیا
وحصل على البكالوريوس عام 1949 م ، ثم واصل دراسته العلیا
بقسم علم النفسبجامعة ايوا وحصل على درجة الماجستیر عام
1951 م ،ثم الدكتوراه عام 1952 م . عمل بمركز ويشیتا كانساس
للإرشاد ، ثم انتقل للعمل بقسم علم النفس بجامعة ستانفورد
حیث ظل يعمل به طوال حیاته العملیة .
كان باندورا غزير الإنتاج العلمي حیث نشر عددا ضخما من
المقالات والدراسات والبحوث في المجلات العلمیة المتخصصة ،
إلى جانب أنه ظل مشغولا ومھتما بالتعلم الاجتماعي كمدخل
لدراسة الشخصیة ، كتب كتاباً عن عدوان المراھق عام 1963 م
أول طالب Richard H. Walters بالتعاون مع ريتشارد وولترز
للدكتوراه أشرف علیه . ثم نشر كتاب عن مبادئ تعديل السلوك
عام 1969 م . وكتاب عن نظرية التعلم الاجتماعي عام 1971 م
وأعاد نشره عام 1977 م تناول فیه تصور نظري دقیق لنظرية
التعلم الاجتماعي المعرفي .
حصل على الجائزة التقديرية كعالم متمیز من الجمعیة
الأمريكیة لعلم النفس عام 1972 م ، وحصل على جائزة الإنتاج
العلمي المتمیز من رابطة كالیفورنیا لعلم النفس عام 1973 م .
ورأس الجمعیة الأمريكیة لعلم النفس وھي أرقى وأقوى مركز
أدبي وأكاديمي في الولايات المتحدة الأمريكیة ، حیث يقتصر تقلد
ھذا المركز على علماء النفس الذين لھم إسھامات متمیزة في
مجتمع علم النفس ، ظل على مدى 25 عاما يقوم بتدريس
مقررين بجامعة ستانفورد ھما سیكولوجیة العدوان ،
وسیكولوجیة الشخصیة لطلاب البكالوريوس وطلاب الدراسات
العلیا .
يعد باندورا أحد الرموز الأساسیة لنظرية التعلم الاجتماعي ،
ومن رواد تعديل السلوك وبصفة خاصة السلوك العدواني . (
( الزيات ، 361
أساسیات النظرية
-1 يعتقد أن المثیرات الخارجیة تؤثر في السلوك من خلال تدخل
العملیات المعرفیة ، فالناسحین يتصرفون ويقومون ببعض
السلوكیات يفكرون فیما ھم يعملون ، واعتقاداتھم تؤثر في كیفیة
تأثر سلوكھم بالبیئة فالعملیات المعرفیة تحدد أي المثیرات ندرك
وقیمتھا وكیف ننظر لھا وكیف نتصرف بناء علیھا . وتسمح العملیات
المعرفیة أيضا باستخدام الرموز والدخول في نوع من التفكیر يتیح
التخمین بمجموعة التصرفات المختلفة ونتائجھا . لأن تصرفاتنا
تمثل انعكاسا لما في البیئة من مثیرات فنحن قادرين على تغییر
البیئة الحاضرة وبذلك ننظم ونرتب التعزيزات لأنفسنا لتؤثر في
سلوكنا ، وخلال عملیة التفاعل المتبادل ، الحدث نفسه يمكن أن
يكون مثیرا أو استجابة أو معززا بیئیا ، ومن غیر المجدي البحث
في أسباب بیئیة مطلقة للسلوك . والمقابلات أو اللقاءات العرضیة
سلسلة منفصلة من الأحداث لھا محدداتھا السببیة لكن ظھورھا
مع بعضيأتي مصادفة ، وعلم النفسلا يستطیع التنبؤ باحتمالیة
اللقاءات العرضیة لكنه يستطیع توضیح العوامل التي تؤثر فیما
( تتركه من آثار . ( انجلز ، 366
-2 تؤكد نظرية التعلم الاجتماعي على التفاعل الحتمي المتبادل
المستمر للسلوك ، والمعرفة ، والتأثیرات البیئیة ، وعلى أن
السلوك الإنساني ومحدداته الشخصیة والبیئیة تشكل نظاما
متشابكا من التأثیرات المتبادلة والمتفاعلة فإنه لا يمكن إعطاء أي
منھا مكانة متمیزة .
-3 تتضح ھذه التأثیرات المتبادلة من خلال : ( السلوك ذو الدلالة ،
والجوانب المعرفیة ، والأحداث الداخلیة الأخرى التي يمكن أن تؤثر
على الإدراكات والأفعال ، والمؤثرات البیئیة الخارجیة ) .
4 السلوك لا يتأثر بالمحددات البیئیة فحسب ولكن البیئة ھي
جزئیاً نتاج لمعالجة الفرد لھا ، ولذلك فالناس يمارسون بعض
التأثیرات على أنماط سلوكھم من خلال أسلوب معالجتھم للبیئة
ومن ثم فالناس لیسوا فقط مجرد ممارسین لردود الفعل إزاء
المثیرات الخارجیة ولكنھم أي الناسقادرون على التفكیر والابتكار
وتوظیف عملیاتھم المعرفیة لمعالجة الأحداث والوقائع البیئیة .
5 تلعب المعرفة دورا رئیسیا في التعلم الاجتماعي القائم على
الملاحظة . وتأخذ عملیات المعرفة شكل التمثیل الرمزي للأفكار
والصور الذھنیة وھي تتحكم في سلوك الفرد وتفاعله مع البیئة
كما تكون محكومة بھما .
6 تنطوي محددات السلوك على التأثیرات المعقدة التي تحدث
قبل قیام السلوك وتشمل : ( المتغیرات الفسیولوجیة ، والعاطفیة
، والأحداث المعرفیة ) والتأثیرات التي تلي السلوك وتتمثل في
أشكال التعزيز والتدعیم أو العقاب الخارجیة أو الداخلیة .
7 أن معظم أنماط السلوك الإنساني لا تكون محكومة بالتعزيزات
الفورية الخارجیة التي يؤكد علیھا السلوكیین أو أصحاب المدرسة
السلوكیة ( ثورنديك وسكنر وغیرھما ) حیث تتحدد توقعات الناس
في ضوء خبراتھم السابقة ، وبأثار السلوك المتوقعة المبنیة على
( 363 – خبرات الفرد الماضیة ( الزيات ، 362
8 يشیر التعلم من خلال الملاحظة إلى أن معظم السلوك
الإنساني متعلم باتباع نموذج أو مثال حي وواقعي ولیس من
خلال عملیات الأشراط الكلاسیكي أو الإجرائي . فبملاحظة
الآخرين تتطور فكرة عن كیفیة تكون سلوك ما وتساعد المعلومات
كدلیل أو موجه لتصرفاتنا الخاصة .
9 يمكن بالتعلم عن طريق ملاحظة الآخرين تجنب عمل أخطاء
فادحة ، أما الاعتماد على التعزيز المباشر يجعل الإنسان يعیش
فيعالم خطیر .
10 _ معظم سلوك البشر متعلم من خلال الملاحظة سواء
بالصدفة أو بالقصد . فالطفل الصغیر يتعلم الحديث باستماعه
لكلام الآخرين وتقلیدھم فلو أن تعلم اللغة كان معتمدا بالكامل
على التطويع أو الأشراط الكلاسیكي أو الإجرائي فمعنى ذلك أننا
لن نحقق ھذا التعلم .
11 _ الملاحظون قادرون على حل المشاكل بالشكل الصحیح
حتى بعد أن يكون النموذج أو القدوة فاشلا في حل نفس
المشاكل ، فالملاحظ يتعلم من أخطاء القدوة مثلما يتعلم من
نجاحاته وإيجابیاته . والتعلم من خلال الملاحظة يمكن أن يشتمل
على سلوكیات إبداعیة وتجديدية . والملاحظین يستنتجون سمات
متشابھة من استجابات مختلفة ويصفون قوانین من السلوك
تسمح لھم بتجاوز ما قد رأوه أو سمعوه ، ومن خلال ھذا النوع من
التنظیم نجدھم قادرين على تطوير أنماط جديدة من التصرف
يمكن أن تكون مختلفة عن تلك التي لاحظوھا بالفعل . ( انجلز ،
( 367
12 _ عندما يرتب الإنسان المتغیرات البیئیة الموقفیة ويبتكر أسسا
معرفیة لإنتاج الآثار المرغوبة التي يمكن اشتقاقھا من المتغیرات
فإنه يمارسخاصیة تنظیم وضبط الذات . وعلى ذلك فإن الطاقة أو
القدرة العملیة تكون مشغولة بالتفكیر الرمزي الذي يمدنا بالطرق
أو الوسائل أو الأسالیب أو الاستراتیجیات التي تمكننا من التفاعل
المستمر والناجح مع البیئة .
13 _ يقصد بالتعلم الاجتماعي : اكتساب الفرد أو تعلمه
لاستجابات أو أنماط سلوكیة جديدة من خلال موقف أو إطار
اجتماعي .
14 _ تأخذ العملیات المعرفیة شكل التمثیل الرمزي للأفكار والصور
الذھنیة وعملیات الانتباه القصدي والاحتفاظ التي تتحكم في
سلوك الفرد في تفاعله مع البیئة كما تكون محكومة بھما أيضا .
ويشیر مفھوم المعرفة إلى النظم اللغوية والتمثیل الذھني
الداخلي للمعلومات وترمیزھا وتخزينھا وتجھیزھا ومعالجتھا بحیث
تشكل إطرا تفسیرية وإدراكیة تستقبل من خلالھا المعلومات
وتستدخل . وحیث إن التعلم الاجتماعي القائم على الملاحظة
يحدث في إطار أو سیاق اجتماعي فإن استیعاب وتفسیر
واستدخال ھذا السیاق الاجتماعي يتأثر بما لدى الفرد من أطر
معرفیة ، وبصورة أكثر دقة بالبناء المعرفي للفرد وما ينطوي علیه
من محتوى معرفي وخبرات واستجابات وناتج ھذه الاستجابات
ومن ثم يؤثر كل ھذا على عملیات الانتقاء الذاتي للاستجابات . (
( الزيات ، 373 ، 364
15 _ توجد ثلاثة عوامل تؤثر في عملیة الاقتداء والمحاكاة وھي:
أ ) خصائص القدوة . كالخصائص المشابھة مثل تماثلھم في
العمر والجنس المركز الاجتماعي والوظیفة والكفاءة والسلطة .
وتوجد سلوكیات أكثر قابلیة للمحاكاة ، والسلوكیات العدوانیة
تأتي منسوخة وتحتذي بشكل دقیق خصوصا بواسطة الأطفال
الصغار .
ب ) صفات الملاحظ . الناس الذين ينقصھم الاحترام الذاتي وغیر
المؤھلین يكونون على وجه الخصوص عرضه وأكثر قابلیة لتقلید
القدوة أو النموذج كذلك أولئك الاتكالیین أو من سبق لھم الحصول
على مكافأة نتیجة مطابقة سلوكھم لسلوك آخر ، وما يتعلمه
الشخصويؤديه بعد ملاحظة القدوة يتغیر مع العمر .
ج ) آثار المكافآت المرتبطة بالسلوك أو نتائج المكافآت المرتبطة
بالسلوك ، فالنتائج المرتبطة بالسلوك تؤثر في فعالیة المحاكاة .
فسلوك المحاكاة قد يكون متأثرا بنتائج الثواب أو العقاب طويل
المدى . فالفرد يمكن أن يتوقف عن محاكاة النموذج أو القدوة
الذي يماثله في المستوى والخصائص فیما لو كانت آثار أو نتائج
الثواب غیر كافیة . وحتى الأفراد الواثقین من أنفسھم سیقومون
بمحاكاة سلوك الآخرين عندما تكون قیمة الثواب واضحة وأكیدة . (
( انجلز ، 372
16 _ التعلم الاجتماعي القائم على الملاحظة يقوم على عملیات
من الانتباه القصدي بدقة تكفي لاستدخال المعلومات والرموز
والاستجابات المراد تعلمھا في المجال المعرفي الإدراكي ،
فالفرد يتعلم عن طريق الملاحظة ويستقبل بدقة الأنماط
السلوكیة التي تصدر عن النموذج الملاحظ ، بما فیھا إيماءاته أو
تلمیحاته الصامتة وخصائصه الممیزة لاستدخال المعلومات
والاستجابات المراد تعلمھا داخل المجال الادراكي المعرفي للفرد
الملاحظ . وتؤثر عملیات الانتباه القصدي ھذه على انتقاء أو اختیار
ما ينبغيالانتباه له واستدخاله من أنماط سلوكیة تصدر عن
النموذج وما يجب اكتسابه وتعلمه وما يمكن إھماله أو تجاھله
17 عوامل التعلم بالملاحظة المتعلقة بالفرد الملاحظ ومنھا :
٠ العمر الزمني والاستعداد العقلي العام واتجاھه نحو النموذج .
٠ إدراكه لمدى أھمیة ما يصدر عن النموذج وتقديره للقیمة
العلمیة والمكانة الاجتماعیة له كما يدركھا الفرد .
٠ الجاذبیة الشخصیة أو الارتیاح النفسي القائم على التفاعل مع
النموذج .
18 عوامل التعلم بالملاحظة المتعلقة بالنموذج الملاحظ ومنھا :
٠ المكانة الاجتماعیة للنموذج أو درجة نجومیته فیزداد الحرص
على الانتباه للنموذج ومتابعته والاقتداء به كلما كان النموذج نجما
أو ذا شھرة .
٠ ما يصدر عن النموذج من أنماط استجابیة مصاحبة وتأثیره
الشخصي على الفرد الملاحظ ودرجة حیاده أو موضوعیته في
العرض.
٠ جنسالنموذج وقد تباينت نتائج الدراسات في ھذه النقطة ھذه
الدراسات اتفقت في معظمھا حول میل الفرد الملاحظ للاقتداء
بالنموذج الملاحظ كلما ذادت مساحة الخصائصالمشتركة بینھما
19 عوامل التعلم بالملاحظة المتعلقة بالظروف البیئیة أو
المحددات الموقفیة للتعلم بالنمذجة ومنھا :
٠ مدى التوافق بین القیم السائدة والمحددات الثقافیة
والاجتماعیة والدينیة والأخلاقیة من ناحیة وبین ما يصدر عن
النموذج فمثلا تصعب الدعوة إلى الأصالة والاعتماد الكلي على
مآثر الماضي في ظل ظروف تفرض فیھا التكنولوجیا المعاصرة
نفسھا على كافة مناشط المجتمع وحركته .
٠ مدى ملاءمة الظروف الموقفیة التي يحدث فیھا التعلم
بالملاحظة من حیث الزمان والمكان والوسیلة وحجم التفاعل
_ القائم بین الفرد الملاحظ والنموذج الملاحظ . ( الزيات ، 367
( 368
20 _ التعلم بالملاحظة محكوم بأربع عملیات مترابطة ھي:
أ ) عملیات الانتباه وھي القدرة على عمل تمییزات بین
الملاحظات وتحلیل المعلومات ، وھي مھارات يجب أن تكون
حاضرة قبل أن يظھر التعلم بالملاحظة . والمثیرات معظمھا يمر
بدون ملاحظة أو انتباه . عدد من المتغیرات يؤثر في عملیات
الانتباه . بعض من ھذه المتغیرات يتعلق بخصائص القدوة ،
وأخرى تتعلق بطبیعة النشاط وجزء آخر مرتبط بالشخص نفسه .
والناس الذين يرتبط بھم الفرد يحددون الأنواع السلوكیة التي
يلاحظھا الواحد لأن الارتباطات ، سواء بالاختیار أو بالصدفة ، تحدد
أنواع الأنشطة التي سوف تظھر مرات ومرات . وطبیعة
السلوكیات المقلدة تؤثر في حجم الاھتمام أو الانتباه الموجه لھا
فالتغییرات الحركیة والسريعة تفرض مثیرات تتحكم في مستوى
ودرجة الانتباه . من جانب آخر إذا كان النشاط معقدا جدا ، فمعنى
ذلك أنه قد يسبب الاستغراب والدھشة لعقولنا . والتلفزيون قد
وسع مجال النماذج المتاحة للناس ھذه الأيام
ب ) عملیات التذكر يتذكر الفرد أعمال وأقوال النموذج عندما يلاحظ
سلوكیات شخصما بدون الاستجابة في نفساللحظة ، فأنت قد
تقوم بھا من أجل أن تستخدمھا كدلیل وموجه للتصرف والسلوك
في مناسبات قادمة . وھناك شكلان أساسیان من الرموز التي
تسھل عملیة التعلم بالملاحظة ھما : ( اللفظي ، التخیلي ) ،
ومعظم العملیات المعرفیة بالنسبة للراشدين التي تتحكم في
السلوك لفظیة لا بصرية . والعلامات والتصورات الحیوية تساعد
في عملیة التمسك بالسلوكیات مدة أطول . والبروفة تعتبر عاملا
مساعدا وھاما للتذكر حیث أنه في حالة عدم القدرة على أداء
السلوك آنیا ، فمن الممكن القیام به ذھنیا . والمستوى الأعلى
للتعلم بالملاحظة يظھر عندما يطبق السلوك المقلد رمزيا وبعد
ذلك يقوم بتطبیقه فعلیا .
ج ) عملیات تكاثر حركیة وھي المیكانیزم الثالث للتقلید يتضمن
عملیات ، فمن أجل أن نحاكي نموذجا معینا يجب أن نحول التمثیل
الرمزي للسلوك إلى تصرفات مناسبة . عملیات التكاثر الحركي
تتضمن أربع مراحل فرعیة ھي : ( التنظیم المعرفي للاستجابة ،
بداية الاستجابة ، مراقبة الاستجابة ، تصفیة وتقنیة الاستجابة )
ومن أجل أداء نشاطا ما يكون ھناك اختیار وننظم للإستجابة على
المستوى المعرفي حیث يقرر ماھیة النشاط نقوم ثم تبدأ
الاستجابة بناء على فكرة كیف يمكن أن تنفذ ھذه الأشیاء ،
والقدرة على القیام بأداء ھذه الاستجابة جیدا يعتمد على
المھارات الضرورية لتنفیذ السلوكیات والعناصر التي تضمنھا
النشاط . إذا كانت متوفرة المھارات المطلوبة يكون من السھل
تعلم مھام جديدة وعندما تكون ھذه المھارات مفقودة فمعنى ذلك
أن التكاثر المطلوب لھذا النشاط سیكون ناقصا لذا يجب تطوير
المھارات الضرورية قبل أداء النشاط . والمھام المعقدة مثل قیادة
السیارة يتم تقسیمھا إلى أجزاء وعناصر عدة ، كل جزء مقلد
ومطبق بصورة منفصلة وبعد ذلك يضافون ويجمعون على بعضھم
البعض . وعند البدأ في أداء بعض الأنشطة لا نجیدھا في البداية
حیث تكثر الأخطاء مما يتطلب إعادة للسلوك وعمل التصحیحات
حتى يمكن تكوين النموذج أو فكرة عنه . وأحیانا من الممكن
التصرف كما لو كنا نقادا لأنفسنا ، نراقب سلوكیاتنا ونزودھا
بتغذية رجعیة .... الخ . والمھارات التي نتعلمھا من خلال التعلم
بالملاحظة تصبح متكاملة بالتدريج من خلال عملیة المحاولة
والخطأ نحن نتبع سلوك القدوة وبعد ذلك نبحث عن تحسین
تقديراتنا من خلال التغذية الرجعیة والانسجام .
د ) العملیات الدافعیة فنظرية التعلم الاجتماعي تعمل تمییزا بین
الاكتساب ( ما تعلمه الشخصويستطیع القیام به ) والأداء وھو ما
يستطیع الشخص بالفعل القیام به . الناس لا يقومون بكل شيء
يتعلمونه ھناك احتمال كبیر أن ندخل في سلوك مقلد إذا كان
ذلك السلوك يؤدي إلى نتائج قیمة واحتمال ضعیف بتقلید ذلك
السلوك إذا كانت النتائج عقابیة . ويمكن أن ندخل في عملیة
تعزيز ذاتي ، ونكون استجابات تقییمیة تجاه السلوك الخاص وھذا
يقود إلى مواصلة الدخول في سلوكیات مرضیة ذاتیا حیث نرفض
السلوكیات التي لا نحبھا ولا نرتاح لھا . ولا يظھر سلوك بدون
باعث فالدافع الصحیح لیس فقط القیام بالأداء الفعلي للسلوك
لكن أيضا التأثیر في العملیات الأخرى التي تدخل في التعلم
بالملاحظة . عندما لا نحفز لتعلم شيء ما قد لا نعیره اھتماما ،
حیث لا نرغب في ممارسة أنشطة تتطلب مجھودا كبیرا . وعددا
من السلوكیات المقلدة تظھر بسرعة تجعلھا سھلة في البحث
عن العملیات التي تشكل أرضیة للتعلم بالملاحظة . فقدوة
الأطفال تتكون في الغالب من تقلید فوري لكن مع الكبر ، يطور
الأطفال مھارات رمزية وحركیة تساعدھم أو تتیح لھم متابعة
سلوكیات أكثر تعقیدا . والفشل في تكوين أو تكاثر سلوك مقلد
ينتج من انتباه غیر كاف ، أو رمزية واحتفاظ غیر ملائمین ، أو نقص
في الاستعدادات الجسمانیة أو المھارة أو التطبیق أو الحافز الغیر
مناسب أو أي فرع من ھذه العملیات أو الأشیاء جمیعا .
21 _ أن أي سلوك يقوم به الفرد يمكن تعلمه بدون تجربة مباشرة
للتعزيز ، فنحن مثلا لا نحتاج إلى تعزيز لكي نعیر اھتماما للأصوات
المزعجة لأن تأثیر المثیر نفسه يتحكم في اھتمامنا وانتباھنا .
والتعلم بالملاحظة يظھر من خلال عملیات رمزية عندما يكون
الواحد منا عرضة للأنشطة المقلدة وقبل صدور أي استجابة ، لذا
فھو لا يعتمد على تعزيز خارجي . في حین أن مثل ھذا التعزيز
يلعب دورا في التعلم بالملاحظة إلا أنه لیس شرطا بل مساعدا
فقط ، فدوره يسبق الاستجابة ولا يتلوھا . توقعات الفرد
( وتخمیناته للعقاب أو الثواب تؤثر في كیفیة سلوكه ( انجلز ، 373
22 _ عملیات الاحتفاظ بسلوكیات النموذج أو تخزينھا في الذاكرة
بعیدة المدى واستیعابھا وتمثلھا وترمیزھا وتحويلھا إلى صیغ
رمزية تشكل إحدى الأسس الھامة للتعلم بالملاحظة . حیث لا
يمكن للفرد أن يتأثر بملاحظة النموذج ما لم يقم باستدخال
لسلوكیات النموذج والاحتفاظ بھا في الذاكرة بعیدة المدى
واستیعابھا وتمثلھا بحیث تحدث تغییرا في بنائه المعرفي يؤدي
إلى تغییر في سلوكه . ونظرا لأن فترات ملاحظة النموذج
وتكرارھا يكون محدودا فإن الفرد يقوم بترمیز الأنماط السلوكیة
التي تصدر عن النموذج ويتم تحويلھا إلى صیغ رمزية ( كلمات أو
صور ) يمكن استرجاعھا في وقت لاحق مصحوبة بأداء الفرد لھا .
-23 ھناك أسلوبین أو نظامین رئیسیین للتمثیل الداخلي :
أ ) التخیل أو التصور الذھني ، فعند ملاحظة الشخصيحدث نوع
من الأشراط الحاسي ،بین ما تجري ملاحظته من أنماط سلوكیة
تصدر عن النموذج ، وبین الرموز التي يقوم علیھا التخیل أو التصور
الذھني يمكن معه استرجاعھا عند الحاجة . ھذه التصورات أو
الصور البصرية تلعب دورا أساسیا أو مركزيا في التعلم بالملاحظة
وخاصة خلال مراحل النمو المبكرة عندما تكون المھارات اللغوية أو
مھارات استخدام اللغة محدودة وبصفة عامة خلال مراحل نمو
قابلیات اكتساب مختلف المھارات والأنشطة .
ب) الترمیز اللفظي للأحداث أو الوقائع التي لوحظت . فعند
ملاحظة النموذج يقوم الفرد بعملیة الترمیز اللفظي لما يلاحظه أو
لما بفعله النموذج الملاحظ ، وھذه الأنماط أو الصیغ الترمیزية
يمكن تسمیعھا أو ترديدھا داخلیا في وقت لاحق عندما يحاول
الفرد اجترارھا أو تذكرھا ، وعملیات الترمیز اللفظي تیسر الكثیر