1- التغذية:
تُعَدُّ تغذية الرضيع من المسائل الرئيسية في هذا الطور، بل إحدى المهام الهامة التي يجب إنجازها بنجاح, ولعل أهم ما يتصل بهذا الموضوع كيفية هذه التغذية, وخاصةً المفاضلة بين الرضاعة الطبيعية والرضاعة الصناعية. وقد فَضَّلَ القرآن الكريم الرضاعة الطبيعية منذ أربعة عشر قرنًا في قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} إلّا إذا كانت هناك ظروف قاهرة تمنع الأم من ذلك, فأجاز حينئذ "الاسترضاع"؛ فالأصل في تغذية الطفل في هذا الطور إذن, هو أن يرضع الطفل لبن أمه من صدرها, أما الاعتماد على الرضاعة الصناعية -والتي تشيع في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا "في مقابل السويد والصين التي تشبع فيهما الرضاعة الطبيعية"- فقد حسم الأمر بالنسبة إليها في ضوء نتائج البحوث التي بدأت منذ مطلع الستينات من القرن العشرين، ومنها تأكد نهائيًّا أن هذه الطريقة في تغذية الطفل لا تقبل المقارنة مطلقًا بطريقة التغذية الطبيعية، وفي هذا إعجاز علميٌّ جديدٌ لكتاب الله الخالد.
فالرضاعة الطبيعية لها مزاياها لكلٍّ من الرضيع والأم, فلبن الأم يفوق كل ما عداه من ألوان الغذاء الذي يمكن أن يُقَدَّمَ للطفل -مهما استخدم فيها من وسائل التعقيم الصحي- من حيث قدرته على وقاية الطفل من الإصابة من الأمراض المختلفة، ناهيك عن أنه غذاء صحي متكامل متوازن, لا توازيه أبدًا أية وجبة غذائية اصطناعية, أضف إلى ذلك أن الألبان الصناعية قد تحدث آثارًا ضارةً في صحة الطفل, بسبب بعض المستحضرات الكيميائية التي تؤلفها، بالإضافة إلى قابليتها السريعة للتلوث من خلال عمليات التحضير، ولهذا السبب فهي من أكثر الأسباب شيوعًا لتعرض الطفل للنزلات المعوية، وهي السبب الرئيسي لوفيات الأطفال الرضع.
والرضاعة الطبيعية لها جوانبها السيكولوجية التي تفوق طبيعتها كموقف تغذيةٍ فحسب, إنها موقف "رابطة طبيعية" و"تعلق مباشر" بين الطفل وأمه, يعين على الإسراع بالنمو الانفعالي والوجداني والاجتماعي للطفل, ولذلك يرى بعض العلماء أنه لو اضطرت الأم إلى الرضاعة الصناعية لأسبابٍ قاهرةٍ, فعليها أن تجعل موقف التغذية أقرب ما يكون إلى الرضاعة الطبيعية؛ من حيث الاتصال "الجسدي" المباشر بالطفل.
وللرضاعة الطبيعية آثارها المفيدة للأم أيضًا، فهي تساعد على سرعة
انكماش الرحم وعودته إلى حجمه الطبيعي بعد الولادة، بالإضافة إلى عودة نسب جسمها, وخاصة الصدر والبطن إلى حالتهما الطبيعية قبل الحمل, وتقلل من احتمالات إصابة الأم بأمراض الثدي والرحم التي شاعت في السنوات الأخيرة, ربما بسبب شيوع الرضاعة الصناعية.
وحتى تكون الرضاعة الطبيعية مفيدةً لكلٍّ من الطفل والأم, لابد لتغذية الأم نفسها أن تكون جيدة، وأن تمتنع الأم عن تناول العقاقير التي قد تؤثر في لبنها, أضف إلى ذلك أن استمرار ثدي الأم في إفراز اللبن يتوقف على قوة مصّ الطفل له, وقد تلعب الأم دورًا في امتناع الطفل عن التغذية من صدرها, فقد تأكَّدَ أن الأطفال الرضَّعَ يميلون إلى التغذية الطبيعية الهادئة والكافية, إذا كانت أمهاتهم على درجة كافية من الرضا والسعادة والاسترخاء, ومعنى ذلك أن نجاح الرضاعة الطبيعية يتوقف على أن تكون الأم راغبة، أما الأم التي ترضع طفلها أداءً للواجب دون رغبةٍ منها في ذلك, تصاب بالتوتر, وتنعكس اضطرابات الأم هنا على الطفل, فيبدي علامات الضيق "دافيدوف، 1983". ومن هنا ينشأ رفض الطفل للتغذية الطبيعية.
2- الفصال "الفطام":
يُقْصَدُ بالفطام تحول الطفل تدريجيًّا من التغذية عن طريقة الرضاعة, سواء أكانت طبيعية أم صناعية, إلى الشرب من كأسٍ أو كوبٍ, وتناول الأطعمة الأكثر صلابة, ولا يوجد مسحٌ شاملٌ يوضح لنا السن الأكثر تكرارًا في عالمنا العربيّ والإسلاميّ الذي عنده يحدث الفصال, وتتوافر مثل هذه الدراسات المسحية في المجتمعات الغربية, ومن ذلك أنه في الولايات المتحدة يحدث الفطام عادةً بين سن 6 شهور, 12 شهرًا, ويمتد إلى بلوغ الطفل عامين أو أكثر.
وقد أوضح القرآن الكريم الحد الأقصى لرضاعة الطفل بعامين، وقد بيَّنَ بحكمته البالغة أنها قد تقل عن ذلك, ويذكر العلم الحديث بعض المؤشرات التي قد تفيد المهتمين برعاية الطفل في هذه المرحلة في تحديد حاجة الطفل إلى الفطام، ومن ذلك ما أوردته الأكايمية الأمريكية لطب الأطفال منذ عام 1958 Harris" 1986 من أن الطفل يكون جاهزًا من الوجهة الفسيولوجية لتناول الأطعمة الصلبة إذا أظهر ما يلي:
أ- أن يستهلك من التغذية بالرضاعة أكثر من 32 أوقية "أي: ما يعادل960 ميللميتر" يوميًّا.
ب- أن يشعر بالجوع على الرغم من أنه يتغذى برضاعة جيدة كل ثلاث أو أربع ساعات.
وقد لاحظ بعض الباحثين أن كثيرًا من الأطفال يفطمون أنفسهم بالتدريج, وخاصة إن كان هناك أخٌ "أو أختٌ" أكبر منه يحاول تقليده، وكان الوالدان يشجعانه على تناول الطعام مستقلًّا، وفي جميع الحالات يجب أن يتنبه الوالدان "وخاصة الأم" إلى أن يتمَّ ذلك بالتدريج, ودون عقاب أو تعسف أو قهر، وألَّا تحوِّلَ الفطامَ إلى خبرة صدمية.
وأفضل طريقة لفطام الطفل دون تعرضه لمشكلاتٍ حادَّةٍ أن تقوم الأم بإنقاص كمية الطعام الذي يتناوله الطفل عن طريق الرضاعة, حالما أن الطفل يستطيع الحصول على طعامه من مصادر أخرى، فإذا كان من الواجب توقف الطفل عن الرضاعة الطبيعية في سنٍّ مبكرٍ "قبل سن 6 شهور مثلًا" فمن الأفضل أن يتحول إلى التغذية برضاعة صناعية "باستخدام الزجاجة" حتى تتوافر للطفل طريقة لإشباع حاجة المصِّ لديه في هذا السن, وبعدئذ تبدأ الأم بملء الزجاجة بالماء دون المواد الغذائية المرغوب فيها "كاللبن أو العصائر" وذلك لتشجيعه على التوقف عن استخدام الزجاجة في تناول طعامه.
أما إذا كان علينا وقف الطفل عن الرضاعة الطبيعية في سنٍّ متأخر, فيجب أن يتمَّ الفطام بتحويله تدريجيًّا إلى الشرب من الكوب, وإذا كان الطفل لا يزال يظهر حاجته إلى المصِّ فيمكن أن تقدم مصادر بديلة كالمصاصات وألعاب الأسنان, ومن المعروف أن الحرمان المفاجئ من المصِّ قد يؤدي إلى مصِّ الأصابع حتى بعد انتهاء فترة الفطام, وقد يتحول بعد ذلك إلى لازمة عصبية يظهرها الأطفال "والكبار أحيانًا" في مواقف التوتر والقلق.
3- التسنين:
يُعَدُّ التسنين إحدى المشكلات الهامة في طور الرضاعة، ويتمثل في ظهور الأسنان اللبنية "وعددها 20سنًّا", ويعتبر هذا الحدث مشكلة للطفولة في هذا الطور لما يصاحبه من بعض مظاهر الاضطراب التي تعتري كلًّا من الطفل والوالدين.
ويختلف الرضع اختلافات جوهرية في موعد ظهور السن اللبنية الأولى, ويذكر "Smith 1886" أنه يولد طفل واحد من بين كل ألف وخمسمائة طفل وفي فمه سن لبنية واحدة، كما أن بعض الأطفال لا يظهرون سنهم اللبنية الأولى إلّا بعد أن يبلغوا من العمر 15شهرًا، إلّا أنه عند معظم الأطفال تبدأ هذه الأسنان في الظهور في الفترة العمرية بين 6، 7شهور.
ويعاني الأطفال أثناء التسنين من بعض آلام اللثة والفم وضعف الصحة، بل
والمرض أحيانًا، وهي جميعًا أعراض مؤقتة تنتج عن تمزق بعض الأوعية الدموية, وإحلال بعض الأنسجة محل بعضها الآخر، ولهذا السبب قد تضعف شهية الطفل للطعام, بالإضافة إلى الضيق والتوتر، كما قد تظهر أعراض مثل ارتفاع درجة الحرارة والقيء والإسهال وآلام الأذن والنوبات التشنجية.
4- التدريب على الإخراج:
يُعَدُّ تدريب الطفل على الإخراج خبرةً هامَّة في حياته, يُطْلَبُ منه فيها التعود على المعايير الاجتماعية, ولعل مصدر المشكلة هنا هو قلق الوالدين الزائد, وخاصة حين يعتبر تحكم الطفل في المثانة والأمعاء مؤشرًا على النموّ الصحيح, ولعلنا هنا نشير إلى أن المؤشر الصحيح على الحاجة إلى التدريب على الإخراج هو معدل النموّ الجسمي للطفل, وليس رغبات الوالدين وحاجاتهما؛ لأنه حتى يتم هذا التدريب بنجاحٍ لابد أن يظهر أنماطًا سلوكية معينة, يلخصها ويلي وونج Whaley Wong 1986" فيما يلي:
أ- التحكم اللاإرادي في الأمعاء والمثانة, يجب أن يحل محله التحكم الإرادي فيهما، وهذا لا يحدث إلّا خلال الفترة العمرية من 18-24شهرًا, وقد يحتاج الطفل الذي يُولَدُ قبل الأوان, كما قد يحتاج الذكور إلى فترة أطول, بل إن بعض الأطفال من ذوي النقائص النيرولوجية قد لا يصلون إلى هذا التحكم الإرادي مطلقًا, وعلى هذا, فإن التدريب على الإخراج لا يجب أن يبدأ أبدًا قبل وصول الطفل إلى هذه المرحلة, وأيّ تدريب يحدث قبل ذلك هو تدريب للوالدين على الالتزام بمواعيد وأفعال معينة, دون أن يكون له أثر يُذْكَرُ على الطفل.
ب- القدرة العضلية على المشي إلى الحمَّاِم, وخلع الملابس, والجلوس على "القصرية", أما نظافة الطفل والمكان بعد ذلك تظل مسئولية الكبار من الوالدين أو الإخوة الكبار, فلا يمكن أن يُطَالَبَ الطفلُ بما لا يستطيع.
جـ- القدرة على الشعور بحركة البول أو البراز أو هما معًا, والحاجة إلى إخراجهما, ويمكن للوالدين أن يستعينا ببعض المنبهات غير اللفظية التي يظهرها الطفل لتوقع أنه على وشك التبول أو التبرز, ومن هذه المنبهات التعبيرات الوجهية والإيماءات ووضع قامة الطفل, وبهذا يتم التعبير عن الحاجة إلى الإخراج وإشباعها بالذهاب إلى الحمَّامِ.
د- القدرة على استخدام بعض المهارات اللغوية للتعبير عن الحاجة إلى الإخراج، كما يجب أن يكون الطفل قادرًا على فهم التعليمات اللفظية التي يقدمها له الوالدان في مثل هذا الموقف حتى يتتبعها، كما يجب أن يكون قادرًا أيضًا عل
هم الأساليب اللغوية التي يستخدمها الوالدان في مدحِ أو ذمِّ أنماط السلوك غير المرغوب التي تصدر عنه في مثل هذه المواقف.
وحالما يُظْهِرُ الطفل استعدادًا للتحكم في الإخراج, يمكن أن يبدأ تدريبه, والمهم في جميع الحالات أن يتسم الوالدان بالصبر أثناء هذه الفترة الحرجة من حياة الطفل, وعمومًا فإن أفضل سن التدريب على الإخراج هو بعد أن يتجاوز الطفل عامين من العمر، وعلى هذا, فإنه يصبح إحدى مسئوليات ومهام الطور التالي "Walkar Roberts 1983"
تُعَدُّ تغذية الرضيع من المسائل الرئيسية في هذا الطور، بل إحدى المهام الهامة التي يجب إنجازها بنجاح, ولعل أهم ما يتصل بهذا الموضوع كيفية هذه التغذية, وخاصةً المفاضلة بين الرضاعة الطبيعية والرضاعة الصناعية. وقد فَضَّلَ القرآن الكريم الرضاعة الطبيعية منذ أربعة عشر قرنًا في قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} إلّا إذا كانت هناك ظروف قاهرة تمنع الأم من ذلك, فأجاز حينئذ "الاسترضاع"؛ فالأصل في تغذية الطفل في هذا الطور إذن, هو أن يرضع الطفل لبن أمه من صدرها, أما الاعتماد على الرضاعة الصناعية -والتي تشيع في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا "في مقابل السويد والصين التي تشبع فيهما الرضاعة الطبيعية"- فقد حسم الأمر بالنسبة إليها في ضوء نتائج البحوث التي بدأت منذ مطلع الستينات من القرن العشرين، ومنها تأكد نهائيًّا أن هذه الطريقة في تغذية الطفل لا تقبل المقارنة مطلقًا بطريقة التغذية الطبيعية، وفي هذا إعجاز علميٌّ جديدٌ لكتاب الله الخالد.
فالرضاعة الطبيعية لها مزاياها لكلٍّ من الرضيع والأم, فلبن الأم يفوق كل ما عداه من ألوان الغذاء الذي يمكن أن يُقَدَّمَ للطفل -مهما استخدم فيها من وسائل التعقيم الصحي- من حيث قدرته على وقاية الطفل من الإصابة من الأمراض المختلفة، ناهيك عن أنه غذاء صحي متكامل متوازن, لا توازيه أبدًا أية وجبة غذائية اصطناعية, أضف إلى ذلك أن الألبان الصناعية قد تحدث آثارًا ضارةً في صحة الطفل, بسبب بعض المستحضرات الكيميائية التي تؤلفها، بالإضافة إلى قابليتها السريعة للتلوث من خلال عمليات التحضير، ولهذا السبب فهي من أكثر الأسباب شيوعًا لتعرض الطفل للنزلات المعوية، وهي السبب الرئيسي لوفيات الأطفال الرضع.
والرضاعة الطبيعية لها جوانبها السيكولوجية التي تفوق طبيعتها كموقف تغذيةٍ فحسب, إنها موقف "رابطة طبيعية" و"تعلق مباشر" بين الطفل وأمه, يعين على الإسراع بالنمو الانفعالي والوجداني والاجتماعي للطفل, ولذلك يرى بعض العلماء أنه لو اضطرت الأم إلى الرضاعة الصناعية لأسبابٍ قاهرةٍ, فعليها أن تجعل موقف التغذية أقرب ما يكون إلى الرضاعة الطبيعية؛ من حيث الاتصال "الجسدي" المباشر بالطفل.
وللرضاعة الطبيعية آثارها المفيدة للأم أيضًا، فهي تساعد على سرعة
انكماش الرحم وعودته إلى حجمه الطبيعي بعد الولادة، بالإضافة إلى عودة نسب جسمها, وخاصة الصدر والبطن إلى حالتهما الطبيعية قبل الحمل, وتقلل من احتمالات إصابة الأم بأمراض الثدي والرحم التي شاعت في السنوات الأخيرة, ربما بسبب شيوع الرضاعة الصناعية.
وحتى تكون الرضاعة الطبيعية مفيدةً لكلٍّ من الطفل والأم, لابد لتغذية الأم نفسها أن تكون جيدة، وأن تمتنع الأم عن تناول العقاقير التي قد تؤثر في لبنها, أضف إلى ذلك أن استمرار ثدي الأم في إفراز اللبن يتوقف على قوة مصّ الطفل له, وقد تلعب الأم دورًا في امتناع الطفل عن التغذية من صدرها, فقد تأكَّدَ أن الأطفال الرضَّعَ يميلون إلى التغذية الطبيعية الهادئة والكافية, إذا كانت أمهاتهم على درجة كافية من الرضا والسعادة والاسترخاء, ومعنى ذلك أن نجاح الرضاعة الطبيعية يتوقف على أن تكون الأم راغبة، أما الأم التي ترضع طفلها أداءً للواجب دون رغبةٍ منها في ذلك, تصاب بالتوتر, وتنعكس اضطرابات الأم هنا على الطفل, فيبدي علامات الضيق "دافيدوف، 1983". ومن هنا ينشأ رفض الطفل للتغذية الطبيعية.
2- الفصال "الفطام":
يُقْصَدُ بالفطام تحول الطفل تدريجيًّا من التغذية عن طريقة الرضاعة, سواء أكانت طبيعية أم صناعية, إلى الشرب من كأسٍ أو كوبٍ, وتناول الأطعمة الأكثر صلابة, ولا يوجد مسحٌ شاملٌ يوضح لنا السن الأكثر تكرارًا في عالمنا العربيّ والإسلاميّ الذي عنده يحدث الفصال, وتتوافر مثل هذه الدراسات المسحية في المجتمعات الغربية, ومن ذلك أنه في الولايات المتحدة يحدث الفطام عادةً بين سن 6 شهور, 12 شهرًا, ويمتد إلى بلوغ الطفل عامين أو أكثر.
وقد أوضح القرآن الكريم الحد الأقصى لرضاعة الطفل بعامين، وقد بيَّنَ بحكمته البالغة أنها قد تقل عن ذلك, ويذكر العلم الحديث بعض المؤشرات التي قد تفيد المهتمين برعاية الطفل في هذه المرحلة في تحديد حاجة الطفل إلى الفطام، ومن ذلك ما أوردته الأكايمية الأمريكية لطب الأطفال منذ عام 1958 Harris" 1986 من أن الطفل يكون جاهزًا من الوجهة الفسيولوجية لتناول الأطعمة الصلبة إذا أظهر ما يلي:
أ- أن يستهلك من التغذية بالرضاعة أكثر من 32 أوقية "أي: ما يعادل960 ميللميتر" يوميًّا.
ب- أن يشعر بالجوع على الرغم من أنه يتغذى برضاعة جيدة كل ثلاث أو أربع ساعات.
وقد لاحظ بعض الباحثين أن كثيرًا من الأطفال يفطمون أنفسهم بالتدريج, وخاصة إن كان هناك أخٌ "أو أختٌ" أكبر منه يحاول تقليده، وكان الوالدان يشجعانه على تناول الطعام مستقلًّا، وفي جميع الحالات يجب أن يتنبه الوالدان "وخاصة الأم" إلى أن يتمَّ ذلك بالتدريج, ودون عقاب أو تعسف أو قهر، وألَّا تحوِّلَ الفطامَ إلى خبرة صدمية.
وأفضل طريقة لفطام الطفل دون تعرضه لمشكلاتٍ حادَّةٍ أن تقوم الأم بإنقاص كمية الطعام الذي يتناوله الطفل عن طريق الرضاعة, حالما أن الطفل يستطيع الحصول على طعامه من مصادر أخرى، فإذا كان من الواجب توقف الطفل عن الرضاعة الطبيعية في سنٍّ مبكرٍ "قبل سن 6 شهور مثلًا" فمن الأفضل أن يتحول إلى التغذية برضاعة صناعية "باستخدام الزجاجة" حتى تتوافر للطفل طريقة لإشباع حاجة المصِّ لديه في هذا السن, وبعدئذ تبدأ الأم بملء الزجاجة بالماء دون المواد الغذائية المرغوب فيها "كاللبن أو العصائر" وذلك لتشجيعه على التوقف عن استخدام الزجاجة في تناول طعامه.
أما إذا كان علينا وقف الطفل عن الرضاعة الطبيعية في سنٍّ متأخر, فيجب أن يتمَّ الفطام بتحويله تدريجيًّا إلى الشرب من الكوب, وإذا كان الطفل لا يزال يظهر حاجته إلى المصِّ فيمكن أن تقدم مصادر بديلة كالمصاصات وألعاب الأسنان, ومن المعروف أن الحرمان المفاجئ من المصِّ قد يؤدي إلى مصِّ الأصابع حتى بعد انتهاء فترة الفطام, وقد يتحول بعد ذلك إلى لازمة عصبية يظهرها الأطفال "والكبار أحيانًا" في مواقف التوتر والقلق.
3- التسنين:
يُعَدُّ التسنين إحدى المشكلات الهامة في طور الرضاعة، ويتمثل في ظهور الأسنان اللبنية "وعددها 20سنًّا", ويعتبر هذا الحدث مشكلة للطفولة في هذا الطور لما يصاحبه من بعض مظاهر الاضطراب التي تعتري كلًّا من الطفل والوالدين.
ويختلف الرضع اختلافات جوهرية في موعد ظهور السن اللبنية الأولى, ويذكر "Smith 1886" أنه يولد طفل واحد من بين كل ألف وخمسمائة طفل وفي فمه سن لبنية واحدة، كما أن بعض الأطفال لا يظهرون سنهم اللبنية الأولى إلّا بعد أن يبلغوا من العمر 15شهرًا، إلّا أنه عند معظم الأطفال تبدأ هذه الأسنان في الظهور في الفترة العمرية بين 6، 7شهور.
ويعاني الأطفال أثناء التسنين من بعض آلام اللثة والفم وضعف الصحة، بل
والمرض أحيانًا، وهي جميعًا أعراض مؤقتة تنتج عن تمزق بعض الأوعية الدموية, وإحلال بعض الأنسجة محل بعضها الآخر، ولهذا السبب قد تضعف شهية الطفل للطعام, بالإضافة إلى الضيق والتوتر، كما قد تظهر أعراض مثل ارتفاع درجة الحرارة والقيء والإسهال وآلام الأذن والنوبات التشنجية.
4- التدريب على الإخراج:
يُعَدُّ تدريب الطفل على الإخراج خبرةً هامَّة في حياته, يُطْلَبُ منه فيها التعود على المعايير الاجتماعية, ولعل مصدر المشكلة هنا هو قلق الوالدين الزائد, وخاصة حين يعتبر تحكم الطفل في المثانة والأمعاء مؤشرًا على النموّ الصحيح, ولعلنا هنا نشير إلى أن المؤشر الصحيح على الحاجة إلى التدريب على الإخراج هو معدل النموّ الجسمي للطفل, وليس رغبات الوالدين وحاجاتهما؛ لأنه حتى يتم هذا التدريب بنجاحٍ لابد أن يظهر أنماطًا سلوكية معينة, يلخصها ويلي وونج Whaley Wong 1986" فيما يلي:
أ- التحكم اللاإرادي في الأمعاء والمثانة, يجب أن يحل محله التحكم الإرادي فيهما، وهذا لا يحدث إلّا خلال الفترة العمرية من 18-24شهرًا, وقد يحتاج الطفل الذي يُولَدُ قبل الأوان, كما قد يحتاج الذكور إلى فترة أطول, بل إن بعض الأطفال من ذوي النقائص النيرولوجية قد لا يصلون إلى هذا التحكم الإرادي مطلقًا, وعلى هذا, فإن التدريب على الإخراج لا يجب أن يبدأ أبدًا قبل وصول الطفل إلى هذه المرحلة, وأيّ تدريب يحدث قبل ذلك هو تدريب للوالدين على الالتزام بمواعيد وأفعال معينة, دون أن يكون له أثر يُذْكَرُ على الطفل.
ب- القدرة العضلية على المشي إلى الحمَّاِم, وخلع الملابس, والجلوس على "القصرية", أما نظافة الطفل والمكان بعد ذلك تظل مسئولية الكبار من الوالدين أو الإخوة الكبار, فلا يمكن أن يُطَالَبَ الطفلُ بما لا يستطيع.
جـ- القدرة على الشعور بحركة البول أو البراز أو هما معًا, والحاجة إلى إخراجهما, ويمكن للوالدين أن يستعينا ببعض المنبهات غير اللفظية التي يظهرها الطفل لتوقع أنه على وشك التبول أو التبرز, ومن هذه المنبهات التعبيرات الوجهية والإيماءات ووضع قامة الطفل, وبهذا يتم التعبير عن الحاجة إلى الإخراج وإشباعها بالذهاب إلى الحمَّامِ.
د- القدرة على استخدام بعض المهارات اللغوية للتعبير عن الحاجة إلى الإخراج، كما يجب أن يكون الطفل قادرًا على فهم التعليمات اللفظية التي يقدمها له الوالدان في مثل هذا الموقف حتى يتتبعها، كما يجب أن يكون قادرًا أيضًا عل
هم الأساليب اللغوية التي يستخدمها الوالدان في مدحِ أو ذمِّ أنماط السلوك غير المرغوب التي تصدر عنه في مثل هذه المواقف.
وحالما يُظْهِرُ الطفل استعدادًا للتحكم في الإخراج, يمكن أن يبدأ تدريبه, والمهم في جميع الحالات أن يتسم الوالدان بالصبر أثناء هذه الفترة الحرجة من حياة الطفل, وعمومًا فإن أفضل سن التدريب على الإخراج هو بعد أن يتجاوز الطفل عامين من العمر، وعلى هذا, فإنه يصبح إحدى مسئوليات ومهام الطور التالي "Walkar Roberts 1983"