تضيق في طور السعي دائرة الأصدقاء الحميمين, وتتسع دائرة الجماعات, ومعنى ذلك أن الشاب يقل عنده عدد أصدقاءه الحميمين, ويزداد عدد صداقاته العامة ومعارفه, كما يتوجه اهتمامه إلى اكتشاف عالم الجنس الآخر.
ويلاحظ على السلوك الاجتماعي في هذا الطور أنه يتحوّل تدريجيًّا من الأنانية التقليدية التي تنشأ من الشعور بعدم الأمن في المواقف الجديدة, إلى تأكيد الذات, ولهذا نجد الفرد بدلًا من أن يذيب فرديته ليصبح أحد أفراد الجماعة, تزداد
لديه الرغبة في الاعتراف به كفردٍ, والحصول على موافقة الجماعة على ذلك, ومن خلال التجريب يكتشف ما هو مرغوب اجتماعيًّا، ثم يستخدم طرقًا أكثر حذقًا في جذب الانتباه، فيرتدي أحدث موضات الأزياء, بدلًا من الانبهار بالملابس ذات الألوان والرسوم الزاهية, كما يعبر عن وجهات نظر محددة بدلًا من الزهو بما لديه من أفكار مستحدثة.
ونتيجةً لتوافر الفرص الكثيرة للمشاركة الاجتماعية ينمو لدى الشاب استبصاره الاجتماعي, فيصبح أكثر قدرةً على الحكم على الأشخاص, سواء من نفس الجنس أو الجنس الآخر, ولذلك يحقق لنفسه توافقًا اجتماعيًّا أفضل مما كان عليه الحال في الطور السابق, ومع زيادة المشاركة الاجتماعية تزيد كفاءته الاجتماعية، كما تتمثل في الحوار وممارسة الألعاب الشائعة في مثل سنه, ويعرف أكثر الطرق الصحيحة للسلوك في المواقف الاجتماعية المختلفة, وبالطبع كلما زادت مشاركته الإيجابية في المسائل الاجتماعية أثناء مراهقته المبكرة تزداد كفاءته الاجتماعية في طور السعي, ونتيجةً لذلك كله يُلاحَظُ على الشاب أنه أكثر ثقة بالنفس.
وتتوافر للشاب صداقات من مستويات مختلفة, وقد قلنا أن الصداقات الحميمة يقل عددها، وتزداد أهمية الثُّلَلِ التي تصبح أقرب إلى الجمهرة من حيث بنية العلاقات الاجتماعية فيها, ويتوافر ذلك خاصةً لأولئك الذين يلتحقون بمرحلة التعليم الجامعي والعالي, دون الذين يلتحقون بعملٍ أو مهنةٍ بعد انتهاء التعليم الثانوي, ويتوافر ذلك خاصةً أيضًا حين تكون بيئة الدراسة الجامعية أو العالية شبيهة ببيئة المدرسة الثانوية, أما إذا كانت الدراسة لا توفر إلّا القليل من الفرص للحياة الاجتماعية, ويحتل العمل فيها الاهتمام الأكبر, فإن التجمعات الاجتماعية تكون أقل تحديدًا, أما بيئة العمل لأولئك الذين لا يستكملون دراستهم, فالملاحظ فيها أن الشاب يتصل بأفرادٍ من مختلف الأعمار, ومعظمهم له صداقاته الخاصة خارج نطاق العمل, ومالم يتوافر لهذا الشاب بقيةٌ من أصدقاء الدراسة الذين يعيشون ويعملون بالقرب منه, فإنه قد يجد نفسه وحيدًا منعزلًا.
وتوضح لنا البحوث التي أُجْريَتْ على ما يُسَمَّى "تذبذب الصداقة" أن الصداقات التي تتسم بقدرٍ من الثبات والاستقرار في المراهقة المبكرة, والتي لم تكن كذلك أثناء الطفولة, تصبح مرةً أخرى أقل استقرارًا في طور السعي, والسبب في هذا لا يرجع إلى اختلاف معايير اختيار الأصدقاء في هذا الطور, بقدر ما يرجع إلى تغير نمط حياة الشاب, فبعد الانتهاء من المدرسة الثانوية يذهب البعض إلى
لجامعات والمعاهد العليا، والبعض الآخر إلى المعاهد الفنية المتوسطة، ويلتحق البعض بالقوات المسلحة، ويحصل البعض على عملٍ أو مهنة، وقد يتزوج البعض، وهذا كله ينأى بهم عن البيئات "الطبيعية" التي عاشوا فيها طوال حياتهم السابقة, ويؤدي ذلك إلى انهيار كثيرٍ من الصداقات القديمة وإحلال صداقات جديدة محلها.
وتتنوع الجماعات أثناء الشباب حسب طبيعة النشاط الذي يقوم به الفرد، وتشمل الجماعات الرياضية والاجتماعية والفكرية والأدبية والدينية وغيرها, ولهذا تتنوع الصفات التي يجب أن تتوافر في قائد كل جماعة منها, وهكذا تتحول القيادة في هذه المرحلة لتصبح موقفية كما هو الحال عند الراشدين, ولعل هذا يفسر لنا اختلاف السمات التي يقدرها الشباب في قادتهم, حسب طبيعة النشاط الذي يمارسونه.
ويتسم طور السعي باستقرار السلوك القيادي, فبعد أن كان القادة يظهرون ويختفون في مرحلة الطفولة والمراهقة المبكرة, أصبح الأمر مختلفًا الآن؛ إن الشخص الذي يظهر مهارات القيادة وهو في السنة الأولى الجامعية مثلًا يظل كذلك طوال سنوات دراسته الجامعية, ويعتمد استمرار القيادة بالطبع على استقرار الجماعة من ناحيةٍ, وعلى مرونة القائد من ناحيةٍ أخرى, والقائد الناجح من الشباب هو الذي يكتسب مزيدًا من الاستبصار الاجتماعي؛ من خلال مشاركته الإيجابية في الأنشطة الاجتماعية المنوعة، وهذا يجعله أكثر قدرةً على المواءمة مع مطالب الجماعة، ويعينه هذا بدوره على الاستمرار في القيادة.
ويلعب الانطباع دورًا هامًّا في التقبُّل الاجتماعي في هذا الطور, ويتأثر هذا الانطباع بعوامل كثيرة؛ منها مظهر الفرد وسلوكه, والأشخاص الذين يحتك بهم, ومستواه الاجتماعي, ودرجة التشابه بينه وبين آخرين يعرفهم الشاب من قبل, وحالما يتكون الانطباع فإنه يؤثر في سلوك الشاب واتجاهاته نحو الشخص, فإذا كان الانطباع موجبًا يزداد تقبلًا له, والعكس صحيح.
وقد أجريت دراسات مصرية عديدة حول الصداقة والقيادة لدى الشباب من طلاب المرحلة الثانوية والجامعات، إلّا أننا نحب أن ننبه إلى أن هذه الشريحة ليست وحدها هي التي تؤلف المجتمع الأصلي لشباب مصر, وهذا يعني أننا في حاجةٍ إلى مزيدٍ من البحث على جماعات العمال والفلاحين والموظفين, وغيرهم ممن لم يكن لهم نصيب من الاهتمام البحثي حتى الآن.
ويلاحظ على السلوك الاجتماعي في هذا الطور أنه يتحوّل تدريجيًّا من الأنانية التقليدية التي تنشأ من الشعور بعدم الأمن في المواقف الجديدة, إلى تأكيد الذات, ولهذا نجد الفرد بدلًا من أن يذيب فرديته ليصبح أحد أفراد الجماعة, تزداد
لديه الرغبة في الاعتراف به كفردٍ, والحصول على موافقة الجماعة على ذلك, ومن خلال التجريب يكتشف ما هو مرغوب اجتماعيًّا، ثم يستخدم طرقًا أكثر حذقًا في جذب الانتباه، فيرتدي أحدث موضات الأزياء, بدلًا من الانبهار بالملابس ذات الألوان والرسوم الزاهية, كما يعبر عن وجهات نظر محددة بدلًا من الزهو بما لديه من أفكار مستحدثة.
ونتيجةً لتوافر الفرص الكثيرة للمشاركة الاجتماعية ينمو لدى الشاب استبصاره الاجتماعي, فيصبح أكثر قدرةً على الحكم على الأشخاص, سواء من نفس الجنس أو الجنس الآخر, ولذلك يحقق لنفسه توافقًا اجتماعيًّا أفضل مما كان عليه الحال في الطور السابق, ومع زيادة المشاركة الاجتماعية تزيد كفاءته الاجتماعية، كما تتمثل في الحوار وممارسة الألعاب الشائعة في مثل سنه, ويعرف أكثر الطرق الصحيحة للسلوك في المواقف الاجتماعية المختلفة, وبالطبع كلما زادت مشاركته الإيجابية في المسائل الاجتماعية أثناء مراهقته المبكرة تزداد كفاءته الاجتماعية في طور السعي, ونتيجةً لذلك كله يُلاحَظُ على الشاب أنه أكثر ثقة بالنفس.
وتتوافر للشاب صداقات من مستويات مختلفة, وقد قلنا أن الصداقات الحميمة يقل عددها، وتزداد أهمية الثُّلَلِ التي تصبح أقرب إلى الجمهرة من حيث بنية العلاقات الاجتماعية فيها, ويتوافر ذلك خاصةً لأولئك الذين يلتحقون بمرحلة التعليم الجامعي والعالي, دون الذين يلتحقون بعملٍ أو مهنةٍ بعد انتهاء التعليم الثانوي, ويتوافر ذلك خاصةً أيضًا حين تكون بيئة الدراسة الجامعية أو العالية شبيهة ببيئة المدرسة الثانوية, أما إذا كانت الدراسة لا توفر إلّا القليل من الفرص للحياة الاجتماعية, ويحتل العمل فيها الاهتمام الأكبر, فإن التجمعات الاجتماعية تكون أقل تحديدًا, أما بيئة العمل لأولئك الذين لا يستكملون دراستهم, فالملاحظ فيها أن الشاب يتصل بأفرادٍ من مختلف الأعمار, ومعظمهم له صداقاته الخاصة خارج نطاق العمل, ومالم يتوافر لهذا الشاب بقيةٌ من أصدقاء الدراسة الذين يعيشون ويعملون بالقرب منه, فإنه قد يجد نفسه وحيدًا منعزلًا.
وتوضح لنا البحوث التي أُجْريَتْ على ما يُسَمَّى "تذبذب الصداقة" أن الصداقات التي تتسم بقدرٍ من الثبات والاستقرار في المراهقة المبكرة, والتي لم تكن كذلك أثناء الطفولة, تصبح مرةً أخرى أقل استقرارًا في طور السعي, والسبب في هذا لا يرجع إلى اختلاف معايير اختيار الأصدقاء في هذا الطور, بقدر ما يرجع إلى تغير نمط حياة الشاب, فبعد الانتهاء من المدرسة الثانوية يذهب البعض إلى
لجامعات والمعاهد العليا، والبعض الآخر إلى المعاهد الفنية المتوسطة، ويلتحق البعض بالقوات المسلحة، ويحصل البعض على عملٍ أو مهنة، وقد يتزوج البعض، وهذا كله ينأى بهم عن البيئات "الطبيعية" التي عاشوا فيها طوال حياتهم السابقة, ويؤدي ذلك إلى انهيار كثيرٍ من الصداقات القديمة وإحلال صداقات جديدة محلها.
وتتنوع الجماعات أثناء الشباب حسب طبيعة النشاط الذي يقوم به الفرد، وتشمل الجماعات الرياضية والاجتماعية والفكرية والأدبية والدينية وغيرها, ولهذا تتنوع الصفات التي يجب أن تتوافر في قائد كل جماعة منها, وهكذا تتحول القيادة في هذه المرحلة لتصبح موقفية كما هو الحال عند الراشدين, ولعل هذا يفسر لنا اختلاف السمات التي يقدرها الشباب في قادتهم, حسب طبيعة النشاط الذي يمارسونه.
ويتسم طور السعي باستقرار السلوك القيادي, فبعد أن كان القادة يظهرون ويختفون في مرحلة الطفولة والمراهقة المبكرة, أصبح الأمر مختلفًا الآن؛ إن الشخص الذي يظهر مهارات القيادة وهو في السنة الأولى الجامعية مثلًا يظل كذلك طوال سنوات دراسته الجامعية, ويعتمد استمرار القيادة بالطبع على استقرار الجماعة من ناحيةٍ, وعلى مرونة القائد من ناحيةٍ أخرى, والقائد الناجح من الشباب هو الذي يكتسب مزيدًا من الاستبصار الاجتماعي؛ من خلال مشاركته الإيجابية في الأنشطة الاجتماعية المنوعة، وهذا يجعله أكثر قدرةً على المواءمة مع مطالب الجماعة، ويعينه هذا بدوره على الاستمرار في القيادة.
ويلعب الانطباع دورًا هامًّا في التقبُّل الاجتماعي في هذا الطور, ويتأثر هذا الانطباع بعوامل كثيرة؛ منها مظهر الفرد وسلوكه, والأشخاص الذين يحتك بهم, ومستواه الاجتماعي, ودرجة التشابه بينه وبين آخرين يعرفهم الشاب من قبل, وحالما يتكون الانطباع فإنه يؤثر في سلوك الشاب واتجاهاته نحو الشخص, فإذا كان الانطباع موجبًا يزداد تقبلًا له, والعكس صحيح.
وقد أجريت دراسات مصرية عديدة حول الصداقة والقيادة لدى الشباب من طلاب المرحلة الثانوية والجامعات، إلّا أننا نحب أن ننبه إلى أن هذه الشريحة ليست وحدها هي التي تؤلف المجتمع الأصلي لشباب مصر, وهذا يعني أننا في حاجةٍ إلى مزيدٍ من البحث على جماعات العمال والفلاحين والموظفين, وغيرهم ممن لم يكن لهم نصيب من الاهتمام البحثي حتى الآن.