فعالیة برنامج تدریبي لتنمیة مھارات التفاعل الاجتماعي
في خفض السلوك العدواني لدي الأطفال التوحدیین
الدكتورة/ أميرة طه بخش أستاذ مشارك كلية التربية جامعة أم القرى مكة المكرمة
مقدمة:
تتمثل إحدى مؤشرات حضارة الأمم وارتقائها في مدي عنايتها بتربية الأجيال بمختلف
فئاتهم، ويتجلى ذلك بوضوح في مدى العناية التي نوليها للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة
وتوفير إمكانات النمو الشامل لهم من جميع النواحي مما يساعد في إعدادهم لحياة شخصية
واجتماعية واقتصادية ناجحة يؤدي فيها كل منهم دوره في خدمة المجتمع مهما كان حجم
إسهامه. أما إهمال هذه الفئة فيؤدي إلي تفاقم مشكلاتهم وتضاعف إعاقاتهم ويصبحون عالة
علي أسرهم ومجتمعهم. ومن هنا يلزم التدخل الإرشادي والعلاجي لمواجهة مثل هذه
المشكلات المترتبة علي الإعاقة.
ومن بين الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة والتي لم تتلق الاهتمام الكافي في الدول
التوحديون). والأطفال التوحديون هم أطفال معاقون بشكل ) autism العربية فئة ذوي الأوتيزم
واضح في مجال استقبال المعلومات أو توصيلها للآخرين. وهذه الإعاقة تؤدي بهم إلي القيام
ببعض أنماط السلوك غير المناسب للبيئة أو الوسط الاجتماعي المحيط بهم مما يؤثر بالتالي
Aarons & ( في قدرة الطفل علي التعلم، وفي توافقه بشكل عام. ويشير أرونز وجيتنز ( ١٩٩٢
إلي وجود مجموعة من الاضطرابات المصاحبة للأوتيزم والتي تظهر مثله قبل أن Gittens
يصل عمر الطفل إلي ثلاثين شهراً، وتتمثل في اضطرابات في سرعة أو تتابع النمو،
واضطرابات في الاستجابة الحسية للمثيرات، واضطرابات في الكلام واللغة والسعة المعرفية،
واضطرابات في التعلق أو الانتماء للناس والأحداث والموضوعات.
إلي أن Autism Society of America ( وتذهب الجمعية الأمريكية للتوحدية ( ١٩٩٩
التوحدية لا ترتبط بأي تاريخ أسري مرضي، أو أي ممارسات أسرية أو ثقافية. كما أنه لا
توجد حدود اجتماعية أو حدود تتعلق بالعنصر أو السلالة تؤثر علي احتمال حدوثها. إلي
جانب أنها لا ترتبط بدخل الأسرة أو فرص التعليم فيها، وهو الأمر الذي أدي إلي رفض
بعض النظريات التي سادت من قبل والتي ربطتها ببعض الممارسات الوالدية. وفي إحصاء
أصدرته الجمعية رأت فيه أن هذا الاضطراب ينتشر بنسبة ٥٠٠:١ وأن نسبة انتشاره بين
البنين تزيد عن نسبة انتشاره بين البنات بأربعة أضعاف، ومن ثم فهناك حوالي خمسمائة ألف
شخص بالولايات المتحدة يعانون من الأوتيزم وهو ما جعل هذا الاضطراب أكثر شيوعاً حتى
Down Syndrome . قياساً بزملة أعراض داون
إلي أن هناك عدداً من السمات Dunlap & Pierce ( ويذهب دونلاب وبيرس ( ١٩٩٩
التي تميز الأطفال التوحديين وذلك في مجالات العلاقات الاجتماعية، والتواصل، والعمليات
الحسية والإدراكية، واللعب، والسلوكيات حيث قد يفشل الطفل في التفاعل مع القائمين علي
رعايته، ويفضل أن يقضي معظم الوقت بمفرده، ولا تبدو عليه السعادة أبداً، ويبدي قدراً
ضئيلاً من الاهتمام بتكوين صداقات، وتقل استجابته للإشارات والإيماءات الاجتماعية. كما أن
لغته تنمو ببطء أو لا تنمو علي الإطلاق، ويردد الكلمات ويكررها دون أن يقصد معناها،
ويستخدم الإشارات بدلاً من الكلمات، ويتسم انتباهه بقصر المدى. كذلك فهو يبدو وكأنه أصم،
ولا يحب أن يلمسه أحد، وتعد ردود فعله للاحساسات المادية غير عادية، ولا يبدي أي
مبادرات للعب التخيلي أو التظاهري، ولا يقلد أفعال الآخرين. كما أن سلوكه يعد نمطياً
ومتكرراً، وتنتابه نوبات غضب وبكاء مستمر دون وجود سبب واضح.
ويري حلواني ( ١٩٩٦ ) أن الأطفال التوحديين يتسمون بعدم القدرة علي المشاركة في
العلاقات الاجتماعية، واضطرابات في القدرة علي عمل صداقات تقليدية إذ ليس لديهم
المهارات اللازمة لذلك، كما ينقصهم التعاطف مع الآخرين ووجهات نظرهم وأحاسيسهم، وهم
غالباً لا ينشغلون في التفاعلات والأعمال التعاونية أو المتبادلة مع الآخرين، ومن ناحية أخرى
تؤكد الجمعية الأمريكية للتوحدية ( ١٩٩٩ ) أنهم لا يبادرون بإجراء حوار مع الآخرين وإن
بدأت المحادثة فإنها تكون محورية ذاتية بعيدة عن اهتمام المستمع، وربما يهربون من
منتصف المحادثة. وإلي جانب ذلك فإننا نلاحظ أن الفرد التوحدي يصبح في حالة تهيج وإثارة
عندما يقترب الآخرون منه أو يتفاعلون معه، كما أنه في الغالب يرفض أي نوع من الاتصال
والتفاعل الطبيعي الاجتماعي حتى البسيط منه. ويمكن أن يشترك الطفل في الاتصال بشخص
آخر من خلال التحدث بتودد وحب أو من خلال التحدث بطريقة الطفل المعتوه. كما أن كلامه
ينقصه الوضوح والمعني، وهو نفسه يعاني من نقص في التواصل البصري وفهم التعبيرات
الوجهية والإيماءات الاجتماعية.
ومن جانب أخر نلاحظ أن سلوكهم يغلب عليه التبلد الانفعالي وعدم الاكتراث بمن
حولهم، ويؤثرون الانعزال والانسحاب في المواقف الاجتماعية، وعدم الاكتراث بالمعايير
الاجتماعية، وسهولة الانقياد وسرعة الاستهواء، والشعور بالدونية والإحباط وضعف الثقة
بالنفس وهو الأمر الذي يقودهم إلي السلوك العدواني سواء تمثل ذلك إيذاء في الذات أو
الآخرين أو تحطيم الممتلكات، كما أنه قد يؤدي بهم أيضاً إلي بعض الاضطرابات السلوكية
الأخرى أو السلوكيات المضادة للمجتمع، وإن كان أكثرها شيوعاً بالنسبة لهم هو السلوك
العدواني بأبعاده المختلفة.
والسلوك العدواني هو سلوك مقصود وغير مقبول اجتماعياً حيث لا يمتثل للمعايير
السلوكية المتفق عليها من قبل المجتمع، وهذا السلوك يمكن ملاحظته وقياسه، كما أنه يظهر
في صورة عدوان بدني أو لفظي أو إشاري مباشر أو غير مباشر تتوفر فيه الاستمرارية
والتكرار يهدف إلي إلحاق الضرر أو الأذى بالذات أو الآخرين أو الأشياء المادية والممتلكات.
ويمثل هذا السلوك في حد ذاته عقبة في سبيل العلاقات الاجتماعية والتفاعلات الاجتماعية بين
الأطفال التوحديين وأقرانهم أو المحيطين بهم في إطار البيئة الاجتماعية. ويؤكد دونلاب
أنه يمكن التغلب علي ذلك إلي حد كبير عن طريق Dunlap & Pierce ( وبيرس ( ١٩٩٩
تحسين مستوي التفاعلات الاجتماعية ومدتها لدي الأطفال التوحديين وذلك من خلال الاهتمام
بتنمية المهارات ذات الأهمية في سياق الحياة اليومية وذلك من خلال استراتيجيات لتنمية قدرة
الفرد علي التواصل، وفهم اللغة، وعلي حدوث التفاعلات الاجتماعية في المواقف المنزلية
والمدرسية والمجتمعية. ويذهب محمد كامل ( ١٩٩٨ ) إلي أن ذلك يؤدي إلي تحسين الوعي
الاجتماعي لدي هؤلاء الأطفال، ويعمل علي حل العديد من مشكلاتهم الاجتماعية، وعلي
تطوير العلاقات فيما بينهم، ويزيد من تفاعلاتهم الاجتماعية مع الآخرين. الأمر الذي يجعل
سلوكهم يتماشى إلي حد كبير مع توقعات الجماعة ومن ثم مع المعايير الاجتماعية وبالتالي
يقل سلوكهم العدواني بدرجة كبيرة وتخف حدته وهو ما يكشف عنه التراث السيكلوجي في
هذا المجال إذ كشفت دراسات عديدة عن أن استخدام برامج من هذا القبيل من شأنها أن تحسن
من سلوكيات هؤلاء الأطفال وتعدل من سلوكهم العدواني، وتحسن أيضاً من قدرتهم علي
التكيف إذ تمكنوا من خلال مثل هذه البرامج أن يكتسبوا مهارات جديدة تساعدهم علي الأداء
المقبول في العديد من المواقف التي يتعرضون لها سواء كانت تلك المواقف منزلية أو مدرسية
أو مجتمعية وهو ما كشفت عنه نتائج كثير من الدراسات في هذا الموضوع مثل دراسات
وماتسون ،Giddan ( وجيدان ( ١٩٩٠ ،Creedon ( معمور ( ١٩٩٧ )، وكريدون ( ١٩٩٣
( ولويسلي وآخرين ( ١٩٨٤ ،Janney ( وجاني ( ١٩٨٩ ،Matson et. al. ( وآخرين ( ١٩٩٠
.Goldberg & Imber ( وجولدبرج وإمبر ( ١٩٨٠ ،Luiselli et. al.
وعلي الرغم من الجهود المبذولة في دول أوروبا وأمريكا لتوفير الرعاية المناسبة
للأطفال التوحديين، وإعداد الكوادر المؤهلة للعمل معهم، وفتح المدارس الخاصة بهم إلي
جانب العديد من المراكز المتخصصة والتي يتم من خلالها تقديم الخدمات الصحية والنفسية
والاجتماعية وغيرها لهم فإنه لا يوجد في المجتمع العربي بشكل عام أو المجتمع السعودي
علي وجه الخصوص أي شكل من أشكال هذا الاهتمام فلا توجد مراكز أو مدارس خاصة بهم
إلا نادراً جداً، ولا توجد كوادر مؤهلة للعمل مع هؤلاء الأطفال، وليس هناك خدمات منظمة
يمكن أن يتم تقديمها لهم، كما أنهم في الغالب يلتحقون بمدارس ومعاهد التربية الفكرية أو
الإنماء الفكري ويتم تشخيصهم علي أنهم معاقون عقلياً، وهو الأمر الذي يحتاج إلي تفكير
جاد، ودراسة جادة متعمقة حتى نستطيع أن نصل إلي بعض ما حققته الدول المتقدمة في هذا
الصدد.
وتعتبر الدراسة الحالية محاولة في هذا الإطار تعمل الباحثة من خلالها علي التأكد من
مدي فاعلية برنامج تدريبي لتنمية مهارات التفاعل الاجتماعي في خفض السلوك العدواني لدي
الأطفال التوحديين.
المصطلحات:
autism الأوتيزم (التوحد
الأوتيزم بأنه مصطلح يشير إلي الانغلاق علي Marica ( تعرف ماريكا ( ١٩٩٠
النفس، والاستغراق في التفكير، وضعف القدرة علي الانتباه، وضعف القدرة علي التواصل
وإقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين، فضلاً عن وجود النشاط الحركي المفرط (معمور
.(١٩٩٧
Social interactions : التفاعلات الاجتماعية
يعرف التفاعل الاجتماعي بأنه عملية مشاركة بين الأطفال من خلال مواقف الحياة
اليومية تفيد في إقامة علاقات مع الآخرين في محيط المجال النفسي. وتشمل المهارة في
التعبير عن الذات والاتصال بالآخرين ومشاركتهم في الأنشطة الاجتماعية وإقامة حوار
.(Trepagnier, وصداقة معهم ( 1996
aggressive behavior : السلوك العدواني
يعرفه جمال الخطيب ( ١٩٩٣ ) بأنه أي فعل يهدف إلي إيقاع الأذى أو الألم والضرر
بالآخرين أو إلي تخريب ممتلكاتهم. ويذهب سعيد دبيس ( ١٩٩٨ ) إلي وجود أربعة أبعاد
للسلوك العدواني عند المعاقين عقلياً من الدرجة البسيطة. وسوف تأخذ الباحثة بذلك نظراً
لأوجه التشابه الكثيرة بين الفئتين، كما أن فئة التوحديين عادة ما يتم إلحاقها بمراكز الإنماء
الفكري مع المعاقين عقلياً. وهذه الأبعاد هي:
أ السلوك العدواني الصريح: ويتمثل في جذب ملابس الزملاء والعض وشد الشعر
والتخريب والبصق والضرب وتحطيم الأشياء.
ب السلوك العدواني العام (اللفظي وغير اللفظي): ويتمثل في الشتم ومضايقة الزملاء
والتحرش بهم واستخدام الألفاظ النابية والبذيئة.
ج السلوك الفوضوي: ويتمثل في الدخول للفصل والخروج منه دون استئذان، والقيام
بالشوشرة ورمي الأوراق علي الأرض دون وضعها في سلة المهملات.
د عدم القدرة علي ضبط الذات والتحكم في الانفعالات: ويتمثل في الانتقام وعدم القدرة
علي التحكم في السلوك عند الاستثارة ورمي أي شيء عند الغضب.
البرنامج التدريبي المستخدم:
البرنامج التدريبي الحالي هو عملية منظمة مخططة تهدف إلي إكساب الأطفال
التوحديين بعض المهارات اللازمة للتفاعل الاجتماعي وتنميتها، وتدريبهم بهدف تحقيق قدر
معقول من الاتصال بالآخرين وإقامة علاقات اجتماعية مقبولة وناجحة معهم عم طريق تنمية
قدراتهم واستعداداتهم ومهاراتهم الاجتماعية إلي أقصى حد ممكن.
أھداف الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلي تقديم برنامج تدريبي لتنمية المهارات التي تساعد علي
حدوث التفاعلات الاجتماعية بين الأطفال التوحديين وأقرانهم والتحقق من مدي فاعليته في
خفض السلوك العدواني من جانبهم حيث أن إكسابهم مستوي جيد من هذه التفاعلات يمكن أن
يسهم بشكل مباشر في تعديل بعض ما يصدر عنهم من أنماط سلوكية عدوانية غير مقبولة
ويسهل بالتالي من عملية انخراطهم في المجتمع. كما قد يساعد المعلمين والآباء علي التعامل
مع هؤلاء الأطفال بشكل مناسب ويمكنهم بالتالي من القيام بالتعديل الممكن للسلوكيات غير
المقبولة اجتماعياً التي تأتي بها هؤلاء الأطفال.
مشكلة الدراسة:
تمثل السلوكيات غير المقبولة اجتماعياً وفي مقدمتها السلوك العدواني والتي يأتي بها
الأطفال التوحديون مشكلة كبيرة تعوق عملية تواصلهم مع المحيطين بهم وتصعب بالتالي من
عملية اندماجهم معهم. ويمكن التغلب علي ذلك إلي حد كبير عن طريق تنمية مهاراتهم التي
تساعد علي التفاعل الاجتماعي. وعلي ذلك تتمثل مشكلة هذه الدراسة في التساؤلات التالية:
١ هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعتين التجريبية
والضابطة في القياس البعدي للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك العدواني الصريح، والسلوك
العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم القدرة علي ضبط الذات)؟
٢ هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة التجريبية في
القياسين القبلي والبعدي للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك العدواني الصريح، والسلوك
العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم القدرة علي ضبط الذات)؟
٣ هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة الضابطة في
القياسين القبلي والبعدي للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك العدواني الصريح، والسلوك
العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم القدرة علي ضبط الذات)؟
٤ هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة التجريبية في
القياسين البعدي والتتبعي (بعد شهرين من انتهاء البرنامج) للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك
العدواني الصريح، والسلوك العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم
القدرة علي ضبط الذات)؟
أھمیة الدراسة:
ترجع أهمية الدراسة الحالية إلي النقاط التالية:
أن اضطراب التوحد لم ينل حظه من البحث والدراسة في الوطن العربي بوجه عام وفي
المملكة العربية السعودية بوجه خاص حيث نجد أنه علي الرغم من الدراسات العديدة التي
أجريت حول هذا الاضطراب في المجتمعات الغربية وما تم إنشاؤه من مراكز خاصة به فإن
الدراسات العربية حول هذا الاضطراب تعد علي أصابع اليد الواحدة، كما أننا نادراً ما نجد
مركزاً متخصصاً يعني بدراسته وتقديم الخدمات لأعضاء هذه الفئة ووالديهم.
أن هذه الفئة دون غيرها من الفئات الخاصة تكاد تكون فئة مهملة من جانبنا لم تنل الاهتمام
الكافي.
أن تعديل السلوكيات غير المناسبة اجتماعياً يعد هو جوهر عملية التأهيل المطلوبة لأعضاء
هذه الفئة.
أن تبصير معلمي ووالدي هؤلاء الأطفال بكيفية تعديل سلوكياتهم غير المقبولة اجتماعياً
وفي مقدمتها السلوك العدواني يمكن أن يسهم في إعدادهم للاندماج مع أقرانهم ومن ثم
الانخراط في المجتمع.
أن هذه الدراسة يمكن من هذا المنطلق أن نستفيد منها اجتماعياً من حيث إمكانية
المساهمة في حدوث التفاعلات الاجتماعية من جانب هؤلاء الأطفال ومن ثم الاندماج مع
الآخرين، كما يمكن أن تسهم في تأهيل هؤلاء الأطفال نفسياً.
أنه لا توجد في المجتمع السعودي سوى دراستين في هذا المجال إحداهما تشخيصية أجراها
حلواني ( ١٩٩٦ ) والأخرى برنامجية أجراها معمور ( ١٩٩٧ ) إلي جانب دراسة أخرى
تشخيصية للباحثة الحالية لم تنشر بعد، وهو الأمر الذي يضيف إلي أهمية الدراسة الحالية.
الدراسات السابقة:
فيما يلي عرض لأهم الدراسات التي أجريت في هذا الموضوع والتي يمكن للباحثة أن
تستفيد منها ومما أتبعته من إجراءات أو ما توصلت إليه من نتائج.
أجرى معمور ( ١٩٩٧ ) دراسة هدف من خلالها إلي التأكد من فاعلية برنامج سلوكي
في التخفيف من حدة أعراض الأوتيزم والتي تتضمن من بين أعراض أخرى العدوانية وذلك
علي عينة ضمت ثلاثين طفلاً توحدياً من الأطفال الملتحقين بمركز أمل للإنماء الفري بجدة،
واستخدم مقياس تقييم الطفل المنطوي علي ذاته ومقياس كونرز، وأوضحت النتائج فيما يتعلق
بجانب العدوانية انخفاض مستوي العدوانية لدي الأطفال كما تعكسها درجاتهم علي بعد
العدوانية المتضمن بالمقياس وذلك قياساً بما كانت عليه تلك الدرجات من قبل. كما أجرى
حلواني ( ١٩٩٦ ) دراسة استهدفت التوصل إلي تشخيص فارق للأطفال التوحديين قياساً
بالمتخلفين عقلياً والأسوياء من خلال أدائهم علي بعض المقاييس النفسية وقوائم الملاحظة،
وضمت العينة ٢٧ طفلاً توحدياً تتراوح أعمارهم بين ٦ ١٥ سنة، ١٧ طفلاً من المتخلفين
عقلياً تتراوح أعمارهم بين ٦ ١٣ سنة من الملتحقين بمركز أمل للإنماء الفكري بجدة، ٢٧
طفلاً من الأسوياء تتراوح أعمارهم بين ٦ ٨ سنوات بالمدارس الأهلية بجدة. وأوضحت
النتائج فيما يتعلق بالعدوانية أن الأطفال التوحديين أكثر عدوانية من أقرانهم المتخلفين عقلياً.
تدريب Creedon,M ( واستهدفت الدراسة التي أجرتها مارجريت كريدون ( ١٩٩٣
مجموعة من الأطفال التوحديين قوامها ٢١ طفلاً تتراوح أعمارهم بين ٤ ٩ سنوات علي
برنامج للتواصل بغرض تحسين مهاراتهم الاجتماعية والتخلص من بعض السلوكيات غير
المناسبة ومن بينها إيذاء الذات. واعتمد البرنامج علي التعزيز سواء المادي أو اللفظي
والاقتصاد الرمزي والتقبل الاجتماعي إلي جانب الاشتراك في الأنشطة (الحركية والفنية
والاجتماعية والألعاب). ومع نهاية البرنامج كان بمقدور الأطفال تحديد السلوكيات غير
المناسبة، ومساعدة بعضهم البعض، كما ازداد نشاطهم الاجتماعي وحدث نقص واضح في
Giddan ( سلوك إيذاء الذات من جانبهم. كذلك فقد هدفت الدراسة التي أجراها جيدان ( ١٩٩٠
إلي التعرف علي فاعلية التدريب علي المهام المتعلقة بالأعمال المنزلية والطهي ورعاية
الحيوانات الأليفة والزراعة علي التفاعلات الاجتماعية لعينة ضمت ١٥ مراهقاً توحدياً وذلك
مع أقرانهم، واعتمد البرنامج التدريبي علي تحليل المهارات إلي جانب التعزيز. وأوضحت
النتائج حدوث تحسن في السلوكيات الاجتماعية والتفاعلات الاجتماعية لهؤلاء المراهقين مع
أقرانهم إلي جانب حدوث نقص دال في السلوكيات غير المقبولة اجتماعياً ومنها السلوك
بدراسة فعالية Matson, et al. ( العدواني. وإلي جانب ذلك قام ماتسون وآخرون ( ١٩٩٠
التدريب علي مهارة مساعدة الذات للأطفال التوحديين وأقرانهم المعاقين عقلياً وذلك علي
عينة قوامها ١٠٤ طفلاً من الفئتين معاً تتراوح أعمارهم بين ٤ ١١ سنة وذلك لتعديل بعض
المظاهر السلوكية التي تصدر عنهم كالعدوانية والاندفاعية، واعتمدوا في ذلك علي فنيات
النموذج والشرح اللفظي للسلوك المطلوب والإرشاد خلال تعاقب مراحل تحليل العمل وتوجيه
الطفل للأداء المستقل باتباع التعليمات والنموذج. وأسفرت النتائج عن فاعلية التدريب علي
مهارات مساعدة الذات وإجراءات تعديل السلوك وإكساب المهارات المستهدفة للمفحوصين
في تعديل بعض المظاهر السلوكية غير المقبولة اجتماعياً وفي مقدمتها السلوك العدواني.
دراسة حالة لطفلة تم تشخيصها Janney ( ومن ناحية أخرى تناولت جاني ( ١٩٨٩
إكلينيكيا علي أنها تعاني من التوحدية إلي جانب نوبات الغضب وبعض السلوكيات غير
المقبولة اجتماعياً كالعدوانية. واستخدمت الباحثة برنامجاً تدريبياً تم تصميمه وفقاً لحاجات
هذه الطفلة حتى يمكنها التدريب بإيجابية علي قدر معقول من المهارات الاجتماعية ومهارات
التواصل، وتم التركيز علي الاشتراك في المهام المختلفة والتفاعلات الاجتماعية في إطار
الأنشطة والمهارات الاجتماعية التي تناسب عمرها. وأوضحت النتائج زيادة التفاعلات
الاجتماعية بين هذه الطفلة وأقرانها وزيادة سلوكياتها الاجتماعية المقبولة وتحسنها ومن ثم
بإجراء دراسة Luiselli et. al. ( نقص سلوكها العدواني. كما قام لويسلي وآخرون ( ١٩٨٤
علي طفلين مضطربين نمائياً (ولد وبنت) تم تشخيص البنت إكلينيكياً علي أنها تعاني من
اضطراب التوحد، أما الولد فكان متخلفاً عقلياً. وتم استخدام برنامج تدريبي سلوكي للحد من
سلوكياتهم العدوانية، واستخدم إجراء الاستبعاد لبعض الوقت إلي جانب التعزيز. وقد أدي
ذلك إلي حدوث نقص واضح في نوبات الغضب والسلوك العدواني بالنسبة للبنت التوحدية،
بينما أدي هذا الإجراء بالنسبة للولد المعاق عقلياً إلي حدوث نقص واضح في العدوان. وبذلك
اتضح فاعلية هذا الإجراء بالنسبة للطفلين معاً التوحدي والمعاق عقلياً.
بتقديم برنامج Goldberg & Imber ( كذلك فقد قامت سارة جولدبرج وأمبر ( ١٩٨٠
إرشادي لمعلم طفل توحدي عدواني في السادسة من عمره، وتم خلال البرنامج التركيز علي
والمتمثلة في تحديد المشكلة، ثم تحليلها، Bergan مراحل حل المشكلات كما قدمها بيرجان
فالتخطيط لمنع حدوثها وتنفيذ تلك الخطة، وأخيراً تقييم تلك المشكلة. وقد تضمن البرنامج
أيضاً العمل علي تنمية مهارات الطفل الاجتماعية في سبيل خفض عدوانيته، وتم استخدام
فنيات الاستبعاد لجزأ من الوقت، والتعزيز اللفظي والمادي حتى تم تعديل سلوكه العدواني
غير المقبول. وأوضحت النتائج أن الفنيات التي تم استخدامها خلال هذا البرنامج التدريبي قد
أدت إلي حدوث نقص دال في عدوانية الطفل إلي جانب حدوث نقص تدريجي في سلوك عدم
الطاعة من جانبه.
تعليق علي الدراسات السابقة
من هذا العرض لتلك الدراسات يتضح ما يلي:
تكاد تتفق نتائج الدراسات علي أن التدريب علي مهارات التفاعل الاجتماعي والمهارات
الاجتماعية من شأنه أن يخفض من السلوك العدواني للأطفال التوحديين وأن يقلل منه بشكل
دال إحصائياً.
تكاد تجمع تلك الدراسات علي أن البرامج التدريبية ذات التوجه السلوكي من شأنها أن
تكسب الأطفال التوحديين المهارات المستهدفة وأن تعدل من سلوكياتهم غير المقبولة
اجتماعياً.
أن غالبية هذه الدراسات قد تم إجراؤها في بيئات أجنبية تولي هؤلاء الأطفال اهتماماً
كبيراً وتقدم لهم العديد من الخدمات المتنوعة.
ندرة الدراسات العربية في هذا المجال وحاجة المجتمع السعودي إلي إجراء المزيد من
هذه الدراسات وهو ما دفع الباحثة الحالية إلي إجراء دراستها هذه والتحقق من صدق النتائج.
الفروض
تمت صياغة الفروض التالية لتمثل إجابات محتملة لتلك التساؤلات التي أثيرت في
مشكلة الدراسة.
١ توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعتين التجريبية والضابطة
في القياس البعدي للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك العدواني الصريح، والسلوك العدواني
العام اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم القدرة علي ضبط الذات) في الاتجاه
الأفضل لصالح المجموعة التجريبية .
٢ توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة التجريبية في القياسين
القبلي والبعدي للسلوك العدواني وأبعاده ( السلوك العدواني الصريح، السلوك العدواني العام
اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم القدرة علي ضبط الذات) في الاتجاه
الأفضل لصالح القياس البعدي.
٣ لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة الضابطة في
القياسين القبلي والبعدي للسلوك العدواني وأبعاده ( السلوك العدواني الصريح، السلوك
العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، السلوك الفوضوي، عدم القدرة علي ضبط الذات)
٤ لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة التجريبية في
القياسين البعدي والتتبعي (بعد شهرين من انتهاء البرنامج) للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك
العدواني الصريح، السلوك العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، السلوك الفوضوي، عدم
القدرة علي ضبط الذات).
خطة الدراسة:
أولاً العینة:
تتألف عينة الدراسة الحالية من ٢٤ طفلاً توحدياً من الملتحقين بمركز أمل للإنماء
الفكري بجدة ممن ينطبق عليهم أربعة عشر بنداً علي الأقل من تلك البنود التي يتضمنها
مقياس الطفل التوحدي الذي أعده عادل عبد الله ( ٢٠٠٠ ) في ضوء المحكات الواردة في
الطبعة الرابعة من دليل التصنيف التشخيصي والإحصائي للأمراض والاضطرابات النفسية
الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي ( ١٩٩٤ ) وتتراوح أعمارهم DSM-IV والعقلية
بين ٧ ١٤ سنة ونسب ذكائهم بين ٥٥ ٦٨ على مقياس جوادر وينتمون جميعاً إلى المستوى
الاقتصادي الاجتماعي المتوسط.
وقد تم تقسيم أفراد العينة إلى مجموعتين متساويتين في العدد (ن = ١٢ لكل
مجموعة)، إحداهما تجريبية تم تطبيق البرنامج التدريبي المستخدم عليها، أما الثانية فكانت
ضابطة لم تخضع لأي إجراءات تجريبية. وتم مجانسة المجموعتين في العمر الزمني، ونسبة
الذكاء، والمستوى الاقتصادي الاجتماعي (جدول ١) إلى جانب السلوك العدواني كما يتضح
تحميل الرسالة كاملة
http://adf.ly/J2x1d
في خفض السلوك العدواني لدي الأطفال التوحدیین
الدكتورة/ أميرة طه بخش أستاذ مشارك كلية التربية جامعة أم القرى مكة المكرمة
مقدمة:
تتمثل إحدى مؤشرات حضارة الأمم وارتقائها في مدي عنايتها بتربية الأجيال بمختلف
فئاتهم، ويتجلى ذلك بوضوح في مدى العناية التي نوليها للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة
وتوفير إمكانات النمو الشامل لهم من جميع النواحي مما يساعد في إعدادهم لحياة شخصية
واجتماعية واقتصادية ناجحة يؤدي فيها كل منهم دوره في خدمة المجتمع مهما كان حجم
إسهامه. أما إهمال هذه الفئة فيؤدي إلي تفاقم مشكلاتهم وتضاعف إعاقاتهم ويصبحون عالة
علي أسرهم ومجتمعهم. ومن هنا يلزم التدخل الإرشادي والعلاجي لمواجهة مثل هذه
المشكلات المترتبة علي الإعاقة.
ومن بين الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة والتي لم تتلق الاهتمام الكافي في الدول
التوحديون). والأطفال التوحديون هم أطفال معاقون بشكل ) autism العربية فئة ذوي الأوتيزم
واضح في مجال استقبال المعلومات أو توصيلها للآخرين. وهذه الإعاقة تؤدي بهم إلي القيام
ببعض أنماط السلوك غير المناسب للبيئة أو الوسط الاجتماعي المحيط بهم مما يؤثر بالتالي
Aarons & ( في قدرة الطفل علي التعلم، وفي توافقه بشكل عام. ويشير أرونز وجيتنز ( ١٩٩٢
إلي وجود مجموعة من الاضطرابات المصاحبة للأوتيزم والتي تظهر مثله قبل أن Gittens
يصل عمر الطفل إلي ثلاثين شهراً، وتتمثل في اضطرابات في سرعة أو تتابع النمو،
واضطرابات في الاستجابة الحسية للمثيرات، واضطرابات في الكلام واللغة والسعة المعرفية،
واضطرابات في التعلق أو الانتماء للناس والأحداث والموضوعات.
إلي أن Autism Society of America ( وتذهب الجمعية الأمريكية للتوحدية ( ١٩٩٩
التوحدية لا ترتبط بأي تاريخ أسري مرضي، أو أي ممارسات أسرية أو ثقافية. كما أنه لا
توجد حدود اجتماعية أو حدود تتعلق بالعنصر أو السلالة تؤثر علي احتمال حدوثها. إلي
جانب أنها لا ترتبط بدخل الأسرة أو فرص التعليم فيها، وهو الأمر الذي أدي إلي رفض
بعض النظريات التي سادت من قبل والتي ربطتها ببعض الممارسات الوالدية. وفي إحصاء
أصدرته الجمعية رأت فيه أن هذا الاضطراب ينتشر بنسبة ٥٠٠:١ وأن نسبة انتشاره بين
البنين تزيد عن نسبة انتشاره بين البنات بأربعة أضعاف، ومن ثم فهناك حوالي خمسمائة ألف
شخص بالولايات المتحدة يعانون من الأوتيزم وهو ما جعل هذا الاضطراب أكثر شيوعاً حتى
Down Syndrome . قياساً بزملة أعراض داون
إلي أن هناك عدداً من السمات Dunlap & Pierce ( ويذهب دونلاب وبيرس ( ١٩٩٩
التي تميز الأطفال التوحديين وذلك في مجالات العلاقات الاجتماعية، والتواصل، والعمليات
الحسية والإدراكية، واللعب، والسلوكيات حيث قد يفشل الطفل في التفاعل مع القائمين علي
رعايته، ويفضل أن يقضي معظم الوقت بمفرده، ولا تبدو عليه السعادة أبداً، ويبدي قدراً
ضئيلاً من الاهتمام بتكوين صداقات، وتقل استجابته للإشارات والإيماءات الاجتماعية. كما أن
لغته تنمو ببطء أو لا تنمو علي الإطلاق، ويردد الكلمات ويكررها دون أن يقصد معناها،
ويستخدم الإشارات بدلاً من الكلمات، ويتسم انتباهه بقصر المدى. كذلك فهو يبدو وكأنه أصم،
ولا يحب أن يلمسه أحد، وتعد ردود فعله للاحساسات المادية غير عادية، ولا يبدي أي
مبادرات للعب التخيلي أو التظاهري، ولا يقلد أفعال الآخرين. كما أن سلوكه يعد نمطياً
ومتكرراً، وتنتابه نوبات غضب وبكاء مستمر دون وجود سبب واضح.
ويري حلواني ( ١٩٩٦ ) أن الأطفال التوحديين يتسمون بعدم القدرة علي المشاركة في
العلاقات الاجتماعية، واضطرابات في القدرة علي عمل صداقات تقليدية إذ ليس لديهم
المهارات اللازمة لذلك، كما ينقصهم التعاطف مع الآخرين ووجهات نظرهم وأحاسيسهم، وهم
غالباً لا ينشغلون في التفاعلات والأعمال التعاونية أو المتبادلة مع الآخرين، ومن ناحية أخرى
تؤكد الجمعية الأمريكية للتوحدية ( ١٩٩٩ ) أنهم لا يبادرون بإجراء حوار مع الآخرين وإن
بدأت المحادثة فإنها تكون محورية ذاتية بعيدة عن اهتمام المستمع، وربما يهربون من
منتصف المحادثة. وإلي جانب ذلك فإننا نلاحظ أن الفرد التوحدي يصبح في حالة تهيج وإثارة
عندما يقترب الآخرون منه أو يتفاعلون معه، كما أنه في الغالب يرفض أي نوع من الاتصال
والتفاعل الطبيعي الاجتماعي حتى البسيط منه. ويمكن أن يشترك الطفل في الاتصال بشخص
آخر من خلال التحدث بتودد وحب أو من خلال التحدث بطريقة الطفل المعتوه. كما أن كلامه
ينقصه الوضوح والمعني، وهو نفسه يعاني من نقص في التواصل البصري وفهم التعبيرات
الوجهية والإيماءات الاجتماعية.
ومن جانب أخر نلاحظ أن سلوكهم يغلب عليه التبلد الانفعالي وعدم الاكتراث بمن
حولهم، ويؤثرون الانعزال والانسحاب في المواقف الاجتماعية، وعدم الاكتراث بالمعايير
الاجتماعية، وسهولة الانقياد وسرعة الاستهواء، والشعور بالدونية والإحباط وضعف الثقة
بالنفس وهو الأمر الذي يقودهم إلي السلوك العدواني سواء تمثل ذلك إيذاء في الذات أو
الآخرين أو تحطيم الممتلكات، كما أنه قد يؤدي بهم أيضاً إلي بعض الاضطرابات السلوكية
الأخرى أو السلوكيات المضادة للمجتمع، وإن كان أكثرها شيوعاً بالنسبة لهم هو السلوك
العدواني بأبعاده المختلفة.
والسلوك العدواني هو سلوك مقصود وغير مقبول اجتماعياً حيث لا يمتثل للمعايير
السلوكية المتفق عليها من قبل المجتمع، وهذا السلوك يمكن ملاحظته وقياسه، كما أنه يظهر
في صورة عدوان بدني أو لفظي أو إشاري مباشر أو غير مباشر تتوفر فيه الاستمرارية
والتكرار يهدف إلي إلحاق الضرر أو الأذى بالذات أو الآخرين أو الأشياء المادية والممتلكات.
ويمثل هذا السلوك في حد ذاته عقبة في سبيل العلاقات الاجتماعية والتفاعلات الاجتماعية بين
الأطفال التوحديين وأقرانهم أو المحيطين بهم في إطار البيئة الاجتماعية. ويؤكد دونلاب
أنه يمكن التغلب علي ذلك إلي حد كبير عن طريق Dunlap & Pierce ( وبيرس ( ١٩٩٩
تحسين مستوي التفاعلات الاجتماعية ومدتها لدي الأطفال التوحديين وذلك من خلال الاهتمام
بتنمية المهارات ذات الأهمية في سياق الحياة اليومية وذلك من خلال استراتيجيات لتنمية قدرة
الفرد علي التواصل، وفهم اللغة، وعلي حدوث التفاعلات الاجتماعية في المواقف المنزلية
والمدرسية والمجتمعية. ويذهب محمد كامل ( ١٩٩٨ ) إلي أن ذلك يؤدي إلي تحسين الوعي
الاجتماعي لدي هؤلاء الأطفال، ويعمل علي حل العديد من مشكلاتهم الاجتماعية، وعلي
تطوير العلاقات فيما بينهم، ويزيد من تفاعلاتهم الاجتماعية مع الآخرين. الأمر الذي يجعل
سلوكهم يتماشى إلي حد كبير مع توقعات الجماعة ومن ثم مع المعايير الاجتماعية وبالتالي
يقل سلوكهم العدواني بدرجة كبيرة وتخف حدته وهو ما يكشف عنه التراث السيكلوجي في
هذا المجال إذ كشفت دراسات عديدة عن أن استخدام برامج من هذا القبيل من شأنها أن تحسن
من سلوكيات هؤلاء الأطفال وتعدل من سلوكهم العدواني، وتحسن أيضاً من قدرتهم علي
التكيف إذ تمكنوا من خلال مثل هذه البرامج أن يكتسبوا مهارات جديدة تساعدهم علي الأداء
المقبول في العديد من المواقف التي يتعرضون لها سواء كانت تلك المواقف منزلية أو مدرسية
أو مجتمعية وهو ما كشفت عنه نتائج كثير من الدراسات في هذا الموضوع مثل دراسات
وماتسون ،Giddan ( وجيدان ( ١٩٩٠ ،Creedon ( معمور ( ١٩٩٧ )، وكريدون ( ١٩٩٣
( ولويسلي وآخرين ( ١٩٨٤ ،Janney ( وجاني ( ١٩٨٩ ،Matson et. al. ( وآخرين ( ١٩٩٠
.Goldberg & Imber ( وجولدبرج وإمبر ( ١٩٨٠ ،Luiselli et. al.
وعلي الرغم من الجهود المبذولة في دول أوروبا وأمريكا لتوفير الرعاية المناسبة
للأطفال التوحديين، وإعداد الكوادر المؤهلة للعمل معهم، وفتح المدارس الخاصة بهم إلي
جانب العديد من المراكز المتخصصة والتي يتم من خلالها تقديم الخدمات الصحية والنفسية
والاجتماعية وغيرها لهم فإنه لا يوجد في المجتمع العربي بشكل عام أو المجتمع السعودي
علي وجه الخصوص أي شكل من أشكال هذا الاهتمام فلا توجد مراكز أو مدارس خاصة بهم
إلا نادراً جداً، ولا توجد كوادر مؤهلة للعمل مع هؤلاء الأطفال، وليس هناك خدمات منظمة
يمكن أن يتم تقديمها لهم، كما أنهم في الغالب يلتحقون بمدارس ومعاهد التربية الفكرية أو
الإنماء الفكري ويتم تشخيصهم علي أنهم معاقون عقلياً، وهو الأمر الذي يحتاج إلي تفكير
جاد، ودراسة جادة متعمقة حتى نستطيع أن نصل إلي بعض ما حققته الدول المتقدمة في هذا
الصدد.
وتعتبر الدراسة الحالية محاولة في هذا الإطار تعمل الباحثة من خلالها علي التأكد من
مدي فاعلية برنامج تدريبي لتنمية مهارات التفاعل الاجتماعي في خفض السلوك العدواني لدي
الأطفال التوحديين.
المصطلحات:
autism الأوتيزم (التوحد
الأوتيزم بأنه مصطلح يشير إلي الانغلاق علي Marica ( تعرف ماريكا ( ١٩٩٠
النفس، والاستغراق في التفكير، وضعف القدرة علي الانتباه، وضعف القدرة علي التواصل
وإقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين، فضلاً عن وجود النشاط الحركي المفرط (معمور
.(١٩٩٧
Social interactions : التفاعلات الاجتماعية
يعرف التفاعل الاجتماعي بأنه عملية مشاركة بين الأطفال من خلال مواقف الحياة
اليومية تفيد في إقامة علاقات مع الآخرين في محيط المجال النفسي. وتشمل المهارة في
التعبير عن الذات والاتصال بالآخرين ومشاركتهم في الأنشطة الاجتماعية وإقامة حوار
.(Trepagnier, وصداقة معهم ( 1996
aggressive behavior : السلوك العدواني
يعرفه جمال الخطيب ( ١٩٩٣ ) بأنه أي فعل يهدف إلي إيقاع الأذى أو الألم والضرر
بالآخرين أو إلي تخريب ممتلكاتهم. ويذهب سعيد دبيس ( ١٩٩٨ ) إلي وجود أربعة أبعاد
للسلوك العدواني عند المعاقين عقلياً من الدرجة البسيطة. وسوف تأخذ الباحثة بذلك نظراً
لأوجه التشابه الكثيرة بين الفئتين، كما أن فئة التوحديين عادة ما يتم إلحاقها بمراكز الإنماء
الفكري مع المعاقين عقلياً. وهذه الأبعاد هي:
أ السلوك العدواني الصريح: ويتمثل في جذب ملابس الزملاء والعض وشد الشعر
والتخريب والبصق والضرب وتحطيم الأشياء.
ب السلوك العدواني العام (اللفظي وغير اللفظي): ويتمثل في الشتم ومضايقة الزملاء
والتحرش بهم واستخدام الألفاظ النابية والبذيئة.
ج السلوك الفوضوي: ويتمثل في الدخول للفصل والخروج منه دون استئذان، والقيام
بالشوشرة ورمي الأوراق علي الأرض دون وضعها في سلة المهملات.
د عدم القدرة علي ضبط الذات والتحكم في الانفعالات: ويتمثل في الانتقام وعدم القدرة
علي التحكم في السلوك عند الاستثارة ورمي أي شيء عند الغضب.
البرنامج التدريبي المستخدم:
البرنامج التدريبي الحالي هو عملية منظمة مخططة تهدف إلي إكساب الأطفال
التوحديين بعض المهارات اللازمة للتفاعل الاجتماعي وتنميتها، وتدريبهم بهدف تحقيق قدر
معقول من الاتصال بالآخرين وإقامة علاقات اجتماعية مقبولة وناجحة معهم عم طريق تنمية
قدراتهم واستعداداتهم ومهاراتهم الاجتماعية إلي أقصى حد ممكن.
أھداف الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلي تقديم برنامج تدريبي لتنمية المهارات التي تساعد علي
حدوث التفاعلات الاجتماعية بين الأطفال التوحديين وأقرانهم والتحقق من مدي فاعليته في
خفض السلوك العدواني من جانبهم حيث أن إكسابهم مستوي جيد من هذه التفاعلات يمكن أن
يسهم بشكل مباشر في تعديل بعض ما يصدر عنهم من أنماط سلوكية عدوانية غير مقبولة
ويسهل بالتالي من عملية انخراطهم في المجتمع. كما قد يساعد المعلمين والآباء علي التعامل
مع هؤلاء الأطفال بشكل مناسب ويمكنهم بالتالي من القيام بالتعديل الممكن للسلوكيات غير
المقبولة اجتماعياً التي تأتي بها هؤلاء الأطفال.
مشكلة الدراسة:
تمثل السلوكيات غير المقبولة اجتماعياً وفي مقدمتها السلوك العدواني والتي يأتي بها
الأطفال التوحديون مشكلة كبيرة تعوق عملية تواصلهم مع المحيطين بهم وتصعب بالتالي من
عملية اندماجهم معهم. ويمكن التغلب علي ذلك إلي حد كبير عن طريق تنمية مهاراتهم التي
تساعد علي التفاعل الاجتماعي. وعلي ذلك تتمثل مشكلة هذه الدراسة في التساؤلات التالية:
١ هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعتين التجريبية
والضابطة في القياس البعدي للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك العدواني الصريح، والسلوك
العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم القدرة علي ضبط الذات)؟
٢ هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة التجريبية في
القياسين القبلي والبعدي للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك العدواني الصريح، والسلوك
العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم القدرة علي ضبط الذات)؟
٣ هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة الضابطة في
القياسين القبلي والبعدي للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك العدواني الصريح، والسلوك
العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم القدرة علي ضبط الذات)؟
٤ هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة التجريبية في
القياسين البعدي والتتبعي (بعد شهرين من انتهاء البرنامج) للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك
العدواني الصريح، والسلوك العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم
القدرة علي ضبط الذات)؟
أھمیة الدراسة:
ترجع أهمية الدراسة الحالية إلي النقاط التالية:
أن اضطراب التوحد لم ينل حظه من البحث والدراسة في الوطن العربي بوجه عام وفي
المملكة العربية السعودية بوجه خاص حيث نجد أنه علي الرغم من الدراسات العديدة التي
أجريت حول هذا الاضطراب في المجتمعات الغربية وما تم إنشاؤه من مراكز خاصة به فإن
الدراسات العربية حول هذا الاضطراب تعد علي أصابع اليد الواحدة، كما أننا نادراً ما نجد
مركزاً متخصصاً يعني بدراسته وتقديم الخدمات لأعضاء هذه الفئة ووالديهم.
أن هذه الفئة دون غيرها من الفئات الخاصة تكاد تكون فئة مهملة من جانبنا لم تنل الاهتمام
الكافي.
أن تعديل السلوكيات غير المناسبة اجتماعياً يعد هو جوهر عملية التأهيل المطلوبة لأعضاء
هذه الفئة.
أن تبصير معلمي ووالدي هؤلاء الأطفال بكيفية تعديل سلوكياتهم غير المقبولة اجتماعياً
وفي مقدمتها السلوك العدواني يمكن أن يسهم في إعدادهم للاندماج مع أقرانهم ومن ثم
الانخراط في المجتمع.
أن هذه الدراسة يمكن من هذا المنطلق أن نستفيد منها اجتماعياً من حيث إمكانية
المساهمة في حدوث التفاعلات الاجتماعية من جانب هؤلاء الأطفال ومن ثم الاندماج مع
الآخرين، كما يمكن أن تسهم في تأهيل هؤلاء الأطفال نفسياً.
أنه لا توجد في المجتمع السعودي سوى دراستين في هذا المجال إحداهما تشخيصية أجراها
حلواني ( ١٩٩٦ ) والأخرى برنامجية أجراها معمور ( ١٩٩٧ ) إلي جانب دراسة أخرى
تشخيصية للباحثة الحالية لم تنشر بعد، وهو الأمر الذي يضيف إلي أهمية الدراسة الحالية.
الدراسات السابقة:
فيما يلي عرض لأهم الدراسات التي أجريت في هذا الموضوع والتي يمكن للباحثة أن
تستفيد منها ومما أتبعته من إجراءات أو ما توصلت إليه من نتائج.
أجرى معمور ( ١٩٩٧ ) دراسة هدف من خلالها إلي التأكد من فاعلية برنامج سلوكي
في التخفيف من حدة أعراض الأوتيزم والتي تتضمن من بين أعراض أخرى العدوانية وذلك
علي عينة ضمت ثلاثين طفلاً توحدياً من الأطفال الملتحقين بمركز أمل للإنماء الفري بجدة،
واستخدم مقياس تقييم الطفل المنطوي علي ذاته ومقياس كونرز، وأوضحت النتائج فيما يتعلق
بجانب العدوانية انخفاض مستوي العدوانية لدي الأطفال كما تعكسها درجاتهم علي بعد
العدوانية المتضمن بالمقياس وذلك قياساً بما كانت عليه تلك الدرجات من قبل. كما أجرى
حلواني ( ١٩٩٦ ) دراسة استهدفت التوصل إلي تشخيص فارق للأطفال التوحديين قياساً
بالمتخلفين عقلياً والأسوياء من خلال أدائهم علي بعض المقاييس النفسية وقوائم الملاحظة،
وضمت العينة ٢٧ طفلاً توحدياً تتراوح أعمارهم بين ٦ ١٥ سنة، ١٧ طفلاً من المتخلفين
عقلياً تتراوح أعمارهم بين ٦ ١٣ سنة من الملتحقين بمركز أمل للإنماء الفكري بجدة، ٢٧
طفلاً من الأسوياء تتراوح أعمارهم بين ٦ ٨ سنوات بالمدارس الأهلية بجدة. وأوضحت
النتائج فيما يتعلق بالعدوانية أن الأطفال التوحديين أكثر عدوانية من أقرانهم المتخلفين عقلياً.
تدريب Creedon,M ( واستهدفت الدراسة التي أجرتها مارجريت كريدون ( ١٩٩٣
مجموعة من الأطفال التوحديين قوامها ٢١ طفلاً تتراوح أعمارهم بين ٤ ٩ سنوات علي
برنامج للتواصل بغرض تحسين مهاراتهم الاجتماعية والتخلص من بعض السلوكيات غير
المناسبة ومن بينها إيذاء الذات. واعتمد البرنامج علي التعزيز سواء المادي أو اللفظي
والاقتصاد الرمزي والتقبل الاجتماعي إلي جانب الاشتراك في الأنشطة (الحركية والفنية
والاجتماعية والألعاب). ومع نهاية البرنامج كان بمقدور الأطفال تحديد السلوكيات غير
المناسبة، ومساعدة بعضهم البعض، كما ازداد نشاطهم الاجتماعي وحدث نقص واضح في
Giddan ( سلوك إيذاء الذات من جانبهم. كذلك فقد هدفت الدراسة التي أجراها جيدان ( ١٩٩٠
إلي التعرف علي فاعلية التدريب علي المهام المتعلقة بالأعمال المنزلية والطهي ورعاية
الحيوانات الأليفة والزراعة علي التفاعلات الاجتماعية لعينة ضمت ١٥ مراهقاً توحدياً وذلك
مع أقرانهم، واعتمد البرنامج التدريبي علي تحليل المهارات إلي جانب التعزيز. وأوضحت
النتائج حدوث تحسن في السلوكيات الاجتماعية والتفاعلات الاجتماعية لهؤلاء المراهقين مع
أقرانهم إلي جانب حدوث نقص دال في السلوكيات غير المقبولة اجتماعياً ومنها السلوك
بدراسة فعالية Matson, et al. ( العدواني. وإلي جانب ذلك قام ماتسون وآخرون ( ١٩٩٠
التدريب علي مهارة مساعدة الذات للأطفال التوحديين وأقرانهم المعاقين عقلياً وذلك علي
عينة قوامها ١٠٤ طفلاً من الفئتين معاً تتراوح أعمارهم بين ٤ ١١ سنة وذلك لتعديل بعض
المظاهر السلوكية التي تصدر عنهم كالعدوانية والاندفاعية، واعتمدوا في ذلك علي فنيات
النموذج والشرح اللفظي للسلوك المطلوب والإرشاد خلال تعاقب مراحل تحليل العمل وتوجيه
الطفل للأداء المستقل باتباع التعليمات والنموذج. وأسفرت النتائج عن فاعلية التدريب علي
مهارات مساعدة الذات وإجراءات تعديل السلوك وإكساب المهارات المستهدفة للمفحوصين
في تعديل بعض المظاهر السلوكية غير المقبولة اجتماعياً وفي مقدمتها السلوك العدواني.
دراسة حالة لطفلة تم تشخيصها Janney ( ومن ناحية أخرى تناولت جاني ( ١٩٨٩
إكلينيكيا علي أنها تعاني من التوحدية إلي جانب نوبات الغضب وبعض السلوكيات غير
المقبولة اجتماعياً كالعدوانية. واستخدمت الباحثة برنامجاً تدريبياً تم تصميمه وفقاً لحاجات
هذه الطفلة حتى يمكنها التدريب بإيجابية علي قدر معقول من المهارات الاجتماعية ومهارات
التواصل، وتم التركيز علي الاشتراك في المهام المختلفة والتفاعلات الاجتماعية في إطار
الأنشطة والمهارات الاجتماعية التي تناسب عمرها. وأوضحت النتائج زيادة التفاعلات
الاجتماعية بين هذه الطفلة وأقرانها وزيادة سلوكياتها الاجتماعية المقبولة وتحسنها ومن ثم
بإجراء دراسة Luiselli et. al. ( نقص سلوكها العدواني. كما قام لويسلي وآخرون ( ١٩٨٤
علي طفلين مضطربين نمائياً (ولد وبنت) تم تشخيص البنت إكلينيكياً علي أنها تعاني من
اضطراب التوحد، أما الولد فكان متخلفاً عقلياً. وتم استخدام برنامج تدريبي سلوكي للحد من
سلوكياتهم العدوانية، واستخدم إجراء الاستبعاد لبعض الوقت إلي جانب التعزيز. وقد أدي
ذلك إلي حدوث نقص واضح في نوبات الغضب والسلوك العدواني بالنسبة للبنت التوحدية،
بينما أدي هذا الإجراء بالنسبة للولد المعاق عقلياً إلي حدوث نقص واضح في العدوان. وبذلك
اتضح فاعلية هذا الإجراء بالنسبة للطفلين معاً التوحدي والمعاق عقلياً.
بتقديم برنامج Goldberg & Imber ( كذلك فقد قامت سارة جولدبرج وأمبر ( ١٩٨٠
إرشادي لمعلم طفل توحدي عدواني في السادسة من عمره، وتم خلال البرنامج التركيز علي
والمتمثلة في تحديد المشكلة، ثم تحليلها، Bergan مراحل حل المشكلات كما قدمها بيرجان
فالتخطيط لمنع حدوثها وتنفيذ تلك الخطة، وأخيراً تقييم تلك المشكلة. وقد تضمن البرنامج
أيضاً العمل علي تنمية مهارات الطفل الاجتماعية في سبيل خفض عدوانيته، وتم استخدام
فنيات الاستبعاد لجزأ من الوقت، والتعزيز اللفظي والمادي حتى تم تعديل سلوكه العدواني
غير المقبول. وأوضحت النتائج أن الفنيات التي تم استخدامها خلال هذا البرنامج التدريبي قد
أدت إلي حدوث نقص دال في عدوانية الطفل إلي جانب حدوث نقص تدريجي في سلوك عدم
الطاعة من جانبه.
تعليق علي الدراسات السابقة
من هذا العرض لتلك الدراسات يتضح ما يلي:
تكاد تتفق نتائج الدراسات علي أن التدريب علي مهارات التفاعل الاجتماعي والمهارات
الاجتماعية من شأنه أن يخفض من السلوك العدواني للأطفال التوحديين وأن يقلل منه بشكل
دال إحصائياً.
تكاد تجمع تلك الدراسات علي أن البرامج التدريبية ذات التوجه السلوكي من شأنها أن
تكسب الأطفال التوحديين المهارات المستهدفة وأن تعدل من سلوكياتهم غير المقبولة
اجتماعياً.
أن غالبية هذه الدراسات قد تم إجراؤها في بيئات أجنبية تولي هؤلاء الأطفال اهتماماً
كبيراً وتقدم لهم العديد من الخدمات المتنوعة.
ندرة الدراسات العربية في هذا المجال وحاجة المجتمع السعودي إلي إجراء المزيد من
هذه الدراسات وهو ما دفع الباحثة الحالية إلي إجراء دراستها هذه والتحقق من صدق النتائج.
الفروض
تمت صياغة الفروض التالية لتمثل إجابات محتملة لتلك التساؤلات التي أثيرت في
مشكلة الدراسة.
١ توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعتين التجريبية والضابطة
في القياس البعدي للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك العدواني الصريح، والسلوك العدواني
العام اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم القدرة علي ضبط الذات) في الاتجاه
الأفضل لصالح المجموعة التجريبية .
٢ توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة التجريبية في القياسين
القبلي والبعدي للسلوك العدواني وأبعاده ( السلوك العدواني الصريح، السلوك العدواني العام
اللفظي وغير اللفظي، والسلوك الفوضوي، وعدم القدرة علي ضبط الذات) في الاتجاه
الأفضل لصالح القياس البعدي.
٣ لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة الضابطة في
القياسين القبلي والبعدي للسلوك العدواني وأبعاده ( السلوك العدواني الصريح، السلوك
العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، السلوك الفوضوي، عدم القدرة علي ضبط الذات)
٤ لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة التجريبية في
القياسين البعدي والتتبعي (بعد شهرين من انتهاء البرنامج) للسلوك العدواني وأبعاده (السلوك
العدواني الصريح، السلوك العدواني العام اللفظي وغير اللفظي، السلوك الفوضوي، عدم
القدرة علي ضبط الذات).
خطة الدراسة:
أولاً العینة:
تتألف عينة الدراسة الحالية من ٢٤ طفلاً توحدياً من الملتحقين بمركز أمل للإنماء
الفكري بجدة ممن ينطبق عليهم أربعة عشر بنداً علي الأقل من تلك البنود التي يتضمنها
مقياس الطفل التوحدي الذي أعده عادل عبد الله ( ٢٠٠٠ ) في ضوء المحكات الواردة في
الطبعة الرابعة من دليل التصنيف التشخيصي والإحصائي للأمراض والاضطرابات النفسية
الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي ( ١٩٩٤ ) وتتراوح أعمارهم DSM-IV والعقلية
بين ٧ ١٤ سنة ونسب ذكائهم بين ٥٥ ٦٨ على مقياس جوادر وينتمون جميعاً إلى المستوى
الاقتصادي الاجتماعي المتوسط.
وقد تم تقسيم أفراد العينة إلى مجموعتين متساويتين في العدد (ن = ١٢ لكل
مجموعة)، إحداهما تجريبية تم تطبيق البرنامج التدريبي المستخدم عليها، أما الثانية فكانت
ضابطة لم تخضع لأي إجراءات تجريبية. وتم مجانسة المجموعتين في العمر الزمني، ونسبة
الذكاء، والمستوى الاقتصادي الاجتماعي (جدول ١) إلى جانب السلوك العدواني كما يتضح
تحميل الرسالة كاملة
http://adf.ly/J2x1d