إن الاهتمام بالنشاط المعرفي للإنسان كان مدار بحث عبر عصور التاريخ منذ أيام أفلاطون وأرسطو حتى عصرنا الحاضر، لا بل يعتقد الكثير من علماء النفس أن علم النفس قد ولد معرفياً من حيث القضايا التي تناولها عند استقلاله. ويبحث علم النفس المعرفي في العمليات المعرفية المختلفة كالانتباه والإدراك والتذكر والتخزين والتفكير وحل المشكلات وغيرها، من حيث وظائفها، وطبيعتها، وأسلوب عملها، لتتكامل معا في نظام معرفي معقد، حاول العلماء على مر العصور فهمه وتبسيطه لمساعدة الناس على فهم بعضهم البعض، وتوجيه عمليات التعلم والإنجاز، لا بل مساعدتهم في جميع مجالات الحياة المختلفة. لقد ميز الله تعالى الإنسان على بقية الكائنات الحية التي خلقها بقدرات معرفية متطورة، ولغة بشرية خص بها الإنسان وحده، ليضع أمامه تحديا آخر ليفهم أخاه الإنسان من حيث طرق تفكيره واتخاذه لقراراته، وليساعدنا على تنمية قدراته إلى أقصى مستوى ممكن.
وعلم النفس المعرفي من العلوم التي تطورت كثيراً في العقود الأخيرة، حيث يلاحظ كثرة الكتب العلمية المنشورة، والدوريات العلمية المتخصصة، ومواقع الإنترنت التي تظهر جهود العلماء والمتخصصين وبرامجهم العلمية والتدريبية. كما يلاحظ المراقب لاتجاهات علم النفس المعاصرة أن الاتجاه المعرفي أصبح من أقوى هذه الاتجاهات، وأنه أصبح بمثابة الحلقة التي تنصهر من خلالها الاتجاهات الأخرى، كما هو الحال في الاتجاه السلوكي والفسيولوجي ببروز اتجاه الارتباطية (Connectionism)، واتجاه العمليات الموزعة الموازية (Parallel Distributing Processing) التي ربطت بين أفكار الاتجاه السلوكي والفسيولوجي في قالب معرفي جديد، ومحاولة ربط جميع العمليات المعرفية بأسسها البيولوجية لتأكيد دور الدماغ في تفسير العمليات المعرفية . كما برز في الاتجاه الاجتماعي من يهتم بدارسة النظم الاجتماعية، وعلاقات التفاعل الاجتماعي بقالب معرفي في مجال عرف بالمعرفة الاجتماعية (Social Cognition). وارتبط البحث في علم النفس المعرفي كذلك باتجاه معالجة المعلومات، وذلك من خلال النظر إلى العمليات المعرفية كعمليات منظمة ومتسلسلة وفق نظم معالجة محددة للمعلومات، كما هو الحال في علم الحاسوب، مما سمح بولادة علم الذكاء الاصطناعي الذي يسعى إلى تطوير أجهزة قادرة على ممارسة بعض النشاطات المعرفية بنفس أسلوب الإنسان وطريقته في التعامل مع المعلومات.
في ظل هذه الأهمية الكبيرة لعلم النفس المعرفي، وتطبيقاته الكثيرة في العديد من المجالات، كان لا بد من الاهتمام بهذا الفرع من فروع علم النفس وتضمينه لخطط الدراسة لبرامج علم النفس على المستوى المحلي والعربي. ومما يعيق تنفيذ هذه الرغبة في أقسام علم النفس المختلفة، النقص الواضح لكتب علم النفس المعرفي، والبحوث العلمية المكتوبة في اللغة العربية، حيث أن بعض ما هو متوافر حالياً على الساحة العربية يعد قديماً بمعلوماته وأفكاره. لذلك جاءت فكرة هذا الكتاب ليقدم إلى القارئ العربي كتاباً متخصصاً يصلح لطلبة البكالوريوس، ويشكل مرجعاً أساسياً لطلبة الدراسات العليا، محاولاً استعراض أكبر عدد ممكن من الموضوعات المعاصرة في علم النفس المعرفي. وقد لجأ المؤلف في كتابه هذا الى اللجوء إلى عدد كبير من أمهات الكتب المتخصصة والحديثة، إضافة إلى الإطلاع على أحدث ما هو متوفر في الدوريات العلمية المتخصصة في هذا المجال. كما أن المؤلف كان حريصاً على تبسيط المفاهيم، وعرض الصور، والأشكال، التي تساعد على شرح هذه المفاهيم، بطريقة وأسلوب سهل وشيق للطالب من أجل الإلمام بقضايا هذا الموضوع، وتوفير عدد من المراجع التي يمكن للطلبة الرجوع إليها للاستزادة والتعمق، وخصوصاً لأغراض البحث العلمي.
ويتناول الكتاب اثنى عشرة وحدة وزعت على الشكل آلاتي:
الوحدة الأولى: وعالجت تعريف علم النفس المعرفي، وأهدافه، وتطوره التاريخي، والقضايا التي يتناولها، ومناهج البحث في الظواهر المعرفية.
الوحدة الثانية: وتناولت الأسس البيولوجية للمعرفة، حيث تم البحث في الجهاز العصبي وعلاقته بالمعرفة، وتنظيم الجهاز العصبي ووظائفه، والقشرة الدماغية ونصفي الدماغ، ونمو الدماغ، وآلية البحث في الدماغ، وطرق تجهيز المعلومات ومعالجتها في الجهاز العصبي.
الوحدة الثالثة: وتناولت الانتباه من حيث مفهومه، وتعريفه، وأنواعه، ونظرياته، وخصائصه، ووظائفه، ومراحله، ومحدداته، والعوامل المؤثرة فيه. كما تناول علاقة الانتباه بالتعرف، والخبرة، والتعلم.
الوحدة الرابعة: وتناولت الإدراك من حيث مفهومه، ونموه، وشروطه، وثباته، والعوامل المؤثرة فيه. كما تناول الإدراك البصري والسمعي، وإدراك الحركة، والعمق، والخدع الإدراكية.
الوحدة الخامسة: وتناولت الذاكرة من حيث المفهوم والتعريف، والقياس، والأنماط، ونظريات النسيان، واستراتيجيات تحسين الذاكرة.
الوحدة السادسة: وتناولت اتجاه معالجة المعلومات وأنماط الذاكرة، حيث تم شرح مفهوم هذا الاتجاه وتطوره. كما تم الحديث عن الذكاء الاصطناعي، ونماذج الذاكرة المتصلة والمنفصلة، كما قدم في نهاية الوحدة نموذج شامل لمعالجة المعلومات يوفق بين النماذج المختلفة في الذاكرة.
الوحدة السابعة: وتناولت عملية تمثيل المعلومات في النظام المعرفي، وتم معالجة مفهوم البنية المعرفية، وآلية تمثيل المعلومات ذات الأساس الإدراكي وحسب المعنى. كما تم بحث نظم الشبكات، و نظم المخططات العقلية أو السكيما كنماذج على تمثيل المعنى.
الوحدة الثامنة: وتتناول هذه الوحدة التفكير من حيث التعريف، والخصائص، والأشكال، والأساليب. كما تناولت موضوع تعليم التفكير والتدريب عليه، واستعرضت بشكل خاص التفكير ما وراء المعرفي، والذكاء الانفعالي وعلاقتهما بالتفكير.
الوحدة التاسعة: وتناولت التفكير الناقد والابداعي من حيث المفهوم والخصائص والمهارات الرئيسة وآليات وطرائق تعليمه وأهمية تعليمه للطلبة.
الوحدة العاشرة: وتناولت هذه الوحدة حل المشكلات من حيث المفهوم، وأنواع المشكلات، وخطوات الحل، واستراتيجياته. كما تم بحث علاقة حل المشكلات باتجاه معالجة المعلومات، والإبداع، والخبرة.
الوحدة الحادية عشرة: تناولت هذه الوحدة اللغة من حيث المفهوم والتعريف، والخصائص، والوظائف، والبناء والتركيب، والإنتاج، والاكتساب، والفهم، والتطور، وعلاقة اللغة بالتفكير.
الوحدة الثانية عشرة: وتناولت مفهوم الاساليب المعرفية وعلاقتها بالشخصية والذكاء، والقدرات، والضوابط المعرفية، والتعلم وأساليبه، والدماغ. كما تناولت خصائص الأساليب المعرفية، وتصنيفها، وتطبيقاتها، وشرح موسع لأسلوب الاستقلال في مقابل الاعتماد على المجال.
1. مقدمة الى علم النفس المعرفي
المقدمة
تعريف علم النفس المعرفي
لماذا ندرس علم النفس المعرفي؟
التطور التاريخي لدراسة المعرفة وعلم النفس المعرفي
موضوعات علم النفس المعرفي
مناهج البحث في الظواهر المعرفية
2. الأسس البيولوجية للمعرفة
الجهاز العصبي وعلاقته بالمعرفة
تنظيم الجهاز العصبي ووظائفه
أقسام الجهاز العصبي
القشرة الدماغية ونصفا الدماغ
نمو الدماغ
آلية البحث في الدماغ الإنساني
تجهيز المعلومات ومعالجتها في الجهاز العصبي
3. الإنتباه
مفهوم الانتباه وتعريفه
أنواع الانتباه ونظرياته
خصائص الانتباه
وظائف الانتباه
مراحل الانتباه
محددات الانتباه
العوامل المؤثرة في الانتباه
الانتباه والتعرف على العناصر
الانتباه والتلقائية (الخبرة)
نماذج الفلترة (الانتباه الانتقائي)
الانتباه والتعلم
4. الإدراك
مفهوم الإدراك
نمو الإدراك وعلاقته بالحواس
الإدراك البصري والسمعي
العوامل المؤثرة في الإدراك
ثبات الإدراك
إدراك العمق والحركة والخدع الإدراكية
الإدراك والتعلم
5. الذاكرة
مفهوم الذاكرة وتعريفها
قياس الذاكرة
أشكال الذاكرة
أنماط الذاكرة
النسيان ونظرياته
إستراتيجيات وتطبيقات لتحسين الذاكرة
6. إتجاه معالجة المعلومات ونماذج الذاكرة
إتجاه معالجة المعلومات
الذكاء الاصطناعي
نماذج الذاكرة
نموذج اتكنسون-شيفرن
نموذج تولفنج
مدخل مستويات تجهيز ومعالجة المعلومات
مدخل العمليات الموزعة الموازية
نموذج مقترح في معالجة المعلومات
7. تمثيل المعلومات في النظام المعرفي
مفهوم البنية المعرفية
تمثيل المعلومات في النظام المعرفي
تمثيل المعلومات ذات الأساس الإدراكي
تمثيل المعلومات على أساس المعنى
تمثيل المعلومات وفق نماذج شبكات الترابطات
تمثيل المعلومات من خلال نماذج المخططات الفعلية (السكيما)
8. التفكير
تعريف التفكير وخصائصه
تصنيفات التفكير وأشكاله
أساليب التفكير
نظريات التفكير
التفكير والذاكرة
التفكير واللغة
تعليم التفكير والتدريب عليه
التفكير عالي الرتبة
التفكير ما وراء المعرفي
الذكاء الانفعالي والتفكير
9. التفكير الناقد والتفكير الابداعي
مفهوم التفكير الناقد
تعريف التفكير الناقد
مهارات التفكير الناقد
معايير التفكير الناقد
تعليم التفكير الناقد وأهميته
مفهوم التفكير الابداعي
مهارات التفكير الابداعي
مراحل التفكير الابداعي
تعليم التفكير الابداعي
أوجه الشبه والاختلاف بين التفكير الناقد والابداعي
10. حل المشكلات والخبرة
مفهوم المشكلة ومفهوم حلها
أنواع المشكلات
خطوات حل المشكلة
حل المشكلات وعلاقته باتجاه معالجة المعلومات
الحلول الإبداعية لحل المشكلات
طرق وإستراتيجيات حل المشكلة
الخبرة وحل المشكلات
11.اللغة
مفهوم اللغة وتعريفها
خصائص اللغة
وظائف اللغة
بناء اللغة وتراكيبها وإنتاجها
اكتساب اللغة
فهم اللغة
تطور اللغة
علاقة اللغة بالتفكير
اللغة ليست الاداة الوحيدة للتفكير والتعبير
12.الاساليب المعرفية
المقدمة
تعريف الأساليب المعرفية
علاقة الأساليب المعرفية بدراسة الشخصية
علاقة الأساليب المعرفية بدراسة الذكاء والقدرات
علاقةالأساليب المعرفية بدراسة الضوابط المعرفية
علاقة الأساليب المعرفية والتعلم
الأساليب المعرفية والدماغ
خصائص الأساليب المعرفية
تصنيف الأساليب المعرفية
الانماط المعرفية وحل المشكلات
التطبيقات العملية لدراسة الأساليب المعرفية
بعد الاستقلال في مقابل الاعتماد
المراجع
http://adf.ly/1X9j6b