مقدمة:
تتكون شخصية الفرد من توليفة متكاملة من المكونات البيولوجية (كالوراثية، والفيسيولوجية)، والنفسية (كالمعرفية، والانفعالية) من ناحية، والمادية – الاجتماعية من ناحية أخرى. وتعد نواتج اقتران هذه المكونات بمثابة محددات للشخصية، تتحكم في طبيعة ومسار تفاعلها مع الوسط المحيط بها، لكي يتم تحقيق مستوى ملائم من التوافق الشخصي والاجتماعي والمهني معاً.
ويُعد المكون المعرفي، وبخاصة نواتج الإدراك، من حيث طبيعة الأفكار والمعتقدات المنبثقة عنه والسائدة لدى الفرد، كالأفكار العقلانية والمنطقية والواقعية الحياتية، وغير العقلانية من جهة، ومستوى الصحة النفسية من جهة أخرى، من المؤشرات الدالة على طبيعة الشخصية، هل هي تكيفية أم غير تكيفية.
وفي هذا السياق، يُنظر إلى طلبة الجامعات باعتبارهم الشريحة الفتية والهامة في تقدم المجتمع، فهم كباقي شرائح المجتمع يتعرضون في سير حياتهم الشخصية والأكاديمية إلى سلسلة من الضغوط المختلفة في نوعها وشدّتها، الأمر الذي يؤدي إلى تباين الفروق بينهم في الاستجابة لها والتعامل معها.
ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى أن الأحداث الضاغطة التي يواجهها طلبة الجامعات ليست بحد ذاتها المسببة للضغوط، بل يُعزى ذلك إلى الفروق في إدراكهم لها، باعتبار ذلك هو المسبب الأساس في حدوثها.
وعليه، يمكن النظر إلى الأحداث الضاغطة باعتبارها معرفية المنشأ، أي يعتمد شعور الطالب الجامعي بقدرته على التحكم بالأحداث الضاغطة على كيفية إدراكه لها، والذي بدوره يؤثر في كل من تقييمه المعرفي لها، وأسلوب التعامل معها.
وهذا يقودنا إلى أن طلبة الجامعات يختلفون في إدراكهم للحدث الضاغط الواحد، الأمر الذي يؤدي إلى تباين النواتج الانفعالية، والأنماط السلوكية لديهم، وأن ظهور الضغوط هي نتاج وجود أنماط تفكير خاطئة لديهم حيال إدراكهم للمواقف والأحداث البيئية، فضلاً عن وجود مستويات متدنية من الصحة النفسية (حسين وحسين، 2006).
وانطلاقاً من الأهمية البالغة لمرحلة التعليم الجامعي، باعتبار مخرجاتها غاية التنمية ووسيلتها معاً، أصبح من الضروري إيلاء أهمية إلى بلورة وتطوير شخصية متكاملة للطالب الجامعي، بحيث تتمتع بوجود مستويات ملائمة ومعتدلة من الأفكار والمعتقدات العقلانية، والصحة النفسية، لكي يتسنى لها القيام بأدوارها المجتمعية بثقة واقتدار لمواكبة مستجدات العصر وتحدياته. وخلافاً لذلك، ستبقى فلسفة التعليم العالي قاصرةً عن تحقيق الأهداف المنشودة.
من هنا، جاءت فكرة الدراسة الحالية للكشف عن مدى انتشار الأفكار العقلانية – اللاعقلانية لدى عينة من طلبة جامعة عمّان الأهلية، والتعرّف إلى مستويات الصحة النفسية لديهم، وإيجاد العلاقة بين هذه المتغيرات، باعتبارها - كما يبدو - وجهين لعملة واحدة.
وعليه، فإذا ما تمكنت الدراسة الحالية من الكشف عن هذه المتغيرات، وإيجاد العلاقة بينها، فإن ذلك – بحسب رأي الباحث – يُعطي مؤشراً على تحديد مسار برامج إعداد الطلبة الجامعيين، الأمر الذي يساهم نظرياً وتطبيقياً في خدمة المجتمع عامةً، ومؤسسات التعليم العالي خاصةً، بما ينسجم مع متطلبات العصر، وذلك بهدف إعداد جيل من الشباب الجامعي يتمتع بمستويات معتدلة من الصحة النفسية، ونظام الاعتقادات العقلانية، لكي يتسنى لهم الدخول إلى أسواق العمل لتأدية أدوارهم المجتمعية بفاعلية.
الإطار النظري:
يتناول هذا البند وصفاً لمتغيرات الدراسة وتفسيراً لها، حيث يحاول الباحث وصف مفهوم الأفكار العقلانية واللاعقلانية وتفسيره أولاً، يليه وصف مفهوم الصحة النفسية وتفسيره ثانياً.
أولاً: وصف مفهوم الأفكار العقلانية – اللاعقلانية وتفسيره:
يُعد هذا المفهوم من المفاهيم التي أثارت جدلاً ونقاشاً مُوسعاً بين جمهور المفكرين، والفلاسفة، وعلماء النفس، حيث يُعد من المفاهيم التي لها عمر طويل جداً، ويعود بجذوره إلى آراء الفلاسفة في الحضارة اليونانية القديمة، لكنه كمفهوم علمي له تاريخ قصير جداً، إذ يُعد ألبرت إليس (Albert Ellis) من أوائل الذين أدخلوه إلى التراث السيكولوجي، وأصبح له معنى ودلالة علمية. وقد وصف إليس هذا المفهوم وفسّره باعتباره أحد المكونات الأساسية للشخصية، حيث ظهر هذا الوصف بجلاء في نظريته التي أسماها "نظرية العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي" (Ellis, 1994).
وتعبر هذه النظرية عن طريقة إرشادية، تهدف إلى مساعدة الفرد في تعديل أفكاره اللاعقلانية المسببة للاضطرابات الانفعالية لديه إلى أفكار عقلانية تحقق له مستوىً مناسباً من الصحة النفسية (Ellis, 1994).
وفي هذا السياق حدّد إليس (Ellis) الأساس المعرفي للسلوك في معادلة تدعى (ABC)، حيث يقوم العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي على إقناع الفرد بأن النتائج الانفعالية غير المرغوبة (Emotional Consequence) ليست نتيجة حتمية للحدث (ACT)، بل نتاج الأفكار أو الاعتقادات الخاطئة التي يتبناها الفرد (Beliefs)، والشكل رقم (1) يوضح ذلك.
الشكل (1): تفسير إليس لنظريته في الشخصية
يتضح من الشكل (1) أن الحادث أو الخبرة (A) هو السبب ظاهرياً في الانفعالات (C)، ولكن وفقاً لهذه النظرية فإن نظام الأفكار أو الاعتقادات هو همزة وصل بين (A) و(C)، أي أنه المسؤول عن الانفعالات وليس الحدث أو الخبرة.
ويستطيع الفرد خفض اضطرابه الانفعالي عن طريق توسيع النموذج (ABC) بحيث يصبح (ABCDE)، أي للتخلص من النتيجة الانفعالية غير السارة، يتطلب دحض وتفنيد (D) نظام الاعتقادات اللاعقلانية وصولاً إلى الأثر المرغوب (E) من الانفعالات السارة (Crammer & Kupshik, 1993).
لقد وردت تعريفات عديدة لمفهوم الأفكار العقلانية واللاعقلانية، كان من أبسطها ما أورده كل من إليس وهاربر، بأن العقلانية هي أي شيء يؤدي بالأفراد إلى السعادة والبقاء، بينما اللاعقلانية هي أي شيء يعيق السعادة والبقاء للأفراد (Daly & Others, 1983).
ويُشير إليس إلى أن نسق الاعتقادات لدى الفرد يتكون من جزأين، وهما: الأفكار العقلانية، والأفكار اللاعقلانية. وتتصف الأفكار العقلانية بجملة من الخصائص، من بينها، أنها: أفكار منطقية، وواقعية، وحياتية، أي متسقة مع الواقع، وتساعد الفرد على تحقيق أهدافه والتوافق النفسي، والتحرر من الاضطرابات الانفعالية، وتؤدي بالفرد إلى الإبداع والإيجابية والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين، كما أنها ليست أفكاراً مطلقةً، فضلاً عن أنها تزيد من مشاعر المتعة والسعادة، ويصبح تحقيق الأهداف أسهل منالاً. أما النسق الثاني من الاعتقادات، فهو على النقيض في خصائصه من النسق الأول، حيث إن الأفكار اللاعقلانية هي المسؤولة عن إحداث الاضطرابات الانفعالية، والسبب في معظم الأعراض المرتبطة بالضغوط لدى الفرد، كما أنها تسيطر على تفكيره وتوجه سلوكه، فضلاً عن أنها أفكار غير واقعية، وغير منطقية، وغير إمبريقية، وغير مرنة، ودوغماتية في طبيعتها، ومطلقة، وغير ملائمة، وتؤدي إلى نتائج انفعالية غير سارة، ويُعبر عنها الفرد لفظياً في شكل الينبغيات، والوجوبيات (Shoulds, Musts)، مثل (يجب أن، ينبغي أن، من الضروري أن...)، وتؤدي إلى هزيمة الذات، وغالباً ما تكون نتاج الخصائص الفطرية وعملية التعلم (Gillilan, et al., 1984).
ويشير باترسون (Patterson) إلى أن نظرية إليس تقوم على مجموعة من الافتراضات، وهي:
1- العقلانية – اللاعقلانية لها أساس ولادي، أي أن الفرد يُولد ولديه استعداد لأن يكون عقلانياً ممثلاً لذاته، أو لاعقلانياً في سلوكه وهازماً لذاته. فالفرد عندما يفكر ويسلك بطريقة عقلانية، فإنه يصبح ذا فاعلية ويشعر بالسعادة والكفاءة.
2- وجود علاقة تكاملية بين الإدراك والتفكير والانفعال والسلوك، ولكي نفهم السلوك المدمر للذات، يتطلب فهم كيفية إدراك الفرد وتفكيره، وانفعاله، وسلوكه، فما الاضطرابات النفسية إلا نتاج التفكير اللاعقلاني.
3- التفكير اللاعقلاني من حيث المنشأ يعود بجذوره إلى التعلم المبكر غير المنطقي، والذي يكتسبه الفرد من أطراف عملية التنشئة الاجتماعية.
4- الإنسان هو كائن عاقل، ومدرك، ومفكر، ومنفعل، وناطق. فالتفكير واللغة متلازمان، حيث يتم التفكير من خلال استخدام الرموز اللفظية، وطالما أن التفكير يصاحب الانفعال والاضطراب الانفعالي، لذا يستمر الاضطراب الانفعالي لاستمرار التفكير اللاعقلاني. وهذا ما يُميز الشخص المضطرب بأنه يحتفظ بسلوكه غير المنطقي بسبب الحديث الداخلي أو الذاتي الذي يتكون عادةً من تفكير لاعقلاني.
5- استمرار الاضطراب الانفعالي الناتج عن الألفاظ الذاتية لا تتقرر فقط بالظروف والأحداث الخارجية فحسب، بل ويتأثر بإدراكات الفرد وتفكيره واتجاهاته نحو هذه الأحداث المسببة لهذا الاضطراب.
6- ينبغي مهاجمة الأفكار والانفعالات السلبية المدمرة للذات عن طريق إعادة تنظيم المعتقدات والاتجاهات التي يتبناها الفرد نحو تلك الأحداث بدرجة يصبح معها الفرد منطقياً وعقلانياً (Patterson, 1980).
ومن خلال الدراسات التي قام بها إليس للأفكار اللاعقلانية، فقد تمكن من تمثيلها في إحدى عشرة فكرةً أو قيمةً ليست ذات معنى اعتُبرت حسب نظريته أفكاراً لاعقلانيةً، وخرافية، وشائعة الانتشار في الثقافة الغربية، وتؤدي إلى الاضطراب النفسي، وهذه الأفكار هي:
1- الفكرة الأولى: (من الضروري أن يكون الشخص محبوباً ومقبولاً اجتماعياً من المحيطين به).
هذه الفكرة لاعقلانية لأنها:
أ- هدف لا يمكن تحقيقه، وذلك لأن إرضاء الناس غاية لا تدرك.
ب- إذا سعى الفرد لتحقيق هذه الغاية، فإنه سيفقد استقلاله الذاتي، ويصبح أكثر عرضةً للإحباط وأقل شعوراً بالأمن.
من الطبيعي وجود رغبة لدى الفرد لأن يكون محبوباً، ولكن الفرد العاقل لا يضحي باهتماماته ورغباته بهدف تحقيق هذه الغاية.
2- الفكرة الثانية: (يجب أن يكون الفرد على درجة كبيرة من الكفاية والمنافسة والإنجاز لدرجة الكمال حتى يكون ذا أهمية وقيمة).
هذه الفكرة لاعقلانية لأنها:
أ- صعبة التحقيق، واندفاع الفرد لتحقيقها، يؤدي إلى إجهاده وظهور الاضطرابات السيكوسوماتية لديه.
ب- تؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس، والشعور بكل من العجز والنقص لدى الفرد، والشعور بالخوف الدائم من الفشل، والذي يترتب عليه حرمانه من التمتع بحياته.
أما الشخص العقلاني، فهو يحاول الإنجاز في حدود إمكاناته، ويستمتع بنشاطه وحياته.
3- الفكرة الثالثة: (بعض الناس يتصفون بالشر والنذالة والخسة والجبن، لذا يجب تأنيبهم ولومهم ومعاقبتهم).
هذه الفكرة لاعقلانية لأن:
أ- الإنسان غير معصوم من الخطأ.
ب- عدم وجود معيار مطلق للصواب والخطأ.
ج- الإنسان عرضة لارتكاب الخطأ نتيجة لغبائه أو جهله بهذا الخطأ، أو لكونه مضطرباً نفسياً.
د- ليس بالضرورة أن يؤدي اللوم والعقاب والعنف إلى التحسن، بل قد يؤدي إلى سلوك أسوأ أو إلى اضطراب انفعالي.
فالشخص العقلاني لا يكون همه لوم نفسه ولوم الآخرين، فإذا أخطأ اعترف بخطئه وعمل على تصويبه، وإذا أخطأ الآخرون عمل على إفهامهم وتوجيههم، كما لا يعد خطؤه أو أخطاء الآخرين كارثة، ولا ضرورة لمواجهتها بالعقاب الصارم أو اللوم.
4- الفكرة الرابعة: (إنه لمصيبة فادحة أن تسير الأمور على عكس ما يريد الفرد).
هذه فكرة لاعقلانية، وذلك لأن:
أ- ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
ب- لا ولن يغير الحزن والهم من الموقف الحاصل شيئاً، بل قد يزيده سوءاً أحياناً.
ج- الأحداث لا ولن تختلف عما هي عليه في واقع أمرها.
د- إذا لم يتمكن الفرد من تغيير الموقف، فإنه يتطلب منه تقبله.
هـ- قد يُثير الحدث اضطراب الفرد، لكنه يجب أن لا يصل إلى حد الكارثة، إلا إذا نظر إليه وفسّره على هذا النحو.
إن الشخص العقلاني لا يبالغ في تفسير نتائج الأحداث غير السارة، بل يسعى لتحسينها والتقليل من أضرارها بقدر استطاعته، وإذا لم يتمكن من ذلك فإنه يتقبلها.
5- الفكرة الخامسة: (تظهر التعاسة عند الفرد بفعل العوامل الخارجية، والتي ليس بمقدوره السيطرة عليها).
هذه الفكرة لاعقلانية، وذلك لأن:
أ- النظر إلى العوامل الخارجية باعتبارها ضارةً ومدمرةً، قد لا يكون كذلك، نظراً لأن ذلك يعتمد على تأثر الفرد بها وتفسيره لها، واتجاهاته نحوها، الأمر الذي يسبب له الاضطراب الانفعالي ويجعله يعمل على تهويل وتضخيم نتائج الأحداث الخارجية.
فالشخص العقلاني يدرك تماما بأن التعاسة أو السعادة ذاتية أو داخلية المنشأ، فقد تضايقه الأحداث الخارجية، لكنه يدرك أن بإمكانه تغيير نظرته واتجاهاته نحوها.
6- الفكرة السادسة: (تستدعي الأشياء الخطيرة أو المخيفة ظهور الهم الكبير والانشغال الدائم في التفكير، وينبغي أن يتوقع الفرد احتمال حدوثها دائماً، وأن يكون على أهبة الاستعداد لمواجهتها والتعامل معها).
هذه الفكرة لاعقلانية؛ لأن توقع حدوث الكوارث يسبب الهم، وانشغال البال، والقلق، وبالتالي يؤدي إلى أنه:
أ- يحول دون التقويم الموضوعي لاحتمال وقوع الأحداث الخطيرة.
ب- يجعل التعامل مع الأحداث ومواجهتها إذا وقعت غير فاعل.
ج- قد يؤدي هذا الأسلوب في التفكير إلى وقوع الحادث.
د- لا يحول التفكير اللاعقلاني دون وقوع الأحداث إذا كان لا بد من حدوثها.
هـ- يجعل الأحداث ونتائجها تبدو أكبر من حجمها الحقيقي أو أنها أكثر خطورةً مما هي عليه في الواقع.
إن الشخص العقلاني يدرك أن الهم والقلق لا يمنع وقوع الأحداث الخطيرة، بل قد يزيد من شدة وقعها على نفسه، مما يجعل القلق أكثر تأثيراً من الأحداث نفسها، ويدرك أن عليه تشجيع نفسه وتدريبها على مواجهة الأحداث التي يعتقد أنها مخيفة.
7- الفكرة السابعة: (من الأسهل أن نتجنب بعض الصعوبات والمسؤوليات بدلاً من أن نواجهها).
هذه فكرة لاعقلانية، وذلك لما يلي:
أ- الهروب من المشكلات وعدم حلها قد يؤدي إلى تراكمها أو إلى نتائج غير مرغوبة.
ب- الهروب من تحمّل المسؤوليات أكثر إيلاماً للنفس من إنجازها.
ج- الهروب من تحمّل المسؤوليات يُشعر الفرد بعدم الرضا ويفقده ثقته بنفسه.
د- تجنب إنجاز المسؤوليات يؤدي إلى ظهور مشكلات عديدة.
هـ- الحياة السعيدة ليست بالضرورة أن تكون سهلة.
إن الشخص العقلاني يؤدي مسؤولياته دون تذمر، ويتجنب الأشياء المؤلمة غير الضرورية، وإذا أهمل القيام ببعض مسؤولياته، فإنه يقوم بتحليل الأسباب موضوعياً، ويعمل على تنبيه نفسه وتوجيهها، ويجد متعة الحياة في تحمّل مسؤولياتها وحل مشكلاتها.
8- الفكرة الثامنة: (يجب أن يعتمد الشخص على الآخرين، ويجب أن يكون هناك من هو أقوى منه لكي يعتمد عليه).
هذه فكرة لاعقلانية، لأنه بينما نحن جميعاً نعتمد على بعضنا البعض، إلا أنه ليس سبباً للمبالغة في الاعتمادية، لأنها تؤدي إلى الأضرار الآتية:
أ- مزيد من الاعتمادية.
ب- الفشل في التعلم.
ج- فقدان الحرية والاستقلال.
د- فقدان تحقيق الذات.
هـ- فقدان الأمان، وذلك لأن الفرد يصبح تحت رحمة من يعتمد عليه.
فالشخص العقلاني يعمل لكي يكون مستقلاً ومحققاً لذاته، كما أنه لا يرفض المساعدة إذا احتاج إليها، ويطلبها إذا اضطر لذلك، ويعلم نفسه المجازفة في بعض الأمور إذا كانت تستحق ذلك.
9- الفكرة التاسعة: (تقرر الخبرات والأحداث الماضية السلوك الحاضر، ولا يمكن تجاهل أو محو تأثير الماضي).
هذه الفكرة لاعقلانية؛ لأنه:
أ- ليست العبرة في الأحداث الماضية، بل العبرة في فهم وإدراك الفرد لها.
ب- حلول الماضي قد لا تصلح للوقت الحاضر وتناسبه، وذلك لأنها انطلقت من حيثيات قد لا تكون موجودة حالياً.
ج- السلوك الذي كان يعد ضرورياً في الماضي تحت ظروف معينة، قد لا يكون ضرورياً في الحاضر.
د- يمكن للفرد أن يتعلم من تجاربه في الماضي، ولكن ليس بالضرورة الانقياد وراءها قسرياً.
هـ- قد يصعب ما تعلمه الفرد في الماضي، لكنه ليس مستحيلاً. إنّ الشخص العقلاني يدرك بأن الماضي مهم، وأن الحاضر يمكن تغييره عن طريق تحليل ما اكتسبه من الماضي من أفكار لاعقلانية والتي تجعل سلوكه الحالي على هذا النحو.
10- الفكرة العاشرة: (ينبغي أن يحزن الفرد لما يصيب الآخرين من اضطرابات ومشكلات).
هذه الفكرة لاعقلانية؛ لما يلي:
أ- قد يؤدي اهتمام الفرد بمشكلات الآخرين بدرجة كبيرة إلى إهمال مشكلاته، لذلك ليس بالضرورة أن تكون مشكلات الآخرين مصدراً للهم الدائم لدى الفرد، ولو كان سلوك الآخرين يؤثر فيه فإن تفسيره لهذا التأثير هو الذي يقلقه ويحزنه.
ب- مهما كان حزن الفرد لما يصيب الآخرين من مشكلات، فإنه قد لا يُخفف من معاناتهم.
فالشخص العقلاني يدرك تماماً متى يساعد الآخرين، وكيف يساعدهم، وإذا لم يتمكن من ذلك، فإنه يعرف كيف يتقبل الموقف وكيف يقلل من نتائجه السلبية.
11- الفكرة الحادية عشرة: (هناك دائماً حل كامل وصحيح يجب التوصل إليه لكل مشكلة، وإلا ستكون النتائج خطيرة).
هذه الفكرة لاعقلانية؛ وذلك لما يلي:
أ- عدم وجود حل كامل وصحيح ووحيد لكل مشكلة.
ب- الإصرار على التوصل إلى هذا الحل الكامل والصحيح قد يؤدي إلى الإخفاق أو الوصول إلى حلول أضعف مما يمكن.
ج- البحث عن مثل هذه الحلول قد يسبب القلق والخوف لدى الفرد إذا لم يصل إليها.
أما الشخص العقلاني فيسعى إلى إيجاد حلول كثيرة ومتنوعة للمشكلة، ثم يختار الأنسب والأفضل والأكثر قابلية للتطبيق، كما يدرك تماماً بعدم وجود حلول كاملة وصحيحة مطلقة (Ellis, 1994; Guez & Allen, 1999).
وقد تمكن الريحاني (1985) إلى التوصل في دراسته لتطوير اختبار الأفكار العقلانية – اللاعقلانية إلى إضافة فكرتين إلى أفكار إليس المذكورة آنفاً، وشائعة في المجتمع الأردني، وهما:
1- ينبغي أن يتسم الشخص بالرسمية والجدية في التعامل مع الآخرين حتى يكون له قيمة أو مكانة محترمة بين الناس.
2- لا شك في أن مكانة الرجل هي الأهم فيما يتعلق بعلاقته مع المرأة.
وقد أورد إليس تصنيفاً آخر للأفكار اللاعقلانية، تضمن أربعة محاور رئيسة، وهي:
1- طلب شيء ما غير واقعي من العالم، أو الآخرين، أو من نفسك.
2- المبالغة والتهويل في الأشياء التي تكرهها.
3- عدم القدرة على تحمل الأشياء التي تكرهها.
4- إدانة العالم والآخرين ونفسك (Guez & Allen, 1999).
كما أورد والين وآخرون (Wallen & Others, 1992) تصنيفاً شبيهاً لتصنيف إليس للأفكار اللاعقلانية، صنّفها إلى أربعة مجالات رئيسة هي:
1- المطالب غير الواقعية.
2- المبالغة في البغض.
3- التحمل المنخفض للإحباط.
4- التقدير المنخفض للعالم وللذات.
أما برنارد وكرونان (Bernard & Cronan, 1999)، فقد صنّفا الأفكار اللاعقلانية إلى أربعة مجالات رئيسة هي:
1- تحقير الذات.
2- عدم التسامح تجاه القوانين المحبطة.
3- عدم التسامح مع إحباطات العمل.
4- المطالبة بالعدالة.
وقد وردت فكرة ثانية عشرة في بعض المراجع مثل (إبراهيم، 1994)، وهذه الفكرة تنص على أن: (السعادة البشرية والنجاح أشياء يمكن الوصول إليها دون جهد).
وتفيد الأفكار اللاعقلانية في تفسير اضطرابات الشخصية، وبهذا الصدد يقول إليس: "إنك لست أسير تجاربك الماضية، وتستطيع هنا، والآن أن تغير ما تفكر به، ولهذا فإن ما تشعر به أنت هو ما تفكر به" (Ellis, 1988).
وبعد هذا الاستعراض الموجز في وصف مفهوم الأفكار العقلانية – اللاعقلانية وتفسيرها، يمكن القول بأنها دالة لعدد من متغيرات شخصية الفرد، منها: مستويات الصحة النفسية، حيث يبدو أن هذه المتغيرات تعبّر عن بعضها بعضاً، وفيما يأتي استعراض موجز لوصف مفهوم الصحة النفسية وتفسيره.
ثانياً: وصف مفهوم الصحة النفسية وتفسيره:
من خلال استعراض التراث السيكولوجي ذي الصلة بتعريف مفهوم الصحة النفسية، يتضح عدم وجود تعريف جامع مانع، مما أدى إلى ظهور تعريفات عديدة ومختلفة لهذا المفهوم، تعزى إلى الاختلاف في الخلفيات النظرية لعلماء النفس، حيث أخذ كل باحث يُعرّفها من إطار النظرية التي يتبناها، والمدرسة التي ينتمي إليها. فمثلاً، يلاحظ أن مفهوم الصحة النفسية في المدرسة الفرويدية يختلف عنه في كل من المدرسة السلوكية، والاتجاه المعرفي، والاتجاه الإنساني. ووفقاً لرأي فرويد، فإن الشخص القادر على الحب والعمل المنتج، هو الشخص الذي يتمتع بالصحة النفسية. وهنا ركز فرويد في نظريته على الصراعات التي تعيق تحقيق الصحة النفسية، ولكنه لم يكشف بدرجة كافية عن الطريقة التي يتبعها الفرد في تنمية صحته النفسية. وتبعاً لرأي فرويد، تتمثل الصحة النفسية الجيدة في قدرة الأنا على التوفيق بين أجهزة الشخصية المختلفة ومطالب الواقع، وأن الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى تحقيق جزئي لصحته النفسية، وذلك لأنه في صراع دائم بين محتويات الهو ومطالب الواقع (Chatham, 1984).
وبحسب رأي أدلر (Adler)، فإنه يعد الإنسان بأنه كائن اجتماعي، ولديه ميل اجتماعي يساعده في التغلب على مشاعر النقص، حيث تلعب أساليب التنشئة الاجتماعية دوراً في تنمية شخصيته، وتجاوز مشاعر النقص، وتحقيق صحته النفسية. فضلاً عن ذلك، فقد اعتبر وجود هدف معين ومدرك لسلوك الفرد يحاول توظيفه لتجاوز شعوره بالضعف يؤدي إلى مساعدته لكي تكون شخصيته قوية وقادرة على مواجهة متطلبات الحياة (Schwab, 1990).
أما فروم (Fromm)، فقد تناول مفهوم الصحة النفسية بصورة مغايرة تماماً لرأي فرويد، حيث أكد على دور العوامل الاجتماعية في تكوين الشخصية، واعتبر أن المجتمع التسلطي يؤدي إلى نمو شخصية سلبية اعتمادية، بينما المجتمع المثالي يؤدي إلى نمو شخصية منتجة قادرة على الحب وتحقيق إمكاناتها، وتتمتع بالصحة النفسية (الداهري، 2005).
ويتحدد مفهوم الصحة النفسية من منظور سلوكي باستجابات مناسبة للمثيرات المختلفة، وذلك لأن استجابة الأفراد إلى هذه المثيرات بسلوك مناسب، متحررين من القلق، فإنه يعبّر عن الصحة النفسية (موسى، 2001).
أما مفهوم الصحة النفسية من منظور معرفي، فإنه يعتمد على الطريقة التي يعتمدها الفرد في تفسير وتقييم المواقف والأحداث البيئية المحيطة، وأن زيادة الشعور بالفاعلية الذاتية يساهم في تعزيز الصحة النفسية والجسمية عند الفرد. وبحسب رأي المعرفيين، فإن الشخص الذي يتمتع بصحة نفسية مناسبة، هو الذي يُفسّر الخبرات المهددة له بطريقة تمكنه من المحافظة على الأمل، ومن استعمال مهارات مناسبة في حل المشكلات، واستعمال أساليب معرفية مناسبة في مواجهة الضغوطات النفسية، بينما الشخص الذي لا يتمتع بصحة نفسية مناسبة هو الذي يفقد الأمل، والشعور بالعجز، ولا يتمكن من الاستجابة بثقة واقتدار لمتطلبات البيئة، كما يعجز عن استعمال الأساليب المعرفية المناسبة في مواجهة الضغوط النفسية (Calhoun, 1990).
ووفقاً لرأي الاتجاه الإنساني، يرى ماسلو (Maslow) أن الصحة النفسية للفرد لا تتحقق بصورة كاملة، ما لم تتوافر للفرد شروط تسمح للطبيعة الإنسانية أن تأخذ مداها، وأن الصحة النفسية تتحقق لدى الفرد إذا حقق الحاجات الواردة في هرمه المعروف (Belkin, 1984).
وأما روجرز (Rogers, ) فإنه يرى بأن للإنسان قدرة على إدراك ذاته، وأن الطرق التي يتكيف فيها الفرد مع البيئة المنسجمة مع أفعاله وذاته فإنها تعكس إدراكه لذاته، فإذا كان مفهوم الذات إيجابياً كانت الصحة النفسية لديه إيجابية (Schwab, 1990).
وفي ضوء ما سبق، يمكن القول بأن الصحة النفسية بمثابة تكيف مستمر ومتصل وليست حالة ثابتة، وهو هدف دائم وضروري في نمو الشخصية السوية، كما أنها حالة إيجابية تشمل كافة المكونات المعرفية، والسلوكية، والانفعالية، والاجتماعية، المتكاملة والنامية في عملية التكيف الهادفة إلى إيصال الفرد إلى أعلى المراتب في تحقيق ذاته (Calhoun, 1990).
لقد اعتمد تحديد معنى الصحة النفسية على اتجاهين رئيسين مختلفين، وهما:
الاتجاه الأول: يعتمد المنظور السلبي للصحة النفسية، بحيث يكون معيار الخلو من أعراض الاضطرابات الجسمية أو النفسية أو العقلية، أو انتفاء حالة المرض هو المؤشر الأكثر اعتماداً وفقاً لهذا الاتجاه في تعريف الصحة النفسية. ويُعد الأطباء، وأغلب المنتمين للمدرسة الفرويدية والسلوكية مثلاً، من أنصار هذا الاتجاه، إذ يحكمون على الفرد بأنه ينعم بصحة جسمية، أو نفسية مناسبة، إذا كان خالياً من الاضطرابات الجسمية أو النفسية أو العقلية (ترول، 2007).
وهناك عدد من المآخذ على تعريف الصحة النفسية وفقاً لآراء هذا الاتجاه، لعل من أبرزها:
أ- عجز التعريف عن إعطاء إجابة تبين خصائص إيجابية معينة للصحة النفسية، يمكن من خلالها التحقق من توافرها، كالقدرة على التكيف، والشعور بالرضا، والكفاية العقلية، فيمكن مثلاً أن يكون هناك شخص خالٍ من الأعراض الدالة على الاضطرابات الجسمية أو النفسية أو العقلية، ولكنه يكون غير ناجح في عمله، أو تتسم علاقاته بأفراد أسرته أو زملائه في العمل بالاضطراب والتعقيد (عبد الله، 2001).
ب- عدم الاتفاق على تحديد أنواع النشاطات المنافية للصحة النفسية السليمة للفرد، أو تعبر عن صحة نفسية غير سليمة، وذلك بسبب وجود اختلاف بشأن المعايير المتعلقة بالسلوك الجنسي، والعادات، والأعراض المتعلقة بالعلاقة بين الجنسين في كل من الثقافات العربية، والغربية (جبريل، 2002).
الاتجاه الثاني: يعتمد المنظور الإيجابي في تعريف الصحة النفسية، حيث يُركز على السلوك الإنساني السوي، ومدى فاعلية الفرد، ومفهومه لذاته، وسر وجوده في الحياة. ويمثل هذا الاتجاه أنصار الاتجاه الإنساني، والوجودي. وينظر هذا الاتجاه إلى الصحة النفسية على أنها تبدو في مجموعها شروطاً تحيط بالوظائف النفسية التي تنطوي عليها الشخصية، وأن الصحة النفسية الكاملة "مثلٌ أعلى نسعى كلنا نحوه، وقلما نصل إليه في كل ساعات حياتنا، وذلك لأن لدى كل منا مشكلات عاطفية متعددة" (عبد الخالق، 1993).
وعليه، فإن اعتماد المنظور الإيجابي في تعريف مفهوم الصحة النفسية له محاسن عديدة، من بينها، أنه:
أ- يساهم في تقديم خدمات تتمثل في تحديد الشذوذ وبيان مظاهره.
ب- يجعل تحقيق الصحة النفسية وتطويرها عملاً واضح الأهداف.
وبناءً على ذلك، فبعد أن كان تعريف الصحة النفسية ينطلق من خلو الشخص من الاضطرابات النفسية والانفعالية وغيرها، أصبح يعبّر لاحقاً عن مفهوم إيجابي أكثر شمولاً، بحيث أصبحت الصحة النفسية ترتبط بقدرة الفرد على تحقيق التكيف مع ذاته، والبيئة (المادية والاجتماعية) المحيطة به، مما يؤدي بالتالي إلى حياة خالية من الأزمات والاضطرابات النفسية، فضلاً عن أنها أصبحت تعبّر عن وجود حالة إيجابية لدى الفرد، تتمثل في مستوى قيام عملياته العقلية المختلفة بوظائفها بصورة متناغمة ومتناسقة ومتكاملة، بحيث يكون الفرد قادراً على فهم ذاته وتقبلها، وتحقيقها، وتقديرها، وتأكيدها، ويستطيع التخطيط لمستقبله، وحل مشكلاته، والالتزام بموجهات السلوك بحيث يحترم إنسانية الآخرين، إلى جانب التكيف مع واقعه الاجتماعي، والإسهام في بناء مجتمعه وتقدمه (الجعافرة، 2003).
وتبدو الصحة النفسية في عدة مظاهر، يمكن إجمالها في شكلين هما:
1- الصحة النفسية كما تبدو في المعايير الآتية:
أ- المرونة العقلية، والقدرة على التكيف مع تغيرات البيئة.
ب- التكيف الاجتماعي، والمشاركة المناسبة في الفعاليات الاجتماعية.
ج- الاتزان الانفعالي، ويتطلب القدرة على الضبط الذاتي، وخلو الفرد من التوتر النفسي.
د- فهم الذات، وتقييم السلوك الشخصي.
هـ- المسؤولية والعقلانية في السلوك.
و- الحساسية الانفعالية المناسبة.
ز- وجود فلسفة للحياة، ووجود أهداف مستقبلية تتعلق بذاته وبعلاقاته مع محيطه المادي والاجتماعي.
2- الصحة النفسية كما تظهر في علاقات الفرد مع نفسه، من خلال فهمه لمفاتيحه الداخلية (كالرغبات، والحاجات، ...الخ) وتحقيقه لذاته، ووحدة شخصيته، وعلاقة الفرد بمحيطه المادي والاجتماعي، من خلال ضبطه لذاته في مواجهة الظروف المحيطة به، وإدراكه الصحيح لوجوده الاجتماعي وشعوره بالأمان والطمأنينة (Belkin, 1984).
وعليه، تتمثل مظاهر الصحة النفسية في التكيف الهادف إلى الموازنة بين المفاتيح الداخلية للذات من جهة، والمفاتيح الخارجية أو البواعث من جهة أخرى (منسي، 1998).
وهناك ثمة مؤشرات عامة دالة على الصحة النفسية، تتمثل في: الراحة النفسية، والقدرة على العمل، ومفهوم الذات، وشمول نشاط الفرد وتنوعه، ومدى كفاية الفرد في مواجهة إحباطات الحياة اليومية، وقدرته على تحمل المسؤولية.
إن الشخص الذي يريد أن يتمتع بالصحة النفسية، من الضروري أن يكون قادراً على إشباع حاجاته الأساسية وإرضائها؛ نظراً لأن ذلك من أهم العوامل المباشرة لإحداث التوافق النفسي، والذي بدوره يسبب الصحة النفسية التي تجعل الفرد مرتاحاً بعيداً عن مظاهر الاضطراب، كما تجعله فرداً مقبولاً اجتماعياً، وراضياً عن نفسه وعن الآخرين (غريب، 1999).
يبدو من خلال الاستعراض النظري السابق لكل من وصف وتفسير مفهومي: الأفكار العقلانية – اللاعقلانية من ناحية، والصحة النفسية من ناحية أخرى، وجود إسناد نظري لوجود علاقة بينهم، الأمر الذي استثار دافعي الاستكشاف والاستطلاع لدى الباحث للتحقق من ذلك ميدانياً على عينة من الطلبة العرب الوافدين للدراسة في جامعة عمّان الأهلية.
الدراسات السابقة:
على الرغم من وجود الإسناد النظري للعلاقة بين المتغيرات المستقلة في هذه الدراسة، إلا أن الباحث لم يتمكن من إيجاد دراسات مباشرة تناولت العلاقات بين متغيرات الدراسة الحالية، الأمر الذي يُعزز من أصالة هذه الدراسة. وما حصل عليه الباحث من دراسات كثيرة تناولت دراسة كل من الأفكار العقلانية – اللاعقلانية، والصحة النفسية وعلاقة كل منهما بمتغيرات نفسية عديدة، إلا أنه لم يتمكن من الحصول على دراسات ذات صلة مباشرة بالعلاقة بين الأفكار العقلانية – اللاعقلانية ومستويات الصحة النفسية لدى عينة من طلبة جامعة عمّان الأهلية، بل تناولت جانباً أو أكثر من جوانب مشكلة الدراسة الحالية.
وعليه، يحاول الباحث عرض موجز للدراسات السابقة، الأجنبية والعربية، التي تناولت متغيرات الدراسة المتمثلة بالأفكار العقلانية – اللاعقلانية ومستويات الصحة النفسية، والعلاقة بينهما لدى عينة من طلبة جامعة عمّان الأهلية، وذلك على النحو الآتي:
أ- الدراسات الأجنبية والعربية التي تناولت نسبة انتشار الأفكار العقلانية – اللاعقلانية:
بالرجوع إلى الأدب النظري، تمكّن الباحث من الحصول على الدراسات الآتية:
هدفت دراسة الفيصل (1992) الكشف عن نسبة انتشار الأفكار اللاعقلانية لدى عينة بلغت (733) طالباً وطالبةً من طلبة كليات المجتمع في الأردن. دلت النتائج على انتشار الأفكار اللاعقلانية لدى أفراد عينة الدراسة بنسب تراوحت بين (4.9٪) في حدها الأدنى، و(33٪) في حدها الأعلى، وقد تميّز الذكور عن الإناث في فكرة لاعقلانية واحدة، بينما تميّز الإناث عن الذكور في ثلاث أفكار لاعقلانية.
وهدفت دراسة الريحاني (1987أ) التعرّف إلى مدى انتشار الأفكار اللاعقلانية، وأثر عاملي الجنس والثقافة فيها لدى عينة بلغت (400) طالب وطالبة من طلبة البكالوريوس في الجامعة الأردنية، و(440) طالباً وطالبةً من طلبة البكالوريوس في جامعة ولاية كارولينا الشمالية. وأشارت النتائج إلى أن الطلبة الأردنيين أكثر تقبلاً للأفكار اللاعقلانية من الطلبة الأمريكيين، وقد تميّزوا عن الطلبة الأمريكيين في معظم الأفكار اللاعقلانية الواردة في المقياس بصرف النظر عن الجنس، وقد تبين وجود أثر محدود للجنس في ثلاث أفكار لاعقلانية، وانعدم هذا الأثر في التفكير اللاعقلاني مقاساً بالدرجة الكلية، كما أظهرت النتائج وجود أثر دال إحصائياً لعامل الثقافة في الأفكار اللاعقلانية.
وقام الريحاني بسلسلة من الدراسات، ففي عام (1987ب) هدفت دراسته التعرف إلى مدى انتشار الأفكار اللاعقلانية، وأثر عاملي الجنس والتخصص فيها، لدى عينة بلغت (400) طالب وطالبة من طلبة البكالوريوس في الجامعة الأردنية. وأسفرت النتائج عن انتشار الأفكار اللاعقلانية لدى عينة الدراسة بنسب تراوحت بين (5٪) في حدها الأدنى و(40٪) في حدها الأعلى، وقد تميّز الطلبة الذكور عن الطلبة الإناث في ست من الأفكار اللاعقلانية، ووجود فروق دالة إحصائياً بين الذكور والإناث في فكرتين فقط، حيث تميّز الذكور باللاعقلانية أكثر من الإناث، كما لم يظهر أثر دال إحصائياً لعاملي الجنس والتخصص في الأفكار اللاعقلانية.
وهدفت دراسة وندرلينج (Wonderling, 1974) مقارنة نسبة انتشار الأفكار اللاعقلانية لدى عينة من الطلبة الأفغانيين والأمريكيين، بلغت (60) طالباً أفغانياً، و(60) طالباً أمريكياً. وتوصلت الدراسة إلى وجود فروق دالة إحصائياً في نسبة انتشار الأفكار اللاعقلانية بين الطلبة الأفغانيين والطلبة الأمريكيين ولصالح الطلبة الأفغانيين، أي أكدت على انتشارها لدى الأفغانيين بنسبة أعلى مقارنةً بالأمريكيين.
يتضح من الدراسات السابقة على – قلتها – وجود اهتمام لدى جمهور الباحثين عالمياً وعربياً بدراسة مفهوم الأفكار العقلانية – اللاعقلانية، بالرغم من قلة الدراسات عبر الثقافية لهذا المفهوم، حيث لم يتمكن الباحث من الحصول على دراسات تناولت الفروق في مدى انتشار الأفكار العقلانية – اللاعقلانية بين الطلبة العرب من مختلف الدول العربية، وعلاقتها بمستويات الصحة النفسية، الأمر الذي استثار الباحث لتقصي هذه العلاقة.
ب- الدراسات الأجنبية والعربية التي تناولت دراسة مفهوم الصحة النفسية:
لقد تمكّن الباحث من الحصول على كم كبير من الدراسات؛ نظراً للاهتمام البحثي عالمياً وعربياً بهذا المفهوم.
قام بني يونس (2007) بدراسة هدفت الكشف عن كل من مستويات الصحة النفسية وأبعاد التوجه الزمني لدى عينة بلغت (118) طالباً وطالبةً من مختلف كليات الجامعة الأردنية. وأظهرت نتائج الدراسة أن أغلبية أفراد عينة الدراسة من ذوي المستوى المتوسط للصحة النفسية بنسبة مئوية بلغت (58.5٪).
وهدفت دراسة الشخانبة (2005) إلى تحديد مصادر الإحباط وأساليب التكيف ومستويات الصحة النفسية لدى العاملين في شركة الإسمنت الأردنية، لدى عينة بلغت (208) عمال وعاملات إداريين وإنتاجيين. ودلت نتائج الدراسة على أن العاملين في شركة الإسمنت الأردنية يتمتعون بمستويات سوية من الإحباط والصحة النفسية.
وفي دراسة الجعافرة (2003) التي هدفت الكشف عن العلاقة بين الصحة النفسية للعاملين من جهة، وبعض المتغيرات لدى عينة بلغت (250) عاملاً وعاملةً في مصانع الأدوية بمدينة عمّان في الأردن. وأشارت الدراسة إلى نتائج عديدة، منها أن العاملين والعاملات في مصانع الأدوية في الأردن يتمتعون بصحة نفسية أعلى من المتوسط الفرضي بـ(22) درجةً.
يتضح من استعراض الدراسات السابقة، أن مفهوم الصحة النفسية قد حظي باهتمام كبير من قبل الباحثين، وقد تم ربطه بمتغيرات نفسية عديدة، ولدى عينات مختلفة، وفي بيئات عديدة.
ج- الدراسات الأجنبية والعربية التي تناولت دراسة العلاقة بين الأفكار العقلانية – اللاعقلانية ومستويات الصحة النفسية:
بحسب علم الباحث، لم يتمكن من الحصول على دراسات مباشرة تناولت العلاقة بين هذين المتغيرين، لكن هناك العديد من الدراسات التي تناولت جانباً أو أكثر من جوانب العلاقة بينهما.
قامت ميرزا (2007) بدراسة هدفت التعرّف إلى العلاقة المباشرة وغير المباشرة بين الأفكار اللاعقلانية من ناحية، وكل من الضغوط المهنية وصراع الأدوار المهنية الأسرية واستراتيجيات التعامل مع جهة أخرى، لدى عينة بلغت (320) معلماً ومعلمةً من معلمي مدارس التربية الخاصة في الكويت. وأشارت النتائج إلى وجود علاقة ارتباطية طردية قوية بين الأفكار اللاعقلانية من جهة، وكل من صراع الأدوار المهنية الأسرية والضغوط المهنية من جهة أخرى.
وقام أحمد (2004) بدراسة هدفت التعرّف إلى مدى انتشار الأفكار اللاعقلانية، وعلاقتها بالاحتراق النفسي لدى عينة بلغت (129) معلماً و(189) معلمةً من معلمي مديريات التربية والتعليم بمدينة تعز في اليمن. ودلت النتائج على وجود علاقة ارتباطية دالة إحصائياً بين الأفكار اللاعقلانية من جهة والاحتراق النفسي من جهة أخرى لدى أفراد عينة الدراسة ككل تبعاً لمتغير الجنس.
وفي دراسة قامت بها رتيب (2000) هدفت الكشف عن العلاقة بين الأفكار اللاعقلانية من ناحية، والقلق الاجتماعي من ناحية أخرى، لدى عينة بلغت (686) طالباً وطالبةً من طلاب وطالبات السنة الثالثة من مختلف الكليات في جامعة دمشق بسوريا. وأشارت النتائج إلى عدم وجود فروق دالة إحصائياً في درجة الأفكار اللاعقلانية تبعاً لمتغيرات الجنس، والتخصص، ووجود علاقة دالة إحصائياً بين درجة الأفكار اللاعقلانية ودرجة القلق الاجتماعي لدى الذكور والإناث، ووجود علاقة دالة إحصائياً بين درجة الأفكار اللاعقلانية من جهة، ودرجة القلق الاجتماعي من جهة أخرى تبعاً لمتغير الكلية (العلوم الاجتماعية، والإنسانية، والعلمية)، كما تبين وجود أثر دال إحصائياً للأفكار اللاعقلانية في درجة القلق الاجتماعي.
وهدفت دراسة برنارد وكونان (Bernard & Cronan, 1999) التعرّف إلى العلاقة بين الأفكار اللاعقلانية من ناحية، والصحة العقلية من ناحية أخرى، لدى عينة بلغت (567) طفلاً ومراهقاً. ودلت النتائج على وجود علاقة بين الأفكار اللاعقلانية وكل من الغضب، وحالة وسمة القلق، وتقديرات المعلمين للطلاب.
وقام كل من عبد الرحمن وعبد الله (1994) بدراسة هدفت التعرّف إلى العلاقة بين الأفكار اللاعقلانية من ناحية، وكل من حالة وسمة القلق – ومركز الضبط، لدى عينة بلغت (428) طفلاً ومراهقاً من محافظة الجيزة بمصر. وقد أظهرت النتائج وجود علاقة ارتباطية إيجابية دالة إحصائياً بين الأفكار اللاعقلانية من جهة، وحالة وسمة القلق من جهة أخرى، ولم تدل على وجود علاقة بين الأفكار اللاعقلانية، ومركز الضبط.
وفي الدراسة التي قام بها إبراهيم (1990) بهدف التعرف إلى العلاقة بين التفكير اللاعقلاني من ناحية، والقلق والتوجه الشخصي من ناحية أخرى، لدى عينة بلغت (213) طالباً وطالبةً من طلبة جامعة الزقازيق. أسفرت نتائج الدراسة عن وجود علاقة ارتباطية إيجابية دالة إحصائياً بين الأفكار اللاعقلانية من جهة، وحالة وسمة القلق من ناحية أخرى، ووجود علاقة ارتباطية سلبية دالة إحصائياً بين الأفكار اللاعقلانية من جهة، وتحقيق الذات من جهة أخرى.
وقام كل من الريحاني ونزيه وصابر (1989) بدراسة هدفت الكشف عن علاقة الأفكار اللاعقلانية بالاكتئاب لدى عينة بلغت (559) طالباً وطالبةً من مختلف كليات الجامعة الأردنية. وأشارت النتائج إلى مجموعة من الأفكار اللاعقلانية في تفسير التباين في الاكتئاب بنسبة (9.5٪) لدى عينة الدراسة بشكل عام، وبنسبة (15.6٪) لدى الذكور، و(5.2٪) لدى الإناث. كما أظهرت نتائج التحليل التمييزي وجود عامل واحد يُفسر التباين بين مجموعتين من الطلبة (اكتئابية، وغير اكتئابية)، حيث تبدو اللاعقلانية في الجوانب المرتبطة بالميل نحو تعظيم الأمور، والتأكيد على الكمال، وتجنب تحمل المسؤولية في مواجهة الصعاب.
وقام كل من دفنباكر وهازليوس (Deffenbacher & Hazeleus, 1988) بدراسة هدفت الكشف عن العلاقة بين الأفكار اللاعقلانية من ناحية، وإثارة الغضب من ناحية أخرى، لدى عينة بلغت (342) طالباً وطالبةً. وأشارت النتائج إلى أن الذكور أكثر ميلاً لتطوير معتقدات لاعقلانية نتيجة لوم الآخرين لهم أو العجز أمامهم، في حين أن الإناث أكثر ميلاً لتطوير أفكار لاعقلانية بخصوص الاتكالية، والاعتماد على الآخرين.
يتضح من خلال الاستعراض السابق للدراسات السابقة، أن هناك عدداً كبيراً من الدراسات الأجنبية والعربية التي تناولت العلاقة بين الأفكار اللاعقلانية ومتغيرات نفسية عديدة، تعبّر عن بعض أبعاد الصحة النفسية، لكن لم يحصل الباحث على دراسات تناولت العلاقة المباشرة بين الأفكار اللاعقلانية ومستويات الصحة النفسية لدى الطلبة العرب الوافدين إلى الدراسة في جامعة عمّان الأهلية، الأمر الذي يُعزز من أصالة هذه الدراسة ويميّزها عن غيرها من الدراسات.
مشكلة الدراسة وأهميتها:
يختلف الطلبة فيما بينهم في كافة مظاهر النمو، وفي تكيفهم. وتعزى الفروق فيما بينهم إلى عوامل عدة، من بينها: الفروق في درجة انتشار الأفكار اللاعقلانية لديهم، والفروق في مستويات الصحة النفسية أيضاً.
ووفقاً للتصور النظري المتعلق بالأفكار اللاعقلانية والصحة النفسية والمعتمد في هذه الدراسة، فقد لوحظ من خلال المشاهدات العيانية واليومية في الممارسة العملية لدى الباحث وجود تراجع في الأداء التحصيلي لدى الطلبة يتمثل في ضعف مهارات التواصل البينشخصية، وانخفاض في مستويات كل من تأكيد، وتقدير، وتحقيق الذات لديهم، الأمر الذي يعود بحسب اعتقاد الباحث إلى شيوع الأفكار اللاعقلانية بينهم، مما استدعى القيام بمثل هذه الدراسة للوقوف على حقيقة الأمر ميدانياً، نظراً لعدم تمكن الباحث من العثور على دراسة واحدة تناولت بصورة مباشرة العلاقة بين درجة انتشار الأفكار اللاعقلانية ومستويات الصحة النفسية لدى الطلبة العرب الوافدين إلى الدراسة في الجامعات الأردنية. وعليه، تتمثل مشكلة الدراسة الحالية في الإجابة عن السؤال الآتي:
"ما نوع ودرجة العلاقة بين الأفكار اللاعقلانية ومستوى الصحة النفسية لدى عينة من الطلبة العرب الوافدين (الأردنيين وغير الأردنيين) للدراسة في جامعة عمّان الأهلية؟".
وفي ضوء ذلك، ترمي الدراسة الحالية الكشف عن توزيع هذه المتغيرات، وإيجاد العلاقة بينها لدى أفراد عينة الدراسة ككل، الأمر الذي من المتوقع سيفيد في وصف وتفسير هذه العلاقة، وبالتالي إثراء الجانب النظري من خلال بناء قاعدة معلومات نوعية وكمية إضافية إلى الجسم المعرفي الموجود، لكي يتسنى الإفادة منها من قبل القائمين على التعليم العالي للاطمئنان على مدخلاته باعتبار الطلبة مخرجاته الأساسية، لإجراء تعديلات على الخطط والبرامج والمشاريع التعليمية لضمان جودة المخرجات وتحسينها وتطويرها بناءً على نسبة انتشار الأفكار اللاعقلانية، ومستويات الصحة النفسية أيضاً، كما سيفيد الباحثين في تحفيزهم لإجراء المزيد من الدراسات لوصف هذه المتغيرات وتفسيرها.
أهداف الدراسة وأسئلتها:
هدفت الدراسة الحالية التعرّف إلى كل من نسبة انتشار الأفكار العقلانية – اللاعقلانية، ومستويات الصحة النفسية، وإيجاد العلاقة بينهما، وذلك من خلال الإجابة عن الأسئلة الآتية:
1- ما توزيع الأفكار العقلانية – اللاعقلانية لدى أفراد عينة الدراسة ككل؟
2- ما مستويات الصحة النفسية لدى أفراد عينة الدراسة ككل؟
3- هل توجد فروق دالة إحصائياً عند مستوى الدلالة ( = 0.05 فأقل) في توزيع انتشار الأفكار اللاعقلانية، تبعاً لمتغيرات الجنس، والجنسية، والتخصص، لدى أفراد عينة الدراسة ككل؟
4- هل توجد فروق دالة إحصائياً عن مستوى الدلالة ( = 0.05 فأقل) في مستويات الصحة النفسية، تبعاً لمتغيرات الجنس، والجنسية، والتخصص، لدى أفراد عينة الدراسة ككل؟
5- هل توجد علاقة دالة إحصائياً عند مستوى الدلالة ( = 0.05 فأقل) بين الأفكار العقلانية – اللاعقلانية من ناحية، ومستويات الصحة النفسية من ناحية أخرى، لدى أفراد عينة الدراسة ككل؟
التعريفات الإجرائية لمتغيرات الدراسة:
- الأفكار العقلانية – اللاعقلانية (Rational-Irrational Beliefs): تشير الأفكار العقلانية إلى رموز لفظية تهاجم العبارات الهازمة للذات، وتعمل على إعادة تنظيمها عند الفرد.
- أما الأفكار اللاعقلانية: فهي مجموعة من الأفكار والمعتقدات التي تخلو من العقلانية والمنطق السليم، وترتبط بتقييم الأحداث على نحو كارثي، أو تقييم الذات باعتبارها لا تستحق الاحترام، مما يؤدي إلى الحزن والقلق. وقد استمد هذا المفهوم من نظرية إليس في العلاج العقلاني العاطفي (Rational Emotive Therapy).
أما إجرائياً، فهي الدرجة التي يحصل المستجيب على فقرات المقياس الذي قام بتعريبه وتعديله للبيئة الأردنية (الريحاني، 1987أ). وحددها إليس في إحدى عشرة فكرة، وأضاف إليها الريحاني فكرتين خاصتين بالمجتمع الأردني، حيث تعبّر الدرجة الكلية (78 فما فوق) عن تفكير لاعقلاني، بينما تعبر الدرجة الكلية (أقل من 78) عن تفكير عقلاني، وهو المقياس المعتمد في هذه الدراسة.
- الصحة النفسية (Mental Health): هي حالة من الاكتمال الجسمي، والنفسي، والاجتماعي، لدى الفرد (Goldberg & William, 1991). أما إجرائياً، فهي الدرجة التي يحصل عليها المستجيب على فقرات مقياس الصحة النفسية، والمعتمد في هذه الدراسة (الجعافرة، 2003؛ الشخانبة، 2005).
- طلبة جامعة عمّان الأهلية: وهم فئة من الطلبة العرب (الأردنيين، وغير الأردنيين) الدارسين، والمسجلين المنتظمين للفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 2007/2008 في جامعة عمّان الأهلية كجامعة خاصة، والبالغ عددهم (6461) طالباً وطالبةً.
حدود الدراسة:
اقتصرت الدراسة الحالية على عينة تألفت من الطلبة العرب (الأردنيين، وغير الأردنيين) والمنتظمين بالدراسة في جامعة عمّان الأهلية، والمسجلين في الفصل الثاني من العام الجامعي 2007/2008، وأدوات