بين يدي كتاب صدر عن المجلس القومي لمكافحة وعلاج الادمان في مصر يحمل عنوان »المخدرات - اوهام - اخطار - حقائق« ولان مشكلة الادمان مشكلة عالمية لا تختلف في خطرها من بلد الى اخر ارتأينا ان نستعرض اهم ما جاء في هذا الكتاب الذي تناول هذه المشكلة من جوانبها المختلفة باسلوب علمي مبسط يخاطب جميع افراد الاسرة لتوعيتها.
لم يفرق الكتاب بين المخدرات كالحشيش والافيون والهيروين وبين العقاقير النفسية من المنومات والمهدئات والمنشطات في خطورة تأثيرها الضار على الفرد وعلى الموارد البشرية والاقتصادية فهو بلا شك مرض يتفشى في جسد المجتمع ويتسبب في شله.
ولان العناية بالشباب تتطلب عملا دؤوبا في حلقة دائرية لا تحتمل الثغرات بداية بالمنزل مرورا بالمدرسة فكان لا بد من توعية الاسرة بمسؤولياتها في حماية افرادها من الوقوع في براثن الادمان عن طريق الحب والامان اللذين توفرهما لافرادهما اما المدرسة فالوقاية تأخذ الجانب العلمي عن طريق الاهتمام بالاخصائي الاجتماعي في رصد الحالات الفردية المعرضة للانحراف والتوعية عن طريق المحاضرات والندوات نحو اضرار المخدرات ناهيك عن استثمار اوقات فراغ الشباب في مشروعات مفيدة ومثمرة.
وقد اكد الكتاب على اهمية الاكتشاف للبدء في العلاج وملاحظة التغيرات في عدة امور تطرأ على المتعاطي اهمها: العزلة والعصبية، الابتعاد عن الاصدقاء تدريجيا، تدهور الصحة، الكذب والمراوغة، ظهور المخدر بالتحليل المعملي.
كما يمكن ملاحظة الاضرار النفسية والجسدية للمخدرات وهي ضعف الذاكرة وانخفاض معدل الذكاء وضعف البصر وقد يؤدي الى فقدان الرؤية وتغيير شخصية المتعاطي فيصبح شخصية هستيرية يكره المجتمع والاسرة والاصابة ببعض الامراض مثل الالتهاب الكبدي والايدز كما انه يؤدي الى اضطراب الجهاز الدوري التنفسي واضطرابات القلب وضعف جهاز المناعة ناهيك عن الموت المفاجىء لو زادت جرعة المخدر.
اما العلاج فانه يتخذ عدة خطوات منها: مرحلة التخلص من السموم وهي مرحلة طبية في الاساس تليها مرحلة العلاج النفسي والاجتماعي وهذه المرحلة تعتبر العلاج الحقيقي للمرض وتشمل العلاج الفردي للمدمن ثم تمتد الى الاسرة ذاتها لعلاج الاضطرابات فيها، واخيرا مرحلة التأهيل والرعاية اللاحقة والتي تنقسم الى ثلاث مراحل: مرحلة التأهيل العلمي وتستهدف استعادة المدمن لقدراته وفاعليته في مجال عمله. فمرحلة التأهيل الاجتماعي وتستهدف اعادة دمج المدمن في الاسرة والمجتمع واخيرا الوقاية من النكسات والمقصود بها المتابعة العلاجية لمن شفي لفترات تتراوح بين ستة اشهر وعامين من بداية العلاج مع تدريبه واسرته على الاكتشاف المبكر للعلامات المنذرة لاحتمالات النكسة لسرعة التصرف الوقائي.
كما لم ينس الكتاب موقف الشرع من هذه الافة والتي يحرمها حراما يفوق حرمة الخمر، حيث يقول ابن تيمية: »ان الحشيش من اعظم المنكرات وهو اشد من الخمر واخبث لانها تفسد العقل« اما ابن رشد فيقول »انه قد وجب ان كل ما وجدت فيه علة الخمر يلحق بالخمر، فيحرم اكل البنجو الحشيش والافيون وذلك كله حرام لانه يفسد العقل حتى يصير الرجل صاحب خلاعة وفساد بعيدا عن ذكر الله والصلاة«.
الادمان او اي انحراف يبتلي به اي مجتمع هو بمثابة النار في الهشيم فلا بد من ان يتصدر علاجه الاولويات خاصة وان اثار الادمان لا تقتصر على الافراد والاسر بل يشمل الامن القومي بمجمله.