نبذة النيل والفرات:
الإشاعة هي شكل من أشكال التعبير الإنساني، وهي بصورة أساسية ظاهرة اجتماعية هي في بعض اللحظات ترتسم موجات متناقلة من الحديث، وفي لحظات أخرى تنحدر شلالات من العنف. هي في بعض اللحظات تقتصر على حفنة من الناس، وفي لحظات أخرى تحتضن الملايين، وذلك قبل أن تستنفد طاقتها وتهجع ساكنة. وليس من النادر أن يكون موضوع إشاعة من الإشاعات بحيث يعلو على الاستفادة، ومن ثم يتوافر هذا الموضوع في صور مختلفة عبر فترات متعاقبة من التاريخ. فقد ينكشف شكل من أشكال الإشاعة عن قيمة كبيرة، فيتجمد هذا الشكل في أسطورة خالدة.
ولكن الإشاعة، سليمة كانت أم مدمرة، واسعة المجال أم ضيقته، طويلة الأمل أم قصيدته، فإنها ظاهرة قائمة ضمن نسيج كل ثقافة من الثقافات البشرية، فمن المستحيل أن نتصور مجتمعاً بغير إشاعات وفي هذا الكتاب يحاول المؤلف تناول هذه الظاهرة وتحليلها تحليلاً علمياً على ضوء علم النفس. يضع المؤلف في اعتباره عند تحليله للإشاعة الميل المقيت إلى المبالغة، ناظراً إليه من زاوية الإبراز فجوهر القصة، أو ما يعده المستمع جوهرها إنما يتضح عن طريق "وضع النقط على الحروف". وقصد أية إشاعة هو أن "تنقل انطباعاً" موحداً عن شيء يعد هاماً. وهل من سيل لنقل هذا الانطباع أفضل من الأسلوب البياني في المغالاة؟ إن الدلالة الانفعالية للخبر، تكون أعظم عندما يتم "التبدل الوضعي" للخبر بنقله من التسجيل إلى أعلى نقمة في "السلم".