يعتبر التفكير أحد العمليات العقلية المعرفية العليا الكامنة وراء التطور الحياة الانسانية ، وسيطرة الانسان على كافة الكائنات الحية ، واكتشاف الحلول الفعالة التي يتغلب بها على ما يواجهه فى الحياة من مصاعب ومشكلات ، بل أن معظم الانجازات العلمية التي حققتها البشرية مبنية على عملية الفكير ، هذا بالاضافة ألي أن الاسلوب الذى يفكر به الفرد يُعد قوة كامنة توثر على كافة تفاعلاته .
وربما كانت أكبر محاوله لادخال العقل والمنطق في مجال الارشاد والعلاج النفسي كما يقول "باترسون " هي تللك المحاولة التى قام بها " اليس" في أوائل عام 1950م تحت اسم العلاج العقلاني الانفعالي ، والتي قدم من خلالها فروضاً متقدمة لنظريته ، والتي مؤداها أن الاحداث النشطة لا تسبب العواقب الانفعالية ـ ولكن نظام المعتقدات غير العقلانية عند الفرد هي المسببة لتلك العواقب .
لذا استقطب هذه النظرية اهتمام علماء النفس بوجه عام وعلماء النفس الارشادي والعلاجي بوجه خاص باعتبارها نظرية في الشخصية وذلك لاهتمامها الواضح بالعمليات المعرفية والعقلانية ، والتي تعد ذات أهمية بالغة فى فهم وتغيير السلوك الانساني ،ولقد نالت هذه النظرية احتراماً متزايداً في السنوات الاخيرة ، لذا يقرر عدد من علماء النفس أمثال روبنز ، وسارنوف ، وكاتز ،وستوتلاند ، ولف أن الشفاء وتغيير الاتجاهات يكمن فى تنمية الوعي العقلاني ومهاجمة الاطار المرجعي المعرفي .
الجزور التاريخية لنظرية "اليس" :-
إن هذا المنهج الجديد في تناول الاضطرابات الانفعالية يقوم علي دعائم فلسفية موغلة في القدم وتعود بالتحديد إلى مدارس فلسفية يونانية أسسها زينون عام 3000 ق.م ،ومن أهم هذه المدارس المدرسة الرواقية ، والتي أطلف عليها المسلمون اسم المدرسة أصحاب المظلة ، وحكماء المظال واصحاب الاسطون والروحانيون .
ويرى أصحاب هذه المدرسة أن فكرة الانسان عن الاحداث هي المسئولة عن اعتلال مزاجه ، أى أن المشكلات النفسية ترجع بالدرجة الآساس الى أن الفرد يقوم بتحريف الواقع والحقائق بناء ً على مقدمات مغلوطة وافتراضات خاطئة ، وهذا ما يعبر عنه "ابكتيتوس" بقوله : (إن الناس يضطربون ليس بسبب الأشياء ولكن بسبب وجهات نظرهم التي يكونونها عن هذه الأشياء ).
ويذكر (عيد) أن العلاج العقلاني الانفعالي استند إلى فكر الفيلسوف الاغريقي " أيبكيتوس" عن أن ما يجعل عقول الناس تضطرب ليس هو الاحداث وأنما افكارهم حول الاحداث .
ومن الأمور المتعلقة بهذا الموضوع أن البوذيين القدماء كانوا يقولون أن انفعالات الانسان تنشأ من طريقة تفكيرة ولكى يغير الفرد من انفعالاته يجب أن يغير من طريقة تفكيرة أولاً .
وفضلاً عن تأثير "اليس" بالفلاسفة القدامي وكتاباتهم أمثال ماركوس ، وأريليوس ، وسقراط ، وكنت ، وشكسبير ، فأنة تأثر أيضاً باسهامات العديد من علماء النفس والمعالجين النفسيبن ولا سيما التحليلين، بالرغم من اعتراضه على العديد من آراهم العلاجية ، والتى تركز على الجانب الانفعالي بأعتبارة مفتاح الشفاء والتغيير في السلوك ومن أبرز من تأثر بهم " إليس" الكسندر فرنش ، كيلي ، كارين هورني ، وادلر الذى يعتبره "إليس" المروج الرئيس للعلاج العقلاني فهو الذى يقول :
(أن سلوك الشخص ينبع من أفكار تحدد اتجاهه نحو الحياة وعلاقته بالعالم الخارجي) وهو بذلك يؤمن بأن الانفعالات العاطفية للفرد مرتبطة ارتباطاً قوياً بأفكاره ومعتقداتة .
وهذا وكانت البداية الحقيقية لنظرية العلاج العقلاني الانفعالي كطريقة علاجية منفردة على يد العالم الامريكي " اليس" المولود عام 1913م في بيتسبيرج في الولايات المتحدة الاميركية ، وحصل على درجة الباكلوريوس في إدارة الأعمال من جامعة المدينة في نيويورك، ثم حصل على شهادة الماجستتير عام 1943م ، وشهادة الدكتواره في عام 1947م في علم النفس الإكلينيكي . وكانت هذه البداية تحديداً في عام 1954م حيت بدأ "إليس" التحول من التحليل النفسي لطريقة علاجية تتجه نحو الاسلوب المنطقي المعتمدة على النموزج الفلسفي أكثر منه على النموزج النفسي .
وبدأ " أليس" الكتابة عن هذا الآسلوب الجديد فى العلاج النفسي في سلسلة في من المقالات منذ عام 1962م ، وعندما نشر كتابة " السبب والانفعال في العلاج النفسي" ضمن في صياغته الأولي أهم الأسس والتصورات والافتراضات والتي يمكن من خلالها فهم نظريته العلاجية ، والتي ركزت على العلاقة بين الانفعلات والتفكير .
ويشير(Padeskybeck ) الى ريادة الآراء التي قدمها "إليس" في تدشين نظريات العلاج النفسي المعرفي ، وذلك لكونه أول من وضع اللبنات الأولي لانتشار هذا الاسلوب في الارشاد والعلاج النفسي ، وفي عام 1959م أسس "إليس"معهد الحياة العقلانية{Instute of Rational living }وهو مؤسسة علمية تربوية تهدف لتعليم أسس الحياة العقلانية ،وفى عام 1968م أسس "إليس" معهد الدراسات العلمية في العلاج النفسي العقلاني .
ويوضح (محمود) أن "إليس" صمم فى عام 1976م طريقتة في العلاج سُميت " علاج الانفعالات بالمنطق .
وفي صيف عام 1993م أعلن "إليس" عن تغيير مسمى هذا الاتجاه من العلاج العقلاني المعرفي الى العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي وذلك لتأكيد التبادل بين الجوانب" المعرفية، والوجدانية ، والسلوكية " (1) .
ويرى "إليس" أن المرضى يمارسون تخيلاً غير منطقي يؤدي بهم إلى حالة العصاب التي يتحكم فيها عدد من الافتراضات قليلة العدد واتجه إلى تكوين أسلوب علاجي يخاطب العقل وتمسك في نفس الوقت بأن للفرد استعدادات وراثية بيولوجية وفسيولوجية لا يمكن تجاهلها عند تطبيق أي نوع من العلاج (2) .
نظرة إليس للإنسان :-
ترتكز نظرية "إليس" على الافتراض القائل : بأن الفرد يولد وعنده القدرة على التفكير العقلاني المنطقي والتفكير غير المنطقي أيضاً . ولدي أى فرد الاستعداد للمحافظة على نفسه وسعادته ، وأيضاً للفرد نزعة إلى تدمير النفس ، وتجنب التفكير والإيمان بالخرافات ، ولوم النفس . أي أن للفرد الميل والاستعداد لكلا الاتجاهين وبموجب العلاج العقلاني فأن الأفراد يولودن ويميلون إلى كل ما يريدون أو يحتاجون لابد أن يجدوه ، وإذا لم يجدوا ما يريدون فأنهم يشجبون أنفسهم ، ويشعرون بالحزن والألم ، وترى نظرية العلاج العقلاني على أن تفكير الإنسان وانفعاله وسلوكه عادة عن طريق إدراك موقف معين . ويرى " اليس" أن الفرد عندما ينفعل فأنه يفكر ويعمل وعندما يفعل فإنه ينفعل ، وعندما يفكر فإنه ينفعل ويفعل .ولكي نفهم سلوك خداع النفس يجب أن نفهم كيف يشعر الناس ويفكرون ويتصرفون .
ويختلف "إليس" مع وجهة نظر الفرويدية للطبيعة الإنسانية ، حيث أن الإنسان ليس حيوان بيولوجياً والغرائز تتحكم في سلوكه ، فهو يرى أن الفرد فريد وعنده القدرة على فهم العجز عنده وتغيير النظرة أو القيم التي غرست فيه منذ الطفولة ، ولدية القوة على مواجهة نظام القيم عنده وترسيخها في اعتقادات وآراء مختلفة ، كذلك لم يقبل "إليس" وجهة النظر الوجودية التي ترى أن الفرد عنده ميل إلى تحقيق قدراته .ولذا فإنه مقتنع بأن الفرد إذا اشترط بأن يفكر أو يشعر في طريق محدد فإنه ربما ينوي أن يستمر في ذلك السلوك حتى لو أدرك بأن سلوكه هو خداع للنفس ، وعلى المعالج أن يبحث في الجذور التي تؤدي إلى سلوك خداع النفس .
ويقدم "إليس" بعض الافكار أو التصورات والفروض حول طبيعة الإنسان والاضطرابات الانفعالية ، ويلخصها " باترتسون" فيما يلي :-
1- الإنسان كائن عاقل متفرد في كونه عقلانياً وغير عقلانياً وحين يفكر ويتصرف بعقلانية يصبح ذا فاعلية ويشعر بالسعادة .
2- إن الاضطراب الانفعالي والنفسي هو نتيجة للتفكير غير العقلاني .
3- ويرجع التفكير غير العقلاني في أصله إلى التعلم المبكر غير المنطقى ، والفرد يكتسب ذلك من والديه بصفة خاصة ومن الثقافة التي يعيش فيها .
4- الإنسان كائن ناطق ، والتفكير يتم عادة من خلال استخدام الرموز الكلامية، ولما كان التفكير يصاحب الانفعال والإضطراب الانفعالي .
5- إن استمرار حالة الاضطراب الإنفعالي نتيجة لحديث الذات {Self Verbalization} لا يتقرر بفعل الظروف والاحداث الخارجية فقط ولكن أيضاً من خلال إدراكات الفرد لهذه الأحداث واتجاهاته نحوها وتختلف طرق التعبير عن هذا الاضطراب فبعض الأفراد يصابون بالاكتئاب والبعض الاخر بالقلق أوالشعور بالنقص والدونية والضعف أمام مسئوليات الحياة ، وآخرون يدمنون المخدرات او يقدمون على الانتحار إلي غير ذلك.
6- يجب مهاجمة وتحدى الأفكار والانفعالات السلبية او المثبطة للذات وذلك بإعادة تنظيم الإدراك والتفكير بدرجة يصبح معها الفرد منطقياً. وهدف الارشاد والعلاج النفسي هو أن يوضح للعميل أن حديثة مع نفسه هو المصدر الأساسي للاضطراب الأنفعالي ، وأن يبين له كيف أن هذه الأحاديث الذاتية غير المنطقية وأن يساعده على تعديل تفكيره ، حتى بصبح أكثر عقلانية وبالتالي تفل الانفعالات السلبية أو سلوك إحباط الذات .
7- ترى هذه النظرية أن الأفراد هم متفردون ، وانهم عقلانيون وغير عقلانين في آن واحد ، فعندما يتصرفون ويفكرون بعقلانية يكونون فعالين وسعداء والعكس صحيح .
8- الأنسان ليس ضحية لظروف أو لماضيه ، ولكن الطريقة التي يتحدث بها الفرد إلى الأخرين أو يحدث بها نفسه ، هي التي تحدد مدى تكيفه .إلى أن نشرب أنفسنا بإستمرار بهذه الأفكار ، وفي النهاية فإن هذه الأفكار هي التي تشكل سلوكنا الظاهري ، ونقوم بتعميق هذه الاعتقادات غير المنطقية فى نفوسنا باستمرار وحتماً ستقودنا إلى عملية الإحباط والانهزام التي تحدث لنا (1) .
النظرة للمرض والاضطراب النفسي :-
تتماثل نظرة "إليس" للمرض أو الاضطراب مع نظرة "بيك" فيجادل "إليس" بأن المرضى الذين يعانون من اضطرابات القلق لديهم ميل كبير لأن يعتنقوا إعتقادات غير منطقية يرفضها معظك الناس الأسوياء والدليل الجيد على ذلك هو حقاً الحالة التي حصل عليها "نيومارك " وزملائه الذين وجدوا أن 65% من مرضى القلق _و2% فقط من الأسوياء وافقوا على العبارة ( من المهم أن يُحب الفرد أو يستحسن بواسطة كل فرد من مجتمعه) والعبارة ( يجب على الفرد أن يكون كمالياً تماما وكفؤاً وناجحاً ليعتبر نفسه ذا قيمة ) قد اُختيرت بواسطة 80% من مرضى القل مقارنة ب25% من الأسوياء (3) .
الشخصية من وجهة نظر "إليس" :-
بالرغم من عدم الاهتمام الواضح من جانب "إليس" بتكوين نموزج نظرية للشخصية ، إلا أنه صاغ مجموعة من المفاهيم والأسس التي تسهم في التعرف على وجهة نظره في الشخصية ومنها :-
1- الأسس الفسيولوجية :-
يرى "إليس" أن البشر يتشابهون في الجوانب البيولوجية والفسيولوجية العامة مثل الأكل ، التنفس ، الحركة وأيضاً يتشابهون بأن لديهم استعداد فطرى وميل لأن يكونوا عقلانيين وغير عقلانيين ، ومن ناحية نجد أن لديهم طاقة كبيرة لأن يكونوا مولدين للسعادة بكونهم عقلانين ، ومن ناحية آخرى تجد أن لديهم طاقة هائلة في أن يكونوا قاهرين لانفسهم ويكرروا باستمرار نفس الأخطاء بكونهم غير عقلانيين .
ويرى "إليس" أن الجزء الأساس في نشأ الأعراض العصابية يكمن في الطبيعة الأنسانية وأصولها البيولوجية والفسيولوجية هذا ولم يستطيع "إليس" أن يوضح تلك الأصول ، إلا أنه يرى أن النزعة إلى الكمال والرغبة في إنجاز الأعمال عند أعلى مستوى ومن الإتقان ، وتكاد توجد عند الجميع بفضل الأسس البيولوجية .
2- الأسس للاجتماعية :-
يرى "إليس" أن التفكير غير العقلاني والتعود على التدمير الذاتي وعدم المسامحة ترجع في أصولها ونشأتها إلي التعلم المبكر وغير المنطقي ، فالفرد لديه الاستعداد البيولوجي لذلك التعليم ، والذى اكتسبه من والدية بصفة خاصة وغالباً ما يتفاقم التفكير غير العقلاني بسبب تدني المستوي الثقافي والاجتماعي ،وبسبب تزايد الضغوط العائلية والاجتماعية ، فمن خلال عملية النمو يتعلم الفرد التفكير والشعور بنفسه وباللآخرين فى ظل ما يستدخله أثناء التنشئة الاجتماعية وما ينميه من أحاديث داخلية .
هذا ويرى "اليس" أننا إذا نشأنا في مجتمع ما فإننا نميل لأن نكون ضحية الأفكار التي تشكل سلوكنا الظاهري ، وتقوم بتعميق هذه الاعتقادات غير المنطقية في نفوسنا باستمرار ، والتي حتماً ما ستقودنا إلى الإحباط والانهزام .
3- الأسس النفسية : نظرية (A.B.C)
يقرر "إليس" في نظريته (العلاح العقلاني الانفعالي) أن الاحداث التي تطرأ على البشر تتضمن عوامل خارجية تمثل أسباباً للاضطراب النفسي، والبشر ليسوا مسيرين كلية ، وبإمكانهم أن يتجاوزا جوانب القصور البيولوجية ، والاجتماعية والتفكير الصعب من خلال التحكم بالطريقة التي ينظرون بها إلى الأحداث وتحديد ردود الأفعال التي يختارونها لمواجهة تلك الاحداث .وتتمثل الأسس النفسية للشخصية عند "إليس" في نموزج أسماه (ABC) والذى يعتبر الجانب الرئيسي في العلاج العقلاني من الناحية النظرية والتطبيقية .
ويشير "كوريسيني" إلى أن دور الأفكار غير العقلانية في الاضطرابات العاطفية إنما يتضح في نموزج "إليس" للشخصية والمعروف بنظرية (ABC) .
حيث ترمز (A) إلى المثير والمسبب للانفعال ، وهي عموماً المواقف والأحداث التي تظهر فيها أو أثنائها المشكلة النفسية ، وقد تكون أحداثاً خارجية أو داخلية ، والأحداث الخارجية هي التي يمكن أن يراها اللآخرون فضلاً عن صاحب المشكلة.
أما الأحداث الداخلية فهي أفكار الفرد المتعلقة بالأحداث الخارجية . و(B) تشير إلى فكرة الإنسان أو اعتقاده (Belive) بالنسبة للحدث المثير وقد تكون جامدة أو مرنة ، وغالباً بكلمة " يجب" أو "لابد.."وعندما يتمسك الانسان بهذه الأفكار فإنه يميل إلى استنساخ أفكار غير عقلانية . وعندما تكون هذه الفكره مرنة فإنه يطلق علية الأفكار العقلانية ، وهي غالباً ما تأخذ شكل من الرغبة أو الأمنية أو التفضيل إلا أنها لا تتحول إلى مطالب وشروط مطلقة ولازمة ، وعندما يتمسك الإنسان بهذه الأفكار المرنة فإنه يميل إلي أن يستنتج منها أفكارا عقلانية .
ويشير (C) إلى النتائج الانفعالية (Consequences) والسلوكية لأفكار الشخص ومن هنا فإن ما يحدد النتائج الإنفعالية ليس الحدث المثير بل الفكرة المرتبطة به .
ويرى "إليس" أن النتائج الانفعالية التى تنشأ من الأفكار الجامدة غير عقلانية هي نتائج تثير الاضطراب، ويطلق عليها النتائج السلبية غير المناسبة ،أما النتائج التي تنشأ عن الأفكار المرنة العقلانية فهي لا تؤدي إلى الاضطراب ،ويطلق عليها النتائج المناسبة حتي لو كانت سلبية
كما يرى كذلك أن الانفعالات السلبية غير المناسبة تكون غير وظيفية لأنها تؤدي إلى الشعور بألم وانزعاج نفسي شديدين وتدفع الإنسان إلى التصرف بأسلوب ضعيف منكسر ، وتحول بينه وبين التصرف بطريقة تحقق أهدافه من خلال مواجهة العقبات والعوائق .
المفاهيم والمسلمات الأساسية لنظرية البرت إليس :-
إن الكثير من المفاهيم التي توصل إليها "إليس" من خلال خبرتة في العلاج النفسي ، لم تكن مفاهيم وصياغات جديدة بل توصل إليها الكثير من الفلاسفة والمعالجين القدامي والمعاصرين لـ "إليس" ، ومن هؤلاء العلماء والمفكرين " ادكنز، أدلر ،الكسندر ، فرنش ،كاميرون ، ديجرين وجوكلر ، وبالرغم من الاختلافات الظاهرة في أسماء المفاهيم واللآراء التي ابتكرها هؤلاء العلماء والمفكرين ، إلا أن هذه المفاهيم تُجمع على أن الاضطرابات النفسية لا يمكن عزلها عن الطريقة التى ينظر بها الفرد لنفسه وللعالم من حوله .
هذا وقدم "إليس" عدداً من المبادئ والمسلمات المرتبطة بنظريتة وهي :-
1- العقلانية واللاعقلانية :-
يمكن تعريفها على أنها استخدام المنطق في تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة ، وهي تسهم في تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة ، وهي تسهم في تحقيق هدفين هامين هما المحافظة على الحياة ، والأحساس بالسعادة النفسية والتحرر من الألم في ظل التفاعل الملائم مع العواطف . في حين أن عدم العقلانية تشتمل على التفكير بطرق تقف حجر عثرة في سبيل تحقيق الهدفين السابقين.
2- العقل والانفعال :-
يرى "إليس" أن التفكير والانفعال الإنساني ليسا عمليتين مختلفتين ، وإنما هما عمليتان متداخلتان بشكل كبير وبصورة ذات دلالة تفاعلية تبادلية ، وتعتبران في بعض الأحيان نفس الشئ كما هو الحال بالنسبة لعمليتي الحياة الاساسيتين الحس والتحرك ، ولا يمكن النظر إليهما بطريقة تفصلهم عن بعضهم البعض بصورة تامة هذا ويعد الانفعال في حقيقتة نوع من التفكير غير العقلاني المنحاز ذاتياً وهو أيضاً يعتبر عملية اتجاهية معرفية حيث يستجيب البشر للمواقف الحياتية المختلفة بشكل ينطوي على حكم حدسي وفكري مسبق ، وبالتالي يأتي القرار النهائي بالاستجابة لتلك المواقف منسجماً مع ما يحققه الانفعال الأصلي أو يحول دونه .
3- الانفعالات الملائمة وغير الملائمة:-
يرى "إليس" أن الانفعالات الملائمة هي تلك المشاعر التي تحقق أهداف الحياة السعيدة ، وهي مهمة وضرورية للإنسان ، وبدونها لا يستطيع أن يشعر بالسعادة . أما الانفعالات غير الملائمة فبعضها مهم للإنسان لانها تحافظ على أساس الأفكار غير العقلانية ، مما تؤدي إلي إعاقة السلوك الواقعي للإنسان والانفعالات غير الملائمة لا يكون لها وجود إلا في ظل استدخال الفرد لها بشكل شعوري حيث يصوغها في جمل او صور لا تخرج عن العبارتين التاليتين (هذا حسن بالنسبة لي ) أو (هذا سئ بالنسبة لي) ومن هنا فأن السلوك المضطرب هو نتاج الاستمرار بالحديث الداخلي الذاتي الذى يتكون من الأفكار غير العقلانية .
4- الميول البيولوجية :-
يرى "إليس" أن الأنسان يولد ولدية الاستعداد للتصرف بالطريقتين العقلانية وغير العقلانية ويصغ ذلك بقولوه :" إن الافراد مركبون بيولوجياً على أن يفكروا بطريقة ملتوية في مناسبات عديدة ، أو أن يهزموا أنفسهم وأن يبالغوا في كل شئ وأن يشعروا بالإثارة ويتصرفوا بغرابة لأتفه الأسباب ، ولديهم أيضاً استعدادت قوية لأن يفكروا بسهولة وبشكل طبيعي ، وهم مبتكرون ويتعلمون من أخطائهم ، وهم يغيرون من أنفسهم مرات عديدة (1) .
فروض نظرية العلاج العقلاني _الانفعالي :-
قدم "ألبرت إليس" 32 فرضاً بالنظرية وطريقة العلاج العقلاني_الانفعالي ، وعرض عددا كبيرا من البحوث التجريبة والاكلينيكية التي تؤكد صحة هذه الفروض وفيما يلي تلخيص لهذه الفروض:-
أولاً : فيما يتعلق بالنظرية :-
• التفكير يُحدث الانفعال .
• تتأثر الحالة المزاجية للفرد بمعرفته ومعتقداته.
• توجد علاقة متبادلة بين كل من المعرفة والانفعال والسلوك وبين بعضعها البعض.
يتأثر انفعال الفرد وسلوكه بما يلي :-
الدلالة اللفظية للأشساء وما يقوله الفرد لنفسه عن هذه الأشياء.
الوعى والبصرية وتنبية الذات .
التصور والتخيل .
التغذية الرجعية الحيوية وضبط العمليات الفسيولوجية .
توقع الفرد .
مركز التحكم لدى الفرد.
خصائص الفرد ، من دافعية وغرضية وسببية.
ثانياً : فيما يتعلق بالعمليات المعرفية الوسيطة للاضطراب الانفعالي :-
يضطرب انفعال الفرد وسلوكه بما يلي :-
• التفكير غير العقلاني .
• خطأ الفرد فى تقدير لذاته .
• إخفاق حيل الدفاع النفسي .
• إنخفاض درجة تحمل الفرد للإحباط .
• توقع الفرد للتهديد .
ثالثاً : فيما يتعلق بفنيات العلاج :-
من الفنيات الفعالة في العلاج العقلاني_ الانفعالي ما يلي :-
• العلاج النشط الموجه.
• الدحض والاقناع .
• الواجبات المنزلية .
• تبسيط الإهانة وحسن الظن بالأخرين .
• تنفيس الانفعالات .
• التبصير بالطرق الفعالة للتغير السلوكي .
• ضبط النفس وترويضها .
• تعليم مهارات الكفاح رغم الشدة والتهديد .
• التحويل والإلهاء.
• استخدام الأساليب التربوية وإعطاء المعلومات .
• تقليل قابلية الفرد للتأثير بإيحاءات الآخرين .
• تبصير الفرد بإنتقاء نمازج السلوك التي يقتدي بها ويقلدها .
• زيادة مهارات الفرد في أسلوب حل المشكلات .
• القيام بالدور والتدريب السلوكي .
• التدريبق على المهارات .
أهداف العلاج العقلاني _ الانفعالي :-
إن هدف وجوهر العلاج العقلاني –الانفعالي يكمن في مناهضة الفرد لهذه الأفكار الخاطئة ، وتبني أفكار معرفية عقلانية ، وبروز فهم معرفي جديد يتبعه تعديل في ردود الأفعال الانفعالية السلوكية ، بحيث تكون أكثر واقعية ومتناغمة مع الأحداق والمواقف إضافة إلي العمل على إزالة أو خفض النتائج غير المنطقية أو الاضطرابات ، ويمكن تلخصيها الاهداف في ما يلي :-
مساعدة المريض في تعرف أفكاره غير العقلانية التي تسبب ردود فعل غير مناسبة لدية نحو العالم .
حث المريض على الشك والاعتراض على أفكارة غير العقلانية .
محاربة الافكار والمعتقدات غير العقلانية والخاطئة لدى المريض .
التخلص من الافكار والمعتقدات غير العقلانية بالإقناع العقلي والمنطقي ، وأعادة تنظيم نظام المعتقدات لدى المريض .
إزالة أو تقليل النتائج الانفعالية غير العقلانية لدى المريض ، وبصفة خاصة تقليل القلق(لوم الذات) وتقليل العدوان و الغضب ( لوم الآخرين والظروف) .
تحقيق المرونة والانفتاح الفكرى وتقبل التغيير ، وإعادة المريض إلى التفكير العملى والتحكم في انفعالاتة وسلوكة عقلانياً (4).
يؤكد "البرت إليس" كما أكد من قبله" أدلر" إن العلاج يجب أن يتضمن عملية إعادة تربية ، وضرورة التحاور مع المريض بكل الضروب المنطقية من الحوار لكي نبين له الجانب الخاطئ في تفكيرة ،مع دفعه مباشرة إلي استنتاج الطرق الصحيحة وتطبيقها ،والدحض المستمر للأفكار الخاطئة مع الإقتناع يساعد على كشف أن طرق تفكيرنا السابقة لم تعد تجدي (5) .
ويري "زهران" أن على المعالج أن يحث العميل على فهم تبني الأفكار التالية :-
1- أن الأحداث الماضية أو الحاضرة لا تسبب الاضطرابات السلوكية والأنفعالية ، بل أن الأفكار غير العقلانية ذات الصلة بهذه الأحداث ، هي التي تؤدي في المقام الأول إلي حل المشكلات السلوكية والانفعالية .
2- بغض النظر عن الكيفية التي تم بها الاضطراب في الماضي ،فأن الاضطراب في الحاضر إنما يعود ألى أستمرار العميل في التفكير غير العقلاني .
3- بالرغم من أن الأنسان يميل إلي الاضطراب النفسي من جراء الأفكار المنكرة والضعيفة الهازمة لذاته ، فإنه يستطيع التغلب على مشكلاته واضطراباته إذا ثابر على تدي الأفكار غير العقلانية ومقاومتها بالتصرف بطريقة مخالفة لها .
ويشير "كورى" إلى أن الهدف العلاجي عند "إليس" يتمثل في محاولة تقليص نظرية الإحباط والانهزام التي يتبناها الفرد حول نفسه ، والأقلال من الأفعال غير التواؤمية وحل مشكلات الحياة ، وجعل العميل على بينة من أن الكلام المحبط غير المفيد هو المصدر الأساس للاضطرابات الإنفعالية . إن العلاج العقلاني لا يهدف إلى إزالة الأعراض وإنما يشجع العميل على تحرير نفسع من الأعراض الواضحة وغير الواضحة (1) .
عملية العلاج العقلاني _الانفعالي :-
هي عملية تعليم المريض التفكير العقلاني بأسلوب نشط . وتتضمن العملية علاج اللاعقل بالعقل ، واللامنطق بالمنطق ، والخرافة بالعلم . وعملية العلاج عقلية بحتة .
ومهمة المعالج هي مساعدة المريض على التخلص من الأفكار غير العقلانية وغير المنطقية وإستبدالها بأفكار عقلانية ومنطقية . ويجب أن يتوفر في المعالج الثقافة الواسعة والطلاقة اللفظية والقدرة على التعليم والشرح والتفسير ولإقناع .
والخطوة الأولي فى عملية العلاج هى التعرف على أفكار المريض ، وتحديد غير العقلاني وغير المنطقي والخرافي منها .
والخطوة الثانية هي تعريف العميل أنها غير منطقية وغير معقولة ، وأنها أدت إلى إضطرابة الانفعالي ، مع زكر آمثلة من سلوكه المضطرب .
والخطوة الثالثة هي تعريف المريض أن اضطرابه يستمر إذا أستمر يفكر تفكير غير منطقي أى أن تفكيره غير المنطقي الحالي مسئول عن حالته ، وليس استمرار تأثير الأحداث السابقة .
والخطوة الرابعة هي تغير تفكير العميل وإلغاء الأفكار غير العقلانية .
والخطوة الخامسة والاخيرة هي تناول الأفكار الخرافية العامة ، وإرساء دعائم فلسفية عقلانية جديدة للحياة بحيث يتجنب العميل الوقوع ضحية لأفكر ومعتقدات غير عقلانية وخرافية أخرى .
ونتيجة عملية العلاج العقلاني _الانفعالي هي ان يصبح لدى العميل فلسفة حياة عقلانية ،وإحلال المعتقدات والأفكار العقلانية محل غير العقلانية . وإذا ما تحقق ذلك فإن الانفعالات السالبة المؤدية إلى الاضطراب تزول هى والسلوك المصاحب لها .
ويتناول العلاج العقلاني _الانفعالي مشكلة تحقير الذات وخفض قيمة الذات ، حيث يساعد المعالج المريض في أن يعتقد أن له قيمة لأنه موجود كشخص له أفكاره وانفعالاته وسلوكه مهما اختلف عن أفكار وانفعالات الآخرين ،وأنه طالما هو حي، فإن في إمكانه تعديل افكار وضبط انفعالاته وتغيير سلوكه بحيث يستمتع بالحياة بصورة أفضل .
وهكذا ، يتعلم المريض كيف يتعرف على مدركاته وأفكاره غير العقلانية وغير المنطقية ويغيرها إلى مدركات وأفكار عقلانية و"إلى فلسفة حياة أكثر واقعية ، وتتغير شخصيته وسلوكه إلى أحسن ، ويتم العلاج .
أساليب العلاج العقلاني _الانفعالي :-
تتضمن العلاقة العلاجية إتاحة فرصة التعبير الانفعالي مع المساندة والشرح والتفسير بقصد تكوين الألفة والاستبصار ، مع كامل احترام المريض وتقبلة بصرف النظر عن سلوكه . ويسمح للمريض بالتعبيير عن مشاعره بالتداعي الحر والتنفيس الانفعالي وعن طريق لعب الدور وغير ذلك من أساليب بالتغبير . ويتجة المعالج بالتدريج وبحرص نحو التفكير غير العقلاني ةغير المنطقي للمريض . ويكون التركيز على أفكار ومشاعر وانفعالات وسلوك (هنا والآن) .
والإسلوب الأساسي في العلاج العقلاني _الانفعالي أسلوب نشط ومباشر ويقوم المعالج بدور المعلم النشط الذى يعيد تعليم المريض (المتعلم) . ويوضح المعالج الجزور غير المنطقية لاضطراب المريض . ويستمر المعالج في كشف التفكير غير المنطقى الحالي للمريض ، وكيف أنه هو السبب في سلوكه المضطرب ، ويعلمه كيف يعيد التفكير ليصبح منطقياً ومعقولاً .
ويستخدم المعالج أسلوب الهجوم المباشر المنسق على الأفكار غير المنطقية وغير العقلانية والخرافية للمريض والتي سبق أن تعلمها وما زال يحتفظ بها . ويشجع المعالج المريض بوضعه في خبرات عملية (كأن يشجعه لعمل شئ يخاف أن يعمله ونتيجة لفكرة خاطئة لديه) مما يعدل الفكر والسلوك معاً.
ويستخدم المعالج المنطق والتعليم والايحاء والاقناع والمواجهة ليعرف المريض بإفكاره وفلسفاته غير العقلانية ، وكيف أنها تؤدى إلى سلوك مضطرب إنفعالياً ، ثم يغير تفكير المريض ، ومن ثم إنفعالته بإحلال الفلسفات غير العقلانية بأخرى عقلانية ومنطقية . ويستمر المعالج في تعليم المريض _كإجراء وقائي _ الأفكار غير العقلانية في الثقافة التي يعيش فيها بصفة عامة ، ويعلمه الأفكار المعقولة .
ويكلف المريض بعمل واجب منزلي ويدور حول أنشطة محددة في الاسرة وفي العمل ...الخ . والمعالج يعلم المريض النظرية العقلانية الانفعالية عن طريق (العلاج بالقرأة) Bibliotherapy.
ويعمل المعالج على تنمية استبصار المريض . والاستبصار هنا له ثلاثة أشكال :-
• معرفة جزور وأسباب الاضطراب السلوكي .
• معرفة أن الأسباب الأصلية تستمر في تأثيرها بسبب المعتقدات الخاطئة التي تستمر معه .
• معرفة والاعتراف بضرورة التغلب على الاضطراب الانفعالي بملاحظة ومراجعة وتحدى نظام المعتقدات وتغيير الفسفه غير المنطقية فكراً وسلوكاً .
وهكذا يتم الهجوم على المعتقدات غير العقلانية عن طريق الدحضDispute(D). وهذا يؤدى إلى أثر Effect (E) ذى شقين :أثر معرفي cognitive Effect(cE)، وأثر سلوكيbe_havioural Effect (bE) ـ وتصبح المعتقدات غير العقلانية معتقدات عقلانية ، وتصبح النتائج غير العقلانية نتائج عقلانية . ويكون الأثر النهائي هو تحقيق الصحة النفسية .
هذا وقد يكون العلاج العقلاني _الانفعالي قصير الأمد أو طويل الأمد وقد يكون فردياً أو جمعياً _ ويستغرق في المتوسط حةالي 25 جلسة .
وتتلخص فنيات العلاج العقلاني _الانفعالي :-
Experiential-Emotive Tecbniques _فنيات خبرية انفعالية
تتعرض للمشاعر وردور الفعل تجاه المثيرات والمواقف والخبرات المنشطة.
Behayioural Techniques_ فنيات سلوكية
تغير السلوك غير المرغوب فيه وتغيره إلى سلوك مرغوب وتدعمه .
cognitive Techniques فنيات معرفية_
تغيير الأفكار غير العقلانية والفلسفة غير المنطقية إلى أفكار عقلانية وفلسفة منطقية .
وتدعم هذه الفنيات : المحاضرات والحوار والمناقشات ، والتشجيع والحث ، والتدريب والتوكيد ، والمواجهة الدرامية المباشرة ، والتحصين التدريجي ، وتعليم المنطق والتفكير العلمي .
استخدمات العلاج العقلاني _ الانفعالي :-
تتعدد استخدامات العلاج العقلاني _الانفعالي وأهمها ما يلي :-
• الأمراض العصابية : مثل القلق ، والخواف ، والاكتئاب ، والهستريا .
• الاضطرابات السلوكية : مثل الجناح ، والسيكوباتية ، والإدمان .
• المشكلات : مثل المشكلات الزواجية والمشكلات الأسرية ، ومشكلات الشباب (4).
الأفكار العقلانية وغير العقلانية :-
يشير نظام الأفكار والمعتقدات بشكل عام إلى جوانب معرفية تشتمل على رؤية ذاتية خاصة بالفرد لذا فهي تخضع للصحة والزيف ، وذلك تعبيراً لها عن الاتجاهات التي تشير إل جوانب تقويمية وجوانب تتسم بالحب أو الكراهية .
ويرى "إليس" أن الأفكار العقلانية هي تلك الأفكار التي يمكن التحقق منها من خلال الحجج والبراهين ، أما الأفكار غير العقلانية هي تلك الأفكار التي لا يمكن التحقق منها ، ومن ثم فهي تلك الأفكار الخاطئة وغير المنطقية ، وغير الواقعية التي تتسم بعدم الموضوعية والمبنية على معتقدات وتوقعات ،وتعميمات خاطئة ناتجة عن سوء الظن ، والمبالغة والتهويل بما لا يتسق مع الإمكانات العقلية للفرد .
سمات الافكار العقلانية :-
يرى "إليس" أن المعتقدات العقلانية لها عدة سمات أو مميزات وهي :-
1- الموضوعية : ويتمثا ذلك في أنها تشتق من حقائق وأدلة موضوعية وليس من نظرة شخصية .
2- المرونة : حيث تتشكل في صورة رغبات وأمنيات وتفضيلات لا تصل إلى المطلقات الازمة .
3- تساعد على نحقيق أهداف الحياة .
4- تقلل من الصراعات الداخلية لدى الفرد.
5- تقلل من التصادم مع اللآخرين المحيطين بالفرد .
6- تساعد على التفكير في عدة صيغ من الاحتمالات .
سمات الأفكار غير العقلانية :-
يرى "إليس" بعض السمات التي تتسم بها الأفكار غير العقلانية وهي :-
1- المطالبة : ويتمثل ذلك فى وجود مجموعة من الصيغ والكلمات التي تتشكل على هيئة مفروضات ، وذلك ناتج عن الميل إلى الكمال والرغبة في إنجاز الأعمال عند أعلى مستوى من الإتقان والمثالية بشكل لا يتلاءم مع إمكانيات الفرد الواقعية ، ويردد الفرد باستمرار كلمات مثل : ( يجب ، ينبغي ) .
2- التعميم الزائد : ويتمثل ذلك في تبني أفكار عامة بناءاً على خبرات محدودة، كأن يعتقد الشخص أنه فاشل في كل شئ إذا فشل مرة واحدة .
3- التقدير الذاتي : ويتمثل ذلك في التحدث إلى الذات بطريقة انهزامية وسلبية عن طريق صياغة جمل بسيطة تستقر في الشعور أو اللاشعور . وتعتبر محكاً للمقارنات التي يقوم بها الفرد لذاته مع اللآخرين والتي تؤدي إلى تحقيق تقديره لذاته .
4- التهويل : ويتمثل ذلك في المبالغة في معنى أو أهمية الأحداث أو الخبرات ، كأن يشعر المرء أن عدم قدرته على تحقيق ما يصبو إليه كارثة عظيمة .
5-أخطاء في التفسير : ويتمثل ذلك في التحيز اللإدراكي نحو السلبية في الخبرات وهذا الخلل يعبر عن ذاته في التعامل مع الأحداث المختلفة مثل الفشل ، فقدان عزيز، الرفض .
6- عدم التجريب : ويتمثل ذلك في الخروج باستنتاجات اعتماداً على أدلة غير كافية وغير مجربة ، كأن يغضب الإنسان نتيجة كلمة أو نظرة غاضبة من شخص آخر ، وهذه الكلمة لم تكن بالاصل موجهة نحوه شخصياً .
7-التلقين(التكرار) : ويتمثل ذلك في استمرار الفرد عن طريق عملية التلقين الذاتي وهي تلك العملية التي يتحدث فيها الفرد مع نفسه حديثاً داخلياً مضمونه أنه غير كفء وفاشل في معالجة أموره بدليل النتائج السلبية التي تعرض لها .
8- السلبية : فمثل هؤلاء الأفراد يعتقدون أن سبب تعاستهم هو ظروف خارج إرادتهم مثل الحظ وليس بمقدورهم التغلب عليه لأن الظروف أقوى منهم .
9- الانهزامية : هي نمط من الشخصية تتجنب صعوبات الحياة بدل مواجهتها ، وتؤكد على أهمية عدم الوقوف في وجه القوى.
10- الاتكالية : حيث يعتمد الاتكالي على الاخرين وخاصه الأقوياء لان هذا ما يحلب له الراحة في أمور حياته .
11-العجز : هو من لا يستطيع التخلص من أحزان الماضي ومحو اثارها وجعلها في طي النسيان .
12- ضيق الأفق : الأشخاص الذين يتصفون بضيق الأفق يملكون حلولاً جاهزة ،فهنالك حل نموزجي لكل مشكلة وأن لم يصلوا إليه تحدث كارثة ، كما يعتقدون وهذا يشير إلى ضعف الجهاز النفسي لديهم .
13-عدم التسامح : أى أن العقاب الصارم هو الوسيلة الوحيدة لتصحيح الأخطاء ،مع عدم القدرة على مغفرة الإساءة حتي وإن كان الخطأ بسيطاً .
14- شدة الحساسية : أى أن الأفكار السوداوية عن المخاطر التي من المحتمل أن يقعوا فيها لا تفارق مثل هؤلاء الأفراد وأن الفشل يلاحق أعمالهم .
15- الإصرار على القبول التام : يرى أصحاب مثل هذه الأفكار أن الأخرين يجب أن يحبوهم بشكل مطلق ويكونوا راضين عنهم دائماً بغض النظر عما يفعلونه .
أنواع الأفكار غير العقلانية :-
الأفكار غير العقلانية هي في الأصل رغبات وأشياء يحبها الإنسلن ويفضلها ، إلا أنها أخذت طابع المطالب المطلقة والشروط الازمة التي يمكن التنازل عنها، وهنالك ثلاث أنواع من الأفكار وهي :
1- معتقدات تتعلق بالذات : مثل يجب أن أتقن كل شئ وإذا لم أفعل ذلك فإنه أمر فظيع لا يمكن أن أتحمله ومثل هذه المعتقدات تؤدي إلى الخوف ، والقلق، والاكتئاب والشعور بالذنب .
2- معتقدات تتعلق بالآخرين : مثل يجب أن يعاملني الناي معاملة حسنة عادلة ، وإذا لم يفعلوا ذلك فإنه أمر فظيع ، لا أتحملة وتؤدي هذه الأفكار إلي الشعور بالغضب والعدوانية والسلبية .
3- أفكار تتعلق بظروف الحياة : مثل يجب أن تكون الحياة بالشكل الذي أريده ، وإذا لم تكن كذلك فإنه أمر فظيع لا أتحمله ، وتؤدي هذه الأفكار إلى الشعور بالأسي والألم النفسي(1).
ويمكن تلخيص الأفكار غير العقلانية المسببة للاضطراب النفسي عند "إليس" :-
1. أن ينال الفرد الرضا والحب من كل فرد في المجتمع.
2. إذا سارت الأمور على غير مراد الفرد فهذه كارثة مدمرة .
3. يجب أن يكون الإنسان كفؤً تماماً حتى تتحقق قيمته .
4. بعض النّاس شريرون ومجرمون ولذلك لا بد من عقابهم .
5. المشكلات والاضطرابات تتسبب فيها عوامل وظروف خارجية ولا يتحكم فيها الفرد .
6. من الأفضل تجنب المصاعب والمسؤوليات الشخصية بدلاً من مواجهتها.
7. هناك دائماً حل صحيح وكامل لكل مشكلة يجب الوصول إليه وإلا حدثت كارثة.
8. ينبغي علي الفرد أن يحزن لما يصيب الآخرين من حوادث وكوارث.
9. ينبغي علي الفرد أن يكون مستندا علي الآخرين وان يكون هناك شخص اقوي يستند عليه.
10. تعتبر الخبرات الخاصة بالماضي هي المحددات الأساسية للسلوك في الوقت الحاضر.
11. إن الأشياء الخطرة والمخيفة تعتبر سببا للانشغال البالغ و يجب أن يكون الفرد دائم التوقع لها.
12. يجب أن يكون الإنسان قادرا علي التحدي والمنافسة والتفوق في كل المجالات الممكنة.
13. السعادة البشرية والنجاح هي أشياء يمكن الوصول إليها دون جهد.
وأضاف سليمان الريحاني فكرتين يري إنهما شائعتين في العالم العربي:-
1- ينبغي أن يتسم الفرد بالجدية والمسؤولية في تعامله مع الآخرين حتى تكون له قيمة ومكانة محترمة بين الآخرين .
2- لا شك أن مكانة الرجل تعد هي الأهم في علاقته مع المرأة.
3- وأضاف عبد الستار إبراهيم فكرة أخري هي :إن هناك مصدرا واحدا للسعادة وإنها لكارثة إذا أغلق هذا المصدر أو فقد (6).
وقد اختصر أليس هذه الأفكار في ثلاث أفكار رئيسة هي: -
1- لابد من التصرف بشكل جيد وأن أنال موافقة الآخرين ورضاهم وإلا سوف أكون غير كفء ولا قيمة أو جدوى لي .
2- يجب ألا أجد ظروف الحياة صعبة جدا وأن تكون مريحة ومناسبة وتوفر لي الأمان و إلا سوف يكون العالم مكانا مزعجا ولا يمكنني أن احتمله وستصبح الحياة لا تستحق أن نحياها.
3- لابد أن يعاملني الآخرون بطريقة جيدة في كل الظروف وفي كل الأوقات وإلا سوف يكونوا مصدر إزعاج لي (7).
محكات السواء النفسي عن " إليس":-
وضع "إليس" محكات يتم من خلالها الحكم على السلوك الإنساني من حيث السواء أو الاضطراب ، وهي كما يلي :
1- اهتمام الفرد بذاته وتحقيق رغباتة المقبولة .
2- الحصول على الاهتمام الاجتماعي وجعل رغباتة مقبولة على المستوى الاجتماعي .
3- تقبل الإحباط وإمكانية التعامل معه بواقعية .
4- المرونة في الأقوال والأفعال.
5- توجية الذات والاعتماد على النفس .
6- بقاء الفرد سعيداً على الرغم من عدم معرفتة مما يحمله له المستقبل .
7- القدرة على تحقيق السعادة على المدى الطويل .
8- التعهد ببذل محاولات خلاقة .
9- القدرة على مواجهة الماخطر .
11- الواقعية .
12- تقبل الذات .
13- الشعور بالمسئولية الذاتية عن الاضطراب الانفعالي وعدم لوم الآخرين أو الظروف البيئية على ذلك .
أسباب ظهور الأفكار الاعقلانية :-
ويري "إليس" أن الأفكار اللاعقلانية تنشأ في مرحلة الطفولة الباكرة حيث يكون الطفل حساسا لمؤثرات البيئة الخارجية كذلك فإن الطفل في هذه المرحلة يعتمد علي الآخرين وخاصة الوالدين في التخطيط والتفكير واتخاذ القرارات فإذا كان بعض أفراد الأسرة لاعقلانيين يعتقدون في خرافات ويطالبون الطفل بأهداف وطموحات لاتصل إليها إمكانياته فسوف يصبح الطفل لاعقلانيا (8).
حيث تلعب البيئة المحيطة بالفرد دوراً كبيراً في اكتسابه للأفكار اللاعقلانية من خلال وسائط التربية والتي منها الوالدين والمعلمين والأصدقاء ، ووسائل الإعلام ومن أسباب ظهور الأفكار اللاعقلانية ما يلي:-
1- أساليب المعاملة الوالدية السلبية :-
لأساليب المعاملة الوالدية السلبية دوراً في نشأة الأفكار اللاعقلانية ، من حيث افتقار العلاقة بين الوالدين والطفل للتفاعل الإيجابي والاحترام المتبادل فيشعر الطفل بانهزام الذات ، كما أن المهاملة الوالدية التي تؤكد على الرعاية المبالغ فيها في التنشئة ،هي غير صحيحة لأنها تجعل الطفل لا يتعلم كيف يتعامل مع المشكلات بنفسه ولا يشعر بالاستقلالية ولا يحترم قرارات الوالدين أو أحكامهما ، خائف من الوقوع في الخطأ وغير قادر على الدفاع عن نفسه ، حيث إن الوالدين الذين يظهرون توقعات عالية جداً تتجه نحو الكمال الزائد يتوقعون من أطفالهم أن يظهروا جوانب قوة متزايدة دون أى جوانب ضعف ، مما يشعر الطفل بأنة غير قادر على تلبية توقعاتهم ، خاصة عندما يقارنونه على نحو سلبي مع نجاحات الآخرين .
كما أتضح أن الوضع الأسري أو الظروف الأسرية السلبية تلعب دوراً في اكتساب الفرد للأفكار اللاعقلانية ، حيث تبين أن بعض المراهقين من الجنسين ممن يغيشون في مناخ أسري غير عادي مثل : ( أبناء المطلقين والذين يعيشون مع والديهم بل مع بدائل أبويه ) كانت لديهم أفكار لا عقلانية بدرجة مرتفعة والمرتبطة ببعض المتصاحبات والأعراض النفسية السلبية مثل الشعور بالاكتئاب النفسي المرتفع .
2- المستوى الاجتماعي والثقافي :-
أشارت نتائج دراسات قد أجريت أن الأفراد ذوي المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتوسطة ودون المتوسطة ظهرت لديهم بوضوح وبدرجة عالية عدداً من الأفكار اللاعقلانية أكثر من الأسر ذات المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية العالية .
كما تبين أن هنالك فروق بين الجماعات العرقية على مقياس الأفكار اللاعقلانية ، حيث توصلت النتائج إلى أن الأمريكيين من أصل اسيوي اتضح لديهم احتمالات أكبر في التصديق والاعتقاد في الخرافات التي تتعلق بالحظ أكثر من الأمريكيين غير الآسيويين.
إسهامات نظرية "إليس" في مجال علم النفس :-
كان لنظرية "إليس" إسهامات في مجال علم النفس يمكن إيجازها في النقاط الآتية :-
1- أكدت ووضحت العلاقة بين التفكير والعاطفة (الانفعالات).
2- تأكيدها على الوسائل العلاجية المتكاملة التى تتضمن الإدراك (المعرفة) والسلوك والعواطف .
3- تأكيدها على أن الحوادث الماضية ليست هي التي تسبب الانفعالات للشخص بل نظرة الأنسان إلى تلك الحوادث وأفكارها عنها هي التي تسبب له المتاعب .
4- تأكيدها على الوظائف البيتية العملية والسلوكية .
5- رسمت الخطوط العريضة للأفكار اللاعقلانية التي تشكل الأسلس الذي يسبب الانفعالات النفسية والعاطفية ووضحت وسائل مكافحتها .
6- أسلوبه التعليمي والوقائي في العلاج (1) .
يصنف "إليس" الأفراد إلي صنفين ، فمنهم عقلانين واقعيين وآخرين لا عقلانيين وغير واقعيين ، وأن أفكار الناس تؤثر على يلوكهم فنري أن الأفراد غير منطقي التفكير تصدر عنهم سلوكيات سلبية مثل القلق والعدوان والشعور بالذنب بسبب تفكيرهم اللاعقلاني الذى يترتب عليه التفكير والسوك الانفعالي ، ويمكن التغلب عليه بزيادة درجة إدراك الفرد للأمور وكيفية تفسيره وفهمه لها .
العلاج العقلاني والأساليب العلاجية الأخرى :-
1- العلاج العقلاني _الانفعالي والتحليل النفسي :-
أشار "الطيب" إلي أن التحليل التفسي يقوم على تطبيق فنيات التداعي الحر وتحليل الأحلام ، والتأويلات التحليلة المباشرة التي يقدمها المحلل للمريض ، في حين يندر استخدام ذلك في العلاج العقلاني لأنة يرى أن معظمها لا علاقة لها بشفاء المريض ، وتستغرق الكثير من الجهد والمال ومع ذلك إلا أن المعالج العقلاني أقرب إلي هورني وفروم وألكسندر منه إلى التحليل التقليدي ، وكما هو الحال بالنسبة للتحليليين الجدد فإن المعالج العقلاني يستخدم الكثير من التأويل المباشر ليوضح لمرضاه كيف أن سلوكهم الماضي مرتبط بسوء قيامهم بأدوارهم الوظيفية ، وكيف أنهم تعرضوا لأفكار زاتحاهات مدمرة لأهدافهم في الحياة ، ثم يقوم بمهاجمة هذه الأفكار لدى العميل .
كما يزكر"عقل" أن "إليس" وفرويد يلتقيان في تأكيدهما على مبدأ اللذة والغرضية في الدافعية ، والضبط العقلي للانفعالات ، وفي حين يرى "فرويد" أن القلق العصابي نتيجة تهديد دفاعات (الهو) واندفاعها نحو الشعور ، نجد أن "إليس" يعزو مصدر العصاب للمطالب اللاعقلانية ، كما أن "إليس" يختلف مع فرويد ويونج فى مفهوم اللاشعور ، حيث يرى "إليس" أن الإنسان لدية أفكار ومشاعر ومعتقدات تحت مستوي الشعور ، حيث يرى "إليس" أن الأنسان لدية أفكار ومشاعر ومعتقدات تحت مستوي الشعور بقليل ويمكن إرجاعها للشعور عن طريق التساؤل الموجه عقلانياً.
2- العلاج العقلاني_الاتفعالي والعلاج المتمركز حول العميل :-
يشير (ملكيه) إلى أن هناك تقارباً بين أهداف الاتجاهين ، فنجد "روجرز" يوضح أن الشخصية الإنسانية بعد انتهاء العلاج تتسم بانخفاض التوتر ونقص الشعور بالتهديد وزيادة الشعور بالتكيف ، والتحكم الذاتي وتقبل الذات والشعور بالثقة ، وهذه هي تقريباً نفس أهداف العلاج العقلاني .
ورغم التقارب والتشابة بين المنهجين إلا أن العلاج العقلاني الانفعالي يتناقض _في الأساليب_ مع أسلوب "روجرز"، ذلك أن "إليس" يصر على الاعتماد على الذات في القضايا الخلقية وعلى عدم اللوم الخلقي للذات أو لذات الآخرين وتسامحاً في النظر إلي الواقع بينما يعتقد "روجرز" أن الأنسان خيذر بطبيعته وأن ذلك يؤدى إلى قرارات صحيحة واعتبار غير مشروط للذات ، ويرفض "إليس" مفهوم "روجرز" في ضرورة إقامة علاقة دافئة مع العميل بوصفها شرطاً لنجاح العلاج ، بل يرى العكس لأن ذلك يدعم المطلب اللاعقلاني للقبول .
3- العلاج العقلاني_ الانفعالي والعلاج السلوكي :-
رفض السلوكين الأوائل دور العمليات المعرفية الوسيطة وركزوا فقط على العلاقة بين المثير والاستجابة ،لكن السلوكيون الجدد أمثال "ولبي دولار،وملير،وباندورا" أكدوا على العلاقة بين التفكير والسلوك ،ويعطون أهمية خاصة للعمليات المعرفية في دراسة الشخصية ،حيث يؤكدون جميعاً على دور العمليات الداخلية (كالتفكير_التمثيل العقلي_الانتباة الانتقائي) التي تتوسط بين المثيرات والاستجابات .
وهكذا نجد تقارباً وتشابهاً كبيراً بين معطيات العلاج العقلاني والعلاج السلوكي ويكمن الخلاف بين الاتجاهين في أن العلاج العقلاني يركز
وربما كانت أكبر محاوله لادخال العقل والمنطق في مجال الارشاد والعلاج النفسي كما يقول "باترسون " هي تللك المحاولة التى قام بها " اليس" في أوائل عام 1950م تحت اسم العلاج العقلاني الانفعالي ، والتي قدم من خلالها فروضاً متقدمة لنظريته ، والتي مؤداها أن الاحداث النشطة لا تسبب العواقب الانفعالية ـ ولكن نظام المعتقدات غير العقلانية عند الفرد هي المسببة لتلك العواقب .
لذا استقطب هذه النظرية اهتمام علماء النفس بوجه عام وعلماء النفس الارشادي والعلاجي بوجه خاص باعتبارها نظرية في الشخصية وذلك لاهتمامها الواضح بالعمليات المعرفية والعقلانية ، والتي تعد ذات أهمية بالغة فى فهم وتغيير السلوك الانساني ،ولقد نالت هذه النظرية احتراماً متزايداً في السنوات الاخيرة ، لذا يقرر عدد من علماء النفس أمثال روبنز ، وسارنوف ، وكاتز ،وستوتلاند ، ولف أن الشفاء وتغيير الاتجاهات يكمن فى تنمية الوعي العقلاني ومهاجمة الاطار المرجعي المعرفي .
الجزور التاريخية لنظرية "اليس" :-
إن هذا المنهج الجديد في تناول الاضطرابات الانفعالية يقوم علي دعائم فلسفية موغلة في القدم وتعود بالتحديد إلى مدارس فلسفية يونانية أسسها زينون عام 3000 ق.م ،ومن أهم هذه المدارس المدرسة الرواقية ، والتي أطلف عليها المسلمون اسم المدرسة أصحاب المظلة ، وحكماء المظال واصحاب الاسطون والروحانيون .
ويرى أصحاب هذه المدرسة أن فكرة الانسان عن الاحداث هي المسئولة عن اعتلال مزاجه ، أى أن المشكلات النفسية ترجع بالدرجة الآساس الى أن الفرد يقوم بتحريف الواقع والحقائق بناء ً على مقدمات مغلوطة وافتراضات خاطئة ، وهذا ما يعبر عنه "ابكتيتوس" بقوله : (إن الناس يضطربون ليس بسبب الأشياء ولكن بسبب وجهات نظرهم التي يكونونها عن هذه الأشياء ).
ويذكر (عيد) أن العلاج العقلاني الانفعالي استند إلى فكر الفيلسوف الاغريقي " أيبكيتوس" عن أن ما يجعل عقول الناس تضطرب ليس هو الاحداث وأنما افكارهم حول الاحداث .
ومن الأمور المتعلقة بهذا الموضوع أن البوذيين القدماء كانوا يقولون أن انفعالات الانسان تنشأ من طريقة تفكيرة ولكى يغير الفرد من انفعالاته يجب أن يغير من طريقة تفكيرة أولاً .
وفضلاً عن تأثير "اليس" بالفلاسفة القدامي وكتاباتهم أمثال ماركوس ، وأريليوس ، وسقراط ، وكنت ، وشكسبير ، فأنة تأثر أيضاً باسهامات العديد من علماء النفس والمعالجين النفسيبن ولا سيما التحليلين، بالرغم من اعتراضه على العديد من آراهم العلاجية ، والتى تركز على الجانب الانفعالي بأعتبارة مفتاح الشفاء والتغيير في السلوك ومن أبرز من تأثر بهم " إليس" الكسندر فرنش ، كيلي ، كارين هورني ، وادلر الذى يعتبره "إليس" المروج الرئيس للعلاج العقلاني فهو الذى يقول :
(أن سلوك الشخص ينبع من أفكار تحدد اتجاهه نحو الحياة وعلاقته بالعالم الخارجي) وهو بذلك يؤمن بأن الانفعالات العاطفية للفرد مرتبطة ارتباطاً قوياً بأفكاره ومعتقداتة .
وهذا وكانت البداية الحقيقية لنظرية العلاج العقلاني الانفعالي كطريقة علاجية منفردة على يد العالم الامريكي " اليس" المولود عام 1913م في بيتسبيرج في الولايات المتحدة الاميركية ، وحصل على درجة الباكلوريوس في إدارة الأعمال من جامعة المدينة في نيويورك، ثم حصل على شهادة الماجستتير عام 1943م ، وشهادة الدكتواره في عام 1947م في علم النفس الإكلينيكي . وكانت هذه البداية تحديداً في عام 1954م حيت بدأ "إليس" التحول من التحليل النفسي لطريقة علاجية تتجه نحو الاسلوب المنطقي المعتمدة على النموزج الفلسفي أكثر منه على النموزج النفسي .
وبدأ " أليس" الكتابة عن هذا الآسلوب الجديد فى العلاج النفسي في سلسلة في من المقالات منذ عام 1962م ، وعندما نشر كتابة " السبب والانفعال في العلاج النفسي" ضمن في صياغته الأولي أهم الأسس والتصورات والافتراضات والتي يمكن من خلالها فهم نظريته العلاجية ، والتي ركزت على العلاقة بين الانفعلات والتفكير .
ويشير(Padeskybeck ) الى ريادة الآراء التي قدمها "إليس" في تدشين نظريات العلاج النفسي المعرفي ، وذلك لكونه أول من وضع اللبنات الأولي لانتشار هذا الاسلوب في الارشاد والعلاج النفسي ، وفي عام 1959م أسس "إليس"معهد الحياة العقلانية{Instute of Rational living }وهو مؤسسة علمية تربوية تهدف لتعليم أسس الحياة العقلانية ،وفى عام 1968م أسس "إليس" معهد الدراسات العلمية في العلاج النفسي العقلاني .
ويوضح (محمود) أن "إليس" صمم فى عام 1976م طريقتة في العلاج سُميت " علاج الانفعالات بالمنطق .
وفي صيف عام 1993م أعلن "إليس" عن تغيير مسمى هذا الاتجاه من العلاج العقلاني المعرفي الى العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي وذلك لتأكيد التبادل بين الجوانب" المعرفية، والوجدانية ، والسلوكية " (1) .
ويرى "إليس" أن المرضى يمارسون تخيلاً غير منطقي يؤدي بهم إلى حالة العصاب التي يتحكم فيها عدد من الافتراضات قليلة العدد واتجه إلى تكوين أسلوب علاجي يخاطب العقل وتمسك في نفس الوقت بأن للفرد استعدادات وراثية بيولوجية وفسيولوجية لا يمكن تجاهلها عند تطبيق أي نوع من العلاج (2) .
نظرة إليس للإنسان :-
ترتكز نظرية "إليس" على الافتراض القائل : بأن الفرد يولد وعنده القدرة على التفكير العقلاني المنطقي والتفكير غير المنطقي أيضاً . ولدي أى فرد الاستعداد للمحافظة على نفسه وسعادته ، وأيضاً للفرد نزعة إلى تدمير النفس ، وتجنب التفكير والإيمان بالخرافات ، ولوم النفس . أي أن للفرد الميل والاستعداد لكلا الاتجاهين وبموجب العلاج العقلاني فأن الأفراد يولودن ويميلون إلى كل ما يريدون أو يحتاجون لابد أن يجدوه ، وإذا لم يجدوا ما يريدون فأنهم يشجبون أنفسهم ، ويشعرون بالحزن والألم ، وترى نظرية العلاج العقلاني على أن تفكير الإنسان وانفعاله وسلوكه عادة عن طريق إدراك موقف معين . ويرى " اليس" أن الفرد عندما ينفعل فأنه يفكر ويعمل وعندما يفعل فإنه ينفعل ، وعندما يفكر فإنه ينفعل ويفعل .ولكي نفهم سلوك خداع النفس يجب أن نفهم كيف يشعر الناس ويفكرون ويتصرفون .
ويختلف "إليس" مع وجهة نظر الفرويدية للطبيعة الإنسانية ، حيث أن الإنسان ليس حيوان بيولوجياً والغرائز تتحكم في سلوكه ، فهو يرى أن الفرد فريد وعنده القدرة على فهم العجز عنده وتغيير النظرة أو القيم التي غرست فيه منذ الطفولة ، ولدية القوة على مواجهة نظام القيم عنده وترسيخها في اعتقادات وآراء مختلفة ، كذلك لم يقبل "إليس" وجهة النظر الوجودية التي ترى أن الفرد عنده ميل إلى تحقيق قدراته .ولذا فإنه مقتنع بأن الفرد إذا اشترط بأن يفكر أو يشعر في طريق محدد فإنه ربما ينوي أن يستمر في ذلك السلوك حتى لو أدرك بأن سلوكه هو خداع للنفس ، وعلى المعالج أن يبحث في الجذور التي تؤدي إلى سلوك خداع النفس .
ويقدم "إليس" بعض الافكار أو التصورات والفروض حول طبيعة الإنسان والاضطرابات الانفعالية ، ويلخصها " باترتسون" فيما يلي :-
1- الإنسان كائن عاقل متفرد في كونه عقلانياً وغير عقلانياً وحين يفكر ويتصرف بعقلانية يصبح ذا فاعلية ويشعر بالسعادة .
2- إن الاضطراب الانفعالي والنفسي هو نتيجة للتفكير غير العقلاني .
3- ويرجع التفكير غير العقلاني في أصله إلى التعلم المبكر غير المنطقى ، والفرد يكتسب ذلك من والديه بصفة خاصة ومن الثقافة التي يعيش فيها .
4- الإنسان كائن ناطق ، والتفكير يتم عادة من خلال استخدام الرموز الكلامية، ولما كان التفكير يصاحب الانفعال والإضطراب الانفعالي .
5- إن استمرار حالة الاضطراب الإنفعالي نتيجة لحديث الذات {Self Verbalization} لا يتقرر بفعل الظروف والاحداث الخارجية فقط ولكن أيضاً من خلال إدراكات الفرد لهذه الأحداث واتجاهاته نحوها وتختلف طرق التعبير عن هذا الاضطراب فبعض الأفراد يصابون بالاكتئاب والبعض الاخر بالقلق أوالشعور بالنقص والدونية والضعف أمام مسئوليات الحياة ، وآخرون يدمنون المخدرات او يقدمون على الانتحار إلي غير ذلك.
6- يجب مهاجمة وتحدى الأفكار والانفعالات السلبية او المثبطة للذات وذلك بإعادة تنظيم الإدراك والتفكير بدرجة يصبح معها الفرد منطقياً. وهدف الارشاد والعلاج النفسي هو أن يوضح للعميل أن حديثة مع نفسه هو المصدر الأساسي للاضطراب الأنفعالي ، وأن يبين له كيف أن هذه الأحاديث الذاتية غير المنطقية وأن يساعده على تعديل تفكيره ، حتى بصبح أكثر عقلانية وبالتالي تفل الانفعالات السلبية أو سلوك إحباط الذات .
7- ترى هذه النظرية أن الأفراد هم متفردون ، وانهم عقلانيون وغير عقلانين في آن واحد ، فعندما يتصرفون ويفكرون بعقلانية يكونون فعالين وسعداء والعكس صحيح .
8- الأنسان ليس ضحية لظروف أو لماضيه ، ولكن الطريقة التي يتحدث بها الفرد إلى الأخرين أو يحدث بها نفسه ، هي التي تحدد مدى تكيفه .إلى أن نشرب أنفسنا بإستمرار بهذه الأفكار ، وفي النهاية فإن هذه الأفكار هي التي تشكل سلوكنا الظاهري ، ونقوم بتعميق هذه الاعتقادات غير المنطقية فى نفوسنا باستمرار وحتماً ستقودنا إلى عملية الإحباط والانهزام التي تحدث لنا (1) .
النظرة للمرض والاضطراب النفسي :-
تتماثل نظرة "إليس" للمرض أو الاضطراب مع نظرة "بيك" فيجادل "إليس" بأن المرضى الذين يعانون من اضطرابات القلق لديهم ميل كبير لأن يعتنقوا إعتقادات غير منطقية يرفضها معظك الناس الأسوياء والدليل الجيد على ذلك هو حقاً الحالة التي حصل عليها "نيومارك " وزملائه الذين وجدوا أن 65% من مرضى القلق _و2% فقط من الأسوياء وافقوا على العبارة ( من المهم أن يُحب الفرد أو يستحسن بواسطة كل فرد من مجتمعه) والعبارة ( يجب على الفرد أن يكون كمالياً تماما وكفؤاً وناجحاً ليعتبر نفسه ذا قيمة ) قد اُختيرت بواسطة 80% من مرضى القل مقارنة ب25% من الأسوياء (3) .
الشخصية من وجهة نظر "إليس" :-
بالرغم من عدم الاهتمام الواضح من جانب "إليس" بتكوين نموزج نظرية للشخصية ، إلا أنه صاغ مجموعة من المفاهيم والأسس التي تسهم في التعرف على وجهة نظره في الشخصية ومنها :-
1- الأسس الفسيولوجية :-
يرى "إليس" أن البشر يتشابهون في الجوانب البيولوجية والفسيولوجية العامة مثل الأكل ، التنفس ، الحركة وأيضاً يتشابهون بأن لديهم استعداد فطرى وميل لأن يكونوا عقلانيين وغير عقلانيين ، ومن ناحية نجد أن لديهم طاقة كبيرة لأن يكونوا مولدين للسعادة بكونهم عقلانين ، ومن ناحية آخرى تجد أن لديهم طاقة هائلة في أن يكونوا قاهرين لانفسهم ويكرروا باستمرار نفس الأخطاء بكونهم غير عقلانيين .
ويرى "إليس" أن الجزء الأساس في نشأ الأعراض العصابية يكمن في الطبيعة الأنسانية وأصولها البيولوجية والفسيولوجية هذا ولم يستطيع "إليس" أن يوضح تلك الأصول ، إلا أنه يرى أن النزعة إلى الكمال والرغبة في إنجاز الأعمال عند أعلى مستوى ومن الإتقان ، وتكاد توجد عند الجميع بفضل الأسس البيولوجية .
2- الأسس للاجتماعية :-
يرى "إليس" أن التفكير غير العقلاني والتعود على التدمير الذاتي وعدم المسامحة ترجع في أصولها ونشأتها إلي التعلم المبكر وغير المنطقي ، فالفرد لديه الاستعداد البيولوجي لذلك التعليم ، والذى اكتسبه من والدية بصفة خاصة وغالباً ما يتفاقم التفكير غير العقلاني بسبب تدني المستوي الثقافي والاجتماعي ،وبسبب تزايد الضغوط العائلية والاجتماعية ، فمن خلال عملية النمو يتعلم الفرد التفكير والشعور بنفسه وباللآخرين فى ظل ما يستدخله أثناء التنشئة الاجتماعية وما ينميه من أحاديث داخلية .
هذا ويرى "اليس" أننا إذا نشأنا في مجتمع ما فإننا نميل لأن نكون ضحية الأفكار التي تشكل سلوكنا الظاهري ، وتقوم بتعميق هذه الاعتقادات غير المنطقية في نفوسنا باستمرار ، والتي حتماً ما ستقودنا إلى الإحباط والانهزام .
3- الأسس النفسية : نظرية (A.B.C)
يقرر "إليس" في نظريته (العلاح العقلاني الانفعالي) أن الاحداث التي تطرأ على البشر تتضمن عوامل خارجية تمثل أسباباً للاضطراب النفسي، والبشر ليسوا مسيرين كلية ، وبإمكانهم أن يتجاوزا جوانب القصور البيولوجية ، والاجتماعية والتفكير الصعب من خلال التحكم بالطريقة التي ينظرون بها إلى الأحداث وتحديد ردود الأفعال التي يختارونها لمواجهة تلك الاحداث .وتتمثل الأسس النفسية للشخصية عند "إليس" في نموزج أسماه (ABC) والذى يعتبر الجانب الرئيسي في العلاج العقلاني من الناحية النظرية والتطبيقية .
ويشير "كوريسيني" إلى أن دور الأفكار غير العقلانية في الاضطرابات العاطفية إنما يتضح في نموزج "إليس" للشخصية والمعروف بنظرية (ABC) .
حيث ترمز (A) إلى المثير والمسبب للانفعال ، وهي عموماً المواقف والأحداث التي تظهر فيها أو أثنائها المشكلة النفسية ، وقد تكون أحداثاً خارجية أو داخلية ، والأحداث الخارجية هي التي يمكن أن يراها اللآخرون فضلاً عن صاحب المشكلة.
أما الأحداث الداخلية فهي أفكار الفرد المتعلقة بالأحداث الخارجية . و(B) تشير إلى فكرة الإنسان أو اعتقاده (Belive) بالنسبة للحدث المثير وقد تكون جامدة أو مرنة ، وغالباً بكلمة " يجب" أو "لابد.."وعندما يتمسك الانسان بهذه الأفكار فإنه يميل إلى استنساخ أفكار غير عقلانية . وعندما تكون هذه الفكره مرنة فإنه يطلق علية الأفكار العقلانية ، وهي غالباً ما تأخذ شكل من الرغبة أو الأمنية أو التفضيل إلا أنها لا تتحول إلى مطالب وشروط مطلقة ولازمة ، وعندما يتمسك الإنسان بهذه الأفكار المرنة فإنه يميل إلي أن يستنتج منها أفكارا عقلانية .
ويشير (C) إلى النتائج الانفعالية (Consequences) والسلوكية لأفكار الشخص ومن هنا فإن ما يحدد النتائج الإنفعالية ليس الحدث المثير بل الفكرة المرتبطة به .
ويرى "إليس" أن النتائج الانفعالية التى تنشأ من الأفكار الجامدة غير عقلانية هي نتائج تثير الاضطراب، ويطلق عليها النتائج السلبية غير المناسبة ،أما النتائج التي تنشأ عن الأفكار المرنة العقلانية فهي لا تؤدي إلى الاضطراب ،ويطلق عليها النتائج المناسبة حتي لو كانت سلبية
كما يرى كذلك أن الانفعالات السلبية غير المناسبة تكون غير وظيفية لأنها تؤدي إلى الشعور بألم وانزعاج نفسي شديدين وتدفع الإنسان إلى التصرف بأسلوب ضعيف منكسر ، وتحول بينه وبين التصرف بطريقة تحقق أهدافه من خلال مواجهة العقبات والعوائق .
المفاهيم والمسلمات الأساسية لنظرية البرت إليس :-
إن الكثير من المفاهيم التي توصل إليها "إليس" من خلال خبرتة في العلاج النفسي ، لم تكن مفاهيم وصياغات جديدة بل توصل إليها الكثير من الفلاسفة والمعالجين القدامي والمعاصرين لـ "إليس" ، ومن هؤلاء العلماء والمفكرين " ادكنز، أدلر ،الكسندر ، فرنش ،كاميرون ، ديجرين وجوكلر ، وبالرغم من الاختلافات الظاهرة في أسماء المفاهيم واللآراء التي ابتكرها هؤلاء العلماء والمفكرين ، إلا أن هذه المفاهيم تُجمع على أن الاضطرابات النفسية لا يمكن عزلها عن الطريقة التى ينظر بها الفرد لنفسه وللعالم من حوله .
هذا وقدم "إليس" عدداً من المبادئ والمسلمات المرتبطة بنظريتة وهي :-
1- العقلانية واللاعقلانية :-
يمكن تعريفها على أنها استخدام المنطق في تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة ، وهي تسهم في تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة ، وهي تسهم في تحقيق هدفين هامين هما المحافظة على الحياة ، والأحساس بالسعادة النفسية والتحرر من الألم في ظل التفاعل الملائم مع العواطف . في حين أن عدم العقلانية تشتمل على التفكير بطرق تقف حجر عثرة في سبيل تحقيق الهدفين السابقين.
2- العقل والانفعال :-
يرى "إليس" أن التفكير والانفعال الإنساني ليسا عمليتين مختلفتين ، وإنما هما عمليتان متداخلتان بشكل كبير وبصورة ذات دلالة تفاعلية تبادلية ، وتعتبران في بعض الأحيان نفس الشئ كما هو الحال بالنسبة لعمليتي الحياة الاساسيتين الحس والتحرك ، ولا يمكن النظر إليهما بطريقة تفصلهم عن بعضهم البعض بصورة تامة هذا ويعد الانفعال في حقيقتة نوع من التفكير غير العقلاني المنحاز ذاتياً وهو أيضاً يعتبر عملية اتجاهية معرفية حيث يستجيب البشر للمواقف الحياتية المختلفة بشكل ينطوي على حكم حدسي وفكري مسبق ، وبالتالي يأتي القرار النهائي بالاستجابة لتلك المواقف منسجماً مع ما يحققه الانفعال الأصلي أو يحول دونه .
3- الانفعالات الملائمة وغير الملائمة:-
يرى "إليس" أن الانفعالات الملائمة هي تلك المشاعر التي تحقق أهداف الحياة السعيدة ، وهي مهمة وضرورية للإنسان ، وبدونها لا يستطيع أن يشعر بالسعادة . أما الانفعالات غير الملائمة فبعضها مهم للإنسان لانها تحافظ على أساس الأفكار غير العقلانية ، مما تؤدي إلي إعاقة السلوك الواقعي للإنسان والانفعالات غير الملائمة لا يكون لها وجود إلا في ظل استدخال الفرد لها بشكل شعوري حيث يصوغها في جمل او صور لا تخرج عن العبارتين التاليتين (هذا حسن بالنسبة لي ) أو (هذا سئ بالنسبة لي) ومن هنا فأن السلوك المضطرب هو نتاج الاستمرار بالحديث الداخلي الذاتي الذى يتكون من الأفكار غير العقلانية .
4- الميول البيولوجية :-
يرى "إليس" أن الأنسان يولد ولدية الاستعداد للتصرف بالطريقتين العقلانية وغير العقلانية ويصغ ذلك بقولوه :" إن الافراد مركبون بيولوجياً على أن يفكروا بطريقة ملتوية في مناسبات عديدة ، أو أن يهزموا أنفسهم وأن يبالغوا في كل شئ وأن يشعروا بالإثارة ويتصرفوا بغرابة لأتفه الأسباب ، ولديهم أيضاً استعدادت قوية لأن يفكروا بسهولة وبشكل طبيعي ، وهم مبتكرون ويتعلمون من أخطائهم ، وهم يغيرون من أنفسهم مرات عديدة (1) .
فروض نظرية العلاج العقلاني _الانفعالي :-
قدم "ألبرت إليس" 32 فرضاً بالنظرية وطريقة العلاج العقلاني_الانفعالي ، وعرض عددا كبيرا من البحوث التجريبة والاكلينيكية التي تؤكد صحة هذه الفروض وفيما يلي تلخيص لهذه الفروض:-
أولاً : فيما يتعلق بالنظرية :-
• التفكير يُحدث الانفعال .
• تتأثر الحالة المزاجية للفرد بمعرفته ومعتقداته.
• توجد علاقة متبادلة بين كل من المعرفة والانفعال والسلوك وبين بعضعها البعض.
يتأثر انفعال الفرد وسلوكه بما يلي :-
الدلالة اللفظية للأشساء وما يقوله الفرد لنفسه عن هذه الأشياء.
الوعى والبصرية وتنبية الذات .
التصور والتخيل .
التغذية الرجعية الحيوية وضبط العمليات الفسيولوجية .
توقع الفرد .
مركز التحكم لدى الفرد.
خصائص الفرد ، من دافعية وغرضية وسببية.
ثانياً : فيما يتعلق بالعمليات المعرفية الوسيطة للاضطراب الانفعالي :-
يضطرب انفعال الفرد وسلوكه بما يلي :-
• التفكير غير العقلاني .
• خطأ الفرد فى تقدير لذاته .
• إخفاق حيل الدفاع النفسي .
• إنخفاض درجة تحمل الفرد للإحباط .
• توقع الفرد للتهديد .
ثالثاً : فيما يتعلق بفنيات العلاج :-
من الفنيات الفعالة في العلاج العقلاني_ الانفعالي ما يلي :-
• العلاج النشط الموجه.
• الدحض والاقناع .
• الواجبات المنزلية .
• تبسيط الإهانة وحسن الظن بالأخرين .
• تنفيس الانفعالات .
• التبصير بالطرق الفعالة للتغير السلوكي .
• ضبط النفس وترويضها .
• تعليم مهارات الكفاح رغم الشدة والتهديد .
• التحويل والإلهاء.
• استخدام الأساليب التربوية وإعطاء المعلومات .
• تقليل قابلية الفرد للتأثير بإيحاءات الآخرين .
• تبصير الفرد بإنتقاء نمازج السلوك التي يقتدي بها ويقلدها .
• زيادة مهارات الفرد في أسلوب حل المشكلات .
• القيام بالدور والتدريب السلوكي .
• التدريبق على المهارات .
أهداف العلاج العقلاني _ الانفعالي :-
إن هدف وجوهر العلاج العقلاني –الانفعالي يكمن في مناهضة الفرد لهذه الأفكار الخاطئة ، وتبني أفكار معرفية عقلانية ، وبروز فهم معرفي جديد يتبعه تعديل في ردود الأفعال الانفعالية السلوكية ، بحيث تكون أكثر واقعية ومتناغمة مع الأحداق والمواقف إضافة إلي العمل على إزالة أو خفض النتائج غير المنطقية أو الاضطرابات ، ويمكن تلخصيها الاهداف في ما يلي :-
مساعدة المريض في تعرف أفكاره غير العقلانية التي تسبب ردود فعل غير مناسبة لدية نحو العالم .
حث المريض على الشك والاعتراض على أفكارة غير العقلانية .
محاربة الافكار والمعتقدات غير العقلانية والخاطئة لدى المريض .
التخلص من الافكار والمعتقدات غير العقلانية بالإقناع العقلي والمنطقي ، وأعادة تنظيم نظام المعتقدات لدى المريض .
إزالة أو تقليل النتائج الانفعالية غير العقلانية لدى المريض ، وبصفة خاصة تقليل القلق(لوم الذات) وتقليل العدوان و الغضب ( لوم الآخرين والظروف) .
تحقيق المرونة والانفتاح الفكرى وتقبل التغيير ، وإعادة المريض إلى التفكير العملى والتحكم في انفعالاتة وسلوكة عقلانياً (4).
يؤكد "البرت إليس" كما أكد من قبله" أدلر" إن العلاج يجب أن يتضمن عملية إعادة تربية ، وضرورة التحاور مع المريض بكل الضروب المنطقية من الحوار لكي نبين له الجانب الخاطئ في تفكيرة ،مع دفعه مباشرة إلي استنتاج الطرق الصحيحة وتطبيقها ،والدحض المستمر للأفكار الخاطئة مع الإقتناع يساعد على كشف أن طرق تفكيرنا السابقة لم تعد تجدي (5) .
ويري "زهران" أن على المعالج أن يحث العميل على فهم تبني الأفكار التالية :-
1- أن الأحداث الماضية أو الحاضرة لا تسبب الاضطرابات السلوكية والأنفعالية ، بل أن الأفكار غير العقلانية ذات الصلة بهذه الأحداث ، هي التي تؤدي في المقام الأول إلي حل المشكلات السلوكية والانفعالية .
2- بغض النظر عن الكيفية التي تم بها الاضطراب في الماضي ،فأن الاضطراب في الحاضر إنما يعود ألى أستمرار العميل في التفكير غير العقلاني .
3- بالرغم من أن الأنسان يميل إلي الاضطراب النفسي من جراء الأفكار المنكرة والضعيفة الهازمة لذاته ، فإنه يستطيع التغلب على مشكلاته واضطراباته إذا ثابر على تدي الأفكار غير العقلانية ومقاومتها بالتصرف بطريقة مخالفة لها .
ويشير "كورى" إلى أن الهدف العلاجي عند "إليس" يتمثل في محاولة تقليص نظرية الإحباط والانهزام التي يتبناها الفرد حول نفسه ، والأقلال من الأفعال غير التواؤمية وحل مشكلات الحياة ، وجعل العميل على بينة من أن الكلام المحبط غير المفيد هو المصدر الأساس للاضطرابات الإنفعالية . إن العلاج العقلاني لا يهدف إلى إزالة الأعراض وإنما يشجع العميل على تحرير نفسع من الأعراض الواضحة وغير الواضحة (1) .
عملية العلاج العقلاني _الانفعالي :-
هي عملية تعليم المريض التفكير العقلاني بأسلوب نشط . وتتضمن العملية علاج اللاعقل بالعقل ، واللامنطق بالمنطق ، والخرافة بالعلم . وعملية العلاج عقلية بحتة .
ومهمة المعالج هي مساعدة المريض على التخلص من الأفكار غير العقلانية وغير المنطقية وإستبدالها بأفكار عقلانية ومنطقية . ويجب أن يتوفر في المعالج الثقافة الواسعة والطلاقة اللفظية والقدرة على التعليم والشرح والتفسير ولإقناع .
والخطوة الأولي فى عملية العلاج هى التعرف على أفكار المريض ، وتحديد غير العقلاني وغير المنطقي والخرافي منها .
والخطوة الثانية هي تعريف العميل أنها غير منطقية وغير معقولة ، وأنها أدت إلى إضطرابة الانفعالي ، مع زكر آمثلة من سلوكه المضطرب .
والخطوة الثالثة هي تعريف المريض أن اضطرابه يستمر إذا أستمر يفكر تفكير غير منطقي أى أن تفكيره غير المنطقي الحالي مسئول عن حالته ، وليس استمرار تأثير الأحداث السابقة .
والخطوة الرابعة هي تغير تفكير العميل وإلغاء الأفكار غير العقلانية .
والخطوة الخامسة والاخيرة هي تناول الأفكار الخرافية العامة ، وإرساء دعائم فلسفية عقلانية جديدة للحياة بحيث يتجنب العميل الوقوع ضحية لأفكر ومعتقدات غير عقلانية وخرافية أخرى .
ونتيجة عملية العلاج العقلاني _الانفعالي هي ان يصبح لدى العميل فلسفة حياة عقلانية ،وإحلال المعتقدات والأفكار العقلانية محل غير العقلانية . وإذا ما تحقق ذلك فإن الانفعالات السالبة المؤدية إلى الاضطراب تزول هى والسلوك المصاحب لها .
ويتناول العلاج العقلاني _الانفعالي مشكلة تحقير الذات وخفض قيمة الذات ، حيث يساعد المعالج المريض في أن يعتقد أن له قيمة لأنه موجود كشخص له أفكاره وانفعالاته وسلوكه مهما اختلف عن أفكار وانفعالات الآخرين ،وأنه طالما هو حي، فإن في إمكانه تعديل افكار وضبط انفعالاته وتغيير سلوكه بحيث يستمتع بالحياة بصورة أفضل .
وهكذا ، يتعلم المريض كيف يتعرف على مدركاته وأفكاره غير العقلانية وغير المنطقية ويغيرها إلى مدركات وأفكار عقلانية و"إلى فلسفة حياة أكثر واقعية ، وتتغير شخصيته وسلوكه إلى أحسن ، ويتم العلاج .
أساليب العلاج العقلاني _الانفعالي :-
تتضمن العلاقة العلاجية إتاحة فرصة التعبير الانفعالي مع المساندة والشرح والتفسير بقصد تكوين الألفة والاستبصار ، مع كامل احترام المريض وتقبلة بصرف النظر عن سلوكه . ويسمح للمريض بالتعبيير عن مشاعره بالتداعي الحر والتنفيس الانفعالي وعن طريق لعب الدور وغير ذلك من أساليب بالتغبير . ويتجة المعالج بالتدريج وبحرص نحو التفكير غير العقلاني ةغير المنطقي للمريض . ويكون التركيز على أفكار ومشاعر وانفعالات وسلوك (هنا والآن) .
والإسلوب الأساسي في العلاج العقلاني _الانفعالي أسلوب نشط ومباشر ويقوم المعالج بدور المعلم النشط الذى يعيد تعليم المريض (المتعلم) . ويوضح المعالج الجزور غير المنطقية لاضطراب المريض . ويستمر المعالج في كشف التفكير غير المنطقى الحالي للمريض ، وكيف أنه هو السبب في سلوكه المضطرب ، ويعلمه كيف يعيد التفكير ليصبح منطقياً ومعقولاً .
ويستخدم المعالج أسلوب الهجوم المباشر المنسق على الأفكار غير المنطقية وغير العقلانية والخرافية للمريض والتي سبق أن تعلمها وما زال يحتفظ بها . ويشجع المعالج المريض بوضعه في خبرات عملية (كأن يشجعه لعمل شئ يخاف أن يعمله ونتيجة لفكرة خاطئة لديه) مما يعدل الفكر والسلوك معاً.
ويستخدم المعالج المنطق والتعليم والايحاء والاقناع والمواجهة ليعرف المريض بإفكاره وفلسفاته غير العقلانية ، وكيف أنها تؤدى إلى سلوك مضطرب إنفعالياً ، ثم يغير تفكير المريض ، ومن ثم إنفعالته بإحلال الفلسفات غير العقلانية بأخرى عقلانية ومنطقية . ويستمر المعالج في تعليم المريض _كإجراء وقائي _ الأفكار غير العقلانية في الثقافة التي يعيش فيها بصفة عامة ، ويعلمه الأفكار المعقولة .
ويكلف المريض بعمل واجب منزلي ويدور حول أنشطة محددة في الاسرة وفي العمل ...الخ . والمعالج يعلم المريض النظرية العقلانية الانفعالية عن طريق (العلاج بالقرأة) Bibliotherapy.
ويعمل المعالج على تنمية استبصار المريض . والاستبصار هنا له ثلاثة أشكال :-
• معرفة جزور وأسباب الاضطراب السلوكي .
• معرفة أن الأسباب الأصلية تستمر في تأثيرها بسبب المعتقدات الخاطئة التي تستمر معه .
• معرفة والاعتراف بضرورة التغلب على الاضطراب الانفعالي بملاحظة ومراجعة وتحدى نظام المعتقدات وتغيير الفسفه غير المنطقية فكراً وسلوكاً .
وهكذا يتم الهجوم على المعتقدات غير العقلانية عن طريق الدحضDispute(D). وهذا يؤدى إلى أثر Effect (E) ذى شقين :أثر معرفي cognitive Effect(cE)، وأثر سلوكيbe_havioural Effect (bE) ـ وتصبح المعتقدات غير العقلانية معتقدات عقلانية ، وتصبح النتائج غير العقلانية نتائج عقلانية . ويكون الأثر النهائي هو تحقيق الصحة النفسية .
هذا وقد يكون العلاج العقلاني _الانفعالي قصير الأمد أو طويل الأمد وقد يكون فردياً أو جمعياً _ ويستغرق في المتوسط حةالي 25 جلسة .
وتتلخص فنيات العلاج العقلاني _الانفعالي :-
Experiential-Emotive Tecbniques _فنيات خبرية انفعالية
تتعرض للمشاعر وردور الفعل تجاه المثيرات والمواقف والخبرات المنشطة.
Behayioural Techniques_ فنيات سلوكية
تغير السلوك غير المرغوب فيه وتغيره إلى سلوك مرغوب وتدعمه .
cognitive Techniques فنيات معرفية_
تغيير الأفكار غير العقلانية والفلسفة غير المنطقية إلى أفكار عقلانية وفلسفة منطقية .
وتدعم هذه الفنيات : المحاضرات والحوار والمناقشات ، والتشجيع والحث ، والتدريب والتوكيد ، والمواجهة الدرامية المباشرة ، والتحصين التدريجي ، وتعليم المنطق والتفكير العلمي .
استخدمات العلاج العقلاني _ الانفعالي :-
تتعدد استخدامات العلاج العقلاني _الانفعالي وأهمها ما يلي :-
• الأمراض العصابية : مثل القلق ، والخواف ، والاكتئاب ، والهستريا .
• الاضطرابات السلوكية : مثل الجناح ، والسيكوباتية ، والإدمان .
• المشكلات : مثل المشكلات الزواجية والمشكلات الأسرية ، ومشكلات الشباب (4).
الأفكار العقلانية وغير العقلانية :-
يشير نظام الأفكار والمعتقدات بشكل عام إلى جوانب معرفية تشتمل على رؤية ذاتية خاصة بالفرد لذا فهي تخضع للصحة والزيف ، وذلك تعبيراً لها عن الاتجاهات التي تشير إل جوانب تقويمية وجوانب تتسم بالحب أو الكراهية .
ويرى "إليس" أن الأفكار العقلانية هي تلك الأفكار التي يمكن التحقق منها من خلال الحجج والبراهين ، أما الأفكار غير العقلانية هي تلك الأفكار التي لا يمكن التحقق منها ، ومن ثم فهي تلك الأفكار الخاطئة وغير المنطقية ، وغير الواقعية التي تتسم بعدم الموضوعية والمبنية على معتقدات وتوقعات ،وتعميمات خاطئة ناتجة عن سوء الظن ، والمبالغة والتهويل بما لا يتسق مع الإمكانات العقلية للفرد .
سمات الافكار العقلانية :-
يرى "إليس" أن المعتقدات العقلانية لها عدة سمات أو مميزات وهي :-
1- الموضوعية : ويتمثا ذلك في أنها تشتق من حقائق وأدلة موضوعية وليس من نظرة شخصية .
2- المرونة : حيث تتشكل في صورة رغبات وأمنيات وتفضيلات لا تصل إلى المطلقات الازمة .
3- تساعد على نحقيق أهداف الحياة .
4- تقلل من الصراعات الداخلية لدى الفرد.
5- تقلل من التصادم مع اللآخرين المحيطين بالفرد .
6- تساعد على التفكير في عدة صيغ من الاحتمالات .
سمات الأفكار غير العقلانية :-
يرى "إليس" بعض السمات التي تتسم بها الأفكار غير العقلانية وهي :-
1- المطالبة : ويتمثل ذلك فى وجود مجموعة من الصيغ والكلمات التي تتشكل على هيئة مفروضات ، وذلك ناتج عن الميل إلى الكمال والرغبة في إنجاز الأعمال عند أعلى مستوى من الإتقان والمثالية بشكل لا يتلاءم مع إمكانيات الفرد الواقعية ، ويردد الفرد باستمرار كلمات مثل : ( يجب ، ينبغي ) .
2- التعميم الزائد : ويتمثل ذلك في تبني أفكار عامة بناءاً على خبرات محدودة، كأن يعتقد الشخص أنه فاشل في كل شئ إذا فشل مرة واحدة .
3- التقدير الذاتي : ويتمثل ذلك في التحدث إلى الذات بطريقة انهزامية وسلبية عن طريق صياغة جمل بسيطة تستقر في الشعور أو اللاشعور . وتعتبر محكاً للمقارنات التي يقوم بها الفرد لذاته مع اللآخرين والتي تؤدي إلى تحقيق تقديره لذاته .
4- التهويل : ويتمثل ذلك في المبالغة في معنى أو أهمية الأحداث أو الخبرات ، كأن يشعر المرء أن عدم قدرته على تحقيق ما يصبو إليه كارثة عظيمة .
5-أخطاء في التفسير : ويتمثل ذلك في التحيز اللإدراكي نحو السلبية في الخبرات وهذا الخلل يعبر عن ذاته في التعامل مع الأحداث المختلفة مثل الفشل ، فقدان عزيز، الرفض .
6- عدم التجريب : ويتمثل ذلك في الخروج باستنتاجات اعتماداً على أدلة غير كافية وغير مجربة ، كأن يغضب الإنسان نتيجة كلمة أو نظرة غاضبة من شخص آخر ، وهذه الكلمة لم تكن بالاصل موجهة نحوه شخصياً .
7-التلقين(التكرار) : ويتمثل ذلك في استمرار الفرد عن طريق عملية التلقين الذاتي وهي تلك العملية التي يتحدث فيها الفرد مع نفسه حديثاً داخلياً مضمونه أنه غير كفء وفاشل في معالجة أموره بدليل النتائج السلبية التي تعرض لها .
8- السلبية : فمثل هؤلاء الأفراد يعتقدون أن سبب تعاستهم هو ظروف خارج إرادتهم مثل الحظ وليس بمقدورهم التغلب عليه لأن الظروف أقوى منهم .
9- الانهزامية : هي نمط من الشخصية تتجنب صعوبات الحياة بدل مواجهتها ، وتؤكد على أهمية عدم الوقوف في وجه القوى.
10- الاتكالية : حيث يعتمد الاتكالي على الاخرين وخاصه الأقوياء لان هذا ما يحلب له الراحة في أمور حياته .
11-العجز : هو من لا يستطيع التخلص من أحزان الماضي ومحو اثارها وجعلها في طي النسيان .
12- ضيق الأفق : الأشخاص الذين يتصفون بضيق الأفق يملكون حلولاً جاهزة ،فهنالك حل نموزجي لكل مشكلة وأن لم يصلوا إليه تحدث كارثة ، كما يعتقدون وهذا يشير إلى ضعف الجهاز النفسي لديهم .
13-عدم التسامح : أى أن العقاب الصارم هو الوسيلة الوحيدة لتصحيح الأخطاء ،مع عدم القدرة على مغفرة الإساءة حتي وإن كان الخطأ بسيطاً .
14- شدة الحساسية : أى أن الأفكار السوداوية عن المخاطر التي من المحتمل أن يقعوا فيها لا تفارق مثل هؤلاء الأفراد وأن الفشل يلاحق أعمالهم .
15- الإصرار على القبول التام : يرى أصحاب مثل هذه الأفكار أن الأخرين يجب أن يحبوهم بشكل مطلق ويكونوا راضين عنهم دائماً بغض النظر عما يفعلونه .
أنواع الأفكار غير العقلانية :-
الأفكار غير العقلانية هي في الأصل رغبات وأشياء يحبها الإنسلن ويفضلها ، إلا أنها أخذت طابع المطالب المطلقة والشروط الازمة التي يمكن التنازل عنها، وهنالك ثلاث أنواع من الأفكار وهي :
1- معتقدات تتعلق بالذات : مثل يجب أن أتقن كل شئ وإذا لم أفعل ذلك فإنه أمر فظيع لا يمكن أن أتحمله ومثل هذه المعتقدات تؤدي إلى الخوف ، والقلق، والاكتئاب والشعور بالذنب .
2- معتقدات تتعلق بالآخرين : مثل يجب أن يعاملني الناي معاملة حسنة عادلة ، وإذا لم يفعلوا ذلك فإنه أمر فظيع ، لا أتحملة وتؤدي هذه الأفكار إلي الشعور بالغضب والعدوانية والسلبية .
3- أفكار تتعلق بظروف الحياة : مثل يجب أن تكون الحياة بالشكل الذي أريده ، وإذا لم تكن كذلك فإنه أمر فظيع لا أتحمله ، وتؤدي هذه الأفكار إلى الشعور بالأسي والألم النفسي(1).
ويمكن تلخيص الأفكار غير العقلانية المسببة للاضطراب النفسي عند "إليس" :-
1. أن ينال الفرد الرضا والحب من كل فرد في المجتمع.
2. إذا سارت الأمور على غير مراد الفرد فهذه كارثة مدمرة .
3. يجب أن يكون الإنسان كفؤً تماماً حتى تتحقق قيمته .
4. بعض النّاس شريرون ومجرمون ولذلك لا بد من عقابهم .
5. المشكلات والاضطرابات تتسبب فيها عوامل وظروف خارجية ولا يتحكم فيها الفرد .
6. من الأفضل تجنب المصاعب والمسؤوليات الشخصية بدلاً من مواجهتها.
7. هناك دائماً حل صحيح وكامل لكل مشكلة يجب الوصول إليه وإلا حدثت كارثة.
8. ينبغي علي الفرد أن يحزن لما يصيب الآخرين من حوادث وكوارث.
9. ينبغي علي الفرد أن يكون مستندا علي الآخرين وان يكون هناك شخص اقوي يستند عليه.
10. تعتبر الخبرات الخاصة بالماضي هي المحددات الأساسية للسلوك في الوقت الحاضر.
11. إن الأشياء الخطرة والمخيفة تعتبر سببا للانشغال البالغ و يجب أن يكون الفرد دائم التوقع لها.
12. يجب أن يكون الإنسان قادرا علي التحدي والمنافسة والتفوق في كل المجالات الممكنة.
13. السعادة البشرية والنجاح هي أشياء يمكن الوصول إليها دون جهد.
وأضاف سليمان الريحاني فكرتين يري إنهما شائعتين في العالم العربي:-
1- ينبغي أن يتسم الفرد بالجدية والمسؤولية في تعامله مع الآخرين حتى تكون له قيمة ومكانة محترمة بين الآخرين .
2- لا شك أن مكانة الرجل تعد هي الأهم في علاقته مع المرأة.
3- وأضاف عبد الستار إبراهيم فكرة أخري هي :إن هناك مصدرا واحدا للسعادة وإنها لكارثة إذا أغلق هذا المصدر أو فقد (6).
وقد اختصر أليس هذه الأفكار في ثلاث أفكار رئيسة هي: -
1- لابد من التصرف بشكل جيد وأن أنال موافقة الآخرين ورضاهم وإلا سوف أكون غير كفء ولا قيمة أو جدوى لي .
2- يجب ألا أجد ظروف الحياة صعبة جدا وأن تكون مريحة ومناسبة وتوفر لي الأمان و إلا سوف يكون العالم مكانا مزعجا ولا يمكنني أن احتمله وستصبح الحياة لا تستحق أن نحياها.
3- لابد أن يعاملني الآخرون بطريقة جيدة في كل الظروف وفي كل الأوقات وإلا سوف يكونوا مصدر إزعاج لي (7).
محكات السواء النفسي عن " إليس":-
وضع "إليس" محكات يتم من خلالها الحكم على السلوك الإنساني من حيث السواء أو الاضطراب ، وهي كما يلي :
1- اهتمام الفرد بذاته وتحقيق رغباتة المقبولة .
2- الحصول على الاهتمام الاجتماعي وجعل رغباتة مقبولة على المستوى الاجتماعي .
3- تقبل الإحباط وإمكانية التعامل معه بواقعية .
4- المرونة في الأقوال والأفعال.
5- توجية الذات والاعتماد على النفس .
6- بقاء الفرد سعيداً على الرغم من عدم معرفتة مما يحمله له المستقبل .
7- القدرة على تحقيق السعادة على المدى الطويل .
8- التعهد ببذل محاولات خلاقة .
9- القدرة على مواجهة الماخطر .
11- الواقعية .
12- تقبل الذات .
13- الشعور بالمسئولية الذاتية عن الاضطراب الانفعالي وعدم لوم الآخرين أو الظروف البيئية على ذلك .
أسباب ظهور الأفكار الاعقلانية :-
ويري "إليس" أن الأفكار اللاعقلانية تنشأ في مرحلة الطفولة الباكرة حيث يكون الطفل حساسا لمؤثرات البيئة الخارجية كذلك فإن الطفل في هذه المرحلة يعتمد علي الآخرين وخاصة الوالدين في التخطيط والتفكير واتخاذ القرارات فإذا كان بعض أفراد الأسرة لاعقلانيين يعتقدون في خرافات ويطالبون الطفل بأهداف وطموحات لاتصل إليها إمكانياته فسوف يصبح الطفل لاعقلانيا (8).
حيث تلعب البيئة المحيطة بالفرد دوراً كبيراً في اكتسابه للأفكار اللاعقلانية من خلال وسائط التربية والتي منها الوالدين والمعلمين والأصدقاء ، ووسائل الإعلام ومن أسباب ظهور الأفكار اللاعقلانية ما يلي:-
1- أساليب المعاملة الوالدية السلبية :-
لأساليب المعاملة الوالدية السلبية دوراً في نشأة الأفكار اللاعقلانية ، من حيث افتقار العلاقة بين الوالدين والطفل للتفاعل الإيجابي والاحترام المتبادل فيشعر الطفل بانهزام الذات ، كما أن المهاملة الوالدية التي تؤكد على الرعاية المبالغ فيها في التنشئة ،هي غير صحيحة لأنها تجعل الطفل لا يتعلم كيف يتعامل مع المشكلات بنفسه ولا يشعر بالاستقلالية ولا يحترم قرارات الوالدين أو أحكامهما ، خائف من الوقوع في الخطأ وغير قادر على الدفاع عن نفسه ، حيث إن الوالدين الذين يظهرون توقعات عالية جداً تتجه نحو الكمال الزائد يتوقعون من أطفالهم أن يظهروا جوانب قوة متزايدة دون أى جوانب ضعف ، مما يشعر الطفل بأنة غير قادر على تلبية توقعاتهم ، خاصة عندما يقارنونه على نحو سلبي مع نجاحات الآخرين .
كما أتضح أن الوضع الأسري أو الظروف الأسرية السلبية تلعب دوراً في اكتساب الفرد للأفكار اللاعقلانية ، حيث تبين أن بعض المراهقين من الجنسين ممن يغيشون في مناخ أسري غير عادي مثل : ( أبناء المطلقين والذين يعيشون مع والديهم بل مع بدائل أبويه ) كانت لديهم أفكار لا عقلانية بدرجة مرتفعة والمرتبطة ببعض المتصاحبات والأعراض النفسية السلبية مثل الشعور بالاكتئاب النفسي المرتفع .
2- المستوى الاجتماعي والثقافي :-
أشارت نتائج دراسات قد أجريت أن الأفراد ذوي المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتوسطة ودون المتوسطة ظهرت لديهم بوضوح وبدرجة عالية عدداً من الأفكار اللاعقلانية أكثر من الأسر ذات المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية العالية .
كما تبين أن هنالك فروق بين الجماعات العرقية على مقياس الأفكار اللاعقلانية ، حيث توصلت النتائج إلى أن الأمريكيين من أصل اسيوي اتضح لديهم احتمالات أكبر في التصديق والاعتقاد في الخرافات التي تتعلق بالحظ أكثر من الأمريكيين غير الآسيويين.
إسهامات نظرية "إليس" في مجال علم النفس :-
كان لنظرية "إليس" إسهامات في مجال علم النفس يمكن إيجازها في النقاط الآتية :-
1- أكدت ووضحت العلاقة بين التفكير والعاطفة (الانفعالات).
2- تأكيدها على الوسائل العلاجية المتكاملة التى تتضمن الإدراك (المعرفة) والسلوك والعواطف .
3- تأكيدها على أن الحوادث الماضية ليست هي التي تسبب الانفعالات للشخص بل نظرة الأنسان إلى تلك الحوادث وأفكارها عنها هي التي تسبب له المتاعب .
4- تأكيدها على الوظائف البيتية العملية والسلوكية .
5- رسمت الخطوط العريضة للأفكار اللاعقلانية التي تشكل الأسلس الذي يسبب الانفعالات النفسية والعاطفية ووضحت وسائل مكافحتها .
6- أسلوبه التعليمي والوقائي في العلاج (1) .
يصنف "إليس" الأفراد إلي صنفين ، فمنهم عقلانين واقعيين وآخرين لا عقلانيين وغير واقعيين ، وأن أفكار الناس تؤثر على يلوكهم فنري أن الأفراد غير منطقي التفكير تصدر عنهم سلوكيات سلبية مثل القلق والعدوان والشعور بالذنب بسبب تفكيرهم اللاعقلاني الذى يترتب عليه التفكير والسوك الانفعالي ، ويمكن التغلب عليه بزيادة درجة إدراك الفرد للأمور وكيفية تفسيره وفهمه لها .
العلاج العقلاني والأساليب العلاجية الأخرى :-
1- العلاج العقلاني _الانفعالي والتحليل النفسي :-
أشار "الطيب" إلي أن التحليل التفسي يقوم على تطبيق فنيات التداعي الحر وتحليل الأحلام ، والتأويلات التحليلة المباشرة التي يقدمها المحلل للمريض ، في حين يندر استخدام ذلك في العلاج العقلاني لأنة يرى أن معظمها لا علاقة لها بشفاء المريض ، وتستغرق الكثير من الجهد والمال ومع ذلك إلا أن المعالج العقلاني أقرب إلي هورني وفروم وألكسندر منه إلى التحليل التقليدي ، وكما هو الحال بالنسبة للتحليليين الجدد فإن المعالج العقلاني يستخدم الكثير من التأويل المباشر ليوضح لمرضاه كيف أن سلوكهم الماضي مرتبط بسوء قيامهم بأدوارهم الوظيفية ، وكيف أنهم تعرضوا لأفكار زاتحاهات مدمرة لأهدافهم في الحياة ، ثم يقوم بمهاجمة هذه الأفكار لدى العميل .
كما يزكر"عقل" أن "إليس" وفرويد يلتقيان في تأكيدهما على مبدأ اللذة والغرضية في الدافعية ، والضبط العقلي للانفعالات ، وفي حين يرى "فرويد" أن القلق العصابي نتيجة تهديد دفاعات (الهو) واندفاعها نحو الشعور ، نجد أن "إليس" يعزو مصدر العصاب للمطالب اللاعقلانية ، كما أن "إليس" يختلف مع فرويد ويونج فى مفهوم اللاشعور ، حيث يرى "إليس" أن الإنسان لدية أفكار ومشاعر ومعتقدات تحت مستوي الشعور ، حيث يرى "إليس" أن الأنسان لدية أفكار ومشاعر ومعتقدات تحت مستوي الشعور بقليل ويمكن إرجاعها للشعور عن طريق التساؤل الموجه عقلانياً.
2- العلاج العقلاني_الاتفعالي والعلاج المتمركز حول العميل :-
يشير (ملكيه) إلى أن هناك تقارباً بين أهداف الاتجاهين ، فنجد "روجرز" يوضح أن الشخصية الإنسانية بعد انتهاء العلاج تتسم بانخفاض التوتر ونقص الشعور بالتهديد وزيادة الشعور بالتكيف ، والتحكم الذاتي وتقبل الذات والشعور بالثقة ، وهذه هي تقريباً نفس أهداف العلاج العقلاني .
ورغم التقارب والتشابة بين المنهجين إلا أن العلاج العقلاني الانفعالي يتناقض _في الأساليب_ مع أسلوب "روجرز"، ذلك أن "إليس" يصر على الاعتماد على الذات في القضايا الخلقية وعلى عدم اللوم الخلقي للذات أو لذات الآخرين وتسامحاً في النظر إلي الواقع بينما يعتقد "روجرز" أن الأنسان خيذر بطبيعته وأن ذلك يؤدى إلى قرارات صحيحة واعتبار غير مشروط للذات ، ويرفض "إليس" مفهوم "روجرز" في ضرورة إقامة علاقة دافئة مع العميل بوصفها شرطاً لنجاح العلاج ، بل يرى العكس لأن ذلك يدعم المطلب اللاعقلاني للقبول .
3- العلاج العقلاني_ الانفعالي والعلاج السلوكي :-
رفض السلوكين الأوائل دور العمليات المعرفية الوسيطة وركزوا فقط على العلاقة بين المثير والاستجابة ،لكن السلوكيون الجدد أمثال "ولبي دولار،وملير،وباندورا" أكدوا على العلاقة بين التفكير والسلوك ،ويعطون أهمية خاصة للعمليات المعرفية في دراسة الشخصية ،حيث يؤكدون جميعاً على دور العمليات الداخلية (كالتفكير_التمثيل العقلي_الانتباة الانتقائي) التي تتوسط بين المثيرات والاستجابات .
وهكذا نجد تقارباً وتشابهاً كبيراً بين معطيات العلاج العقلاني والعلاج السلوكي ويكمن الخلاف بين الاتجاهين في أن العلاج العقلاني يركز