المقدمة
بقلم حسين عبد الرزاق الجزائري
المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط
أسعدني غاية السعادة الإطلاع علي هذا الكتاب القيم الذي يتناول الاكتئاب،
وهو من أهم وأخطر المشكلات التي يعاني منها الناس في عصرنا الحاضر،
وحتى ساغ للكثير من الناس أن يطلقوا عليه عصر الاكتئاب. ولعمري فقد أحسن
المؤلف اختيار موضوعه، ولا عجب في ذلك فقد عرفناه سباقاً في تقديم الرعاية
التخصصية لمن يعانون من اضطراب نفسي، ورائداً في كتابة المواضيع التي
تتعلق بالطب النفسي، وقد قاربت مؤلفاته العشرين، وجميعها مكتوبة بلغة سهلة
مفهومة للجميع بحيث ينتفع منها عامة الناس والمتخصصون منهم علي حد
سواء، وتلمح في ثناياها ما تجمع لدي المؤلف من خبرات وتجارب شخصية
غزيرة، وتلمس عند قراءتها مدي ما له من مقدرة علي التعبير عن المواضيع
التي يتطرق إليها، رغم ما يكتنفها من غموض وإبهام في أذهان الناس، وٌتعايش
مصطلحاتها وكأنك أنت من وضعها ابتداء.
والاكتئاب من الاضطرابات النفسية الشائعة، والتي كثيراً ما لا يلتفت إليها
الناس ولا المسئولون عن تقديم الرعاية الصحية، رغم أنها تلحق الضرر بمئات
الملايين من الناس، إذ يقدر عدد المصابين بالاكتئاب بثلاثمائة وأربعين مليون
إنسان في العالم، وتتمثل خطورة المرض في حرمانه للمصابين به من الاستمتاع
بمباهج الحياة، وإغراقهم في مشاعر عميقة من نقص التقدير للذات والإحساس
بالذنب بدون مبرر حقيقي، وعزوفهم عن المساهمة الفاعلة في أداء واجباتهم نحو
مجتمعهم وأسرهم بل ونحو أنفسهم، وفي الحالات الشديدة قد يندفع المريض
للانتحار، وقد جعل ذلك كله من الاكتئاب المسبب الرئيسي للعجز في الوقت
الحاضر، ويقدر الخبراء أنه سيصبح ثاني الأسباب التي تزيد من عبء المرض
والعجز والتعوق الذي يثقل كاهل العالم بأجمعه عام ألفين وعشرين.
وفي مقابل هذه الصورة القاتمة للاكتئاب تطالعنا آفاق رحبة واعدة بالتغيير
نحو ما هو أفضل لنا جميعاً مجتمعات وأفراداً مرضي وعاملين في إيتاء
الخدمات الصحية، وتنتظر منا أن نوجه جهودنا نحو تحسين الرعاية الصحية
للمصابين بالاكتئاب، آخذين بالحسبان أنه بوسع الأطباء الممارسين إذا ما توفر
لهم التدريب المناسب في مستوي الرعاية الصحية الأولية، أن يقوموا بتشخيص
المصابين بالاكتئاب، وتقديم المعالجة الفعالة لهم أو للعدد الأكبر منهم ومن هنا
أطلقت منظمة الصحة العالمية مبادرة لمعالجة الاكتئاب ضمن نطاق خدمات
الصحة العمومية، وكان الغرض الرئيسي من هذه المبادرة تخفيف الأعباء التي
يسببها المرض بتوفير المعالجة المناسبة وإتاحتها لمن يحتاج إليها في جميع أنحاء
المعمورة. ولتحقيق هذا الغرض وضعت منظمة الصحة العالمية مرامي نوعية
وخاصة رأت أن تحقيقها سيحسن رعاية المصابين بالاكتئاب ويزيد من فرص
تقديم المعالجة لهم، ومن هذه المرامي تثقيف المرضي ومن يحيط بهم والعاملين
الصحيين الذين يهتمون برعايتهم، والعمل علي إنقاص الوصمة الاجتماعية التي
ترافق المصابين بالاكتئاب، وتدريب القائمين علي إيتاء الرعاية الصحية الأولية
علي تشخيص الاكتئاب ومعالجته، وتعزيز ما لدي البلدان من قدرات لوضع
سياسات داعمة لتقديم الرعاية الصحية وتوفير المعالجة للمصابين بالاكتئاب.
وقد باشرت منظمة الصحة العالمية فعلياً بعض الأنشطة والفعاليات التي
تضمن الوصول إلي تلك الغايات، فشرعت في إحياء بعض التظاهرات الوطنية
التي تهدف لزيادة وعي الناس بالاكتئاب، ولإبطال المفاهيم الخاطئة، وإحلال
المفاهيم الصحيحة محلها، إلي جانب إنتاج وتوفير المعالجة الدوائية التي تحسن
من حال المرضي بالاكتئاب، وعقد الحلقات العملية التي تقوي من قدرات البلدان
علي تقديم الرعاية الصحية لهم، وتشجيع الدراسات المتعددة المواقع والتي ترمي
إلي تحسين أوضاعهم.
ولا يسعني وأنا أطالع هذا الكتاب الذي أقدم له اليوم "الاكتئاب - المرض
والعلاج" إلا أن أتقدم بالشكر والامتنان لمؤلفه علي ما بذله من جهد مشكور في
توضيح الكثير من المفاهيم الخاطئة حول الاكتئاب، وتقديم صور حية مستقاة من
التجربة والخبرة اليومية للمؤلف والتي تتناول الاكتئاب في مختلف مراحل العمر،
مع الإشارة إلي الحلول المتعددة لكل مشكلة قد تكون وراء الاكتئاب أو نتيجةً له.
أتمني للأخ الكريم الدكتور الاستمرار في سعيه الدءوب نحو خدمة المرضي،
وتثقيف المجتمع، وتصحيح المفاهيم الخاطئة فيه.
الروابط
فورشيرد
http://adf.ly/DzYDJ
ميديا فير
http://adf.ly/DzZUG
بقلم حسين عبد الرزاق الجزائري
المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط
أسعدني غاية السعادة الإطلاع علي هذا الكتاب القيم الذي يتناول الاكتئاب،
وهو من أهم وأخطر المشكلات التي يعاني منها الناس في عصرنا الحاضر،
وحتى ساغ للكثير من الناس أن يطلقوا عليه عصر الاكتئاب. ولعمري فقد أحسن
المؤلف اختيار موضوعه، ولا عجب في ذلك فقد عرفناه سباقاً في تقديم الرعاية
التخصصية لمن يعانون من اضطراب نفسي، ورائداً في كتابة المواضيع التي
تتعلق بالطب النفسي، وقد قاربت مؤلفاته العشرين، وجميعها مكتوبة بلغة سهلة
مفهومة للجميع بحيث ينتفع منها عامة الناس والمتخصصون منهم علي حد
سواء، وتلمح في ثناياها ما تجمع لدي المؤلف من خبرات وتجارب شخصية
غزيرة، وتلمس عند قراءتها مدي ما له من مقدرة علي التعبير عن المواضيع
التي يتطرق إليها، رغم ما يكتنفها من غموض وإبهام في أذهان الناس، وٌتعايش
مصطلحاتها وكأنك أنت من وضعها ابتداء.
والاكتئاب من الاضطرابات النفسية الشائعة، والتي كثيراً ما لا يلتفت إليها
الناس ولا المسئولون عن تقديم الرعاية الصحية، رغم أنها تلحق الضرر بمئات
الملايين من الناس، إذ يقدر عدد المصابين بالاكتئاب بثلاثمائة وأربعين مليون
إنسان في العالم، وتتمثل خطورة المرض في حرمانه للمصابين به من الاستمتاع
بمباهج الحياة، وإغراقهم في مشاعر عميقة من نقص التقدير للذات والإحساس
بالذنب بدون مبرر حقيقي، وعزوفهم عن المساهمة الفاعلة في أداء واجباتهم نحو
مجتمعهم وأسرهم بل ونحو أنفسهم، وفي الحالات الشديدة قد يندفع المريض
للانتحار، وقد جعل ذلك كله من الاكتئاب المسبب الرئيسي للعجز في الوقت
الحاضر، ويقدر الخبراء أنه سيصبح ثاني الأسباب التي تزيد من عبء المرض
والعجز والتعوق الذي يثقل كاهل العالم بأجمعه عام ألفين وعشرين.
وفي مقابل هذه الصورة القاتمة للاكتئاب تطالعنا آفاق رحبة واعدة بالتغيير
نحو ما هو أفضل لنا جميعاً مجتمعات وأفراداً مرضي وعاملين في إيتاء
الخدمات الصحية، وتنتظر منا أن نوجه جهودنا نحو تحسين الرعاية الصحية
للمصابين بالاكتئاب، آخذين بالحسبان أنه بوسع الأطباء الممارسين إذا ما توفر
لهم التدريب المناسب في مستوي الرعاية الصحية الأولية، أن يقوموا بتشخيص
المصابين بالاكتئاب، وتقديم المعالجة الفعالة لهم أو للعدد الأكبر منهم ومن هنا
أطلقت منظمة الصحة العالمية مبادرة لمعالجة الاكتئاب ضمن نطاق خدمات
الصحة العمومية، وكان الغرض الرئيسي من هذه المبادرة تخفيف الأعباء التي
يسببها المرض بتوفير المعالجة المناسبة وإتاحتها لمن يحتاج إليها في جميع أنحاء
المعمورة. ولتحقيق هذا الغرض وضعت منظمة الصحة العالمية مرامي نوعية
وخاصة رأت أن تحقيقها سيحسن رعاية المصابين بالاكتئاب ويزيد من فرص
تقديم المعالجة لهم، ومن هذه المرامي تثقيف المرضي ومن يحيط بهم والعاملين
الصحيين الذين يهتمون برعايتهم، والعمل علي إنقاص الوصمة الاجتماعية التي
ترافق المصابين بالاكتئاب، وتدريب القائمين علي إيتاء الرعاية الصحية الأولية
علي تشخيص الاكتئاب ومعالجته، وتعزيز ما لدي البلدان من قدرات لوضع
سياسات داعمة لتقديم الرعاية الصحية وتوفير المعالجة للمصابين بالاكتئاب.
وقد باشرت منظمة الصحة العالمية فعلياً بعض الأنشطة والفعاليات التي
تضمن الوصول إلي تلك الغايات، فشرعت في إحياء بعض التظاهرات الوطنية
التي تهدف لزيادة وعي الناس بالاكتئاب، ولإبطال المفاهيم الخاطئة، وإحلال
المفاهيم الصحيحة محلها، إلي جانب إنتاج وتوفير المعالجة الدوائية التي تحسن
من حال المرضي بالاكتئاب، وعقد الحلقات العملية التي تقوي من قدرات البلدان
علي تقديم الرعاية الصحية لهم، وتشجيع الدراسات المتعددة المواقع والتي ترمي
إلي تحسين أوضاعهم.
ولا يسعني وأنا أطالع هذا الكتاب الذي أقدم له اليوم "الاكتئاب - المرض
والعلاج" إلا أن أتقدم بالشكر والامتنان لمؤلفه علي ما بذله من جهد مشكور في
توضيح الكثير من المفاهيم الخاطئة حول الاكتئاب، وتقديم صور حية مستقاة من
التجربة والخبرة اليومية للمؤلف والتي تتناول الاكتئاب في مختلف مراحل العمر،
مع الإشارة إلي الحلول المتعددة لكل مشكلة قد تكون وراء الاكتئاب أو نتيجةً له.
أتمني للأخ الكريم الدكتور الاستمرار في سعيه الدءوب نحو خدمة المرضي،
وتثقيف المجتمع، وتصحيح المفاهيم الخاطئة فيه.
الروابط
فورشيرد
http://adf.ly/DzYDJ
ميديا فير
http://adf.ly/DzZUG