سائل جمع المعلومات في الإرشاد النفسي
المعلومات ووسائل جمعها:
تعتبر وسائل جمع المعلومات في الإرشاد النفسي حجر الزاوية في عملية الإرشاد.
ولقد عرفنا -في الفصل السابق- المعلومات اللازمة لعملية الإرشاد، فقد كان السؤال الرئيسي: ما هي المعلومات المطلوبة؟ وفي الفصل الحالي نتناول وسائل جمع المعلومات. أي أن السؤال الآن هو: كيف تجمع هذه المعلومات؟ وبمعنى آخر: ما وسائل الحصول على هذه المعلومات؟
أما عن البيانات العامة عن العميل وبيئته المباشرة: عن والديه أو ولي أمره، إخوته وأخواته، وزوجه، وأولاده، ومن يعولهم، والأقارب والآخرين الذين يعيشون مع الأسرة، ومن يمكن الاستعانة بهم، هذه البيانات العامة يمكن الحصول عليها عن طريق المقابلة، ودراسة الحالة، والسيرة الشخصية، والسجلات.
وأما عن شخصية العميل وأبعادها، وسماتها، وتوافقها واضطرابها، وتكاملها، وتفككها والعوامل المؤثرة فيها، وبنائها ديناميا ووظيفيا "جسميا وعقليا واجتماعيا وانفعاليا"، هذه المعلومات يمكن الحصول عليها عن طريق الملاحظة، والمقابلة، ودراسة الحالة، ومؤتمر الحالة، والاختبارات والمقاييس، والفحوص والبحوث النفسية والطبية والعصبية والاجتماعية والتقارير والسيرة الشخصية، والسجلات، ومصادر المجتمع.
وأما عن المشكلة الحالية أو المرض الحالي من حيث التحديد، وتعيين الأسباب، والأعراض، والتاريخ والجهود الإرشادية والعلاجية السابقة، والتغييرات التي طرأت على الحالة، والمشكلات والأمراض الأخرى، وطريقة حل المشكلات، هذه المعلومات يمكن الحصول عليها أيضا عن طريق الملاحظة والمقابلة، ودارسة الحالة، ومؤتمر الحالة، والاختبارات والمقاييس، والفحوص والبحوث والتقارير، والسيرة الشخصية، والسجلات، ومصادر المجتمع.
وأما عن المعلومات العامة عن النمو، والدوافع والحاجات، وهدف الحياة، وأسلوب الحياة، وحيل الدفاع النفسي، ومفهوم الذات، ومستوى التوافق، ومستوى الصحة النفسية، هذه المعلومات يمكن الحصول عليها من عن طريق الملاحظة، والمقابلة، ودراسة حالة، ومؤتمر الحالة، والاختبارات والمقاييس، والسيرة الشخصية.
وسائل وليست غايات:
قبل البدء في الكلام عن وسائل جمع المعلومات يجب التنبيه إلى ضرورة اعتبارها وسائل لفهم ومساعدة العميل وليست غايات في حد ذاتها، ويرجع تأكيد هذا إلى أن بعض
لأخصائيين يقعون أحيانا في المحظور ويستخدمون وسائل جمع المعلومات كغايات في حد ذاتها. ومثال ذلك في دراسة الحالة حين تتم بدقة وتجمع وتعرض أو تحفظ في سجل أو ملف كمثال للجهد الذي يبذل، أو كاستعراض لمهارة المرشد، ولا يستفاد منها في إرشاد الحالة، وقد يحدث مثل هذا أيضا عندما تعد السجلات المجمعة وتودع في الملفات، وعندما تجري الاختبارات ولا يستفاد من نتائجها في التوجيه والإرشاد "جين وارترز Warters؛ 1964".
إن الغاية المنشودة من اسخدام وسائل جمع المعلومات في الإرشاد النفسي يجب أن تكون دائما هي اعتبارها وسائل دينامية للإرشاد السليم، واستخدام نتائجها في عملية الإرشاد النفسي لتحقيق أقصى نمو وتوافق ممكن.
تعدد الوسائل:
تتنوع وسائل جمع المعلومات اللازمة لعملية الإرشاد، ولذلك فإن استخدام عدد من هذه الوسائل سهل وممكن. وذلك للتثبت من المعلومات، والتأكد من دقتها وموضوعيتها.
وفي دارسة وفهم العميل من أجل مساعدته، يجب أن تتعدد وسائل جمع المعلومات لأسباب كثيرة. فمن النادر أن يستطيع المرشد الاعتماد بكفاية على استخدام وسيلة واحدة. ونحن لا نعرف وسيلة واحدة تؤدي إلى جميع الأغراض وتصلح لجمع المعلومات المطلوبة لإنجاح عملية الإرشاد. هذا إلى جانب أن بعض وسائل الإرشاد تقوم على تقدير الكمي، وبعضها يقوم على التقدير الكيفي، وبعضها يتسم بالموضوعية وبعضها بالذاتية.
إن تعدد الوسائل يجعلها تكمل بعضها بعضا وتؤكد بعضها بعضا. وصحيح أن هناك وسائل ممتازة وتصلح الواحدة منها لجميع المعلومات اللازمة، ولكن هذا الامتياز يزداد في يد مرشد، قد لا تكون كذلك في موقف آخر أو مع حالة أخرى، أو في يد مرشد آخر، فمثلا هناك بعض الاختيارات التي تعتبر وسائل ممتازة ولكن من المعروف أن بعض العملاء لا يستجيبون استجابات طبية، بدليل حصولهم على درجات عالية على مقاييس الكذب التي تتضمنها هذه الاختبارات، فإذا كنا نقيم ذكاء العميل، فسوف نستخدم اختبارات ذكاء، وإذا استخدمنا اختبار ذكاء واحد فهذا لا يكفي. وتحسب نسبة ذكائه من متوسط نتائج الاختبارات ويجب أن يضاف إلى ذلك تقديرات المدرسين لأنهم أقرب الناس إلى التلميذ وأقدرهم على تقدير مستوى ذكائه.
لمعيارية: ويقصد بالمعيارية هنا معناها العام أي الحكم على العميل في ضوء المعايير الخاصة بجنسه وعمره وثقافته.
التسجيل: يجب تسجيل كل المعلومات التي يتم الحصول عليها حتى لا تكون عرضة للنسيان ويجب أن تسجل المعلومات عقب الحصول عليها مباشرة، ويجب تحديد وتسجيل تواريخ المعلومات، وذلك مهم لمعرفة دلالتها بالنسبة لمرحلة النمو ومعرفة التقدم في الإرشاد، إذا أعيد التقييم أو الاختيار مثلا، ومعرفة مدى التقدم واتجاه التغير الذي يحدث ... وهكذا كذلك يجب تسجيل اسم الأخصائي الذي جمع المعلومات أو أضافها.
الخبرة: ويقصد بذلك خبرة الأخصائي -الذي يستخدم وسائل جمع المعلومات- في استخدامها في دراسة السلوك البشري، ويلزم لذلك التدريب العملي الكافي.
"انظر نورمان جرونلوند Gronlund؛ 1985، سبع أبو لبدة، 1987".
المقابلة INTERVIEW:
المقصود هنا "مقابلة جمع المعلومات" أي المقابلة كوسيلة لجمع المعلومات، وتسمى أيضا المقابلة الشخصية أو الاختبار الشخصي. وليس المقصود المقابلة الإرشادية Counselling Interview أو المقابلة العلاجية Clinical Interview أي المقابلة كجزء من عملية الإرشاد أو العلاج النفسي.
والمقابلة هي الوسيلة الأولى الأساسية في الإرشاد النفسي، وهي كوسيلة لجمع المعلومات ليست قاصرة على الإرشاد والعلاج النفسي، ولكنها وسيلة يستخدمها الأطباء والأخصائيون وأصحاب الأعمال والباحثون والصحفيون ... إلخ.
ما هي المقابلة:
المقابلة علاقة اجتماعية مهنية دينامية وجها لوجه بين المرشد والعميل، في جو نفسي آمن يسوده الثقة المتبادلة بين الطرفين، بهدف جمع معلومات من أجل حل مشكلة. أي أنها علاقة فنية حساسة يتم فيها تفاعل اجتماعي هادف، وتبادل معلومات وخبرات ومشاعر واتجاهات، ويتم خلالها التساؤل عن كل شيء، وهي نشاط مهني هادف، وليست محادثة عادية.
والمقابلة الإرشادية تتضمن مواجهة إنسانية، في مكان محدد، وبموعد سابق، لفترة زمنية معينة، لتحقيق أهداف إرشادية. "ماهر محمود عمر، 1989".
أنواع المقابلة:
تقسم المقابلة بصفة عامة إلى أنواع عديدة نلخصها فيما يلي:
المقابلة المبدئية Initial or Intake Interview: وهي أول مقابلة مع العميل، وفيها يتم التمهيد للمقابلات التالية، ويتم تحديد إمكانات المرشد وما يتوقعه المرشد والعميل كل من الآخر، والتعريف بالخدمات الإرشادية، والإلمام بتاريخ الحالة بصورة مبدئية عامة.
المقابلة القصيرة Brief- talk Interview: وهي مقابلة تستغرق مدة قصيرة عندما تكون المشكلة طارئة وسهلة وواضحة، وقد تكون مقدمة لمقابلات أخرى أطول. وقد تكون كافية وخاصة في حالات المشكلات التي يستطيع العميل بنفسه أن يحلها، ولكنها إذا كانت قصيرة بسبب ضيق وقت المرشد، فقد يكون ضررها أكثر من نفعها، إذ أنها تفتقر إلى التفاعل والعلاقة الكافية بين المرشد والعميل، ويسودها الأسلوب المباشر والإيحاء والإلزام والضغط والسطحية وعدم التعمق المطلوب.
المقابلة INTERVIEW:
المقصود هنا "مقابلة جمع المعلومات" أي المقابلة كوسيلة لجمع المعلومات، وتسمى أيضا المقابلة الشخصية أو الاختبار الشخصي. وليس المقصود المقابلة الإرشادية Counselling Interview أو المقابلة العلاجية Clinical Interview أي المقابلة كجزء من عملية الإرشاد أو العلاج النفسي.
والمقابلة هي الوسيلة الأولى الأساسية في الإرشاد النفسي، وهي كوسيلة لجمع المعلومات ليست قاصرة على الإرشاد والعلاج النفسي، ولكنها وسيلة يستخدمها الأطباء والأخصائيون وأصحاب الأعمال والباحثون والصحفيون ... إلخ.
ما هي المقابلة:
المقابلة علاقة اجتماعية مهنية دينامية وجها لوجه بين المرشد والعميل، في جو نفسي آمن يسوده الثقة المتبادلة بين الطرفين، بهدف جمع معلومات من أجل حل مشكلة. أي أنها علاقة فنية حساسة يتم فيها تفاعل اجتماعي هادف، وتبادل معلومات وخبرات ومشاعر واتجاهات، ويتم خلالها التساؤل عن كل شيء، وهي نشاط مهني هادف، وليست محادثة عادية.
والمقابلة الإرشادية تتضمن مواجهة إنسانية، في مكان محدد، وبموعد سابق، لفترة زمنية معينة، لتحقيق أهداف إرشادية. "ماهر محمود عمر، 1989".
أنواع المقابلة:
تقسم المقابلة بصفة عامة إلى أنواع عديدة نلخصها فيما يلي:
المقابلة المبدئية Initial or Intake Interview: وهي أول مقابلة مع العميل، وفيها يتم التمهيد للمقابلات التالية، ويتم تحديد إمكانات المرشد وما يتوقعه المرشد والعميل كل من الآخر، والتعريف بالخدمات الإرشادية، والإلمام بتاريخ الحالة بصورة مبدئية عامة.
المقابلة القصيرة Brief- talk Interview: وهي مقابلة تستغرق مدة قصيرة عندما تكون المشكلة طارئة وسهلة وواضحة، وقد تكون مقدمة لمقابلات أخرى أطول. وقد تكون كافية وخاصة في حالات المشكلات التي يستطيع العميل بنفسه أن يحلها، ولكنها إذا كانت قصيرة بسبب ضيق وقت المرشد، فقد يكون ضررها أكثر من نفعها، إذ أنها تفتقر إلى التفاعل والعلاقة الكافية بين المرشد والعميل، ويسودها الأسلوب المباشر والإيحاء والإلزام والضغط والسطحية وعدم التعمق المطلوب.
المقابلة الفردية: وهي التي تتم بين المرشد وبين عميل واحد فقط.
المقابلة الجماعية Group Interiew: تتم مع جماعة من العملاء، كما يحدث في جماعة الطلاب الذين يعانون من مشكلات مشتركة فيما بينهم.
المقابلة المقيدة أو "المقابلة المقننة": وهي التي تكون مقيدة بأسئلة معينة محددة سلفا يجيب عنها العميل، وموضوعات محددة مسبقا يتحدث فيها، وبتعليمات محددة يتبعها المرشد ومن مزاياها ضمان الحصول على المعلومات الضرورية المطلوبة وتوفير الوقت، إلا أن من عيوبها الجمود ونقص المرونة وتفويت فرصة الحصول على معلومات يريد العميل سردها.
المقابلة المطلقة أو "الحرة": وهي غير مقيدة بأسئلة ولا موضوعات ولا تعليمات محددة، بل تكون حرة ومرنة حيث تترك الحرية للعميل تتداعى أفكاره تداعيا حرا ويعرضها بطريقته الخاصة، ولا شك أن لكل ما يقوله العميل أهمية لأنه يعبر عن وجهة نظره، ومن مزاياها أنها تسير بطريقة تلقائية، إلا أنها تتطلب خبرة خاصة وتدريبا طويلا وإلا كانت مضيعة للوقت.
وتقسم المقابلة حسب هدفها إلى أنواع منها:
مقابلة المعلومات: وتكون بهدف جمع معلومات جديدة أو التوسع في معلومات أو التأكد من معلومات سبق جمعها بوسائل أخرى.
المقابلة الإرشادية أو العلاجية "الكلينكية": وتكون بهدف تعديل أو تغيير وتوجيه السلوك لصالح العميل، وهي تستغرق وقتا طويلا وتهدف إلى تحقيق أهداف الإرشاد والعلاج النفسي "ويأتي الكلام عنها تفصيلا في الفصل السادس".
المقابلة الشخصية: ويطلق عليها أحيانا مقابلة التوظيف، وتكون بهدف تحديد مدى العمل أو الدراسة أو التخصص "ويلي وأندرو Willey & Andrew؛ 1955".
وتقسم المقابلة حسب الأسلوب المتبع فيها إلى:
المقابلة الممركزة حول العميل أو المقابلة غير الموجهة: وفيها يكون سير المقابلة حرا تحت تصرف العميل يفيد منه كيفما يشاء، ولا يقرر المرشد موضوع المقابلة ولا يحدد خطواتها، وإنما يساعد العميل في عمل ذلك بنفسه لنفسه، وينحصر عمل المرشد في تهيئة مناخ نفسي مناسب، ومساعدة العميل في ازدياد إدراك أن المشكلة مشكلته ومسئولية فهمها وحلها تقع على عاتقه هو. فالعميل هو الذي يحدد ما يذكره للمرشد ومتى ينتقل إلى معلومة أخرى. وهو حر في مناقشة ما يشاء من موضوعات وبالأسلوب الذي يراه. وهو الذي يحدد متى تنتهي المقابلة ... وهكذا.
المقابلة الممركزة حول المرشد أو المقابلة الموجهة: وفيها يكون العبء الأكبر على المرشد. وتنحصر المقابلة في دائرة المشكلة. وتسير المقابلة في خطوات محددة مقننة تبدأ بالإعداد له ثم بدئها في سيره حتى إنهائها وتسجيلها.
ويتناول بنجهام ومور "1961" أنواعا أخرى من المقابلة منها: مقابلة الطلاب، ومقابلة العمال، ومقابلة ذوي المشكلات، ويضاف كذلك المقابلة الاستفسارية بصفة عامة، وحتى المقابلة في الصحافة، والمقابلة الخاصة بالشهادة القانونية.
عوامل نجاح المقابلة:
بالإضافة إلى الشروط العامة التي يجب مراعاتها في جميع وسائل جمع المعلومات التي سبق ذكرها، هناك شروط خاصة لضمان نجاح المقابلة وتحقيق أهدافها نلخصها فيما يلي:
عام: يجب مراعاة السرية والأمانة التامة، والتخطيط المسبق والتحضير والإعداد الجيد، والتنظيم، والدقة، والموضوعية، والمعيارية، وأصول التسجيل، والتدريب العلمي، والخبرة، والتعاون والفهم المتبادل والإخلاص والصدق، وهنا ينصح بأن يتجنب المرشد أخطاء مثل النصح والشرح والأمر والنهي والتفسير والإيحاء واستعجال العميل أو إكمال حديثه.
جعل المقابلة موقف تعلم: يجب الحرص على أن تكون المقابلة موقف تعلم وخبرة بناءة فرصة لزيادة فهم الذات والاستبصار لدى العميل، ومن مظاهر ذلك العميل كيف يدرس ويدرك مشكلته من كافة النواحي، وبوضوح أكثر، وكيف يتناول الخبرات بانفعال متزن، وكيف يفهم الانفعالات التي تكمن وراء سلوكه، واكتساب طريقة التفكير المنطقي، وزيادة قدرته على تحمل مسئولية نفسه.
مؤهلات المرشد: وتشمل المؤهلات الشخصية، ويأتي على رأسها سمعته الطيبة في إجراء المقابلة، كأن يكون مشهورا بالبشاشة والأمانة والإخلاص والعلاقة الإنسانية. ومن مؤهلات المرشد الشخصية، أيضا التوافق الشخصي والنجاح في حياته والحياد والموضوعية والتسامح والتخلص من التفكير النمطي الجامد، ومنها كذلك المظهر الشخصي للمرشد حتى في لبسه الذي قد ينظر إليه كرمز للنضج والقدرة، وتشمل مؤهلات المرشد كذلك المؤهلات المهنية، ويأتي على رأسها الإعداد والتدريب المهني وسعة الاطلاع، والمعارف العامة، ومعرفة شاملة للسلوك البشري ودينامياته، ومن المؤهلات الهامة للمرشد، الذكاء الاجتماعي، ولنذكر ما قيل من أن الإرشاد النفسي علم وفن، إن هذا يصدق بصفة خاصة في المقابلة.
إجراء المقابلة:
يتم إجراء المقابلة في خطوات وعلى مراحل مرنة تعتبر أجزاء أساسية، وهي: "انظر أنيت جاريت، 1958".
الإعداد: أو التخطيط المسبق المرن، ويتضمن إعداد الخطوط العريضة والمحاور الرئيسية التي تدور حولها المقابلة وموضوعات المناقشة، وتحديد أسلوب بدء المقابلة، وتحديد الأسئلة الرئيسية، والاطلاع على ما تيسر من معلومات من الوسائل الأخرى، حتى تحدد النواحي المطلوب فيها المزيد من المعلومات ويتضمن الإعداد كذلك إعداد الأدوات اللازمة للتسجيل وخلافه.
الزمان يجب أن يكون الزمن كافيا لإجراء المقابلة، ويختلف الزمن حسب حالة العميل ومشكلته، ووقت المرشد والمعلومات المطلوبة، ويتراوح الزمن بين نصف ساعة وساعة بمتوسط 45 دقيقة، ويلاحظ أن المقابلة التي تتم بسرعة وعلى عجل لا تؤتي ثمارها المنشودة, ويجب تحديد الوقت الذي تستغرقه المقابلة حتى يحرص العميل على عرض الموضوعات التي يهمه عرضها قبل انتهاء الوقت. ويجب أن يكون موعد المقابلة مريحا بالنسبة لكل من المرشد والعميل، وإذا حدث وطلب العميل تحديد موعد المقابلة، فيحسن أن يكون الموعد في أقرب وقت، بل يفضل أن يكون في نفس الوقت الذي يطلبه العميل، لأن هذه تعتبر اللحظة السيكولوجية المناسبة لإجراء المقابلة، وهذا أحد أسباب ترك وقت في جدول المرشد احتياطيا لمثل هذه المقابلات.
المكان: يجب أن يكون مكان المقابلة غرفة خاصة هادئة خالية من الضوضاء والمقاطعات والتدخل، وكلما كانت في مكان يألفه العميل كان ذلك أفضل، بما يساعد على الراحة والطمأنينة والاسترخاء وييسر سير المقابلة، وحتى أثاث غرفة المقابلة يجب أن يكون مريحا ومناسبا ومنسقا، وبه بعض الزهور، ويحسن ألا تكون المقابلة من وراء مكتب حتى لا يشعر العميل بسلطة المرشد وانفصاله عنه.
البدء: تبدأ المقابلة عادة بحديث ترحيب وحديث عام عن الطقس مثلا حتى لا تكون البداية حادة قبل الدخول في الموضوع على ألا يزيد عن هذا الحد الذي يشعر العميل بالضيق لأنه شخصيا يريد أن يدخل في الموضوع، وعادة يستغرق حديث البدء حوالي ربع
ساعة. ويحتاج المرشد إلى حديث التقديم هذا في المقابلة الأولى فقط، أما باقي المقابلات التالية فالبدء يكون بالدخول في الموضوع مباشرة، والأسلوب الشائع والمقبول لدى معظم المرشدين هو التحية والترحيب، وبعض الملاحظات الودية وإبداء الاستعداد للمساعدة، وتشجيع العميل على الكلام، وطمأنته على السرية ... إلخ.
تكوين الألفة Rapport: إن تكوين الألفة والتجاوب وصلة الوئام نقطة مهمة في إجراء المقابلة، وتتضمن الألفة الاحترام والفهم والاهتمام والإخلاص المتبادل والثقة المتبادلة، وهذه أمور مهمة تمهد لنجاح المقابلة. ويجب أن تستمر الألفة طوال المقابلة، ويتوقف نجاح الألفة في الغالب على نجاح بداية المقابلة ونجاح بداية العلاقة بين الطرفين واستمرار نجاحها في المقابلات المقبلة. ولضمان تكون الألفة، يقترح أن تبدأ المقابلة بالترحيب والبشاشة والاهتمام، وتناول بعض الموضوعات العامة، والموضوعات المشتركة، والخبرات السارة، مع الاهتمام بالمشاركة والانفعالية، والتشجيع، والموافقة، والموضوعية، وضرب الأمثلة، كل ذلك مناخ آمن خال من التهديد، يستطيع فيه العميل أن يقول كل شيء وأي شيء.
الملاحظة: أي ملاحظة سلوك العميل وكلامه وحركاته وتعبيرات وملامح وجهه.
الإصغاء: يجب أن يكون إصغاء المرشد أكثر من كلامه، ويشترط حسن الإصغاء بعقل واع واهتمام وتعبير عن المشاركة الانفعالية والتعبير المناسب، مما يساعد على التنفيس والتطهير الانفعالي من جانب العميل1.
التقبل: ويعني هذا تقبل العميل وما يقوله بكل حرية وتسامح، وليس تقبل سلوكه، ويجب أن يدرك العميل ذلك، فالمرشد يتقبل العميل كإنسان ليس معصوما من الخطأ، ولكنه لا يتقبل سلوكه الخاطئ، ومما يساعد على إظهار التقبل إعادة كلام العميل واستخدام ألفاظ تعبر عن التقبل والفهم.
التوضيح: ويتضمن ذلك ربط الأفكار وتوضيحها، وهذا يساعد على التركيز حول الموضوع الرئيسي للمقابلة واستمرارها وإشعار العميل باهتمام وانتباه ومتابعة المرشد.
التساؤل: يعتبر إعداد وتوجيه الأسئلة اثناء المقابلة مهارة مهمة. ويجب اختيار الأسئلة
المناسبة بصيغة مناسبة وفي الوقت المناسب، وتوجهها بطريقة تشعر العميل بأهمية الإجابة عنها بصدق، والأسئلة الجيدة هي تلك التي تهدف إلى الحصول على معلومات مطلوبة وتوجه سير المقابلة في الإطار المرسوم لتحقيق هدفها، والاعتدال والتوسط مطلوب في عدد الأسئلة، فلا تكون قليلة فتظل جوانب كثير غير مطروقة، ولا تكون كثيرة فتشتت العميل. ويجب الحرص بخصوص الأسئلة المباشرة التي قد توحي بأن المقابلة أقرب إلى التحقيق، مما قد يؤدي إلى المقاومة، وبقدر ما تكون الأسئلة مساعدة في توجيه سير المقابلة، فإنها قد تكون معطلة وخاصة في حالات استرسال العميل وصراحته.
الكلام: يقصد هنا كلام وحديث وتعليقات المرشد، ويتضمن ذلك كم كلامه وكيفه. فيجب التعبير بأسلوب يفهمه العميل. وينصح بترك المجال للعمل ليتكلم أكثر مما يتكلم المرشد، وتشجيعه على الكلام، مثل إظهار التقبل والتأييد والتوضيح والأسئلة العامة ... إلخ. أما عن كلام المرشد عن خبراته الخاصة والشخصية أثناء المقابلة، فترى جين وارترز Warters؛ "1964" أنه يجب تجنب الكلام عنها لأنها ليست موضوع المقابلة، بينما يرى مورفي Murphy؛ "1972" العكس ويقول إن إشارة المرشد إلى نفسه وإلى خبراته الشخصية تثري المقابلة وتجعل العميل يقبل أكثر على المقابلة ويقوي العلاقة الإرشادية.
التسجيل: هناك آراء كثيرة حول تسجيل ما يجري في المقابلة، وحول كتابة مذكرات أثنائها، فمن المتفق عليه ضرورة التسجيل والكتابة للرجوع إلى ما يسجل وتحليله والإفادة منه فيما بعد، حيث لا يمكن الاعتماد على الذاكرة وخاصة مع مضي الوقت. ويؤخذ على التسجيل أن المرشد إذا اندمج في تدوين الملاحظات أثناء المقابلة، فإن هذا قد يمنع العميل من ذكر مشكلاته وخبراته الخاصة التي لا يجب أن تدون على الورق، ويلجأ بعض المرشدين إلى استخدام أجهزة التسجيل الصوتي، ولكن ذلك مكلف ماديا بالإضافة إلى أنه قد يزيد حرص العميل بل وامتناعه عن الكلام عن خصوصياته، ويلاحظ أن بعض العملاء بمجرد أن يرى المرشد يكتب ملاحظات يمتنع تماما عن الإدلاء بأي معلومات، وإذا رأى أي جهاز يشك في أنه جهاز تسجيل وتتعقد الأمور. ولتفادي هذه المشكلات، تقترح جين وارترز Warters؛ "1964" ضرورة تعريف العميل بأهمية التسجيل واستئذانه في ذلك، وأن تقتصر الكتابة أثناء المقابلة على الضروري، وإرجاء ما يمكن إرجاؤه إلى نهاية المقابلة حيث يدون بعد إنهائها مباشرة، هذا ويجب تنظيم كل ما يجمع من معلومات خلال المقابلة وحفظها في ملف العميل.
إنهاء المقابلة: يجب أن تنتهي المقابلة عند تحقيق هدفها، وإنهاء المقابلة مهم جدا بقدر أهمية بدئها، ويجب أن يكون إنهاء المقابلة متدرجا وليس مفاجئا بانتهاء الزمن أو انتهاء وقت استعراض وتلخيص ما دار فيها، ويحسن أن يكون ذلك التلخيص على لسان العميل نفسه، والإشارة إلى موعد المقابلة القادم إن شاء الله.
مزايا المقابلة:
تمتاز المقابلة كوسيلة من وسائل جمع المعلومات بما يلي:
- الحصول على معلومات لا يمكن الحصول عليها عن طريق الوسائل الأخرى مثل التعرف على الأفكار والمشاعر والآمال وبعض الخصائص الشخصية، مما يتيح فهما أفضل للعميل ومشكلاته.
- إتاحة فرصة تكوين مناخ من الألفة والتجاوب والاحترام والثقة المتبادلة بين المرشد والعميل، وتكوين علاقة إرشادية ناجحة.
- إتاحة الفرصة أمام العميل للتفكير "بصوت عال" في حضور مستمع جيد، مما يمكنه من التعبير عن نفسه وعن مشكلته.
- إتاحة فرصة الاستبصار والحكم على الأحكام الذاتية التي يصدرها أو يكونها كل من المرشد عن العميل والعميل عن نفسه.
- إتاحة فرص التنفيس الانفعالي وتبادل الآراء والمشاعر في مناخ نفسي آمن.
- تنمية المسئولية الشخصية للعميل في عملية الإرشاد.
عيوب المقابلة:
على الرغم من أن المقابلة تعتبر الوسيلة الأولى في الإرشاد النفسي، ولها مزاياها المهمة، إلا أن لها بعض العيوب منها:
- انخفاض معامل الصدق، وذلك لاختلاف الاستعدادات والقدرات والميول وتقدير المشاعر.
- انخفاض معامل الثبات، وذلك لاختلاف مشاعر العميل تجاه خبراته ومشكلاته من يوم لآخر.
- الذاتية في تفسير نتائج المقابلة، حيث قد يختلف المرشدون المختلفون في ذلك. وقد تختلف هذه النتائج مع الحقائق الموضوعية، وقد يخطئ المرشد في تقدير السمات أو يبالغ فيها حسب خبرته واتجاهاته، وقد يكون متحيزا عند تسجيل ملاحظاته أو عند تحليلها.
- عدم جدواها كثيرا في حالات الأطفال الصغار الذين يصعب عليهم التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم، وعلى أي حال، ورغم هذه العيوب، فإنه لا غنى عن المقابلة كوسيلة لجمع المعلومات، ولا بد إذن من الدراسات والبحوث التي تحاول التخلص من هذه العيوب.
لملاحظة OBSERVATION:
المقصود هنا الملاحظة العملية المنظمة: وهي من أقدم وأكثر وسائل جمع المعلومات شيوعا في الإرشاد النفسي، وهي لذلك وسيلة أساسية ومهمة ومورد خصب للحصول على معلومات عن سلوك العميل "سترانج وموريس Strang & Morris؛ 1964".
ما هي الملاحظة:
هي ملاحظة الوضع الحالي للعميل، في قطاع محدد من قطاعات سلوكه، وتسجيل لموقف من مواقف سلوكه. وتشمل ملاحظة السلوك في مواقف الحياة اليومية الطبيعية، ومواقف التفاعل الاجتماعي بكافة أنواعها في اللعب والعمل والراحة، والرحلات والحفلات، وفي مواقف الإحباط والمسئولية الاجتماعية والقيادة والتبعية والمناسبات الاجتماعية بحيث يتضمن ذلك عينات سلوكية لها مغزى في حياة العميل.
وتقوم الملاحظة العلمية المنظمة على ملاحظات السلوك وتسجيله في صورة لفظية لتحقيق الأهداف الآتية: تسجيل الحقائق التي تثبت أو تنفي فروضا خاصة بسلوك العميل، وتسجيل التغيرات التي تحدث في سلوك العميل نتيجة للنمو، وتحديد العوامل التي تحرك العميل سلوكيا في مواقف وخبرات معينة، ودراسة التفاعل الاجتماعي للعميل في مواقفه الطبيعية، وتفسير السلوك الملاحظ، وإصدار توصيات بشأن السلوك الملاحظ.
أنواع الملاحظة:
من أنواع الملاحظة ما يلي:
الملاحظة المباشرة: حيث يكون الملاحظون أمام العميل وجها لوجه في المواقف ذاتها.
الملاحظة غير المباشرة: مثل التي تحدث دون اتصال مباشر بين الملاحظين والعملاء، ودون أن يدرك العملاء أنهم موضع ملاحظة. ويتم ذلك في أماكن خاصة مجهزة لذلك.
الملاحظة المنظمة الخارجية: ويكون أساسها المشاهدة الموضوعية والتسجيل بإزاء الشخص ومظاهر ونواح سلوكية معينة، دون التحكم في الظروف والعوامل التي تؤثر في هذا السلوك، ويمكن أن تكون تتبعية لسلوك معين، ويقوم بها أشخاص خارجيون"أي غير الشخص الملاحظ أو العميل".
الملاحظة المنظمة الداخلية: وهذه تكون من الشخص نفسه لنفسه "التأمل الباطني"، وهي ذاتية وليست موضوعية، ومن عيوبها أنها لا يمكن أن تتبع مع الأطفال الصغار الذين لا يستطيعون القيام بها.
الملاحظة العرضية أو الصدفية: وهي عفوية غير مقصودة، وتأتي بالصدفة، وتكون سطحية وغير دقيقة وغير علمية وليس لها قيمة علمية، ومن أمثلتها الملاحظات العابرة لسلوك العميل في المدرسة أو دار العبادة، وعلى الرغم من هذا فإنها تعطي بعض المعلومات وتستثير بعض الأسئلة، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى فهم أكثر.
الملاحظة الدورية: وهذه تتم في فترات زمنية محددة، وتسجيل حسب تسلسلها الزمني كل صباح أو كل أسبوع أو كل شهر ... وهكذا.
الملاحظة المقيدة: وتكون مقدية بمجال أو موقف معين، ومقيدة ببنود أو فقرات معينة مثل ملاحظة الأطفال في مواقف اللعب أو الإحباط أو أثناء التفاعل الاجتماعي مع الكبار
عوامل نجاح الملاحظة:
للملاحظة شروط يجب مراعاتها ضمانا لنجاحها وضمانا لفائدة المعلومات التي تحصل عليها عن طريقها، ومن هذه الشروط ما يأتي:
عام: سرية المعلومات التي يتم الحصول عليها منها، والموضوعية والبعد عن الذاتية والآراء الشخصية وخاصة في تسجيل وتفسير السلوك الملاحظ، والدقة في إجراء الملاحظة وفي تفسير السلوك الملاحظ، كذلك يحتاج نجاح الملاحظة إلى خبرة وتدريب في دراسة وملاحظة السلوك البشري.
الشمول: ويتضمن ذلك شمول الملاحظة لعينات متنوعة من سلوك العميل وتوضح تفاصيل إيجابيات السلوك وسلبياته، ونقاط القوة مع نقاط الضعف، بما يغطي الجوانب المختلفة لشخصية العميل.
الانتقاء: ويقصد بذلك انتقاء السلوك المتكرر أو الثابت نسبيا، والاهتمام بملاحظته وتمييزه عن السلوك العارض أو الصدفي أو الطارئ.
إجراء الملاحظة:
يتم إجراء الملاحظة في خطوات أبرزها ما يلي:
الإعداد: ويتضمن ذلك التخطيط المحكم بها، والتحديد المسبق للسلوك الذي سوف يلاحظ وأبعاده، وتحديد المعلومات المطلوبة بالضبط, وهدف الملاحظة بصفة عامة. ويتضمن الإعداد كذلك تجهيز الأدوات اللازمة للتسجيل، وتحديد الزمان والمكان الذي تتم فيه الملاحظة.
الزمان: ويحدد الزمان الذي سوف يتم في غرف خاصة مجهزة بالأجهزة، والمعدات اللازمة والأدوات والأثاث اللازم، ولقد تطورت أساليب الملاحظة مع تطور الأجهزة العليمة في معامل ومختبرات علم النفس، وحيث تستخدم آلات التصوير العادي والسينامي والدوائر التليفزيونية المغلقة. وتتم الملاحظة في غرف على شكل قباب تمكن من متابعة وملاحظة السلوك من أعلى ومن كل الجوانب، وتستخدم كذلك غرف بها حجاب الرؤية من جانب واحد One- Way Screen حيث يرى الملاحظون العملاء دون أن يراهم العملاء، وذلك بقصد ضمان
م إحراج العملاء، وحتى يكون السلوك تلقائيا وغير مصطنع، ويستخدم فيها الأجهزة الصوتية والبصرية اللازمة "شكل 41" هذا وقد تم الملاحظة في مكان حدوث السلوك كالفصل أو الفناء أوعلى الشاطئ في رحلة أو حتى في الشارع.
إعداد دليل الملاحظة: ويفيد دليل الملاحظة في تحديد عينات السلوك التي تلاحظ. ويستخدم بعض الملاحظين "قائمة مراجعة" Check list كدليل يشمل موضوعات الملاحظة الهامة1.
اختيار عينات سلوكية ممثلة للملاحظة: يجب اختيار عينات متنوعة ومتعددة وشاملة وممثلة لأكبر عدد من مواقف الحياة المختلفة في أوقات مختلفة وفي مناسبات مختلفة وفي مواقف فردية ومواقف جماعية ... وهكذا، بحيث تعطي صورة متكاملة وواضحة لسلوك العميل، فمن
المعلومات ووسائل جمعها:
تعتبر وسائل جمع المعلومات في الإرشاد النفسي حجر الزاوية في عملية الإرشاد.
ولقد عرفنا -في الفصل السابق- المعلومات اللازمة لعملية الإرشاد، فقد كان السؤال الرئيسي: ما هي المعلومات المطلوبة؟ وفي الفصل الحالي نتناول وسائل جمع المعلومات. أي أن السؤال الآن هو: كيف تجمع هذه المعلومات؟ وبمعنى آخر: ما وسائل الحصول على هذه المعلومات؟
أما عن البيانات العامة عن العميل وبيئته المباشرة: عن والديه أو ولي أمره، إخوته وأخواته، وزوجه، وأولاده، ومن يعولهم، والأقارب والآخرين الذين يعيشون مع الأسرة، ومن يمكن الاستعانة بهم، هذه البيانات العامة يمكن الحصول عليها عن طريق المقابلة، ودراسة الحالة، والسيرة الشخصية، والسجلات.
وأما عن شخصية العميل وأبعادها، وسماتها، وتوافقها واضطرابها، وتكاملها، وتفككها والعوامل المؤثرة فيها، وبنائها ديناميا ووظيفيا "جسميا وعقليا واجتماعيا وانفعاليا"، هذه المعلومات يمكن الحصول عليها عن طريق الملاحظة، والمقابلة، ودراسة الحالة، ومؤتمر الحالة، والاختبارات والمقاييس، والفحوص والبحوث النفسية والطبية والعصبية والاجتماعية والتقارير والسيرة الشخصية، والسجلات، ومصادر المجتمع.
وأما عن المشكلة الحالية أو المرض الحالي من حيث التحديد، وتعيين الأسباب، والأعراض، والتاريخ والجهود الإرشادية والعلاجية السابقة، والتغييرات التي طرأت على الحالة، والمشكلات والأمراض الأخرى، وطريقة حل المشكلات، هذه المعلومات يمكن الحصول عليها أيضا عن طريق الملاحظة والمقابلة، ودارسة الحالة، ومؤتمر الحالة، والاختبارات والمقاييس، والفحوص والبحوث والتقارير، والسيرة الشخصية، والسجلات، ومصادر المجتمع.
وأما عن المعلومات العامة عن النمو، والدوافع والحاجات، وهدف الحياة، وأسلوب الحياة، وحيل الدفاع النفسي، ومفهوم الذات، ومستوى التوافق، ومستوى الصحة النفسية، هذه المعلومات يمكن الحصول عليها من عن طريق الملاحظة، والمقابلة، ودراسة حالة، ومؤتمر الحالة، والاختبارات والمقاييس، والسيرة الشخصية.
وسائل وليست غايات:
قبل البدء في الكلام عن وسائل جمع المعلومات يجب التنبيه إلى ضرورة اعتبارها وسائل لفهم ومساعدة العميل وليست غايات في حد ذاتها، ويرجع تأكيد هذا إلى أن بعض
لأخصائيين يقعون أحيانا في المحظور ويستخدمون وسائل جمع المعلومات كغايات في حد ذاتها. ومثال ذلك في دراسة الحالة حين تتم بدقة وتجمع وتعرض أو تحفظ في سجل أو ملف كمثال للجهد الذي يبذل، أو كاستعراض لمهارة المرشد، ولا يستفاد منها في إرشاد الحالة، وقد يحدث مثل هذا أيضا عندما تعد السجلات المجمعة وتودع في الملفات، وعندما تجري الاختبارات ولا يستفاد من نتائجها في التوجيه والإرشاد "جين وارترز Warters؛ 1964".
إن الغاية المنشودة من اسخدام وسائل جمع المعلومات في الإرشاد النفسي يجب أن تكون دائما هي اعتبارها وسائل دينامية للإرشاد السليم، واستخدام نتائجها في عملية الإرشاد النفسي لتحقيق أقصى نمو وتوافق ممكن.
تعدد الوسائل:
تتنوع وسائل جمع المعلومات اللازمة لعملية الإرشاد، ولذلك فإن استخدام عدد من هذه الوسائل سهل وممكن. وذلك للتثبت من المعلومات، والتأكد من دقتها وموضوعيتها.
وفي دارسة وفهم العميل من أجل مساعدته، يجب أن تتعدد وسائل جمع المعلومات لأسباب كثيرة. فمن النادر أن يستطيع المرشد الاعتماد بكفاية على استخدام وسيلة واحدة. ونحن لا نعرف وسيلة واحدة تؤدي إلى جميع الأغراض وتصلح لجمع المعلومات المطلوبة لإنجاح عملية الإرشاد. هذا إلى جانب أن بعض وسائل الإرشاد تقوم على تقدير الكمي، وبعضها يقوم على التقدير الكيفي، وبعضها يتسم بالموضوعية وبعضها بالذاتية.
إن تعدد الوسائل يجعلها تكمل بعضها بعضا وتؤكد بعضها بعضا. وصحيح أن هناك وسائل ممتازة وتصلح الواحدة منها لجميع المعلومات اللازمة، ولكن هذا الامتياز يزداد في يد مرشد، قد لا تكون كذلك في موقف آخر أو مع حالة أخرى، أو في يد مرشد آخر، فمثلا هناك بعض الاختيارات التي تعتبر وسائل ممتازة ولكن من المعروف أن بعض العملاء لا يستجيبون استجابات طبية، بدليل حصولهم على درجات عالية على مقاييس الكذب التي تتضمنها هذه الاختبارات، فإذا كنا نقيم ذكاء العميل، فسوف نستخدم اختبارات ذكاء، وإذا استخدمنا اختبار ذكاء واحد فهذا لا يكفي. وتحسب نسبة ذكائه من متوسط نتائج الاختبارات ويجب أن يضاف إلى ذلك تقديرات المدرسين لأنهم أقرب الناس إلى التلميذ وأقدرهم على تقدير مستوى ذكائه.
لمعيارية: ويقصد بالمعيارية هنا معناها العام أي الحكم على العميل في ضوء المعايير الخاصة بجنسه وعمره وثقافته.
التسجيل: يجب تسجيل كل المعلومات التي يتم الحصول عليها حتى لا تكون عرضة للنسيان ويجب أن تسجل المعلومات عقب الحصول عليها مباشرة، ويجب تحديد وتسجيل تواريخ المعلومات، وذلك مهم لمعرفة دلالتها بالنسبة لمرحلة النمو ومعرفة التقدم في الإرشاد، إذا أعيد التقييم أو الاختيار مثلا، ومعرفة مدى التقدم واتجاه التغير الذي يحدث ... وهكذا كذلك يجب تسجيل اسم الأخصائي الذي جمع المعلومات أو أضافها.
الخبرة: ويقصد بذلك خبرة الأخصائي -الذي يستخدم وسائل جمع المعلومات- في استخدامها في دراسة السلوك البشري، ويلزم لذلك التدريب العملي الكافي.
"انظر نورمان جرونلوند Gronlund؛ 1985، سبع أبو لبدة، 1987".
المقابلة INTERVIEW:
المقصود هنا "مقابلة جمع المعلومات" أي المقابلة كوسيلة لجمع المعلومات، وتسمى أيضا المقابلة الشخصية أو الاختبار الشخصي. وليس المقصود المقابلة الإرشادية Counselling Interview أو المقابلة العلاجية Clinical Interview أي المقابلة كجزء من عملية الإرشاد أو العلاج النفسي.
والمقابلة هي الوسيلة الأولى الأساسية في الإرشاد النفسي، وهي كوسيلة لجمع المعلومات ليست قاصرة على الإرشاد والعلاج النفسي، ولكنها وسيلة يستخدمها الأطباء والأخصائيون وأصحاب الأعمال والباحثون والصحفيون ... إلخ.
ما هي المقابلة:
المقابلة علاقة اجتماعية مهنية دينامية وجها لوجه بين المرشد والعميل، في جو نفسي آمن يسوده الثقة المتبادلة بين الطرفين، بهدف جمع معلومات من أجل حل مشكلة. أي أنها علاقة فنية حساسة يتم فيها تفاعل اجتماعي هادف، وتبادل معلومات وخبرات ومشاعر واتجاهات، ويتم خلالها التساؤل عن كل شيء، وهي نشاط مهني هادف، وليست محادثة عادية.
والمقابلة الإرشادية تتضمن مواجهة إنسانية، في مكان محدد، وبموعد سابق، لفترة زمنية معينة، لتحقيق أهداف إرشادية. "ماهر محمود عمر، 1989".
أنواع المقابلة:
تقسم المقابلة بصفة عامة إلى أنواع عديدة نلخصها فيما يلي:
المقابلة المبدئية Initial or Intake Interview: وهي أول مقابلة مع العميل، وفيها يتم التمهيد للمقابلات التالية، ويتم تحديد إمكانات المرشد وما يتوقعه المرشد والعميل كل من الآخر، والتعريف بالخدمات الإرشادية، والإلمام بتاريخ الحالة بصورة مبدئية عامة.
المقابلة القصيرة Brief- talk Interview: وهي مقابلة تستغرق مدة قصيرة عندما تكون المشكلة طارئة وسهلة وواضحة، وقد تكون مقدمة لمقابلات أخرى أطول. وقد تكون كافية وخاصة في حالات المشكلات التي يستطيع العميل بنفسه أن يحلها، ولكنها إذا كانت قصيرة بسبب ضيق وقت المرشد، فقد يكون ضررها أكثر من نفعها، إذ أنها تفتقر إلى التفاعل والعلاقة الكافية بين المرشد والعميل، ويسودها الأسلوب المباشر والإيحاء والإلزام والضغط والسطحية وعدم التعمق المطلوب.
المقابلة INTERVIEW:
المقصود هنا "مقابلة جمع المعلومات" أي المقابلة كوسيلة لجمع المعلومات، وتسمى أيضا المقابلة الشخصية أو الاختبار الشخصي. وليس المقصود المقابلة الإرشادية Counselling Interview أو المقابلة العلاجية Clinical Interview أي المقابلة كجزء من عملية الإرشاد أو العلاج النفسي.
والمقابلة هي الوسيلة الأولى الأساسية في الإرشاد النفسي، وهي كوسيلة لجمع المعلومات ليست قاصرة على الإرشاد والعلاج النفسي، ولكنها وسيلة يستخدمها الأطباء والأخصائيون وأصحاب الأعمال والباحثون والصحفيون ... إلخ.
ما هي المقابلة:
المقابلة علاقة اجتماعية مهنية دينامية وجها لوجه بين المرشد والعميل، في جو نفسي آمن يسوده الثقة المتبادلة بين الطرفين، بهدف جمع معلومات من أجل حل مشكلة. أي أنها علاقة فنية حساسة يتم فيها تفاعل اجتماعي هادف، وتبادل معلومات وخبرات ومشاعر واتجاهات، ويتم خلالها التساؤل عن كل شيء، وهي نشاط مهني هادف، وليست محادثة عادية.
والمقابلة الإرشادية تتضمن مواجهة إنسانية، في مكان محدد، وبموعد سابق، لفترة زمنية معينة، لتحقيق أهداف إرشادية. "ماهر محمود عمر، 1989".
أنواع المقابلة:
تقسم المقابلة بصفة عامة إلى أنواع عديدة نلخصها فيما يلي:
المقابلة المبدئية Initial or Intake Interview: وهي أول مقابلة مع العميل، وفيها يتم التمهيد للمقابلات التالية، ويتم تحديد إمكانات المرشد وما يتوقعه المرشد والعميل كل من الآخر، والتعريف بالخدمات الإرشادية، والإلمام بتاريخ الحالة بصورة مبدئية عامة.
المقابلة القصيرة Brief- talk Interview: وهي مقابلة تستغرق مدة قصيرة عندما تكون المشكلة طارئة وسهلة وواضحة، وقد تكون مقدمة لمقابلات أخرى أطول. وقد تكون كافية وخاصة في حالات المشكلات التي يستطيع العميل بنفسه أن يحلها، ولكنها إذا كانت قصيرة بسبب ضيق وقت المرشد، فقد يكون ضررها أكثر من نفعها، إذ أنها تفتقر إلى التفاعل والعلاقة الكافية بين المرشد والعميل، ويسودها الأسلوب المباشر والإيحاء والإلزام والضغط والسطحية وعدم التعمق المطلوب.
المقابلة الفردية: وهي التي تتم بين المرشد وبين عميل واحد فقط.
المقابلة الجماعية Group Interiew: تتم مع جماعة من العملاء، كما يحدث في جماعة الطلاب الذين يعانون من مشكلات مشتركة فيما بينهم.
المقابلة المقيدة أو "المقابلة المقننة": وهي التي تكون مقيدة بأسئلة معينة محددة سلفا يجيب عنها العميل، وموضوعات محددة مسبقا يتحدث فيها، وبتعليمات محددة يتبعها المرشد ومن مزاياها ضمان الحصول على المعلومات الضرورية المطلوبة وتوفير الوقت، إلا أن من عيوبها الجمود ونقص المرونة وتفويت فرصة الحصول على معلومات يريد العميل سردها.
المقابلة المطلقة أو "الحرة": وهي غير مقيدة بأسئلة ولا موضوعات ولا تعليمات محددة، بل تكون حرة ومرنة حيث تترك الحرية للعميل تتداعى أفكاره تداعيا حرا ويعرضها بطريقته الخاصة، ولا شك أن لكل ما يقوله العميل أهمية لأنه يعبر عن وجهة نظره، ومن مزاياها أنها تسير بطريقة تلقائية، إلا أنها تتطلب خبرة خاصة وتدريبا طويلا وإلا كانت مضيعة للوقت.
وتقسم المقابلة حسب هدفها إلى أنواع منها:
مقابلة المعلومات: وتكون بهدف جمع معلومات جديدة أو التوسع في معلومات أو التأكد من معلومات سبق جمعها بوسائل أخرى.
المقابلة الإرشادية أو العلاجية "الكلينكية": وتكون بهدف تعديل أو تغيير وتوجيه السلوك لصالح العميل، وهي تستغرق وقتا طويلا وتهدف إلى تحقيق أهداف الإرشاد والعلاج النفسي "ويأتي الكلام عنها تفصيلا في الفصل السادس".
المقابلة الشخصية: ويطلق عليها أحيانا مقابلة التوظيف، وتكون بهدف تحديد مدى العمل أو الدراسة أو التخصص "ويلي وأندرو Willey & Andrew؛ 1955".
وتقسم المقابلة حسب الأسلوب المتبع فيها إلى:
المقابلة الممركزة حول العميل أو المقابلة غير الموجهة: وفيها يكون سير المقابلة حرا تحت تصرف العميل يفيد منه كيفما يشاء، ولا يقرر المرشد موضوع المقابلة ولا يحدد خطواتها، وإنما يساعد العميل في عمل ذلك بنفسه لنفسه، وينحصر عمل المرشد في تهيئة مناخ نفسي مناسب، ومساعدة العميل في ازدياد إدراك أن المشكلة مشكلته ومسئولية فهمها وحلها تقع على عاتقه هو. فالعميل هو الذي يحدد ما يذكره للمرشد ومتى ينتقل إلى معلومة أخرى. وهو حر في مناقشة ما يشاء من موضوعات وبالأسلوب الذي يراه. وهو الذي يحدد متى تنتهي المقابلة ... وهكذا.
المقابلة الممركزة حول المرشد أو المقابلة الموجهة: وفيها يكون العبء الأكبر على المرشد. وتنحصر المقابلة في دائرة المشكلة. وتسير المقابلة في خطوات محددة مقننة تبدأ بالإعداد له ثم بدئها في سيره حتى إنهائها وتسجيلها.
ويتناول بنجهام ومور "1961" أنواعا أخرى من المقابلة منها: مقابلة الطلاب، ومقابلة العمال، ومقابلة ذوي المشكلات، ويضاف كذلك المقابلة الاستفسارية بصفة عامة، وحتى المقابلة في الصحافة، والمقابلة الخاصة بالشهادة القانونية.
عوامل نجاح المقابلة:
بالإضافة إلى الشروط العامة التي يجب مراعاتها في جميع وسائل جمع المعلومات التي سبق ذكرها، هناك شروط خاصة لضمان نجاح المقابلة وتحقيق أهدافها نلخصها فيما يلي:
عام: يجب مراعاة السرية والأمانة التامة، والتخطيط المسبق والتحضير والإعداد الجيد، والتنظيم، والدقة، والموضوعية، والمعيارية، وأصول التسجيل، والتدريب العلمي، والخبرة، والتعاون والفهم المتبادل والإخلاص والصدق، وهنا ينصح بأن يتجنب المرشد أخطاء مثل النصح والشرح والأمر والنهي والتفسير والإيحاء واستعجال العميل أو إكمال حديثه.
جعل المقابلة موقف تعلم: يجب الحرص على أن تكون المقابلة موقف تعلم وخبرة بناءة فرصة لزيادة فهم الذات والاستبصار لدى العميل، ومن مظاهر ذلك العميل كيف يدرس ويدرك مشكلته من كافة النواحي، وبوضوح أكثر، وكيف يتناول الخبرات بانفعال متزن، وكيف يفهم الانفعالات التي تكمن وراء سلوكه، واكتساب طريقة التفكير المنطقي، وزيادة قدرته على تحمل مسئولية نفسه.
مؤهلات المرشد: وتشمل المؤهلات الشخصية، ويأتي على رأسها سمعته الطيبة في إجراء المقابلة، كأن يكون مشهورا بالبشاشة والأمانة والإخلاص والعلاقة الإنسانية. ومن مؤهلات المرشد الشخصية، أيضا التوافق الشخصي والنجاح في حياته والحياد والموضوعية والتسامح والتخلص من التفكير النمطي الجامد، ومنها كذلك المظهر الشخصي للمرشد حتى في لبسه الذي قد ينظر إليه كرمز للنضج والقدرة، وتشمل مؤهلات المرشد كذلك المؤهلات المهنية، ويأتي على رأسها الإعداد والتدريب المهني وسعة الاطلاع، والمعارف العامة، ومعرفة شاملة للسلوك البشري ودينامياته، ومن المؤهلات الهامة للمرشد، الذكاء الاجتماعي، ولنذكر ما قيل من أن الإرشاد النفسي علم وفن، إن هذا يصدق بصفة خاصة في المقابلة.
إجراء المقابلة:
يتم إجراء المقابلة في خطوات وعلى مراحل مرنة تعتبر أجزاء أساسية، وهي: "انظر أنيت جاريت، 1958".
الإعداد: أو التخطيط المسبق المرن، ويتضمن إعداد الخطوط العريضة والمحاور الرئيسية التي تدور حولها المقابلة وموضوعات المناقشة، وتحديد أسلوب بدء المقابلة، وتحديد الأسئلة الرئيسية، والاطلاع على ما تيسر من معلومات من الوسائل الأخرى، حتى تحدد النواحي المطلوب فيها المزيد من المعلومات ويتضمن الإعداد كذلك إعداد الأدوات اللازمة للتسجيل وخلافه.
الزمان يجب أن يكون الزمن كافيا لإجراء المقابلة، ويختلف الزمن حسب حالة العميل ومشكلته، ووقت المرشد والمعلومات المطلوبة، ويتراوح الزمن بين نصف ساعة وساعة بمتوسط 45 دقيقة، ويلاحظ أن المقابلة التي تتم بسرعة وعلى عجل لا تؤتي ثمارها المنشودة, ويجب تحديد الوقت الذي تستغرقه المقابلة حتى يحرص العميل على عرض الموضوعات التي يهمه عرضها قبل انتهاء الوقت. ويجب أن يكون موعد المقابلة مريحا بالنسبة لكل من المرشد والعميل، وإذا حدث وطلب العميل تحديد موعد المقابلة، فيحسن أن يكون الموعد في أقرب وقت، بل يفضل أن يكون في نفس الوقت الذي يطلبه العميل، لأن هذه تعتبر اللحظة السيكولوجية المناسبة لإجراء المقابلة، وهذا أحد أسباب ترك وقت في جدول المرشد احتياطيا لمثل هذه المقابلات.
المكان: يجب أن يكون مكان المقابلة غرفة خاصة هادئة خالية من الضوضاء والمقاطعات والتدخل، وكلما كانت في مكان يألفه العميل كان ذلك أفضل، بما يساعد على الراحة والطمأنينة والاسترخاء وييسر سير المقابلة، وحتى أثاث غرفة المقابلة يجب أن يكون مريحا ومناسبا ومنسقا، وبه بعض الزهور، ويحسن ألا تكون المقابلة من وراء مكتب حتى لا يشعر العميل بسلطة المرشد وانفصاله عنه.
البدء: تبدأ المقابلة عادة بحديث ترحيب وحديث عام عن الطقس مثلا حتى لا تكون البداية حادة قبل الدخول في الموضوع على ألا يزيد عن هذا الحد الذي يشعر العميل بالضيق لأنه شخصيا يريد أن يدخل في الموضوع، وعادة يستغرق حديث البدء حوالي ربع
ساعة. ويحتاج المرشد إلى حديث التقديم هذا في المقابلة الأولى فقط، أما باقي المقابلات التالية فالبدء يكون بالدخول في الموضوع مباشرة، والأسلوب الشائع والمقبول لدى معظم المرشدين هو التحية والترحيب، وبعض الملاحظات الودية وإبداء الاستعداد للمساعدة، وتشجيع العميل على الكلام، وطمأنته على السرية ... إلخ.
تكوين الألفة Rapport: إن تكوين الألفة والتجاوب وصلة الوئام نقطة مهمة في إجراء المقابلة، وتتضمن الألفة الاحترام والفهم والاهتمام والإخلاص المتبادل والثقة المتبادلة، وهذه أمور مهمة تمهد لنجاح المقابلة. ويجب أن تستمر الألفة طوال المقابلة، ويتوقف نجاح الألفة في الغالب على نجاح بداية المقابلة ونجاح بداية العلاقة بين الطرفين واستمرار نجاحها في المقابلات المقبلة. ولضمان تكون الألفة، يقترح أن تبدأ المقابلة بالترحيب والبشاشة والاهتمام، وتناول بعض الموضوعات العامة، والموضوعات المشتركة، والخبرات السارة، مع الاهتمام بالمشاركة والانفعالية، والتشجيع، والموافقة، والموضوعية، وضرب الأمثلة، كل ذلك مناخ آمن خال من التهديد، يستطيع فيه العميل أن يقول كل شيء وأي شيء.
الملاحظة: أي ملاحظة سلوك العميل وكلامه وحركاته وتعبيرات وملامح وجهه.
الإصغاء: يجب أن يكون إصغاء المرشد أكثر من كلامه، ويشترط حسن الإصغاء بعقل واع واهتمام وتعبير عن المشاركة الانفعالية والتعبير المناسب، مما يساعد على التنفيس والتطهير الانفعالي من جانب العميل1.
التقبل: ويعني هذا تقبل العميل وما يقوله بكل حرية وتسامح، وليس تقبل سلوكه، ويجب أن يدرك العميل ذلك، فالمرشد يتقبل العميل كإنسان ليس معصوما من الخطأ، ولكنه لا يتقبل سلوكه الخاطئ، ومما يساعد على إظهار التقبل إعادة كلام العميل واستخدام ألفاظ تعبر عن التقبل والفهم.
التوضيح: ويتضمن ذلك ربط الأفكار وتوضيحها، وهذا يساعد على التركيز حول الموضوع الرئيسي للمقابلة واستمرارها وإشعار العميل باهتمام وانتباه ومتابعة المرشد.
التساؤل: يعتبر إعداد وتوجيه الأسئلة اثناء المقابلة مهارة مهمة. ويجب اختيار الأسئلة
المناسبة بصيغة مناسبة وفي الوقت المناسب، وتوجهها بطريقة تشعر العميل بأهمية الإجابة عنها بصدق، والأسئلة الجيدة هي تلك التي تهدف إلى الحصول على معلومات مطلوبة وتوجه سير المقابلة في الإطار المرسوم لتحقيق هدفها، والاعتدال والتوسط مطلوب في عدد الأسئلة، فلا تكون قليلة فتظل جوانب كثير غير مطروقة، ولا تكون كثيرة فتشتت العميل. ويجب الحرص بخصوص الأسئلة المباشرة التي قد توحي بأن المقابلة أقرب إلى التحقيق، مما قد يؤدي إلى المقاومة، وبقدر ما تكون الأسئلة مساعدة في توجيه سير المقابلة، فإنها قد تكون معطلة وخاصة في حالات استرسال العميل وصراحته.
الكلام: يقصد هنا كلام وحديث وتعليقات المرشد، ويتضمن ذلك كم كلامه وكيفه. فيجب التعبير بأسلوب يفهمه العميل. وينصح بترك المجال للعمل ليتكلم أكثر مما يتكلم المرشد، وتشجيعه على الكلام، مثل إظهار التقبل والتأييد والتوضيح والأسئلة العامة ... إلخ. أما عن كلام المرشد عن خبراته الخاصة والشخصية أثناء المقابلة، فترى جين وارترز Warters؛ "1964" أنه يجب تجنب الكلام عنها لأنها ليست موضوع المقابلة، بينما يرى مورفي Murphy؛ "1972" العكس ويقول إن إشارة المرشد إلى نفسه وإلى خبراته الشخصية تثري المقابلة وتجعل العميل يقبل أكثر على المقابلة ويقوي العلاقة الإرشادية.
التسجيل: هناك آراء كثيرة حول تسجيل ما يجري في المقابلة، وحول كتابة مذكرات أثنائها، فمن المتفق عليه ضرورة التسجيل والكتابة للرجوع إلى ما يسجل وتحليله والإفادة منه فيما بعد، حيث لا يمكن الاعتماد على الذاكرة وخاصة مع مضي الوقت. ويؤخذ على التسجيل أن المرشد إذا اندمج في تدوين الملاحظات أثناء المقابلة، فإن هذا قد يمنع العميل من ذكر مشكلاته وخبراته الخاصة التي لا يجب أن تدون على الورق، ويلجأ بعض المرشدين إلى استخدام أجهزة التسجيل الصوتي، ولكن ذلك مكلف ماديا بالإضافة إلى أنه قد يزيد حرص العميل بل وامتناعه عن الكلام عن خصوصياته، ويلاحظ أن بعض العملاء بمجرد أن يرى المرشد يكتب ملاحظات يمتنع تماما عن الإدلاء بأي معلومات، وإذا رأى أي جهاز يشك في أنه جهاز تسجيل وتتعقد الأمور. ولتفادي هذه المشكلات، تقترح جين وارترز Warters؛ "1964" ضرورة تعريف العميل بأهمية التسجيل واستئذانه في ذلك، وأن تقتصر الكتابة أثناء المقابلة على الضروري، وإرجاء ما يمكن إرجاؤه إلى نهاية المقابلة حيث يدون بعد إنهائها مباشرة، هذا ويجب تنظيم كل ما يجمع من معلومات خلال المقابلة وحفظها في ملف العميل.
إنهاء المقابلة: يجب أن تنتهي المقابلة عند تحقيق هدفها، وإنهاء المقابلة مهم جدا بقدر أهمية بدئها، ويجب أن يكون إنهاء المقابلة متدرجا وليس مفاجئا بانتهاء الزمن أو انتهاء وقت استعراض وتلخيص ما دار فيها، ويحسن أن يكون ذلك التلخيص على لسان العميل نفسه، والإشارة إلى موعد المقابلة القادم إن شاء الله.
مزايا المقابلة:
تمتاز المقابلة كوسيلة من وسائل جمع المعلومات بما يلي:
- الحصول على معلومات لا يمكن الحصول عليها عن طريق الوسائل الأخرى مثل التعرف على الأفكار والمشاعر والآمال وبعض الخصائص الشخصية، مما يتيح فهما أفضل للعميل ومشكلاته.
- إتاحة فرصة تكوين مناخ من الألفة والتجاوب والاحترام والثقة المتبادلة بين المرشد والعميل، وتكوين علاقة إرشادية ناجحة.
- إتاحة الفرصة أمام العميل للتفكير "بصوت عال" في حضور مستمع جيد، مما يمكنه من التعبير عن نفسه وعن مشكلته.
- إتاحة فرصة الاستبصار والحكم على الأحكام الذاتية التي يصدرها أو يكونها كل من المرشد عن العميل والعميل عن نفسه.
- إتاحة فرص التنفيس الانفعالي وتبادل الآراء والمشاعر في مناخ نفسي آمن.
- تنمية المسئولية الشخصية للعميل في عملية الإرشاد.
عيوب المقابلة:
على الرغم من أن المقابلة تعتبر الوسيلة الأولى في الإرشاد النفسي، ولها مزاياها المهمة، إلا أن لها بعض العيوب منها:
- انخفاض معامل الصدق، وذلك لاختلاف الاستعدادات والقدرات والميول وتقدير المشاعر.
- انخفاض معامل الثبات، وذلك لاختلاف مشاعر العميل تجاه خبراته ومشكلاته من يوم لآخر.
- الذاتية في تفسير نتائج المقابلة، حيث قد يختلف المرشدون المختلفون في ذلك. وقد تختلف هذه النتائج مع الحقائق الموضوعية، وقد يخطئ المرشد في تقدير السمات أو يبالغ فيها حسب خبرته واتجاهاته، وقد يكون متحيزا عند تسجيل ملاحظاته أو عند تحليلها.
- عدم جدواها كثيرا في حالات الأطفال الصغار الذين يصعب عليهم التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم، وعلى أي حال، ورغم هذه العيوب، فإنه لا غنى عن المقابلة كوسيلة لجمع المعلومات، ولا بد إذن من الدراسات والبحوث التي تحاول التخلص من هذه العيوب.
لملاحظة OBSERVATION:
المقصود هنا الملاحظة العملية المنظمة: وهي من أقدم وأكثر وسائل جمع المعلومات شيوعا في الإرشاد النفسي، وهي لذلك وسيلة أساسية ومهمة ومورد خصب للحصول على معلومات عن سلوك العميل "سترانج وموريس Strang & Morris؛ 1964".
ما هي الملاحظة:
هي ملاحظة الوضع الحالي للعميل، في قطاع محدد من قطاعات سلوكه، وتسجيل لموقف من مواقف سلوكه. وتشمل ملاحظة السلوك في مواقف الحياة اليومية الطبيعية، ومواقف التفاعل الاجتماعي بكافة أنواعها في اللعب والعمل والراحة، والرحلات والحفلات، وفي مواقف الإحباط والمسئولية الاجتماعية والقيادة والتبعية والمناسبات الاجتماعية بحيث يتضمن ذلك عينات سلوكية لها مغزى في حياة العميل.
وتقوم الملاحظة العلمية المنظمة على ملاحظات السلوك وتسجيله في صورة لفظية لتحقيق الأهداف الآتية: تسجيل الحقائق التي تثبت أو تنفي فروضا خاصة بسلوك العميل، وتسجيل التغيرات التي تحدث في سلوك العميل نتيجة للنمو، وتحديد العوامل التي تحرك العميل سلوكيا في مواقف وخبرات معينة، ودراسة التفاعل الاجتماعي للعميل في مواقفه الطبيعية، وتفسير السلوك الملاحظ، وإصدار توصيات بشأن السلوك الملاحظ.
أنواع الملاحظة:
من أنواع الملاحظة ما يلي:
الملاحظة المباشرة: حيث يكون الملاحظون أمام العميل وجها لوجه في المواقف ذاتها.
الملاحظة غير المباشرة: مثل التي تحدث دون اتصال مباشر بين الملاحظين والعملاء، ودون أن يدرك العملاء أنهم موضع ملاحظة. ويتم ذلك في أماكن خاصة مجهزة لذلك.
الملاحظة المنظمة الخارجية: ويكون أساسها المشاهدة الموضوعية والتسجيل بإزاء الشخص ومظاهر ونواح سلوكية معينة، دون التحكم في الظروف والعوامل التي تؤثر في هذا السلوك، ويمكن أن تكون تتبعية لسلوك معين، ويقوم بها أشخاص خارجيون"أي غير الشخص الملاحظ أو العميل".
الملاحظة المنظمة الداخلية: وهذه تكون من الشخص نفسه لنفسه "التأمل الباطني"، وهي ذاتية وليست موضوعية، ومن عيوبها أنها لا يمكن أن تتبع مع الأطفال الصغار الذين لا يستطيعون القيام بها.
الملاحظة العرضية أو الصدفية: وهي عفوية غير مقصودة، وتأتي بالصدفة، وتكون سطحية وغير دقيقة وغير علمية وليس لها قيمة علمية، ومن أمثلتها الملاحظات العابرة لسلوك العميل في المدرسة أو دار العبادة، وعلى الرغم من هذا فإنها تعطي بعض المعلومات وتستثير بعض الأسئلة، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى فهم أكثر.
الملاحظة الدورية: وهذه تتم في فترات زمنية محددة، وتسجيل حسب تسلسلها الزمني كل صباح أو كل أسبوع أو كل شهر ... وهكذا.
الملاحظة المقيدة: وتكون مقدية بمجال أو موقف معين، ومقيدة ببنود أو فقرات معينة مثل ملاحظة الأطفال في مواقف اللعب أو الإحباط أو أثناء التفاعل الاجتماعي مع الكبار
عوامل نجاح الملاحظة:
للملاحظة شروط يجب مراعاتها ضمانا لنجاحها وضمانا لفائدة المعلومات التي تحصل عليها عن طريقها، ومن هذه الشروط ما يأتي:
عام: سرية المعلومات التي يتم الحصول عليها منها، والموضوعية والبعد عن الذاتية والآراء الشخصية وخاصة في تسجيل وتفسير السلوك الملاحظ، والدقة في إجراء الملاحظة وفي تفسير السلوك الملاحظ، كذلك يحتاج نجاح الملاحظة إلى خبرة وتدريب في دراسة وملاحظة السلوك البشري.
الشمول: ويتضمن ذلك شمول الملاحظة لعينات متنوعة من سلوك العميل وتوضح تفاصيل إيجابيات السلوك وسلبياته، ونقاط القوة مع نقاط الضعف، بما يغطي الجوانب المختلفة لشخصية العميل.
الانتقاء: ويقصد بذلك انتقاء السلوك المتكرر أو الثابت نسبيا، والاهتمام بملاحظته وتمييزه عن السلوك العارض أو الصدفي أو الطارئ.
إجراء الملاحظة:
يتم إجراء الملاحظة في خطوات أبرزها ما يلي:
الإعداد: ويتضمن ذلك التخطيط المحكم بها، والتحديد المسبق للسلوك الذي سوف يلاحظ وأبعاده، وتحديد المعلومات المطلوبة بالضبط, وهدف الملاحظة بصفة عامة. ويتضمن الإعداد كذلك تجهيز الأدوات اللازمة للتسجيل، وتحديد الزمان والمكان الذي تتم فيه الملاحظة.
الزمان: ويحدد الزمان الذي سوف يتم في غرف خاصة مجهزة بالأجهزة، والمعدات اللازمة والأدوات والأثاث اللازم، ولقد تطورت أساليب الملاحظة مع تطور الأجهزة العليمة في معامل ومختبرات علم النفس، وحيث تستخدم آلات التصوير العادي والسينامي والدوائر التليفزيونية المغلقة. وتتم الملاحظة في غرف على شكل قباب تمكن من متابعة وملاحظة السلوك من أعلى ومن كل الجوانب، وتستخدم كذلك غرف بها حجاب الرؤية من جانب واحد One- Way Screen حيث يرى الملاحظون العملاء دون أن يراهم العملاء، وذلك بقصد ضمان
م إحراج العملاء، وحتى يكون السلوك تلقائيا وغير مصطنع، ويستخدم فيها الأجهزة الصوتية والبصرية اللازمة "شكل 41" هذا وقد تم الملاحظة في مكان حدوث السلوك كالفصل أو الفناء أوعلى الشاطئ في رحلة أو حتى في الشارع.
إعداد دليل الملاحظة: ويفيد دليل الملاحظة في تحديد عينات السلوك التي تلاحظ. ويستخدم بعض الملاحظين "قائمة مراجعة" Check list كدليل يشمل موضوعات الملاحظة الهامة1.
اختيار عينات سلوكية ممثلة للملاحظة: يجب اختيار عينات متنوعة ومتعددة وشاملة وممثلة لأكبر عدد من مواقف الحياة المختلفة في أوقات مختلفة وفي مناسبات مختلفة وفي مواقف فردية ومواقف جماعية ... وهكذا، بحيث تعطي صورة متكاملة وواضحة لسلوك العميل، فمن