إعداد طالبة الدكتوراه
دانيا الشبؤون
إشراف الأستاذة الدكتورة
أمل الأحمد
كلية التربية
جامعة دمشق
الملخص
يهدف هذا البحث إلى الكشف عن العلاقة بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة
وبين الاكتئاب لدى المراهقين من تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي في مدارس
مدينة دمشق الرسمية، كما يهدف إلى معرفة الفروق بين المراهقين في القلق بوصفه
حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب تبعاً لمتغير الجنس (ذكور وإناث). وقد تكونت
عينة البحث من( 655 ) طالباً وطالبة من تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي
موزعين إلى( 303 ) ذكور و( 352 ) إناث تم اختيارهم بطريقة عشوائية طبقية من
من STAI مدارس مدينة دمشق الرسمية. وطُبق عليهم اختبار حالة وسمة القلق للكبار
إعداد عبد الرقيب أحمد البحيري 2005 واختبار الشعور بالاكتئاب لدى المراهقين من
إعداد الباحثة، بعد أن قامت الباحثة بتطبيقه على عينة استطلاعية وتأكدت من صدقه
وثباته.
وقد أشارت نتائج الدراسة إلى:
- وجود ارتباط بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب لدى
مراهقي عينة البحث جميعاً، حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بين القلق بوصفه
حالة والاكتئاب ( 0.63 ) بينما بلغت قيمة معامل الارتباط بين القلق بوصفه سمة
.( والاكتئاب ( 0.69
- وجود ارتباط بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب لدى
المراهقين من الجنسين، حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بين القلق بوصفه حالة
والاكتئاب عند الذكور ( 0.63 ) بينما بلغت قيمة معامل الارتباط بين القلق بوصفه
حالة والاكتئاب عند الإناث ( 0.67 )، في حين بلغت قيمة معامل الارتباط بين القلق
بوصفه سمة والاكتئاب عند الذكور ( 0.64 ) بينما بلغت قيمة معامل الارتباط بين
.( القلق بوصفه سمة والاكتئاب عند الإناث ( 0.70
- تبين عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في القلق بوصفه
حالة.
- تبين وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في القلق بوصفه سمة
وذلك لصالح الإناث.
- تبين وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في الاكتئاب وذلك
لصالح الإناث.
مقدمة:
يصف كثير من الناس عصرنا الحالي بأنه عصر القلق والتوتر على المستويين الفردي
والجماعي، لأنه عصر يتميز بأنه ذو إيقاع سريع، شديد التقلب، كما تكثر فيه
الصراعات والتوترات والضغوط النفسية، وهناك ثمة اتفاق بين المشتغلين بعلم النفس
والطب النفسي في أن القلق يمثل عصب الحياة النفسية السوية وغير السوية، ويعد
المدخل الجوهري لدراسة الصحة النفسية للإنسان.
من المفاهيم التي نالت حظاً وفيراً في الدراسات النفسية، Anxiety ويعد مفهوم القلق
ومن هنا فقد تعددت تعريفات هذا المفهوم، إلا أنه يمكننا تلخيص هذه التعريفات
بتعريف وٍاحد وهو أن القلق " خبرة انفعالية غير سارة، يشعر بها الفرد عندما
يتعرض لمثير مهدد أو مخيف، أو عندما يقف في موقف صراعي أو إحباطي حاد،
وكثيراً ما يصاحب هذه الحالة الانفعالية بعض المظاهر الفيزيولوجية، مثل ازدياد
ضربات القلب وزيادة التنفس وارتفاع ضغط الدم وفقدان الشهية وزيادة إفراز العرق
والارتعاش في الأيدي والأرجل، كما يتأثر أيضاً إدراك الفرد للموضوعات المحيطة
.( به في موقف القلق " (عبد المعطي: 1996 ، ص 17 ; الجزائري: 2004 ، ص 19
بعض Anxiety State والقلق إما أن يكون حالة أو سمة، ويتضمن قلق الحالة
التغيرات الفيزيولوجية، وهي خبرة عابرة تتفاوت من حيث الشدة من وقت لآخر، أما
إذا استخدم مصطلح القلق في وصف السمة الرئيسية لشخصية الفرد، كان معناه سمة
أي أن الفرد يخبر حالة القلق بصورة مزمنة تسمح بأن يقال Anxiety Trait القلق
عنه بأنه يتسم بسمة القلق، ويتضمن القلق أعراضاً متنوعة مثل برودة الأطراف
وتصبب العرق والاضطرابات المعوية واضطرابات النوم والصداع وفقدان الشهية
وسرعة ضربات القلب واضطرابات التنفس والخوف الشديد، وتوقع الأذى والمصائب
وعدم القدرة على تركيز الانتباه والإحساس الدائم بتوقع الهزيمة والعجز والاكتئاب
.( السنباري: 2002 ، ص 61 ; Hanton et al,2002,P.1126)
ويعد القلق والاكتئاب من أهم الاضطرابات النفسية شيوعاً عند الأطفال والمراهقين،
وهناك العديد من الدراسات الأجنبية التي حاولت دراسة الفروق بين هذين
الاضطرابين وإمكانية الفصل بينهما وتمييزهما عن بعضهما بعضاً من هذه الدراسات
ودراسة ويكار Clark, Steer, & Beck, دراسة كلارك وستير وبيك 1994
.(Miles et al,2004,P.691) Waikar & Craske, وكراسكي 1997
ويعد الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً في العالم كله وذلك ما أكدته الأبحاث
العالمية في هذا المجال وترى منظمة الصحة العالمية أنه سوف يحتل المرتبة الثانية من
أهم أسباب الوفاة والإعاقة في العالم بعد أمراض القلب بحلول عام 2020 ويعرف
الاكتئاب بأنه "حالة انفعالية وقتية أو دائمة يشعر فيها الفرد بالانقباض والحزن والضيق
وتشيع فيها مشاعر الهم والغم، وتصاحب هذه الحالة أعراض محددة متصلة بالجوانب
.( المزاجية والمعرفية والسلوكية والجسمية" (هندية: 2003 ،ص 8; موسى: 2005 ، ص 21
ويعد هذا البحث محاولةً علمية لدراسة العلاقة بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه
سمة وبين الاكتئاب عند المراهقين. واقتناعاً من الباحثة بأهمية هذا الموضوع الحيوي
فقد شاءت أن تتناوله بالدراسة المعمقة.
مشكلة البحث:
يعد البحث الحالي محاولةً للكشف عن العلاقة بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه
سمة وبين الاكتئاب لدى المراهقين، ومعرفة مستوى الشعور بكل مٍن هذه المتغيرات
لدى المراهقين من الجنسين، لاسيما وأن معظم الدراسات الأجنبية لم تعطِ الأهمية
الكافية لدراسة العلاقة بين القلق والاكتئاب إلا في أواخر الثمانينيات من القرن
الماضي، حيث ركزت أغلب هذه الدراسات على دراسة العلاقة بين القلق والاكتئاب
بهدف الكشف عن أوجه التشابه والاختلاف بينهما
هذا بالإضافة ،Wolman & Stricker,1990-Silverstein & Blumenthal,1997
إلى أن أغلب الدراسات والبحوث النفسية العربية تركزت حول القلق والاكتئاب عند
الراشدين مع إغفالها للمراحل الأخرى من النمو كالمراهقة ( عبد الله السيد عسكر
وعماد علي عبد الرزاق 1998 – محمد حسن غانم 2002 – سهير فهيم الغباشي
2000 – بدر محمد الأنصاري 2003 – مريم حسن علي اليماني وأحمد محمد عبد
الخالق 2004 – سماح أحمد الذيب وأحمد محمد عبد الخالق 2006 – بدر محمد
الأنصاري وعلي مهدي كاظم 2007 ) وقد اختارت الباحثة مرحلة المراهقة المبكرة
نظراً لأنها تُعد مرحلةً حرجة تتميز بالتناقضات وعدم الاتزان الانفعالي والحساسية
الزائدة لجميع المؤثرات الخارجية، فالمراهق هنا يشعر بالحزن والضيق والملل نتيجةً
لرهافة مشاعره وأحاسيسه والتي يمكن جرحها بسهولة في هذه المرحلة العمرية
الحساسة والتي تتميز بالقلق والتوتر، مما يؤثر بدوره على شعور المراهق بالقلق
والاكتئاب.
ولقد كان من بين المسوغات التي دفعت الباحثة للقيام بهذا البحث أيضاً اطلاعها على
Irons & Gilbert,2005 - HelenMiles ) أحدث الدراسات والبحوث النفسية الأجنبية
- Salman Elbedour et al,2007 - Kirstin Greaves-Lord et al, 2004 ،et al
2007 ) والتي بدأت تتصدى مؤخراً لدراسة القلق –Patricia Vuijk et al, 2007
والاكتئاب عند المراهقين، فعلى الرغم من أن مفهومي القلق والاكتئاب قد نالا من
الدراسات والبحوث النفسية ما جعلهما يثيران اهتمام جميع الباحثين وعلماء النفس، إلا
أن دراسة هذين المفهومين عند المراهقين تحديداً يعد حديثاً نوعاً ما.
فالكثير يطلق على عصرنا هذا عصر القلق حيث أصبح السمة السائدة التي تميز
حياتنا، فالأطفال يقلقون والمراهقون يقلقون والكبار يقلقون فجميعنا نشعر بالقلق، فنحن
قلقون لأسباب تتعلق بالماضي وخبراته السلبية، ونحن قلقون لأسباب تتعلق بالحاضر
وضغوطه ومشكلاته، ونحن قلقون لأسباب تتعلق بالمستقبل وتغيراته والمجهول الذي
يكتنفه، كل هذا من شأنه أن يعيق قدرتنا على التوازن النفسي السليم، فكيف إذن
بالمراهق والذي يمر بأخطر مرحلة في حياته قد تجعله يعاني الكثير من المشكلات
النفسية، وهذا ما أكدته الزيارة الميدانية التي قامت بها الباحثة إلى عددٍ من مدراس
التعليم الأساسي الحلقة الثانية (رشدي الشمعة، ابن الأثير، ساطع الحصري، ابن سينا)
حيث أكد المرشدون النفسيون في مقابلةٍ غير مقننة وجود نسبةً لا بأس بها تعاني من
مشكلاتٍ نفسية متعددة ( كالخوف والقلق والخجل والضغط والتوتر النفسي
والاكتئاب... إلخ).
واستناداً إلى ما سبق فقد شعرت الباحثة بمشكلة البحث ووجدت أن الموضوع يستحق
الدراسة العلمية الدقيقة، ومن هنا يمكننا تحديد مشكلة البحث بالسؤال التالي:
ما طبيعة العلاقة الارتباطية بين الشعور بالقلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة
وبين الشعور بالاكتئاب؟ وهل هناك فروق في هذه المتغيرات لدى تلاميذ الصف
15 سنة) من التعليم الأساسي في مدارس محافظة دمشق - التاسع- حلقة ثانية ( 14
الرسمية ؟
أهمية البحث:
تنبع أهمية البحث من نقاط عدة أهمها:
-1 أهمية الموضوع نفسه، حيث يعد كلٍ من الشعور بالقلق والاكتئاب من أخطر
المشاكل النفسية التي يمكن أن يواجهها الإنسان في حياته، لدرجة أن العديد من
الباحثين وعلماء مدارس علم النفس يرون أن القلق هو المحرك الأساسي لكل سلوك
سوي أو مرضي عند الإنسان، في حين أن الاكتئاب يعيق الإنسان عن عملية
التكيف النفسي السليم.
-2 أهمية المرحلة العمرية التي يدرسها البحث، فالاهتمام بمرحلة المراهقة من
المؤشرات الهامة على تقدم أي مجتمع، فالمراهق هو ثروة المستقبل والذي سوف
تقع على عاتقه مستقبلاً مسؤولية بناء المجتمع وتقدمه، وشعوره بالقلق والاكتئاب
من شأنه أن يدمر صحته النفسية.
-3 عدم وجود دراسات سابقة عربية حسب معلومات الباحثة تصدت لدراسة القلق في
علاقته بالاكتئاب لدى المراهقين، فأغلب الدراسات والبحوث النفسية العربية السابقة
قد تركزت حول مرحلة الشباب وأغفلت مرحلة المراهقة.
-4 أهمية إجراء دراسة ميدانية حول القلق والاكتئاب لدى المراهقين للاستفادة من
نتائج هذه الدراسة في وضع برامج إرشادية للتخفيف من الشعور بكلٍ من القلق
والاكتئاب لدى المراهقين.
أهداف البحث:
يهدف البحث الحالي إلى:
-1 الكشف عن نسبة انتشار كلٍ من القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة والاكتئاب
لدى المراهقين.
-2 الكشف عن الارتباط بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب
لدى تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي الذكور.
-3 الكشف عن الارتباط بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب
لدى تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي الإناث.
-4 الكشف عن الفروق بين تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي في كلٍ من القلق
بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة في ضوء متغير الجنس.
-5 الكشف عن الفروق بين تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي في الاكتئاب في
ضوء متغير الجنس.
دانيا الشبؤون
إشراف الأستاذة الدكتورة
أمل الأحمد
كلية التربية
جامعة دمشق
الملخص
يهدف هذا البحث إلى الكشف عن العلاقة بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة
وبين الاكتئاب لدى المراهقين من تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي في مدارس
مدينة دمشق الرسمية، كما يهدف إلى معرفة الفروق بين المراهقين في القلق بوصفه
حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب تبعاً لمتغير الجنس (ذكور وإناث). وقد تكونت
عينة البحث من( 655 ) طالباً وطالبة من تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي
موزعين إلى( 303 ) ذكور و( 352 ) إناث تم اختيارهم بطريقة عشوائية طبقية من
من STAI مدارس مدينة دمشق الرسمية. وطُبق عليهم اختبار حالة وسمة القلق للكبار
إعداد عبد الرقيب أحمد البحيري 2005 واختبار الشعور بالاكتئاب لدى المراهقين من
إعداد الباحثة، بعد أن قامت الباحثة بتطبيقه على عينة استطلاعية وتأكدت من صدقه
وثباته.
وقد أشارت نتائج الدراسة إلى:
- وجود ارتباط بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب لدى
مراهقي عينة البحث جميعاً، حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بين القلق بوصفه
حالة والاكتئاب ( 0.63 ) بينما بلغت قيمة معامل الارتباط بين القلق بوصفه سمة
.( والاكتئاب ( 0.69
- وجود ارتباط بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب لدى
المراهقين من الجنسين، حيث بلغت قيمة معامل الارتباط بين القلق بوصفه حالة
والاكتئاب عند الذكور ( 0.63 ) بينما بلغت قيمة معامل الارتباط بين القلق بوصفه
حالة والاكتئاب عند الإناث ( 0.67 )، في حين بلغت قيمة معامل الارتباط بين القلق
بوصفه سمة والاكتئاب عند الذكور ( 0.64 ) بينما بلغت قيمة معامل الارتباط بين
.( القلق بوصفه سمة والاكتئاب عند الإناث ( 0.70
- تبين عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في القلق بوصفه
حالة.
- تبين وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في القلق بوصفه سمة
وذلك لصالح الإناث.
- تبين وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في الاكتئاب وذلك
لصالح الإناث.
مقدمة:
يصف كثير من الناس عصرنا الحالي بأنه عصر القلق والتوتر على المستويين الفردي
والجماعي، لأنه عصر يتميز بأنه ذو إيقاع سريع، شديد التقلب، كما تكثر فيه
الصراعات والتوترات والضغوط النفسية، وهناك ثمة اتفاق بين المشتغلين بعلم النفس
والطب النفسي في أن القلق يمثل عصب الحياة النفسية السوية وغير السوية، ويعد
المدخل الجوهري لدراسة الصحة النفسية للإنسان.
من المفاهيم التي نالت حظاً وفيراً في الدراسات النفسية، Anxiety ويعد مفهوم القلق
ومن هنا فقد تعددت تعريفات هذا المفهوم، إلا أنه يمكننا تلخيص هذه التعريفات
بتعريف وٍاحد وهو أن القلق " خبرة انفعالية غير سارة، يشعر بها الفرد عندما
يتعرض لمثير مهدد أو مخيف، أو عندما يقف في موقف صراعي أو إحباطي حاد،
وكثيراً ما يصاحب هذه الحالة الانفعالية بعض المظاهر الفيزيولوجية، مثل ازدياد
ضربات القلب وزيادة التنفس وارتفاع ضغط الدم وفقدان الشهية وزيادة إفراز العرق
والارتعاش في الأيدي والأرجل، كما يتأثر أيضاً إدراك الفرد للموضوعات المحيطة
.( به في موقف القلق " (عبد المعطي: 1996 ، ص 17 ; الجزائري: 2004 ، ص 19
بعض Anxiety State والقلق إما أن يكون حالة أو سمة، ويتضمن قلق الحالة
التغيرات الفيزيولوجية، وهي خبرة عابرة تتفاوت من حيث الشدة من وقت لآخر، أما
إذا استخدم مصطلح القلق في وصف السمة الرئيسية لشخصية الفرد، كان معناه سمة
أي أن الفرد يخبر حالة القلق بصورة مزمنة تسمح بأن يقال Anxiety Trait القلق
عنه بأنه يتسم بسمة القلق، ويتضمن القلق أعراضاً متنوعة مثل برودة الأطراف
وتصبب العرق والاضطرابات المعوية واضطرابات النوم والصداع وفقدان الشهية
وسرعة ضربات القلب واضطرابات التنفس والخوف الشديد، وتوقع الأذى والمصائب
وعدم القدرة على تركيز الانتباه والإحساس الدائم بتوقع الهزيمة والعجز والاكتئاب
.( السنباري: 2002 ، ص 61 ; Hanton et al,2002,P.1126)
ويعد القلق والاكتئاب من أهم الاضطرابات النفسية شيوعاً عند الأطفال والمراهقين،
وهناك العديد من الدراسات الأجنبية التي حاولت دراسة الفروق بين هذين
الاضطرابين وإمكانية الفصل بينهما وتمييزهما عن بعضهما بعضاً من هذه الدراسات
ودراسة ويكار Clark, Steer, & Beck, دراسة كلارك وستير وبيك 1994
.(Miles et al,2004,P.691) Waikar & Craske, وكراسكي 1997
ويعد الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً في العالم كله وذلك ما أكدته الأبحاث
العالمية في هذا المجال وترى منظمة الصحة العالمية أنه سوف يحتل المرتبة الثانية من
أهم أسباب الوفاة والإعاقة في العالم بعد أمراض القلب بحلول عام 2020 ويعرف
الاكتئاب بأنه "حالة انفعالية وقتية أو دائمة يشعر فيها الفرد بالانقباض والحزن والضيق
وتشيع فيها مشاعر الهم والغم، وتصاحب هذه الحالة أعراض محددة متصلة بالجوانب
.( المزاجية والمعرفية والسلوكية والجسمية" (هندية: 2003 ،ص 8; موسى: 2005 ، ص 21
ويعد هذا البحث محاولةً علمية لدراسة العلاقة بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه
سمة وبين الاكتئاب عند المراهقين. واقتناعاً من الباحثة بأهمية هذا الموضوع الحيوي
فقد شاءت أن تتناوله بالدراسة المعمقة.
مشكلة البحث:
يعد البحث الحالي محاولةً للكشف عن العلاقة بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه
سمة وبين الاكتئاب لدى المراهقين، ومعرفة مستوى الشعور بكل مٍن هذه المتغيرات
لدى المراهقين من الجنسين، لاسيما وأن معظم الدراسات الأجنبية لم تعطِ الأهمية
الكافية لدراسة العلاقة بين القلق والاكتئاب إلا في أواخر الثمانينيات من القرن
الماضي، حيث ركزت أغلب هذه الدراسات على دراسة العلاقة بين القلق والاكتئاب
بهدف الكشف عن أوجه التشابه والاختلاف بينهما
هذا بالإضافة ،Wolman & Stricker,1990-Silverstein & Blumenthal,1997
إلى أن أغلب الدراسات والبحوث النفسية العربية تركزت حول القلق والاكتئاب عند
الراشدين مع إغفالها للمراحل الأخرى من النمو كالمراهقة ( عبد الله السيد عسكر
وعماد علي عبد الرزاق 1998 – محمد حسن غانم 2002 – سهير فهيم الغباشي
2000 – بدر محمد الأنصاري 2003 – مريم حسن علي اليماني وأحمد محمد عبد
الخالق 2004 – سماح أحمد الذيب وأحمد محمد عبد الخالق 2006 – بدر محمد
الأنصاري وعلي مهدي كاظم 2007 ) وقد اختارت الباحثة مرحلة المراهقة المبكرة
نظراً لأنها تُعد مرحلةً حرجة تتميز بالتناقضات وعدم الاتزان الانفعالي والحساسية
الزائدة لجميع المؤثرات الخارجية، فالمراهق هنا يشعر بالحزن والضيق والملل نتيجةً
لرهافة مشاعره وأحاسيسه والتي يمكن جرحها بسهولة في هذه المرحلة العمرية
الحساسة والتي تتميز بالقلق والتوتر، مما يؤثر بدوره على شعور المراهق بالقلق
والاكتئاب.
ولقد كان من بين المسوغات التي دفعت الباحثة للقيام بهذا البحث أيضاً اطلاعها على
Irons & Gilbert,2005 - HelenMiles ) أحدث الدراسات والبحوث النفسية الأجنبية
- Salman Elbedour et al,2007 - Kirstin Greaves-Lord et al, 2004 ،et al
2007 ) والتي بدأت تتصدى مؤخراً لدراسة القلق –Patricia Vuijk et al, 2007
والاكتئاب عند المراهقين، فعلى الرغم من أن مفهومي القلق والاكتئاب قد نالا من
الدراسات والبحوث النفسية ما جعلهما يثيران اهتمام جميع الباحثين وعلماء النفس، إلا
أن دراسة هذين المفهومين عند المراهقين تحديداً يعد حديثاً نوعاً ما.
فالكثير يطلق على عصرنا هذا عصر القلق حيث أصبح السمة السائدة التي تميز
حياتنا، فالأطفال يقلقون والمراهقون يقلقون والكبار يقلقون فجميعنا نشعر بالقلق، فنحن
قلقون لأسباب تتعلق بالماضي وخبراته السلبية، ونحن قلقون لأسباب تتعلق بالحاضر
وضغوطه ومشكلاته، ونحن قلقون لأسباب تتعلق بالمستقبل وتغيراته والمجهول الذي
يكتنفه، كل هذا من شأنه أن يعيق قدرتنا على التوازن النفسي السليم، فكيف إذن
بالمراهق والذي يمر بأخطر مرحلة في حياته قد تجعله يعاني الكثير من المشكلات
النفسية، وهذا ما أكدته الزيارة الميدانية التي قامت بها الباحثة إلى عددٍ من مدراس
التعليم الأساسي الحلقة الثانية (رشدي الشمعة، ابن الأثير، ساطع الحصري، ابن سينا)
حيث أكد المرشدون النفسيون في مقابلةٍ غير مقننة وجود نسبةً لا بأس بها تعاني من
مشكلاتٍ نفسية متعددة ( كالخوف والقلق والخجل والضغط والتوتر النفسي
والاكتئاب... إلخ).
واستناداً إلى ما سبق فقد شعرت الباحثة بمشكلة البحث ووجدت أن الموضوع يستحق
الدراسة العلمية الدقيقة، ومن هنا يمكننا تحديد مشكلة البحث بالسؤال التالي:
ما طبيعة العلاقة الارتباطية بين الشعور بالقلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة
وبين الشعور بالاكتئاب؟ وهل هناك فروق في هذه المتغيرات لدى تلاميذ الصف
15 سنة) من التعليم الأساسي في مدارس محافظة دمشق - التاسع- حلقة ثانية ( 14
الرسمية ؟
أهمية البحث:
تنبع أهمية البحث من نقاط عدة أهمها:
-1 أهمية الموضوع نفسه، حيث يعد كلٍ من الشعور بالقلق والاكتئاب من أخطر
المشاكل النفسية التي يمكن أن يواجهها الإنسان في حياته، لدرجة أن العديد من
الباحثين وعلماء مدارس علم النفس يرون أن القلق هو المحرك الأساسي لكل سلوك
سوي أو مرضي عند الإنسان، في حين أن الاكتئاب يعيق الإنسان عن عملية
التكيف النفسي السليم.
-2 أهمية المرحلة العمرية التي يدرسها البحث، فالاهتمام بمرحلة المراهقة من
المؤشرات الهامة على تقدم أي مجتمع، فالمراهق هو ثروة المستقبل والذي سوف
تقع على عاتقه مستقبلاً مسؤولية بناء المجتمع وتقدمه، وشعوره بالقلق والاكتئاب
من شأنه أن يدمر صحته النفسية.
-3 عدم وجود دراسات سابقة عربية حسب معلومات الباحثة تصدت لدراسة القلق في
علاقته بالاكتئاب لدى المراهقين، فأغلب الدراسات والبحوث النفسية العربية السابقة
قد تركزت حول مرحلة الشباب وأغفلت مرحلة المراهقة.
-4 أهمية إجراء دراسة ميدانية حول القلق والاكتئاب لدى المراهقين للاستفادة من
نتائج هذه الدراسة في وضع برامج إرشادية للتخفيف من الشعور بكلٍ من القلق
والاكتئاب لدى المراهقين.
أهداف البحث:
يهدف البحث الحالي إلى:
-1 الكشف عن نسبة انتشار كلٍ من القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة والاكتئاب
لدى المراهقين.
-2 الكشف عن الارتباط بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب
لدى تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي الذكور.
-3 الكشف عن الارتباط بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب
لدى تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي الإناث.
-4 الكشف عن الفروق بين تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي في كلٍ من القلق
بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة في ضوء متغير الجنس.
-5 الكشف عن الفروق بين تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي في الاكتئاب في
ضوء متغير الجنس.