المجال البيولوجي Biological Domain:
الشيخوخة تبدأ عندما تتغلب عملية الأيض الهدمي "Catabolism" على عملية نمو الأيض البنائي "Anabolism".
والبروتوبلازم أو الجبلة "protoplasm" هي مادة حية تتكون منها خلايا الجسم, ويؤدي هذا التحلل إلى ضمور أنسجة الأعضاء المختلفة للجسم لكي يصبح تكوينها ليفي "Fibrous" على أن هذا الضمور أو العجز لا يرتبط بالسن الذي يقاس بعدد الدورات الشمسية، وبذلك فإن سرعة هذا الضمور تختلف باختلاف الأفراد.
والضمور يصيب جميع أعضاء الجسم، والمخزون العضوي يستهلك عملية الإصلاح والاستبدال تبطئ مع التقدم في السن.
التغيرات في الدورة الدموية للقلب:
القلب بالذات يتعرض أثناء الحياة لمجهود كبير وبالتالي فعند تقدم السن يصبح القلب أكثر الأعضاء تعرضا للضمور، كما أن مقدرة القلب على الضخ تقل ويتبع ذلك انخفاض في كمية الدم الحامل للأكسجين،
والتي تصل إلى الأعضاء المختلفة للجسم بالإضافة إلى أغشية الأوعية الدموية يصيبها الضمور، وكثيرا ما تتراكم على الأغشية الداخلية لهذه الأوعية طبقة من رواسب شحمية تسمى Atherom ويعتقد أن هذا التراكم عندما يقترن مع تكوين أنسجة ليفية في بطانة الأوعية الدموية فإنه يؤدي إلى مرض تصلب الشرايين.
التغيرات في المظهر:
إن المظهر الخارجي للجلد يتغير تغيرا كبيرا، ذلك أن الغدد المفرزة تحت سطح الجلد وكذلك الغدد التي تخلص الجسم من عوادمه يقل مفعولها فيفقد الجلد مرونته Elasticity ويضمر ويجف ويتجعد, وتختفي الطبقة الشحمية تحت الجلد تماما، فيفقد بذلك نعومته ونضارته كذلك فإن الألياف التي تربط فواصل العظام تضمر، وتقل بذلك قدرة المفاصل ومدى حركاتها مما يؤدي إلى شكوى المسن من آلام المفاصل ومع تناقص نسبة المعادن في عظام الإنسان فإنها تصبح هشة وسهلة الكسر، كما أن قدرة المسن على الحركة تضعف وخطواته تتباطأ، وجميع هذه التغيرات السابقة تؤدي إلى الصورة التي نرى بها المسن كشخص ضئيل، منحنٍ ومتجعد الأسارير.
التغيرات في الجهاز التنفسي:
حركة تنفس الصدر تقل بسبب الأنسجة الليفية التي تتكون في جدار الرئة وغلاف الصدر، ويتبع ذلك انخفاض في استهلاك الأكسجين وتعرض المسن للالتهابات الرئوية وبالمقارنة فإن أمراض الجهاز التنفسي التي تصيب الشاب هي عادة التهابات اللوز والجيوب الأنفية.
التغيرات في التغذية والجهاز الهضمي:
إن تسوس الأنسان وفقدانها وضعف عضلات الفك تقضي على متعة الأكل للمسن بالإضافة إلى أن صعوبة المضغ تؤدي إلى تعديل نوعية الوجبات، كما أن ضعف إفراز الغدد وضعف عضلات الأمعاء تؤدي إلى شكاوى المسن من الهضم والإمساك ويلاحظ أن المسن يضطر إلى أن ينفق قدرا غير يسير من مورده المالي على الأدوية المضادة للحموضة وعلى الملينات، والمسن يتعرض لضياع حاسة التذوق وحاسة الشم ويفقد بذلك قدرة التمتع بالطعام، ويصبح الطعام لا طعم له، وهذه ناحية يجب مرعاتها عند طهي الوجبات التي تقدم للمسنين.
نظرا لغلاء اللحوم والفواكه والخضروات فإن المسن يلجأ إلى الإكثار من أكل مكونات الدقيق، مثل الفطائر والخبز، ونتيجة لهذا النظام في تناول الوجبات فإن المسن يتعرض لفقر الدم ونقص في بعض الفيتامينات الحيوية مما يؤدي إلى سهولة إصابته بالالتهابات.
القدرة على التكيف للضغوط:
الفرد في الحياة معرض بصفة مستمرة لكل أنواع الضغوط، والتكيف ومواجهة هذه الضغوط تحتاج إلى حيوية، ولقد قام هانز سلي "Hans selye" بتصنيف عملية مواجهة الضغوط على أنها تمر بثلاث مراحل.
1- رد الفعل عند أول إنذار.
2- مرحلة المقاومة.
3- مرحلة الإجهاد نظير تراكم وتفاقم الضغوط مما يؤدي إلى تلف وشيخوخة الأنسجة.
وجسم المسن يكون قد تعرض أثناء حياته لضغوط عديدة، وبعد فترة من هذه الضغوط المستمرة، فإنه يصاب بالإجهاد، وحيث أن الحيوية الاحتياطية تكون قد استنفذت، فإن ما تبقى له لا يكفيه على التكيف وبذلك تنار مقاومته، وهذا يعلل لماذا يسبق المسن شخص أقل منه سنا في الشعور بالإجهاد.
وبعد التعرض المستمر، ولفترة طويلة لضغوط الحياة، فإن الراحة لا يمكنها التعويض الكامل لهذه الحيوية الاحتياطية، وكل ضغط يتعرض له الإنسان لا بد وأن يترك أثره عليه.
وعلى ذلك فإنه من الناحية البيولوجية فإن المسن أكثر عرضة للتأثر من ضغوط الحياة من شخص أقل سنا منه، وحسن تكيف الشخص المسن للضغوط التي قد يتعرض لها، تتوقف على طريقة تكيفه لهذه الضغوط أثناء حياته، وعلى أي حال فنظرا لقلة الحيوية الاحتياطية التي تساعد المسن على التكيف، فإن عليه أن يتحاشى بقدر الإمكان أن يعرض نفسه للضغوط وأن يحاول الحفاظ على حيويته، ونفس الشيء ينطبق على الذين يتصلون أو يعملون مع المسنين، فعليهم أن يفكروا دائما في وسائل حماية المسنين من الضغوط.
التغيرات في الجهاز العصبي:
يصاب الجهاز العصبي بالضعف نتيجة لانخفاض كمية الدم المغذية للخلايا العصبية والتي تحل محلها أنسجة تؤدي إلى فقدان الذاكرة، والتوتر، وضعف مقدرة المسن على التكيف للمواقف الحياتية، كما توجد تغييرات في الحواس الأخرى، فالنظر يضعف بسبب تراكم خلايا ميتة على عدسة العين، والقدرة على تمييز الألوان تقل وعضلات العين تفقد قدرتها على التكيف لمواجهة التغييرات في مستوى الضوء، وهذه التغييرات البصرية تزيد من خطورة قيادة السيارات للأفراد المتقدمين في السن, وأما حاسة السمع، وهي تبدأ في النقصان ابتداء من سن الثلاثين فإنها تزداد في ذلك كلما تقدم السن, وأما ضبط الحركة فنظرا لزيادة ضعفها فإن المسن معرض للوقوع وللحوادث وبسبب ضعف كل هذه الحواس فإن المسن معرض أكثر من غيره للحوادث أثناء المشي في طرقات المدينة وخصوصا أثناء الساعات القصوى للمرور.
القدرة على المعرفة:
من المعروف أن المسن يواجه صعوبة لاستيعاب المعلومات الجديدة، ولقد أشار فرويد بأنه بعد سن الخمسين فإن مرونة المخ تفقد وتقل مما يؤدي إلى ما يعرف بالجمود، حيث نجد المسنين لديهم آراء وأفكار ثابتة يصعب تغييرها.
العادات الثابتة:
السلوك الذي يتكرر ويعاد على مر السنين يتحول إلى سلوك ثابت من الصعوبة تغييره، بعد العمر الطويل فإن للمسن عادات وأفكار ثابتة جامدة, وعلى ذلك فإن السلوك الذي يتعلمه المسن تحت ضغوط الحياة لمدة ستين عاما يتحول إلى عادات ثابتة يصعب تغييرها، والعادات التي يلجأ إليها الأفراد عند التعرض للضغوط، مثل التدخين، وقضم الأظافر والهمهمة تصبح عادات ثابتة لا تقبل التغيير بسهولة، فمثلا الفرد الذي تعود على تهدئة نفسه بالتدخين لمدة سبعين عاما، فمن الصعب أن يغير هذه العادة بأخرى، ونستخلص من هذا أن العادات التي كونها الفرد المسن على مر السنين يصعب جدا تغييرها.
وإذا كان الفرد الشاب يجد صعوبة للتغلب على بعض عاداته، فإنه لا بد وأن نتصور مدى التعاسة التي يتعرض لها المسن عندما تفرض عليه أن
يتعود على عادات جديدة عندما يترك منزله ليعيش مع ابنه أو ابنته حيث يجب عليه أن يتكيف مع بيئة جديدة.
تقبل وتخزين المعلومات:
الفهم هو عملية تفسير أو إعطاء معنى للإشارات التي تصل الحواس. والمسنون معرضون لتشوش حسي مما يصعب عليهم تفهم وتحليل الإشارات الحسية المختلفة لذلك عند التعامل مع الأفراد المسنين، فإنه من المفضل الإقلال من عدد الإشارات الحسية، فمثلا إذا كنت تتحدث مع شخص مسن فعليك إقفال جهاز التليفزيون وأن تمنع بقدر الإمكان أي مصادر صوت آخر، وتكلم ببطء وعن موضوع واحد، فقدرة المسن على التقبل والتفهم تحتاج إلى فترة زمنية أطول، والذكريات القديمة للمسن، لها قوة وحيوية أبقى من الذكريات الحديثة لأنها تثبت على مر الزمن، والذكريات الحديثة سريعة النسيان وهي آخر ما يتذكرها المسن, كذلك فإن المسن يتعرض أحيانا لنسيان عنصر الزمن فيخلط بين ما هو حديث وما هو قديم.
الذكاء:
تشير الأبحاث إلى أن الذكاء العام يصل إلى القمة في مرحلة الشباب ثم يبقى في هذا المستوى حتى مع بلوغ الشيخوخة طالما لم يحصل تدهور بدني أو إصابة للأعصاب.
كما أن التعليم والإثارة المستمرة يلعبان دورا مهما في الحفاظ على مستوى الذكاء للمسن ومع زيادة فرص ومناهج التعليم للشباب، فلا بد وأن تتوقع استمرار الزيادة في متوسط مستوى الذكاء للمسنين وهو أمر يجب إدخاله في الاعتبار والتخطيط له في مجتمعنا.
التدهور الذهني:
المخ قد يصيبه التلف بسبب تدهور خلاياه أو بسبب الأمراض العصبية مما يؤدي إلى فقدان القدرة على التفكير السليم، وهناك نوعين من أمراض التدهور الذهني تقترن مع التقدم في السن، إحداهما باسم مرض بك Pick's, والآخر باسم مرض الزهيمر Aphasia حيث يؤدي إلى فقدان التذكر للأحداث القريبة مع عدم القدرة على تمييز الزمن والمكان، ويصاحبه أحيانا عدم القدرة على الكلام Aphssia وأما أعراض مرض Pick's، فهي الصعوبة في التركيز والتعلم وانعدام الشعور، فمثلا، إذا بلغ
شخص مصاب بهذا المرض بأن زوجته قد توفت، فإنه يرد، حسنا، ماذا جهزتهم للعشاء؟
مجال الشعور:
الشيخوخة هي المرحلة التي يراجع فيها المرء نفسه ليبني حساباته النهائية على مدى نجاحه وفشله في الحياة، مدى تكيف الفرد للشيخوخة يتوقف إلى حد كبير على مدى تكيفه في المراحل السابقة من حياته، فإذا كان كل تغيير في نظام الحياة مصحوبا بأزمة نفسية، فإن تكيف الفرد للشيخوخة لن يكون سهلا، على أن هناك عوامل إضافية تؤثر على قدرة التكيف هذه, مثل الموقع الجعرافي، الحالة الاقتصادية والصحة العامة.
ونجاح الفرد في التكيف ترتبط أساسا على المدى الذي وصل إليه في تحقيق رغباته، وتبعا لنظرية ماسلو MASLOW، إذا تمكن الفرد من إشباع رغباته الأساسية، فإنه ينتقل بعد ذلك لتحقيق أمنه، ثم علاقاته الاجتماعية، ثم كل ما يتعلق بآماله ورغباته المتقدمة، وحتى يصل في النهاية إلى تحقيق ذاته وأهدافه، فإذا نظرنا من داخل هذا الإطار إلى مستوى الرغبات لشخص يقترب من الشيخوخة فنجد أن المسنين عموما يعيشون في درجة من الفقر يصعب معها حتى تحقيق رغباتهم الأساسية من طعام ومسكن ولا أمل لهم في أن يرتقوا برغباتهم إلى مستويات أرفع، على أن بعض المسنين لديهم المقدرة على مواجهة الاحتياجات الأساسية، وعدم الدافع لكي ينتقلوا إلى إشباع مستويات أعلى من الحاجات.
وتوفر التأمينات الاجتماعية والمعاشات للمسنين والمعونة المادية وبعض الأمان، فإذا كانت هذه المعونة كافية، فإن المسن يمكنه أن يبدأ في إشباع باقي حاجاته وتطلعاته، وللشخص المسن نفس حاجات الأشخاص الأقل سنا، من ناحية الحاجة إلى تبادل المحبة والصداقة، ولكن الفرصة لا تواتيه لإشباع هذه الحاجة، فغالبا ما يكون المسن مبعدا عن عائلته وأصدقائه وزملاء العمل, ومن الصعب عليه الانتماء إلى أي جمعيات علاوة على أن التكيف صعب بالنسبة له.
وتبقى مع المسن الحاجة إلى تقدير الذات واحترام الزملاء ومن الأهمية أن يكون له غرض في الحياة.
والمسن الذي يتغلب على العقبات السابق وصفها يمكنه أن يمضي قدما نحو تحقيق أعلى وأعز أمانيه، وأن رغبة المسن لأن يكون خلاقا وحبه لعمل الخير هي الوسيلة التي يحظى بها على اهتمام وتقدير الآخرين، مما يعوضه عن ضياع جاذبيته وموت أصدقائه والمقربين منه.
ولقد تكونت كثير من الجمعيات الرسمية وأخرى يديرها متطوعون وذلك لخدمة المسنين، وهذه الجمعيات عند تخطيط نشاطها يجب أن تدخل في الاعتبار حالة المسنين ومدى رغبتهم في المشاركة في الحياة نحو تطلعات أعلى, وأن أعمال هذه الجمعيات نحو تنشيط الحياة الاجتماعية للمسن سيصيبها خيبة الأمل إذا كان المسن يكافح لإشباع حاجاته الأساسية, فالمسن الذي يبحث عن طعام الأسبوع بينما تهتم الجمعية بنشاطه الاجتماعي وتأليف مجموعة للعب الورق لا بد وأن يشعر بالضيق واليأس.
الشيخوخة تبدأ عندما تتغلب عملية الأيض الهدمي "Catabolism" على عملية نمو الأيض البنائي "Anabolism".
والبروتوبلازم أو الجبلة "protoplasm" هي مادة حية تتكون منها خلايا الجسم, ويؤدي هذا التحلل إلى ضمور أنسجة الأعضاء المختلفة للجسم لكي يصبح تكوينها ليفي "Fibrous" على أن هذا الضمور أو العجز لا يرتبط بالسن الذي يقاس بعدد الدورات الشمسية، وبذلك فإن سرعة هذا الضمور تختلف باختلاف الأفراد.
والضمور يصيب جميع أعضاء الجسم، والمخزون العضوي يستهلك عملية الإصلاح والاستبدال تبطئ مع التقدم في السن.
التغيرات في الدورة الدموية للقلب:
القلب بالذات يتعرض أثناء الحياة لمجهود كبير وبالتالي فعند تقدم السن يصبح القلب أكثر الأعضاء تعرضا للضمور، كما أن مقدرة القلب على الضخ تقل ويتبع ذلك انخفاض في كمية الدم الحامل للأكسجين،
والتي تصل إلى الأعضاء المختلفة للجسم بالإضافة إلى أغشية الأوعية الدموية يصيبها الضمور، وكثيرا ما تتراكم على الأغشية الداخلية لهذه الأوعية طبقة من رواسب شحمية تسمى Atherom ويعتقد أن هذا التراكم عندما يقترن مع تكوين أنسجة ليفية في بطانة الأوعية الدموية فإنه يؤدي إلى مرض تصلب الشرايين.
التغيرات في المظهر:
إن المظهر الخارجي للجلد يتغير تغيرا كبيرا، ذلك أن الغدد المفرزة تحت سطح الجلد وكذلك الغدد التي تخلص الجسم من عوادمه يقل مفعولها فيفقد الجلد مرونته Elasticity ويضمر ويجف ويتجعد, وتختفي الطبقة الشحمية تحت الجلد تماما، فيفقد بذلك نعومته ونضارته كذلك فإن الألياف التي تربط فواصل العظام تضمر، وتقل بذلك قدرة المفاصل ومدى حركاتها مما يؤدي إلى شكوى المسن من آلام المفاصل ومع تناقص نسبة المعادن في عظام الإنسان فإنها تصبح هشة وسهلة الكسر، كما أن قدرة المسن على الحركة تضعف وخطواته تتباطأ، وجميع هذه التغيرات السابقة تؤدي إلى الصورة التي نرى بها المسن كشخص ضئيل، منحنٍ ومتجعد الأسارير.
التغيرات في الجهاز التنفسي:
حركة تنفس الصدر تقل بسبب الأنسجة الليفية التي تتكون في جدار الرئة وغلاف الصدر، ويتبع ذلك انخفاض في استهلاك الأكسجين وتعرض المسن للالتهابات الرئوية وبالمقارنة فإن أمراض الجهاز التنفسي التي تصيب الشاب هي عادة التهابات اللوز والجيوب الأنفية.
التغيرات في التغذية والجهاز الهضمي:
إن تسوس الأنسان وفقدانها وضعف عضلات الفك تقضي على متعة الأكل للمسن بالإضافة إلى أن صعوبة المضغ تؤدي إلى تعديل نوعية الوجبات، كما أن ضعف إفراز الغدد وضعف عضلات الأمعاء تؤدي إلى شكاوى المسن من الهضم والإمساك ويلاحظ أن المسن يضطر إلى أن ينفق قدرا غير يسير من مورده المالي على الأدوية المضادة للحموضة وعلى الملينات، والمسن يتعرض لضياع حاسة التذوق وحاسة الشم ويفقد بذلك قدرة التمتع بالطعام، ويصبح الطعام لا طعم له، وهذه ناحية يجب مرعاتها عند طهي الوجبات التي تقدم للمسنين.
نظرا لغلاء اللحوم والفواكه والخضروات فإن المسن يلجأ إلى الإكثار من أكل مكونات الدقيق، مثل الفطائر والخبز، ونتيجة لهذا النظام في تناول الوجبات فإن المسن يتعرض لفقر الدم ونقص في بعض الفيتامينات الحيوية مما يؤدي إلى سهولة إصابته بالالتهابات.
القدرة على التكيف للضغوط:
الفرد في الحياة معرض بصفة مستمرة لكل أنواع الضغوط، والتكيف ومواجهة هذه الضغوط تحتاج إلى حيوية، ولقد قام هانز سلي "Hans selye" بتصنيف عملية مواجهة الضغوط على أنها تمر بثلاث مراحل.
1- رد الفعل عند أول إنذار.
2- مرحلة المقاومة.
3- مرحلة الإجهاد نظير تراكم وتفاقم الضغوط مما يؤدي إلى تلف وشيخوخة الأنسجة.
وجسم المسن يكون قد تعرض أثناء حياته لضغوط عديدة، وبعد فترة من هذه الضغوط المستمرة، فإنه يصاب بالإجهاد، وحيث أن الحيوية الاحتياطية تكون قد استنفذت، فإن ما تبقى له لا يكفيه على التكيف وبذلك تنار مقاومته، وهذا يعلل لماذا يسبق المسن شخص أقل منه سنا في الشعور بالإجهاد.
وبعد التعرض المستمر، ولفترة طويلة لضغوط الحياة، فإن الراحة لا يمكنها التعويض الكامل لهذه الحيوية الاحتياطية، وكل ضغط يتعرض له الإنسان لا بد وأن يترك أثره عليه.
وعلى ذلك فإنه من الناحية البيولوجية فإن المسن أكثر عرضة للتأثر من ضغوط الحياة من شخص أقل سنا منه، وحسن تكيف الشخص المسن للضغوط التي قد يتعرض لها، تتوقف على طريقة تكيفه لهذه الضغوط أثناء حياته، وعلى أي حال فنظرا لقلة الحيوية الاحتياطية التي تساعد المسن على التكيف، فإن عليه أن يتحاشى بقدر الإمكان أن يعرض نفسه للضغوط وأن يحاول الحفاظ على حيويته، ونفس الشيء ينطبق على الذين يتصلون أو يعملون مع المسنين، فعليهم أن يفكروا دائما في وسائل حماية المسنين من الضغوط.
التغيرات في الجهاز العصبي:
يصاب الجهاز العصبي بالضعف نتيجة لانخفاض كمية الدم المغذية للخلايا العصبية والتي تحل محلها أنسجة تؤدي إلى فقدان الذاكرة، والتوتر، وضعف مقدرة المسن على التكيف للمواقف الحياتية، كما توجد تغييرات في الحواس الأخرى، فالنظر يضعف بسبب تراكم خلايا ميتة على عدسة العين، والقدرة على تمييز الألوان تقل وعضلات العين تفقد قدرتها على التكيف لمواجهة التغييرات في مستوى الضوء، وهذه التغييرات البصرية تزيد من خطورة قيادة السيارات للأفراد المتقدمين في السن, وأما حاسة السمع، وهي تبدأ في النقصان ابتداء من سن الثلاثين فإنها تزداد في ذلك كلما تقدم السن, وأما ضبط الحركة فنظرا لزيادة ضعفها فإن المسن معرض للوقوع وللحوادث وبسبب ضعف كل هذه الحواس فإن المسن معرض أكثر من غيره للحوادث أثناء المشي في طرقات المدينة وخصوصا أثناء الساعات القصوى للمرور.
القدرة على المعرفة:
من المعروف أن المسن يواجه صعوبة لاستيعاب المعلومات الجديدة، ولقد أشار فرويد بأنه بعد سن الخمسين فإن مرونة المخ تفقد وتقل مما يؤدي إلى ما يعرف بالجمود، حيث نجد المسنين لديهم آراء وأفكار ثابتة يصعب تغييرها.
العادات الثابتة:
السلوك الذي يتكرر ويعاد على مر السنين يتحول إلى سلوك ثابت من الصعوبة تغييره، بعد العمر الطويل فإن للمسن عادات وأفكار ثابتة جامدة, وعلى ذلك فإن السلوك الذي يتعلمه المسن تحت ضغوط الحياة لمدة ستين عاما يتحول إلى عادات ثابتة يصعب تغييرها، والعادات التي يلجأ إليها الأفراد عند التعرض للضغوط، مثل التدخين، وقضم الأظافر والهمهمة تصبح عادات ثابتة لا تقبل التغيير بسهولة، فمثلا الفرد الذي تعود على تهدئة نفسه بالتدخين لمدة سبعين عاما، فمن الصعب أن يغير هذه العادة بأخرى، ونستخلص من هذا أن العادات التي كونها الفرد المسن على مر السنين يصعب جدا تغييرها.
وإذا كان الفرد الشاب يجد صعوبة للتغلب على بعض عاداته، فإنه لا بد وأن نتصور مدى التعاسة التي يتعرض لها المسن عندما تفرض عليه أن
يتعود على عادات جديدة عندما يترك منزله ليعيش مع ابنه أو ابنته حيث يجب عليه أن يتكيف مع بيئة جديدة.
تقبل وتخزين المعلومات:
الفهم هو عملية تفسير أو إعطاء معنى للإشارات التي تصل الحواس. والمسنون معرضون لتشوش حسي مما يصعب عليهم تفهم وتحليل الإشارات الحسية المختلفة لذلك عند التعامل مع الأفراد المسنين، فإنه من المفضل الإقلال من عدد الإشارات الحسية، فمثلا إذا كنت تتحدث مع شخص مسن فعليك إقفال جهاز التليفزيون وأن تمنع بقدر الإمكان أي مصادر صوت آخر، وتكلم ببطء وعن موضوع واحد، فقدرة المسن على التقبل والتفهم تحتاج إلى فترة زمنية أطول، والذكريات القديمة للمسن، لها قوة وحيوية أبقى من الذكريات الحديثة لأنها تثبت على مر الزمن، والذكريات الحديثة سريعة النسيان وهي آخر ما يتذكرها المسن, كذلك فإن المسن يتعرض أحيانا لنسيان عنصر الزمن فيخلط بين ما هو حديث وما هو قديم.
الذكاء:
تشير الأبحاث إلى أن الذكاء العام يصل إلى القمة في مرحلة الشباب ثم يبقى في هذا المستوى حتى مع بلوغ الشيخوخة طالما لم يحصل تدهور بدني أو إصابة للأعصاب.
كما أن التعليم والإثارة المستمرة يلعبان دورا مهما في الحفاظ على مستوى الذكاء للمسن ومع زيادة فرص ومناهج التعليم للشباب، فلا بد وأن تتوقع استمرار الزيادة في متوسط مستوى الذكاء للمسنين وهو أمر يجب إدخاله في الاعتبار والتخطيط له في مجتمعنا.
التدهور الذهني:
المخ قد يصيبه التلف بسبب تدهور خلاياه أو بسبب الأمراض العصبية مما يؤدي إلى فقدان القدرة على التفكير السليم، وهناك نوعين من أمراض التدهور الذهني تقترن مع التقدم في السن، إحداهما باسم مرض بك Pick's, والآخر باسم مرض الزهيمر Aphasia حيث يؤدي إلى فقدان التذكر للأحداث القريبة مع عدم القدرة على تمييز الزمن والمكان، ويصاحبه أحيانا عدم القدرة على الكلام Aphssia وأما أعراض مرض Pick's، فهي الصعوبة في التركيز والتعلم وانعدام الشعور، فمثلا، إذا بلغ
شخص مصاب بهذا المرض بأن زوجته قد توفت، فإنه يرد، حسنا، ماذا جهزتهم للعشاء؟
مجال الشعور:
الشيخوخة هي المرحلة التي يراجع فيها المرء نفسه ليبني حساباته النهائية على مدى نجاحه وفشله في الحياة، مدى تكيف الفرد للشيخوخة يتوقف إلى حد كبير على مدى تكيفه في المراحل السابقة من حياته، فإذا كان كل تغيير في نظام الحياة مصحوبا بأزمة نفسية، فإن تكيف الفرد للشيخوخة لن يكون سهلا، على أن هناك عوامل إضافية تؤثر على قدرة التكيف هذه, مثل الموقع الجعرافي، الحالة الاقتصادية والصحة العامة.
ونجاح الفرد في التكيف ترتبط أساسا على المدى الذي وصل إليه في تحقيق رغباته، وتبعا لنظرية ماسلو MASLOW، إذا تمكن الفرد من إشباع رغباته الأساسية، فإنه ينتقل بعد ذلك لتحقيق أمنه، ثم علاقاته الاجتماعية، ثم كل ما يتعلق بآماله ورغباته المتقدمة، وحتى يصل في النهاية إلى تحقيق ذاته وأهدافه، فإذا نظرنا من داخل هذا الإطار إلى مستوى الرغبات لشخص يقترب من الشيخوخة فنجد أن المسنين عموما يعيشون في درجة من الفقر يصعب معها حتى تحقيق رغباتهم الأساسية من طعام ومسكن ولا أمل لهم في أن يرتقوا برغباتهم إلى مستويات أرفع، على أن بعض المسنين لديهم المقدرة على مواجهة الاحتياجات الأساسية، وعدم الدافع لكي ينتقلوا إلى إشباع مستويات أعلى من الحاجات.
وتوفر التأمينات الاجتماعية والمعاشات للمسنين والمعونة المادية وبعض الأمان، فإذا كانت هذه المعونة كافية، فإن المسن يمكنه أن يبدأ في إشباع باقي حاجاته وتطلعاته، وللشخص المسن نفس حاجات الأشخاص الأقل سنا، من ناحية الحاجة إلى تبادل المحبة والصداقة، ولكن الفرصة لا تواتيه لإشباع هذه الحاجة، فغالبا ما يكون المسن مبعدا عن عائلته وأصدقائه وزملاء العمل, ومن الصعب عليه الانتماء إلى أي جمعيات علاوة على أن التكيف صعب بالنسبة له.
وتبقى مع المسن الحاجة إلى تقدير الذات واحترام الزملاء ومن الأهمية أن يكون له غرض في الحياة.
والمسن الذي يتغلب على العقبات السابق وصفها يمكنه أن يمضي قدما نحو تحقيق أعلى وأعز أمانيه، وأن رغبة المسن لأن يكون خلاقا وحبه لعمل الخير هي الوسيلة التي يحظى بها على اهتمام وتقدير الآخرين، مما يعوضه عن ضياع جاذبيته وموت أصدقائه والمقربين منه.
ولقد تكونت كثير من الجمعيات الرسمية وأخرى يديرها متطوعون وذلك لخدمة المسنين، وهذه الجمعيات عند تخطيط نشاطها يجب أن تدخل في الاعتبار حالة المسنين ومدى رغبتهم في المشاركة في الحياة نحو تطلعات أعلى, وأن أعمال هذه الجمعيات نحو تنشيط الحياة الاجتماعية للمسن سيصيبها خيبة الأمل إذا كان المسن يكافح لإشباع حاجاته الأساسية, فالمسن الذي يبحث عن طعام الأسبوع بينما تهتم الجمعية بنشاطه الاجتماعي وتأليف مجموعة للعب الورق لا بد وأن يشعر بالضيق واليأس.