لقد حظيت عمليات إصلاح التربية والتعليم باهتمام كبير في معظم دول العالم، وذلك للضرورة التي فرضتها أهمية التوجه نحو الجودة الشاملة والتقدم التقني والعلمي في شتى ميادين الحياة، مما جعل الإرشاد والتوجيه التربوي يندرج ضمن عمليات الإصلاح نظرا للدور الكبير الذي يلعبه المرشد التربوي في المدارس والجامعات في توجيه الطلبة وإرشادهم والمساهمة في تطوير العملية التربوية، لاسيما وأن الإرشاد التربوي يعد من التخصصات المهمة في عصرنا الحالي، وذلك بسبب حاجة الطلبة الدائمة للعون والمساعدة في عصر تعددت فيه مصادر المعلومات وكثرت المهن والتخصصات وتراكمت العلوم، ويعتبر إنشاء مراكز الإرشاد الطلابي في المدارس والجامعات ضرورة لا غنى عنها، لتوليها تقديم الخدمات الإرشادية لجميع الطلبة وفي كل المراحل الدراسية، ودراسة حالاتهم ومتابعتها، ومتابعة مستوياتهم الدراسية وقدراتهم ومهاراتهم وهواياتهم وطموحاتهم وتلبية احتياجاتهم والوقوف على الصعوبات التي يواجهونها لمساعدتهم في تذليلها، والبرامج الإرشادية تلعب دورا كبيرا في بناء شخصية الطالب وتوجيه مساره التوجيه الصحيح مما يبعث الثقة في نفسه ويعزز لديه الدافعية وقوة الإرادة والاعتماد على النفس، هذا يحتاج بالطبع إلى التخطيط المحكم السليم والإعداد الجيد ووضوح الرؤية والأهداف للبرنامج الإرشادي الذي يكفل توفير الاستقرار والتكيف السليم للطلبة، ويضمن استمرارهم في دراستهم بعد التعرف على المشكلات والصعوبات التي قد تعرقل مسيرتهم الدراسية لتلافيها ووضع الخطط العلاجية لها، والإرشاد التربوي يقوم على أسس علمية ويحتاج إلى مهارات وخبرات وتدريب مستمر وشخص متخصص يتمكن من محاولة الوصول إلى أقصى حد ممكن في استغلال مهاراته وقدراته لخدمة الطلبة وحل مشاكلهم وإرشادهم إلى المسلك المناسب، ويتناول هذا الكتاب نشأة ومفهوم التوجيه والإرشاد، ونظريات الإرشاد، وأنواعه، ودور المرشد التربوي وصفاته ومهاراته، وأدوات الإرشاد ثم تطبيقات عملية من الميدان.