مختصرات من كتاب
علم النفس الاجتماعي
تأليف د. فلاح العنزي
مدرس المقرر: حمود الشريف
الفصل العاشر
السلوك العدواني
إلحاق الضرر بالآخرين
تعريف السلوك العدواني
السلوك العدواني بين الحكم الأخلاقي والوصف الموضوعي:
عندما نقول ’سلوك عدواني‘ فإننا لا نصف ذلك السلوك فقط، بل نطلق حكما قيميا. ويرى باندورا أن ماهية السلوك العدواني تتحدد من خلال تعريفه اجتماعيا. فالسلوك نفسه قد يوصف بالعدوانية من جماعة أو فرد معين، وقد يوصف بالبطولة من جماعة أخرى أو من شخص آخر.
محددات السلوك العدواني من وجهة نظر إسلامية:
الفهم الإسلامي للعدوان محدد بعنصرين: 1، محاولة إنزال الضرر المادي أو المعنوي بكائن آخر؛ 2، النية.
التعريف الحديث للسلوك العدواني في علم النفس الاجتماعي:
العدوان هو أي شكل من أشكال السلوك الموجه بهدف الإضرار أو الإيذاء لكائن حي يكون مدفوعا لتجنب مثل هذه المعاملة.
تعريف السلوك العدواني
طبيعة السلوك العدواني:
المنحى الأحيائي في طبيعة السلوك العدواني:
شاعت فكرة أن كل نوع من أنواع الكائنات الحية لابد أن يحافظ على وجوده من خلال انتقاء أفضل خصائصه التي تعطيه فرصة أفضل في البقاء. وصاحب هذا فكرة شيوع العدوان كسلوك ضروري لبقاء النوع.
طبيعة السلوك العدواني
خرافة الوحش داخل الإنسان:
تجسدت هذه الخرافة في مفهوم غريزية العدوان التي تقترح أن السلوك العدواني جزء من الطبيعة البشرية، وأن حدوثه شيء طبيعي وضروري، وأن العدوان سيظهر بشكل أو بآخر عند البشر. ويتفق لورنز وفرويد في أن العدوان غريزة تؤدي إلى تراكم طاقة داخلية دون أي تدخل من المثيرات البيئية، وأنه لابد من إفراغها بصورة أو بأخرى، ومن هنا أتت فكرة التنفيس التي تعني أن ممارسة الفرد لأي شكل من أشكال السلوك العدواني (رياضة عنيفة، مثلا)، أو مشاهدة من يقومون به (عنف حي أو أفلام عنف، مثلا)، تؤدي إلى خفض هذه الطاقة مما يؤدي بالتالي إلى تقليل احتمال تصرفه بعدوانية في مواقف لاحقة. ولكن هذا المفهوم تمت البرهنة على عدم جدواه علميا في شرح الظاهرة، بل وأثبتت الدراسات عكس الفرضيات التي يقترحها مفهومي الغريزة والتنفيس (انظر/ي جدول 1-10؛ ص388).
طبيعة السلوك العدواني
خرافة الوراثة الفردية للعدوان-من بدائيي لامبروزو إلى ذكور XYY:
تقترح فرضية بيولوجية أخرى أن بعض الأفراد يرثون خصائص بيولوجية تجعلهم أكثر ميلا إلى العدوان بطبيعتهم. وقد اقترح كمب في منتصف القرن التاسع عشر دراسة العلاقة بين شكل الجمجمة ونتوءاتها وبعض خصائص الشخصية كالميل لارتكاب أنواع معينة من الجرائم. ثم أتى لامبروزو ليقول أن المجرمين أفراد بدائيون جدا، وأنهم نتاج أخطاء وراثية أعادت خصائص الإنسان البدائي، وأنه يمكن التعرف على المجرمين والرجال العنيفين من عدة أوصاف في الرأس وعظام الوجه. وقد تم دحض كل هذه الأفكار علميا من قبل غورينغ. ثم ظهرت فرضية ’الجين القاتل‘ أو العلاقة بين الكروموزوم الذكري المضاعف والعدوان لتعطي الانطباع بأن الجينات هي سبب العدوان. والحقيقة أن العلماء فسروا نتائج تلك الدراسات بأن هذه الفئة من الرجال تعاني من صعوبات تعلم تجعلهم أقل قدرة على التهرب من القانون مقارنة بغيرهم، وحذروا من تفسير نتائجهم على أنها تبين غريزية العدوان.
طبيعة السلوك العدواني
علاقة العدوان بالمواد الحيوية-الكيميائية وخصائص حيوية أخرى:
إن ما ينتقل إلى الفرد عبر الجينات هي الخصائص البيولوجية للنوع التي تمكنه من العيش والتفاعل مع متطلبات بيئته والجينات لا تنقل الأفكار والاعتقادات، ولا المعلومات، ولا التوقعات، ولا الميول ولا الاتجاهات، ولا القيم، فهذه كلها تأتي من تفاعل الفرد مع بيئته الاجتماعية الطبيعية، أي من الخبرة بمفهومها الشامل. وتأثير الخبرة على الفرد الإنساني، مقارنة بالكائنات الحية الأخرى، وما ينتج عنه من خصائص، ليس له حدود تقريبا. وتدل الدراسات أن الخبرة أو البيئة تؤثر على الجوانب النفسية كالأفكار والتوقعات والاتجاهات، وأيضا على الخصائص الجسمية والفسيولوجية كتركيب الدماغ ومواده كحجم الخلايا العصبية ونسبة الهرمونات ونسبة المواد المكونة للقشرة الدماغية، وغيرها من الخصائص التركيبية الحيوية للدماغ. ومن هنا يصعب دعم الفرضيات التي تقترح أن مواد حيوية-كيميائية يؤدي ارتفاع تركيزها في الجسم إلى العدوان، بغض النظر عن أي عوامل أخرى.
طبيعة السلوك العدواني
علاقة العدوان بالمواد الحيوية-الكيميائية (تابع):
أشهر فرضية من هذا القبيل هي فرضية أن هرمون الجنس الذكري (التيستوستيرون) يسبب العدوان. ولكن كل ما تبينه التجارب هو أن وجود هذا الهرمون بدرجة تركيز عالية في الجسم يصاحب العدوان. ولكن هذه الظاهرة مصاحبة لإدراك المرء نفسه في موقف تنافسي أو عدواني، أو حتى دفاعي أو حتى النشاط الحميم مثل العمل الجنسي. وقد بينت تجارب أن حقن الحيوان بالتيستوستيرون قد يؤدي إلى تصرفها بعدوانية أو بطريقة مسالمة أو بالانسحاب من الموقف اعتمادا على خصائص الموقف وخبرة الحيوان السابقة وجنسه.
طبيعة السلوك العدواني
فرضية الإحباط-العدوان:
الصياغة الأولى:
ينتج العدوان عند البشر من الإحباط الذي يتراكم بسبب عوائق بيئية تمنع الفرد من إشباع حاجاته. وتؤدي زيادة الإحباط إلى توجيه السلوك العدواني نحو المثير البيئي الذي يمنع إشباع هذه الحاجات. فالسلوك العدواني استجابة آلية للإحباط. وبهذا تضيف هذه الفرضية البعد التفاعلي للسلوك العدواني لكنها صورته كاستجابة آلية. ولكن هناك دراسات بينت أن الإحباط لا يؤدي دائما ومباشرة إلى العدوان، وقد تحدث له إزاحة. وقد استعمل هذا التعديل في تفسير التعصب.
طبيعة السلوك العدواني
فرضية الإحباط-العدوان (تابع):
الصياغة الثانية:
ما إن تبين أن الإحباط لا يؤدي دائما إلى العدوان، وأن أنواعا من العدوان لا يسبقه إحباط، توجب تعديل الفرضية الأولى لتتضمن أن الإحباط يمكن أن تكون له عدة نتائج غير العدوان، ولكن العدوان دائما نتيجة مباشرة للإحباط. فالإحباط خبرة منفرة قد تهيئ المرء للعدوان لكنها قد لا تؤدي إليه دائما.
طبيعة السلوك العدواني
فرضية الإحباط-العدوان (تابع):
صياغة بيركويتز لفرضية الإحباط-العدوان:
سُمِّيت فرضية بيركويتز بفرضية الأمارات العدوانية أو نظرية الأمارة-الاستثارة، والتي أخذت بعين الاعتبار مصدر الاستجابة العدوانية ومحدداتها الموقفية. وتقترح هذه الفرضية أن العدوان ناتج عن عاملين:
الاستثارة الانفعالية السلبية التي تنشأ من الإحباط؛
الأمارات العدوانية في الموقف.
والنقطة الجوهرية التي تضيفها هذه الفرضية هي ضرورة حضور مثيرات تستدعي أفكارا عدوانية في ذهن الفرد. فهذا الاقتراح يؤكد على أن بعض المثيرات ترتبط بالعدوان من خلال خبرة الفرد (نتيجة للتشريط الكلاسيكي)، إلا أن هذا الاقتراح يهمل كيفية اكتساب السلوك العدواني، والمحيط الذي يكتسب فيه، وكيفية استمراره.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
إن ما ينتقل إلى الفرد عبر الجينات هو إمكانية القيام بسلوك معين-أي الآليات اللازمة للقيام به.
وحتى لو نُقلت خصائص بيولوجية ذات علاقة بالعدوان فإن التعلم والخبرات الثقافية يمكن أن تُبدل أي ميول بيولوجية للعدوان قد تكون عند الإنسان.
فالفرد الإنساني يتعلم استجابات متعددة للخبرات المنفرة، والسلوك العدواني هو أحد هذه الاستجابات، وليس الاستجابة الوحيدة الممكنة. كما أن السلوك العدواني يختلف من موقف إلى آخر، وله أشكال عدة.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
أثر التعزيز على اكتساب السلوك العدواني:
لو تم تعزيز استجابة عدوانية صدرت من طفل، فسيزداد احتمال صدورها مستقبلا. والتعزيز يمكن ان يكون بالحصول على إثابة أو حتى مجرد التخلص من موقف مؤلم.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
أثر النماذج على اكتساب السلوك العدواني:
يتصف السلوك الإنساني بكثرة أنماطه وتنوع وظائفه مما يؤكد أن تلك الأنماط لا يمكن أن تكون مكتسبة فقط من خلال التعزيز. وتقترح نظرية التعلم الاجتماعي أن الفرد يكتسب استجابات سلوكية من خلال الخبرة النائبة وبواسطة عملية النمذجة، أي اتخاذ الفرد لأشخاص آخرين نماذج يحتذيها. والنماذج، كما سبقت الإشارة في الفصل السابق، ليست مصدرا للسلوك المتعلم فقط. وتؤكد التجارب أن الأطفال الذين شاهدوا بالغا يمارس سلوكا عدوانيا لعبوا بطريقة عدوانية جدا، كم أنهم لم يكتفوا بما اكتسبوه من استجابات سلوكية من النموذج، بل أضافوا إليها أنواعا أخرى. ولم يؤثر جنس الأطفال من حيث النتيجة العامة للتجربة، وإن كان لجنس النموذج تأثير بسيط.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
أثر النماذج على اكتساب السلوك العدواني:
لكن تجدر الإشارة إلى أن تأثير نموذج بالغ على شخص بالغ ينتج من عوامل نفسية أخرى كانخفاض الكف الاجتماعي وليست النمذجة بحد ذاتها.
وهناك عوامل تزيد من تأثر النموذج منها إعجاب الفرد بالنموذج، أو حبه له، ونتيجة سلوكه عليه. أي أن النمذجة ليست عملية آلية وإنما تتضمن تقييمات وأحكام تؤدي إلى تفعيل عمليات عقلية عليا.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
الوسائط الإعلامية والسلوك العدواني:
بما أن الفرد يتعلم السلوك العدواني من خلال ملاحظة سلوك الآخرين ونتائجه عليهم (تعلم اجتماعي أو خبرة نائبة)، فمن المحتمل أن يكون لوسائل الإعلام دور كبير في ذلك. وتبين التجارب أن السلوك العدواني للطفل يزداد كثيرا عند مشاهدة نموذج عدواني. كما تبين الدراسات أن تأثير النموذج الحي أكثر من تأثير نماذج الشخصيات الكرتونية والأخيرة أكثر تأثيرا من العدوان الحي المصور. كما تبين دراسات تجريبية أخرى-ميدانية وطبيعية-أن مشاهدة العنف المصور في الأفلام العادية تؤدي إلى زيادة العدوان اللفظي والجسدي، خصوصا عندما يُستثار المفحوص بطريقة سلبية.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
الوسائط الإعلامية والسلوك العدواني:
كما بينت دراسات أخرى أن تلك التأثيرات تستمر فترة طويلة وأنها ليست مؤقتة.
وقد تبين في إحدى الدراسات الطولية أن مشاهد العنف في مرحلة الطفولة والمراهقة يرتبط بالسلوك العدواني للفرد بعد عام أو سبعة أعوام أو عشرين عاما. كما تبين الدراسات علاقة بين كمية مشاهدة العنف التلفزيوني والسلوك العدواني حيث ارتبط ارتفاع مستوى الأفعال الخطرة المرتكبة ببلوغ سن الثلاثين بالتكرار العالي لمشاهدة العنف في سن الثامنة.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
كيف تؤثر مشاهدة العنف على مستوى السلوك العدواني:
حددت عدة دراسات عددا من العمليات والعوامل الوسيطة يمكن تلخيصها كما يلي:
المشاهدة المكثفة للعنف تؤدي إلى إدراك الفرد لعالمه الاجتماعي على أنه عالم عدواني يتطلب درجة عالية من الحرص لحماية الذات،
المشاهدة المكثفة للعنف التلفزيوني تنزع الحساسية ضد العنف، (زوال الحساسية ضد العنف)، مما قد يخفف الشعور بالذنب، وربما يسهل المشاركة في السلوك العدواني،
المشاهدة المتكررة لارتكاب العنف لأسباب مشروعة تؤدي إلى إدراك العنف كسلوك مشروع للتعامل مع أحداث الحياة المنفرة،
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
كيف تؤثر مشاهدة العنف على مستوى السلوك العدواني:
صدور السلوك العدواني من الشخصيات المحبوبة التي يتماهي معها (نمذجة)، يعزز السلوك العدواني لدى الفرد،
كثرة مشاهدة العنف تعمل على تهيئة أفكار ومشاعر عدوانية، أي تجعلها سهلة الاستدعاء في الذهن. فإذا تعرض لاستثارة سلبية في موقف يتضمن مثيرات مشابهة للمثيرات التي ارتبطت في ذهنه بالعنف، فإنه سيكون أكثر ميلا للتصرف بعدوانية،
تأثير مشاهدة العنف على مستوى الاستثارة الفسيولوجية الموقفية قد يؤدي إلى زيادة حدة السلوك العدواني في الظروف التي تثيره،
المشاهدة المتكررة للعنف تؤدي إلى بناء مخطوطات ذهنية متطورة للعدوانية، مما يؤدي إلى تأثير هذه المخطوطات على إدراك الفرد لبيئته الاجتماعية واستجابته لأحداثها.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
العدوان سلوك اجتماعي يكتسبه الأفراد من ضمن أشكال متعددة من هذا السلوك، وينتج مما تتركه خبرات الأفراد في بنائهم النفسي من عوامل تهيئهم للعدوان في ظروف معينة.
الخبرات المنفرة والسلوك العدواني:
يشعر المرء في الحياة اليومية بالخبرات المنفرة عن طريق مثيرات خارجية مثل العوامل البيئية (حرارة، رطوبة، ضوضاء، ازدحام، الخ)، والمثيرات الاجتماعية (سلوك الآخرين، مثلا).
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
العوامل البيئية والسلوك العدواني:
هناك دلائل قوية على وجود علاقة بين درجة الحرارة وتكرار السلوك العنيف. فجرائم العنف تكثر في أشهر السنة الحارة. ولا تبين هذه النتائج أن الحرارة تسبب السلوك العدواني، فهي قد تكون عاملا مساعدا فقط من خلال رفعها لمستوى الاستثارة السلبية كالشعور بالضيق، مثلا. ولكن بينت دراسات تجريبية أن الجلوس في غرفة حارة أكثر من المعتاد يزيد الأفكار العدوانية والمشاعر السلبية التي يعبر عنها المفحوصون نحو شخص آخر اثارهم سلبيا. فالمثيرات المنفرة تعمل على تهيئة الفرد للعدوان من خلال استثارتها للأفكار والمشاعر والذكريات السلبية، وبذلك يكون الفرد أكثر ميلا للسلوك العدواني عندما يتعرض لمثير اجتماعي سلبي مثل التهجم أو الاعتداء.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
العوامل البيئية والسلوك العدواني (تابع):
كما وجدت تجارب أخرى أن العلاقة بين درجة الحرارة والميل للسلوك العدواني عند الاستثارة علاقة منحنية وليست طردية. والذي يظهر أن الخبرات المنفرة جدا تدفع الفرد للتفكير في تجنب المواقف المؤذية فقط. فالخبرات المنفرة وحدها، خصوصا البيئية، تعمل على زيادة حدة الاستجابة العدوانية ولكنها لا تسببها. وهذا ما بينته دراسة لأثر الضوضاء والغضب على قوة الاستجابة العدوانية نحو شخص آخر كان هو سبب الغضب. فلم يكن لمستوى الضوضاء تأثير مستقل على استعداد الفرد للقيام بالسلوك العدواني، حيث لم ترفع الضوضاء مستوى العدوان إلا عند المفحوصين الذين أثير غضبهم مسبقا من قبل شخص آخر. وهذا يعني أن العوامل البيئية المنفرة تزيد من حدة الاستجابة العدوانية ولا تسببها.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر الأمارات العدوانية في الموقف على العدوان:
الخبرات المنفرة التي تنتج عن الآخرين عامل رئيس في صدور الاستجابات العدوانية، ولكن قد يزداد احتمال صدور السلوك العدواني إذا وجدت مثيرات موقفية ترتبط في ذهن الفرد بالعدوان، كالسلاح، مثلا. وقد تبين أن للغضب الذي يستثيره سلوك شخص آخر تأثير قوي على درجة العدوان الذي يوجهه الفرد إليه سواء كانت هناك مثيرات ترتبط بالعدوان أم لا، فالفرد لا يعتدي على الآخرين دون سبب حتى ولو كانت هناك مثيرات ترتبط في ذهن الفرد بالعدوان. ولكن النتائج تبين أيضا أن وجود المثيرات العدوانية في حالة استثارة الغضب تزيد من احتمالية العدوان، وذلك لأنها تستدعي في ذهنه أفكارا ومشاعر عدوانية ارتبطت بها من خلال الخبرة.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر الأمارات العدوانية في الموقف على العدوان (تابع):
ولكن هل هذا الأثر آلي؟
إن أثر السلاح مثلا لا يقتصر على أنه موضوع ارتبط آليا بالعدوان، فقد تبين أن وجود السلاح يؤدى إلى تخفيض درجة السلوك العدواني عندما تكون درجة الغضب منخفضة. كما أن عدد الصدمات الموجهة للشخص الذي استثار غضب المفحوص كان عاليا حتى عندما لم يكن هناك سلاح. وهنا يأتي دور تفسير الفرد لسلوك الآخر الذي سبب غضبه. فلو كانت هناك أدلة موقفية تشير إلى عدم وجود قصد الإيذاء فسيقل احتمال قيام الفرد بالرد على الآخر بالطريقة نفسها.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
دور الاستثارة الفسيولوجية في قوة السلوك العدواني:
تصاحب السلوك العدواني استثارة فسيولوجية أعلى من المعتاد، فهل للاستثارة الفسيولوجية بحد ذاتها تأثير على احتمال صدور السلوك العدواني وقوته؟ تقترح نظرية نقل الإثارة أن هناك علاقة بين الاستثارة الفسيولوجية الناتجة عن الحركة القوية (تمارين رياضية، مثلا)، واحتمالية صدور السلوك العدواني. أي أن الاستثارة الفسيولوجية قد تؤدي إلى زيادة حدة الاستجابات العدوانية إذا توفرت أسباب السلوك العدواني. فهي لا تؤدي إلى السلوك العدواني ولكنها تؤدي إلى زيادة حدته عندما يحدث. وقد تبين من عدة تجارب أن تعرض المفحوص لمثير سلبي مباشرة بعد ممارسة نشاط بدني (استثارة فسيولوجية) لن يؤدي إلى زيادة العدوان وذلك لأن الفرد سيعزو استثارته إلى التدريب. ولكن لو تعرض للمثير السلبي بعد انتهاء الجهد البدني بفترة زمنية أطول (مع بقاء شيء من مستوى الاستثارة) فسيؤدي ذلك إلى زيادة حدة الاستجابات العدوانية لأنه سيعزو استثارته للمثير السلبي.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
دور الاستثارة الفسيولوجية في قوة السلوك العدواني (تابع):
وهذا قد يفسر ردود أفعال الناس في الحياة العادية التي لا تتناسب قوتها مع المثيرات التي أثارتها، كما أننا نلاحظ أنهم لا يقومون بتلك الأفعال في مواقف أخرى.
زوال الكف الاجتماعي والسلوك العدواني:
يتعلم الفرد في مرحلة مبكرة أن السلوك العدواني مرفوض اجتماعيا. وهذا يعني، من الناحية النفسية، أن هناك كفا داخليا وخارجيا لهذا السلوك. فعندما يكون السلوك العدواني مرفوضا أو ذا قيمة سلبية في نظر الفرد نفسه أو في نظر الآخرين، أو أنه لا مبرر له، أو سيتبعه نوع من العقاب والمسئولية الشخصية، فسيقل احتمال صدوره. والعوامل التي سبقت الإشارة إلى أنها تزيد احتمال حدوث السلوك العدواني أو تزيد من حدته عوامل تتضمن نوعا من زوال الكف. وزوال الكف له عوامله التي قد تزيد من قوته.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
الكحول، الحشود، الاستثارة السلبية (الخلطة المميتة):
لكل من الكحول، ووجود الفرد في حشد من الناس، والإثارة الاجتماعية السلبية أثر مستقل على درجة الكف، ومن ثم على العدوانية. ولكن عندما تجتمع هذه المتغيرات الثلاث، فالنتيجة فتاكة (حشا.. بف باف.. ما صار علم نفس اجتماعي).
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر الكحول على السلوك العدواني:
الكحول من أقوى العوامل التي تؤدي إلى زوال الكف الداخلي والخارجي، ومن ثم يؤدي إلى سرعة الاستثارة الاجتماعية السلبية التي تسببها مثيرات اجتماعية لا تؤدي عادة إلى ذلك. فالكحول يؤدي إلى إضعاف قدرة الفرد على الانتباه للمعلومات البيئية الطبيعية والاجتماعية، ويضعف القدرة على التذكر، مما يؤدي إلى حكم الفرد على سلوك الآخرين والمواقف بطريقة خاطئة، كما لا يتأثر بالقواعد والمعايير السلوكية والمبادئ الأخلاقية التي سبق أن تعلمها، ولذلك يسهل عليه مخالفة المعايير التي توجه سلوكه عادة، ويقل شعوره بذاته وهويته الشخصية، ويخطئ في تقدير قدراته، وفي تقدير نتائج سلوكه وعواقب ذلك عليه وعلى الآخرين. والخلاصة هي أن الكحول يزيد من الاستجابة بعدوانية بسبب تعطيله المؤقت لعمليات ذهنية عليا، ويؤدي هذا التعطيل إلى زوال الكف الداخلي والخارجي، ومن ثم تسهل الاستجابة بعدوانية لمثيرات لا تسبب العدوانية عادة.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر وجود الفرد في حشد أو جماعة على السلوك العدواني:
ما قد لا يفعله الفرد من سلوك مرفوض عندما يكون بمفرده يمكن أن يقوم به بسهولة عندما يكون ضمن جماعة من الأفراد إذا وجد المثير الاجتماعي السلبي. فالعنف الذي يصدر من الأفراد وهم في جماعات أقوى وأكثر تدميرا مما يمكن أن يقوموا به بمفردهم. لكن أشكال السلوك العدواني التي يقوم بها الفرد في المواقف الجماعية ليست نتيجة لخصائص فردية عدوانية أو إجرامية تجمع هؤلاء الأفراد ليتفرغوا للقيام بأفعال لا يحكمها منطق عام أو واضح. بل إن الأفراد عادة يستنكرون القيام بمثل ما يقومون به في هذه المواقف. وقد أيدت هذه الملاحظات دراسات تجريبية مضبوطة بينت أن وجود الفرد ضمن جماعة يؤدي إلى زيادة العدوان الثأري بدرجة واضحة.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر وجود الفرد في حشد أو جماعة على السلوك العدواني (تابع):
والتفسير التقليدي لزيادة قوة السلوك العدواني للفرد عندما يكون بصحبة آخرين هو عملية زوال التفرد الذي نحته فيستنغر وزملاؤه ونظّر له وأشاعه زيمباردو الذي اقترح أن أساس زوال التفرد شعور الفرد بضياع هويته الفردية أو الشخصية وعدم الاكتراث بالتقييم الاجتماعي، وهو نتيجة لمجهولية هويته كفرد عندما يكون في جماعة. هذه العملية، حسب فهم زيمباردو لها، تقلل من شعور الفرد بالمسئولية، ويصبح سلوكه لا عقلانيا واندفاعيا. وقد وجد زيمباردو أن إشراك مفحوصين في تجربة تتطلب توجيه صدمات كهربية ورؤوسهم مغطاة بأقنعة يؤدي إلى عدوانية أكبر مما لو كانت شخصياتهم معروفة أثناء أداء تلك المهمة. ولكن يمكن أن تزداد العدوانية في المواقف الجماعية دون أن تكون هوية الفرد مجهولة، كما لم تجد دراسات أخرى نفس الأثر لتغطية الوجه، بل يمكن أن تؤدي إلى تأثير مختلف حسب نوع الأمارات الموقفية التي يثيرها اللباس الذي استخدم لتغطية الوجه.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر وجود الفرد في حشد أو جماعة على السلوك العدواني (تابع):
فتأثيرات وجود الفرد مع آخرين ليست تأثيرات آلية غريزية. فالأمارات البارزة في الموقف الجماعي تحدد معنى الموقف الذي يدركه الفرد-أي أنها تعمل كمتغيرات تهيئ لأفكار وانفعالات معينة. فعندما تكون هذه الأفكار والانفعالات ذات طبيعة عدوانية فإن وجود الفرد مع آخرين يؤدي إلى زيادة السلوك العدواني.
والمشكلة الكبرى في فهم زيمباردو لعملية زوال التفرد هي أنه يقترح أن زوال الهوية الشخصية مرادف لعدم وجود أي هوية للفرد وعدم وجود أي قيود أو معايير اجتماعية تحدد سلوكه. لكن التفسير الأقدر علميا لمفهوم زوال التفرد هو أنه انخفاض في وعي الذات كفرد وارتفاع في وعي الذات كعضو في جماعة. وبذلك تصبح معايير الجماعة وخصائصها المدركة هي التي توجه سلوكه وأحكامه، سواء كانت تلك المعايير سلبية (عدوانية، مثلا)، أو إيجابية، فليس من الضروري أن يكون كل نشاط يقوم به الفرد في موقف جماعي نشاط سلبي أو ضد-مجتمعي.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
طبيعة الفروق بين الجنسين في السلوك العدواني:
هناك فروق كمية ونوعية بين الجنسين في السلوك العدواني، حيث يبدو أن وتيرة السلوك العدواني لدى الذكور أعلى منه عند الإناث. كما أن السلوك العدواني عند الإناث يميل إلى النوع اللفظي، أما العدوان الجسمي فيصدر في الغالب عن الذكور. والذي يظهر أن تلك الفوارق مردها إلى طرق التعامل المتباينة للذكور والإناث، والأدوار المختلفة التي تناط بالذكور والإناث لا إلى متغير الجنس بحد ذاته.
علم النفس الاجتماعي
تأليف د. فلاح العنزي
مدرس المقرر: حمود الشريف
الفصل العاشر
السلوك العدواني
إلحاق الضرر بالآخرين
تعريف السلوك العدواني
السلوك العدواني بين الحكم الأخلاقي والوصف الموضوعي:
عندما نقول ’سلوك عدواني‘ فإننا لا نصف ذلك السلوك فقط، بل نطلق حكما قيميا. ويرى باندورا أن ماهية السلوك العدواني تتحدد من خلال تعريفه اجتماعيا. فالسلوك نفسه قد يوصف بالعدوانية من جماعة أو فرد معين، وقد يوصف بالبطولة من جماعة أخرى أو من شخص آخر.
محددات السلوك العدواني من وجهة نظر إسلامية:
الفهم الإسلامي للعدوان محدد بعنصرين: 1، محاولة إنزال الضرر المادي أو المعنوي بكائن آخر؛ 2، النية.
التعريف الحديث للسلوك العدواني في علم النفس الاجتماعي:
العدوان هو أي شكل من أشكال السلوك الموجه بهدف الإضرار أو الإيذاء لكائن حي يكون مدفوعا لتجنب مثل هذه المعاملة.
تعريف السلوك العدواني
طبيعة السلوك العدواني:
المنحى الأحيائي في طبيعة السلوك العدواني:
شاعت فكرة أن كل نوع من أنواع الكائنات الحية لابد أن يحافظ على وجوده من خلال انتقاء أفضل خصائصه التي تعطيه فرصة أفضل في البقاء. وصاحب هذا فكرة شيوع العدوان كسلوك ضروري لبقاء النوع.
طبيعة السلوك العدواني
خرافة الوحش داخل الإنسان:
تجسدت هذه الخرافة في مفهوم غريزية العدوان التي تقترح أن السلوك العدواني جزء من الطبيعة البشرية، وأن حدوثه شيء طبيعي وضروري، وأن العدوان سيظهر بشكل أو بآخر عند البشر. ويتفق لورنز وفرويد في أن العدوان غريزة تؤدي إلى تراكم طاقة داخلية دون أي تدخل من المثيرات البيئية، وأنه لابد من إفراغها بصورة أو بأخرى، ومن هنا أتت فكرة التنفيس التي تعني أن ممارسة الفرد لأي شكل من أشكال السلوك العدواني (رياضة عنيفة، مثلا)، أو مشاهدة من يقومون به (عنف حي أو أفلام عنف، مثلا)، تؤدي إلى خفض هذه الطاقة مما يؤدي بالتالي إلى تقليل احتمال تصرفه بعدوانية في مواقف لاحقة. ولكن هذا المفهوم تمت البرهنة على عدم جدواه علميا في شرح الظاهرة، بل وأثبتت الدراسات عكس الفرضيات التي يقترحها مفهومي الغريزة والتنفيس (انظر/ي جدول 1-10؛ ص388).
طبيعة السلوك العدواني
خرافة الوراثة الفردية للعدوان-من بدائيي لامبروزو إلى ذكور XYY:
تقترح فرضية بيولوجية أخرى أن بعض الأفراد يرثون خصائص بيولوجية تجعلهم أكثر ميلا إلى العدوان بطبيعتهم. وقد اقترح كمب في منتصف القرن التاسع عشر دراسة العلاقة بين شكل الجمجمة ونتوءاتها وبعض خصائص الشخصية كالميل لارتكاب أنواع معينة من الجرائم. ثم أتى لامبروزو ليقول أن المجرمين أفراد بدائيون جدا، وأنهم نتاج أخطاء وراثية أعادت خصائص الإنسان البدائي، وأنه يمكن التعرف على المجرمين والرجال العنيفين من عدة أوصاف في الرأس وعظام الوجه. وقد تم دحض كل هذه الأفكار علميا من قبل غورينغ. ثم ظهرت فرضية ’الجين القاتل‘ أو العلاقة بين الكروموزوم الذكري المضاعف والعدوان لتعطي الانطباع بأن الجينات هي سبب العدوان. والحقيقة أن العلماء فسروا نتائج تلك الدراسات بأن هذه الفئة من الرجال تعاني من صعوبات تعلم تجعلهم أقل قدرة على التهرب من القانون مقارنة بغيرهم، وحذروا من تفسير نتائجهم على أنها تبين غريزية العدوان.
طبيعة السلوك العدواني
علاقة العدوان بالمواد الحيوية-الكيميائية وخصائص حيوية أخرى:
إن ما ينتقل إلى الفرد عبر الجينات هي الخصائص البيولوجية للنوع التي تمكنه من العيش والتفاعل مع متطلبات بيئته والجينات لا تنقل الأفكار والاعتقادات، ولا المعلومات، ولا التوقعات، ولا الميول ولا الاتجاهات، ولا القيم، فهذه كلها تأتي من تفاعل الفرد مع بيئته الاجتماعية الطبيعية، أي من الخبرة بمفهومها الشامل. وتأثير الخبرة على الفرد الإنساني، مقارنة بالكائنات الحية الأخرى، وما ينتج عنه من خصائص، ليس له حدود تقريبا. وتدل الدراسات أن الخبرة أو البيئة تؤثر على الجوانب النفسية كالأفكار والتوقعات والاتجاهات، وأيضا على الخصائص الجسمية والفسيولوجية كتركيب الدماغ ومواده كحجم الخلايا العصبية ونسبة الهرمونات ونسبة المواد المكونة للقشرة الدماغية، وغيرها من الخصائص التركيبية الحيوية للدماغ. ومن هنا يصعب دعم الفرضيات التي تقترح أن مواد حيوية-كيميائية يؤدي ارتفاع تركيزها في الجسم إلى العدوان، بغض النظر عن أي عوامل أخرى.
طبيعة السلوك العدواني
علاقة العدوان بالمواد الحيوية-الكيميائية (تابع):
أشهر فرضية من هذا القبيل هي فرضية أن هرمون الجنس الذكري (التيستوستيرون) يسبب العدوان. ولكن كل ما تبينه التجارب هو أن وجود هذا الهرمون بدرجة تركيز عالية في الجسم يصاحب العدوان. ولكن هذه الظاهرة مصاحبة لإدراك المرء نفسه في موقف تنافسي أو عدواني، أو حتى دفاعي أو حتى النشاط الحميم مثل العمل الجنسي. وقد بينت تجارب أن حقن الحيوان بالتيستوستيرون قد يؤدي إلى تصرفها بعدوانية أو بطريقة مسالمة أو بالانسحاب من الموقف اعتمادا على خصائص الموقف وخبرة الحيوان السابقة وجنسه.
طبيعة السلوك العدواني
فرضية الإحباط-العدوان:
الصياغة الأولى:
ينتج العدوان عند البشر من الإحباط الذي يتراكم بسبب عوائق بيئية تمنع الفرد من إشباع حاجاته. وتؤدي زيادة الإحباط إلى توجيه السلوك العدواني نحو المثير البيئي الذي يمنع إشباع هذه الحاجات. فالسلوك العدواني استجابة آلية للإحباط. وبهذا تضيف هذه الفرضية البعد التفاعلي للسلوك العدواني لكنها صورته كاستجابة آلية. ولكن هناك دراسات بينت أن الإحباط لا يؤدي دائما ومباشرة إلى العدوان، وقد تحدث له إزاحة. وقد استعمل هذا التعديل في تفسير التعصب.
طبيعة السلوك العدواني
فرضية الإحباط-العدوان (تابع):
الصياغة الثانية:
ما إن تبين أن الإحباط لا يؤدي دائما إلى العدوان، وأن أنواعا من العدوان لا يسبقه إحباط، توجب تعديل الفرضية الأولى لتتضمن أن الإحباط يمكن أن تكون له عدة نتائج غير العدوان، ولكن العدوان دائما نتيجة مباشرة للإحباط. فالإحباط خبرة منفرة قد تهيئ المرء للعدوان لكنها قد لا تؤدي إليه دائما.
طبيعة السلوك العدواني
فرضية الإحباط-العدوان (تابع):
صياغة بيركويتز لفرضية الإحباط-العدوان:
سُمِّيت فرضية بيركويتز بفرضية الأمارات العدوانية أو نظرية الأمارة-الاستثارة، والتي أخذت بعين الاعتبار مصدر الاستجابة العدوانية ومحدداتها الموقفية. وتقترح هذه الفرضية أن العدوان ناتج عن عاملين:
الاستثارة الانفعالية السلبية التي تنشأ من الإحباط؛
الأمارات العدوانية في الموقف.
والنقطة الجوهرية التي تضيفها هذه الفرضية هي ضرورة حضور مثيرات تستدعي أفكارا عدوانية في ذهن الفرد. فهذا الاقتراح يؤكد على أن بعض المثيرات ترتبط بالعدوان من خلال خبرة الفرد (نتيجة للتشريط الكلاسيكي)، إلا أن هذا الاقتراح يهمل كيفية اكتساب السلوك العدواني، والمحيط الذي يكتسب فيه، وكيفية استمراره.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
إن ما ينتقل إلى الفرد عبر الجينات هو إمكانية القيام بسلوك معين-أي الآليات اللازمة للقيام به.
وحتى لو نُقلت خصائص بيولوجية ذات علاقة بالعدوان فإن التعلم والخبرات الثقافية يمكن أن تُبدل أي ميول بيولوجية للعدوان قد تكون عند الإنسان.
فالفرد الإنساني يتعلم استجابات متعددة للخبرات المنفرة، والسلوك العدواني هو أحد هذه الاستجابات، وليس الاستجابة الوحيدة الممكنة. كما أن السلوك العدواني يختلف من موقف إلى آخر، وله أشكال عدة.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
أثر التعزيز على اكتساب السلوك العدواني:
لو تم تعزيز استجابة عدوانية صدرت من طفل، فسيزداد احتمال صدورها مستقبلا. والتعزيز يمكن ان يكون بالحصول على إثابة أو حتى مجرد التخلص من موقف مؤلم.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
أثر النماذج على اكتساب السلوك العدواني:
يتصف السلوك الإنساني بكثرة أنماطه وتنوع وظائفه مما يؤكد أن تلك الأنماط لا يمكن أن تكون مكتسبة فقط من خلال التعزيز. وتقترح نظرية التعلم الاجتماعي أن الفرد يكتسب استجابات سلوكية من خلال الخبرة النائبة وبواسطة عملية النمذجة، أي اتخاذ الفرد لأشخاص آخرين نماذج يحتذيها. والنماذج، كما سبقت الإشارة في الفصل السابق، ليست مصدرا للسلوك المتعلم فقط. وتؤكد التجارب أن الأطفال الذين شاهدوا بالغا يمارس سلوكا عدوانيا لعبوا بطريقة عدوانية جدا، كم أنهم لم يكتفوا بما اكتسبوه من استجابات سلوكية من النموذج، بل أضافوا إليها أنواعا أخرى. ولم يؤثر جنس الأطفال من حيث النتيجة العامة للتجربة، وإن كان لجنس النموذج تأثير بسيط.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
أثر النماذج على اكتساب السلوك العدواني:
لكن تجدر الإشارة إلى أن تأثير نموذج بالغ على شخص بالغ ينتج من عوامل نفسية أخرى كانخفاض الكف الاجتماعي وليست النمذجة بحد ذاتها.
وهناك عوامل تزيد من تأثر النموذج منها إعجاب الفرد بالنموذج، أو حبه له، ونتيجة سلوكه عليه. أي أن النمذجة ليست عملية آلية وإنما تتضمن تقييمات وأحكام تؤدي إلى تفعيل عمليات عقلية عليا.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
الوسائط الإعلامية والسلوك العدواني:
بما أن الفرد يتعلم السلوك العدواني من خلال ملاحظة سلوك الآخرين ونتائجه عليهم (تعلم اجتماعي أو خبرة نائبة)، فمن المحتمل أن يكون لوسائل الإعلام دور كبير في ذلك. وتبين التجارب أن السلوك العدواني للطفل يزداد كثيرا عند مشاهدة نموذج عدواني. كما تبين الدراسات أن تأثير النموذج الحي أكثر من تأثير نماذج الشخصيات الكرتونية والأخيرة أكثر تأثيرا من العدوان الحي المصور. كما تبين دراسات تجريبية أخرى-ميدانية وطبيعية-أن مشاهدة العنف المصور في الأفلام العادية تؤدي إلى زيادة العدوان اللفظي والجسدي، خصوصا عندما يُستثار المفحوص بطريقة سلبية.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
الوسائط الإعلامية والسلوك العدواني:
كما بينت دراسات أخرى أن تلك التأثيرات تستمر فترة طويلة وأنها ليست مؤقتة.
وقد تبين في إحدى الدراسات الطولية أن مشاهد العنف في مرحلة الطفولة والمراهقة يرتبط بالسلوك العدواني للفرد بعد عام أو سبعة أعوام أو عشرين عاما. كما تبين الدراسات علاقة بين كمية مشاهدة العنف التلفزيوني والسلوك العدواني حيث ارتبط ارتفاع مستوى الأفعال الخطرة المرتكبة ببلوغ سن الثلاثين بالتكرار العالي لمشاهدة العنف في سن الثامنة.
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
كيف تؤثر مشاهدة العنف على مستوى السلوك العدواني:
حددت عدة دراسات عددا من العمليات والعوامل الوسيطة يمكن تلخيصها كما يلي:
المشاهدة المكثفة للعنف تؤدي إلى إدراك الفرد لعالمه الاجتماعي على أنه عالم عدواني يتطلب درجة عالية من الحرص لحماية الذات،
المشاهدة المكثفة للعنف التلفزيوني تنزع الحساسية ضد العنف، (زوال الحساسية ضد العنف)، مما قد يخفف الشعور بالذنب، وربما يسهل المشاركة في السلوك العدواني،
المشاهدة المتكررة لارتكاب العنف لأسباب مشروعة تؤدي إلى إدراك العنف كسلوك مشروع للتعامل مع أحداث الحياة المنفرة،
طبيعة السلوك العدواني
العدوان كسلوك واستعداد مكتسب:
كيف تؤثر مشاهدة العنف على مستوى السلوك العدواني:
صدور السلوك العدواني من الشخصيات المحبوبة التي يتماهي معها (نمذجة)، يعزز السلوك العدواني لدى الفرد،
كثرة مشاهدة العنف تعمل على تهيئة أفكار ومشاعر عدوانية، أي تجعلها سهلة الاستدعاء في الذهن. فإذا تعرض لاستثارة سلبية في موقف يتضمن مثيرات مشابهة للمثيرات التي ارتبطت في ذهنه بالعنف، فإنه سيكون أكثر ميلا للتصرف بعدوانية،
تأثير مشاهدة العنف على مستوى الاستثارة الفسيولوجية الموقفية قد يؤدي إلى زيادة حدة السلوك العدواني في الظروف التي تثيره،
المشاهدة المتكررة للعنف تؤدي إلى بناء مخطوطات ذهنية متطورة للعدوانية، مما يؤدي إلى تأثير هذه المخطوطات على إدراك الفرد لبيئته الاجتماعية واستجابته لأحداثها.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
العدوان سلوك اجتماعي يكتسبه الأفراد من ضمن أشكال متعددة من هذا السلوك، وينتج مما تتركه خبرات الأفراد في بنائهم النفسي من عوامل تهيئهم للعدوان في ظروف معينة.
الخبرات المنفرة والسلوك العدواني:
يشعر المرء في الحياة اليومية بالخبرات المنفرة عن طريق مثيرات خارجية مثل العوامل البيئية (حرارة، رطوبة، ضوضاء، ازدحام، الخ)، والمثيرات الاجتماعية (سلوك الآخرين، مثلا).
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
العوامل البيئية والسلوك العدواني:
هناك دلائل قوية على وجود علاقة بين درجة الحرارة وتكرار السلوك العنيف. فجرائم العنف تكثر في أشهر السنة الحارة. ولا تبين هذه النتائج أن الحرارة تسبب السلوك العدواني، فهي قد تكون عاملا مساعدا فقط من خلال رفعها لمستوى الاستثارة السلبية كالشعور بالضيق، مثلا. ولكن بينت دراسات تجريبية أن الجلوس في غرفة حارة أكثر من المعتاد يزيد الأفكار العدوانية والمشاعر السلبية التي يعبر عنها المفحوصون نحو شخص آخر اثارهم سلبيا. فالمثيرات المنفرة تعمل على تهيئة الفرد للعدوان من خلال استثارتها للأفكار والمشاعر والذكريات السلبية، وبذلك يكون الفرد أكثر ميلا للسلوك العدواني عندما يتعرض لمثير اجتماعي سلبي مثل التهجم أو الاعتداء.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
العوامل البيئية والسلوك العدواني (تابع):
كما وجدت تجارب أخرى أن العلاقة بين درجة الحرارة والميل للسلوك العدواني عند الاستثارة علاقة منحنية وليست طردية. والذي يظهر أن الخبرات المنفرة جدا تدفع الفرد للتفكير في تجنب المواقف المؤذية فقط. فالخبرات المنفرة وحدها، خصوصا البيئية، تعمل على زيادة حدة الاستجابة العدوانية ولكنها لا تسببها. وهذا ما بينته دراسة لأثر الضوضاء والغضب على قوة الاستجابة العدوانية نحو شخص آخر كان هو سبب الغضب. فلم يكن لمستوى الضوضاء تأثير مستقل على استعداد الفرد للقيام بالسلوك العدواني، حيث لم ترفع الضوضاء مستوى العدوان إلا عند المفحوصين الذين أثير غضبهم مسبقا من قبل شخص آخر. وهذا يعني أن العوامل البيئية المنفرة تزيد من حدة الاستجابة العدوانية ولا تسببها.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر الأمارات العدوانية في الموقف على العدوان:
الخبرات المنفرة التي تنتج عن الآخرين عامل رئيس في صدور الاستجابات العدوانية، ولكن قد يزداد احتمال صدور السلوك العدواني إذا وجدت مثيرات موقفية ترتبط في ذهن الفرد بالعدوان، كالسلاح، مثلا. وقد تبين أن للغضب الذي يستثيره سلوك شخص آخر تأثير قوي على درجة العدوان الذي يوجهه الفرد إليه سواء كانت هناك مثيرات ترتبط بالعدوان أم لا، فالفرد لا يعتدي على الآخرين دون سبب حتى ولو كانت هناك مثيرات ترتبط في ذهن الفرد بالعدوان. ولكن النتائج تبين أيضا أن وجود المثيرات العدوانية في حالة استثارة الغضب تزيد من احتمالية العدوان، وذلك لأنها تستدعي في ذهنه أفكارا ومشاعر عدوانية ارتبطت بها من خلال الخبرة.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر الأمارات العدوانية في الموقف على العدوان (تابع):
ولكن هل هذا الأثر آلي؟
إن أثر السلاح مثلا لا يقتصر على أنه موضوع ارتبط آليا بالعدوان، فقد تبين أن وجود السلاح يؤدى إلى تخفيض درجة السلوك العدواني عندما تكون درجة الغضب منخفضة. كما أن عدد الصدمات الموجهة للشخص الذي استثار غضب المفحوص كان عاليا حتى عندما لم يكن هناك سلاح. وهنا يأتي دور تفسير الفرد لسلوك الآخر الذي سبب غضبه. فلو كانت هناك أدلة موقفية تشير إلى عدم وجود قصد الإيذاء فسيقل احتمال قيام الفرد بالرد على الآخر بالطريقة نفسها.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
دور الاستثارة الفسيولوجية في قوة السلوك العدواني:
تصاحب السلوك العدواني استثارة فسيولوجية أعلى من المعتاد، فهل للاستثارة الفسيولوجية بحد ذاتها تأثير على احتمال صدور السلوك العدواني وقوته؟ تقترح نظرية نقل الإثارة أن هناك علاقة بين الاستثارة الفسيولوجية الناتجة عن الحركة القوية (تمارين رياضية، مثلا)، واحتمالية صدور السلوك العدواني. أي أن الاستثارة الفسيولوجية قد تؤدي إلى زيادة حدة الاستجابات العدوانية إذا توفرت أسباب السلوك العدواني. فهي لا تؤدي إلى السلوك العدواني ولكنها تؤدي إلى زيادة حدته عندما يحدث. وقد تبين من عدة تجارب أن تعرض المفحوص لمثير سلبي مباشرة بعد ممارسة نشاط بدني (استثارة فسيولوجية) لن يؤدي إلى زيادة العدوان وذلك لأن الفرد سيعزو استثارته إلى التدريب. ولكن لو تعرض للمثير السلبي بعد انتهاء الجهد البدني بفترة زمنية أطول (مع بقاء شيء من مستوى الاستثارة) فسيؤدي ذلك إلى زيادة حدة الاستجابات العدوانية لأنه سيعزو استثارته للمثير السلبي.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
دور الاستثارة الفسيولوجية في قوة السلوك العدواني (تابع):
وهذا قد يفسر ردود أفعال الناس في الحياة العادية التي لا تتناسب قوتها مع المثيرات التي أثارتها، كما أننا نلاحظ أنهم لا يقومون بتلك الأفعال في مواقف أخرى.
زوال الكف الاجتماعي والسلوك العدواني:
يتعلم الفرد في مرحلة مبكرة أن السلوك العدواني مرفوض اجتماعيا. وهذا يعني، من الناحية النفسية، أن هناك كفا داخليا وخارجيا لهذا السلوك. فعندما يكون السلوك العدواني مرفوضا أو ذا قيمة سلبية في نظر الفرد نفسه أو في نظر الآخرين، أو أنه لا مبرر له، أو سيتبعه نوع من العقاب والمسئولية الشخصية، فسيقل احتمال صدوره. والعوامل التي سبقت الإشارة إلى أنها تزيد احتمال حدوث السلوك العدواني أو تزيد من حدته عوامل تتضمن نوعا من زوال الكف. وزوال الكف له عوامله التي قد تزيد من قوته.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
الكحول، الحشود، الاستثارة السلبية (الخلطة المميتة):
لكل من الكحول، ووجود الفرد في حشد من الناس، والإثارة الاجتماعية السلبية أثر مستقل على درجة الكف، ومن ثم على العدوانية. ولكن عندما تجتمع هذه المتغيرات الثلاث، فالنتيجة فتاكة (حشا.. بف باف.. ما صار علم نفس اجتماعي).
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر الكحول على السلوك العدواني:
الكحول من أقوى العوامل التي تؤدي إلى زوال الكف الداخلي والخارجي، ومن ثم يؤدي إلى سرعة الاستثارة الاجتماعية السلبية التي تسببها مثيرات اجتماعية لا تؤدي عادة إلى ذلك. فالكحول يؤدي إلى إضعاف قدرة الفرد على الانتباه للمعلومات البيئية الطبيعية والاجتماعية، ويضعف القدرة على التذكر، مما يؤدي إلى حكم الفرد على سلوك الآخرين والمواقف بطريقة خاطئة، كما لا يتأثر بالقواعد والمعايير السلوكية والمبادئ الأخلاقية التي سبق أن تعلمها، ولذلك يسهل عليه مخالفة المعايير التي توجه سلوكه عادة، ويقل شعوره بذاته وهويته الشخصية، ويخطئ في تقدير قدراته، وفي تقدير نتائج سلوكه وعواقب ذلك عليه وعلى الآخرين. والخلاصة هي أن الكحول يزيد من الاستجابة بعدوانية بسبب تعطيله المؤقت لعمليات ذهنية عليا، ويؤدي هذا التعطيل إلى زوال الكف الداخلي والخارجي، ومن ثم تسهل الاستجابة بعدوانية لمثيرات لا تسبب العدوانية عادة.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر وجود الفرد في حشد أو جماعة على السلوك العدواني:
ما قد لا يفعله الفرد من سلوك مرفوض عندما يكون بمفرده يمكن أن يقوم به بسهولة عندما يكون ضمن جماعة من الأفراد إذا وجد المثير الاجتماعي السلبي. فالعنف الذي يصدر من الأفراد وهم في جماعات أقوى وأكثر تدميرا مما يمكن أن يقوموا به بمفردهم. لكن أشكال السلوك العدواني التي يقوم بها الفرد في المواقف الجماعية ليست نتيجة لخصائص فردية عدوانية أو إجرامية تجمع هؤلاء الأفراد ليتفرغوا للقيام بأفعال لا يحكمها منطق عام أو واضح. بل إن الأفراد عادة يستنكرون القيام بمثل ما يقومون به في هذه المواقف. وقد أيدت هذه الملاحظات دراسات تجريبية مضبوطة بينت أن وجود الفرد ضمن جماعة يؤدي إلى زيادة العدوان الثأري بدرجة واضحة.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر وجود الفرد في حشد أو جماعة على السلوك العدواني (تابع):
والتفسير التقليدي لزيادة قوة السلوك العدواني للفرد عندما يكون بصحبة آخرين هو عملية زوال التفرد الذي نحته فيستنغر وزملاؤه ونظّر له وأشاعه زيمباردو الذي اقترح أن أساس زوال التفرد شعور الفرد بضياع هويته الفردية أو الشخصية وعدم الاكتراث بالتقييم الاجتماعي، وهو نتيجة لمجهولية هويته كفرد عندما يكون في جماعة. هذه العملية، حسب فهم زيمباردو لها، تقلل من شعور الفرد بالمسئولية، ويصبح سلوكه لا عقلانيا واندفاعيا. وقد وجد زيمباردو أن إشراك مفحوصين في تجربة تتطلب توجيه صدمات كهربية ورؤوسهم مغطاة بأقنعة يؤدي إلى عدوانية أكبر مما لو كانت شخصياتهم معروفة أثناء أداء تلك المهمة. ولكن يمكن أن تزداد العدوانية في المواقف الجماعية دون أن تكون هوية الفرد مجهولة، كما لم تجد دراسات أخرى نفس الأثر لتغطية الوجه، بل يمكن أن تؤدي إلى تأثير مختلف حسب نوع الأمارات الموقفية التي يثيرها اللباس الذي استخدم لتغطية الوجه.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
أثر وجود الفرد في حشد أو جماعة على السلوك العدواني (تابع):
فتأثيرات وجود الفرد مع آخرين ليست تأثيرات آلية غريزية. فالأمارات البارزة في الموقف الجماعي تحدد معنى الموقف الذي يدركه الفرد-أي أنها تعمل كمتغيرات تهيئ لأفكار وانفعالات معينة. فعندما تكون هذه الأفكار والانفعالات ذات طبيعة عدوانية فإن وجود الفرد مع آخرين يؤدي إلى زيادة السلوك العدواني.
والمشكلة الكبرى في فهم زيمباردو لعملية زوال التفرد هي أنه يقترح أن زوال الهوية الشخصية مرادف لعدم وجود أي هوية للفرد وعدم وجود أي قيود أو معايير اجتماعية تحدد سلوكه. لكن التفسير الأقدر علميا لمفهوم زوال التفرد هو أنه انخفاض في وعي الذات كفرد وارتفاع في وعي الذات كعضو في جماعة. وبذلك تصبح معايير الجماعة وخصائصها المدركة هي التي توجه سلوكه وأحكامه، سواء كانت تلك المعايير سلبية (عدوانية، مثلا)، أو إيجابية، فليس من الضروري أن يكون كل نشاط يقوم به الفرد في موقف جماعي نشاط سلبي أو ضد-مجتمعي.
أسباب السلوك العدواني في الحياة اليومية
طبيعة الفروق بين الجنسين في السلوك العدواني:
هناك فروق كمية ونوعية بين الجنسين في السلوك العدواني، حيث يبدو أن وتيرة السلوك العدواني لدى الذكور أعلى منه عند الإناث. كما أن السلوك العدواني عند الإناث يميل إلى النوع اللفظي، أما العدوان الجسمي فيصدر في الغالب عن الذكور. والذي يظهر أن تلك الفوارق مردها إلى طرق التعامل المتباينة للذكور والإناث، والأدوار المختلفة التي تناط بالذكور والإناث لا إلى متغير الجنس بحد ذاته.