إن استخدام التركيز في تحرير نفسك من المعاناة الناشئة عن اضطراب الشخصية الحدية مهمة صعبة، وجزء كبير من هذه الصعوبة يرجع إلى أنها تتطلب الانتباه لما يدور في عقلك. لقد طلبنا من لورين، وهي سيدة في العشرينات من عمرها مصابة باضطراب الشخصية الحدية، أن تروي لنا الصعوبات التي تواجهها في أثناء ممارسة التركيز. فكتبت:
لماذا المقاومة؟ من المستحيل بالنسبة لي أن أوقف أفكاري. هذا لا يزيدني إلا غضبًا؛ لأنني أفكر، ثم أكف عن التفكير، ثم أكف عن التفكير في عدم التفكير، وهو ما يدفعني للتساؤل بشأن عدم قدرتي على التوقف عن التفكير؟ وبعد ذلك أعود لأقول هأنذا، أفكر من جديد. ثم أشعر برغبة في ضرب شيء ما؛
لأنني محبطة جدًّا من نفسي. وحتى لو استطعت أن أفكر بشأن أمر معين،
ولو حتى فكرت ببساطة: يا لجمال الأشجار! فإن عقلي يظل يفكر في شيء
آخر. ووراء كل ذلك، أفكر في أن أفكاري لا يجب أن تشرد، وأنني بحاجة إلى التركيز.
أترى؟ الصمت جحيم. لا يمكنني أن أخلد للنوم دون ضوضاء؛ لأن الضوضاء هي الشيء الوحيد الذي يمنعني من التفكير. أستمع إلى التليفزيون كل ليلة لكي أنام. وإن لم أفعل، فإنني لا أنام أبدًا. حتى وأنا أجلس هنا وأكتب، فإنني أفكر في الكلمات التي أكتبها، ولكنني أفكر أيضًا في أمور أخرى في خلفية عقلي. وكلما طلب مني ألا أفقد السيطرة على أفكاري، ازداد الأمر سوءًا، وأصبح أكثر إحباطًا.
استطاعت عالمة النفس الشهيرة "مارشا لينيهان" في عام ١٩٩٣ من إحداث تقدم كبير في علاج اضطراب الشخصية الحدية وذلك من خلال تطويرها لأسلوب علاج نفسي جديد أطلقت عليه اسم "العلاج السلوكي الجدلي" الذي يعتمد بشكل أساسي على مهارة التركيز ليخلص المصابين باضطراب الشخصية الحدية من مشاعرهم الحادة وأحكامهم السلبية عن أنفسهم ما يؤدي إلى معاناتهم. كما أن التركيز يمثل طريقة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون اضطراب الشخصية الحدية على أن يصبحوا أكثر كفاءة في تطبيق مهارات تعايش أخرى تفيدهم عند معاناة الألم العاطفي؛ لأن التركيز يعلمنا ملاحظة المشاعر دون التصرف بطرق تديم المعاناة. من خلال هذا الكتاب، نأمل أن نوسع معرفتك وتطبيقك لهذه المهارة الأساسية في العلاج السلوكي الجدلي. سوف نستعرض الجانب العلمي والعملي لمهارة التركيز وكيفية تطبيقها على أعراض اضطراب الشخصية الحدية لديك.
عدل سابقا من قبل health psychologist في الثلاثاء يونيو 23, 2020 4:13 pm عدل 1 مرات