نظام الأسرة في الإسلام
بقلم: الدكتور طه جابر فياضي العلواني*
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن الإسلام يختلف عن كل ما يغايره في النظر إلى الغرائز الإنسانية - فهو لا يعتبرها مظهر خطيئة في الإنسان، ولا أمراً يستحق الكبت والحرمان، ولا ينظر إلى قهرها ومنعها على أنه قربة من القربات أو وسيلة إلى دخول الجنّات، كما تذهب إلى ذلك أديان كثيرة ومذاهب وفيرة.
كما أنه لا يعتبر الاستجابة إليها، وإطلاق العنان لها، والإقبال على كل ما يمكن الحصول عليه من خلالها (من الملذات) غاية في الحياة الدنيا وهدفها الذي نسعى إليه. ولكنه يعتبرها أمراً طبيعياً أوجده الله - تعالى - في الإنسان لغايات سامية ومقاصد نبيلة تؤدي لبقاء النوع واستمرار الحياة، ولذلك كان سبيله فيها - هو تعديلها وتنظيمها، ووضعها في الأطر المناسبة لتحقيق الغايات المقصود منها.
ومن أبرز الغرائز النوعية وأهمها، وأشدها تأثيراً في حياة الإنسان "الغريزة الجنسية"، وأن تدبر ما جاء في القرآن العظيم والسنّة النبوية - من تعاليم وتوصيات وآداب وأوامر ونواهٍ يبدي لنا - بوضوح - مدى دقة "تنظيم الإسلام، لهذا الجانب من جوانب الحياة وعنايته به، وتبصير كل صغيرة وكبيرة بما يناسبها بشكل لا يمكن لبشر أن يأتي بمثله ولكنه تشريع العليم الحكيم، وإذا ما عقدنا أية مقارنة بين ما جاء الإسلام به في هذا المجال - وما جاء به غيره فإنه سيتضح لنا عند ذلك، ويظهر بما لا يقبل مراء وجدالاً - أن الإسلام لا يعتبر الالتذاذ بها غاية بل وسيلة لتحقيق الغايات - كما أشرنا - وإذا لوحظ هذا الجانب فيها ظهر أن أية ممارسة لها خارج الإطار الذي وضعه الإسلام يعتبر ممارسة تتصف بالانحراف، وأن الامتناع عن ممارستها امتناعاً كاملاً - هو انحراف من نوع آخر، ولكن السبيل السوي - هو في أن تمارس ضمن القواعد والأحكام التي وضعها لذلك العليم الخبير.
إن "اللذة" تصلح أن تكون دافعاً، أما أن تكون مقصداً وغاية فذلك منطق يرفضه الإسلام ويأباه. كما أن تبعات بناء الأسرة، وتحمل أعباء تبعات ضخمة فلا بد أن يكون الدافع قوياً ومتنوعاً ليكون قادراً على التوازن مع الأعباء المنتظرة.
إن الإسلام يحدد للعلاقة بين الرجل والمرأة أهدافاً ثلاثة هي:
1. بقاء النوع واستمراره والحيلولة دون انقراضه إلى أن يأذن الله بذلك: )يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً...( [النساء، 1].
2. السكن والراحة النفسية والروحية لكل من الزوجين ولمن يأتي بعد ذلك - نتيجة علاقتهما: )وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ( [الروم، 21].
3. إيجاد دائرة الروابط من العلاقات والروابط الأولية تسهم في بناء مجتمع وترسيخ ذلك البناء - بعد ذلك - وتدعيمه وتقويته )وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا( [الفرقان، 54].
هذه الغايات الثلاث لا يمكن تحقيقها - مجتمعة - إلا بالنظام الذي شرعه الله لبناء الأسرة وتنظيمها فأي بيت يبنى على غير هذا النظام فإنه سوف يكون بيتاً مزعزع الأركان واهي البنيان.
فما هو هذا النظام الذي شرعه الله - تعالى - لتنظيم هذا الجانب الخطير من جوانب الحياة؟ هذا ما سنحاول إيضاحه بإيجاز وتركيز شديدين - آملين أن نرسم لهذا النظام صورة واضحة ومتكاملة.
وبالله التوفيق.
بقلم: الدكتور طه جابر فياضي العلواني*
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن الإسلام يختلف عن كل ما يغايره في النظر إلى الغرائز الإنسانية - فهو لا يعتبرها مظهر خطيئة في الإنسان، ولا أمراً يستحق الكبت والحرمان، ولا ينظر إلى قهرها ومنعها على أنه قربة من القربات أو وسيلة إلى دخول الجنّات، كما تذهب إلى ذلك أديان كثيرة ومذاهب وفيرة.
كما أنه لا يعتبر الاستجابة إليها، وإطلاق العنان لها، والإقبال على كل ما يمكن الحصول عليه من خلالها (من الملذات) غاية في الحياة الدنيا وهدفها الذي نسعى إليه. ولكنه يعتبرها أمراً طبيعياً أوجده الله - تعالى - في الإنسان لغايات سامية ومقاصد نبيلة تؤدي لبقاء النوع واستمرار الحياة، ولذلك كان سبيله فيها - هو تعديلها وتنظيمها، ووضعها في الأطر المناسبة لتحقيق الغايات المقصود منها.
ومن أبرز الغرائز النوعية وأهمها، وأشدها تأثيراً في حياة الإنسان "الغريزة الجنسية"، وأن تدبر ما جاء في القرآن العظيم والسنّة النبوية - من تعاليم وتوصيات وآداب وأوامر ونواهٍ يبدي لنا - بوضوح - مدى دقة "تنظيم الإسلام، لهذا الجانب من جوانب الحياة وعنايته به، وتبصير كل صغيرة وكبيرة بما يناسبها بشكل لا يمكن لبشر أن يأتي بمثله ولكنه تشريع العليم الحكيم، وإذا ما عقدنا أية مقارنة بين ما جاء الإسلام به في هذا المجال - وما جاء به غيره فإنه سيتضح لنا عند ذلك، ويظهر بما لا يقبل مراء وجدالاً - أن الإسلام لا يعتبر الالتذاذ بها غاية بل وسيلة لتحقيق الغايات - كما أشرنا - وإذا لوحظ هذا الجانب فيها ظهر أن أية ممارسة لها خارج الإطار الذي وضعه الإسلام يعتبر ممارسة تتصف بالانحراف، وأن الامتناع عن ممارستها امتناعاً كاملاً - هو انحراف من نوع آخر، ولكن السبيل السوي - هو في أن تمارس ضمن القواعد والأحكام التي وضعها لذلك العليم الخبير.
إن "اللذة" تصلح أن تكون دافعاً، أما أن تكون مقصداً وغاية فذلك منطق يرفضه الإسلام ويأباه. كما أن تبعات بناء الأسرة، وتحمل أعباء تبعات ضخمة فلا بد أن يكون الدافع قوياً ومتنوعاً ليكون قادراً على التوازن مع الأعباء المنتظرة.
إن الإسلام يحدد للعلاقة بين الرجل والمرأة أهدافاً ثلاثة هي:
1. بقاء النوع واستمراره والحيلولة دون انقراضه إلى أن يأذن الله بذلك: )يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً...( [النساء، 1].
2. السكن والراحة النفسية والروحية لكل من الزوجين ولمن يأتي بعد ذلك - نتيجة علاقتهما: )وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ( [الروم، 21].
3. إيجاد دائرة الروابط من العلاقات والروابط الأولية تسهم في بناء مجتمع وترسيخ ذلك البناء - بعد ذلك - وتدعيمه وتقويته )وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا( [الفرقان، 54].
هذه الغايات الثلاث لا يمكن تحقيقها - مجتمعة - إلا بالنظام الذي شرعه الله لبناء الأسرة وتنظيمها فأي بيت يبنى على غير هذا النظام فإنه سوف يكون بيتاً مزعزع الأركان واهي البنيان.
فما هو هذا النظام الذي شرعه الله - تعالى - لتنظيم هذا الجانب الخطير من جوانب الحياة؟ هذا ما سنحاول إيضاحه بإيجاز وتركيز شديدين - آملين أن نرسم لهذا النظام صورة واضحة ومتكاملة.
وبالله التوفيق.