مقدمة: تشير الدراسات الطبية الحديثة أن هناك مشاآل جنسية آثيرة تواجه
الرجال خلال مراحل حياتهم المختلفة , ولعل أهم هذه المشاآل هي ضعف الانتصاب أو عدم
وجود انتصاب عند الرجال رغم وجود رغبة جامحة أحيانا في ممارسة الجنس , حيث أن عدم
وجود انتصاب له أسباب متعددة و يجب أن يتم التفريق بين ضعف أو عدم الانتصاب و بين
عدم و جود الرغبة في الممارسة الجنسية نتيجة أسباب معينة تكون اغلبها نفسية .
و ما تم تناوله بالدراسة في بحثنا هذا هو "خلل الوظيفة الانتصابية" أو العجز
الجنسي أي عدم وجود انتصاب مستمر و آافي يسمح بعملية الإيلاج المهبلي , و مثل هذا
الأمر يكون مقلقا بالنسبة للرجال الذين يعانون فترات من عدم الانتصاب .
و حسب الإحصائيات الحديثة التي أصدرتها المنظمة العالمية للصحة لسنة 2005 فان
الضعف الجنسي يصيب تقريبا 155 مليون رجل في العالم و هذا العدد في تزايد مستمر,
لذلك وجدنا انه من الضروري التطرق لهذا الموضوع و محاولة تناوله من الجانب النفسي.
آما أن عينة بحثنا تنتمي إلى شريحة عمرية من الأربعين فما فوق , ذلك انه حسب نفس
المنظمة فان 50 بالمائة من الرجال الذين يتمون إلى هذه الفئة يعانون من مشاآل
انتصابية , خاصة و أن الرجل في هذه المرحلة من حياته لا يزال يحلم بقدراته
الجنسية عندما آان في سن اصغر , آما أن حياته الجنسية في هذه الفترة تتأثر آثيرا
بالضغوط الحياتية و آذلك بعلاقته مع شريكة فالرجل في هذه المرحلة يقوم بمقارنة
أداءه الجنسي عندما آان شابا و في بداية الممارسات الجنسية مع قدرته الجنسية
الحالية و هو يتخطى سن الأربعين فما فوق.
فحاولنا من خلال هذا البحث معرفة آيفية مواجهة الرجل لصعوبات آهذه و في مرحلة
حساسة مثل هذه , و قد آان تناولنا للموضوع بداية في الفصل الأول عبر عرض شامل
لمفهوم الجنسية و خصصنا بالذآر التناول التحليلي للموضوع , ثم بعد ذلك تطرقنا إلى
الاضطرابات الجنسية و أشكالها و أهم تصنيفاتها , أما في الفصل الثاني فقد تناولنا
فيه موضوع العجز ألانتصابي من آافة جوانبه , حيث تطرقنا إلى تعريف العملية
الجنسية آظاهرة نفسية و بيولوجية من خلال توضيح مراحلها , ثم تحدثنا عن سببية
الاضطراب العضوية ثم النفسية , و حاولنا الإلمام بآراء مختلف المدارس النفسية
حول العجز ألانتصابي , و في الفصل الثالث تحدثنا فيه عن الاآتئاب و صورة الذات
و تعريف آل منهما و أهم المظاهر التي يتجسدان من خلالهما , آي نتمكن في الفصل الأخير
الذي يحتوي على الجانب التطبيقي من التأآد حول صحة الفرضيتان المقترحتان عبر
استعمال المنهج العيادي , الذي يضم في دراستنا هذه استخدام آل من المقابلة
العيادية النصف موجهة و تطبيق اختبار بقع الحبر لروشاخ
الفصل الأول
1.1 - الإشكالية
إن الحديث عن الجنس و كل ما يدور حوله ظل و لفترات طويلة بعيدا
عن الإطار العلمي لكن و مع تقدم الأبحاث و تفتح الذهنيات و بفضل
الروح العلمية التي بدأت تتغلب شيئا فشيئا على طابوهات المجتمعات ,
أصبح الغور في الأمور الجنسية و البحث فيها خاصة في أبعادها النفسية
يشكل احد أساسيات العديد من المدارس النفسية .
ونجد في مقدمتها مدرسة التحليل النفسي , التي اعتبرت الجنس
كمحرك أساسي للسلوك البشري فتناولته بالدراسة كظاهرة نفسية تأخذ
عدة أشكال و تتطور مع الفرد منذ طفولته ثم تأثر على جنسيته في سن
أول عالم قام Sigmund Freud الرشد , و يعتبر مؤسس هذه النظرية
بدراسة الحياة الجنسية من منظور نفسي فكانت إسهاماته في هذا المجال
إحدى أهم المرجعيات النظرية التي تستند عليها الدارسات اللاحقة حول
إلى نتيجة مفادها أن للجنسية قدر من Freud الجنسية كما توصل
الأهمية يجعل منها أساسا للتكيف المناسب و البناء المتوازن للشخصية , هذا
لا ينفي طبعا و جود بعض المدارس النفسية المستقلة عن التوجه التحليلي
كالمدرسة المعرفية و السلوكية و المقاربة الوجودية الانسانوية , حيث عمدت
كل واحدة على حدا إلى فهم السيرورة الجنسية و دراسة مظاهرها السوية
و المرضية ثم محولة إصلاح ما اعتبرته شاذا أو غير سوي .
ومن بين الاضطرابات الجنسية التي كانت و لا تزال تشكل مركزا
هاما للدراسة و التحليل نذكر "خلل الوظيفة الانتصابية" الذي
ينتشر غالبا تحت تسمية "العجز أو الضعف الجنسي" و هو يعرف
علميا على انه عدم القدرة أو العجز في الحصول على انتصاب ملائم أو
إبقاءه إلى غاية اكتمال الفعل الجنسي , و يحتل هذا الاضطراب مكانة
هامة تتجسد من خلال انتشاره الواسع , و نجد كدليل على ذلك أن
المنظمة العالمية للصحة تشير إلى أرقام لسنة 2005 تزيد عن 155
مليون شخص مصاب بهذا الخلل الوظيفي كما تقدر ذات المنظمة
تسجيل أزيد من 900 ألف حالة جديدة سنويا
هذا من الناحية الإحصائية ومن الناحية النفسية تتجسد أهمية
الاضطراب من خلال الاعتبار المبالغ الذي توليه كافة المجتمعات
للقوة الذكورية و التي تعد من ابرز خصائص الرجل , ذلك أن قدرة
منذ بداية الإنسانية Lyonel rosan( الرجل الجنسية تعتبر حسب ( 1996
إلى غاية اليوم رمزا للسلطة, للخصوبة و النفوذ و السيطرة و كل
معاني القوة , فالجنسية بالنسبة للرجل ليست سبيلا للحصول على اللذة و
المتعة و إنما هي تمنحه معاني أكثر من ذلك .
يقول في هذا السياق : " الجنسية بالنسبة Roger Gérard و نجد
للرجل هي نظرة في العالم و في نشأة الكون , فبينما تربط المرأة
جنسيها بذاتها نجد أن الرجل يقوم بدمج جنسيته مع مشاريعه من اجل
التأثير و التطوير في الطبيعة و الثقافة فهو يربطها بالعالم لذلك فان
الليبيدو كطاقة توظيفية ليست موجهة فقط نحو الجنس الأخر و إنما
Roger ) " موجهة أيضا نحو كل النشاطات الإنسانية الخاصة بالرجل
هذا فضلا على أن نظرة المجتمعات خاصة ( Gérard ; 1970 ; p 93
العربية منها التي لازالت إلى غاية اليوم تعتبر فحولة الرجل و
ذكورته احد أهم المعايير التي تجعل منه عنصرا فعالا و تضمه بها
إلى نظم معتقداتها , و ما يشهد على ذلك هو تثمين المجتمع للعضو
الذكري " القضيب " وذلك منذ الطفولة الأولى و الحرص على إبرازه و
الافتخار به دون خجل , لأنه يمثل العضو الذي سوف يمنح به الحياة و
يفرض به نفسه كرجل مسيطر في المستقبل .
و على هذا الأساس سوف يبرز دور الجنسية كمجال يتحقق فيه فعليا
ما قام المجتمع بترسيخه من معتقدات في ذهن الرجل, لذلك نجد أن أي
فشل و لو جزئي في هذه الوظيفة الممجدة سوف يحدث تغيرا كبيرا في
حياة الرجل .
2005 ) الذي اهتم كثيرا بالجنسية ) Didier Dumas و المحلل النفسي
الذكرية و ألف كتابا حولها يعتبر أن القدرة الجنسية في سن الرشد
تشكل إحدى أهم مفاتيح النرجسية الذكورية . لذا فالجماع و القدرة عليه
حول Sacha Natch يعتبر مسالة محورية بالنسبة للرجل و يقول
هذا الموضوع : " إن الرجل الأكثر نشاطا و شجاعة الذي يثق بنفسه و
يسعد بحياته , إذا توصل في مرحلة ما إلى الشك بقدراته الجنسية
سوف يصبح اقل نشاطا , قلقا و مترددا , حزينا و فاقدا للثقة و
الشجاعة وأي ذوق في الحياة ...... كذلك نتنبأ له بكل الصعوبات
sachat ) ." الزواجية, و الاجتماعية التي يمكن أن تنتج عن هذا العجز
(Natch ;2004 ;p72
هذا على الصعيد الذاتي , أما على الصعيد العلائقي فيقول الأستاذ
أنيس استشاري أمراض الذكورة بطب القصر العيني بالقاهرة و رئيس
الجمعية العربية للصحة الجنسية عن النتائج المترتبة على الإصابة بخلل
الوظيفة الانتصابية , إلى أن الرجل المصاب تصاحبه ضغوط نفسية
شديدة فيشعر بالذنب تجاه زوجته لعدم قدرته على إرضاءها , هذا فضلا
عن تضاعف خوفه من انهيار أسرته لافتقاده هذه العلاقة الحميمة مع
الطرف الأخر الذي قد تدفعه تلك الظروف إلى الانفصال و بالتالي يفقد
الرجل ثقته بنفسه و يسيطر عليه شبح الخوف من الفشل مع كل موقف
للمعاشرة الجنسية , مما يدفعه إلى تحاشي مجرد الاقتراب من الزوجة أو
حتى إشعارها بالود لعدم إحراج نفسه و اهتزاز صورته في عينها .
تظهر لنا هذه الشهادة التي تصف بدقة ما يعيشه الرجل من أزمات
نفسية و المدى الذي قد يبلغه اضطراب انتصابي في إحداث كل
الصعوبات التكيفية ذات المنشأ الداخلي , و التي تقود الرجل إلى حلقة
مفرغة تعزز استمرارية الاضطراب .
و في هذا الإطار قد كان تناول موضوع خلل الوظيفة الانتصابية
بالدراسة من المنظور النفسي أمرا جد نادرا خاصة في عالمنا العربي
, و كل ما استطعنا إيجاده كدراسات في الموضوع كانت مجموعة من
الأبحاث أقيمت بجامعة كيبيك بمونتريال التي يوجد بها مركز
الدارسات الجنسية فكانت أهم المواضيع التي تناولت العجز الجنسي هي
سنة ( 1992 ) حول التفاعل بين الحالة Huguette Laplante : دراسة ل
الاكتئابية و خلل الوظيفة الانتصابية ( إسهام المقاربة الوجودية في
تشخيص الاضطراب ألانتصابي ) كما هناك دراسة أخرى ل
لسنة( 1990 ) حول التشخيص الفار قي لخلل François Blanchette:
الوظيفة الانتصابية من خلال استعمال الأعراض الجنسية المقدمة من
أجريت Sylvie Rozenfeld : طرف المريض كما نجد دراسة ل
سنة ( 2003 ) و كان موضوعها هو دراسة المقاومات الناتجة عن
العلاج الجنسي بالمقاربة الوجودية الانسانوية طبقت على رجلين يعانيان
من صعوبات انتصابية , و كلها دراسات ضمن تخصص علم الجنس
و هي بذلك تبتعد نوعا ما عن التوجه النفسي العيادي . La sexologie
وكل هذه المعطيات حول الموضوع جعلتنا نخلص إلى التساؤل
الرئيسي الذي نحاول من خلاله معرفة مدى تأثير خلل العجز الجنسي
أو الوظيفة الانتصابية على المعاش النفسي للرجل و نظرا
لتعدد الجوانب التي يمكن أن تتأثر بالصعوبة الانتصابية فقد تمحور
تساؤلنا حول نقطتين هما :
- هل يعاني الرجل المصاب بالعجز الجنسي من اكتئاب ؟
- هل يعاني الرجل المصاب بالعجز الجنسي من اهتزاز صورة الذات
؟ (altération)
2.1 - الفرضيات
1.2.1 - الفرضية العامة
- يعاني الرجل المصاب بالعجز الجنسي من اكتئاب و اهتزاز صورة
الذات .
-2.2.1 الفرضيات الجزئية
- يعاني الرجل المصاب بالعجز الجنسي من اكتئاب.
- يعاني الرجل المصاب بالعجز الجنسي من اهتزاز صورة الذات .
3.1 - أهداف الدراسة
- الهدف الرئيسي الذي نسعى إلى تحققه من خلال هذا البحث هو
محاولة خرق احد أهم الطابوهات التي تسود مجتمعنا . ألا و هو
الحديث عن الحياة الجنسية و محاولة التطرق إلى كل مكوناتها ,
لان ذلك يمهد الطريق للقضاء على العديد من الاضطرابات الجنسية
- الهدف الرئيسي الآخر كان محاولة دراسة المعاش النفسي للرجل
المصاب بخلل الوظيفة الانتصابية , من اجل زيادة فهم هذا
الاضطراب من كافة جوانبه و إبراز عواقبه و تأثيراته على الحالة
النفسية للرجل.
4.1 - أهمية الدراسة
- لعل أهم نقطة تبرز قيمة هذا العمل هي كونه يتطرق إلى نقاط
حساسة تخص حياة الرجل الجنسية بصورة علمية و موضوعية
خاصة و أن تناولنا للموضوع لم يقتصر على الجانب النفسي بل
تطرقنا فيه أيضا إلى الجانب العضوي .
- كما أن كل الأهمية تتمثل في أن هذه الدراسة تعتبر الوحيدة من نوعها
على مستوى قسم علم النفس بجامعة فرحات عباس بسطيف و بجامعة
منتوري بقسنطينة و ربما على مستوى كل الجامعات بالجزائر .
لذلك نتمنى أن يتيح ذلك المجال أمام دراسات لاحقة عبر التطرق
إلى مواضيع مماثلة ستثري حتما مجال علم النفس العيادي و خبرة
الأخصائيين الجدد بالجزائر.
الفصل الثاني: العجز الجنسي
تمهيد
يتناول الطب خلل الوظيفة الانتصابية بكل موضوعية فنجد أن العجز
الجنسي ضمن هذا الإطار قد اكتفى بالتفاسير العضوية التي سوف نذكرها بكل
التفاصيل في فصلنا هذا لكن لن نكتفي بهذا الجانب الطبي , بل سنتعرض إلى
الجوانب النفسية المفسرة لهذه الظاهرة التي تعرقل السير الطبيعي للاستجابة
الجنسية و سوف نحاول التمييز بين ما هو نفسي في إحداث الاضطراب وما
يمكن أن يكون عضوي بحت في سببيته , هذا دون إهمال التفاعل الذي يمكن
أن يحدث بين العوامل النفسية والعوامل العضوية.
1.2 - الجنسية الذآورية عبر التاريخ
- عند الإنسان القديم و عبر التاريخ إذا حاولنا أن نرجع بالزمن إلى
الوراء باحثين عن رموز القوة الذكورية فإننا نجدها متواجدة في كل
العصور فنرى أن التجمعات الإنسانية الأولى قد جعلت من الذكورة و
MARC الأمومة رمزا دالا على الخصوبة , و نقلا عن كلام
1996 ) قد تم اكتشاف رموزا للقوة الذكورية ممثلة )BONNARD
برسومات عثر عليها في كهوف ضمن مواقع أثرية عاش فيها الإنسان
القديم , وهي تمثل شكل قضيب في حالة انتصاب في كهف بلوسيل
بدردونيا حيث يعتبر هذا الرسم من أقدم الرسومات التي احتوت مواضيع
مماثلة إذ أن عمرها يقدر من 30000 الى 35000 سنة قبل الميلاد ,كما
وهي عبارة HYDROLIQUE تم العثور على رسومات لكائنات قضيبية
عن أشكال لمخلوقات غامضة تجمع بين الشكل الإنساني و
الحيواني تدل على رمز الساحر الذي يجسد روح الحيوان , و ما يمكن أن
نلحظه في هذا الرسم هو قضيب إنساني منصب ذو حجم كبير دال
حسب المؤرخين على القوة الروحية لهذا الكائن .
- هناك رسم آخر في كهف لاسكو في منطقة موتنيال بدردونيا يدل
على رجل متمدد يكون قضيبه في حالة انتصاب و يرجع تاريخ هذه
الرسومات إلى 17 ألف سنة قبل الميلاد فنجد أن كل هذه الرسومات
القديمة تدل فعلا على أهمية البعد الذكوري و ارتباط معناه بالقوة و
الذكورة و المفعول السحري و الخصوبة وهذا ما يظهر جليا عبر
دراسة تاريخ الإنسان القديم.
-1.1.2 الجنسية الذآورية عبر الأساطيتر
مما لاشك فيه أن الأساطير تحتل مكانة كبيرة بين الناس والأكيد في
الأمر أنهم يولونها الأهمية و القيمة التي تجعل منها عاملا فعالا و مؤثرا
على معتقداتهم و أفكارهم وحتى طريقة نظرتهم و معالجتهم لمختلف
المشاكل , كما أنها تلعب دورا في تحديد مظاهر حياتهم ذلك أنها تنبع
من حضارات أصيلة تركت آثارها عبر الأزمنة و العصور كالحضارة
اليونانية و الحضارة الفرعونية و من الأساطير التي تناولت موضوع
عن MARC BONNARD القوة الجنسية و الضعف الجنسي يحدثنا
أسطورة اوزيريس الإله المصري الذي يرمز إلى النبات و الخصوبة ,
كما يرمز إلى الشمس في طورها المظلم و التي يليها استمرارية الحياة
و الولادات , و تقول الأسطورة أن" سيث" والد" اوزيريس" قام بقتله غيرة
منه و قطع جسده إلى أربع عشر قطعة وزعها على كافة مصر
فقامت" ايزيس" زوجة "اوزيريس" بالبحث عن أشلاء زوجها و تجميعها
لكنها لم تعثر على سوى على ثلاث عشر قطعة و الجزء المفقود كان
عضوه الذكري , فلم تستطع إحياء زوجها لغياب ذلك العضو على
فطلبت من الإله "انو بيس" تعويض زوجها بعضو آخر و تمكنت
"ايزيس" من إحياء زوجها فأرجعت إليه الحياة و هكذا فان القطع الثلاثة
عشر لجثة "اوزيريس" كانت تعبر عن الجسد الذي فقد حيويته دون
العضو التناسلي الذي يكسبه الحياة و هو القضيب .
هناك أسطورة يونانية أخرى هي و هي أسطورة الإله " برياب"
الذي كان طفلا " افروديت" آلهة الحب و "ديونيزوس" اله النبيذ و الكرم
ابن" زوس" فكانت أم "افروديت" تغار من ابنتها و تخاف من أن يحضا
الطفل بجمال أمه و قوة أبيه , فألقت تعويذة على الطفل الذي ولد ذكرا
مشوها له قضيب ذو حجم ضخم , فتخلت عنه" افروديت" ورباه فلاحون
جعلوا منه رجلا مقدسا للذكورة و كان يحرص حقولهم مهددا من
يحاول الاقتراب منها بالتعدي الجنسي عليهم بعضوه الذكري الضخم ,
الذي كان يخيف الجميع لكن في الحقيقة برياب كان عاجزا جنسيا و
و التي " Priapisme حاليا قد استوحى الأطباء من قصة برياب كلمة "ا
تعني الانتصاب الممتد , و ما يمكن ملاحظته من هاتان الأسطورتان أن
تعبير فقدان الذكورة أو العجز الجنسي هو في الحقيقة مفهوم عالمي ,
ويظهر الانتصاب من ناحية رمزية جزءا أساسيا و ضروريا في بناء
الهوية الذكورية و الأساطير توضح لنا عبر قصة" برياب" و"
اوزيريس" هذا الخوف الممتد عبر التاريخ من الخصاء و من فقدان
هذه القوة الممجدة منذ بداية الإنسانية
2.1.2 – الجنسية الذآورية عبر العصور الوسطى إلى اليوم
- من عصر الإنسان القديم إلى العصور الوسطى حيث قانون الكون
أصبح يخضع للإرادة الإلهية و ابن اعتبر العجز الجنسي دليلا على
انه حسب النظريات الطبية اليونانية Marc bonnard عقم الرجال يقول
القديمة فان المني كان مصدره النخاع الشوكي و" هيبقراط " كان يظن
أن مصدره الدماغ أما "ليوناردو دافينشي" فقد قدم رسومات تخطيطية
موضحة للقضيب في حالة انتصاب و تقدم بفرضية مفادها أن هذا
الأخير يملك حياة و ذكاء خاصان به منفصلا عن إرادة الرجل وحجته
في ذلك أن الرجل يشعر أحيانا باستثارة و رغبة جنسية دون أن يحدث
انتصاب للقضيب الذي يخرج عن سيطرة إرادته .
- من التفاسير الميتافيزيقية التي تم شرح بها سببية العجز الجنسي
هي المفعول القوي للسحر و الشعوذات على القدرة الجنسية للرجل ,
منها مفهوم الربط الذي لم ينحصر على المجتمعات الشرقية و العربية
فحسب و إنما تم ملاحظة وجوده في كافة المجتمعات حتى الغربية منها,
و تتمثل هذه الطقوس في تشكيل عقد على خيوط من قماش و ذكر
سلسلة من الصلوات السحرية ثم التلفظ باسم الرجل المراد ربطه , حيث
أن هذه المعتقدات كانت و لا تزال جد شعبية مما يدفع البعض إلى
وضع الملح في جيوبهم أو أحذيتهم كما أن البعض الآخر اختاروا
الزواج بعيدا عن أعين الناس و خفية عنهم , و إلى غاية اليوم لا
تزال ظاهرة العجز الجنسي التي تم استبدالها مؤخرا بصياغات ذات
طابع علمي و دقيق كاضطراب الوظيفة الانتصابية أو الخلل
الانتصابي تخضع لتفاسير متعددة لكن الشيء الذي لم يتغير هو مدى
تأثير هذا الاضطراب و انعكاساته على الحالة النفسية للرجل الذي
يكون في مواجهة مع هذا النقص الذي يصيب هويته الذكورية .
2.2 - تعريف العجز الجنسي (خلل الوظيفة الانتصابية)
- لغة :العجز الجنسي في اللغة هو العنة أي من لا يأتي النساء
عجزا و لا يريدهن فيطلق لفض الضعف الجنسي على حالة الشخص الذي يعجز عن
تحقيق الانتصاب و الاحتفاظ به في أجواء جنسية تتناسب و مزاجه سواء
في عملية الاستمناء أو في علاقة جنسية
وقد عرفه فرويد على انه:"اضطراب يتمظهر في رفض الأعضاء
الجنسية للاستجابة من اجل إتمام العملية الجنسية على الرغم من أن
هذه الأعضاء كانت سليمة و فاعلة قبل و بعد
( S Freud /www.bibliopsy.fr) الاضطراب
- و في العام 1992 وضع المعهد الأمريكي الوطني للصحة تعريفا
لعدم القدرة على الانتصاب واستبدلت تسمية العجز الجنسي ب: خلل
الوظيفة الانتصابية,إذ يخصص التعريف في النص أن الخلل تحديدا يكمن
في الانتصاب أو عدم القدرة على الانتصاب..
وهذا نص التعريف: " عدم القدرة على إبقاء الانتصاب للقيام بالعملية
.( الجنسية بصورة مرضية" ( 1
أما حسب الدليل التشخيصي و الإحصائي للاضطرابات العقلية فان
تسمية العجز الجنسي لم تعد متداولة في ميدان الطب النفسي بشكل عام
دالرجل " وقد صنف
http://raboninco.com/1pIxu
الرجال خلال مراحل حياتهم المختلفة , ولعل أهم هذه المشاآل هي ضعف الانتصاب أو عدم
وجود انتصاب عند الرجال رغم وجود رغبة جامحة أحيانا في ممارسة الجنس , حيث أن عدم
وجود انتصاب له أسباب متعددة و يجب أن يتم التفريق بين ضعف أو عدم الانتصاب و بين
عدم و جود الرغبة في الممارسة الجنسية نتيجة أسباب معينة تكون اغلبها نفسية .
و ما تم تناوله بالدراسة في بحثنا هذا هو "خلل الوظيفة الانتصابية" أو العجز
الجنسي أي عدم وجود انتصاب مستمر و آافي يسمح بعملية الإيلاج المهبلي , و مثل هذا
الأمر يكون مقلقا بالنسبة للرجال الذين يعانون فترات من عدم الانتصاب .
و حسب الإحصائيات الحديثة التي أصدرتها المنظمة العالمية للصحة لسنة 2005 فان
الضعف الجنسي يصيب تقريبا 155 مليون رجل في العالم و هذا العدد في تزايد مستمر,
لذلك وجدنا انه من الضروري التطرق لهذا الموضوع و محاولة تناوله من الجانب النفسي.
آما أن عينة بحثنا تنتمي إلى شريحة عمرية من الأربعين فما فوق , ذلك انه حسب نفس
المنظمة فان 50 بالمائة من الرجال الذين يتمون إلى هذه الفئة يعانون من مشاآل
انتصابية , خاصة و أن الرجل في هذه المرحلة من حياته لا يزال يحلم بقدراته
الجنسية عندما آان في سن اصغر , آما أن حياته الجنسية في هذه الفترة تتأثر آثيرا
بالضغوط الحياتية و آذلك بعلاقته مع شريكة فالرجل في هذه المرحلة يقوم بمقارنة
أداءه الجنسي عندما آان شابا و في بداية الممارسات الجنسية مع قدرته الجنسية
الحالية و هو يتخطى سن الأربعين فما فوق.
فحاولنا من خلال هذا البحث معرفة آيفية مواجهة الرجل لصعوبات آهذه و في مرحلة
حساسة مثل هذه , و قد آان تناولنا للموضوع بداية في الفصل الأول عبر عرض شامل
لمفهوم الجنسية و خصصنا بالذآر التناول التحليلي للموضوع , ثم بعد ذلك تطرقنا إلى
الاضطرابات الجنسية و أشكالها و أهم تصنيفاتها , أما في الفصل الثاني فقد تناولنا
فيه موضوع العجز ألانتصابي من آافة جوانبه , حيث تطرقنا إلى تعريف العملية
الجنسية آظاهرة نفسية و بيولوجية من خلال توضيح مراحلها , ثم تحدثنا عن سببية
الاضطراب العضوية ثم النفسية , و حاولنا الإلمام بآراء مختلف المدارس النفسية
حول العجز ألانتصابي , و في الفصل الثالث تحدثنا فيه عن الاآتئاب و صورة الذات
و تعريف آل منهما و أهم المظاهر التي يتجسدان من خلالهما , آي نتمكن في الفصل الأخير
الذي يحتوي على الجانب التطبيقي من التأآد حول صحة الفرضيتان المقترحتان عبر
استعمال المنهج العيادي , الذي يضم في دراستنا هذه استخدام آل من المقابلة
العيادية النصف موجهة و تطبيق اختبار بقع الحبر لروشاخ
الفصل الأول
1.1 - الإشكالية
إن الحديث عن الجنس و كل ما يدور حوله ظل و لفترات طويلة بعيدا
عن الإطار العلمي لكن و مع تقدم الأبحاث و تفتح الذهنيات و بفضل
الروح العلمية التي بدأت تتغلب شيئا فشيئا على طابوهات المجتمعات ,
أصبح الغور في الأمور الجنسية و البحث فيها خاصة في أبعادها النفسية
يشكل احد أساسيات العديد من المدارس النفسية .
ونجد في مقدمتها مدرسة التحليل النفسي , التي اعتبرت الجنس
كمحرك أساسي للسلوك البشري فتناولته بالدراسة كظاهرة نفسية تأخذ
عدة أشكال و تتطور مع الفرد منذ طفولته ثم تأثر على جنسيته في سن
أول عالم قام Sigmund Freud الرشد , و يعتبر مؤسس هذه النظرية
بدراسة الحياة الجنسية من منظور نفسي فكانت إسهاماته في هذا المجال
إحدى أهم المرجعيات النظرية التي تستند عليها الدارسات اللاحقة حول
إلى نتيجة مفادها أن للجنسية قدر من Freud الجنسية كما توصل
الأهمية يجعل منها أساسا للتكيف المناسب و البناء المتوازن للشخصية , هذا
لا ينفي طبعا و جود بعض المدارس النفسية المستقلة عن التوجه التحليلي
كالمدرسة المعرفية و السلوكية و المقاربة الوجودية الانسانوية , حيث عمدت
كل واحدة على حدا إلى فهم السيرورة الجنسية و دراسة مظاهرها السوية
و المرضية ثم محولة إصلاح ما اعتبرته شاذا أو غير سوي .
ومن بين الاضطرابات الجنسية التي كانت و لا تزال تشكل مركزا
هاما للدراسة و التحليل نذكر "خلل الوظيفة الانتصابية" الذي
ينتشر غالبا تحت تسمية "العجز أو الضعف الجنسي" و هو يعرف
علميا على انه عدم القدرة أو العجز في الحصول على انتصاب ملائم أو
إبقاءه إلى غاية اكتمال الفعل الجنسي , و يحتل هذا الاضطراب مكانة
هامة تتجسد من خلال انتشاره الواسع , و نجد كدليل على ذلك أن
المنظمة العالمية للصحة تشير إلى أرقام لسنة 2005 تزيد عن 155
مليون شخص مصاب بهذا الخلل الوظيفي كما تقدر ذات المنظمة
تسجيل أزيد من 900 ألف حالة جديدة سنويا
هذا من الناحية الإحصائية ومن الناحية النفسية تتجسد أهمية
الاضطراب من خلال الاعتبار المبالغ الذي توليه كافة المجتمعات
للقوة الذكورية و التي تعد من ابرز خصائص الرجل , ذلك أن قدرة
منذ بداية الإنسانية Lyonel rosan( الرجل الجنسية تعتبر حسب ( 1996
إلى غاية اليوم رمزا للسلطة, للخصوبة و النفوذ و السيطرة و كل
معاني القوة , فالجنسية بالنسبة للرجل ليست سبيلا للحصول على اللذة و
المتعة و إنما هي تمنحه معاني أكثر من ذلك .
يقول في هذا السياق : " الجنسية بالنسبة Roger Gérard و نجد
للرجل هي نظرة في العالم و في نشأة الكون , فبينما تربط المرأة
جنسيها بذاتها نجد أن الرجل يقوم بدمج جنسيته مع مشاريعه من اجل
التأثير و التطوير في الطبيعة و الثقافة فهو يربطها بالعالم لذلك فان
الليبيدو كطاقة توظيفية ليست موجهة فقط نحو الجنس الأخر و إنما
Roger ) " موجهة أيضا نحو كل النشاطات الإنسانية الخاصة بالرجل
هذا فضلا على أن نظرة المجتمعات خاصة ( Gérard ; 1970 ; p 93
العربية منها التي لازالت إلى غاية اليوم تعتبر فحولة الرجل و
ذكورته احد أهم المعايير التي تجعل منه عنصرا فعالا و تضمه بها
إلى نظم معتقداتها , و ما يشهد على ذلك هو تثمين المجتمع للعضو
الذكري " القضيب " وذلك منذ الطفولة الأولى و الحرص على إبرازه و
الافتخار به دون خجل , لأنه يمثل العضو الذي سوف يمنح به الحياة و
يفرض به نفسه كرجل مسيطر في المستقبل .
و على هذا الأساس سوف يبرز دور الجنسية كمجال يتحقق فيه فعليا
ما قام المجتمع بترسيخه من معتقدات في ذهن الرجل, لذلك نجد أن أي
فشل و لو جزئي في هذه الوظيفة الممجدة سوف يحدث تغيرا كبيرا في
حياة الرجل .
2005 ) الذي اهتم كثيرا بالجنسية ) Didier Dumas و المحلل النفسي
الذكرية و ألف كتابا حولها يعتبر أن القدرة الجنسية في سن الرشد
تشكل إحدى أهم مفاتيح النرجسية الذكورية . لذا فالجماع و القدرة عليه
حول Sacha Natch يعتبر مسالة محورية بالنسبة للرجل و يقول
هذا الموضوع : " إن الرجل الأكثر نشاطا و شجاعة الذي يثق بنفسه و
يسعد بحياته , إذا توصل في مرحلة ما إلى الشك بقدراته الجنسية
سوف يصبح اقل نشاطا , قلقا و مترددا , حزينا و فاقدا للثقة و
الشجاعة وأي ذوق في الحياة ...... كذلك نتنبأ له بكل الصعوبات
sachat ) ." الزواجية, و الاجتماعية التي يمكن أن تنتج عن هذا العجز
(Natch ;2004 ;p72
هذا على الصعيد الذاتي , أما على الصعيد العلائقي فيقول الأستاذ
أنيس استشاري أمراض الذكورة بطب القصر العيني بالقاهرة و رئيس
الجمعية العربية للصحة الجنسية عن النتائج المترتبة على الإصابة بخلل
الوظيفة الانتصابية , إلى أن الرجل المصاب تصاحبه ضغوط نفسية
شديدة فيشعر بالذنب تجاه زوجته لعدم قدرته على إرضاءها , هذا فضلا
عن تضاعف خوفه من انهيار أسرته لافتقاده هذه العلاقة الحميمة مع
الطرف الأخر الذي قد تدفعه تلك الظروف إلى الانفصال و بالتالي يفقد
الرجل ثقته بنفسه و يسيطر عليه شبح الخوف من الفشل مع كل موقف
للمعاشرة الجنسية , مما يدفعه إلى تحاشي مجرد الاقتراب من الزوجة أو
حتى إشعارها بالود لعدم إحراج نفسه و اهتزاز صورته في عينها .
تظهر لنا هذه الشهادة التي تصف بدقة ما يعيشه الرجل من أزمات
نفسية و المدى الذي قد يبلغه اضطراب انتصابي في إحداث كل
الصعوبات التكيفية ذات المنشأ الداخلي , و التي تقود الرجل إلى حلقة
مفرغة تعزز استمرارية الاضطراب .
و في هذا الإطار قد كان تناول موضوع خلل الوظيفة الانتصابية
بالدراسة من المنظور النفسي أمرا جد نادرا خاصة في عالمنا العربي
, و كل ما استطعنا إيجاده كدراسات في الموضوع كانت مجموعة من
الأبحاث أقيمت بجامعة كيبيك بمونتريال التي يوجد بها مركز
الدارسات الجنسية فكانت أهم المواضيع التي تناولت العجز الجنسي هي
سنة ( 1992 ) حول التفاعل بين الحالة Huguette Laplante : دراسة ل
الاكتئابية و خلل الوظيفة الانتصابية ( إسهام المقاربة الوجودية في
تشخيص الاضطراب ألانتصابي ) كما هناك دراسة أخرى ل
لسنة( 1990 ) حول التشخيص الفار قي لخلل François Blanchette:
الوظيفة الانتصابية من خلال استعمال الأعراض الجنسية المقدمة من
أجريت Sylvie Rozenfeld : طرف المريض كما نجد دراسة ل
سنة ( 2003 ) و كان موضوعها هو دراسة المقاومات الناتجة عن
العلاج الجنسي بالمقاربة الوجودية الانسانوية طبقت على رجلين يعانيان
من صعوبات انتصابية , و كلها دراسات ضمن تخصص علم الجنس
و هي بذلك تبتعد نوعا ما عن التوجه النفسي العيادي . La sexologie
وكل هذه المعطيات حول الموضوع جعلتنا نخلص إلى التساؤل
الرئيسي الذي نحاول من خلاله معرفة مدى تأثير خلل العجز الجنسي
أو الوظيفة الانتصابية على المعاش النفسي للرجل و نظرا
لتعدد الجوانب التي يمكن أن تتأثر بالصعوبة الانتصابية فقد تمحور
تساؤلنا حول نقطتين هما :
- هل يعاني الرجل المصاب بالعجز الجنسي من اكتئاب ؟
- هل يعاني الرجل المصاب بالعجز الجنسي من اهتزاز صورة الذات
؟ (altération)
2.1 - الفرضيات
1.2.1 - الفرضية العامة
- يعاني الرجل المصاب بالعجز الجنسي من اكتئاب و اهتزاز صورة
الذات .
-2.2.1 الفرضيات الجزئية
- يعاني الرجل المصاب بالعجز الجنسي من اكتئاب.
- يعاني الرجل المصاب بالعجز الجنسي من اهتزاز صورة الذات .
3.1 - أهداف الدراسة
- الهدف الرئيسي الذي نسعى إلى تحققه من خلال هذا البحث هو
محاولة خرق احد أهم الطابوهات التي تسود مجتمعنا . ألا و هو
الحديث عن الحياة الجنسية و محاولة التطرق إلى كل مكوناتها ,
لان ذلك يمهد الطريق للقضاء على العديد من الاضطرابات الجنسية
- الهدف الرئيسي الآخر كان محاولة دراسة المعاش النفسي للرجل
المصاب بخلل الوظيفة الانتصابية , من اجل زيادة فهم هذا
الاضطراب من كافة جوانبه و إبراز عواقبه و تأثيراته على الحالة
النفسية للرجل.
4.1 - أهمية الدراسة
- لعل أهم نقطة تبرز قيمة هذا العمل هي كونه يتطرق إلى نقاط
حساسة تخص حياة الرجل الجنسية بصورة علمية و موضوعية
خاصة و أن تناولنا للموضوع لم يقتصر على الجانب النفسي بل
تطرقنا فيه أيضا إلى الجانب العضوي .
- كما أن كل الأهمية تتمثل في أن هذه الدراسة تعتبر الوحيدة من نوعها
على مستوى قسم علم النفس بجامعة فرحات عباس بسطيف و بجامعة
منتوري بقسنطينة و ربما على مستوى كل الجامعات بالجزائر .
لذلك نتمنى أن يتيح ذلك المجال أمام دراسات لاحقة عبر التطرق
إلى مواضيع مماثلة ستثري حتما مجال علم النفس العيادي و خبرة
الأخصائيين الجدد بالجزائر.
الفصل الثاني: العجز الجنسي
تمهيد
يتناول الطب خلل الوظيفة الانتصابية بكل موضوعية فنجد أن العجز
الجنسي ضمن هذا الإطار قد اكتفى بالتفاسير العضوية التي سوف نذكرها بكل
التفاصيل في فصلنا هذا لكن لن نكتفي بهذا الجانب الطبي , بل سنتعرض إلى
الجوانب النفسية المفسرة لهذه الظاهرة التي تعرقل السير الطبيعي للاستجابة
الجنسية و سوف نحاول التمييز بين ما هو نفسي في إحداث الاضطراب وما
يمكن أن يكون عضوي بحت في سببيته , هذا دون إهمال التفاعل الذي يمكن
أن يحدث بين العوامل النفسية والعوامل العضوية.
1.2 - الجنسية الذآورية عبر التاريخ
- عند الإنسان القديم و عبر التاريخ إذا حاولنا أن نرجع بالزمن إلى
الوراء باحثين عن رموز القوة الذكورية فإننا نجدها متواجدة في كل
العصور فنرى أن التجمعات الإنسانية الأولى قد جعلت من الذكورة و
MARC الأمومة رمزا دالا على الخصوبة , و نقلا عن كلام
1996 ) قد تم اكتشاف رموزا للقوة الذكورية ممثلة )BONNARD
برسومات عثر عليها في كهوف ضمن مواقع أثرية عاش فيها الإنسان
القديم , وهي تمثل شكل قضيب في حالة انتصاب في كهف بلوسيل
بدردونيا حيث يعتبر هذا الرسم من أقدم الرسومات التي احتوت مواضيع
مماثلة إذ أن عمرها يقدر من 30000 الى 35000 سنة قبل الميلاد ,كما
وهي عبارة HYDROLIQUE تم العثور على رسومات لكائنات قضيبية
عن أشكال لمخلوقات غامضة تجمع بين الشكل الإنساني و
الحيواني تدل على رمز الساحر الذي يجسد روح الحيوان , و ما يمكن أن
نلحظه في هذا الرسم هو قضيب إنساني منصب ذو حجم كبير دال
حسب المؤرخين على القوة الروحية لهذا الكائن .
- هناك رسم آخر في كهف لاسكو في منطقة موتنيال بدردونيا يدل
على رجل متمدد يكون قضيبه في حالة انتصاب و يرجع تاريخ هذه
الرسومات إلى 17 ألف سنة قبل الميلاد فنجد أن كل هذه الرسومات
القديمة تدل فعلا على أهمية البعد الذكوري و ارتباط معناه بالقوة و
الذكورة و المفعول السحري و الخصوبة وهذا ما يظهر جليا عبر
دراسة تاريخ الإنسان القديم.
-1.1.2 الجنسية الذآورية عبر الأساطيتر
مما لاشك فيه أن الأساطير تحتل مكانة كبيرة بين الناس والأكيد في
الأمر أنهم يولونها الأهمية و القيمة التي تجعل منها عاملا فعالا و مؤثرا
على معتقداتهم و أفكارهم وحتى طريقة نظرتهم و معالجتهم لمختلف
المشاكل , كما أنها تلعب دورا في تحديد مظاهر حياتهم ذلك أنها تنبع
من حضارات أصيلة تركت آثارها عبر الأزمنة و العصور كالحضارة
اليونانية و الحضارة الفرعونية و من الأساطير التي تناولت موضوع
عن MARC BONNARD القوة الجنسية و الضعف الجنسي يحدثنا
أسطورة اوزيريس الإله المصري الذي يرمز إلى النبات و الخصوبة ,
كما يرمز إلى الشمس في طورها المظلم و التي يليها استمرارية الحياة
و الولادات , و تقول الأسطورة أن" سيث" والد" اوزيريس" قام بقتله غيرة
منه و قطع جسده إلى أربع عشر قطعة وزعها على كافة مصر
فقامت" ايزيس" زوجة "اوزيريس" بالبحث عن أشلاء زوجها و تجميعها
لكنها لم تعثر على سوى على ثلاث عشر قطعة و الجزء المفقود كان
عضوه الذكري , فلم تستطع إحياء زوجها لغياب ذلك العضو على
فطلبت من الإله "انو بيس" تعويض زوجها بعضو آخر و تمكنت
"ايزيس" من إحياء زوجها فأرجعت إليه الحياة و هكذا فان القطع الثلاثة
عشر لجثة "اوزيريس" كانت تعبر عن الجسد الذي فقد حيويته دون
العضو التناسلي الذي يكسبه الحياة و هو القضيب .
هناك أسطورة يونانية أخرى هي و هي أسطورة الإله " برياب"
الذي كان طفلا " افروديت" آلهة الحب و "ديونيزوس" اله النبيذ و الكرم
ابن" زوس" فكانت أم "افروديت" تغار من ابنتها و تخاف من أن يحضا
الطفل بجمال أمه و قوة أبيه , فألقت تعويذة على الطفل الذي ولد ذكرا
مشوها له قضيب ذو حجم ضخم , فتخلت عنه" افروديت" ورباه فلاحون
جعلوا منه رجلا مقدسا للذكورة و كان يحرص حقولهم مهددا من
يحاول الاقتراب منها بالتعدي الجنسي عليهم بعضوه الذكري الضخم ,
الذي كان يخيف الجميع لكن في الحقيقة برياب كان عاجزا جنسيا و
و التي " Priapisme حاليا قد استوحى الأطباء من قصة برياب كلمة "ا
تعني الانتصاب الممتد , و ما يمكن ملاحظته من هاتان الأسطورتان أن
تعبير فقدان الذكورة أو العجز الجنسي هو في الحقيقة مفهوم عالمي ,
ويظهر الانتصاب من ناحية رمزية جزءا أساسيا و ضروريا في بناء
الهوية الذكورية و الأساطير توضح لنا عبر قصة" برياب" و"
اوزيريس" هذا الخوف الممتد عبر التاريخ من الخصاء و من فقدان
هذه القوة الممجدة منذ بداية الإنسانية
2.1.2 – الجنسية الذآورية عبر العصور الوسطى إلى اليوم
- من عصر الإنسان القديم إلى العصور الوسطى حيث قانون الكون
أصبح يخضع للإرادة الإلهية و ابن اعتبر العجز الجنسي دليلا على
انه حسب النظريات الطبية اليونانية Marc bonnard عقم الرجال يقول
القديمة فان المني كان مصدره النخاع الشوكي و" هيبقراط " كان يظن
أن مصدره الدماغ أما "ليوناردو دافينشي" فقد قدم رسومات تخطيطية
موضحة للقضيب في حالة انتصاب و تقدم بفرضية مفادها أن هذا
الأخير يملك حياة و ذكاء خاصان به منفصلا عن إرادة الرجل وحجته
في ذلك أن الرجل يشعر أحيانا باستثارة و رغبة جنسية دون أن يحدث
انتصاب للقضيب الذي يخرج عن سيطرة إرادته .
- من التفاسير الميتافيزيقية التي تم شرح بها سببية العجز الجنسي
هي المفعول القوي للسحر و الشعوذات على القدرة الجنسية للرجل ,
منها مفهوم الربط الذي لم ينحصر على المجتمعات الشرقية و العربية
فحسب و إنما تم ملاحظة وجوده في كافة المجتمعات حتى الغربية منها,
و تتمثل هذه الطقوس في تشكيل عقد على خيوط من قماش و ذكر
سلسلة من الصلوات السحرية ثم التلفظ باسم الرجل المراد ربطه , حيث
أن هذه المعتقدات كانت و لا تزال جد شعبية مما يدفع البعض إلى
وضع الملح في جيوبهم أو أحذيتهم كما أن البعض الآخر اختاروا
الزواج بعيدا عن أعين الناس و خفية عنهم , و إلى غاية اليوم لا
تزال ظاهرة العجز الجنسي التي تم استبدالها مؤخرا بصياغات ذات
طابع علمي و دقيق كاضطراب الوظيفة الانتصابية أو الخلل
الانتصابي تخضع لتفاسير متعددة لكن الشيء الذي لم يتغير هو مدى
تأثير هذا الاضطراب و انعكاساته على الحالة النفسية للرجل الذي
يكون في مواجهة مع هذا النقص الذي يصيب هويته الذكورية .
2.2 - تعريف العجز الجنسي (خلل الوظيفة الانتصابية)
- لغة :العجز الجنسي في اللغة هو العنة أي من لا يأتي النساء
عجزا و لا يريدهن فيطلق لفض الضعف الجنسي على حالة الشخص الذي يعجز عن
تحقيق الانتصاب و الاحتفاظ به في أجواء جنسية تتناسب و مزاجه سواء
في عملية الاستمناء أو في علاقة جنسية
وقد عرفه فرويد على انه:"اضطراب يتمظهر في رفض الأعضاء
الجنسية للاستجابة من اجل إتمام العملية الجنسية على الرغم من أن
هذه الأعضاء كانت سليمة و فاعلة قبل و بعد
( S Freud /www.bibliopsy.fr) الاضطراب
- و في العام 1992 وضع المعهد الأمريكي الوطني للصحة تعريفا
لعدم القدرة على الانتصاب واستبدلت تسمية العجز الجنسي ب: خلل
الوظيفة الانتصابية,إذ يخصص التعريف في النص أن الخلل تحديدا يكمن
في الانتصاب أو عدم القدرة على الانتصاب..
وهذا نص التعريف: " عدم القدرة على إبقاء الانتصاب للقيام بالعملية
.( الجنسية بصورة مرضية" ( 1
أما حسب الدليل التشخيصي و الإحصائي للاضطرابات العقلية فان
تسمية العجز الجنسي لم تعد متداولة في ميدان الطب النفسي بشكل عام
دالرجل " وقد صنف
http://raboninco.com/1pIxu