الاتجاه الأثري____________________
سبق أن قسمت الاتجاهات الفكرية في التراث النفسي في الحضارة الإسلامية ثلاثة أقسام هي: الأثري والصوفي والفلسفة.وها أنا أشرع في الحديث عن كل اتجاه منة هذه الاتجاهات الثلاثة وابدأ بالاتجاه الأثري معرفا بخمسة من أعلامه وهم:
1- المواردي.
2- ابن الجوزي.
3- ابن تيميه .
4- ابن القيم
5- ابن خلدون
الماروردي364-450
ترجمته أبو الحسين على بن محمد بن حبيب البصري المعروف الماوردي (نسبة إلى ماء الورد) ولد في البصرة سنة 364.
والماوردي من كبار فقهاء الشافعية وأقضى قضاة عصره وبلغ منزلة رفيعة عند بلوغ بني بويه وكانوا يرتضون وساطته بينهم وبين من يناوئهم وكان لا يحابي أو يجامل أحد على حساب دينه وكان تقياً ورعاً عاملاً بعلمه وتوفى ببغداد سنة 450 هـ رحمه الله رحمة واسعة. وكان المتصرف في شئون الأمة هم البويهيون وهم من الشيعة ولهذا كان للماوردي اهتمام بالنظام السياسي في الإسلام فكتب فيه عدد من الكتب منها الأحكام السلطانية وقوانين الوزارة ونصيحة الملوك.
ومن كتبه أعلام النبوة أما أهم كتبه التي لها علاقة بعلم النفس هو كتاب أدب الدنيا والدين يتكون الكتاب من خمسة أبواب الأول عن العقل وفضله والثاني عن العلم والتعلم وأدب طالب العلم والثالث عن أدب الدين والرابع عن أدب الدنيا والخامس عن أدب النفس وهو أطول فصول الكتاب فهو يربو على الثلث وقد قسم أدب النفس إل قسمين أدب مواضعه وإصلاح وأدب رياضة واستصلاح.
منهج الماوردي_________________
العقل ينقسم إلى قسمين غريزي ومكتسب
أولاً: الغريزي هو العقل الحقيقي وله حد يتعلق به التكليف فإذا بلغ الشخص هذا الحد وجبت عليه التكاليف وهذا العقل كما يقول الماوردي لا يزيد ولا ينقص و به يمتاز الإنسان عن سائر الحيوان فإذا تم في الإنسان سمي عاقلاً وخرج به إلى حد الكمال ويعرف الماوردي هذا العقل بأنه العلم بالمدركات الضرورية والمدركات الضرورية قسمان أحدهما ما أدركه الشخص بحواسه من العالم الخارجي المحيط به أو كما يقول الماوردي ما وقع عن درك الحواس مثل الماوردي للنوع الأول بالمرئيات المدركة للنظر, والأصوات المدركة بالسمع والطعوم المدركة بالذوق والروائح المدركة بالشم والأجسام المدركة باللمس.
والثاني ما كان مبتدئاً في النفوس ومثل للنوع الثاني وهو ما كان مبتدئا في النفوس بالبديهيات كالعلم بأن الشيء لا يخلو من وجود أو عدم, وأن الموجود لا يخلو من حدوث أو قدم, وأن من المحال اجتماع الضدين, وأن الواحد أقل من الاثنين.
ثانياً وأما العقل المكتسب فيقول عنه الماوردي: "هو نتيجة العقل الغريزي وهو نهاية المعرفة, وصحة السياسة وإصابة الفكرة" ويرى أن هذا العقل ليس له حد, لأنه ينمو إذا استعمل وينقص إذا أهمل, ونماؤه يكون بأحد وجهين: إما بكثرة الاستعمال إذا لم يعارضه مانع من هوى ولا صاد من شهوة كالذي يحصل لذوي الأسنان من الحنكة وصحة الروية بكثرة التحارب وممارسة الأمور.
وأما الوجه الثاني فقد يكون بفرط الذكاء وحسن الفطنة وذلك جودة الحدس في زمان غير ممهل للحدس, فإذا امتزجا بالعقل الغريزي صارت نتيجتهما نمو العقل المكتسب كالذي يكون في الأحداث من وفور العقل وجودة الرأي (ص72). ومما سبق نلاحظ أن الماوردي فرق بين الذكاء والعقل, فالعقل عنده هو المعارف سواء كانت ضرورية أو مكتسبة أما الذكاء فهو الآلة التي تعالج هذه المعلومات.
التنشئة الاجتماعية_______________________
التنشئة الاجتماعية تعني أساليب رعاية النشء في المجتمع وطرق نقل القيم والعادات من جيل إلى جيل, فعن طريق التنشئة الاجتماعية ينطبع الفرد بطابع مجتمعه في سلوكه وأنماط تفكيره وشخصيته العامة.
والتنشئة تتم عن طريق عدد من المؤسسات الاجتماعية كالأسرة والمدرسة. وبسبب أهميتها عني بها الباحثون في علم النفس والاجتماع.
الماوردي تحدث عن التنشئة الاجتماعية ولم يسمها بهذا الاسم وإنما سماها بالأدب اللازم للإنسان عن نشوئه وكبره, وقسمه إلى قسمين: "أدب مواضعة واصطلاح وأدب رياضة واستصلاح.
أولا: أدب المواضعة والاصطلاح:
والمقصود به القيم والمعايير الاجتماعية التي استقرت في المجتمع وهذه يتلقاها الناشئ تقليدا ومجاراة للعرف السائد في مجتمعه.
ثانياً:أدب الرياضة والاستصلاح
ويقصد به الماوردي اهتداء الناشئ بداعي الفطرة والعقل المغروس فيه فجتنب ما يقبح ويشين ويأخذ بما يحسن الأخذ به ويدعو العقل إليه.
التحصيل العلمي_______________________
أولا:دواعي التفسير في طلب العلم
تحدث الماوردي عن طلب العلم وتحصيله وعن دواعي التقصير في طلبه وعدم إجادة ما تصدى الشخص لتحصيله فذكر منها عدد من الدواعي أو الأسباب:
1- يتعلق بطبيعة العمل الذي يزاوله الشخص حيث يدفعه عمله إلى طلب نوع معين من العلم والإعراض عن مقدماته.
2- حب الاشتهار بالعلم إما لتكسب أو لتجمل.
3- الغفلة عن التعلم في الصغر ثم يشتغل به في الكبر فيستحي أن يبتدئ به الصغير ويستنكف أن يساويه الحدث الغرير.
4- الاستحياء
5- وفور شهواته وتقسيم أفكاره.
6-الطوارق المزعجة والهموم المذهلة، وقد قيل في منثور الكلم الهم قيد الحواس.
7- كثره اشتغاله وترادف حالاته حتى إنها تستوعب زمانه وتستفذ أيامه فإذا كان ذا رئاسة ألهته وإذا كان ذا معيشة قطعته .وهذا يشبه ما ذكره علماء النفس الاجتماعي عن صراع الأدوار.
ثانياً : موانع الفهم
ذكر المواردي أن الفهم قد يمتنع على الشخص بسبب واحد من ثلاثة أمور وهي:
1- يمتنع الفهم أحيانا بسبب الألفاظ المعبر بها عن المعني كأن تكون غامضة عسيرة التركيب.
2- وقد يمتنع الفهم على الشخص بسبب المعاني المستودعة في الألفاظ كأن تكون جديدة لا خبرة للدارس بها من قبل.
3- وقد يمتنع الفهم على الشخص بسبب يتعلق بالشخص نفسه كأن يكون بليداً أو سريع النسيان.
ثالثاً: شروط التحصيل:
فأما الشروط التي يتوفر بها علم الطالب فتسعة شروط:
1- العقل الذي يدرك به حقائق الأمور.
2- الفطنة التي يتصور بها غوامض العلوم.
3- الذكاء الذي يستقر به حفظ ما تصوره وفهم ما علمه.
4- الشهوة التي يدوم بها الطلب ولا يسرع إليه الملل.
5- الاكتفاء بمادة تغنيه عن كلف الطلب .
6- الفراغ الذي معه يكون التوفر ويحصل به الاستكثار.
7- عدم القواطع المذهلة من هموم وأشغال وأمراض.
8- طول العمر واتساع المدة لينتهي بالاستكثار إلى مراتب الكمال.
9- الظفر بعالم سمح بعلمه متأن في تعليمه.
الحياة الطيبة_______________________
الحياة الطيبة Well beingمن المصطلحات الحديثة في علم النفس الاجتماعي ويعبر عنها أحيانا بالسعادة.وبعض الدارسات النفسية الحديثة حددت ثلاثة محاور للحياة الطيبة هي:
الأولى: الجانب الانفعالي حيث يجب أن يكون معتدلا.
الثاني: الجانب المعرفي التأملي حيث يبرز في التعبير عن الرضا عن الحياة.
الثالث: العناء النفسي وعلاقته عكسية فكلما زاد القلق والاكتئاب عند الشخص قلت السعادة وتنغصت الحياة الطيبة.هذا هو المفهوم بإيجاز في الدراسات الحديثة.
أما الماوردي فقد ناقشه من زاويتين:
الأول: تتعلق بالمجتمع الذي يعيش فيه الفرد،واشترط له ستة شروط.
الثانية: تتعلق بالفرد نفسه من حيث علاقته بذاته وبمجتمعه ومن حيث وجود دخل كاف يعيش به.
ابن الجوزي__________________
وهو جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن محمد ابن علي القرشي التيمي البغدادي ولد في أول القرن السادس والبعض يرجح ميلاده في 510
أولاً :
ولد ابن الجوزي بعد سقوط بيت المقدس في يد الصليبيين وكانت هناك هجمة شرسة على العالم الإسلامي من أعدائه وكان الكثير من المسلمين يعيشون هزيمة نفسية لا يؤمنون معها بنصر إلا أن الله عز وجل قيد للأمة علماء أمثال ابن الجوزي بثوا في الأمة روح الجهاد وأمراء من مثل نور الدين محمود وعماد الدين زنكي رحمهما الله.
ثانياً:
انتشار التصوف في هذا القرن مع الهزيمة التي تعيشها الأمة انشر التصوف والتصوف إذا انتشر في قوم أفسد عليهم دينهم دنياهم أما فساد الدين فيتمثل في انحراف التدين وفساد العقيدة وانتشار البدع من أجل تخليص الأمة من مساوئ التصوف ألف أبن الجوزي كتابه:" تلبيس إبليس".
ثالثا:
انتشار الباطنية والتشيع في هذا القرن انتشرت الفرق الباطنية في العالم الإسلامي فاغتالوا كثيرا من العلماء وقادة المسلمين ومنهم نظام الملك وحاولوا اغتيال صلاح الدين عدة مرات وهؤلاء يرون أن للشريعة ظاهراً وباطناً ولا يعلم الباطن إلا الإمام المعصوم وفي الرد عليهم ألف الغزالي كتابه المشهور "فضائح الباطنية".
رابعاً:
انتشار الفلسفة حيث أصبحت هي الثقافة الشعبية المنتشرة بين عامة المسلمين فكانت بسببها ترد نصوص الشرع وأوامره ومن أجل كشف هذه الضلالة ألف الغزالي أيضا كتابه "تهافت الفلاسفة" هذه الملامح الأربعة أثرت في فكر أبن الجوزي فظهرت واضحة في وعظه وفيما ألفه من كتب.
منهج ابن الجوزي___________________
ألف ابن الجوزي عدد كبير من الكتب ويذكر ابن تيمية أنه أحصى له أكثر من ألف مصنف إلا أن الذي يعنينا من هذه الكتب ما له تعلق بعلم النفس ومن أهمها صيد الخاطر وتلبيس إبليس وهذان الكتابان هما اللذان سوف نرجع إليهما في دراسة التراث النفسي ومنهج أبن الجوزي في كتبه السابقة لا يعدو على أن يكون لفتات أو خواطر تعبر عن ما دار في خلده لحظة الحدث ولا ترقى إلى مستوى النظرية وهذه موجودة غالبا في كتابه صيد الخاطر مما كتبه هو نتيجة نظر وتأمل عميقين وملاحظات جادة في المجتمع من حوله وهذا مدون في كتابه تلبيس إبليس في صور الانحراف التي تعرض للمجتمع وبحث في صور الخداع الذاتي حيث يخدع الإنسان نفسه فيظن الباطل حقاً وما دونه في كتابه هذا يمكن أن يبنى منه نظرية نفسية حول طبيعة الانحراف.
موضوعات نفسية عند ابن الجوزي___________________________
أثر الموعظة بعد الانفصال عن الدرس. تحدث ابن الجوزي في كتابه" صيد الخاطر" عن بعض الظاهرات التي يواجهها الداعية ولاسيما الواعظ في مجلس وعظه وحاول أن يقدم لها بعض التعليلات النفسية .
ويبدو من تعليل ابن الجوزي لهذه الظاهرة أنه يفسر زوال أثر الموعظة السريع بعاملين هما:
1- الحالة الانفعالية حيث يرى أنها سريعة الانطفاء فطبيعة الموعظة أنها تثير العاطفة وتخاطب في العادة الجانب الانفعالي عند السامع سيحدث له تأثر وتفاعل مع ما يسمع ولكن هذا التفاعل لا يستمر بل يزول سريعاً لأن الموعظة اعتمدت على الخطاب العاطفي وخاطبت الجانب الانفعالي من تكوين الإنسان فقط.
2-اليقظة والانتباه أو حال الشخص حال سماعه الموعظة فإذا كان منتبهاً حاضر الذهن مجتمع النفس سالماً المؤثرات الصارفة فإنه يكون أكثر تفاعلاً أو استجابة لما يسمع فإذا انصرف من مجلس الوعظ وتشتت نفسه وانصرف ذهنه إلى قضايا أخرى فإن أثر الموعظة يزول والذي يبدو مما ذكرها ابن الجوزي أن هذين العاملين متداخلان يصعب الفصل بينهما وتميز أحدهما عن الآخر.
الأناشيد في أثناء العمل_________________________
تحدث ابن الجوزي عما لاحظه في طرقة تعامل الناس مع الأعمال الثقيلة والشاقة ليتغلبوا عليها يقول أبن الجوزي مر بي حمالان تحت جذع ثقيل وهما يتجاذبان بإنشاد التنعم وكلمات الاستراحة فاحدهما يصغى إلى ما يقوله الآخر ثم يعيده أو يجيب بمثله والآخر همته مثل ذلك علل أبن الجوزي تجاذب العمال للأناشيد في أثناء عملهم بأنه نوع من الحيلة النفسية يصرفون بها الذهن عن التفكير في العمل الذي يعملونه فيساعدهم هذا في الاستمرار في العمل والتغلب على متاعبه الذي يبدو قياس على ما ذكره أبن الجوزي أن هذه الأناشيد والأهازيج والهمهمات فعالة في الأعمال الروتينية التي تتطلب مجهودا بدنيا أو الأعمال الذهنية فربما كانت معيقة للتفكير ومن ثم للعمل وفي علم النفس الحديث أجريت دراسات مقارنة عن أثر ما يصدر من العامل من أصوات وهمهمات على أدائه وإنتاجه فظهر أنها تساعد الشخص في أكمال العمل والتغلب على الملل.
الحفظ والاسترجاع_____________________
تحدث ابن الجوزي عن الحفظ وراعى فيما ذكره عددا من العوامل،منها:
قدرة الشخص وحالته النفسية والنمو العقلي مما يمكن أن يدخل تحت الفروق الفردية كما تحدث عن أثر البيئة وأول ما أوصي به المتعلم ألا يحفظ كثيراً دفعة واحدة بل عليه أن يجزئ ما يريد حفظه لأن القلب جارحة تتعب،ولا يقيها من التعب والفتور إلا تقليل المحفوظ مع تقليل المحفوظ مع المداومة على الحفظ والتكرار أو الإعادة.
ثم تحدث عن الفروق الفردية بين المتعلمين وشبه قوه العقل بقوة البدن فكما أن من الناس من يحمل مائة رطل ومنهم من يعجز عن حمل عشرين رطلا،كذلك القلوب يقول ابن الجوزي (فليأخذ الإنسان على قدر قوته ودونها).أما إذا استنفذ الإنسان قوته كلها في وقت واحد فسوف تضيع منه أوقات.
وكذلك لفت انتباه من يريد أن يحفظ إلى أن للحفظ فترات من العمر يكون الحفظ فيها أجدر وأرسخ ،وأفضل هذه الأوقات في الصغر كما ذكر ابن الجوزي أن في الزمان أوقاتا تكون أولى من غيرها للحفظ فأول النهار وأوقات السحر والغدوات حيث النشاط وزوال الأشغال وقله الملهيات أفضل من سواها .أما فيما يتعلق بأحوال من يريد أن يحفظ فنبه الجوزي إلى أن للشخص أحوال يحسن فيها الحفظ وهي خير من غيرها فحال قلة الطعام معين أكثر من حال امتلاء المعدة .
ونصح من لم يجد نشاطا للحفظ أن يتركه إلى أن يعود إليه نشاطه ولا يكابر نفسه .
ومن العوامل المعينة على الحفظ التي نبه عليها ابن الجوزي عامل البيئة، فالبيئة التي فيها ملهيات تشغل الإنسان ليست مكاناً صالحاً للحفظ، ولهذا ينصح من يريد بالخلوة ويعدها أصلا في ذلك.
أثر العادة على السلوك_______________________
يري ابن الجوزي أن للعادة أثر قوياً علي السلوك يصعب عليه مفارقتها ، حتى لو كانت باطلة أو كان غيرها أولى منها .وبسبب هذه القوة الملزمة يحدث في أحيان كثيرة صراع بينت ما اعتاده الناس وبين ما ينبغي لهم فعله كأوامر الشرع .
ويرى أن الناس تألف العادة سواء كانت دينية أو دنيوية وتنشط لعملها لا لأنها مشروعة وإنما لأنها عادة، يقول ابن الجوزي :"رأيت عادات الناس غلبت على عملهم فهم يستوحشون من فعل الشئ لعدم جريان العادة لا لنهى الشرع".
طبيعة النفس الإنسانية عند ابن الجوزي_____________________________
- الهوى والشهوات ليجتلب الإنسان ما ينفعه.
- الغضب ليدفع ما يؤذيه.
- العقل وهو ما يأمر بالعدل فيما يجلب الإنسان لنفسه وفيما يجتنبه.
ويري ابن الجوزي أن الإلف والعادة ربما أبطلت عند الإنسان عمل الإدراك أو العقل.
التلبيس: معناه وأسبابه
إلف ابن الجوزي كتابه "تلبيس إبليس" لمعالجة قضيه اجتماعية ومعرفيه وسلوكيه وهذه القضية هي ما سماه بالتلبيس ويعني به إظهار الباطل في صورة الحق.وهو نوع من الانحراف لا يشعر به صاحبه لظنه انه مصيب.
نجد أن هذا التلبيس لا يكاد ينجو منه أحد من الناس فالعامة يقعون فيه والعلماء كذلك.
أما أسباب هذا التلبيس فنستطيع أن نجملها من خلال ما ذكره ابن الجوزي في ثلاثة أسباب هي :
أولا سبب منهجي:وهو عدم وجود ضوابط منهجيه سليمة للجانب المعرفي وبسبب غياب هذه الضوابط خاض بعض طلاب العلم والفلاسفة فيما لا يدرك غوره ويعجز الخائض عن الوصول إلى عمقه.
ثانياً: سبب نفسي: وهو تعطيل العقل والميل إلى المادة والحس .
والتقليد هو تعطيل أيضا للعقل.
ثالثاً: سبب اجتماعي يتعلق بالتقليد والتنشئة الاجتماعية ومن ذلك تقليد الآباء والأسلاف وهذا من أكثر أسباب هلاك العوام.
سبق أن قسمت الاتجاهات الفكرية في التراث النفسي في الحضارة الإسلامية ثلاثة أقسام هي: الأثري والصوفي والفلسفة.وها أنا أشرع في الحديث عن كل اتجاه منة هذه الاتجاهات الثلاثة وابدأ بالاتجاه الأثري معرفا بخمسة من أعلامه وهم:
1- المواردي.
2- ابن الجوزي.
3- ابن تيميه .
4- ابن القيم
5- ابن خلدون
الماروردي364-450
ترجمته أبو الحسين على بن محمد بن حبيب البصري المعروف الماوردي (نسبة إلى ماء الورد) ولد في البصرة سنة 364.
والماوردي من كبار فقهاء الشافعية وأقضى قضاة عصره وبلغ منزلة رفيعة عند بلوغ بني بويه وكانوا يرتضون وساطته بينهم وبين من يناوئهم وكان لا يحابي أو يجامل أحد على حساب دينه وكان تقياً ورعاً عاملاً بعلمه وتوفى ببغداد سنة 450 هـ رحمه الله رحمة واسعة. وكان المتصرف في شئون الأمة هم البويهيون وهم من الشيعة ولهذا كان للماوردي اهتمام بالنظام السياسي في الإسلام فكتب فيه عدد من الكتب منها الأحكام السلطانية وقوانين الوزارة ونصيحة الملوك.
ومن كتبه أعلام النبوة أما أهم كتبه التي لها علاقة بعلم النفس هو كتاب أدب الدنيا والدين يتكون الكتاب من خمسة أبواب الأول عن العقل وفضله والثاني عن العلم والتعلم وأدب طالب العلم والثالث عن أدب الدين والرابع عن أدب الدنيا والخامس عن أدب النفس وهو أطول فصول الكتاب فهو يربو على الثلث وقد قسم أدب النفس إل قسمين أدب مواضعه وإصلاح وأدب رياضة واستصلاح.
منهج الماوردي_________________
العقل ينقسم إلى قسمين غريزي ومكتسب
أولاً: الغريزي هو العقل الحقيقي وله حد يتعلق به التكليف فإذا بلغ الشخص هذا الحد وجبت عليه التكاليف وهذا العقل كما يقول الماوردي لا يزيد ولا ينقص و به يمتاز الإنسان عن سائر الحيوان فإذا تم في الإنسان سمي عاقلاً وخرج به إلى حد الكمال ويعرف الماوردي هذا العقل بأنه العلم بالمدركات الضرورية والمدركات الضرورية قسمان أحدهما ما أدركه الشخص بحواسه من العالم الخارجي المحيط به أو كما يقول الماوردي ما وقع عن درك الحواس مثل الماوردي للنوع الأول بالمرئيات المدركة للنظر, والأصوات المدركة بالسمع والطعوم المدركة بالذوق والروائح المدركة بالشم والأجسام المدركة باللمس.
والثاني ما كان مبتدئاً في النفوس ومثل للنوع الثاني وهو ما كان مبتدئا في النفوس بالبديهيات كالعلم بأن الشيء لا يخلو من وجود أو عدم, وأن الموجود لا يخلو من حدوث أو قدم, وأن من المحال اجتماع الضدين, وأن الواحد أقل من الاثنين.
ثانياً وأما العقل المكتسب فيقول عنه الماوردي: "هو نتيجة العقل الغريزي وهو نهاية المعرفة, وصحة السياسة وإصابة الفكرة" ويرى أن هذا العقل ليس له حد, لأنه ينمو إذا استعمل وينقص إذا أهمل, ونماؤه يكون بأحد وجهين: إما بكثرة الاستعمال إذا لم يعارضه مانع من هوى ولا صاد من شهوة كالذي يحصل لذوي الأسنان من الحنكة وصحة الروية بكثرة التحارب وممارسة الأمور.
وأما الوجه الثاني فقد يكون بفرط الذكاء وحسن الفطنة وذلك جودة الحدس في زمان غير ممهل للحدس, فإذا امتزجا بالعقل الغريزي صارت نتيجتهما نمو العقل المكتسب كالذي يكون في الأحداث من وفور العقل وجودة الرأي (ص72). ومما سبق نلاحظ أن الماوردي فرق بين الذكاء والعقل, فالعقل عنده هو المعارف سواء كانت ضرورية أو مكتسبة أما الذكاء فهو الآلة التي تعالج هذه المعلومات.
التنشئة الاجتماعية_______________________
التنشئة الاجتماعية تعني أساليب رعاية النشء في المجتمع وطرق نقل القيم والعادات من جيل إلى جيل, فعن طريق التنشئة الاجتماعية ينطبع الفرد بطابع مجتمعه في سلوكه وأنماط تفكيره وشخصيته العامة.
والتنشئة تتم عن طريق عدد من المؤسسات الاجتماعية كالأسرة والمدرسة. وبسبب أهميتها عني بها الباحثون في علم النفس والاجتماع.
الماوردي تحدث عن التنشئة الاجتماعية ولم يسمها بهذا الاسم وإنما سماها بالأدب اللازم للإنسان عن نشوئه وكبره, وقسمه إلى قسمين: "أدب مواضعة واصطلاح وأدب رياضة واستصلاح.
أولا: أدب المواضعة والاصطلاح:
والمقصود به القيم والمعايير الاجتماعية التي استقرت في المجتمع وهذه يتلقاها الناشئ تقليدا ومجاراة للعرف السائد في مجتمعه.
ثانياً:أدب الرياضة والاستصلاح
ويقصد به الماوردي اهتداء الناشئ بداعي الفطرة والعقل المغروس فيه فجتنب ما يقبح ويشين ويأخذ بما يحسن الأخذ به ويدعو العقل إليه.
التحصيل العلمي_______________________
أولا:دواعي التفسير في طلب العلم
تحدث الماوردي عن طلب العلم وتحصيله وعن دواعي التقصير في طلبه وعدم إجادة ما تصدى الشخص لتحصيله فذكر منها عدد من الدواعي أو الأسباب:
1- يتعلق بطبيعة العمل الذي يزاوله الشخص حيث يدفعه عمله إلى طلب نوع معين من العلم والإعراض عن مقدماته.
2- حب الاشتهار بالعلم إما لتكسب أو لتجمل.
3- الغفلة عن التعلم في الصغر ثم يشتغل به في الكبر فيستحي أن يبتدئ به الصغير ويستنكف أن يساويه الحدث الغرير.
4- الاستحياء
5- وفور شهواته وتقسيم أفكاره.
6-الطوارق المزعجة والهموم المذهلة، وقد قيل في منثور الكلم الهم قيد الحواس.
7- كثره اشتغاله وترادف حالاته حتى إنها تستوعب زمانه وتستفذ أيامه فإذا كان ذا رئاسة ألهته وإذا كان ذا معيشة قطعته .وهذا يشبه ما ذكره علماء النفس الاجتماعي عن صراع الأدوار.
ثانياً : موانع الفهم
ذكر المواردي أن الفهم قد يمتنع على الشخص بسبب واحد من ثلاثة أمور وهي:
1- يمتنع الفهم أحيانا بسبب الألفاظ المعبر بها عن المعني كأن تكون غامضة عسيرة التركيب.
2- وقد يمتنع الفهم على الشخص بسبب المعاني المستودعة في الألفاظ كأن تكون جديدة لا خبرة للدارس بها من قبل.
3- وقد يمتنع الفهم على الشخص بسبب يتعلق بالشخص نفسه كأن يكون بليداً أو سريع النسيان.
ثالثاً: شروط التحصيل:
فأما الشروط التي يتوفر بها علم الطالب فتسعة شروط:
1- العقل الذي يدرك به حقائق الأمور.
2- الفطنة التي يتصور بها غوامض العلوم.
3- الذكاء الذي يستقر به حفظ ما تصوره وفهم ما علمه.
4- الشهوة التي يدوم بها الطلب ولا يسرع إليه الملل.
5- الاكتفاء بمادة تغنيه عن كلف الطلب .
6- الفراغ الذي معه يكون التوفر ويحصل به الاستكثار.
7- عدم القواطع المذهلة من هموم وأشغال وأمراض.
8- طول العمر واتساع المدة لينتهي بالاستكثار إلى مراتب الكمال.
9- الظفر بعالم سمح بعلمه متأن في تعليمه.
الحياة الطيبة_______________________
الحياة الطيبة Well beingمن المصطلحات الحديثة في علم النفس الاجتماعي ويعبر عنها أحيانا بالسعادة.وبعض الدارسات النفسية الحديثة حددت ثلاثة محاور للحياة الطيبة هي:
الأولى: الجانب الانفعالي حيث يجب أن يكون معتدلا.
الثاني: الجانب المعرفي التأملي حيث يبرز في التعبير عن الرضا عن الحياة.
الثالث: العناء النفسي وعلاقته عكسية فكلما زاد القلق والاكتئاب عند الشخص قلت السعادة وتنغصت الحياة الطيبة.هذا هو المفهوم بإيجاز في الدراسات الحديثة.
أما الماوردي فقد ناقشه من زاويتين:
الأول: تتعلق بالمجتمع الذي يعيش فيه الفرد،واشترط له ستة شروط.
الثانية: تتعلق بالفرد نفسه من حيث علاقته بذاته وبمجتمعه ومن حيث وجود دخل كاف يعيش به.
ابن الجوزي__________________
وهو جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن محمد ابن علي القرشي التيمي البغدادي ولد في أول القرن السادس والبعض يرجح ميلاده في 510
أولاً :
ولد ابن الجوزي بعد سقوط بيت المقدس في يد الصليبيين وكانت هناك هجمة شرسة على العالم الإسلامي من أعدائه وكان الكثير من المسلمين يعيشون هزيمة نفسية لا يؤمنون معها بنصر إلا أن الله عز وجل قيد للأمة علماء أمثال ابن الجوزي بثوا في الأمة روح الجهاد وأمراء من مثل نور الدين محمود وعماد الدين زنكي رحمهما الله.
ثانياً:
انتشار التصوف في هذا القرن مع الهزيمة التي تعيشها الأمة انشر التصوف والتصوف إذا انتشر في قوم أفسد عليهم دينهم دنياهم أما فساد الدين فيتمثل في انحراف التدين وفساد العقيدة وانتشار البدع من أجل تخليص الأمة من مساوئ التصوف ألف أبن الجوزي كتابه:" تلبيس إبليس".
ثالثا:
انتشار الباطنية والتشيع في هذا القرن انتشرت الفرق الباطنية في العالم الإسلامي فاغتالوا كثيرا من العلماء وقادة المسلمين ومنهم نظام الملك وحاولوا اغتيال صلاح الدين عدة مرات وهؤلاء يرون أن للشريعة ظاهراً وباطناً ولا يعلم الباطن إلا الإمام المعصوم وفي الرد عليهم ألف الغزالي كتابه المشهور "فضائح الباطنية".
رابعاً:
انتشار الفلسفة حيث أصبحت هي الثقافة الشعبية المنتشرة بين عامة المسلمين فكانت بسببها ترد نصوص الشرع وأوامره ومن أجل كشف هذه الضلالة ألف الغزالي أيضا كتابه "تهافت الفلاسفة" هذه الملامح الأربعة أثرت في فكر أبن الجوزي فظهرت واضحة في وعظه وفيما ألفه من كتب.
منهج ابن الجوزي___________________
ألف ابن الجوزي عدد كبير من الكتب ويذكر ابن تيمية أنه أحصى له أكثر من ألف مصنف إلا أن الذي يعنينا من هذه الكتب ما له تعلق بعلم النفس ومن أهمها صيد الخاطر وتلبيس إبليس وهذان الكتابان هما اللذان سوف نرجع إليهما في دراسة التراث النفسي ومنهج أبن الجوزي في كتبه السابقة لا يعدو على أن يكون لفتات أو خواطر تعبر عن ما دار في خلده لحظة الحدث ولا ترقى إلى مستوى النظرية وهذه موجودة غالبا في كتابه صيد الخاطر مما كتبه هو نتيجة نظر وتأمل عميقين وملاحظات جادة في المجتمع من حوله وهذا مدون في كتابه تلبيس إبليس في صور الانحراف التي تعرض للمجتمع وبحث في صور الخداع الذاتي حيث يخدع الإنسان نفسه فيظن الباطل حقاً وما دونه في كتابه هذا يمكن أن يبنى منه نظرية نفسية حول طبيعة الانحراف.
موضوعات نفسية عند ابن الجوزي___________________________
أثر الموعظة بعد الانفصال عن الدرس. تحدث ابن الجوزي في كتابه" صيد الخاطر" عن بعض الظاهرات التي يواجهها الداعية ولاسيما الواعظ في مجلس وعظه وحاول أن يقدم لها بعض التعليلات النفسية .
ويبدو من تعليل ابن الجوزي لهذه الظاهرة أنه يفسر زوال أثر الموعظة السريع بعاملين هما:
1- الحالة الانفعالية حيث يرى أنها سريعة الانطفاء فطبيعة الموعظة أنها تثير العاطفة وتخاطب في العادة الجانب الانفعالي عند السامع سيحدث له تأثر وتفاعل مع ما يسمع ولكن هذا التفاعل لا يستمر بل يزول سريعاً لأن الموعظة اعتمدت على الخطاب العاطفي وخاطبت الجانب الانفعالي من تكوين الإنسان فقط.
2-اليقظة والانتباه أو حال الشخص حال سماعه الموعظة فإذا كان منتبهاً حاضر الذهن مجتمع النفس سالماً المؤثرات الصارفة فإنه يكون أكثر تفاعلاً أو استجابة لما يسمع فإذا انصرف من مجلس الوعظ وتشتت نفسه وانصرف ذهنه إلى قضايا أخرى فإن أثر الموعظة يزول والذي يبدو مما ذكرها ابن الجوزي أن هذين العاملين متداخلان يصعب الفصل بينهما وتميز أحدهما عن الآخر.
الأناشيد في أثناء العمل_________________________
تحدث ابن الجوزي عما لاحظه في طرقة تعامل الناس مع الأعمال الثقيلة والشاقة ليتغلبوا عليها يقول أبن الجوزي مر بي حمالان تحت جذع ثقيل وهما يتجاذبان بإنشاد التنعم وكلمات الاستراحة فاحدهما يصغى إلى ما يقوله الآخر ثم يعيده أو يجيب بمثله والآخر همته مثل ذلك علل أبن الجوزي تجاذب العمال للأناشيد في أثناء عملهم بأنه نوع من الحيلة النفسية يصرفون بها الذهن عن التفكير في العمل الذي يعملونه فيساعدهم هذا في الاستمرار في العمل والتغلب على متاعبه الذي يبدو قياس على ما ذكره أبن الجوزي أن هذه الأناشيد والأهازيج والهمهمات فعالة في الأعمال الروتينية التي تتطلب مجهودا بدنيا أو الأعمال الذهنية فربما كانت معيقة للتفكير ومن ثم للعمل وفي علم النفس الحديث أجريت دراسات مقارنة عن أثر ما يصدر من العامل من أصوات وهمهمات على أدائه وإنتاجه فظهر أنها تساعد الشخص في أكمال العمل والتغلب على الملل.
الحفظ والاسترجاع_____________________
تحدث ابن الجوزي عن الحفظ وراعى فيما ذكره عددا من العوامل،منها:
قدرة الشخص وحالته النفسية والنمو العقلي مما يمكن أن يدخل تحت الفروق الفردية كما تحدث عن أثر البيئة وأول ما أوصي به المتعلم ألا يحفظ كثيراً دفعة واحدة بل عليه أن يجزئ ما يريد حفظه لأن القلب جارحة تتعب،ولا يقيها من التعب والفتور إلا تقليل المحفوظ مع تقليل المحفوظ مع المداومة على الحفظ والتكرار أو الإعادة.
ثم تحدث عن الفروق الفردية بين المتعلمين وشبه قوه العقل بقوة البدن فكما أن من الناس من يحمل مائة رطل ومنهم من يعجز عن حمل عشرين رطلا،كذلك القلوب يقول ابن الجوزي (فليأخذ الإنسان على قدر قوته ودونها).أما إذا استنفذ الإنسان قوته كلها في وقت واحد فسوف تضيع منه أوقات.
وكذلك لفت انتباه من يريد أن يحفظ إلى أن للحفظ فترات من العمر يكون الحفظ فيها أجدر وأرسخ ،وأفضل هذه الأوقات في الصغر كما ذكر ابن الجوزي أن في الزمان أوقاتا تكون أولى من غيرها للحفظ فأول النهار وأوقات السحر والغدوات حيث النشاط وزوال الأشغال وقله الملهيات أفضل من سواها .أما فيما يتعلق بأحوال من يريد أن يحفظ فنبه الجوزي إلى أن للشخص أحوال يحسن فيها الحفظ وهي خير من غيرها فحال قلة الطعام معين أكثر من حال امتلاء المعدة .
ونصح من لم يجد نشاطا للحفظ أن يتركه إلى أن يعود إليه نشاطه ولا يكابر نفسه .
ومن العوامل المعينة على الحفظ التي نبه عليها ابن الجوزي عامل البيئة، فالبيئة التي فيها ملهيات تشغل الإنسان ليست مكاناً صالحاً للحفظ، ولهذا ينصح من يريد بالخلوة ويعدها أصلا في ذلك.
أثر العادة على السلوك_______________________
يري ابن الجوزي أن للعادة أثر قوياً علي السلوك يصعب عليه مفارقتها ، حتى لو كانت باطلة أو كان غيرها أولى منها .وبسبب هذه القوة الملزمة يحدث في أحيان كثيرة صراع بينت ما اعتاده الناس وبين ما ينبغي لهم فعله كأوامر الشرع .
ويرى أن الناس تألف العادة سواء كانت دينية أو دنيوية وتنشط لعملها لا لأنها مشروعة وإنما لأنها عادة، يقول ابن الجوزي :"رأيت عادات الناس غلبت على عملهم فهم يستوحشون من فعل الشئ لعدم جريان العادة لا لنهى الشرع".
طبيعة النفس الإنسانية عند ابن الجوزي_____________________________
- الهوى والشهوات ليجتلب الإنسان ما ينفعه.
- الغضب ليدفع ما يؤذيه.
- العقل وهو ما يأمر بالعدل فيما يجلب الإنسان لنفسه وفيما يجتنبه.
ويري ابن الجوزي أن الإلف والعادة ربما أبطلت عند الإنسان عمل الإدراك أو العقل.
التلبيس: معناه وأسبابه
إلف ابن الجوزي كتابه "تلبيس إبليس" لمعالجة قضيه اجتماعية ومعرفيه وسلوكيه وهذه القضية هي ما سماه بالتلبيس ويعني به إظهار الباطل في صورة الحق.وهو نوع من الانحراف لا يشعر به صاحبه لظنه انه مصيب.
نجد أن هذا التلبيس لا يكاد ينجو منه أحد من الناس فالعامة يقعون فيه والعلماء كذلك.
أما أسباب هذا التلبيس فنستطيع أن نجملها من خلال ما ذكره ابن الجوزي في ثلاثة أسباب هي :
أولا سبب منهجي:وهو عدم وجود ضوابط منهجيه سليمة للجانب المعرفي وبسبب غياب هذه الضوابط خاض بعض طلاب العلم والفلاسفة فيما لا يدرك غوره ويعجز الخائض عن الوصول إلى عمقه.
ثانياً: سبب نفسي: وهو تعطيل العقل والميل إلى المادة والحس .
والتقليد هو تعطيل أيضا للعقل.
ثالثاً: سبب اجتماعي يتعلق بالتقليد والتنشئة الاجتماعية ومن ذلك تقليد الآباء والأسلاف وهذا من أكثر أسباب هلاك العوام.