إن نموذج المعتقد الصحي لا يساعدنا فقط في فهم أسباب ممارسة الناس للسلوكيات الصحية، ولكنه يساعدنا أيضاً على التنبؤ ببعض
الظروف التي يغير فيها الناس من سلوكياتهم المرتبطة بصحتهم. ولإيضاح هذه المسألة أورد مثالاً عن أحد طلبتي في أحد صفوف علم النفس التي
قمت بتدريسها قبل عدة سنوات. فقد كان هذا الطالب (ولنسميه بوب) هو الوحيد الذي يدخن من بين زملائه في الصف. وكان يتعرض إلى ضغوط
من قبل مرشده ومن قبل زملائه في الصف ليتوقف عن التدخين. كما كان على علم بالمخاطر الصحية الناتجة عن التدخين. ومع أنه كان يعلم أن
التدخين يساهم في الإصابة بسرطان الرئة وأمراض القلب، إلا أنه كان يعتقد بضعف هذه العلاقة. والأهم من ذلك، فلأنه كان يتمتع بصحة جيدة
جدا،ً ولأنه كان يقوم بممارسة بعض الألعاب الرياضية، فإن شعوره بإمكانية التعرض للمرض وبوجود القابلية لديه لتطويره كان ضعيفاً للغاية.
وفي إجازة عيد الشكر، وبينما كان بوب ذاهباً لحضور لقاء كبير يجمع أفراد عائلته، صدمه خبر تعرض عمه- الذي يكن له محبة خاصة،
وكان مدخنا كبيراً طوال أيام شبابه- لسرطان الرئة, كما علم حسب التوقعات أنه لن يعيش أكثر من بضعة أشهر. وفجأة، أصبح للصحة أهميه خاصة
في نظر بوب، نظراً لأن المرض أصاب أحد أفراد عائلته. وبذلك فإن إدراك بوب لمدى قابليته للإصابة بالمرض قد تغير لسببين: أولهما، أن أحد أفراد
عائلته قد وقع تحت طائلة المرض. والثاني، لأن الرابطة ما بين التدخين وسرطان الرئة اتضحت بمثال حي. وبذلك تغيرت مدركات بوب المتعلقة
بضرورة التوقف عن التدخين. معتقدا أن هذه الخطوة قد تكون كافية لتفادي التهديد بالإصابة بالمرض. وأن معاناة ترك التدخين ليست باهظة كما
كان يعتقد. وعندما رجع بوب من إجازة عيد الشكر، كان متوقفاً عن التدخين.
إن الأبحاث التي تنطلق من نموذج المعتقد الصحي في تصميم الاتصالات بهدف تغيير السلوكيات الصحية، دعمت التصور الذي قدمه
هذا النموذج حول أهمية المدركات التي يحملها الفرد في تغيير سلوكه. فالاتصالات التي تلقي الضوء على المدركات المتعلقة بقابلية الفرد للإصابة
بالأمراض، وتعزز في الوقت ذاته من مدركاته بأن سلوكيات صحية محددة سوف تقلل من التهديد الذي يمكن أن يتعرض له، نجحت إلى حد ما في
Ronis, ) أو سلوك وقاية الأسنان ،(J. R. Eiser, Van der, Plight, Raw, Sutton, تغيير السلوك، سواء كان ذلك في حالة سلوك التدخين ( 1985
وفي كل الأحوال، فإن نموذج المعتقد الصحي يؤدي على .(Klohn & Rogers, 1992 )، أوالسلوكيات المتعلقة بالوقاية من تخلخل العظام ( 1991
الأقل إلى حدوث تغيير مهم في أحدى المكونات الرئيسة المتعلقة بالصحة؛ ألا وهو الإدراك بأن على الفرد أن ينخرط في ممارسة السلوكيات الصحية.
-128-
Self-Efficacy and Health Behavior : الفعالية الذاتية والسلوك الصحي
وهو الاعتقاد بأن لدى الفرد :(Self-Efficacy) من المحددات الرئيسة لممارسة السلوك الصحي هو امتلاك الفرد شعورا بالفعالية الذاتية
فاعتقاد المدخنين على سبيل المثال بأنهم لا يستطيعون .(Bandura, 1977, القدرة على ضبط ما يقوم به من ممارسات إزاء سلوك محدد ( 1986
تغيير عاداتهم بالشكل السليم، سوف يمنعهم من محاولة التوقف عن هذه العادة، مع أنهم يعلمون تماما بأن التدخين فيه مجازفة، وأن التوقف
عن التدخين أمر محبب. وقد بينت الأبحاث أن الفعالية الذاتية تؤثر في السلوكيات الصحية بطرق متنوعة قد تصل إلى حد الامتناع عن
واستخدام الواقي ،(Strecher, Devellis, Becker, and Rosenstock, وضبط الوزن ( 1986 (Prochaska & DiClemente, 1984b) التدخين
وتغيير ،(B. H. Marcus & Owen, 1992; McAuley & Courneya, وممارسة التمارين الرياضية ( 1992 ،(Wulfert & Wan, الجنسي( 1993
وعدد متنوع آخر من السلوكيات المتعلقة بالصحة التي يؤديها الراشدون الأكبر سن اً ،(Schwarzer & Renner, النظام الغذائي ( 2000
إن الأبحاث في الأغلب قد توصلت إلى وجود علاقة قوية بين إدراك الفرد بأنه يتمتع بالفعالية الذاتية، وبين قيامه .(Grembowski et al., 1993)
مبدئيا بإحداث تغيير في سلوكياته المتعلقة بالصحة، وبين الحفاظ على هذه التغييرات على المدى البعيد.
مختصر القول، يعتمد قيام الفرد بممارسة سلوك صحي معين، على عدد من المعتقدات والاتجاهات، فهو يعتمد على مقدار التهديد
الصحي الذي يشعر به، وعلى درجة اعتقاده بأن لديه قابلية تزيد من تعرضه لذلك التهديد، وبأنه قادر على أداء الاستجابات الضرورية لتخفيف
التهديد (الفعالية الذاتية)، وعلى مقدار الدرجة التي يكون فيها السلوك الصحي المطلوب الوصول إليه فعالاً ومرغوبا، ويمكن تطبيقه. ولمزيد من
.(Rippetoe & Rogers, 1987; Rogers, التفصيل يمكن مراجعة ريبيت وي وروجرز ( 19
الظروف التي يغير فيها الناس من سلوكياتهم المرتبطة بصحتهم. ولإيضاح هذه المسألة أورد مثالاً عن أحد طلبتي في أحد صفوف علم النفس التي
قمت بتدريسها قبل عدة سنوات. فقد كان هذا الطالب (ولنسميه بوب) هو الوحيد الذي يدخن من بين زملائه في الصف. وكان يتعرض إلى ضغوط
من قبل مرشده ومن قبل زملائه في الصف ليتوقف عن التدخين. كما كان على علم بالمخاطر الصحية الناتجة عن التدخين. ومع أنه كان يعلم أن
التدخين يساهم في الإصابة بسرطان الرئة وأمراض القلب، إلا أنه كان يعتقد بضعف هذه العلاقة. والأهم من ذلك، فلأنه كان يتمتع بصحة جيدة
جدا،ً ولأنه كان يقوم بممارسة بعض الألعاب الرياضية، فإن شعوره بإمكانية التعرض للمرض وبوجود القابلية لديه لتطويره كان ضعيفاً للغاية.
وفي إجازة عيد الشكر، وبينما كان بوب ذاهباً لحضور لقاء كبير يجمع أفراد عائلته، صدمه خبر تعرض عمه- الذي يكن له محبة خاصة،
وكان مدخنا كبيراً طوال أيام شبابه- لسرطان الرئة, كما علم حسب التوقعات أنه لن يعيش أكثر من بضعة أشهر. وفجأة، أصبح للصحة أهميه خاصة
في نظر بوب، نظراً لأن المرض أصاب أحد أفراد عائلته. وبذلك فإن إدراك بوب لمدى قابليته للإصابة بالمرض قد تغير لسببين: أولهما، أن أحد أفراد
عائلته قد وقع تحت طائلة المرض. والثاني، لأن الرابطة ما بين التدخين وسرطان الرئة اتضحت بمثال حي. وبذلك تغيرت مدركات بوب المتعلقة
بضرورة التوقف عن التدخين. معتقدا أن هذه الخطوة قد تكون كافية لتفادي التهديد بالإصابة بالمرض. وأن معاناة ترك التدخين ليست باهظة كما
كان يعتقد. وعندما رجع بوب من إجازة عيد الشكر، كان متوقفاً عن التدخين.
إن الأبحاث التي تنطلق من نموذج المعتقد الصحي في تصميم الاتصالات بهدف تغيير السلوكيات الصحية، دعمت التصور الذي قدمه
هذا النموذج حول أهمية المدركات التي يحملها الفرد في تغيير سلوكه. فالاتصالات التي تلقي الضوء على المدركات المتعلقة بقابلية الفرد للإصابة
بالأمراض، وتعزز في الوقت ذاته من مدركاته بأن سلوكيات صحية محددة سوف تقلل من التهديد الذي يمكن أن يتعرض له، نجحت إلى حد ما في
Ronis, ) أو سلوك وقاية الأسنان ،(J. R. Eiser, Van der, Plight, Raw, Sutton, تغيير السلوك، سواء كان ذلك في حالة سلوك التدخين ( 1985
وفي كل الأحوال، فإن نموذج المعتقد الصحي يؤدي على .(Klohn & Rogers, 1992 )، أوالسلوكيات المتعلقة بالوقاية من تخلخل العظام ( 1991
الأقل إلى حدوث تغيير مهم في أحدى المكونات الرئيسة المتعلقة بالصحة؛ ألا وهو الإدراك بأن على الفرد أن ينخرط في ممارسة السلوكيات الصحية.
-128-
Self-Efficacy and Health Behavior : الفعالية الذاتية والسلوك الصحي
وهو الاعتقاد بأن لدى الفرد :(Self-Efficacy) من المحددات الرئيسة لممارسة السلوك الصحي هو امتلاك الفرد شعورا بالفعالية الذاتية
فاعتقاد المدخنين على سبيل المثال بأنهم لا يستطيعون .(Bandura, 1977, القدرة على ضبط ما يقوم به من ممارسات إزاء سلوك محدد ( 1986
تغيير عاداتهم بالشكل السليم، سوف يمنعهم من محاولة التوقف عن هذه العادة، مع أنهم يعلمون تماما بأن التدخين فيه مجازفة، وأن التوقف
عن التدخين أمر محبب. وقد بينت الأبحاث أن الفعالية الذاتية تؤثر في السلوكيات الصحية بطرق متنوعة قد تصل إلى حد الامتناع عن
واستخدام الواقي ،(Strecher, Devellis, Becker, and Rosenstock, وضبط الوزن ( 1986 (Prochaska & DiClemente, 1984b) التدخين
وتغيير ،(B. H. Marcus & Owen, 1992; McAuley & Courneya, وممارسة التمارين الرياضية ( 1992 ،(Wulfert & Wan, الجنسي( 1993
وعدد متنوع آخر من السلوكيات المتعلقة بالصحة التي يؤديها الراشدون الأكبر سن اً ،(Schwarzer & Renner, النظام الغذائي ( 2000
إن الأبحاث في الأغلب قد توصلت إلى وجود علاقة قوية بين إدراك الفرد بأنه يتمتع بالفعالية الذاتية، وبين قيامه .(Grembowski et al., 1993)
مبدئيا بإحداث تغيير في سلوكياته المتعلقة بالصحة، وبين الحفاظ على هذه التغييرات على المدى البعيد.
مختصر القول، يعتمد قيام الفرد بممارسة سلوك صحي معين، على عدد من المعتقدات والاتجاهات، فهو يعتمد على مقدار التهديد
الصحي الذي يشعر به، وعلى درجة اعتقاده بأن لديه قابلية تزيد من تعرضه لذلك التهديد، وبأنه قادر على أداء الاستجابات الضرورية لتخفيف
التهديد (الفعالية الذاتية)، وعلى مقدار الدرجة التي يكون فيها السلوك الصحي المطلوب الوصول إليه فعالاً ومرغوبا، ويمكن تطبيقه. ولمزيد من
.(Rippetoe & Rogers, 1987; Rogers, التفصيل يمكن مراجعة ريبيت وي وروجرز ( 19