إن أكثر الاتجاهات فعالية في تعديل العادات السلوكية عملت دائما على الجمع بين أساليب متعددة في تغيير السلوك. وهذا الاتجاه
كما يعرف أحيانا العلاج المعرفي ،(Broad-Spectrum Cognitive Behavior Therapy) التوفيقي أطلق عليه العلاج المعرفي- السلوكي الواسع المدى
إذ يختار المعالج من الاساليب العديدة .(A. A. Lazarus, 1971) Multimodal Cognitive – Behavior Therapy السلوكي المتعدد الأشكال
المتوفرة عدة طرق يكمل بعضها بعضاً، للتدخل في تعديل المشكلة المستهدفة بالتغيير وما يتعلق بها.
-143-
وباختصار فالفوائد التي يحققها العلاج المعرفي- السلوكي الواسع المدى في تغيير العادات الضارة بالصحة عديدة ومن هذه الفوائد:
أولاً - يساعد الاختيار الدقيق لمجموعة من الأساليب المتنوعة على التعامل مع جميع مظاهر المشكلة، فالملاحظة الذاتية، ومراقبة
الذات، تحددان أبعاد المشكلة؛ كما أن ضبط المثيرات يساعد الفرد على تعديل الظروف التي تسبق السلوك؛ كما يعمل تعزيز الذات على ضبط
النتائج التي تترتب على القيام بالسلوك؛ وقد يضاف تدريب المهارات الاجتماعية، ليحل محل السلوك اللاتكيفي بمجرد أن يوضع السلوك تحت درجة
من الضبط. وبذلك، فإن دمج عدة أساليب يمكن أن يكون أكثر فعالية في التعامل مع مختلف جوانب المشكلة مما لو استخدم أسلوب واحد فقط.
1) مثالا على كيفية تطبيق هذا النوع من العلاج في علاج الإدمان على الكحول. - ويبين الإيضاح ( 3
ثاني اً- يمكننا استخدام الاتجاه المعرفي- السلوكي الواسع المدى في تكييف الخطة العلاجية لتلائم مشكلة كل فرد. فالعادات الصحية
السيئة، والمميزات الشخصية، تختلف من فرد لآخر، وبذلك فإن الخطة العلاجية، على سبيل المثال، التي تعد لعميل يشكو من السمنة قد لا تكون
فالشخص الذي يتناول الطعام لمواجهة القلق الاجتماعي قد يتطلب علاجه إعداد .(M. B. Schwartz & Brownell, مناسبة لشخص آخر ( 1995
برنامج لتدريبه على المهارات الاجتماعية، بينما قد يحتاج تدريب شخص آخر للتعامل مع الضغط الداخلي، إعداد برنامج تدخل في كيفية إدارة
يتطلب استراتيجيات لتغيير السلوك تختلف عن تلك التي تعد لتغيير ،(Binge Eating) وبالمثل فإن الاكل النهم .(Stress Management) الضغط
.(Snacking) سلوك الإفراط في الأكل الذي يتسبب عن الإكثار من الأكل بين الوجبات
كما أتاح اتباع الاتجاه المعرفي-السلوكي الواسع المدى في تغيير السلوك الضار بالصحة الفرصة لتحقيق النجاح في وقت لم تتمكن فيه برامج
أكثر تحديدا من تحقيق ذلك. ولكن هذه البرامج تتطلب الذكاء في تطبيقها. فالقائمون على تطبيق إجراءات التدخل، ممن يتميزون بالحماس
المفرط، يفترضون أحياناَ بأن استخدام عدد أكبر من البرامج يعطي نتائج أفضل ولذلك فإنهم يصممون إجراءات التدخل بحيث تشتمل على كل ما
Brownell, Marlatt, ) يمكنهم من المكونات، على أمل أن يحقق بعض منها النجاح. وفي الحقيقة، فإن هذا التوجه قد يعطي عكس النتائج المرجوة
فبرامج تغيير السلوك المفرطة التعقيد، قد تقوض الالتزام بسبب القوائم الكبيرة من النشاطات التي تتضمنها. .(Lichtenstein & Wilson, 1986
أما استخدام الأسلوب المتعدد الأشكال، فيجب أن يتم باختيار ذكي، واع، وحكيم للأسلوب المناسب الذي يتم تكييفه بما يتلاءم مع المشكلة التي يعاني
منها الفرد. علاوة على ذلك، فإن كثيراً من النجاح لهذه البرامج يتحقق بسبب وجود مختص متحمس وملتزم، وليس بسبب تعدد ا لأساليب
وعموما، فإن برامج التدخل، تحقق نجاحا أكبر كلما استغرقت مدة أطول وكانت أكثر تركيزا. وبالطبع .(Brownell, et al., المستخدمة ( 1986
فإن هذه العوامل تجعلها أكثر كلفة.
Relapse : الانتكاس
ترتبط إحدى المشاكل الرئيسة التي نواجهها لدى محاولة إجراء تعديل للعادات الضارة بالصحة، بما يوجد لدى الأفراد من نزعة للانتكاس
وهذه المشكلة تحدث مع الأشخاص الذين .(e.g. McCaul et al., والعودة إلى سلوكهم السابق بعد تحقيق نجاح مبدئي في تغيير سلوكهم ( 1992
يعملون على تغيير عاداتهم الصحية من تلقاء أنفسهم, ومع أ ولئك الذين يلتحقون ببرامج رسمية لتغيير سلوكهم. فالانتكاس من المشاكل التي ترتبط
إذ أن نسبة حدوث الانتكاس التي تلي علاج .(Brownell, et al., بعلاج اضطرابات الإدمان على الكحول، والتدخين، والمخدرات، والسمنة ( 1986
.(Marlatt & Gordon, 1985) %90 -% هذه الحالات تتراوح من 50
ولكن ماذا نعني بالانتكاس؟ إن تدخين سيجارة في حفل كوكتيل، أو تناول باينت من البوظة في أحد ليالي عطلة نهاية الاسبوع عندما
تكون وحيدا، لا يؤدي بالضرورة إلى حدوث انتكاسة دائمة. ولكن مع ذلك فإن الحرص اللازم قديتلاشى ويحدث الانتكاس. وتدل الأبحاث على أن معدلات حدوث الانتكاس تميل إلى الاستقرار بعد مرور فترة ثلاثة اشهر، وهذا ما دعا الباحثين إلى
الاعتقاد بأن معظم حا لات الانتكاس بالنسبة للحالات التي ستواجه الانتكاس تكون خلال الأشهر الثلاث الأولى بعد العلاج. ومع ذلك فإن أبحاثا
لاحقة تقترح بأنه وعلى الرغم من أن نسبة حدوث الانتكاس تبقى ثابتة، فإن الأفراد الذين يتوقفون عن أداء عادة سيئة في لحظة معينة من الزمن
ليسوا بالضرورة نفس الاشخاص الذين يتوقفون عن أدائها في وقت آخر. وبعض الافراد ينتقلون بين التوقف والانتكاس.
Why Do People Relapse? ؟ لماذا يحدث الانتكاس
إن معرفتنا بطبيعة الذين ينتكسون قليلة. فالعوامل الجينية قد تكون من ضمن العوامل التي تؤثر في حدوث السمنة وفي الإدمان على
كما أن الآثار الانسحابية التي تظهر استجابة للتوقف عن تناول الكحول وعن التدخين، قد تحفز على .(Stunlard et al., الكحول والتدخين ( 1986
الانتكاس، خاصة، بعد انقضاء فترة وجيزة من الجهود المبذولة لإحداث التغيير في السلوك. كما أن الروابط الشرطية ما بين القرائن والاستجابات
فعلى سبيل المثال، قد يجد الاشخاص .(Marlatt, الفسيولوجية، قد تقود إلى الرغبة الملحة، أو التوق الشديد لممارسة العادة من جديد ( 1990
أنفسهم في موقف تعودوا أن يقوموا فيه بالتدخين، كما يحدث لدى تواجدهم في إحدى الحفلات مثلا ، مما يؤدي إلى تعرضهم للضعف والانتكاس في
تلك اللحظة.
Brondon, ) وتكون إمكانية حدوث الانتكاس أكبر عندما يكون الأشخاص في حالة من الكآبة أو القلق، أو تحت تأثير الضغط
مثال ذلك، ما يحدث في أوقات الرحيل، أو عندما يقومون بإنهاء علاقة ما، أو عندما يواجهون صعوبات في العمل. إذ .(Copeland & Saper, 1995
يشعرون بحاجة أكبر لممارسة عاداتهم الإدمانية مقارنة مع الأوقات التي يتعرضون فيها لضغوط أقل. إن الانتكاس يحدث عندما لا تكون الأهداف
والدوافع التي تدفع الفرد للقيام بالسلوك الصحي والمحافظة عليه راسخة بدرجة كافية. ويكون الانتكاس أقل احتمالا للحد وث إذا تلقى الفرد دعماً
اجتماعياً من أفراد أسرته، أو الأصدقاء للمحافظة على استدامة التغير في السلوك. ويكون حدوثه أكثر احتمالاً إذا لم يتوفر لدى الفرد الدعم
الاجتماعي الكافي، أو كان متورطاً في صراعات مرتبطة بعلاقات شخصية.
ومن المواقف المحددة التي تجعل ا لأفراد عرضة للانتكاس، ما يحدث عندما يرتكبون هفوة. مثل القيام بتدخين
ويعني ذلك ؛(Abstinence Violation Effect) سيجارة، أو أكل باينت من البوظة، مما يؤدي إلى حدوث ما يسمى بأثر انتهاك قرار التوقف
الإحساس بفقدان السيطرة، الذي ينشأ عندما يعتدي الفرد على القواعد التي حددها لذاته. ونتيجة لذلك، فإن احتمال تعرض الفرد لنكسة أكبر،
يصبح أكثر احتمالاً عندما يشهد الفرد بأن قراراته بدأت تتداعى. وهذا الأمر ينطبق بشكل خاص على سلوكيات الإدمان، لأن على الفرد أن يتعامل
5) الكيفية التي تحدث بها عملية الانتكاس. - مع التأثير المعزز للمادة التي يدمن عليها. ويوضح الشكلنتائج الانتكاس
ولكن ما هي النتائج التي يقود إليها الانتكاس؟ من الواضح أن الانتكاس يؤدي إلى آثار انفعالية سلبية، مثل خيبة الأمل، والإحباط،
والضيق، أو الغضب. وحدوث هفوة ولو لمرة واحدة، قد يؤدي إلى إحساس الفرد بخيبة أمل شديدة، وبنقص في الفعالية الذاتية، وإلى التحول في
عزو مصادر ضبط سلوكه الصحي من الذات إلى قوى خارجية. كما أن الانتكاس قد يقود الأفراد أيضاً إلى الشعور بأنهم لن يتمكنوا أبداً من ضبط
عاداتهم. وأن عملية الضبط خارجة ببساطة عن حدود إرادتهم. كما قد يشكل الانتكاس أيضا سبباً لإعاقة التغيير الناجح في السلوك الذي يمكن أن
يتم بطرق أخرى. فعلى سبيل المثال، إن تكرار فقدان الوزن واستعادته بين من يعانون من السمنة يجعل من الصعوبة على الفرد أن يتبع فيما بعد
.(Brownell, Greenwood, Stellar & Shrager, نظاما في التغذية ( 1986
وقد يؤدي الانتكاس في بعض الحالات إلى نتائج متناقضة تقود الأفراد إلى الاعتقاد بأنهم قادرون على ضبط عاداتهم إلى حد معين لا
مما ،(Schachter, يستطيعون تجاوزه. فعلى سبيل المثال، هناك محاولات عديدة تتم دائماً قبل أن ينجح المدخنون في التوقف عن التدخين ( 1982
يدعو إلى القول بأن الخبرات الأولية في التوقف عن التدخين قد تهيء الناس للنجاح لاحق اً. فالفرد الذي يتعرض للانتكاس، يكون على الأقل قد
اكتسب الكثير من المعلومات اللازمة عن العادة، وتعلم طرقاً لمنع حدوث الانتكاس مستقبلا. وحاليا، فإن ما هو معروف عن هذه النتائج المتناقضة
التي يقود إليها الانتكاس لا يزال قليلا نسبي اً.
Reducing Relapse : تقليل حدوث الانتكاس
بسبب الاحتمالات الكبيرة لحدوث الانتكاس، يراعى لدى بناء إجراءات التدخل في السلوك أن تستند إلى أساليب تخفف من احتمال
حدوثه. وعادة فإن مثل هذه التدخلات ترتكز على ثلاثة أساليب. تتضمن إحداها تنظيم جلسات مساندة تلي انتهاء المرحلة العلاجية الأولية؛
فبعد انقضاء عدة أسابيع أو أشهر من انتهاء مرحلة التدخل المنظم، يتم دعوة المدخنين لحضور جلسات إضافية مصممة للمساعدة في الاستمرار
بالامتناع عن التدخين، أو قد يتم إعادة الأفراد الذين يتبعون حمية غذائية إلى جلسات جماعية لقياس أوزانهم، ولمراجعة الأساليب التي يتبعونها
(Brownell, et لضبط أوزانهم. ولسوء الحظ، فإن جلسات المساندة لم تحقق النجاح عموماً كطريقة للمحافظة على تغيير السلوك ولمنع الانتكاس
.al., 1986)
ويعتمد الأسلوب الآخر على إضافة عناصر أخرى لإجراءات التدخل في السلوك المستهدف، مثل العلاج بالاسترخاء، أو التدريب التوكيدي
ولكن كما تمت الإشارة إليه سابق اً، فإن إضافة مكونات أخرى لم تظهر أنها تساعد في زيادة معدلات الالتزام، وقد .(Assertiveness Training)
تؤدي في بعض الحالات إلى التقليل من الالتزام والاقلاع عن السلوك المستهدف بالتعديل.
أما الأسلوب الثالث الذي يمكن اتباعه لمنع الانتكاس، فهو اعتبار عملية الإقلاع عن السلوك الضار بمثابة عملية علاجية طويلة الأمد.
وغيرها من ،(Alcoholic Anonymous) كما هو الحال في بعض برامج علاج الكحول التي تتبعها جمعية مدمني الكحول المجهولين
الجمعيات النشطة التي تستخدم مجموعة من البرامج المحكمة. ومع أن هذا
-149-
الاتجاه يمكن أن يكون ناجحاً، إلا أن فيه بعض العيوب. فالفلسفة التي يستند إليها هذا الاسلوب يمكن أن تولد لدى هؤلاء الناس انطباعاً بأنهم
قابلون دائماً للانتكاس. وبذلك فإنها تخلق لدى الفرد إحساسا بتوقع حدوث الانتكاس في الحالات التي يتضاءل فيها الحذر. إضافة لذلك فإن هذا
الاتجاه يحوي في مضمونه إشارة إلى عدم وجود قدرة لدى الناس على ضبط عاداتهم. كما أن الأبحاث التي أجريت حول تعديل العادات الصحية
تشكل عنصراً مهماً في المبادرة التي تتبع لتغيير العادة، وفي المحافظة على السلوك المرغوب (Self-Efficacy) خلصت إلى أن الفعالية الذاتية
.(Bandura, 1986; Brownell, et al., 1986)
Relapse Prevention : الوقاية من الانتكاس
تؤكد نتائج البحث على أهمية دمج الجهود الموجهة للوقاية من الانتكاس، منذ البداية، مع البرامج العلاجية. فتغيير العادة الصحية ليس
كما يجب أن ،(Brownell, et al., 1986; Prochaska & DiClemente, 1984a) أمرا بسيطا، ولكنها عملية يتطلب حدوثها المرور بعدة مراحل
تدمج جهود الوقاية من الانتكاس في جميع مراحل العلاج.
وتشكل بعض العوامل أهمية خاصة في بداية الالتحاق بالبرنامج العلاجي. فالأشخاص الذين يتصفون بدرجة عالية من الالتزام في
البرنامج، والذين لديهم دافعية لتغيير سلوكهم أقل عرضة للانتكاس. وهذه الملاحظات تعني أن اهتماماً خاصاً يجب أن يوجه للتركيز على تطوير
طرق ملائمة لزيادة الدافع، والمحافظة على الالتزام. فعلى سبيل المثال، فقد تعمد البرامج المستخدمة، إلى ابتكار طريقة تستخدم في نفس الوقت
الذي يطبق فيه برنامج التدخل، فقد يطلب من الأفراد إيداع مبلغ من المال يمكن استعادته إذا التزموا بحضور اللقاءات أو تمكنوا من تغيير سلوكهم
بنجاح.
لإبعاد الاشخاص الذين لا ،(Screening Technique) ومن الأساليب الأكثر جدلاً، ذلك الأسلوب الذي يستخدم استراتيجية الغربلة
يبدون التزاماً صادقاً في تغيير سلوكهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للانتكاس. مع أن إنكار حق بعض الناس في الانضمام إلى البرامج العلاجية التي تساعد
في تحسين وضعهم الصحي، قد يكون، موضع جدل من الناحية الأخلاقية. ومن ناحية ثانية، فإن السماح بانضمام الأفراد الذين لديهم قابلية كبيرة
للانتكاس قد يضعف معنويات المشاركين في برنامج تغيير السلوك، ومعنويات المعالجين كذلك. ويجعل الأمر أكثر صعوبة لدى الشخص الذي لديه
القابلية للانتكاس.
وبمجرد خلق الدافع والالتزام، يتم تطوير الاستراتيجيات التي ستستخدم في برنامج تغيير السلوك، بطريقة تحافظ على استدامة التغير
الحادث، والتزود بمهارات وقائية لمنع حدوث الانتكاس بعد انتهاء فترة العلاج. إحدى هذه الاستراتيجيات تتضمن قيام الأفراد بتحديد المواقف التي
تمكنهم من مواجهة المواقف المسببة للضغط بنجاح. ،(Coping Strategies) تشجع حدوث الانتكاس ثم تطوير استراتيجيات تعامل
وأن امتلاك الفرد استراتيجيات ،(Self-Control) وهذه الاستراتيجية تسلط الضوء على حقيقة مفادها أن الالتزام الناجح يقوي مشاعر الضبط الذاتي
على (Mental Rehearsal) إضافة لذلك، فإن التدريب العقلي .(Marlatt & George, تعامل ملائمة يعزز هذه المشاعر بشكل أفضل ( 1988
يمكن أن يعزز مشاعر الفعالية الذاتية، ويقلل من إمكانية حدوثه. ،(High Risk) استجابات التعامل في المواقف الأكثر تهديدا بحدوث الانتكاس
تمكن هؤلاء المشاركين من ،(Constructive Self-Talk) فعلى سبيل المثال، إن بعض برامج تدريب المشاركين للانخراط في أحاديث ذاتية بناءة
.(Brownell, et al., محادثة أنفسهم في المواقف التي تغريهم للعودة إلى السلوك الذي جرى تغييره ( 1986
-150-
إن إبعاد القرائن، أو إعادة تنظيم البيئة، لتجنب المواقف التي تؤدي إلى إظهار السلوك المستهدف، قد يكون ممكناً بالنسبة إلى أشخاص
فمدمن الكحول، الذي اعتاد تناول الكحول بشكل خاص في الحانات، يمكن أن يقوم بتجنب مثل هذه .(Bouton, لديهم عادات معينة ( 2000
الأماكن. ولكن إبعاد القرائن بالنسبة لعادات أخرى يكون مستحيلاً، فالمدخنون على سبيل المثال، لا يستطيعون في العادة أن يتجنبوا تماماً ظروف
الحياة التي تقودهم إلى التدخين. وبالتالي فإن بعض برامج الوقاية من الانتكاس، تقوم بتعريض الأشخاص، بشكل مقصود، إلى المواقف التي قد تقود
إلى استثارة السلوك القديم، وذلك من أجل إتاحة الفرصة لهم لاستخدام مهارات التعامل التي تعلموها. فتأثير الموقف قد يتلاشى إذا لم يتكرر ظهور
والأكثر من ذلك فإن تعرض الفرد لمثل هذه المواقف يمكن أن يقوي .(Marlatt, السلوك مع مرور الزمن عند تعرض الفرد لهذه المواقف ( 1990
الشعور بالفعالية الذاتية، ويقلل من التوقعات الإيجابية التي ترتبط بسلوك الإدمان. إن التأكد من أن العادة الجديدة ( مثل ممارسة التمارين أو
.(Bouton, الإقلاع عن تناول الكحول)، تمارس في مواقف عديدة يعتبر من الأمور المهمة لضمان بقائها ( 2000
كما يعرف أحيانا العلاج المعرفي ،(Broad-Spectrum Cognitive Behavior Therapy) التوفيقي أطلق عليه العلاج المعرفي- السلوكي الواسع المدى
إذ يختار المعالج من الاساليب العديدة .(A. A. Lazarus, 1971) Multimodal Cognitive – Behavior Therapy السلوكي المتعدد الأشكال
المتوفرة عدة طرق يكمل بعضها بعضاً، للتدخل في تعديل المشكلة المستهدفة بالتغيير وما يتعلق بها.
-143-
وباختصار فالفوائد التي يحققها العلاج المعرفي- السلوكي الواسع المدى في تغيير العادات الضارة بالصحة عديدة ومن هذه الفوائد:
أولاً - يساعد الاختيار الدقيق لمجموعة من الأساليب المتنوعة على التعامل مع جميع مظاهر المشكلة، فالملاحظة الذاتية، ومراقبة
الذات، تحددان أبعاد المشكلة؛ كما أن ضبط المثيرات يساعد الفرد على تعديل الظروف التي تسبق السلوك؛ كما يعمل تعزيز الذات على ضبط
النتائج التي تترتب على القيام بالسلوك؛ وقد يضاف تدريب المهارات الاجتماعية، ليحل محل السلوك اللاتكيفي بمجرد أن يوضع السلوك تحت درجة
من الضبط. وبذلك، فإن دمج عدة أساليب يمكن أن يكون أكثر فعالية في التعامل مع مختلف جوانب المشكلة مما لو استخدم أسلوب واحد فقط.
1) مثالا على كيفية تطبيق هذا النوع من العلاج في علاج الإدمان على الكحول. - ويبين الإيضاح ( 3
ثاني اً- يمكننا استخدام الاتجاه المعرفي- السلوكي الواسع المدى في تكييف الخطة العلاجية لتلائم مشكلة كل فرد. فالعادات الصحية
السيئة، والمميزات الشخصية، تختلف من فرد لآخر، وبذلك فإن الخطة العلاجية، على سبيل المثال، التي تعد لعميل يشكو من السمنة قد لا تكون
فالشخص الذي يتناول الطعام لمواجهة القلق الاجتماعي قد يتطلب علاجه إعداد .(M. B. Schwartz & Brownell, مناسبة لشخص آخر ( 1995
برنامج لتدريبه على المهارات الاجتماعية، بينما قد يحتاج تدريب شخص آخر للتعامل مع الضغط الداخلي، إعداد برنامج تدخل في كيفية إدارة
يتطلب استراتيجيات لتغيير السلوك تختلف عن تلك التي تعد لتغيير ،(Binge Eating) وبالمثل فإن الاكل النهم .(Stress Management) الضغط
.(Snacking) سلوك الإفراط في الأكل الذي يتسبب عن الإكثار من الأكل بين الوجبات
كما أتاح اتباع الاتجاه المعرفي-السلوكي الواسع المدى في تغيير السلوك الضار بالصحة الفرصة لتحقيق النجاح في وقت لم تتمكن فيه برامج
أكثر تحديدا من تحقيق ذلك. ولكن هذه البرامج تتطلب الذكاء في تطبيقها. فالقائمون على تطبيق إجراءات التدخل، ممن يتميزون بالحماس
المفرط، يفترضون أحياناَ بأن استخدام عدد أكبر من البرامج يعطي نتائج أفضل ولذلك فإنهم يصممون إجراءات التدخل بحيث تشتمل على كل ما
Brownell, Marlatt, ) يمكنهم من المكونات، على أمل أن يحقق بعض منها النجاح. وفي الحقيقة، فإن هذا التوجه قد يعطي عكس النتائج المرجوة
فبرامج تغيير السلوك المفرطة التعقيد، قد تقوض الالتزام بسبب القوائم الكبيرة من النشاطات التي تتضمنها. .(Lichtenstein & Wilson, 1986
أما استخدام الأسلوب المتعدد الأشكال، فيجب أن يتم باختيار ذكي، واع، وحكيم للأسلوب المناسب الذي يتم تكييفه بما يتلاءم مع المشكلة التي يعاني
منها الفرد. علاوة على ذلك، فإن كثيراً من النجاح لهذه البرامج يتحقق بسبب وجود مختص متحمس وملتزم، وليس بسبب تعدد ا لأساليب
وعموما، فإن برامج التدخل، تحقق نجاحا أكبر كلما استغرقت مدة أطول وكانت أكثر تركيزا. وبالطبع .(Brownell, et al., المستخدمة ( 1986
فإن هذه العوامل تجعلها أكثر كلفة.
Relapse : الانتكاس
ترتبط إحدى المشاكل الرئيسة التي نواجهها لدى محاولة إجراء تعديل للعادات الضارة بالصحة، بما يوجد لدى الأفراد من نزعة للانتكاس
وهذه المشكلة تحدث مع الأشخاص الذين .(e.g. McCaul et al., والعودة إلى سلوكهم السابق بعد تحقيق نجاح مبدئي في تغيير سلوكهم ( 1992
يعملون على تغيير عاداتهم الصحية من تلقاء أنفسهم, ومع أ ولئك الذين يلتحقون ببرامج رسمية لتغيير سلوكهم. فالانتكاس من المشاكل التي ترتبط
إذ أن نسبة حدوث الانتكاس التي تلي علاج .(Brownell, et al., بعلاج اضطرابات الإدمان على الكحول، والتدخين، والمخدرات، والسمنة ( 1986
.(Marlatt & Gordon, 1985) %90 -% هذه الحالات تتراوح من 50
ولكن ماذا نعني بالانتكاس؟ إن تدخين سيجارة في حفل كوكتيل، أو تناول باينت من البوظة في أحد ليالي عطلة نهاية الاسبوع عندما
تكون وحيدا، لا يؤدي بالضرورة إلى حدوث انتكاسة دائمة. ولكن مع ذلك فإن الحرص اللازم قديتلاشى ويحدث الانتكاس. وتدل الأبحاث على أن معدلات حدوث الانتكاس تميل إلى الاستقرار بعد مرور فترة ثلاثة اشهر، وهذا ما دعا الباحثين إلى
الاعتقاد بأن معظم حا لات الانتكاس بالنسبة للحالات التي ستواجه الانتكاس تكون خلال الأشهر الثلاث الأولى بعد العلاج. ومع ذلك فإن أبحاثا
لاحقة تقترح بأنه وعلى الرغم من أن نسبة حدوث الانتكاس تبقى ثابتة، فإن الأفراد الذين يتوقفون عن أداء عادة سيئة في لحظة معينة من الزمن
ليسوا بالضرورة نفس الاشخاص الذين يتوقفون عن أدائها في وقت آخر. وبعض الافراد ينتقلون بين التوقف والانتكاس.
Why Do People Relapse? ؟ لماذا يحدث الانتكاس
إن معرفتنا بطبيعة الذين ينتكسون قليلة. فالعوامل الجينية قد تكون من ضمن العوامل التي تؤثر في حدوث السمنة وفي الإدمان على
كما أن الآثار الانسحابية التي تظهر استجابة للتوقف عن تناول الكحول وعن التدخين، قد تحفز على .(Stunlard et al., الكحول والتدخين ( 1986
الانتكاس، خاصة، بعد انقضاء فترة وجيزة من الجهود المبذولة لإحداث التغيير في السلوك. كما أن الروابط الشرطية ما بين القرائن والاستجابات
فعلى سبيل المثال، قد يجد الاشخاص .(Marlatt, الفسيولوجية، قد تقود إلى الرغبة الملحة، أو التوق الشديد لممارسة العادة من جديد ( 1990
أنفسهم في موقف تعودوا أن يقوموا فيه بالتدخين، كما يحدث لدى تواجدهم في إحدى الحفلات مثلا ، مما يؤدي إلى تعرضهم للضعف والانتكاس في
تلك اللحظة.
Brondon, ) وتكون إمكانية حدوث الانتكاس أكبر عندما يكون الأشخاص في حالة من الكآبة أو القلق، أو تحت تأثير الضغط
مثال ذلك، ما يحدث في أوقات الرحيل، أو عندما يقومون بإنهاء علاقة ما، أو عندما يواجهون صعوبات في العمل. إذ .(Copeland & Saper, 1995
يشعرون بحاجة أكبر لممارسة عاداتهم الإدمانية مقارنة مع الأوقات التي يتعرضون فيها لضغوط أقل. إن الانتكاس يحدث عندما لا تكون الأهداف
والدوافع التي تدفع الفرد للقيام بالسلوك الصحي والمحافظة عليه راسخة بدرجة كافية. ويكون الانتكاس أقل احتمالا للحد وث إذا تلقى الفرد دعماً
اجتماعياً من أفراد أسرته، أو الأصدقاء للمحافظة على استدامة التغير في السلوك. ويكون حدوثه أكثر احتمالاً إذا لم يتوفر لدى الفرد الدعم
الاجتماعي الكافي، أو كان متورطاً في صراعات مرتبطة بعلاقات شخصية.
ومن المواقف المحددة التي تجعل ا لأفراد عرضة للانتكاس، ما يحدث عندما يرتكبون هفوة. مثل القيام بتدخين
ويعني ذلك ؛(Abstinence Violation Effect) سيجارة، أو أكل باينت من البوظة، مما يؤدي إلى حدوث ما يسمى بأثر انتهاك قرار التوقف
الإحساس بفقدان السيطرة، الذي ينشأ عندما يعتدي الفرد على القواعد التي حددها لذاته. ونتيجة لذلك، فإن احتمال تعرض الفرد لنكسة أكبر،
يصبح أكثر احتمالاً عندما يشهد الفرد بأن قراراته بدأت تتداعى. وهذا الأمر ينطبق بشكل خاص على سلوكيات الإدمان، لأن على الفرد أن يتعامل
5) الكيفية التي تحدث بها عملية الانتكاس. - مع التأثير المعزز للمادة التي يدمن عليها. ويوضح الشكلنتائج الانتكاس
ولكن ما هي النتائج التي يقود إليها الانتكاس؟ من الواضح أن الانتكاس يؤدي إلى آثار انفعالية سلبية، مثل خيبة الأمل، والإحباط،
والضيق، أو الغضب. وحدوث هفوة ولو لمرة واحدة، قد يؤدي إلى إحساس الفرد بخيبة أمل شديدة، وبنقص في الفعالية الذاتية، وإلى التحول في
عزو مصادر ضبط سلوكه الصحي من الذات إلى قوى خارجية. كما أن الانتكاس قد يقود الأفراد أيضاً إلى الشعور بأنهم لن يتمكنوا أبداً من ضبط
عاداتهم. وأن عملية الضبط خارجة ببساطة عن حدود إرادتهم. كما قد يشكل الانتكاس أيضا سبباً لإعاقة التغيير الناجح في السلوك الذي يمكن أن
يتم بطرق أخرى. فعلى سبيل المثال، إن تكرار فقدان الوزن واستعادته بين من يعانون من السمنة يجعل من الصعوبة على الفرد أن يتبع فيما بعد
.(Brownell, Greenwood, Stellar & Shrager, نظاما في التغذية ( 1986
وقد يؤدي الانتكاس في بعض الحالات إلى نتائج متناقضة تقود الأفراد إلى الاعتقاد بأنهم قادرون على ضبط عاداتهم إلى حد معين لا
مما ،(Schachter, يستطيعون تجاوزه. فعلى سبيل المثال، هناك محاولات عديدة تتم دائماً قبل أن ينجح المدخنون في التوقف عن التدخين ( 1982
يدعو إلى القول بأن الخبرات الأولية في التوقف عن التدخين قد تهيء الناس للنجاح لاحق اً. فالفرد الذي يتعرض للانتكاس، يكون على الأقل قد
اكتسب الكثير من المعلومات اللازمة عن العادة، وتعلم طرقاً لمنع حدوث الانتكاس مستقبلا. وحاليا، فإن ما هو معروف عن هذه النتائج المتناقضة
التي يقود إليها الانتكاس لا يزال قليلا نسبي اً.
Reducing Relapse : تقليل حدوث الانتكاس
بسبب الاحتمالات الكبيرة لحدوث الانتكاس، يراعى لدى بناء إجراءات التدخل في السلوك أن تستند إلى أساليب تخفف من احتمال
حدوثه. وعادة فإن مثل هذه التدخلات ترتكز على ثلاثة أساليب. تتضمن إحداها تنظيم جلسات مساندة تلي انتهاء المرحلة العلاجية الأولية؛
فبعد انقضاء عدة أسابيع أو أشهر من انتهاء مرحلة التدخل المنظم، يتم دعوة المدخنين لحضور جلسات إضافية مصممة للمساعدة في الاستمرار
بالامتناع عن التدخين، أو قد يتم إعادة الأفراد الذين يتبعون حمية غذائية إلى جلسات جماعية لقياس أوزانهم، ولمراجعة الأساليب التي يتبعونها
(Brownell, et لضبط أوزانهم. ولسوء الحظ، فإن جلسات المساندة لم تحقق النجاح عموماً كطريقة للمحافظة على تغيير السلوك ولمنع الانتكاس
.al., 1986)
ويعتمد الأسلوب الآخر على إضافة عناصر أخرى لإجراءات التدخل في السلوك المستهدف، مثل العلاج بالاسترخاء، أو التدريب التوكيدي
ولكن كما تمت الإشارة إليه سابق اً، فإن إضافة مكونات أخرى لم تظهر أنها تساعد في زيادة معدلات الالتزام، وقد .(Assertiveness Training)
تؤدي في بعض الحالات إلى التقليل من الالتزام والاقلاع عن السلوك المستهدف بالتعديل.
أما الأسلوب الثالث الذي يمكن اتباعه لمنع الانتكاس، فهو اعتبار عملية الإقلاع عن السلوك الضار بمثابة عملية علاجية طويلة الأمد.
وغيرها من ،(Alcoholic Anonymous) كما هو الحال في بعض برامج علاج الكحول التي تتبعها جمعية مدمني الكحول المجهولين
الجمعيات النشطة التي تستخدم مجموعة من البرامج المحكمة. ومع أن هذا
-149-
الاتجاه يمكن أن يكون ناجحاً، إلا أن فيه بعض العيوب. فالفلسفة التي يستند إليها هذا الاسلوب يمكن أن تولد لدى هؤلاء الناس انطباعاً بأنهم
قابلون دائماً للانتكاس. وبذلك فإنها تخلق لدى الفرد إحساسا بتوقع حدوث الانتكاس في الحالات التي يتضاءل فيها الحذر. إضافة لذلك فإن هذا
الاتجاه يحوي في مضمونه إشارة إلى عدم وجود قدرة لدى الناس على ضبط عاداتهم. كما أن الأبحاث التي أجريت حول تعديل العادات الصحية
تشكل عنصراً مهماً في المبادرة التي تتبع لتغيير العادة، وفي المحافظة على السلوك المرغوب (Self-Efficacy) خلصت إلى أن الفعالية الذاتية
.(Bandura, 1986; Brownell, et al., 1986)
Relapse Prevention : الوقاية من الانتكاس
تؤكد نتائج البحث على أهمية دمج الجهود الموجهة للوقاية من الانتكاس، منذ البداية، مع البرامج العلاجية. فتغيير العادة الصحية ليس
كما يجب أن ،(Brownell, et al., 1986; Prochaska & DiClemente, 1984a) أمرا بسيطا، ولكنها عملية يتطلب حدوثها المرور بعدة مراحل
تدمج جهود الوقاية من الانتكاس في جميع مراحل العلاج.
وتشكل بعض العوامل أهمية خاصة في بداية الالتحاق بالبرنامج العلاجي. فالأشخاص الذين يتصفون بدرجة عالية من الالتزام في
البرنامج، والذين لديهم دافعية لتغيير سلوكهم أقل عرضة للانتكاس. وهذه الملاحظات تعني أن اهتماماً خاصاً يجب أن يوجه للتركيز على تطوير
طرق ملائمة لزيادة الدافع، والمحافظة على الالتزام. فعلى سبيل المثال، فقد تعمد البرامج المستخدمة، إلى ابتكار طريقة تستخدم في نفس الوقت
الذي يطبق فيه برنامج التدخل، فقد يطلب من الأفراد إيداع مبلغ من المال يمكن استعادته إذا التزموا بحضور اللقاءات أو تمكنوا من تغيير سلوكهم
بنجاح.
لإبعاد الاشخاص الذين لا ،(Screening Technique) ومن الأساليب الأكثر جدلاً، ذلك الأسلوب الذي يستخدم استراتيجية الغربلة
يبدون التزاماً صادقاً في تغيير سلوكهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للانتكاس. مع أن إنكار حق بعض الناس في الانضمام إلى البرامج العلاجية التي تساعد
في تحسين وضعهم الصحي، قد يكون، موضع جدل من الناحية الأخلاقية. ومن ناحية ثانية، فإن السماح بانضمام الأفراد الذين لديهم قابلية كبيرة
للانتكاس قد يضعف معنويات المشاركين في برنامج تغيير السلوك، ومعنويات المعالجين كذلك. ويجعل الأمر أكثر صعوبة لدى الشخص الذي لديه
القابلية للانتكاس.
وبمجرد خلق الدافع والالتزام، يتم تطوير الاستراتيجيات التي ستستخدم في برنامج تغيير السلوك، بطريقة تحافظ على استدامة التغير
الحادث، والتزود بمهارات وقائية لمنع حدوث الانتكاس بعد انتهاء فترة العلاج. إحدى هذه الاستراتيجيات تتضمن قيام الأفراد بتحديد المواقف التي
تمكنهم من مواجهة المواقف المسببة للضغط بنجاح. ،(Coping Strategies) تشجع حدوث الانتكاس ثم تطوير استراتيجيات تعامل
وأن امتلاك الفرد استراتيجيات ،(Self-Control) وهذه الاستراتيجية تسلط الضوء على حقيقة مفادها أن الالتزام الناجح يقوي مشاعر الضبط الذاتي
على (Mental Rehearsal) إضافة لذلك، فإن التدريب العقلي .(Marlatt & George, تعامل ملائمة يعزز هذه المشاعر بشكل أفضل ( 1988
يمكن أن يعزز مشاعر الفعالية الذاتية، ويقلل من إمكانية حدوثه. ،(High Risk) استجابات التعامل في المواقف الأكثر تهديدا بحدوث الانتكاس
تمكن هؤلاء المشاركين من ،(Constructive Self-Talk) فعلى سبيل المثال، إن بعض برامج تدريب المشاركين للانخراط في أحاديث ذاتية بناءة
.(Brownell, et al., محادثة أنفسهم في المواقف التي تغريهم للعودة إلى السلوك الذي جرى تغييره ( 1986
-150-
إن إبعاد القرائن، أو إعادة تنظيم البيئة، لتجنب المواقف التي تؤدي إلى إظهار السلوك المستهدف، قد يكون ممكناً بالنسبة إلى أشخاص
فمدمن الكحول، الذي اعتاد تناول الكحول بشكل خاص في الحانات، يمكن أن يقوم بتجنب مثل هذه .(Bouton, لديهم عادات معينة ( 2000
الأماكن. ولكن إبعاد القرائن بالنسبة لعادات أخرى يكون مستحيلاً، فالمدخنون على سبيل المثال، لا يستطيعون في العادة أن يتجنبوا تماماً ظروف
الحياة التي تقودهم إلى التدخين. وبالتالي فإن بعض برامج الوقاية من الانتكاس، تقوم بتعريض الأشخاص، بشكل مقصود، إلى المواقف التي قد تقود
إلى استثارة السلوك القديم، وذلك من أجل إتاحة الفرصة لهم لاستخدام مهارات التعامل التي تعلموها. فتأثير الموقف قد يتلاشى إذا لم يتكرر ظهور
والأكثر من ذلك فإن تعرض الفرد لمثل هذه المواقف يمكن أن يقوي .(Marlatt, السلوك مع مرور الزمن عند تعرض الفرد لهذه المواقف ( 1990
الشعور بالفعالية الذاتية، ويقلل من التوقعات الإيجابية التي ترتبط بسلوك الإدمان. إن التأكد من أن العادة الجديدة ( مثل ممارسة التمارين أو
.(Bouton, الإقلاع عن تناول الكحول)، تمارس في مواقف عديدة يعتبر من الأمور المهمة لضمان بقائها ( 2000