بسم الله الرحمن الرحيم
جامعة الخرطوم – كلية التربية
قسم علم النفس التربوي
مبادئ التوجيه والارشاد النفسي
اعداد: د. أيمن محمد طه عبد العزيز
أستاذ مساعد بقسم علم النفس التربوي
كلية التربية – جامعة الخرطوم
خلفية تاريخية للتوجيه والارشاد historical background :
" إن الإرشاد النفسي بمفهومه الواسع نشأ منذ أن وجد الإنسان ،و الرغبة في مساعدة الآخرين و إرشادهم قديمة قدم الحياة نفسها ، وذلك بقيام الفرد بعرض مشكلاته طلباً للمشاركة الوجدانية ، أو المساعدة في حلها من المحيطين به، أمر لجأ إليه الإنسان منذ أن بدأت العلاقات بين البشر وقد اتخذ الإرشاد قديماً أشكالاً عديدة ، مثل تقديم النصيحة " . صالح الخطيب(2003: 19-24).
و يرجع البعض فكرة الإرشاد الي الفلسفة الإغريقية القديمة ، بينما ينسبها آخرون إلي الفلاسفة الإنجليز مثل جون لوك John look وبيركلي Berkelly في القرن التاسع عشر، بينما يرجع البعض ظهور علم النفس الإرشادي حين إنفصل علم النفس عن الفلسفة علي فونت Woundt عام 1879 .نبيل سفيان (194:2004).
وهناك من ذهب إلى ما قبل القرن التاسع عشر ، فقد أورد براون Brown المذكور في محمد سعفان (11:2005) ، عن الكتاب الذي ألّفه العالم الأسباني جون هورت John Hurt بعنوان " إختبار العقل" في القرن السادس عشر ، كان أول محاولة لمناقشة ما يعرف الآن بالتوجيه المهني ، فقد أدرك هورت أن الناس يختلفون في كل من الذكاء العام والقدرات الخاصة وأوصى بضرورة إكتشاف الميول والقدرات الخاصة بكل فرد حتى يتم إعطاؤه نوع التدريب الملائم.
أما ظهورعلم النفس الإرشادي كفرع من فروع علم النفس ، فقد بدأ في القرن العشرين ، حينما استقل عن التوجيه التربوي والمهني. أحمد الزعبي (17:2002).
والمتتبع لتاريخ ظهور هذا العلم ، يجده مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بحركتي القياس والتقويم والتوجيه المهني ، فلقد ذكر صالح الخطيب(24:2003) أن بداية الإرشاد النفسي كعلم مستقل تأخر حتى عام 1898 حينما استقل الإرشاد النفسي عن التوجيه المهني والقياس النفسي ، لكنه لم يقطع صلته بهذه العلوم ، لذلك عند قراءة تاريخ هذا العلم لابد من المرور على تاريخ العلوم ذات الصلة به.
وفي ذات السياق يشير حامد زهران (44:1980) ، إلي أن لحركة القياس النفسي ودراسة الفروق الفردية و إنشاء الاختبارات والمقاييس أثر كبير في تطور التوجيه والارشاد النفسي، الذي بدأ في سنة 1890 على يد جيمس كاتل Cattle ، الذي أورد لأول مرة في تاريخ علم النفس مصطلح الإختبارات العقلية Mental Tests.
أما حركة التوجيه المهني فقد بدأت على يد فرانك بارسونز Frank Parsons الذي أنشأ في عام 1908 مكتباً مهنياً في مدينة بوسطن Boston والذي أسماه Boston Vocation Bureau ، وكان يهدف إلي مساعدة الشباب في إختيار المهنة، وفي عام 1909 نشر له كتاب " إختيار مهنة Choosing Avocation" . محمد سعفان (11،2205). ويعتبر هذا الكتاب أول وأعظم كتب التوجيه المهني وهو الذي رشح بارسونز Parsons ليلقب بأبو التوجيه المهني. حامد زهران (42،1980). وكان يؤمن فرانك بارسونز Frank Parsons بأن للفرد الحق في إختيار المهنة التي يريد أن يمتهنها دون الولوج في نفس خط سير مهنة آبائهم كمساعدتهم في الحقول أو المصانع مثلاً. فرانك نوجنت و كارين دايل Frank Nugent&Karyn Dayle(26:2005).
أما حركة التوجيه والإرشاد في مدارس الولايات المتحدة الأمريكية الحكومية فبدأت عام 1898 على يد جيسي ديفز Jessi Davis الذي عمل مرشداً في مدرسة ثانوية ديترويت في ولاية ميتشجن ولمدة عشر سنوات ، وكان مسئولاً عن الإرشاد التربوي والمهني لطلاب الصف الحادي عشر ، حيث كان يخصص حصة واحدة في الأسبوع لأغراض التوجيه المهني والأخلاقي في هذه المدرسة ، ولتعريف الطلاب بالمهن الموجودة بالمجتمع ومتطلبات التخصص بها. وفي سنة 1899 ألقى رئيس جامعة شيكاغو وليم هاربر William Harber خطاباً حث فيه على التعليم الفردي ، وفي سنة 1906 ألف إلي ويفر Eli Weaver كتيباً بعنوان " إختر مهنتك" . صالح الخطيب (24:2003).
أما بخصوص الجمعيات والإتحادات التي تخص الإرشاد النفسي فقد أسست أول جمعية للإرشاد النفسي في ميتشجان بأمريكا في سنة 1913، وفي سنة 1915 ظهرت أول مجلة علمية دورية للتوجيه . روبرت قبسون Robert Gibson(6:1990).
وبعد أن أخذ التوجيه والإرشاد النفسي موقعه في ساحة علم النفس ، ونال الهوية الخاصة به ، توالت المجهودات من قبل العلماء لإضفاء اللونية الخاصة له. وكان لجهود كارل روجرز Carl Rogers القدح المعلى في ذلك، فقد وضع كتابه في الإرشاد والعلاج النفسي في عام 1942 وأنشأ إسلوباً جديداً في الإرشاد،يعرف بالإرشاد غير المباشر وذلك ضمن نظريته الخاصة بالإرشاد النفسي والذي أسماها بالعلاج المتمركز حول العميل Client – Centered Therapy. محمد سعفان (12:2005).
وفي سنة 1942 إعترفت جمعية علم النفس الأمريكية بالإرشاد النفسي وأصبح مهنة له مكانة في كثير من المدارس والمصانع والقوات المسلحة وكثير من المؤسسات الإجتماعية و أصبح للإرشاد النفسي فروع عديدة مثل الإرشاد التربوي، الإرشاد المهني، الإرشاد الأسري. أحمد الزعبي (17:2002).
ولقد ساعدت ظروف عدة على ظهور هذا العلم ، وأسهمت العديد من العوامل في نشوئه وتطوره ، من ضمنها تطور الإنسان نفسه،واقتضت الضرورة أن يبرز الإرشاد النفسي ويكون واحداً من الفروع المهمة والأساسية ، والتي من خلالها يسعى علم النفس لتحقيق أهدافه بصورة عامة،فقد ذكرت ممدوحة سلامة (22:1991) أنه قد اسهمت عدة عوامل في تطور مفهوم الإرشاد النفسي منها ظهور علم النفس كمهنة في الحرب العالمية الثانية حيث أعلن الموجهون والمعالجون النفسيون أنفسهم كأصحاب مهنة مستقلة ، وقد أسهم تطور التعليم المهني في تطور مفهوم الإرشاد النفسي ، كما أن زيادة الإعتراف بحق الفرد في اتخاذ أسلوب الحياة الذي يرضاه وفي تحقيق إمكانياته و استعداداته و أحلامه بافضل الطرق دون تعد على ما للآخرين من حقوق ، كل ذلك ساهم في تطور مفهوم الإرشاد النفسي.
الدلالة اللغوية لمصطلح الإرشاد النفسي:
إن من الواضح أن كلمة "إرشاد" جاءت من الفعل أرشد يرشد إرشاداً،يرشد مرشداً، والرشد هو الصلاح وهو خلاف الغي والضلال وهو إصابة الصواب والفاعل راشد. رسمية خليل (3:1968).
ويضيف العيسويwww.islamweb.net/family/adulance.htm إن كلمة الإرشاد تاتي من كلمة (رشد)، والرشاد ضد الغي وتقول رشد ،يرشد، والطريق الأرشد و أرشد يرشد إرشاداً. والرشد هو الصلاح - ضد الغي والضلال- أي تحقيق الصواب، والفاعل منه راشد ومرشد. ومؤدى ذلك أن الإرشاد معناه الوصول إلي الرشاد أو الصلاح أو السواء.
وفي القرءان الكريم قد وردت آيات كريمة تحمل معنى الصلاح لكلمة "رُشد" ، ففي سورة البقرة ، جزء من الآية256 " لا إكِراه في الدِين قد تَبيّن الرُشدُ مِن الغَي". وهنا كلمة رشد ضد كلمة غي وتعني الصلاح. أما في سورة الكهف،جزء من الآية 66" قَال له مَُوسى هَل إتّبِعكَ عَلى أن تُعلمَن مِمَّا عُلُّمت رُشدا".
أما في اللغة الإنجليزية فتختلف كلمة إرشاد Counselingعن كلمة Counselingمع تكرار حرف"L" ، فالكلمة الثانية يستخدمها العاملون بمكتب المحاماة والسفارات والمسئولون عن مراكز العمل المختلفة، أما الأولى فتستخدم في مجال الإرشاد النفسي. سهام درويش(12:1988) .
ورغم أهمية التفرقة في إستخدام المصطلح الإنجليزي إلا أن البعض ما زال يستخدم المصطلحين بمعنى واحد، كما أن بعض المراجع الأجنبية وخاصة البريطانية لا تهتم بهذه التفرقة. محمد سعفان (10:2005).
تعريف التوجيه والإرشاد النفسي:
ورد في معجم علم النفس (جابر عبد الحميد،علاء كفافي،1989: 783) أن كلمة إرشاد نفسي ، لفظ عام يشمل عدة عمليات ،مقابلة شخصية وتطبيق إختبارات وتوجيه،وتقديم المشورة والنصح وتستهدف هذه العمليات مساعدة الفرد على حل مشكلاته والتخطيط لمستقبله ، وكثيراً ما يستخدم اللفظ ليعني التوجيه في المشكلات الزواجية وسوء استخدام العقاقير والإنتقاء المهني والعمل في المجتمع المحلي.
أما تعريف الجمعية الأمريكية لعلم النفس(( APA (1980: 74) على أنه الخدمات التي يقدمها إختصاصيون في علم النفس الإرشادي وفق مبادئ وأساليب دراسة السلوك الإنساني خلال مراحل نموه المختلفة ويقدمون خدماته لهم لتأكيد الجانب الإيجابي لشخصية المسترشد و إستغلاله لتحقيق التوافق لدى المسترشد وبهدف إكتساب مهارات جديدة تساعد على تحقيق مطالب النمو والتوافق مع الحياة و قدرة اتخاذ القرار ويقدم الإرشاد لجميع الأفراد في المراحل العمرية المختلفة وفي المجالات المختلفة ،الأسرة ،المدرسة والعمل.
وهناك محاولات عديدة من قبل العلماء والباحثين النفسيين لتعريف التوجيه والإرشاد النفسي ، وفي هذا الجانب إستعراضاً لهذه التعريفات:
- تعريف آدمز Adams(1965: 12) الذي يقول" أنه يقصد بالتوجيه و الإرشاد النفسي مجموع الخدمات التربوية والنفسية والمهنية التي تقدم للفرد ليتمكن من التخطيط لمستقبل حياته، وفقاً لإمكاناته ، وقدراته العقلية والجسمية وميوله بإسلوب متعدد كالتعليم ، الحياة الأسرية ، الشخصية ، المهنية، كما يشتمل أيضاً على خدمات متعددة كتقديم المعلومات والخدمات الإرشادية وقد يكون التوجيه مباشراً أو غير مباشراً ، فردياً أو جماعياً، وهو عادة يهدف إلى الحاضر والمستقبل مستفيداً من الماضي وخبراته."
- تعريف رسمية خليل ( 1968: 3) " تقديم العون والمساعدة والنصح والتوجيه وتغيير السلوك وتعديله ، وتعليم الفرد أنماطاً سلوكية جديدة وتخليصه من العادات السلبية وتوعيته بالأساليب السليمة بغية تخليصه مما يعانيه من المشكلات و الأزمات أو إرشاده إلى الطريق الصواب.
- تعريف لطفي بركات(1968 :16) ويعرفه بأنه مجموع الخدمات التي تهدف إلي مساعدة الفرد على أن يفهم نفسه ويفهم مشاكله وأن يستغل إمكانياته الذاتية من قدرات ومهارات و إستعداد وميول.
- تعريف ميللرEW.Miller (1981: 103) وعرف التوجيه والإرشاد النفسي على أنه عملية تقديم المساعدة للأفراد لكي يصلوا إلى فهم أنفسهم وإختيار الطريق الضروري للحياة وتعديل السلوك بغرض الوصول إلى الأهداف الناضجة والذكية التي تصحح مجرى الحياة.
- تعريف صبحي معروف(1986: 16) ويعرفه على أنه عملية بناءة تهدف إلى مساعدة الفرد على فهم ذاته ودراسة شخصيته والتعرف على خبراته وتحديد مشكلاته وتنمية إمكانياته وحل مشكلاته ، في ضوء معرفته ورغبته وتعليمه وتدريبه لكي يستطيع تحديد وتحقيق أهدافه وصحته النفسية وتوافقه الشخصي والتربوي والمهني والأسري.
- تعريف محمود منسي ( 1990: 32) والذي يعرفه على أنه خدمة نفسية للأفراد تساعدهم على بناء شخصياتهم بناءً سليماً ليصبحوا مواطنين صالحين لتحقيق أهدافهم واهداف مجتمعهم.
- تعريف محمد المنشاوي( 1996:8) أنه علاقة مهنية بين مرشد ومسترشد وجهاً لوجه وقد يضم أحياناً أكثر من شخصين وفي جميع الحالات تقديم المساعدة للمسترشدين على تفهم ذواتهم ، وكيف يصلون إلى الأهداف بأنفسهم من خلال عدة إختيارات للمعلومات المفيدة في حل مشكلاتهم.
- تعريف حامد زهران(1998: 10) بأنه عملية واعية ، مستمرة،بناءة ومخططة ، تهدف إلي مساعدة الفرد وتشجيعه لكي يعرف نفسه ويفهم ذاته ويدرس شخصيته جسمياً وعقلياً وإجتماعياً وإنفعالياً، ويفهم خبراته ويحدد مشكلاته وحاجاته ويعرف الفرص المتاحة له، وأن ينمي إمكاناته في ضوء معرفته بنفسه لكي يصل إلى تحديد وتحقيق أهداف واضحة تكفل له تحقيق ذاته وتحقيق الصحة النفسية والسعادة مع نفسه ومع الآخرين في المجتمع والتوافق شخصياً وتربوياً ومهنياً وأسرياً.
- تعريف علاء الدين كفافي( 1999: 11) إن الإرشاد النفسي أحد قنوات الخدمة النفسية ، التي تقدم للأفراد والجماعات بهدف التغلب على الصعوبات التي تعترض سبيل الفرد أو الجماعة وتعوق توافقهم و إنتاجياتهم ، والإرشاد النفسي خدمة توجه إلي الأفراد والجماعات الذين مازالوا قائمين في المجال السوي ولم يتحولوا بعد إلى المجال غير السوي ولكنهم يواجهون مشكلات لها صبغة إنفعالية حادة أو تتصف بدرجة من التعقيد والشدة ، بحيث يعجزون عن مواجهة هذه المشكلات بدون عون أو مساعدة من الخارج.
- تعريف بتروفيسا Piettrofesaالمذكور في سلوى عبد الباقي(2001: 10) هو عبارة عن خدمة مهنية ، يقوم بها مرشد مقتدر مؤهل ، كما أنه يشير إلى العلاقة المهنية التي يتحمل فيها فرد معين مسئولية المساعدة التي تقدم للعميل بطريقة إيجابية.
- تعريف أبوبكر مرسي(2002: 12) هو عبارة عن العملية التي تستهدف وقاية الذات و إنمائها عبر علاقة بين مرشد معد مهنياً ويتمتع بصفات مثل الدفء والتعاطف والمرونة ، وعميل ينشد إعادة التوازن والإنسجام بين جوانب هويته الذاتية والوعي بها وبالواقع وصولاً إلى علاقة متناغمة ومنسجمة ، تحقق الإرتقاء النفسي والإجتماعي ، ويتم ذلك عبر المقابلة الإرشادية والقياس النفسي.
- تعريف مفيد حواشين( 2005: 16) أنه علاقة حيوية وهادفة تتم بين شخصين وتهدف إلى غرض معين ، حيث يقوم أحد الطرفين وهو المرشد على مساعدة الطرف الآخر وهو العميل حتى يعبر عن نفسه وسلوكياته مع الآخرين.
- تعريف صالح الداهري (2005: 11) ويعرفه على أنه مجموعة من الخدمات تهدف إلي مساعدة الفرد على أن يفهم نفسه ويفهم مشكلاته ، وأن يستغل إمكانياته وقدراته الذاتية ، وكذلك إمكانات البيئة المحيطة به ، بما يتناسب مع الأهداف التي يضعها الفرد لنفسه من ناحية ، ومع إمكانات البيئة ومطالبها من ناحية أخرى.
من خلال التعريفات السابقة لمصطلح الإرشاد والتوجيه النفسي، يتضح أن جميعها تشترك في النقاط التالية:
1/ الإرشاد النفسي عبارة عن عملية بناءة ومخطط لها .
2/ إن الإرشاد عبارة عن خدمة نفسية يشترك فيها طرفان هما المرشد ( الذي يقدم الخدمة النفسية) ومسترشد أو عميل وهو ( طالب الخدمة النفسية).
3/ الغرض الأساسي من عملية الإرشاد هو مساعدة طالب الخدمة النفسية .
4/ يمكن توجيه هذه الخدمة النفسية إلى الأفراد أو الجماعات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
5/ توجه عملية الإرشاد النفسي إلى الأسوياء ، الذين يعانون من مشكلات يعجزون عن حلها بمفردهم.
6/ تكون الخدمة النفسية من خلال معرفة الفرد لميوله و إمكاناته ، حل مشكلاته، التخطيط لمستقبله ، ليصل إلي التوافق النفسي.
ومن هذه النقاط السابقة يمكن للباحث أن يستخلص تعريفاً للإرشاد النفسي وهو " عبارة عن عملية بناءة ومخططة لتقديم خدمة نفسية للمسترشد سواء إن كانوا أفراد أو جماعات من قبل مرشد نفسي متخصص بغرض المساعدة في حل المشكلات ، التخطيط للمستقبل ، المساعدة في الإختيار وفقاً للإمكانات والميول والإتجاهات.
مصطلحا التوجيه والإرشاد:
هناك تداخل بين مصطلحي التوجيه والإرشاد، وكثير من الناس يخلط بين هذين المصطلحين، ولمعرفة الفرق بينهما، هناك بعض المجهودات لبعض العلماء والباحثين النفسيين ، فقد أوضح حامد زهران (1980: 11) أن الفرق بينهما يكون في الآتي:
1/ إن التوجيه النفسي هو مجموع خدمات نفسية أهمها عملية الإرشاد النفسي ، بمعنى أن التوجيه النفسي يتضمن الإرشاد، وهو العملية الرئيسة في خدمات التوجيه أي أنه لا يتضمن التوجيه.
2/ التوجيه النفسي عبارة ميدان يتضمن الأسس العامة والنظريات الهامة والبرامج، بينما الإرشاد يمثل الجزء العملي في ميدان التوجيه.
3/ التوجيه لايقتصر على فرد إنما عمل جماعي، بينما الإرشاد قد يشمل أفراداً فقط.
4/التوجيه يسبق عملية الإرشاد ويعد لها ويمهد لها ، بينما الإرشاد يليه ويعتبر الواجهة الختامية لبرامج التوجيه.
أما رسمية خليل (1968: 4، 5) فإنها تلخص الفرق بين التوجيه والإرشاد في النقاط التالية:
1/ إن الإرشاد النفسي في أغلب الأحيان علاقة بين المرشد النفسي وفرد واحد ، إصطلح على تسميته العميل وهو يأتي للمساعدة وليس للعلاج ، بينما التوجيه علاقة بين الموجه ومجموعة من الأفراد كتلاميذ في مدرسة مثلاً، لمساعدتهم في إكتشاف قدراتهم و إمكانياتهم وتنظيم خبراتهم.
2/ إن الإرشاد كثيراً ما يكون لاحقاً لعملية التوجيه.
جامعة الخرطوم – كلية التربية
قسم علم النفس التربوي
مبادئ التوجيه والارشاد النفسي
اعداد: د. أيمن محمد طه عبد العزيز
أستاذ مساعد بقسم علم النفس التربوي
كلية التربية – جامعة الخرطوم
خلفية تاريخية للتوجيه والارشاد historical background :
" إن الإرشاد النفسي بمفهومه الواسع نشأ منذ أن وجد الإنسان ،و الرغبة في مساعدة الآخرين و إرشادهم قديمة قدم الحياة نفسها ، وذلك بقيام الفرد بعرض مشكلاته طلباً للمشاركة الوجدانية ، أو المساعدة في حلها من المحيطين به، أمر لجأ إليه الإنسان منذ أن بدأت العلاقات بين البشر وقد اتخذ الإرشاد قديماً أشكالاً عديدة ، مثل تقديم النصيحة " . صالح الخطيب(2003: 19-24).
و يرجع البعض فكرة الإرشاد الي الفلسفة الإغريقية القديمة ، بينما ينسبها آخرون إلي الفلاسفة الإنجليز مثل جون لوك John look وبيركلي Berkelly في القرن التاسع عشر، بينما يرجع البعض ظهور علم النفس الإرشادي حين إنفصل علم النفس عن الفلسفة علي فونت Woundt عام 1879 .نبيل سفيان (194:2004).
وهناك من ذهب إلى ما قبل القرن التاسع عشر ، فقد أورد براون Brown المذكور في محمد سعفان (11:2005) ، عن الكتاب الذي ألّفه العالم الأسباني جون هورت John Hurt بعنوان " إختبار العقل" في القرن السادس عشر ، كان أول محاولة لمناقشة ما يعرف الآن بالتوجيه المهني ، فقد أدرك هورت أن الناس يختلفون في كل من الذكاء العام والقدرات الخاصة وأوصى بضرورة إكتشاف الميول والقدرات الخاصة بكل فرد حتى يتم إعطاؤه نوع التدريب الملائم.
أما ظهورعلم النفس الإرشادي كفرع من فروع علم النفس ، فقد بدأ في القرن العشرين ، حينما استقل عن التوجيه التربوي والمهني. أحمد الزعبي (17:2002).
والمتتبع لتاريخ ظهور هذا العلم ، يجده مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بحركتي القياس والتقويم والتوجيه المهني ، فلقد ذكر صالح الخطيب(24:2003) أن بداية الإرشاد النفسي كعلم مستقل تأخر حتى عام 1898 حينما استقل الإرشاد النفسي عن التوجيه المهني والقياس النفسي ، لكنه لم يقطع صلته بهذه العلوم ، لذلك عند قراءة تاريخ هذا العلم لابد من المرور على تاريخ العلوم ذات الصلة به.
وفي ذات السياق يشير حامد زهران (44:1980) ، إلي أن لحركة القياس النفسي ودراسة الفروق الفردية و إنشاء الاختبارات والمقاييس أثر كبير في تطور التوجيه والارشاد النفسي، الذي بدأ في سنة 1890 على يد جيمس كاتل Cattle ، الذي أورد لأول مرة في تاريخ علم النفس مصطلح الإختبارات العقلية Mental Tests.
أما حركة التوجيه المهني فقد بدأت على يد فرانك بارسونز Frank Parsons الذي أنشأ في عام 1908 مكتباً مهنياً في مدينة بوسطن Boston والذي أسماه Boston Vocation Bureau ، وكان يهدف إلي مساعدة الشباب في إختيار المهنة، وفي عام 1909 نشر له كتاب " إختيار مهنة Choosing Avocation" . محمد سعفان (11،2205). ويعتبر هذا الكتاب أول وأعظم كتب التوجيه المهني وهو الذي رشح بارسونز Parsons ليلقب بأبو التوجيه المهني. حامد زهران (42،1980). وكان يؤمن فرانك بارسونز Frank Parsons بأن للفرد الحق في إختيار المهنة التي يريد أن يمتهنها دون الولوج في نفس خط سير مهنة آبائهم كمساعدتهم في الحقول أو المصانع مثلاً. فرانك نوجنت و كارين دايل Frank Nugent&Karyn Dayle(26:2005).
أما حركة التوجيه والإرشاد في مدارس الولايات المتحدة الأمريكية الحكومية فبدأت عام 1898 على يد جيسي ديفز Jessi Davis الذي عمل مرشداً في مدرسة ثانوية ديترويت في ولاية ميتشجن ولمدة عشر سنوات ، وكان مسئولاً عن الإرشاد التربوي والمهني لطلاب الصف الحادي عشر ، حيث كان يخصص حصة واحدة في الأسبوع لأغراض التوجيه المهني والأخلاقي في هذه المدرسة ، ولتعريف الطلاب بالمهن الموجودة بالمجتمع ومتطلبات التخصص بها. وفي سنة 1899 ألقى رئيس جامعة شيكاغو وليم هاربر William Harber خطاباً حث فيه على التعليم الفردي ، وفي سنة 1906 ألف إلي ويفر Eli Weaver كتيباً بعنوان " إختر مهنتك" . صالح الخطيب (24:2003).
أما بخصوص الجمعيات والإتحادات التي تخص الإرشاد النفسي فقد أسست أول جمعية للإرشاد النفسي في ميتشجان بأمريكا في سنة 1913، وفي سنة 1915 ظهرت أول مجلة علمية دورية للتوجيه . روبرت قبسون Robert Gibson(6:1990).
وبعد أن أخذ التوجيه والإرشاد النفسي موقعه في ساحة علم النفس ، ونال الهوية الخاصة به ، توالت المجهودات من قبل العلماء لإضفاء اللونية الخاصة له. وكان لجهود كارل روجرز Carl Rogers القدح المعلى في ذلك، فقد وضع كتابه في الإرشاد والعلاج النفسي في عام 1942 وأنشأ إسلوباً جديداً في الإرشاد،يعرف بالإرشاد غير المباشر وذلك ضمن نظريته الخاصة بالإرشاد النفسي والذي أسماها بالعلاج المتمركز حول العميل Client – Centered Therapy. محمد سعفان (12:2005).
وفي سنة 1942 إعترفت جمعية علم النفس الأمريكية بالإرشاد النفسي وأصبح مهنة له مكانة في كثير من المدارس والمصانع والقوات المسلحة وكثير من المؤسسات الإجتماعية و أصبح للإرشاد النفسي فروع عديدة مثل الإرشاد التربوي، الإرشاد المهني، الإرشاد الأسري. أحمد الزعبي (17:2002).
ولقد ساعدت ظروف عدة على ظهور هذا العلم ، وأسهمت العديد من العوامل في نشوئه وتطوره ، من ضمنها تطور الإنسان نفسه،واقتضت الضرورة أن يبرز الإرشاد النفسي ويكون واحداً من الفروع المهمة والأساسية ، والتي من خلالها يسعى علم النفس لتحقيق أهدافه بصورة عامة،فقد ذكرت ممدوحة سلامة (22:1991) أنه قد اسهمت عدة عوامل في تطور مفهوم الإرشاد النفسي منها ظهور علم النفس كمهنة في الحرب العالمية الثانية حيث أعلن الموجهون والمعالجون النفسيون أنفسهم كأصحاب مهنة مستقلة ، وقد أسهم تطور التعليم المهني في تطور مفهوم الإرشاد النفسي ، كما أن زيادة الإعتراف بحق الفرد في اتخاذ أسلوب الحياة الذي يرضاه وفي تحقيق إمكانياته و استعداداته و أحلامه بافضل الطرق دون تعد على ما للآخرين من حقوق ، كل ذلك ساهم في تطور مفهوم الإرشاد النفسي.
الدلالة اللغوية لمصطلح الإرشاد النفسي:
إن من الواضح أن كلمة "إرشاد" جاءت من الفعل أرشد يرشد إرشاداً،يرشد مرشداً، والرشد هو الصلاح وهو خلاف الغي والضلال وهو إصابة الصواب والفاعل راشد. رسمية خليل (3:1968).
ويضيف العيسويwww.islamweb.net/family/adulance.htm إن كلمة الإرشاد تاتي من كلمة (رشد)، والرشاد ضد الغي وتقول رشد ،يرشد، والطريق الأرشد و أرشد يرشد إرشاداً. والرشد هو الصلاح - ضد الغي والضلال- أي تحقيق الصواب، والفاعل منه راشد ومرشد. ومؤدى ذلك أن الإرشاد معناه الوصول إلي الرشاد أو الصلاح أو السواء.
وفي القرءان الكريم قد وردت آيات كريمة تحمل معنى الصلاح لكلمة "رُشد" ، ففي سورة البقرة ، جزء من الآية256 " لا إكِراه في الدِين قد تَبيّن الرُشدُ مِن الغَي". وهنا كلمة رشد ضد كلمة غي وتعني الصلاح. أما في سورة الكهف،جزء من الآية 66" قَال له مَُوسى هَل إتّبِعكَ عَلى أن تُعلمَن مِمَّا عُلُّمت رُشدا".
أما في اللغة الإنجليزية فتختلف كلمة إرشاد Counselingعن كلمة Counselingمع تكرار حرف"L" ، فالكلمة الثانية يستخدمها العاملون بمكتب المحاماة والسفارات والمسئولون عن مراكز العمل المختلفة، أما الأولى فتستخدم في مجال الإرشاد النفسي. سهام درويش(12:1988) .
ورغم أهمية التفرقة في إستخدام المصطلح الإنجليزي إلا أن البعض ما زال يستخدم المصطلحين بمعنى واحد، كما أن بعض المراجع الأجنبية وخاصة البريطانية لا تهتم بهذه التفرقة. محمد سعفان (10:2005).
تعريف التوجيه والإرشاد النفسي:
ورد في معجم علم النفس (جابر عبد الحميد،علاء كفافي،1989: 783) أن كلمة إرشاد نفسي ، لفظ عام يشمل عدة عمليات ،مقابلة شخصية وتطبيق إختبارات وتوجيه،وتقديم المشورة والنصح وتستهدف هذه العمليات مساعدة الفرد على حل مشكلاته والتخطيط لمستقبله ، وكثيراً ما يستخدم اللفظ ليعني التوجيه في المشكلات الزواجية وسوء استخدام العقاقير والإنتقاء المهني والعمل في المجتمع المحلي.
أما تعريف الجمعية الأمريكية لعلم النفس(( APA (1980: 74) على أنه الخدمات التي يقدمها إختصاصيون في علم النفس الإرشادي وفق مبادئ وأساليب دراسة السلوك الإنساني خلال مراحل نموه المختلفة ويقدمون خدماته لهم لتأكيد الجانب الإيجابي لشخصية المسترشد و إستغلاله لتحقيق التوافق لدى المسترشد وبهدف إكتساب مهارات جديدة تساعد على تحقيق مطالب النمو والتوافق مع الحياة و قدرة اتخاذ القرار ويقدم الإرشاد لجميع الأفراد في المراحل العمرية المختلفة وفي المجالات المختلفة ،الأسرة ،المدرسة والعمل.
وهناك محاولات عديدة من قبل العلماء والباحثين النفسيين لتعريف التوجيه والإرشاد النفسي ، وفي هذا الجانب إستعراضاً لهذه التعريفات:
- تعريف آدمز Adams(1965: 12) الذي يقول" أنه يقصد بالتوجيه و الإرشاد النفسي مجموع الخدمات التربوية والنفسية والمهنية التي تقدم للفرد ليتمكن من التخطيط لمستقبل حياته، وفقاً لإمكاناته ، وقدراته العقلية والجسمية وميوله بإسلوب متعدد كالتعليم ، الحياة الأسرية ، الشخصية ، المهنية، كما يشتمل أيضاً على خدمات متعددة كتقديم المعلومات والخدمات الإرشادية وقد يكون التوجيه مباشراً أو غير مباشراً ، فردياً أو جماعياً، وهو عادة يهدف إلى الحاضر والمستقبل مستفيداً من الماضي وخبراته."
- تعريف رسمية خليل ( 1968: 3) " تقديم العون والمساعدة والنصح والتوجيه وتغيير السلوك وتعديله ، وتعليم الفرد أنماطاً سلوكية جديدة وتخليصه من العادات السلبية وتوعيته بالأساليب السليمة بغية تخليصه مما يعانيه من المشكلات و الأزمات أو إرشاده إلى الطريق الصواب.
- تعريف لطفي بركات(1968 :16) ويعرفه بأنه مجموع الخدمات التي تهدف إلي مساعدة الفرد على أن يفهم نفسه ويفهم مشاكله وأن يستغل إمكانياته الذاتية من قدرات ومهارات و إستعداد وميول.
- تعريف ميللرEW.Miller (1981: 103) وعرف التوجيه والإرشاد النفسي على أنه عملية تقديم المساعدة للأفراد لكي يصلوا إلى فهم أنفسهم وإختيار الطريق الضروري للحياة وتعديل السلوك بغرض الوصول إلى الأهداف الناضجة والذكية التي تصحح مجرى الحياة.
- تعريف صبحي معروف(1986: 16) ويعرفه على أنه عملية بناءة تهدف إلى مساعدة الفرد على فهم ذاته ودراسة شخصيته والتعرف على خبراته وتحديد مشكلاته وتنمية إمكانياته وحل مشكلاته ، في ضوء معرفته ورغبته وتعليمه وتدريبه لكي يستطيع تحديد وتحقيق أهدافه وصحته النفسية وتوافقه الشخصي والتربوي والمهني والأسري.
- تعريف محمود منسي ( 1990: 32) والذي يعرفه على أنه خدمة نفسية للأفراد تساعدهم على بناء شخصياتهم بناءً سليماً ليصبحوا مواطنين صالحين لتحقيق أهدافهم واهداف مجتمعهم.
- تعريف محمد المنشاوي( 1996:8) أنه علاقة مهنية بين مرشد ومسترشد وجهاً لوجه وقد يضم أحياناً أكثر من شخصين وفي جميع الحالات تقديم المساعدة للمسترشدين على تفهم ذواتهم ، وكيف يصلون إلى الأهداف بأنفسهم من خلال عدة إختيارات للمعلومات المفيدة في حل مشكلاتهم.
- تعريف حامد زهران(1998: 10) بأنه عملية واعية ، مستمرة،بناءة ومخططة ، تهدف إلي مساعدة الفرد وتشجيعه لكي يعرف نفسه ويفهم ذاته ويدرس شخصيته جسمياً وعقلياً وإجتماعياً وإنفعالياً، ويفهم خبراته ويحدد مشكلاته وحاجاته ويعرف الفرص المتاحة له، وأن ينمي إمكاناته في ضوء معرفته بنفسه لكي يصل إلى تحديد وتحقيق أهداف واضحة تكفل له تحقيق ذاته وتحقيق الصحة النفسية والسعادة مع نفسه ومع الآخرين في المجتمع والتوافق شخصياً وتربوياً ومهنياً وأسرياً.
- تعريف علاء الدين كفافي( 1999: 11) إن الإرشاد النفسي أحد قنوات الخدمة النفسية ، التي تقدم للأفراد والجماعات بهدف التغلب على الصعوبات التي تعترض سبيل الفرد أو الجماعة وتعوق توافقهم و إنتاجياتهم ، والإرشاد النفسي خدمة توجه إلي الأفراد والجماعات الذين مازالوا قائمين في المجال السوي ولم يتحولوا بعد إلى المجال غير السوي ولكنهم يواجهون مشكلات لها صبغة إنفعالية حادة أو تتصف بدرجة من التعقيد والشدة ، بحيث يعجزون عن مواجهة هذه المشكلات بدون عون أو مساعدة من الخارج.
- تعريف بتروفيسا Piettrofesaالمذكور في سلوى عبد الباقي(2001: 10) هو عبارة عن خدمة مهنية ، يقوم بها مرشد مقتدر مؤهل ، كما أنه يشير إلى العلاقة المهنية التي يتحمل فيها فرد معين مسئولية المساعدة التي تقدم للعميل بطريقة إيجابية.
- تعريف أبوبكر مرسي(2002: 12) هو عبارة عن العملية التي تستهدف وقاية الذات و إنمائها عبر علاقة بين مرشد معد مهنياً ويتمتع بصفات مثل الدفء والتعاطف والمرونة ، وعميل ينشد إعادة التوازن والإنسجام بين جوانب هويته الذاتية والوعي بها وبالواقع وصولاً إلى علاقة متناغمة ومنسجمة ، تحقق الإرتقاء النفسي والإجتماعي ، ويتم ذلك عبر المقابلة الإرشادية والقياس النفسي.
- تعريف مفيد حواشين( 2005: 16) أنه علاقة حيوية وهادفة تتم بين شخصين وتهدف إلى غرض معين ، حيث يقوم أحد الطرفين وهو المرشد على مساعدة الطرف الآخر وهو العميل حتى يعبر عن نفسه وسلوكياته مع الآخرين.
- تعريف صالح الداهري (2005: 11) ويعرفه على أنه مجموعة من الخدمات تهدف إلي مساعدة الفرد على أن يفهم نفسه ويفهم مشكلاته ، وأن يستغل إمكانياته وقدراته الذاتية ، وكذلك إمكانات البيئة المحيطة به ، بما يتناسب مع الأهداف التي يضعها الفرد لنفسه من ناحية ، ومع إمكانات البيئة ومطالبها من ناحية أخرى.
من خلال التعريفات السابقة لمصطلح الإرشاد والتوجيه النفسي، يتضح أن جميعها تشترك في النقاط التالية:
1/ الإرشاد النفسي عبارة عن عملية بناءة ومخطط لها .
2/ إن الإرشاد عبارة عن خدمة نفسية يشترك فيها طرفان هما المرشد ( الذي يقدم الخدمة النفسية) ومسترشد أو عميل وهو ( طالب الخدمة النفسية).
3/ الغرض الأساسي من عملية الإرشاد هو مساعدة طالب الخدمة النفسية .
4/ يمكن توجيه هذه الخدمة النفسية إلى الأفراد أو الجماعات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
5/ توجه عملية الإرشاد النفسي إلى الأسوياء ، الذين يعانون من مشكلات يعجزون عن حلها بمفردهم.
6/ تكون الخدمة النفسية من خلال معرفة الفرد لميوله و إمكاناته ، حل مشكلاته، التخطيط لمستقبله ، ليصل إلي التوافق النفسي.
ومن هذه النقاط السابقة يمكن للباحث أن يستخلص تعريفاً للإرشاد النفسي وهو " عبارة عن عملية بناءة ومخططة لتقديم خدمة نفسية للمسترشد سواء إن كانوا أفراد أو جماعات من قبل مرشد نفسي متخصص بغرض المساعدة في حل المشكلات ، التخطيط للمستقبل ، المساعدة في الإختيار وفقاً للإمكانات والميول والإتجاهات.
مصطلحا التوجيه والإرشاد:
هناك تداخل بين مصطلحي التوجيه والإرشاد، وكثير من الناس يخلط بين هذين المصطلحين، ولمعرفة الفرق بينهما، هناك بعض المجهودات لبعض العلماء والباحثين النفسيين ، فقد أوضح حامد زهران (1980: 11) أن الفرق بينهما يكون في الآتي:
1/ إن التوجيه النفسي هو مجموع خدمات نفسية أهمها عملية الإرشاد النفسي ، بمعنى أن التوجيه النفسي يتضمن الإرشاد، وهو العملية الرئيسة في خدمات التوجيه أي أنه لا يتضمن التوجيه.
2/ التوجيه النفسي عبارة ميدان يتضمن الأسس العامة والنظريات الهامة والبرامج، بينما الإرشاد يمثل الجزء العملي في ميدان التوجيه.
3/ التوجيه لايقتصر على فرد إنما عمل جماعي، بينما الإرشاد قد يشمل أفراداً فقط.
4/التوجيه يسبق عملية الإرشاد ويعد لها ويمهد لها ، بينما الإرشاد يليه ويعتبر الواجهة الختامية لبرامج التوجيه.
أما رسمية خليل (1968: 4، 5) فإنها تلخص الفرق بين التوجيه والإرشاد في النقاط التالية:
1/ إن الإرشاد النفسي في أغلب الأحيان علاقة بين المرشد النفسي وفرد واحد ، إصطلح على تسميته العميل وهو يأتي للمساعدة وليس للعلاج ، بينما التوجيه علاقة بين الموجه ومجموعة من الأفراد كتلاميذ في مدرسة مثلاً، لمساعدتهم في إكتشاف قدراتهم و إمكانياتهم وتنظيم خبراتهم.
2/ إن الإرشاد كثيراً ما يكون لاحقاً لعملية التوجيه.