انطباعات وتفسيراته لسلوك الآخر ين
ما الإدراك الاجتماعي؟
يتضمن الإدراك الاجتماعي تصوراتنا عن خصائص الأشخاص الذين نتفاعل معهم، وعن أسباب سلوكهم. وتكمن أهمية دراسته في أن:
الإدراك الاجتماعي جزء أساس من تفاعلات الأفراد في أي موقف اجتماعي. فالفرد دائما ولا إراديا يكوِّن تصورات عن خصائص الآخرين الشخصية وعن اتجاهاتهم وعن نواياهم وعن أسباب سلوكهم. ولهذه التصورات وظائف نفسية مهمة في تكيف الأفراد مع بيئتهم الاجتماعية وتعاملهم مع أحداثها.
إدراكاتنا لخصائص الآخرين وتفسيرنا لأسباب سلوكهم أو لما يقع في حياتهم من أحداث يحدد بدرجة كبيرة سلوكنا ومشاعرنا وأفكارنا عنهم.
ما الإدراك الاجتماعي؟
إن سلوك الأفراد ومشاعرهم وأفكارهم عن الآخرين تتأثر بسهولة بإدراكاتهم لخصائصهم وفهمهم لأسباب سلوكهم في جميع أنواع العلاقات الاجتماعية حميمية كانت أو رسمية أو عابرة.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
العوامل التي تؤدي إلى تشكيل الانطباع وإلى توصل الفرد لتفسيرات معينة:
المعلومات اللفظية وتكون الإنطباع:
المفردات التي تصف خصائص الأفراد الشخصية عبارة عن معلومات لفظية تعبر عن سمات مدركة؛ أي أنها جزء من تصور الفرد الذي يتكون في ذهنه الانطباع وليست بالضرورة جزءً من سمات الشخص الذي يتكون عنه الانطباع. كيف نفسر ما وجدته دراسات عديدة من أثر قوي للمعلومات اللفظية على تشكيل الانطباع؟
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
نموذج الانتظام الشكلي:
حسب هذا النموذج يتكون الانطباع نتيجة لعلاقات الصفات الشخصية التي يدركها الفرد في الآخر؛ أي أن الانطباع ناتج عن كل إدراكي أو منتظم تأويلي تنتظم فيه السمات المدركة. فتأثير كل سمة يعتمد على معناها الذي تحدده علاقتها بالسمات الأخرى. فالفرد لا يتلقى المعلومات الاجتماعية كأجزاء منفصلة وإنما كوحدات مترابطة في كل معنوي. كما أنه ليس لكل السمات نفس الأثر في تشكيل الانطباع، فهناك سمات مركزية وأخرى طرفية.
تتحدد درجة مركزية السمة بقوة وعدد ارتباطاتها ببقية السمات. فبعض السمات تثير لدى سامعها معان وسمات أكثر مما تنتجه سمات أخرى. أما عندما تكون السمات متقاربة القوة فإن ما يأتي منها أولا (أثر الأولية) يحدد المنتظم التأويلي.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
النموذج الجبري:
الانطباع حسب هذا النموذج حاصل جمع أو معدل مجموع قيم الصفات الشخصية التي يدركها الفرد في الآخر.
فلماذا يتباين الإدراك إذا، عندما تكون السمات متقاربة القوة؟ يفسر أنصار هذا النموذج ذلك بتباين الإنتباه (الانتباه الذي تحضى به السمات التي ترد في أول السلسلة مقارنة بالسمات التي ترد في آخر السلسلة).
هل للسمات التي يوصف بها الأشخاص نفس المعنى والانتظام لدى كل الأشخاص؟
لا! يرى كيلي أن لدى كل فرد بناءات شخصية تنمو من خلال خبرته. كما يرى برونو وتاغيوري أن كل فرد تتطور لديه نظريات شخصية ضمنية توجه إدراكه وانطباعاته عن الآخرين.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
الصور النمطية وتكوين الانطباع:
تأثير الصور النمطية على تشكيل انطباعاتنا عن الآخرين يمكن أن يكون في شكل تطبيق خصائص الفئة على الفرد، أو عن طريق تأثيرها على تقييمنا لسلوك معين يقوم به الفرد.
أثر الأمارات غير اللفظية على التفاعل وعلى إدراك الانفعالات:
أثر التعبيرات الوجهية الكاملة:
التعبيرات الوجهية من أهم الأمارات غير اللفظية التي يستخدمها الفرد للاستدلال على الحالة الانفعالية عند الآخرين، بغض النظر عن الوجود الفعلي لهذه الانفعالات.
تكمن أهمية الأمارات غير اللفظية في أنها تسهل التفاعل الاجتماعي.
بينت دراسات عبر ثقافية أن هناك ستة انفعالات رئيسة يمكن للأفراد من ثقافات مختلفة التعرف عليها من الصورة الكلية للوجه وهي: الحزن والسعادة والدهشة والتقزز والخوف والغضب.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
أثر الأمارات غير اللفظية على التفاعل وعلى إدراك الانفعالات (نابع):
التعرف على التعبيرات الوجهية الانفعالية عبر الثقافات لا يعني أنها آلية أو لا إرادية تماما، حيث أن التوقعات والمعايير الاجتماعية تؤثر في هذه التعبيرات. وتبين دراسات عبر ثقافية أن هناك قواعد عرض توجه التعبير عن الانفعالات بطرق مختلفة في الثقافات المختلفة. وهذا يشير إلى الوظيفة الاتصالية للتعبيرات الوجهية بجانب الوظيفة التعبيرية.
ولتركيب الوجه تأثير على التفاعل الاجتماعي حيث تبين الدراسات أن الناس يدركون صاحب الوجه الطفولي كشخص موثوق ودافئ وصادق أكثر من صاحب الوجه الناضج، لكن الوجه الطفولي يرتبط أكثر من الوجه الناضج بانطباعات الخضوع وفقدان التوكيدية. كما أن الناس يدركون الشخص ذو الوجه المعبر انفعاليا على أنه شخص واثق من نفسه ومحبوب أكثر من ضده.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
أثر الأمارات غير اللفظية على التفاعل وعلى إدراك الانفعالات (نابع):
كما أن للابتسامة تأثير إيجابي على انطباعاتنا عن الآخرين.
أثر العينين على الانطباع:
عند مقارنة العينين بمعزل عن بقية الوجه لم يتعرف المفحوصون بدقة على الانفعالات التي كان فيها صاحب الوجه إلا على انفعال الخوف. وربما يدل هذا على أن هناك تخصصا نسبيا لكل جزء من أجزاء الوجه، إلا أن التعبير الوجهي الانفعالي يعتمد على الوجه ككل تعبيري.
تبين الدراسات أن الجزء السفلي من الوجه أكثر إفصاحا عن الانفعالات من الجزء العلوي.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
أثر الأمارات غير اللفظية على التفاعل وعلى إدراك الانفعالات (تابع):
أثر طريقة النظر على الانطباع:
تبين الدراسات أن للمسافة وجنس المتفاعلين تأثير دال على مدة التحديق العيني. فكلما قلت المسافة بين المتفاعلين قل التحديق العيني. كما أن الاتصال العيني بين الجنسين أقل منه بين أفراد الجنس الواحد.
ومن الضروري بالنسبة للتحديق العيني أن نأخذ بعين الاعتبار طبيعة العلاقة بين المتفاعلين. فالتحديق العيني أمر منفر بين الغرباء وفي الأماكن العامة، إلا إذا صاحبه طلب أو استفسار أو كان إشارة إلى الرغبة في الحديث. ويزداد تحمل التحديق العيني بزيادة حميمية العلاقة بين المتفاعلين.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
أثر الحالة المزاجية على الانطباع:
بينت الدراسات أن انطباعاتنا وأحكامنا على الآخرين تتأثر بحالتنا المزاجية، بغض النظر عن خصائصهم السلوكية.
أثر الانطباع على السلوك والتفاعل الاجتماعي بين الأفراد:
الانطباعات بطبيعتها توقعية. أي أن تشكُّل الانطباع يعني توقع سلوك معين من الآخرين.
ومن النتائج المتكررة أن ما يبدأ في أذهاننا كاعتقادات وتوقعات عن الآخرين ينتهي إلى أحداث سلوكية تصدر منهم (ظاهرة التأكيد السلوكي أو النبوءات المتحققة ذاتيا). فالاعتقادات والتوقعات التي يحملها فرد عن آخر إذا كانت تنعكس في التعامل معه يمكن أن تؤثر في الآخر بطريقة تؤكد تلك الاعتقادات والتوقعات. وتظهر الأهمية الكبيرة لنتائج دراسة هذه الظاهرة عندما توجد فروق بين المتفاعلين.
العزو: التفسيرات السببية في الحياة اليومية
الفرد الإنساني كعالم غر:
رأينا فيما سبق تركيز آش وغالبية معاصريه ممن اهتموا بدراسة إدراك الشخص أو الادراك الاجتماعي على تكون الانطباع.
أما هايدر فكان يرى أن جزءً مهما من الإدراك الاجتماعي هو التفسيرات السببية التي يتوصل إليها الفرد لسلوك الآخرين ولسلوكه هو؛ أي أن تأثير إدراكاتنا لبعضنا لا يقتصر على تكون الانطباع وإنما يتضمن تفسيرات سببية لسلوكنا.
شبه هايدر الفرد الإنساني بالعالم الغر الذي يفكر في أسباب سلوك الآخرين وسلوكه هو، ويجمع معلومات متنوعة للتوصل إلى تفسيرات سببية لهذا السلوك؛ تلك التفسيرات يطلق عليها مصطلح العزو.
العزو: التفسيرات السببية في الحياة اليومية
الفرد الإنساني كعالم غر (تابع):
وبغض النظر عن صحة أو خطأ تلك التفسيرات فإنها تؤثر في ردود أفعال الفرد وقراراته وأحكامه.
كما أن تلك التفسيرات تخدم وظيفة حيوية لتعامله مع متطلبات بيئته.
ويرى هايدر أن اكتشافنا لكيفية تفسير الفرد لسلوكه ولسلوك الآخرين سيتيح لنا تفسير سلوك الفرد وقراراته التنبؤ بهما وذلك لأن تلك التفسيرات السببية تحدد فهم الفرد وتوقعاته عن الآخرين، وهذه بدورها تؤثر في سلوكه وقراراته، وفي سلوك الآخرين كذلك (ظاهرة التأكيد السلوكي!).
العزو: التفسيرات السببية في الحياة اليومية
الفرد الإنساني كعالم غر (تابع):
أهم فكرة أبرزها هايدر في تحليله للإنسان كعالم غر هي تقسيمه للعزو إلى داخلي (شخصي أو غير موقفي) وخارجي (غير شخصي أو موقفي).
ويعتبر هايدر عزو الفرد محصلة إدراكاته للقوى الخارجية أو البيئية وللقوى الداخلية. فإدراك الفرد لاستطاعة الآخر تعتمد على تقييمه لقدرته في علاقتها بخواص البيئة أو الموقف. فقد يتمتع الفرد بقدرة عالية على القيام بسلوك معين، ولكن القيام به صعب جدا مهما بلغت قدرة الفرد. والعامل الآخر هو إدراك المحاولة، ويعتمد تقييم الفرد لهذا البعد على إدراكه لوجود النية والجهد.
وتحاول البحوث العزوية وصف واكتشاف كيفية حدوث العزو بنوعيه (وتسمى هذه الأعمال مجتمعة بنظرية العزو العامة، أما الأعمال التي حاولت أن تدرس تأثير العزو في مجالات متخصصة فتسمى بالنظريات العزوية).
نظرية العزو العامة
نظرية الاستدلال المتوافق (جونز وديفز):
متى يستدل الفرد على وجود خصائص شخصية ثابتة في الفاعل تكمن وراء فعل أو سلوك معين قام به، ومتى يعزو ذلك الفعل إلى عوامل خارجية؟
تقترح نظريتهما أن العزو أو الاستدلال المتوافق (داخلي أو شخصي) يحدث عندما تتوافق الخاصية الشخصية المستدل عليها مع الفعل الذي استدل منه الفرد على هذه الخاصية (انظر ص 132).
تنطلق هذه النظرية من مسلمة أساس وهي أن أي فعل أو حدث يمثل موقفا غامضا، وأن الفرد يتعرف على معنى الفعل بملاحظة نتائجه.
نظرية العزو العامة
نظرية الاستدلال المتوافق (تابع):
هناك ثلاثة مبادئ تحكم استدلالات الفرد على الخصائص الشخصية:
مبدأ التأثيرات غير الشائعة: يقترح هذا المبدأ أن احتمال توصل الفرد إلى عزو متوافق (خاصية شخصية متوافقة مع السلوك الملاحظ) يزداد إذا أدرك الفرد أن تأثيرات هذا الفعل لا تنتج من أفعال أخرى بديلة له، أي أنها تميزه عن غيره، وبالتالي قد تدل على نية الفاعل.
نظرية العزو العامة
نظرية الاستدلال المتوافق (تابع):
مبدأ المرغوبية الاجتماعية: يقرر هذا المبدأ أن الأفعال المرغوبة اجتماعيا لا تؤدي إلى استدلالات متوافقة مع خصائص شخصية لأن الفرد يدرك أنها قد تصدر من غالبية الأفراد لأسباب مختلفة، كالضغوط الاجتماعية، وبالتالي لا تصبح خيارا فرديا للفاعل.
عوامل دافعية: يقترح جونز وديفز أن الاستدلال المتوافق (العزو الشخصي) يزداد إذا أثار الفعل انفعالات قوية في الملاحظ، أو أدرك أنه مقصود بذلك الفعل كفرد أو كعضو في فئة.
نظرية العزو العامة
تقييم نظرية الاستدلال المتوافق:
تخطئ النظرية في افتراضها أن عزو النية يسبق الاستدلال على الخصائص الشخصية للفاعل لأن هناك أفعالا صفتها الأساس افتقادها للنية أو انها غير مقصودة بذاتها، فالنظرية قد تنطبق على الأفعال التي تتضمن الاختيار لا على الأفعال كوقائع عامة
النظرية غير دقيقة في وصفها لكيفية حدوث العزو، فهي تفترض أن الفرد يبحث في نتائج الأفعال البديلة للفعل الذي يقوم به الفاعل، لكن الفرد ينتبه لما يقع لا لما لا يقع. كما أن الناس يبحثون عما يشابه السلوك وليس عما يعارضه
نظرية العزو العامة
تقييم نظرية الاستدلال المتوافق:
ليس من الضروري أن يقتصر الفرد على استخدام السلوك غير المتوقع في الاستدلال على صفات داخلية خاصة بالفاعل. فالسلوك غير المتوقع قد يكون دالا، ولكن السلوك المتوقع قد يكون دالا أيضا على وجود ميل خاص لدى الفاعل (كأن يعزو الفرد فعل شخص ما إلى خصائص شخصية في الفاعل لأنه ينتمي إلى فئة اجتماعية بناءً على الصور النمطية لهذه الفئة،
يعتبر هِوِسْتِنْ وأنتاكي هذه النظرية نظرية معيارية لا نظرية علمية لأنها تصف ما يجب أن يكون عليه الاستدلال لا ما يحدث بالفعل، ولهذا يمكن اعتبارها قاعدة منطقية قوية للاستدلال على الأخطاء العزوية.
فقدت هذه النظرية اهتمام الباحثين لأنها لا تعتبر تجسيدا صادقا لنظرية العزو.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (هارولد كيلي):
تعد إسهامات كيلي أنجح محاولة لتجسيد منحى العالم الغر في نظرية علمية، حيث صاغ نظريته لوصف كيفية توصل الفرد إلى عزو سببي لسلوك الآخرين وللأحداث البيئية ولسلوكه هو أيضا.
تتعامل هذه النظرية مع المعلومات التي يستخدمها الفرد في توصله لاستدلالات سببية، ومع ما يفعلونه بهذه المعلومات لإجابة أسئلة سببية (تبدأ بكلمة لماذا؟).
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
هذا الهدف مبني على مسلمة أساس وهي أن معرفة الفرد عن العالم المحيط به بشكل عام، ومعرفته بعالمه الاجتماعي بشكل خاص، غامضة وليست متاحة تلقائيا، بل هو الذي يبنيها. فالفرد جزء من التفاعل الاجتماعي الذي يحاول تفسير أحداثه، وليس مستقلا عنه. فالفرد هو الوسيلة السببية وهو العازي أيضا. أي أنه مشارك في صنع الأحداث ومفسر لها في الوقت نفسه.
فالعزو أولا له وظيفية حيوية تتمثل في إضفاء نوع من النظام والمتوقعية على عالم سيكون بدون ذلك غامضا وعشوائيا. ثانيا، العزو الذي يقوم به الفرد تترتب عليه نتائج تتعلق بإدراكه لذاته وانفعالاته.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
يرى كيلي أن نظرية العزو تُبنى على إسهامات رائدة في علم النفس الاجتماعي منها نظرية المقارنة الاجتماعية (فِسْتِنْغَرْ) التي تقترح أن الفرد يُقيّم آراءه ومعتقداته بمقارنتها بآراء ومعتقدات الآخرين، ونظرية إدراك الذات (بِمْ) التي تقترح أن الفرد يدرك اتجاهاته وقدراته من خلال ملاحظته لسلوكه، ونظرية شاختر التي تقترح أن المحيط الاجتماعي يؤثر في كيفية تفسير الفرد وتعرفه على انفعالاته.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
تميز نظرية كيلي بين حالتين تختلفان من حيث كم المعلومات المتاحة للفرد. ويعمل مبدأ التباين المتلازم (الذي يُلخّص كما يلي: يُعزى أثر معين إلى السبب الذي يتباين معه عبر الزمن بدرجة أكبر من غيره من الأسباب المحتملة) عندما يكون لدى الفرد معلومات من ملاحظات متعددة للحادثة التي يريد عزوها. فالتركيز هنا على التلازم الوقتي بين حادثة ما وسبب من أسبابها. ويتعامل الفرد عندما يقوم بالعزو مع ثلاثة مصادر للمعلومات: أشخاص، كيانات، وقت، وتصنف هذه المعلومات في ثلاث فئات: الاتساق، الإجماع، التمييز (وتسمى أيضا بالأبعاد العزوية في نظرية كيلي).
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
اقترح كيلي نموذج المخطوطة السببية (وهي مفهوم لدى الفرد عن طريقة تفاعل عاملين سببين أو أكثر في علاقتهما بتأثير معين) ليفسر العزو عندما لا تتوافر للفرد معلومات عن مدى تكرار الحادثة أو عندما تكون الحادثة هامشية في حياة الفرد أو عندما لا يكون لدى الفرد الوقت الكافي للقيام بجهد أكبر.
تتكون المخطوطات السببية لدى الفرد من خلال خبراته وتجاربه، وتؤدي دورا مهما في إدراك الفرد لانتظام أحداث عالمه الكثيرة والمتنوعة، وإدراكه لإمكانية التنبؤ بهذه الأحداث.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
اقترح كيلي عددا من المخطوطات السببية مثل مخطوطات الأسباب الكافية المتعددة والتي تشير إلى تعلم الفرد أن حدثا معينا يقع إذا وجد أي سبب من أسبابه، ومخطوطات الأسباب الضرورية المتعددة والتي تشير إلى أن حدثا معينا لا يقع إلا إذا وجد عدد من الأسباب معا. وتتكون لدى الأفراد مخطوطات سببية تعتمد على اللغة. فالتعبيرات اللغوية عن حالات نفسية (انفعالية/ذهنية) تؤدي غالبا إلى عزو كياني (موقفي)، بينما تؤدي التعبيرات اللغوية الفعلية إلى عزو شخصي.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
حدد كيلي مبدأين متناقضين يصفان كيفية تأثير مخطوطات الأسباب الكافية المتعددة على العزو، حيث يعمل مبدأ الطرح على التقليل من احتمال العزو الشخصي بينما يعمل مبدأ الإزادة على زيادة احتمال هذا العزو. أما عندما يفكر الفرد في سلوك يعتقد أن حدوثه مشروط بوجود عدد من الأسباب (مخطوطة أسباب ضرورية متعددة) فإنه لن يطرح أيا من هذه الأسباب. ويعتقد كيلي أن هذا النوع من المخطوطات السببية لا ينشط إلا نادرا.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
أيدت دراسات عديدة هذا النموذج حيث تبين أن الناس يبنون تفسيراتهم العزوية على المعلومات المقدمة لهم عن التمييز والإجماع والاتساق.
وجدت دراسات أخرى أن المفحوصين يستخدمون الأبعاد الثلاثة ولكن بحثهم ليس بالعمق الذي تصوره النظرية. كما أن هناك ميلا إلى البحث عن معلومات خاصة بالشخص أو بضغوط الموقف، وأن الأبعاد الثلاثة ليست على نفس الدرجة من الأهمية في التأثير على العزو. ويرى آيزر أن هذه النظرية ليست ذهنية بدرجة كافية فبعض مسلماتها تخالف ما يُعرف الآن عن عمل العمليات الذهنية في المواقف الاجتماعية التي تقتضيها وتيرة التفاعل الاجتماعي السريعة.
التحيزات العزوية: مصادر الخطأ في التفسيرات اليومية
خطأ العزو الأساس:
وهو ميل الأفراد إلى المبالغة في عزو سلوك الآخرين إلى وجود خصائص داخلية وليس إلى عوامل خارجية حتى عندما توجد ضغوط موقفية واضحة أدت إلى صدور ذلك السلوك. تفسيرات محتملة لهذا الخطأ:
تفسير بؤرة الانتباه: خطأ العزو الأساس ناتج من تباين انتباه الفرد إلى الشخص الفاعل وانتباهه لخصائص الموقف. فالشخص يكون بارزا بالنسبة للموقف.
يقترح تفسير آخر أن الناس ينسون المعلومات الموقفية أسرع من نسيانهم للمعلومات التي تتعلق بشخصيات الآخرين وميولهم.
التحيزات العزوية: مصادر الخطأ في التفسيرات اليومية
خطأ العزو الأساس (تابع):
يقترح تفسير ثالث وجود معايير مجتمعية توجه العزو إلى العوامل الداخلية بدلا من العوامل الموقفية. لكن هناك دراسات تبين أن الناس يقومون بالعزو تحت شروط معينة. كما تبين دراسات أخرى أن العزو الشخصي ليس بنفس القوة في الثقافات الجمعية مقارنة بالثقافات الفردانية. فبعض الظروف التي تؤدي إلى عزو شخصي في الثقافات الفردانية أدت إلى عزو خارجي في الثقافات الجمعية.
التحيزات العزوية: مصادر الخطأ في التفسيرات اليومية
خطأ الفاعل-الملاحظ:
ويسمى أيضا أثر الذات-الآخر، وهو ميل متكرر عند الفاعلين إلى عزو أفعالهم إلى ضغوط الموقف، بينما يميل الملاحظون إلى عزو نفس الأفعال إلى خصائص شخصية مستقرة لدى الآخر. هناك تفسيران لهذا الخطأ هما:
تفسير البؤرة الإدراكية الذي يقترح أن الآخرين يبرزون في الموقف أكثر من بروز خصائص الموقف، بينما تبرز خصائص الموقف في إدراك الفرد أكثر من بروز خصائصه هو شخصيا (انظر/ي تجربة ستورمز الذكية ص 142). أما تفسير مستوى المعلومات فيقترح أن العزو الشخصي لسلوك الآخر يقل إذا توافرت للملاحظ معلومات عن الآخر.
التحيزات العزوية: مصادر الخطأ في التفسيرات اليومية
التحيزات العزوية الذاتية:
إن التفسيرات السببية التي يقول بها الأفراد ليست معزولة عن ذواتهم، فهناك أنواع من التحيزات العزوية تنشأ لخدمة حاجات نفسية مثل حماية الذات وإعلاء الذات. هذا مع العلم أن هناك تفسيرات ذهنية لهذه التحيزات.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات:
كيف نشعر بعد مرورنا بخبرة نجاح أو فشل، وما تأثير ذلك على توقعاتنا وسلوكنا في المستقبل؟ كيف نستجيب لمن يمرون بخبرات النجاح والفشل أو يتعرضون لمشكلات حياتية مختلفة؟
يرى واينر أن استجاباتنا تعتمد على كيفية تفسيرنا (عزونا) لهذه الخبرات-أي على نوع الأسباب التي نفسر بها حدوث الوقائع التي نواجهها أو يواجهها الآخرون.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
الأبعاد العزوية في نظرية واينر:
هي أبعاد تصف العلاقة بين الأسباب العديدة التي يدركها الأفراد لكل حدث من أحداث الحياة الاجتماعية. وهي التي تحدد المعاني والدلالات النفسية لكل حدث. كشفت دراسات واينر عن 3 أبعاد هي: مصدر (وجهة) الضبط (داخلي [قدرة؛ جهد] - خارجي [حظ؛ صعوبة المهمة])، الاستقرار (مستقرة [قدرة] - متغيرة [جهد])، إمكانية التحكم (يمكن التحكم به [جهد] - لا يمكن التحكم به [قدرة]).
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
عزو النجاح والفشل:
كشفت الدراسات عن أنماط معينة لعزو خبرات النجاح والفشل، وهذا يعني أن هذه العملية ليست عشوائية.
أكثر الأسباب التي يذكرها الناس لنجاحهم أو فشلهم هي: القدرة، الجهد، الحظ أو الصدفة، صعوبة المهمة.
كما وجدت الدراسات ميلا عاما لدى الأفراد إلى عزو نجاحهم إلى أسباب داخلية ومستقرة، وعزو فشلهم إلى متغيرات خارجية. كما أنهم يضخمون من أهمية الأسباب الداخلية لنجاحهم ويقللون من أهميتها في نجاح الآخرين، والعكس بالنسبة لخبرات الفشل. لماذا يحدث هذا؟
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
هناك تفسيران: التفسير الذهني للتحيز العزوي الذي يقترح مؤيدوه أن ما يحدث يمكن تفسيره بعملية معالجة المعلومات. فالناس يجتهدون للنجاح ويتوقعونه أكثر من الفشل. وهم يبنون توقعاتهم هذه على اساس من إدراكهم لقدراتهم. وعندما ينجحون تكون هذه التوقعات هي البارزة في أذهانهم كتفسيرات لهذا النجاح. من جانب آخر، من السهل على الفرد أن يركز انتباهه على النتائج الإيجابية لاستجاباته أكثر من تركيزه على نتائجها السلبية.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
أما التفسير الدافعي فيقترح أن التحيز العزوي يرفع من تقدير المرء لذاته، ويساعد على إبراز صورة إيجابية لذاته عند الآخرين، ويقي أو يخفف من الشعور بالذنب والخجل والتقصير. هذه التفسيرات تعتمد على الافتراضات التالية: الفرد الإنساني لديه حاجة أصيلة لتقدير ذاته إيجابيا (تقدير الذات)، وهذا التقدير لا يحدث إلا في محيط اجتماعي (تقديم الذات)، وأن الشعور بالذنب والعار والتقصير (حماية الذات) خبرات منفرة يسعى الفرد إلى تجنبها.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
كلا التفسيران جدير بالاعتبار، ولكن التوجه العام يمكن تلخيصه كما يلي: 1) الدافعية نفسها ليست عملية مستقلة عن العمليات الذهنية، فالأهداف عبارة عن بناءات ذهنية. 2) هناك تفاعل بين الجوانب الذهنية والدافعية، فالتوقعات (ذهن) قد تؤدي إلى السعي وراء أهداف معينة (دافعية)، كما أن أهدافنا ورغباتنا قد تلون توقعاتنا. 3) والدافعية تحدث أثرها عن طريق تدخلها في المعالجة المعلوماتية كالمعالجة المعلوماتية المدفوعة. فالدوافع الاجتماعية المتعلقة بتقدير الذات وتقديم الذات قد تؤثر على تذكر الفرد لمعلومات معينة تدعم أحكامه المتحيزة.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والتوقعات المستقبلية والدافعية:
لنوع عزو خبرات النجاح والفشل أثر على توقعات الفرد عن أدائه في المستقبل. فإذا عزى الفرد فشله إلى عامل داخلي مستقر فسيؤدي إلى توقعات متشائمة عن أدائه في المستقبل، وسيزداد ذلك الشعور إذا كان الفرد يعتقد بأن ذلك العامل لا يمكن التحكم به، والعكس صحيح. وقد استخدمت هذه القاعدة في رفع مستوى دافعية الطلاب وأدائهم.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والاضطرابات العاطفية:
تقترح نظرية واينر أن بعد إمكانية التحكم مهم جدا في تحديد العلاقة بين خبرات النجاح أو الفشل والاستجابات العاطفية الناتجة عن هذه الخبرات.
فعزو الفرد فشله لمتغير داخلي لا يمكن التحكم به سيخفف من حدة الانفعالات السلبية مقارنة بعزو فشله إلى عامل داخلي يمكن التحكم به. كذلك فعزونا لسلوك الآخرين السلبي نحونا إلى أسباب داخلية سيؤدي إلى استجابات غضب بينما يؤدي نفس السلوك إلى التعاطف معهم إذا عزوناه إلى عوامل خارجة عن إرادتهم. كما أن المشكلات التي نعزوها إلى أسباب وراثية تثير أقل درجة من اللوم والغضب وأكبر درجة من التعاطف بعكس المشكلات التي يدركها الفرد على أنها نتيجة لسلوك الفرد.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والاضطرابات العاطفية (تابع):
يدرك الناس نوعا من العلاقة بين ما يفعلونه وما يحدث لهم في حياتهم اليومية.
هذه العلاقة تعطيهم شعورا بالتحكم، وتمكنهم من التعامل إيجابيا مع متطلبات حياتهم.
لكن ماذا لو اعتقد المرء أن ما يحدث له لا يرتبط إطلاقا بما يفعله؟ ماذا لو اعتقد أن الأحداث التي تتعلق بحياته لا تتأثر بما يفعله؟
سيشعر الفرد بنوع من العجز في مواجهة متطلبات حياته، ويتأثر بالتالي سلوكه الفعلي ونشاطه وإقباله على الحياة بشكل عام، وهذا ما أطلق عليه ’العجز المتعلم ذاتيا‘، وهو الذي ينشأ منه مجموع الصفات الانفعالية والسلوكية والذهنية التي تميز حالة الاكتئاب.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والاضطرابات العاطفية (تابع):
تأسست نظرية العجز المتعلم ذاتيا على دراسات سيلجمان في التعلم الحيواني التي بينت أن الحيلولة بين الحيوان والهروب من صدمة كهربائية تؤدي إلى عدم محاولته تجنبها في المستقبل. وحاولت دراسات أخرى تطبيق تلك الأفكار على المشاكل الانفعالية التي يخبرها الإنسان كالاكتئاب، لكن تبين أن هناك فرقا نوعيا وكميا بين ما يحدث مع الحيوان وما يحدث مع الإنسان في مواجهة الظروف الحياتية الصعبة.
أعيدت صياغة نظرية العجز المتعلم ذاتيا ضمن إطار نظرية العزو ولفتت انتباه الباحثين وأثارت العديد من الدراسات النظرية والتطبيقية.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والاضطرابات العاطفية (تابع):
تقدم نظرية العزو في الاكتئاب الحلقة المفقودة بين الضغوط من جهة، والاضطرابات الانفعالية والجسمية من جهة أخرى. فتأثيرات المواقف العصيبة التي يعجز الفرد عن التحكم بها، حسب هذه النظرية، تعتمد على كيفية عزو الفرد لخبرة العجز وليس على مجرد خبرته بالعجز. فتعلم الفرد أن النتائج لا يمكن التحكم بها ينتج عنه ثلاثة أنواع من القصور: دافعي وذهني وانفعالي.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والاضطرابات العاطفية (تابع):
تقترح النظرية أن مجرد التعرض للشعور بعدم إمكانية التحكم غير كاف لجعل الكائن عاجزا، وإنما يجب أن ينشأ لديه توقع (ذهن) بأن النتائج لا يمكن التحكم بها، وعندها سيظهر العجز. ويتكون القصور الدافعي من بدء متأخر للاستجابات الإرادية، وينظر إليه على أنه تبعة من تبعات توقع عدم إمكانية التحكم. وتعلم الكائن أن نتيجة ما لا يمكن التحكم بها ينشأ عنه قصور ذهني لأن هذا التعلم يُصَعِّب عليه لا حقا تعلم أن للاستجابات نتائج. والعاطفة المكتئبة تنشأ من تعلم الكائن التوقع بأن النتائج لا يمكن التحكم بها.
ما الإدراك الاجتماعي؟
يتضمن الإدراك الاجتماعي تصوراتنا عن خصائص الأشخاص الذين نتفاعل معهم، وعن أسباب سلوكهم. وتكمن أهمية دراسته في أن:
الإدراك الاجتماعي جزء أساس من تفاعلات الأفراد في أي موقف اجتماعي. فالفرد دائما ولا إراديا يكوِّن تصورات عن خصائص الآخرين الشخصية وعن اتجاهاتهم وعن نواياهم وعن أسباب سلوكهم. ولهذه التصورات وظائف نفسية مهمة في تكيف الأفراد مع بيئتهم الاجتماعية وتعاملهم مع أحداثها.
إدراكاتنا لخصائص الآخرين وتفسيرنا لأسباب سلوكهم أو لما يقع في حياتهم من أحداث يحدد بدرجة كبيرة سلوكنا ومشاعرنا وأفكارنا عنهم.
ما الإدراك الاجتماعي؟
إن سلوك الأفراد ومشاعرهم وأفكارهم عن الآخرين تتأثر بسهولة بإدراكاتهم لخصائصهم وفهمهم لأسباب سلوكهم في جميع أنواع العلاقات الاجتماعية حميمية كانت أو رسمية أو عابرة.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
العوامل التي تؤدي إلى تشكيل الانطباع وإلى توصل الفرد لتفسيرات معينة:
المعلومات اللفظية وتكون الإنطباع:
المفردات التي تصف خصائص الأفراد الشخصية عبارة عن معلومات لفظية تعبر عن سمات مدركة؛ أي أنها جزء من تصور الفرد الذي يتكون في ذهنه الانطباع وليست بالضرورة جزءً من سمات الشخص الذي يتكون عنه الانطباع. كيف نفسر ما وجدته دراسات عديدة من أثر قوي للمعلومات اللفظية على تشكيل الانطباع؟
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
نموذج الانتظام الشكلي:
حسب هذا النموذج يتكون الانطباع نتيجة لعلاقات الصفات الشخصية التي يدركها الفرد في الآخر؛ أي أن الانطباع ناتج عن كل إدراكي أو منتظم تأويلي تنتظم فيه السمات المدركة. فتأثير كل سمة يعتمد على معناها الذي تحدده علاقتها بالسمات الأخرى. فالفرد لا يتلقى المعلومات الاجتماعية كأجزاء منفصلة وإنما كوحدات مترابطة في كل معنوي. كما أنه ليس لكل السمات نفس الأثر في تشكيل الانطباع، فهناك سمات مركزية وأخرى طرفية.
تتحدد درجة مركزية السمة بقوة وعدد ارتباطاتها ببقية السمات. فبعض السمات تثير لدى سامعها معان وسمات أكثر مما تنتجه سمات أخرى. أما عندما تكون السمات متقاربة القوة فإن ما يأتي منها أولا (أثر الأولية) يحدد المنتظم التأويلي.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
النموذج الجبري:
الانطباع حسب هذا النموذج حاصل جمع أو معدل مجموع قيم الصفات الشخصية التي يدركها الفرد في الآخر.
فلماذا يتباين الإدراك إذا، عندما تكون السمات متقاربة القوة؟ يفسر أنصار هذا النموذج ذلك بتباين الإنتباه (الانتباه الذي تحضى به السمات التي ترد في أول السلسلة مقارنة بالسمات التي ترد في آخر السلسلة).
هل للسمات التي يوصف بها الأشخاص نفس المعنى والانتظام لدى كل الأشخاص؟
لا! يرى كيلي أن لدى كل فرد بناءات شخصية تنمو من خلال خبرته. كما يرى برونو وتاغيوري أن كل فرد تتطور لديه نظريات شخصية ضمنية توجه إدراكه وانطباعاته عن الآخرين.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
الصور النمطية وتكوين الانطباع:
تأثير الصور النمطية على تشكيل انطباعاتنا عن الآخرين يمكن أن يكون في شكل تطبيق خصائص الفئة على الفرد، أو عن طريق تأثيرها على تقييمنا لسلوك معين يقوم به الفرد.
أثر الأمارات غير اللفظية على التفاعل وعلى إدراك الانفعالات:
أثر التعبيرات الوجهية الكاملة:
التعبيرات الوجهية من أهم الأمارات غير اللفظية التي يستخدمها الفرد للاستدلال على الحالة الانفعالية عند الآخرين، بغض النظر عن الوجود الفعلي لهذه الانفعالات.
تكمن أهمية الأمارات غير اللفظية في أنها تسهل التفاعل الاجتماعي.
بينت دراسات عبر ثقافية أن هناك ستة انفعالات رئيسة يمكن للأفراد من ثقافات مختلفة التعرف عليها من الصورة الكلية للوجه وهي: الحزن والسعادة والدهشة والتقزز والخوف والغضب.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
أثر الأمارات غير اللفظية على التفاعل وعلى إدراك الانفعالات (نابع):
التعرف على التعبيرات الوجهية الانفعالية عبر الثقافات لا يعني أنها آلية أو لا إرادية تماما، حيث أن التوقعات والمعايير الاجتماعية تؤثر في هذه التعبيرات. وتبين دراسات عبر ثقافية أن هناك قواعد عرض توجه التعبير عن الانفعالات بطرق مختلفة في الثقافات المختلفة. وهذا يشير إلى الوظيفة الاتصالية للتعبيرات الوجهية بجانب الوظيفة التعبيرية.
ولتركيب الوجه تأثير على التفاعل الاجتماعي حيث تبين الدراسات أن الناس يدركون صاحب الوجه الطفولي كشخص موثوق ودافئ وصادق أكثر من صاحب الوجه الناضج، لكن الوجه الطفولي يرتبط أكثر من الوجه الناضج بانطباعات الخضوع وفقدان التوكيدية. كما أن الناس يدركون الشخص ذو الوجه المعبر انفعاليا على أنه شخص واثق من نفسه ومحبوب أكثر من ضده.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
أثر الأمارات غير اللفظية على التفاعل وعلى إدراك الانفعالات (نابع):
كما أن للابتسامة تأثير إيجابي على انطباعاتنا عن الآخرين.
أثر العينين على الانطباع:
عند مقارنة العينين بمعزل عن بقية الوجه لم يتعرف المفحوصون بدقة على الانفعالات التي كان فيها صاحب الوجه إلا على انفعال الخوف. وربما يدل هذا على أن هناك تخصصا نسبيا لكل جزء من أجزاء الوجه، إلا أن التعبير الوجهي الانفعالي يعتمد على الوجه ككل تعبيري.
تبين الدراسات أن الجزء السفلي من الوجه أكثر إفصاحا عن الانفعالات من الجزء العلوي.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
أثر الأمارات غير اللفظية على التفاعل وعلى إدراك الانفعالات (تابع):
أثر طريقة النظر على الانطباع:
تبين الدراسات أن للمسافة وجنس المتفاعلين تأثير دال على مدة التحديق العيني. فكلما قلت المسافة بين المتفاعلين قل التحديق العيني. كما أن الاتصال العيني بين الجنسين أقل منه بين أفراد الجنس الواحد.
ومن الضروري بالنسبة للتحديق العيني أن نأخذ بعين الاعتبار طبيعة العلاقة بين المتفاعلين. فالتحديق العيني أمر منفر بين الغرباء وفي الأماكن العامة، إلا إذا صاحبه طلب أو استفسار أو كان إشارة إلى الرغبة في الحديث. ويزداد تحمل التحديق العيني بزيادة حميمية العلاقة بين المتفاعلين.
الانطباع: تكونه وأثره على السلوك الاجتماعي
أثر الحالة المزاجية على الانطباع:
بينت الدراسات أن انطباعاتنا وأحكامنا على الآخرين تتأثر بحالتنا المزاجية، بغض النظر عن خصائصهم السلوكية.
أثر الانطباع على السلوك والتفاعل الاجتماعي بين الأفراد:
الانطباعات بطبيعتها توقعية. أي أن تشكُّل الانطباع يعني توقع سلوك معين من الآخرين.
ومن النتائج المتكررة أن ما يبدأ في أذهاننا كاعتقادات وتوقعات عن الآخرين ينتهي إلى أحداث سلوكية تصدر منهم (ظاهرة التأكيد السلوكي أو النبوءات المتحققة ذاتيا). فالاعتقادات والتوقعات التي يحملها فرد عن آخر إذا كانت تنعكس في التعامل معه يمكن أن تؤثر في الآخر بطريقة تؤكد تلك الاعتقادات والتوقعات. وتظهر الأهمية الكبيرة لنتائج دراسة هذه الظاهرة عندما توجد فروق بين المتفاعلين.
العزو: التفسيرات السببية في الحياة اليومية
الفرد الإنساني كعالم غر:
رأينا فيما سبق تركيز آش وغالبية معاصريه ممن اهتموا بدراسة إدراك الشخص أو الادراك الاجتماعي على تكون الانطباع.
أما هايدر فكان يرى أن جزءً مهما من الإدراك الاجتماعي هو التفسيرات السببية التي يتوصل إليها الفرد لسلوك الآخرين ولسلوكه هو؛ أي أن تأثير إدراكاتنا لبعضنا لا يقتصر على تكون الانطباع وإنما يتضمن تفسيرات سببية لسلوكنا.
شبه هايدر الفرد الإنساني بالعالم الغر الذي يفكر في أسباب سلوك الآخرين وسلوكه هو، ويجمع معلومات متنوعة للتوصل إلى تفسيرات سببية لهذا السلوك؛ تلك التفسيرات يطلق عليها مصطلح العزو.
العزو: التفسيرات السببية في الحياة اليومية
الفرد الإنساني كعالم غر (تابع):
وبغض النظر عن صحة أو خطأ تلك التفسيرات فإنها تؤثر في ردود أفعال الفرد وقراراته وأحكامه.
كما أن تلك التفسيرات تخدم وظيفة حيوية لتعامله مع متطلبات بيئته.
ويرى هايدر أن اكتشافنا لكيفية تفسير الفرد لسلوكه ولسلوك الآخرين سيتيح لنا تفسير سلوك الفرد وقراراته التنبؤ بهما وذلك لأن تلك التفسيرات السببية تحدد فهم الفرد وتوقعاته عن الآخرين، وهذه بدورها تؤثر في سلوكه وقراراته، وفي سلوك الآخرين كذلك (ظاهرة التأكيد السلوكي!).
العزو: التفسيرات السببية في الحياة اليومية
الفرد الإنساني كعالم غر (تابع):
أهم فكرة أبرزها هايدر في تحليله للإنسان كعالم غر هي تقسيمه للعزو إلى داخلي (شخصي أو غير موقفي) وخارجي (غير شخصي أو موقفي).
ويعتبر هايدر عزو الفرد محصلة إدراكاته للقوى الخارجية أو البيئية وللقوى الداخلية. فإدراك الفرد لاستطاعة الآخر تعتمد على تقييمه لقدرته في علاقتها بخواص البيئة أو الموقف. فقد يتمتع الفرد بقدرة عالية على القيام بسلوك معين، ولكن القيام به صعب جدا مهما بلغت قدرة الفرد. والعامل الآخر هو إدراك المحاولة، ويعتمد تقييم الفرد لهذا البعد على إدراكه لوجود النية والجهد.
وتحاول البحوث العزوية وصف واكتشاف كيفية حدوث العزو بنوعيه (وتسمى هذه الأعمال مجتمعة بنظرية العزو العامة، أما الأعمال التي حاولت أن تدرس تأثير العزو في مجالات متخصصة فتسمى بالنظريات العزوية).
نظرية العزو العامة
نظرية الاستدلال المتوافق (جونز وديفز):
متى يستدل الفرد على وجود خصائص شخصية ثابتة في الفاعل تكمن وراء فعل أو سلوك معين قام به، ومتى يعزو ذلك الفعل إلى عوامل خارجية؟
تقترح نظريتهما أن العزو أو الاستدلال المتوافق (داخلي أو شخصي) يحدث عندما تتوافق الخاصية الشخصية المستدل عليها مع الفعل الذي استدل منه الفرد على هذه الخاصية (انظر ص 132).
تنطلق هذه النظرية من مسلمة أساس وهي أن أي فعل أو حدث يمثل موقفا غامضا، وأن الفرد يتعرف على معنى الفعل بملاحظة نتائجه.
نظرية العزو العامة
نظرية الاستدلال المتوافق (تابع):
هناك ثلاثة مبادئ تحكم استدلالات الفرد على الخصائص الشخصية:
مبدأ التأثيرات غير الشائعة: يقترح هذا المبدأ أن احتمال توصل الفرد إلى عزو متوافق (خاصية شخصية متوافقة مع السلوك الملاحظ) يزداد إذا أدرك الفرد أن تأثيرات هذا الفعل لا تنتج من أفعال أخرى بديلة له، أي أنها تميزه عن غيره، وبالتالي قد تدل على نية الفاعل.
نظرية العزو العامة
نظرية الاستدلال المتوافق (تابع):
مبدأ المرغوبية الاجتماعية: يقرر هذا المبدأ أن الأفعال المرغوبة اجتماعيا لا تؤدي إلى استدلالات متوافقة مع خصائص شخصية لأن الفرد يدرك أنها قد تصدر من غالبية الأفراد لأسباب مختلفة، كالضغوط الاجتماعية، وبالتالي لا تصبح خيارا فرديا للفاعل.
عوامل دافعية: يقترح جونز وديفز أن الاستدلال المتوافق (العزو الشخصي) يزداد إذا أثار الفعل انفعالات قوية في الملاحظ، أو أدرك أنه مقصود بذلك الفعل كفرد أو كعضو في فئة.
نظرية العزو العامة
تقييم نظرية الاستدلال المتوافق:
تخطئ النظرية في افتراضها أن عزو النية يسبق الاستدلال على الخصائص الشخصية للفاعل لأن هناك أفعالا صفتها الأساس افتقادها للنية أو انها غير مقصودة بذاتها، فالنظرية قد تنطبق على الأفعال التي تتضمن الاختيار لا على الأفعال كوقائع عامة
النظرية غير دقيقة في وصفها لكيفية حدوث العزو، فهي تفترض أن الفرد يبحث في نتائج الأفعال البديلة للفعل الذي يقوم به الفاعل، لكن الفرد ينتبه لما يقع لا لما لا يقع. كما أن الناس يبحثون عما يشابه السلوك وليس عما يعارضه
نظرية العزو العامة
تقييم نظرية الاستدلال المتوافق:
ليس من الضروري أن يقتصر الفرد على استخدام السلوك غير المتوقع في الاستدلال على صفات داخلية خاصة بالفاعل. فالسلوك غير المتوقع قد يكون دالا، ولكن السلوك المتوقع قد يكون دالا أيضا على وجود ميل خاص لدى الفاعل (كأن يعزو الفرد فعل شخص ما إلى خصائص شخصية في الفاعل لأنه ينتمي إلى فئة اجتماعية بناءً على الصور النمطية لهذه الفئة،
يعتبر هِوِسْتِنْ وأنتاكي هذه النظرية نظرية معيارية لا نظرية علمية لأنها تصف ما يجب أن يكون عليه الاستدلال لا ما يحدث بالفعل، ولهذا يمكن اعتبارها قاعدة منطقية قوية للاستدلال على الأخطاء العزوية.
فقدت هذه النظرية اهتمام الباحثين لأنها لا تعتبر تجسيدا صادقا لنظرية العزو.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (هارولد كيلي):
تعد إسهامات كيلي أنجح محاولة لتجسيد منحى العالم الغر في نظرية علمية، حيث صاغ نظريته لوصف كيفية توصل الفرد إلى عزو سببي لسلوك الآخرين وللأحداث البيئية ولسلوكه هو أيضا.
تتعامل هذه النظرية مع المعلومات التي يستخدمها الفرد في توصله لاستدلالات سببية، ومع ما يفعلونه بهذه المعلومات لإجابة أسئلة سببية (تبدأ بكلمة لماذا؟).
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
هذا الهدف مبني على مسلمة أساس وهي أن معرفة الفرد عن العالم المحيط به بشكل عام، ومعرفته بعالمه الاجتماعي بشكل خاص، غامضة وليست متاحة تلقائيا، بل هو الذي يبنيها. فالفرد جزء من التفاعل الاجتماعي الذي يحاول تفسير أحداثه، وليس مستقلا عنه. فالفرد هو الوسيلة السببية وهو العازي أيضا. أي أنه مشارك في صنع الأحداث ومفسر لها في الوقت نفسه.
فالعزو أولا له وظيفية حيوية تتمثل في إضفاء نوع من النظام والمتوقعية على عالم سيكون بدون ذلك غامضا وعشوائيا. ثانيا، العزو الذي يقوم به الفرد تترتب عليه نتائج تتعلق بإدراكه لذاته وانفعالاته.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
يرى كيلي أن نظرية العزو تُبنى على إسهامات رائدة في علم النفس الاجتماعي منها نظرية المقارنة الاجتماعية (فِسْتِنْغَرْ) التي تقترح أن الفرد يُقيّم آراءه ومعتقداته بمقارنتها بآراء ومعتقدات الآخرين، ونظرية إدراك الذات (بِمْ) التي تقترح أن الفرد يدرك اتجاهاته وقدراته من خلال ملاحظته لسلوكه، ونظرية شاختر التي تقترح أن المحيط الاجتماعي يؤثر في كيفية تفسير الفرد وتعرفه على انفعالاته.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
تميز نظرية كيلي بين حالتين تختلفان من حيث كم المعلومات المتاحة للفرد. ويعمل مبدأ التباين المتلازم (الذي يُلخّص كما يلي: يُعزى أثر معين إلى السبب الذي يتباين معه عبر الزمن بدرجة أكبر من غيره من الأسباب المحتملة) عندما يكون لدى الفرد معلومات من ملاحظات متعددة للحادثة التي يريد عزوها. فالتركيز هنا على التلازم الوقتي بين حادثة ما وسبب من أسبابها. ويتعامل الفرد عندما يقوم بالعزو مع ثلاثة مصادر للمعلومات: أشخاص، كيانات، وقت، وتصنف هذه المعلومات في ثلاث فئات: الاتساق، الإجماع، التمييز (وتسمى أيضا بالأبعاد العزوية في نظرية كيلي).
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
اقترح كيلي نموذج المخطوطة السببية (وهي مفهوم لدى الفرد عن طريقة تفاعل عاملين سببين أو أكثر في علاقتهما بتأثير معين) ليفسر العزو عندما لا تتوافر للفرد معلومات عن مدى تكرار الحادثة أو عندما تكون الحادثة هامشية في حياة الفرد أو عندما لا يكون لدى الفرد الوقت الكافي للقيام بجهد أكبر.
تتكون المخطوطات السببية لدى الفرد من خلال خبراته وتجاربه، وتؤدي دورا مهما في إدراك الفرد لانتظام أحداث عالمه الكثيرة والمتنوعة، وإدراكه لإمكانية التنبؤ بهذه الأحداث.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
اقترح كيلي عددا من المخطوطات السببية مثل مخطوطات الأسباب الكافية المتعددة والتي تشير إلى تعلم الفرد أن حدثا معينا يقع إذا وجد أي سبب من أسبابه، ومخطوطات الأسباب الضرورية المتعددة والتي تشير إلى أن حدثا معينا لا يقع إلا إذا وجد عدد من الأسباب معا. وتتكون لدى الأفراد مخطوطات سببية تعتمد على اللغة. فالتعبيرات اللغوية عن حالات نفسية (انفعالية/ذهنية) تؤدي غالبا إلى عزو كياني (موقفي)، بينما تؤدي التعبيرات اللغوية الفعلية إلى عزو شخصي.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
حدد كيلي مبدأين متناقضين يصفان كيفية تأثير مخطوطات الأسباب الكافية المتعددة على العزو، حيث يعمل مبدأ الطرح على التقليل من احتمال العزو الشخصي بينما يعمل مبدأ الإزادة على زيادة احتمال هذا العزو. أما عندما يفكر الفرد في سلوك يعتقد أن حدوثه مشروط بوجود عدد من الأسباب (مخطوطة أسباب ضرورية متعددة) فإنه لن يطرح أيا من هذه الأسباب. ويعتقد كيلي أن هذا النوع من المخطوطات السببية لا ينشط إلا نادرا.
نظرية العزو العامة
نظرية التباين المتلازم (تابع):
أيدت دراسات عديدة هذا النموذج حيث تبين أن الناس يبنون تفسيراتهم العزوية على المعلومات المقدمة لهم عن التمييز والإجماع والاتساق.
وجدت دراسات أخرى أن المفحوصين يستخدمون الأبعاد الثلاثة ولكن بحثهم ليس بالعمق الذي تصوره النظرية. كما أن هناك ميلا إلى البحث عن معلومات خاصة بالشخص أو بضغوط الموقف، وأن الأبعاد الثلاثة ليست على نفس الدرجة من الأهمية في التأثير على العزو. ويرى آيزر أن هذه النظرية ليست ذهنية بدرجة كافية فبعض مسلماتها تخالف ما يُعرف الآن عن عمل العمليات الذهنية في المواقف الاجتماعية التي تقتضيها وتيرة التفاعل الاجتماعي السريعة.
التحيزات العزوية: مصادر الخطأ في التفسيرات اليومية
خطأ العزو الأساس:
وهو ميل الأفراد إلى المبالغة في عزو سلوك الآخرين إلى وجود خصائص داخلية وليس إلى عوامل خارجية حتى عندما توجد ضغوط موقفية واضحة أدت إلى صدور ذلك السلوك. تفسيرات محتملة لهذا الخطأ:
تفسير بؤرة الانتباه: خطأ العزو الأساس ناتج من تباين انتباه الفرد إلى الشخص الفاعل وانتباهه لخصائص الموقف. فالشخص يكون بارزا بالنسبة للموقف.
يقترح تفسير آخر أن الناس ينسون المعلومات الموقفية أسرع من نسيانهم للمعلومات التي تتعلق بشخصيات الآخرين وميولهم.
التحيزات العزوية: مصادر الخطأ في التفسيرات اليومية
خطأ العزو الأساس (تابع):
يقترح تفسير ثالث وجود معايير مجتمعية توجه العزو إلى العوامل الداخلية بدلا من العوامل الموقفية. لكن هناك دراسات تبين أن الناس يقومون بالعزو تحت شروط معينة. كما تبين دراسات أخرى أن العزو الشخصي ليس بنفس القوة في الثقافات الجمعية مقارنة بالثقافات الفردانية. فبعض الظروف التي تؤدي إلى عزو شخصي في الثقافات الفردانية أدت إلى عزو خارجي في الثقافات الجمعية.
التحيزات العزوية: مصادر الخطأ في التفسيرات اليومية
خطأ الفاعل-الملاحظ:
ويسمى أيضا أثر الذات-الآخر، وهو ميل متكرر عند الفاعلين إلى عزو أفعالهم إلى ضغوط الموقف، بينما يميل الملاحظون إلى عزو نفس الأفعال إلى خصائص شخصية مستقرة لدى الآخر. هناك تفسيران لهذا الخطأ هما:
تفسير البؤرة الإدراكية الذي يقترح أن الآخرين يبرزون في الموقف أكثر من بروز خصائص الموقف، بينما تبرز خصائص الموقف في إدراك الفرد أكثر من بروز خصائصه هو شخصيا (انظر/ي تجربة ستورمز الذكية ص 142). أما تفسير مستوى المعلومات فيقترح أن العزو الشخصي لسلوك الآخر يقل إذا توافرت للملاحظ معلومات عن الآخر.
التحيزات العزوية: مصادر الخطأ في التفسيرات اليومية
التحيزات العزوية الذاتية:
إن التفسيرات السببية التي يقول بها الأفراد ليست معزولة عن ذواتهم، فهناك أنواع من التحيزات العزوية تنشأ لخدمة حاجات نفسية مثل حماية الذات وإعلاء الذات. هذا مع العلم أن هناك تفسيرات ذهنية لهذه التحيزات.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات:
كيف نشعر بعد مرورنا بخبرة نجاح أو فشل، وما تأثير ذلك على توقعاتنا وسلوكنا في المستقبل؟ كيف نستجيب لمن يمرون بخبرات النجاح والفشل أو يتعرضون لمشكلات حياتية مختلفة؟
يرى واينر أن استجاباتنا تعتمد على كيفية تفسيرنا (عزونا) لهذه الخبرات-أي على نوع الأسباب التي نفسر بها حدوث الوقائع التي نواجهها أو يواجهها الآخرون.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
الأبعاد العزوية في نظرية واينر:
هي أبعاد تصف العلاقة بين الأسباب العديدة التي يدركها الأفراد لكل حدث من أحداث الحياة الاجتماعية. وهي التي تحدد المعاني والدلالات النفسية لكل حدث. كشفت دراسات واينر عن 3 أبعاد هي: مصدر (وجهة) الضبط (داخلي [قدرة؛ جهد] - خارجي [حظ؛ صعوبة المهمة])، الاستقرار (مستقرة [قدرة] - متغيرة [جهد])، إمكانية التحكم (يمكن التحكم به [جهد] - لا يمكن التحكم به [قدرة]).
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
عزو النجاح والفشل:
كشفت الدراسات عن أنماط معينة لعزو خبرات النجاح والفشل، وهذا يعني أن هذه العملية ليست عشوائية.
أكثر الأسباب التي يذكرها الناس لنجاحهم أو فشلهم هي: القدرة، الجهد، الحظ أو الصدفة، صعوبة المهمة.
كما وجدت الدراسات ميلا عاما لدى الأفراد إلى عزو نجاحهم إلى أسباب داخلية ومستقرة، وعزو فشلهم إلى متغيرات خارجية. كما أنهم يضخمون من أهمية الأسباب الداخلية لنجاحهم ويقللون من أهميتها في نجاح الآخرين، والعكس بالنسبة لخبرات الفشل. لماذا يحدث هذا؟
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
هناك تفسيران: التفسير الذهني للتحيز العزوي الذي يقترح مؤيدوه أن ما يحدث يمكن تفسيره بعملية معالجة المعلومات. فالناس يجتهدون للنجاح ويتوقعونه أكثر من الفشل. وهم يبنون توقعاتهم هذه على اساس من إدراكهم لقدراتهم. وعندما ينجحون تكون هذه التوقعات هي البارزة في أذهانهم كتفسيرات لهذا النجاح. من جانب آخر، من السهل على الفرد أن يركز انتباهه على النتائج الإيجابية لاستجاباته أكثر من تركيزه على نتائجها السلبية.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
أما التفسير الدافعي فيقترح أن التحيز العزوي يرفع من تقدير المرء لذاته، ويساعد على إبراز صورة إيجابية لذاته عند الآخرين، ويقي أو يخفف من الشعور بالذنب والخجل والتقصير. هذه التفسيرات تعتمد على الافتراضات التالية: الفرد الإنساني لديه حاجة أصيلة لتقدير ذاته إيجابيا (تقدير الذات)، وهذا التقدير لا يحدث إلا في محيط اجتماعي (تقديم الذات)، وأن الشعور بالذنب والعار والتقصير (حماية الذات) خبرات منفرة يسعى الفرد إلى تجنبها.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
كلا التفسيران جدير بالاعتبار، ولكن التوجه العام يمكن تلخيصه كما يلي: 1) الدافعية نفسها ليست عملية مستقلة عن العمليات الذهنية، فالأهداف عبارة عن بناءات ذهنية. 2) هناك تفاعل بين الجوانب الذهنية والدافعية، فالتوقعات (ذهن) قد تؤدي إلى السعي وراء أهداف معينة (دافعية)، كما أن أهدافنا ورغباتنا قد تلون توقعاتنا. 3) والدافعية تحدث أثرها عن طريق تدخلها في المعالجة المعلوماتية كالمعالجة المعلوماتية المدفوعة. فالدوافع الاجتماعية المتعلقة بتقدير الذات وتقديم الذات قد تؤثر على تذكر الفرد لمعلومات معينة تدعم أحكامه المتحيزة.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والتوقعات المستقبلية والدافعية:
لنوع عزو خبرات النجاح والفشل أثر على توقعات الفرد عن أدائه في المستقبل. فإذا عزى الفرد فشله إلى عامل داخلي مستقر فسيؤدي إلى توقعات متشائمة عن أدائه في المستقبل، وسيزداد ذلك الشعور إذا كان الفرد يعتقد بأن ذلك العامل لا يمكن التحكم به، والعكس صحيح. وقد استخدمت هذه القاعدة في رفع مستوى دافعية الطلاب وأدائهم.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والاضطرابات العاطفية:
تقترح نظرية واينر أن بعد إمكانية التحكم مهم جدا في تحديد العلاقة بين خبرات النجاح أو الفشل والاستجابات العاطفية الناتجة عن هذه الخبرات.
فعزو الفرد فشله لمتغير داخلي لا يمكن التحكم به سيخفف من حدة الانفعالات السلبية مقارنة بعزو فشله إلى عامل داخلي يمكن التحكم به. كذلك فعزونا لسلوك الآخرين السلبي نحونا إلى أسباب داخلية سيؤدي إلى استجابات غضب بينما يؤدي نفس السلوك إلى التعاطف معهم إذا عزوناه إلى عوامل خارجة عن إرادتهم. كما أن المشكلات التي نعزوها إلى أسباب وراثية تثير أقل درجة من اللوم والغضب وأكبر درجة من التعاطف بعكس المشكلات التي يدركها الفرد على أنها نتيجة لسلوك الفرد.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والاضطرابات العاطفية (تابع):
يدرك الناس نوعا من العلاقة بين ما يفعلونه وما يحدث لهم في حياتهم اليومية.
هذه العلاقة تعطيهم شعورا بالتحكم، وتمكنهم من التعامل إيجابيا مع متطلبات حياتهم.
لكن ماذا لو اعتقد المرء أن ما يحدث له لا يرتبط إطلاقا بما يفعله؟ ماذا لو اعتقد أن الأحداث التي تتعلق بحياته لا تتأثر بما يفعله؟
سيشعر الفرد بنوع من العجز في مواجهة متطلبات حياته، ويتأثر بالتالي سلوكه الفعلي ونشاطه وإقباله على الحياة بشكل عام، وهذا ما أطلق عليه ’العجز المتعلم ذاتيا‘، وهو الذي ينشأ منه مجموع الصفات الانفعالية والسلوكية والذهنية التي تميز حالة الاكتئاب.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والاضطرابات العاطفية (تابع):
تأسست نظرية العجز المتعلم ذاتيا على دراسات سيلجمان في التعلم الحيواني التي بينت أن الحيلولة بين الحيوان والهروب من صدمة كهربائية تؤدي إلى عدم محاولته تجنبها في المستقبل. وحاولت دراسات أخرى تطبيق تلك الأفكار على المشاكل الانفعالية التي يخبرها الإنسان كالاكتئاب، لكن تبين أن هناك فرقا نوعيا وكميا بين ما يحدث مع الحيوان وما يحدث مع الإنسان في مواجهة الظروف الحياتية الصعبة.
أعيدت صياغة نظرية العجز المتعلم ذاتيا ضمن إطار نظرية العزو ولفتت انتباه الباحثين وأثارت العديد من الدراسات النظرية والتطبيقية.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والاضطرابات العاطفية (تابع):
تقدم نظرية العزو في الاكتئاب الحلقة المفقودة بين الضغوط من جهة، والاضطرابات الانفعالية والجسمية من جهة أخرى. فتأثيرات المواقف العصيبة التي يعجز الفرد عن التحكم بها، حسب هذه النظرية، تعتمد على كيفية عزو الفرد لخبرة العجز وليس على مجرد خبرته بالعجز. فتعلم الفرد أن النتائج لا يمكن التحكم بها ينتج عنه ثلاثة أنواع من القصور: دافعي وذهني وانفعالي.
النظريات العزوية وتطبيقاتها
نظرية واينر الاجتماعية في الدافعية والانفعالات (تابع):
العزو والاضطرابات العاطفية (تابع):
تقترح النظرية أن مجرد التعرض للشعور بعدم إمكانية التحكم غير كاف لجعل الكائن عاجزا، وإنما يجب أن ينشأ لديه توقع (ذهن) بأن النتائج لا يمكن التحكم بها، وعندها سيظهر العجز. ويتكون القصور الدافعي من بدء متأخر للاستجابات الإرادية، وينظر إليه على أنه تبعة من تبعات توقع عدم إمكانية التحكم. وتعلم الكائن أن نتيجة ما لا يمكن التحكم بها ينشأ عنه قصور ذهني لأن هذا التعلم يُصَعِّب عليه لا حقا تعلم أن للاستجابات نتائج. والعاطفة المكتئبة تنشأ من تعلم الكائن التوقع بأن النتائج لا يمكن التحكم بها.