أفكار الفرد ومشاعره حول نفسه
معرفة الذات ومفهوم الذات
معرفة الذات:
تتكون معرفة الذات من عدد كبير من التمثيلات العقلية التي لدى الفرد عن نفسه كشخص؛ هذه التمثيلات نتاج لخبرات الفرد في مواقف الحياة المختلفة (مفهوم الذات العام)، لكن ما يكون حاضرا في ذهن الفرد في موقف معين (مفهوم الذات العامل) إنما هو جزء محدود فقط من هذا المجموع.
المخطوطات الذهنية للذات:
المخطوطة الذهنية تلخيص منتظم لمجموعة من المعارف والاعتقادات التي لدى الفرد عن موضوع معين، وعلاقتها ببعضها. فالمخطوطات الذهنية لعالمنا الاجتماعي توجه فهمنا له وتعاملنا معه. وهناك أعداد من المخطوطات الذهنية من بينها مخطوطات الذات.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
المخطوطات الذهنية للذات (تابع):
لدى كل فرد عدد هائل من مخطوطات الذات، وهي تتضمن اتجاهاته وميوله وخصائصه الشخصية التي يدركها كجزء من ذاته.
تتكون المخطوطات الذهنية للذات كغيرها من المخطوطات من خلال الخبرة السلوكية المباشرة للفرد أو من خلال معالجة المعلومات التي تصل إلى الفرد أثناء تفاعله مع الآخرين والبيئة الاجتماعية عموما. وتختلف مخطوطات الذات من حيث مدى تطورها وتعقيدها.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
الذوات المحتملة:
يتعلق جزء أساس من مشاعر الفرد وأفكاره حول نفسه بما قد يكون عليه في المستقبل. ولعل هذا من أهم ما يمنح مشاعرنا وسلوكياتنا الحالية معناها. فمعرفة الذات لا تتكون من تصور الفرد لنفسه كما هو في لحظة معينة فقط، وإنما هناك تصورات للذات في المستقبل، كما أن هناك تصورات للذات المرغوبة والذات غير المرغوبة.
ومفهوم الذوات المحتملة غاية في الأهمية لأنه يقدم حلقة وصل بين مفهوم الذات في الماضي والحاضر والمستقبل، وبين هذه كلها وأهداف المرء وتطلعاته ودوافعه ومخاوفه، أي بين مفهوم الذات والدافعية.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
الذوات المحتملة (تابع):
تنشأ الذوات المحتملة من تمثيلات الذات في الماضي، وتتضمن تمثيلات الذات في المستقبل، وهي تختلف عن الذوات الحالية ومستقلة عنها، وترتبط بها بقوة في نفس الوقت. فالذوات المحتملة ليست مجرد منظومة من الأدوار والحالات المتخيلة التي سيكون عليها الفرد، وإنما تمثل آمالا ومخاوف وتخيلات محددة ومهمة للفرد.
إننا نتطلع دائما إلى ما سنكون عليه في المستقبل، وتمثل هذه التطلعات مصدرا مهما للمعنى في حياتنا. والكثير من طرق التربية والعلاج النفسي للمشاكل الانفعالية يمكن النظر إليها على أنها محاولات بناء ذوات محتملة إيجابية لإعطاء الفرد دافعا ذاتيا، وربما لتغيير ذوات حالية سلبية.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
تناقضات الذات: (ستتم العودة لاحقا لهذا المفهوم).
تقدير الذات:
تقدير الذات هو العنصر التقييمي، ويمكن تعريفه بأنه تقدير المرء لذاته أو قيمته كشخص. وتقدير الذات شيء مهم جدا لكل الناس. فكل فرد يود أن يكون تقديره لذاته إيجابيا (ما عدا الاكتئابيين).
يرتبط تقدير الذات بوظائف نفسية مختلفة مثل الاستجابة للنجاح والفشل، ولأحداث الحياة السلبية مثل المرض وفقد الأعزّاء، كما أنه يرتبط بالصحة الجسمية والنفسية، ويستخدم لتفسير الأداء في مجالات مختلفة كالتعليم والعمل.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
مفهوم الذات:
مفهوم الذات ليس بعدا شخصيا محدودا، وإنما بناء متنوع متغير يتكون من عدد هائل من المعلومات والاعتقادات الخاصة بالذات التي تراكمت خلال خبرات الفرد في مواقف حياتية مختلفة؛ هذه المعلومات والاعتقادات ممثلة عقليا (مخطوطات)، ولا يمكن الوعي بها أو استرجاعها جميعا في لحظة زمنية معينة، وإنما يبني الفرد على بعض هذه العناصر تصوره لذاته حسب متطلبات الموقف وحسب أهدافه. فمفهوم الذات يتسم بالطواعية والتنوع، أي أنه يتغير في المواقف المختلفة ويشتمل على افكار متناقضة، ولا تؤثر هذه التناقضات على قرارات الفرد اللحظية لأنه لا يعيها.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
مفهوم الذات العامل (أو مفهوم الذات التلقائي أو الذات الظاهرية):
يقصد به ذلك الجزء من معرفة الذات البارز في ذهن الفرد في موقف معين، وهو الذي يؤثر في انتباهه للمعلومات البيئية ومعالجته لها، وفي توقعاته وأهدافه وسلوكه (وذلك لتمييزه عن مجموع ما يختزنه الفرد من اعتقادات ومعلومات متنوعة عن الذات [مفهوم الذات العام]، وهو جزء ثابت إلى حد كبير). وتبين الدراسات إن إدراك المرء لذاته في موقف معين [مفهوم الذات العامل] يعتمد على نوعية خصائص الشخصية التي تثيرها ظروف الموقف في ذهنه، كما تبين أن التغير في مفهوم الذات العامل تصاحبه تغيرات سلوكية أيضا.
طرق تكون معرفة الذات
السلوك والانفعالات والأفكار كمصادر لمعرفة الذات:
قد ينتج إدراكنا لذواتنا من الاستدلالات التي نقوم بها من سلوكنا ومشاعرنا في مواقف خبرات فعلية.
يعتمد المرء على هذا المصدر بدرجة أكبر عندما يكون الموقف غامضا أو جديدا.
وينطبق ذلك على الاستدلال من الاستجابات الفسيولوجية حيث تتكون بعض أفكار الفرد عن ذاته من مراقبته لاستجاباته الفسيولوجية، حيث تشير سرعة نبضات القلب والتعرق وسرعة التنفس، مثلا، إلى الاستثارة. وقد يتعلم المرء الربط بين هذه الاستجابات ومشاعر معينة في حضور بعض المثيرات والمواقف الاجتماعية. ولكن تفسير الاستجابة الفسيولوجية يتطلب موقفا اجتماعيا، حيث أن تفسير المرء للاستجابات الفسيولوجية يعتمد على إدراك المرء لدلالة الموقف.
طرق تكون معرفة الذات
السلوك والانفعالات والأفكار كمصادر لمعرفة الذات:
كما أن تأمل الفرد في مشاعره وأفكاره الداخلية أحد المصادر المهمة لتكون معرفة الذات، وهو بقوة الاستدلال من السلوك إن لم يكن أقوى في تكوين مفهوم الذات العام.
المقارنة الاجتماعية كمصدر لمعرفة الذات:
لا يعي الفرد ذاته لأنه يقارن أداءه بمعايير عامة فقط، ولكن الكثير مما يعتقده عن صفاته وقدراته يأتي من خلال المقارنة الاجتماعية حيث يكون الآخرون هم المعيار الذي يستخدمه الفرد للحكم على صفاته وقدراته، وذلك لأنه لا توجد معايير موضوعية للحكم على كثير من الصفات والقدرات (انظر/ي تجربة مورس وغيرغن ص 171).
طرق تكون معرفة الذات
المقارنة الاجتماعية كمصدر لمعرفة الذات (تابع):
عندما يكون للفرد حرية اختيار من يقارن نفسه بهم، ويقارن نفسه في خاصية أو قدرة معينة مع من هم أفضل منه في هذه الخاصية فهذه مقارنة اجتماعية صاعدة، وعكسها تكون هابطة. والفرد عموما يقارن نفسه بمن يشبهونه أو يصنف نفسه معهم في فئة. وأهم بعد يحدد مركز المقارنة هو درجة ثقة المرء في قدراته وتوقعاته. فمتى ما كانت لديه ثقة في قدراته ويتوقع أن يكون أداءه ناجحا فسيقارن نفسه بمن هم أعلى منه، والعكس عندما يفتقد هذه القدرة. ويمكن أن تكون المقارنة الاجتماعية الصاعدة أو الهابطة إيجابية أو سلبية.
طرق تكون معرفة الذات
التفاعل الاجتماعي كمصدر لمعرفة الذات:
إن ما يتلقاه الفرد من معلومات عن صفاته وقدراته أثناء تفاعله مع الآخرين يعتبر من مصادر معرفة الذات. فتوقعات الآخرين التي نستنتجها من سلوكهم وأحاديثهم (نظرية التأكيد السلوكي) تؤثر في نظرتنا لذواتنا. كما أن الآخرين قد ينقلون إلينا معلومات مباشرة عنا، وتنعكس آراءهم على تقديرنا لصفاتنا وقدراتنا (تقدير الذات المنعكس).
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثير مخطوطات الذات على المعالجة المعلوماتية وعلى الإدراك:
يشير مفهوم ’أثر مرجعية الذات‘، إلى ميل الأفراد إلى تذكر أي معلومات سبق أن ارتبطت بهم، ولو تصوريا فقط، أكثر من المعلومات التي لم ترتبط بهم.
تفسير ذلك هو أن المعلومات المتعلقة بما يرتبط بالفرد تعالج بدرجة أعلى من غيرها، كما أن المعلومات التي ترتبط بالفرد تصبح متاحة أكثر للذهن (انظر/ي تجربة روجرز وزملاؤه، ص174).
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثير مخطوطات الذات على المعالجة المعلوماتية وعلى الإدراك (تابع):
وجدت بعض الدراسات أن الأفراد الذين لديهم مخطوطات ذات ذهنية ثرية يستجيبون بدرجة أقل سلبية لخبرات الفشل وبدرجة أقل إيجابية لخبرات النجاح مقارنة بمن لديهم مخطوطات ذات بسيطة.
كما تبين في دراسات أخرى أن إدراك الفرد للآخرين يتأثر بالسمات البارزة التي يدركها كجزء من ذاته، وسميت هذه الظاهرة تحيز صورة الذات. وكلما زادت إيجابية إدراكنا لأنفسنا في صفة من الصفات زادت مركزيتها، وزاد استخدامنا لهذه الصفة في حكمنا على الآخرين.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثير مخطوطات الذات على المعالجة المعلوماتية وعلى الإدراك (تابع):
ويدخل ضمن تأثيرات مخطوطات الذات ما يسمى بإثبات الذات، وهو يعني تفضيل الفرد الإنساني لإثبات خصائصه الشخصية التي يدركها، ونفوره من المعلومات التي تناقض إدراكه لذاته.
بينت عدة دراسات أن الأفراد يبحثون عن المعلومات التي تثبت مفهومهم عن ذواتهم، ويفضلون التفاعلات الاجتماعية التي تتوفر فيها مثل هذه المعلومات، كما أنهم يتذكرون هذه المعلومات أكثر من تذكرهم للمعلومات التي تخالف مفهومهم لذواتهم، وهذا ما سمي بتأكيد الذات. أن إثبات الذات ينطبق حتى على الجوانب السلبية في مفهوم الذات.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثيرات تقدير الذات وحاجة حفظ تقييم الذات على التفاعل الاجتماعي:
ينفر الإنسان من تقييم الذات السلبي، ويميل، بقدر الإمكان، إلى المحافظة على تقييم ذات إيجابي، وهذا له تأثير مباشر على تفاعله الاجتماعي.
وقد بينت الدراسات أن الفرد يتجنب التفاعلات الاجتماعية التي تهدد تقييمه لذاته ويميل إلى المواقف التي تساعده على المحافظة عليه.
يبدو أن الفرد يستمد تقييم ذات إيجابي من الجماعة التي ينتمي إليها، كما يستمده من تفوق الأفراد الذين يرتبط بهم-أي أنه يستمد قيمة ذاتية من المقارنة الاجتماعية.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثيرات تقدير الذات وحاجة حفظ تقييم الذات على التفاعل الاجتماعي:
والفرد يتجنب المواقف التي قد تثير مقارنات اجتماعية لا تخدم تقديره لذاته.
ولكن ليس بمقدوره أن يتجنب بعض هذه المواقف.
في مثل هذه الحالة قد تسيطر المواجهة والمنافسة بين الفرد والآخرين، أو قد تستخدم استراتيجيات نفسية أخرى للحفاظ على تقييم ذات إيجابي في حال الفشل في إثبات العلوية.
ولحاجة حفظ تقييم الذات نتائج أكثر خطورة مثل احتقار الآخرين والتقليل من شأنهم، هذا بالإضافة إلى تشويه تقييم الفرد لقدراته وإمكاناته.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثيرات تقدير الذات وحاجة حفظ تقييم الذات على التفاعل الاجتماعي:
لكن الفرد لا يهمه أن يتفوق على الآخرين في كل شيء، وإنما هناك جوانب وصفات معينة يهمه أن يتفوق فيها.
وتبين نتائج الدراسات أن تفاعل الفرد مع المنافسين يتأثر بنتائج المقارنة الاجتماعية في الأبعاد المهمة لمفهومه لذاته وليس بنتائجها (انظر/ي تجربة تِسّرْ ص 179). فحاجة الفرد لتقييم ذاته إيجابيا تؤثر في درجة إقباله على الآخرين، ونتائج المقارنة الاجتماعية على إقبال الفرد على الآخرين محكوم بأهمية البعد الذي تتم فيه المقارنة.
والخلاصة هي أن الفرد يتجنب التفاعلات الاجتماعية التي لا تسهم في رفع تقييمه لذاته، ويقبل على تلك التي تسهم في ذلك.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تقدير الذات في التفاعل الاجتماعي:
يتأثر تقدير الذات بخبرات التفاعل الاجتماعي، ويؤثر في استجابات الفرد لهذه الخبرات.
فالاستجابات الانفعالية للفشل أكثر سلبية والاستجابات الانفعالية للنجاح أقل إيجابية عند ذوي الدرجات المنخفضة في تقدير الذات مقارنة بذوي الدرجات العالية.
كما أن ذوي الدرجات العالية في تقدير الذات، مقارنة بذوي الدرجات المنخفضة، يعزون نجاحهم بدرجة أكبر إلى قدرتهم الشخصية، ويعزون فشلهم إلى أشياء غير قدرتهم الشخصية.
وتبين هذه النتائج أن لتقدير الذات أهمية في قدرة الفرد على التعامل بشكل إيجابي مع خبرات النجاح والفشل.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تقدير الذات في التفاعل الاجتماعي (تابع):
وتزداد أهمية هذه النتائج في ضوء ما وجدته دراسات أخرى من أن الاكتئابيين يعزون نجاحهم إلى ظروف خارجية بينما يعزون فشلهم إلى قدرتهم.
وعلى الرغم من أن تقدير الذات العالي شعور مريح، ويجعل المرء أكثر إيجابية في تعامله مع أحداث حياته اليومية، إلا أنه قد يكون ضارا عندما لا يتناسب مع قدرات الفرد الفعلية. فهو مفيد في أنه قد يرفع من توقعات الفرد عن أدائه وتطلعاته المستقبلية إلا أنه قد يشوه إدراك الفرد حيث يضخم من إمكاناته وقدراته أكثر مما هي عليه بالفعل، ويعيقه عن تصحيح أوضاعه السلبية لأنه سيعزوها غالبا إلى الظروف.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
أثر تناقضات الذات:
تشير عدة دراسات إلى تأثير الاتساق بين اعتقادات الفرد عن نفسه على حالاته الجسمية والنفسية.
فالأفراد الذين يحصلون على درجات عالية في تناقضات الذات الواقعية مع الذات المثالية يحصلون أيضا درجات عالية في الانفعالات المتعلقة بالاكتئاب، والذين يحصلون على درجات عالية في تناقضات الذات الواقعية مع الذات الواجبة يحصلون أيضا على درجات عالية في الانفعالات المتعلقة بالقلق، سواء كانت تلك الانفعالات إيجابية أو سلبية.
وقد وجدت دراسات عديدة علاقة بين نوع تناقض الذات ونشاط الخلايا القاتلة الطبيعية التي هي جزء مهم من نظام المناعة لدى الإنسان.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع:
لا يتكون مفهوم الذات خارج محيط التفاعل الاجتماعي، كما أنه لا يستمر أو يتغير خارج هذا المحيط.
فالهوية الشخصية تتكون وتستمر من خلال التفاعل مع الآخرين.
ولكي يستمر مفهوم ذات معين لدى الفرد فلابد أن يبذل جهدا في تقديم ذاته بطريقة تجعل الآخرين يتصرفون بطريقة تدعم هذا المفهوم.
هذا الجهد يمكن أن يكون مقصودا أو يحدث بصورة تلقائية، وهو ما أطلق عليه إدارة الانطباع.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
وأهم المفاهيم المرتبطة بإدارة الانطباع هي تقديم الذات ورصد الذات.
فالفرد يقدم في تفاعله الاجتماعي أجزاء من ذاته يود أن تنعكس عنه في أذهان الآخرين سواء كان ذلك بوعي أو بصورة تلقائية، وهذا ما أطلق عليه مصطلح تقديم الذات، وهو من أهم حقائق التفاعل الاجتماعي، ويحدث بصورة دقيقة في التعبيرات الوجهية، ونوع الموضوعات التي يطرحها الفرد، وفي الانفعالات التي يظهرها، الخ. ومن أبسط أشكال تقديم الذات ما يتعلق بالمظهر الخارجي.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
يرتبط تقديم الذات بوجود الآخرين أو الوعي بهم. فما دام الفرد يعي وجود الآخرين، ويفكر فيما يعتقدونه عنه-كما هو حال الفرد الإنساني دائما-فسيمارس تقديم ذاته واعيا بذلك أو لم يكن.
فتقديم الذات يرتبط بالجانب العام من الذات، أي ما يعتقد الفرد أن الآخرين يدركونه فيه كشخص.
والتمييز بين وعي الذات العامة ووعي الذات الخاصة مهم بالنسبة لتقديم الذات. فقد بينت دراسات أن تقديم الذات يتأثر بدرجة كبيرة باعتقاد الشخص عما يعرفه عنه الآخرون (وعي الذات العامة).
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
والفرد يقدم ذاته بشكل إيجابي حسب ما تسمح به الظروف (انظر/ي دراسة شلينكر، ص187). فالمفحوصون الذين توقعوا أن يكون الأداء عاما وصفوا قدراتهم بطريقة تتناسب مع اعتقاداتهم عن قدراتهم الفعلية، والعكس مع الذين لم يتوقعوا أن يطلع على أدائهم أحد غيرهم.
كما أن الفرد إذا كان يعتقد أن الآخرين لديهم معلومات عن خصائصه قبل تقديمه لذاته فسيكون تقديمه لذاته أقل إيجابية مما إذا كان يعلم أن الآخرين ليس لديهم معلومات عن خصائصه. كما أن إيجابية تقديم الذات تنخفض عندما يتفاعل الفرد مع من يرتبط بهم كالأصدقاء.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
وهذا ربما يفسر قوة تأثير تقديم الذات على الانطباع في المواقف التي يتفاعل الفرد فيها مع أشخاص لا يعرفهم ولا يعرفونه، وقوة تأثير سلوك الباعة في قراراتنا الشرائية الوقتية.
وأهم بعد نفسي يؤثر في تقديم الذات هو رصد الذات. فالناس يختلفون في قدرتهم على ملاحظة وضبط سلوكهم التعبيري وفي تقديم الذات.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
فالأشخاص الذين يحصلون على درجات مرتفعة في بعد رصد الذات أشخاص ينضمون تقديم ذواتهم التعبيري أو يتحكمون به أثناء التفاعل مع الآخرين، وذلك غالبا لترك انطباع إيجابي. ولذلك فإن عندهم حساسية عالية للأمارات التي تظهر في سلوك الآخرين كرد فعل (استجابة) لسلوكهم هم، ولذلك يستطيعون تقديم أنفسهم بطريقة تتناسب مع الموقف.
أما ذوو الدرجات المنخفضة على بعد رصد الذات فيتصرفون حسب إدراكهم لخصائصهم وآرائهم الفعلية، ويكون سلوكهم الفعلي انعكاسا لذلك الإدراك.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
وعندما يركز الفرد انتباهه على مظهره وعلى كيفية ظهور أفعاله في أعين الناس فهو يعي ذاته العامة، وهي ذلك الجزء من مفهوم الفرد عن ذاته كما يعتقد أن الآخرين يرونه.
وعندما يركز انتباهه على مشاعره وأفكاره الداخلية فهو يعي ذاته الخاصة. وقد بينت دراسات أن من يحصلون على درجات مرتفعة في وعي الذات الخاصة يعانون أكثر من ضغوط العمل مقارنة بمن يحصلون على درجات منخفضة على هذا البعد.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثيرات تقديم الذات:
يؤثر تقديم الذات في مفهوم الذات الفعلي، حيث أن تقديم الذات هو نوع من تعريف الذات. وكلما تكرر تقديم معين للذات زادت احتمالية استدخاله في مفهوم الذات الفعلي. فتقديم الذات إيجابيا أو سلبيا ينعكس على تقديم الذات اللاحق. أي أن محتوى تقديم الذات في موقف معين يستمر وينتقل إلى مواقف لاحقة ليصبح جزءً من مفهوم الذات.
تأثيرات استراتيجيات عامة لتقديم الذات ونتائجها:
أقترح جونز وبتمان خمس استراتيجيات عامة لتقديم الذات يستخدمها الأفراد، ولكل منها شروطها ونتائجها على انطباعات الآخرين وهي: الحظوة، ترقية الذات، التهجم، المثالية، التوسل (انظر/ي ص191).
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إعاقة الذات:
عندما تكون درجة ثقة المرء في أدائه منخفضة فسيبدأ بالتفكير في الأسباب التي قد تؤدي إلى فشله في القيام بالمهمة الموكل بها، وهو بهذا يعيق ذاته لكنه يحمي نفسه من الشعور بعدم الكفاءة إذا فشل.
والشكوى عند متوهمي المرض قد تكون استراتيجيات معوقة للذات.
ولإعاقة الذات تأثيرات عميقة على التوافق النفسي والاجتماعي. فعندما يخفض الفرد من توقعاته للنجاح فإنه يضع لنفسه أهدافا يمكنه أن يحققها ويحمي بذلك مفهومه لذاته، لكنه يكون قد أعاق ذاته بهذه التوقعات المنخفضة عن تحصيل مستويات أعلى.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إعاقة الذات (تابع):
وإعاقة الذات ليست عملية عشوائية. فهناك ظروف وعوامل معينة تحدث فيها أهمها درجة قوة التهديد المحتمل لمفهوم الذات، وثقة الفرد من أدائه في المستقبل. كما أن الناس يلجئون لاستخدام هذه الاستراتيجية عندما تكون المواقف غامضة ولا يمكن توقع نتائجها. وأكثر الناس استخداما لاستراتيجية إعاقة الذات هم الأفراد الذين يعانون من درجة منخفضة في تقدير الذات.
معرفة الذات ومفهوم الذات
معرفة الذات:
تتكون معرفة الذات من عدد كبير من التمثيلات العقلية التي لدى الفرد عن نفسه كشخص؛ هذه التمثيلات نتاج لخبرات الفرد في مواقف الحياة المختلفة (مفهوم الذات العام)، لكن ما يكون حاضرا في ذهن الفرد في موقف معين (مفهوم الذات العامل) إنما هو جزء محدود فقط من هذا المجموع.
المخطوطات الذهنية للذات:
المخطوطة الذهنية تلخيص منتظم لمجموعة من المعارف والاعتقادات التي لدى الفرد عن موضوع معين، وعلاقتها ببعضها. فالمخطوطات الذهنية لعالمنا الاجتماعي توجه فهمنا له وتعاملنا معه. وهناك أعداد من المخطوطات الذهنية من بينها مخطوطات الذات.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
المخطوطات الذهنية للذات (تابع):
لدى كل فرد عدد هائل من مخطوطات الذات، وهي تتضمن اتجاهاته وميوله وخصائصه الشخصية التي يدركها كجزء من ذاته.
تتكون المخطوطات الذهنية للذات كغيرها من المخطوطات من خلال الخبرة السلوكية المباشرة للفرد أو من خلال معالجة المعلومات التي تصل إلى الفرد أثناء تفاعله مع الآخرين والبيئة الاجتماعية عموما. وتختلف مخطوطات الذات من حيث مدى تطورها وتعقيدها.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
الذوات المحتملة:
يتعلق جزء أساس من مشاعر الفرد وأفكاره حول نفسه بما قد يكون عليه في المستقبل. ولعل هذا من أهم ما يمنح مشاعرنا وسلوكياتنا الحالية معناها. فمعرفة الذات لا تتكون من تصور الفرد لنفسه كما هو في لحظة معينة فقط، وإنما هناك تصورات للذات في المستقبل، كما أن هناك تصورات للذات المرغوبة والذات غير المرغوبة.
ومفهوم الذوات المحتملة غاية في الأهمية لأنه يقدم حلقة وصل بين مفهوم الذات في الماضي والحاضر والمستقبل، وبين هذه كلها وأهداف المرء وتطلعاته ودوافعه ومخاوفه، أي بين مفهوم الذات والدافعية.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
الذوات المحتملة (تابع):
تنشأ الذوات المحتملة من تمثيلات الذات في الماضي، وتتضمن تمثيلات الذات في المستقبل، وهي تختلف عن الذوات الحالية ومستقلة عنها، وترتبط بها بقوة في نفس الوقت. فالذوات المحتملة ليست مجرد منظومة من الأدوار والحالات المتخيلة التي سيكون عليها الفرد، وإنما تمثل آمالا ومخاوف وتخيلات محددة ومهمة للفرد.
إننا نتطلع دائما إلى ما سنكون عليه في المستقبل، وتمثل هذه التطلعات مصدرا مهما للمعنى في حياتنا. والكثير من طرق التربية والعلاج النفسي للمشاكل الانفعالية يمكن النظر إليها على أنها محاولات بناء ذوات محتملة إيجابية لإعطاء الفرد دافعا ذاتيا، وربما لتغيير ذوات حالية سلبية.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
تناقضات الذات: (ستتم العودة لاحقا لهذا المفهوم).
تقدير الذات:
تقدير الذات هو العنصر التقييمي، ويمكن تعريفه بأنه تقدير المرء لذاته أو قيمته كشخص. وتقدير الذات شيء مهم جدا لكل الناس. فكل فرد يود أن يكون تقديره لذاته إيجابيا (ما عدا الاكتئابيين).
يرتبط تقدير الذات بوظائف نفسية مختلفة مثل الاستجابة للنجاح والفشل، ولأحداث الحياة السلبية مثل المرض وفقد الأعزّاء، كما أنه يرتبط بالصحة الجسمية والنفسية، ويستخدم لتفسير الأداء في مجالات مختلفة كالتعليم والعمل.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
مفهوم الذات:
مفهوم الذات ليس بعدا شخصيا محدودا، وإنما بناء متنوع متغير يتكون من عدد هائل من المعلومات والاعتقادات الخاصة بالذات التي تراكمت خلال خبرات الفرد في مواقف حياتية مختلفة؛ هذه المعلومات والاعتقادات ممثلة عقليا (مخطوطات)، ولا يمكن الوعي بها أو استرجاعها جميعا في لحظة زمنية معينة، وإنما يبني الفرد على بعض هذه العناصر تصوره لذاته حسب متطلبات الموقف وحسب أهدافه. فمفهوم الذات يتسم بالطواعية والتنوع، أي أنه يتغير في المواقف المختلفة ويشتمل على افكار متناقضة، ولا تؤثر هذه التناقضات على قرارات الفرد اللحظية لأنه لا يعيها.
معرفة الذات ومفهوم الذات (تابع)
مفهوم الذات العامل (أو مفهوم الذات التلقائي أو الذات الظاهرية):
يقصد به ذلك الجزء من معرفة الذات البارز في ذهن الفرد في موقف معين، وهو الذي يؤثر في انتباهه للمعلومات البيئية ومعالجته لها، وفي توقعاته وأهدافه وسلوكه (وذلك لتمييزه عن مجموع ما يختزنه الفرد من اعتقادات ومعلومات متنوعة عن الذات [مفهوم الذات العام]، وهو جزء ثابت إلى حد كبير). وتبين الدراسات إن إدراك المرء لذاته في موقف معين [مفهوم الذات العامل] يعتمد على نوعية خصائص الشخصية التي تثيرها ظروف الموقف في ذهنه، كما تبين أن التغير في مفهوم الذات العامل تصاحبه تغيرات سلوكية أيضا.
طرق تكون معرفة الذات
السلوك والانفعالات والأفكار كمصادر لمعرفة الذات:
قد ينتج إدراكنا لذواتنا من الاستدلالات التي نقوم بها من سلوكنا ومشاعرنا في مواقف خبرات فعلية.
يعتمد المرء على هذا المصدر بدرجة أكبر عندما يكون الموقف غامضا أو جديدا.
وينطبق ذلك على الاستدلال من الاستجابات الفسيولوجية حيث تتكون بعض أفكار الفرد عن ذاته من مراقبته لاستجاباته الفسيولوجية، حيث تشير سرعة نبضات القلب والتعرق وسرعة التنفس، مثلا، إلى الاستثارة. وقد يتعلم المرء الربط بين هذه الاستجابات ومشاعر معينة في حضور بعض المثيرات والمواقف الاجتماعية. ولكن تفسير الاستجابة الفسيولوجية يتطلب موقفا اجتماعيا، حيث أن تفسير المرء للاستجابات الفسيولوجية يعتمد على إدراك المرء لدلالة الموقف.
طرق تكون معرفة الذات
السلوك والانفعالات والأفكار كمصادر لمعرفة الذات:
كما أن تأمل الفرد في مشاعره وأفكاره الداخلية أحد المصادر المهمة لتكون معرفة الذات، وهو بقوة الاستدلال من السلوك إن لم يكن أقوى في تكوين مفهوم الذات العام.
المقارنة الاجتماعية كمصدر لمعرفة الذات:
لا يعي الفرد ذاته لأنه يقارن أداءه بمعايير عامة فقط، ولكن الكثير مما يعتقده عن صفاته وقدراته يأتي من خلال المقارنة الاجتماعية حيث يكون الآخرون هم المعيار الذي يستخدمه الفرد للحكم على صفاته وقدراته، وذلك لأنه لا توجد معايير موضوعية للحكم على كثير من الصفات والقدرات (انظر/ي تجربة مورس وغيرغن ص 171).
طرق تكون معرفة الذات
المقارنة الاجتماعية كمصدر لمعرفة الذات (تابع):
عندما يكون للفرد حرية اختيار من يقارن نفسه بهم، ويقارن نفسه في خاصية أو قدرة معينة مع من هم أفضل منه في هذه الخاصية فهذه مقارنة اجتماعية صاعدة، وعكسها تكون هابطة. والفرد عموما يقارن نفسه بمن يشبهونه أو يصنف نفسه معهم في فئة. وأهم بعد يحدد مركز المقارنة هو درجة ثقة المرء في قدراته وتوقعاته. فمتى ما كانت لديه ثقة في قدراته ويتوقع أن يكون أداءه ناجحا فسيقارن نفسه بمن هم أعلى منه، والعكس عندما يفتقد هذه القدرة. ويمكن أن تكون المقارنة الاجتماعية الصاعدة أو الهابطة إيجابية أو سلبية.
طرق تكون معرفة الذات
التفاعل الاجتماعي كمصدر لمعرفة الذات:
إن ما يتلقاه الفرد من معلومات عن صفاته وقدراته أثناء تفاعله مع الآخرين يعتبر من مصادر معرفة الذات. فتوقعات الآخرين التي نستنتجها من سلوكهم وأحاديثهم (نظرية التأكيد السلوكي) تؤثر في نظرتنا لذواتنا. كما أن الآخرين قد ينقلون إلينا معلومات مباشرة عنا، وتنعكس آراءهم على تقديرنا لصفاتنا وقدراتنا (تقدير الذات المنعكس).
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثير مخطوطات الذات على المعالجة المعلوماتية وعلى الإدراك:
يشير مفهوم ’أثر مرجعية الذات‘، إلى ميل الأفراد إلى تذكر أي معلومات سبق أن ارتبطت بهم، ولو تصوريا فقط، أكثر من المعلومات التي لم ترتبط بهم.
تفسير ذلك هو أن المعلومات المتعلقة بما يرتبط بالفرد تعالج بدرجة أعلى من غيرها، كما أن المعلومات التي ترتبط بالفرد تصبح متاحة أكثر للذهن (انظر/ي تجربة روجرز وزملاؤه، ص174).
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثير مخطوطات الذات على المعالجة المعلوماتية وعلى الإدراك (تابع):
وجدت بعض الدراسات أن الأفراد الذين لديهم مخطوطات ذات ذهنية ثرية يستجيبون بدرجة أقل سلبية لخبرات الفشل وبدرجة أقل إيجابية لخبرات النجاح مقارنة بمن لديهم مخطوطات ذات بسيطة.
كما تبين في دراسات أخرى أن إدراك الفرد للآخرين يتأثر بالسمات البارزة التي يدركها كجزء من ذاته، وسميت هذه الظاهرة تحيز صورة الذات. وكلما زادت إيجابية إدراكنا لأنفسنا في صفة من الصفات زادت مركزيتها، وزاد استخدامنا لهذه الصفة في حكمنا على الآخرين.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثير مخطوطات الذات على المعالجة المعلوماتية وعلى الإدراك (تابع):
ويدخل ضمن تأثيرات مخطوطات الذات ما يسمى بإثبات الذات، وهو يعني تفضيل الفرد الإنساني لإثبات خصائصه الشخصية التي يدركها، ونفوره من المعلومات التي تناقض إدراكه لذاته.
بينت عدة دراسات أن الأفراد يبحثون عن المعلومات التي تثبت مفهومهم عن ذواتهم، ويفضلون التفاعلات الاجتماعية التي تتوفر فيها مثل هذه المعلومات، كما أنهم يتذكرون هذه المعلومات أكثر من تذكرهم للمعلومات التي تخالف مفهومهم لذواتهم، وهذا ما سمي بتأكيد الذات. أن إثبات الذات ينطبق حتى على الجوانب السلبية في مفهوم الذات.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثيرات تقدير الذات وحاجة حفظ تقييم الذات على التفاعل الاجتماعي:
ينفر الإنسان من تقييم الذات السلبي، ويميل، بقدر الإمكان، إلى المحافظة على تقييم ذات إيجابي، وهذا له تأثير مباشر على تفاعله الاجتماعي.
وقد بينت الدراسات أن الفرد يتجنب التفاعلات الاجتماعية التي تهدد تقييمه لذاته ويميل إلى المواقف التي تساعده على المحافظة عليه.
يبدو أن الفرد يستمد تقييم ذات إيجابي من الجماعة التي ينتمي إليها، كما يستمده من تفوق الأفراد الذين يرتبط بهم-أي أنه يستمد قيمة ذاتية من المقارنة الاجتماعية.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثيرات تقدير الذات وحاجة حفظ تقييم الذات على التفاعل الاجتماعي:
والفرد يتجنب المواقف التي قد تثير مقارنات اجتماعية لا تخدم تقديره لذاته.
ولكن ليس بمقدوره أن يتجنب بعض هذه المواقف.
في مثل هذه الحالة قد تسيطر المواجهة والمنافسة بين الفرد والآخرين، أو قد تستخدم استراتيجيات نفسية أخرى للحفاظ على تقييم ذات إيجابي في حال الفشل في إثبات العلوية.
ولحاجة حفظ تقييم الذات نتائج أكثر خطورة مثل احتقار الآخرين والتقليل من شأنهم، هذا بالإضافة إلى تشويه تقييم الفرد لقدراته وإمكاناته.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثيرات تقدير الذات وحاجة حفظ تقييم الذات على التفاعل الاجتماعي:
لكن الفرد لا يهمه أن يتفوق على الآخرين في كل شيء، وإنما هناك جوانب وصفات معينة يهمه أن يتفوق فيها.
وتبين نتائج الدراسات أن تفاعل الفرد مع المنافسين يتأثر بنتائج المقارنة الاجتماعية في الأبعاد المهمة لمفهومه لذاته وليس بنتائجها (انظر/ي تجربة تِسّرْ ص 179). فحاجة الفرد لتقييم ذاته إيجابيا تؤثر في درجة إقباله على الآخرين، ونتائج المقارنة الاجتماعية على إقبال الفرد على الآخرين محكوم بأهمية البعد الذي تتم فيه المقارنة.
والخلاصة هي أن الفرد يتجنب التفاعلات الاجتماعية التي لا تسهم في رفع تقييمه لذاته، ويقبل على تلك التي تسهم في ذلك.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تقدير الذات في التفاعل الاجتماعي:
يتأثر تقدير الذات بخبرات التفاعل الاجتماعي، ويؤثر في استجابات الفرد لهذه الخبرات.
فالاستجابات الانفعالية للفشل أكثر سلبية والاستجابات الانفعالية للنجاح أقل إيجابية عند ذوي الدرجات المنخفضة في تقدير الذات مقارنة بذوي الدرجات العالية.
كما أن ذوي الدرجات العالية في تقدير الذات، مقارنة بذوي الدرجات المنخفضة، يعزون نجاحهم بدرجة أكبر إلى قدرتهم الشخصية، ويعزون فشلهم إلى أشياء غير قدرتهم الشخصية.
وتبين هذه النتائج أن لتقدير الذات أهمية في قدرة الفرد على التعامل بشكل إيجابي مع خبرات النجاح والفشل.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تقدير الذات في التفاعل الاجتماعي (تابع):
وتزداد أهمية هذه النتائج في ضوء ما وجدته دراسات أخرى من أن الاكتئابيين يعزون نجاحهم إلى ظروف خارجية بينما يعزون فشلهم إلى قدرتهم.
وعلى الرغم من أن تقدير الذات العالي شعور مريح، ويجعل المرء أكثر إيجابية في تعامله مع أحداث حياته اليومية، إلا أنه قد يكون ضارا عندما لا يتناسب مع قدرات الفرد الفعلية. فهو مفيد في أنه قد يرفع من توقعات الفرد عن أدائه وتطلعاته المستقبلية إلا أنه قد يشوه إدراك الفرد حيث يضخم من إمكاناته وقدراته أكثر مما هي عليه بالفعل، ويعيقه عن تصحيح أوضاعه السلبية لأنه سيعزوها غالبا إلى الظروف.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
أثر تناقضات الذات:
تشير عدة دراسات إلى تأثير الاتساق بين اعتقادات الفرد عن نفسه على حالاته الجسمية والنفسية.
فالأفراد الذين يحصلون على درجات عالية في تناقضات الذات الواقعية مع الذات المثالية يحصلون أيضا درجات عالية في الانفعالات المتعلقة بالاكتئاب، والذين يحصلون على درجات عالية في تناقضات الذات الواقعية مع الذات الواجبة يحصلون أيضا على درجات عالية في الانفعالات المتعلقة بالقلق، سواء كانت تلك الانفعالات إيجابية أو سلبية.
وقد وجدت دراسات عديدة علاقة بين نوع تناقض الذات ونشاط الخلايا القاتلة الطبيعية التي هي جزء مهم من نظام المناعة لدى الإنسان.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع:
لا يتكون مفهوم الذات خارج محيط التفاعل الاجتماعي، كما أنه لا يستمر أو يتغير خارج هذا المحيط.
فالهوية الشخصية تتكون وتستمر من خلال التفاعل مع الآخرين.
ولكي يستمر مفهوم ذات معين لدى الفرد فلابد أن يبذل جهدا في تقديم ذاته بطريقة تجعل الآخرين يتصرفون بطريقة تدعم هذا المفهوم.
هذا الجهد يمكن أن يكون مقصودا أو يحدث بصورة تلقائية، وهو ما أطلق عليه إدارة الانطباع.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
وأهم المفاهيم المرتبطة بإدارة الانطباع هي تقديم الذات ورصد الذات.
فالفرد يقدم في تفاعله الاجتماعي أجزاء من ذاته يود أن تنعكس عنه في أذهان الآخرين سواء كان ذلك بوعي أو بصورة تلقائية، وهذا ما أطلق عليه مصطلح تقديم الذات، وهو من أهم حقائق التفاعل الاجتماعي، ويحدث بصورة دقيقة في التعبيرات الوجهية، ونوع الموضوعات التي يطرحها الفرد، وفي الانفعالات التي يظهرها، الخ. ومن أبسط أشكال تقديم الذات ما يتعلق بالمظهر الخارجي.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
يرتبط تقديم الذات بوجود الآخرين أو الوعي بهم. فما دام الفرد يعي وجود الآخرين، ويفكر فيما يعتقدونه عنه-كما هو حال الفرد الإنساني دائما-فسيمارس تقديم ذاته واعيا بذلك أو لم يكن.
فتقديم الذات يرتبط بالجانب العام من الذات، أي ما يعتقد الفرد أن الآخرين يدركونه فيه كشخص.
والتمييز بين وعي الذات العامة ووعي الذات الخاصة مهم بالنسبة لتقديم الذات. فقد بينت دراسات أن تقديم الذات يتأثر بدرجة كبيرة باعتقاد الشخص عما يعرفه عنه الآخرون (وعي الذات العامة).
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
والفرد يقدم ذاته بشكل إيجابي حسب ما تسمح به الظروف (انظر/ي دراسة شلينكر، ص187). فالمفحوصون الذين توقعوا أن يكون الأداء عاما وصفوا قدراتهم بطريقة تتناسب مع اعتقاداتهم عن قدراتهم الفعلية، والعكس مع الذين لم يتوقعوا أن يطلع على أدائهم أحد غيرهم.
كما أن الفرد إذا كان يعتقد أن الآخرين لديهم معلومات عن خصائصه قبل تقديمه لذاته فسيكون تقديمه لذاته أقل إيجابية مما إذا كان يعلم أن الآخرين ليس لديهم معلومات عن خصائصه. كما أن إيجابية تقديم الذات تنخفض عندما يتفاعل الفرد مع من يرتبط بهم كالأصدقاء.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
وهذا ربما يفسر قوة تأثير تقديم الذات على الانطباع في المواقف التي يتفاعل الفرد فيها مع أشخاص لا يعرفهم ولا يعرفونه، وقوة تأثير سلوك الباعة في قراراتنا الشرائية الوقتية.
وأهم بعد نفسي يؤثر في تقديم الذات هو رصد الذات. فالناس يختلفون في قدرتهم على ملاحظة وضبط سلوكهم التعبيري وفي تقديم الذات.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
فالأشخاص الذين يحصلون على درجات مرتفعة في بعد رصد الذات أشخاص ينضمون تقديم ذواتهم التعبيري أو يتحكمون به أثناء التفاعل مع الآخرين، وذلك غالبا لترك انطباع إيجابي. ولذلك فإن عندهم حساسية عالية للأمارات التي تظهر في سلوك الآخرين كرد فعل (استجابة) لسلوكهم هم، ولذلك يستطيعون تقديم أنفسهم بطريقة تتناسب مع الموقف.
أما ذوو الدرجات المنخفضة على بعد رصد الذات فيتصرفون حسب إدراكهم لخصائصهم وآرائهم الفعلية، ويكون سلوكهم الفعلي انعكاسا لذلك الإدراك.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إدارة الانطباع (تابع):
وعندما يركز الفرد انتباهه على مظهره وعلى كيفية ظهور أفعاله في أعين الناس فهو يعي ذاته العامة، وهي ذلك الجزء من مفهوم الفرد عن ذاته كما يعتقد أن الآخرين يرونه.
وعندما يركز انتباهه على مشاعره وأفكاره الداخلية فهو يعي ذاته الخاصة. وقد بينت دراسات أن من يحصلون على درجات مرتفعة في وعي الذات الخاصة يعانون أكثر من ضغوط العمل مقارنة بمن يحصلون على درجات منخفضة على هذا البعد.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
تأثيرات تقديم الذات:
يؤثر تقديم الذات في مفهوم الذات الفعلي، حيث أن تقديم الذات هو نوع من تعريف الذات. وكلما تكرر تقديم معين للذات زادت احتمالية استدخاله في مفهوم الذات الفعلي. فتقديم الذات إيجابيا أو سلبيا ينعكس على تقديم الذات اللاحق. أي أن محتوى تقديم الذات في موقف معين يستمر وينتقل إلى مواقف لاحقة ليصبح جزءً من مفهوم الذات.
تأثيرات استراتيجيات عامة لتقديم الذات ونتائجها:
أقترح جونز وبتمان خمس استراتيجيات عامة لتقديم الذات يستخدمها الأفراد، ولكل منها شروطها ونتائجها على انطباعات الآخرين وهي: الحظوة، ترقية الذات، التهجم، المثالية، التوسل (انظر/ي ص191).
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إعاقة الذات:
عندما تكون درجة ثقة المرء في أدائه منخفضة فسيبدأ بالتفكير في الأسباب التي قد تؤدي إلى فشله في القيام بالمهمة الموكل بها، وهو بهذا يعيق ذاته لكنه يحمي نفسه من الشعور بعدم الكفاءة إذا فشل.
والشكوى عند متوهمي المرض قد تكون استراتيجيات معوقة للذات.
ولإعاقة الذات تأثيرات عميقة على التوافق النفسي والاجتماعي. فعندما يخفض الفرد من توقعاته للنجاح فإنه يضع لنفسه أهدافا يمكنه أن يحققها ويحمي بذلك مفهومه لذاته، لكنه يكون قد أعاق ذاته بهذه التوقعات المنخفضة عن تحصيل مستويات أعلى.
عمليات الذات في التفاعل الاجتماعي
إعاقة الذات (تابع):
وإعاقة الذات ليست عملية عشوائية. فهناك ظروف وعوامل معينة تحدث فيها أهمها درجة قوة التهديد المحتمل لمفهوم الذات، وثقة الفرد من أدائه في المستقبل. كما أن الناس يلجئون لاستخدام هذه الاستراتيجية عندما تكون المواقف غامضة ولا يمكن توقع نتائجها. وأكثر الناس استخداما لاستراتيجية إعاقة الذات هم الأفراد الذين يعانون من درجة منخفضة في تقدير الذات.