لقد أقرَّت النِّساءُ في العالم الغربي في الماضي، وفي معظمِ البلدان النَّاميَّة في الحاضر، أنَّ مساهمتهنَّ الرَّئِيسيَّة في الفِعْل الجِنْسي هي لإرضاء شركائهنَّ الذُّكور، من دون أيِّ اعتبارٍ جَاد لرضائهن. ونتيجةً لذلك، تَقومُ ملايينُ النِّساء بدور المُطِيع في الجِنْس. ولكنَّ ثورةَ النِّساء انتقلت اليومَ من العالمِ الخارجي إلى غرفة النَّوْم، حيث تُصِرُّ النِّساءُ على حقوقٍ متساويةٍ في البَدْءِ والاستمتاع الكامل بالجنس حسب رؤيتهن.
بالنِّسْبَةِ إلى الكَثيرات من النِّساء (وشركائهن)، تُعَدُّ المواقفُ والتَّصرُّفات الجِنْسية المعاصرة حقلاً جديداً، وعِلْماً يحتاجُ إلى بعض الوقت للحصولِ عليه. ولقد أصبحَ خبراءُ الطبِّ الجِنْسي يَقْبلون في نهايةِ الأمر بمَواطِن ضَعْفهم، بعدما كانوا يركِّزونَ سابقاً كلَّ جهودهم على الأوجهِ المختلفة لخَللِ الأداء الجِنْسي عِنْدَ الذَّكر ويُهْمِلون تماماً المشاكلَ الجِنْسية عند النِّساء. ولقد ركَّزَتْ العديدُ من المؤتمرات الدُّوَليَّة الحديثة والمناقشات الواسعة على الحقل الهام والمتَّسِع لخللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى (FSD)، كما نشأت ثروةٌ من المعلوماتِ الجديدة في الأبحاث والمراجعات المنشورة لإنقاذ ملايين النِّساء من براثن العذاب نتيجة اضطراباتهن الجنسية.
يِصِفُ هذا الفصل بإيجاز الاستجابةَ الجِنْسيَّة الأنثويَّة، ويلخِّصُ مسببات خَلل الأداء الجِنْسي الأنثوي وأعراضَه وتشخيصَه ومعالجتَه.
الاستجابةُ الجِنْسيَّة الأنثويَّة
تُعَدُّ الجنسانيَّةُ (النَّشاط الجِنْسي) عند النِّساء في الواقع متعدِّدَة العوامل، حيث تشتملُ على عوامل بَيولوجيَّة، ونفسيَّة اجتماعية، وسياقيَّة. وكما هو الأمرُ في الذكر، تمثِّلُ الاستجابةُ الجِنْسيَّة الأنثويَّة ظاهرةً متعدِّدَة الأجهزة تعتمدُ تماماً على سلامة الجهاز الوعائي، والعصبي، والهرموني، والعصبي العضلي، والمناعي. كما تشتملُ أيضاً على المكوِّنات البنيَويَّة لمختلف النُّسُج، وهي تتأثَّرُ بعواملَ نفسيَّةٍ وعوامل العلاقة.
لقد ظهرَ الوَصْفُ الرَّائِد، ولكن المُفْرِط التَّبْسيط، بادِئَ ذي بَدْء من قِبَل ماسترز وجونسون للاستجابةِ الجِنْسيَّة الأنثويَّة، ثمَّ من قِبَل كابلان (1997)، وجَرَى حَديثاً إيضاحُ الخصائص الجديدة لهذه الاستجابة من قبل باسون وزملائها (2005)؛ فقد يَكونُ من الممكن لدى النِّساء تَحْريضُ الرَّغْبَة الجِنْسيَّة بالتَّهيُّجِ الجِنْسي، مع أنَّه غالباً ما يحدثُ التَّهيُّجُ الجِنْسي والرَّغْبَة معاً، ويعزِّز كلُّ واحدٍ منهما الآخر، غير أنَّ التَّهيُّجَ الجِنْسي يمكن أن يثيرَ الرَّغْبَة النَّفْسية مع تأثيرٍ قليل في الاستجاباتِ الجسديَّة مثل الاحتقان التَّناسُلي؛ فبوجودِ المنبِّه الجِنْسي أو حتَّى المنبِّهات غير الجِنْسيَّة، مثل مشاعر العافيَة أو الأُلْفَة العاطفيَّة أو الرَّغْبَة بإرضاء الشَّريك، يمكن أن تصبحَ المرأةُ مستعدَّةً للدُّخولِ في مجانسة وتشعر برغبةٍ جِنْسيَّة "متأصِّلَة"، حتَّى عندما تَكونُ هذه الرَّغْبَةُ غائبةً في البداية. ويفعِّلُ تَنْبيهُ الجهاز العصبي الودِّي التَّهيُّجَ الجِنْسي، ثمَّ يتلوه احتقانٌ تناسلي وتَزْليق مهبلي.
تشتملُ الاستجابةُ الجِنْسيَّة الأنثويَّة على تشابكِ أطوار مختلفة، مع احتمال الغياب الأولي للرَّغْبَة الجِنْسيَّة. ويعتمدُ تهيُّجُها الشَّخْصي على المنبِّه الجِنْسي الأصلي "والانفعالات المرافقة والمعطيات النَّاجمة عن التَّهيُّج".
توافقُ النِّساءُ في العَلاقات المديدة، على الجنسِ لأسباب مختلفَة لا تتعلَّقُ بالرَّغْبَةِ الجِنْسيَّة؛ فالأنثى يمكن أن تنخرط في الجنسِ لزيادة القُرْب العاطفي من شَريكها وزيادة إحساسها بكيانها، وحتَّى تشعرَ بأنَّها أكثرُ جاذبيةً لشَريكها، ولكي تقنعَ نفسَها وربَّما لترضي نفسَها أحياناً بأنَّ لديها شعوراً بالرَّغْبَة أو الحاجة الجِنْسيَّة (باسون 2005). وينجمُ التَّهيُّجُ الجِنْسي الشَّخْصي عن التَّنْبيه الجِنْسي مع زيادةٍ انعكاسيَّةٍ في الاحتقانِ الوعائي التَّناسلي. ويمكن أن تؤدِّي الكثيرُ من العوامل البَيولوجيَّة أو النَّفْسيَّة إلى تَعْديل معالجة المعلومات الجِنْسيَّة في الذُّهْن ونَقْصها المحتمل في التَّهيُّج الشَّخْصي. وقد تتحرَّضُ الرَّغْبَةُ بحدِّ ذاتها، حتَّى وإن كانت غائبةً في البداية، بالإثارةِ الجِنْسيَّة عند المرأة.
يَكونُ التَّهيُّجُ الجِنْسي والرَّغْبَة مكمِّلَيْن لبعضهما البعض، حيث تسعى المرأةُ إلى الإرضاءِ الجِنْسي وبلوغ النشوة والشُّعور بأنَّها قريبةٌ من شَريكها. ويحرِّضُ هذا التَّهيُّجُ الجِنْسي، الذي يمكن تعديلُه أكثر بالعواطف والأفكار، استجابةً انفعاليَّة ومعرفيَّة يمكن أن تقودَ إلى الرِّضا الجِنْسي والنشوة. وبخلاف دورةِ الاستجابَة الجنسيَّة عندَ الرَّجُل، يمكن أن يحصلَ الرِّضا الجِنْسي عندَ الأنثى من دون نشوة، كما قد تحصلُ النشوة قبلَ التَّهيُّج الجِنْسي الكامل، وتحدثُ النشوة المتعدِّدة اللاحقة من دون المرور بفتراتِ حران، أو يتلو تهيُّجاً جِنْسياً كاملاً أو يحدث خلال انصرافه. وبذلك لا تشكِّلُ النشوة والتَّهيُّجُ الجِنْسي عند النِّساء كَيْنَونَتَيْن منفصلتين (باسون وزملائها 2005).
آليَّةُ التَّهيُّجِ الجِنْسي
تُساهِمُ الخلايا المتوضِّعة مركزيَّاً في الجسر (الجُزْء الدِّماغي المتوضِّع فوق المخيخ)، وجذع الدِّماغ، والوطاء في الاستجابةِ الجِنْسيَّة. أمَّا محيطيَّاً، فيَكونُ الجهازُ اللاودِّي النَّاشئ من الحبل النُّخاعي العجزي مَسْؤولاً عن التَّهيُّجِ التَّناسلي الباكر مع احتقان الأشفار، والبظر، والمهبل بالدَّم والتَّزْليق المهبلي. ويشاركُ الجهازُ الودِّي من جهةٍ أخرى في المراحل المتأخِّرَة من التَّهيُّج عبر زيادةِ سرعة القلب، وضغط الدَّم، وبلوغ النشوة. وفي هذه الأثناء، وعلى الجبهة الهُرْمونيَّة، تُنبِّهُ الإستروجيناتُ أيضاً النَّموَّ والنَّشاط العَصَبِيَّيْن، وتُعِزِّز الأنـزيماتِ والمستقبلات والنَّوَاقِل العصبية التي تُنبَّه سُلوك التَّزاوُج والفيزيولوجيَّة التَّناسليَّة (غولدشتاين وزملاؤه 2006).
إنَّ آليةَ التَّهيُّج الجِنْسي الأنثوي تعادلُ من النَّاحية الفيزيولوجيَّة انتصاب القَضيب عند الذَّكَر؛ ففي غُضون بضع ثوانٍ من التَّنْبيهِ الجِنْسي، يحصلُ الاحتقانُ الوعائي التَّناسُلي (زيادة الجريان واحتقان الدم) تحت تأثير أُكْسيد النِّتْريك المنطلق بفِعْلِ الأعصاب اللاودِّية، كما تتحرَّرُ مادَّةٌ موسِّعة للأوعية تُدْعَى البِبْتيد المعوي الفعَّال في الأوعية (VIP). ويُعَدُّ أُكْسيدُ النِّتْريك والبِبْتيدُ المعوي الفعَّال في الأوعية أقوى النَّوَاقِل العصبيَّة في النَّسيج المهبلي والنَّسيج الكهفي البظري. ومع حدوث الارتخاء في العَضَل الأملس والتَّوسُّع الشِّرْيانِي في المهبل، يَتسرَّبُ السَّائلُ من الظِّهارة نحو الحيِّز المهبلي، ممَّا يؤدِّي إلى التَّزْليق؛ كما تَكونُ هناك زيادةٌ في قطر المهبل وطوله.
تحت تأثيرِ الهُرْمونات المُنْطَلِقَة في الوِطاء، تُفْرِز الغدَّةُ النُّخاميَّة الهُرْمونَ المنبِّه للجُرَيْب (FSH) والهُرْمونِ المُلَوْتِن (LH) اللذان ينبِّهان تنامي الجُرَيْبات المبيضيَّة، وإنتاجَ الإستروجينات، والهرمونات الذكريَّة (الأَنْدروجينات) من المبيضين فَضْلاً عن هرمون الموجِّهة القشريَّة (ACTH) الذي ينبِّه إفرازَ الهرمونَات الذكريَّة (الأَنْدروجينات) "ثنائي هيدرو إيبي أَنْدروستيرون (DHEA) والأَنْدروستينيديُون والتِّسْتوستيرون" من الغدَّتين الكُظْريَّتين.
إنَّ تأثيرَ الإستروجين في التَّهيُّج الجِنْسي معقَّدٌ؛ ولكن من المعروف أنَّه ضروريٌّ للتَّزْليق المهبلي وارتخاء العضل الأملس خلال التَّهيُّج الجِنْسي، وقد يمارسُ دوراً رئيسياً في الاحتقان الوعائي المهبلي أيضاً. ويؤدِّي انخفاضُ مستويات الإستروجين إلى ضمور المهبل (انكماش جدران المهبل وترقُّقها)، وهذا ما يحصل لدى 40٪ من النِّساء بعد سنِّ اليأس، وقد يؤثِّر سلباً في الوظيفةِ الجِنْسيَّة. كما يحافظُ هذا الهرمونُ على سلامةِ البِطانة المهبلية، وجريان الدَّم، والمرونة، وتَكْوين أنـزيم سِنْثاز أُكْسيد النِّتْريك (NOS) الذي يُنْتِج أُكْسيدَ النِّتْريك.
كما تُساهِمُ الأندروجيناتُ (الهُرْمونات الذكريَّة) في المحافظةِ على الرَّغْبَةِ الجِنْسيَّة لدى الأنثى وتَنْبيه الاهتمام الجِنْسي. ويمكن أن ينجمَ عوزُ الأندروجينات الأنثويَّة عن أمراض تصيب الوِطاءَ، أو الغدَّةَ النُّخاميَّة، أو المبيضين، أو الغدَّتين الكظريَّتين أو قد تنجم عن أسباب متفرِّقَة (غولدشتاين 2006). كما يمكن أن يؤدِّي عَوزُ كلٍّ من الهُرْمونات الأنثويَّة والذكريَّة عند المرأة، بسبب تقدُّم العمر أو الاستئصال الجراحي للمبيضين، إلى نَقْصٍ ملحوظ في الرَّغْبَةِ الجِنْسيَّة، وفَقْدان الطَّاقة، والتَّعَب المستمر، ونَقْص الإحساس بالعافيَة (بولور وبرونشتاين 2005). وقد يُسْتَدَلُّ على الدَّوْرِ المُحْتَمَل للتِّسْتوستيرون في الاستجابةِ الجِنْسيَّة الأنثويّة من خلال نَقْصِ الرَّغْبَةِ والتهيُّج الجِنْسي عندَ النِّساء المصابات بنَقْص إنتاج التِّسْتوستيرون. ولكن لم يتبيَّنْ وجودُ علاقةٍ مباشرة بين مستويات التِّسْتوستيرون المصليَّة عند النِّساء والاستجابة الجِنْسيَّة؛ وربَّما لا تَدُلُّ التَّراكيزُ المصليَّة تماماً على مستوى إنتاج التِّسْتوستيرون في المبيضين والغدَّتين الكُظْريَّتَيْن (باسون 2006).
أنماطُ خَلَل الأداء الجِنْسي عِنْدَ الأنثى
مثلما هي الحال في خَلَلِ الأداء الجِنْسي عند الذكر، يقومُ خللُ الأداء الجِنْسي عند الأنثى على تداخل عوامل بَيُولوجيَّة، وتطوريَّة، وتاريخيَّة، وغدِّية صمَّاويَّة، ونفسيَّة اجتماعيَّة. لكن بالمقارنةِ مع المشاكل الجِنْسيَّة لدى الرِّجال، تُعَدُّ المشاكلُ الجِنْسيَّة عند النِّساء أكثرَ شيوعاً، وتعقيداً، وصعوبةً في التَّشْخيص والمعالجة، وتَكونُ ذات حصيلةٍ سيِّئة عادةً.
يُقْسَمُ خَللُ الأداء الجِنْسي عند الأنثى إلى خمسة أَصْناف عامَّة:
1. فَقْدان الاهتمام الجِنْسي.
2. غياب أو نَقْص الرَّغْبَة الجِنْسيَّة.
3. اضطرابات التَّهيُّج الجِنْسي.
4. الصُّعوبَة المستمرَّة في بلوغ النشوة.
5. الألم المهبلي أو التَّناسُلي أثناء المجانسة.
كما تُقْسَمُ اضطراباتُ التَّهيُّج الجِنْسي إلى أصناف أخرى: (أ) فَقْدان التَّهيُّج الشَّخْصي، والذي يتَّصفُ بغياب أو نَقْص الشُّعور بالتَّهيُّج بأيِّ نمطٍ من التَّنْبيه الجِنْسي، مع أو من دون خَلَلِ الاستجابةِ التَّناسُلية مثل التَّزْليق المهبلي والتَّورُّم الفرجي؛ (ب) فَقْد التَّهيُّج التَّناسُلي، لكن مع المحافظةِ على الإثارَة الجِنْسيَّة الشَّخْصية بمنبِّهات غير جِنْسية (باسون 2006).
لكنَّ التَّقْسيمَ الفرعيَّ - وللأسف - مفرطُ التَّبْسيط؛ فمثلاً، يمكن أن تترافقَ صعوباتُ التَّهيُّج الجِنْسي مع جميع المنبِّهات الجِنْسيَّة أو مع التَّنْبيه التَّناسُلي فقط. وعلاوةً على ذلك، يُغْفِلُ هذا التَّصْنيفَ بوضوح الشَّكاوى الأخرى، مثل فَقْدان الرِّضا، والمتعة الجِنْسيَّة، ونقص درجة الإشباع الجِنْسي، وغياب الأُلْفَة أو العاطفة، والافتقار إلى الجاذبيَّة الجسدية، وضعف العلاقة الزوجيَّة يمكن أن تفسر هذه الاضطراباتُ التَّراجعَ الملاحظ والمسجَّل بوضوح في الاهتمام الجِنْسي، والنشوة، وتواتر المجانسة لدى النِّساء في متوسِّط العمر أو ما حوله، ويَتَجلَّى ذلك أكثر ممَّا هو عليه لدى الرِّجال في الفئة العمريَّة نفسِها.
استناداً إلى نَموذج بَديل يَدُلُّ على أَسْبابِ النَّشاط الجِنْسي وحوافزه عند النِّساء بَعيداً عن أيِّ إدراكٍ أولي للرَّغبة الجِنْسيَّة، جَرَتْ التَّوْصِيةُ بعددٍ من بنود التَّغْيير الأساسيَّة لتَصْنيفِ خَلَلِ الأداء الجِنْسي عِنْدَ الأنثى في الملتقى الدُّوَلي الثانِي للطبِّ الجِنْسي. وفي هذا المؤتمر، أُعِيدَ تَعْريفُ اضطراب بلوغ النشوة على أنَّه "غياب النشوة رغم التَّهيُّجِ الشَّخْصي المرتفع". كما كانَ التَّعْريفُ المُقْتَرَح لعُسْرِ المجانسة يَنصُّ على محاولات دخول جزئي مؤلِم في المهبل، فَضْلاً عن الشعور بالألم أثناء المجانسة مع توتُّرٍ انعكاسي في العضلات المهبليَّة من دون موجودات جسديَّة". وجرت إضافةُ اضطرابٍ جديد يُدْعَى "التَّهيُّجَ التَّناسُلي المستمر" أيضاً.
شَدَّدتْ هيئةُ التَّصْنيف في المؤتمر على سياقيَّة الجنسانيَّة الأنثويَّة، مع تأثيرٍ كبير للتَّطوُّر النَّفْسي الجِنْسي، والاضطرابات النَّفْسيَّة السَّابقة أو الرَّاهنة، والتَّجْربة الجِنْسيَّة السَّابقة، والأمراض العضويَّة، والإجراءات الجراحيَّة الحوضيَّة السَّابقة، وبعض الأدويَة، وعوامل أخرى مؤهِّبَة أو مسبِّبة أو مُبْقِيَة في حُدوثِ خَلَلِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى. وهناك عنصرٌ جديد في التَّصْنيف الجديد المقتَرَح يشتمل على درجة الانـزعاج الجسدي الناجم عن خَلَلِ الأداء.
الاِنْتِشارُ وعَوَامِلُ الخَطَر
تُبْدِي مراجعةُ الأدب الطبي فيما يتعلَّق بالأوجهِ المختلفة لخَلَلِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى وقوعاً عالمياً لظاهرة أو أكثر بمعدَّل 25 - 63٪، ويُلاحظُ أنَّ النساءَ بعد سنِّ اليأس يُبْدينَ عدمَ رضا أكثر من النِّساء قبلَ سنِّ اليأس، بنسبة 33٪ مقابل 17٪ على التوالي تقريباً. وفيما يلي نموذجٌ عن بعض الإحصائيَّات:
= تراوحَ نَقْصُ الاهتمام الجِنْسي لدى النساء ما بين 33٪ فـي الولايات المتحدة والسُّوَيْد، و17٪ في المملكة المتحدة.
= تراوحَ مُعَدَّلُ انتشار نَقْص الرغبة الجِنْسيَّة الواضح ما بين 8٪ في فرنسا و35٪ في فنلندا، وأظهرَ نحو 55٪ من النِّساء الفرنسيَّات نَقْصاً خَفيفاً في الرغبةِ الجِنْسيَّة؛ وبلغَ مُعَدَّلُ الوقوع العالمي لهذا النقص 10 - 51٪ (باسون 2006).
= سُجِّلَ نَقْصُ التَّهيُّج الجِنْسي لدى 16٪ من النِّساء ممن تتراوح أعمارهن بين 55 - 57 في آيسلندا.
= كمعدل إجمالي سُجِّلَ وقوع شكل ما من أشكال خلل الأداء الجِنْسي بمعدل 43٪ لدى النِّساء الأميركيَّات ممن هم بين 18 - 59 سنة، وعانَت 22٪ منهن من نَقْصِ الرغبة و14٪ من صعوباتٍ في التَّهيُّج الجِنْسي (لومان وزملاؤه 1999).
في دراسةٍ شملت 9000 امرأة تتراوح أعمارهن بين 40 - 80 سنة، اُخْتِرَنَ بشكلٍ عشوائي من 29 بلداً، وكُنَّا يجانسن مرَّةً واحدة على الأقل في السنة الماضية، واستعملنَ استبياناً مفصَّلاً لتَقْييم المواقف، والسُّلوك، والممارسات، والمعتقدات التي يمكن أن تساهمَ في ظهور المشاكل الجِنْسيَّة، لوحظت فوارقُ جغرافيَّة واضحة في انتشارِ المشاكل الجِنْسيَّة عند الأنثى، حيث ظهرت أعلى مُعَدَّلات الوُقوع في جَنوب شرقي آسيا. وبالنِّسْبَةِ إلى النِّساء حول العالم، كانت أكثرُ الاضطرابات الجِنْسيَّة شيوعاً هي فَقْدان الاهتمام بالجِنْس لدى 26 - 43٪، والعَجْز عن بلوغ النشوة لدى 18 - 41٪. وقد وُجِدَ أنَّ عواملَ نفسيَّة واجتماعية مختلفة تُنْقِصُ احتمالَ نَقْص الرغبة الجِنْسيَّة: التَّاريخ الطبِّي والممارسَة الجِنْسيَّة السابقين الإيجابيَّين، والعلاقَة الزَّوجية الصحِّية، والصحَّة الجسدية والنفسية الجيِّدة، والانجذاب الجسدي المتبادل، والموقف الإيجابي من الجنس، والمنـزلة الاجتماعية والتَّثْقيف الرَّفيعان (دِينيرشتاين وزملاؤه 2005).
في دراسةٍ عالمية أخرى (لومان وزملاؤه 2005)، لم يُؤَثِّرْ تَقدُّمُ العمر لدى النساء - خلافاً لتأثيرِه في الرِّجال - إلاَّ في عمليَّة التَزْليقِ خلال التهيُّج. كما كانت الصحَّةُ النَّفْسيَّة والاكتئاب أكثرَ ميلاً إلى الترافق مع نقصِ التَّزْليق المهبلي من دون أيِّ تأثيرٍ رئيسي في المعالمِ الجِنْسيَّة الأخرى. وعلاوةً على ذلك، تَبيَّنَ أنَّ العواملَ الاجتماعيَّة والاقتصادية ترتبط بظهور المشاكل الجِنْسيَّة لدى كلٍّ من الذُّكور والإناث.
وأَوضحَتْ دراسةٌ استبيانيَّة حَديثَة (بونهولزَر وزملاؤه 2005) في مجموعةٍ صحيحة الجسم من النِّساء النمساويَّات تتراوح أعمارهن بين 20 - 80 سنة، أظهرت موجوداتٍ لافتة للنَّظر في عدَّة أوجه من السُّلوك الجِنْسي والاضطرابات الجِنْسيَّة؛ حيث ذكرَ نحو 22٪ من النِّساء (703 نساء) مشاكلَ في الرغبة الجِنْسيَّة، و35٪ اضطراباتٍ في التَّهيُّج، ونحو 13٪ ألماً خلال الممارسةِ الجِنْسيَّة، و39٪ اضطراباتٍ في بلوغ النشوة؛ وقد زادَ مُعَدَّلُ وُقوع كل هذه المشاكل مع تقدُّم العمر. ورغم ذلك، ذكرَ نحو 50٪ من النِّساء ممن تتراوح أعمارهن بين 60 - 75 سنة ظهورَ الرغبة الجِنْسيَّة أحياناً، ونحو 30٪ القيامَ بأكثر من مجانستين في الشَّهْر، ونحو 50٪ ذكرنَ أنَّ الحياةَ الجِنْسيَّة الصحية هامَّة لهن. ومن بين عوامل الخطر في ظُهورِ خَلَلِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى، ترافقَ كَوْنُ المرأة رياضيةً أو تشارك في الألعابِ الرياضيَّة مع نقصِ الرَّغْبَة واضطرابات التَّهيُّج، في حين ترافقَ الكربُ النَّفْسي مع اضطراباتٍ في بلوغ النشوة.
لقد حصلَ تَقَدُّمٌ كبير خلال السَّنوات القليلة الماضية في تبيان أنَّ سنَّ اليأس بحدِّ ذاته (وليس مجرَّد تقدُّم العمر) مسؤولٌ عن الاضطراباتِ الجِنْسيَّة التي تعاني منها النِّساءُ بعد سنِّ اليأس. وقد تابعت إحدى أكثر الدراسات شُمولاً على تأثيرات سنِّ اليأس، وهي مشروعُ الصحَّة لدى النِّساء في منتصف العمر في مَلْبورن 2001 امرأة أُسْتراليَّة، جرى اختيارُهنَّ بشكلٍ عشوائي، ودُرِسْنَ على مدى 9 سنوات؛ وأظهرت النتائج تراجعاً تدريجياً في تواترِ النَّشاط الجِنْسي والحافز والاستجابة، مع زيادةٍ في المجانسة المؤلمة بين سنِّ اليأس الباكر والمتأخِّر وما بعد سنِّ اليأس (دِينيرشتاين وزملاؤه 1994).
كما أظهرت دراستان قُدِّمَتا عام 2003 في مؤتمر خَلَل الوظيفة الجنسية الأوَّل في أميركا اللاتينية موجوداتٍ مشابهةً بشكل لافت للنَّظر؛ ففي مسحٍ أَرْجنتيني على 384 امرأةً تتراوح أعمارهن بين 18 - 75 سنة، عانى نحو 63٪ منهنَّ من نقصِ الرغبة الجِنْسيَّة، و30٪ من صعوباتٍ في التَّهيُّج، و31٪ من نقص التَّزْليق (تَرْطيب المهبل)، و29٪ من اضطراباتٍ في بلوغ النشوة، و13٪ من مجانسة مؤلمة. أمَّا في البرازيل، فقد وُجِدَ باستعراض نساء بعمر أكبر من 40 سنة نَقْصٌ في الرغبةِ الجِنْسيَّة لدى 58٪ منهن، وخلل في بلوغ النشوة لدى 21٪، وصعوبة في التَّهيُّج لدى 9٪.
المسببات
تَعَدُّ أسبابُ خَلَل الوَظيفَة الجِنْسيَّة عِنْدَ الأنثى متعدِّدةً ومختلطة عادةً، فقد تَكونُ هُرْمونيَّةً، أو عصبيَّة، أو نفسية، أو بنيوية، أو بوليَّة نسائية، أو وعائيَّة، أو دوائية، أو تَوْليفة من كلِّ أو بعض ذلك. وتشتملُ أكثرُ الأسباب شُيُوعاً لنَقْصِ الرغبة أو الشَّهْوة الجِنْسيَّة عند النساء على الاكتئابِ، والقلق، وضعف العَلاقة، والأمراض الحادَّة أو المزمنة، وعوز الهرمونات الذكريَّة أو الأنثوية، وبعض الأدوية (غولدشتاين 2006).
من بين المسببات الأكثر شُيُوعاً لخلل الأداء الجِنْسي لدى الأنثى نذكر عوزَ الإستروجين بعد سنِّ اليأس؛ فكما ذكرنا، يمكن أن يؤدِّي هذا العوزُ إلى تغيُّراتٍ في التَّشْريح التناسلي والاستجابة الجِنْسيَّة؛ ويصبح الشُّفْران أكثرَ رقةً بشكلٍ نموذجي، وهذا ما يقودُ إلى فَرْط تَعرُّض البَظْر ونقص حساسيَّته، كما تُصْبحُ البطانةُ المهبليَّة أكثرَ ترقُّقاً وجفافاً، وينجمُ عن ذلك نَقْصُ التَّزْليق خلال التَّهيُّجِ الجِنْسي. وتمارسُ الهرموناتُ الستيرويديَّة دَوْراً أساسياً في تنظيمِ وظيفة النَّسيج المهبلي ومورفولوجيَّته، ويمكن أن يؤدِّي عوزُها إلى خللِ الأداء الجِنْسي أيضاً عن الأنثى. وهناك حالةٌ هُرْمونيَّة أخرى تُدْعَى فَرْطَ برولاكتين الدم، حيث يرتفعُ المستوى المصلي للهُرْمون النُّخامي البرولاكتين، والذي يدعى بالعامية "هرمون الحليب"؛ وقد تؤثِّر هذه الحالةُ في كل أوجه الاستجابة الجِنْسيَّة، بَدْءاً من الرَّغْبَةِ والتَّهيُّج وحتى بلوغ النشوة والإشباع. ويساهمُ ذلك في المجانسة المؤلمة أيضاً لدى نحو 88٪ من النِّساء المصابات بفَرْطِ برولاكتين الدَّم.
كما قد تَكونُ بعضُ الاضطرابات البوليَّة النسائية عواملَ مؤهِّبَة أيضاً، مثل الاِنْتِباذ البِطانِي الرَّحِمي، وتَدلِّي الحوض، والأَوْرام الليفيَّة الرَّحِمية، والتهاب المثانة، والتهاب الفَرْج والمهبل، وألم الفرج لا سيَّما بالنسبة إلى المجانسة المؤلمة. وتشتملُ الأسبابُ المحتملة الأخرى على:
= داء السكري أو غيره من أشكال اعتلال الغُدَد الصُّم.
= التهاب المفاصل.
= الكحوليَّة (إدْمان الكُحول).
= الاضطرابات البوليَّة أو المعوية.
= الجراحة الحوضيَة (مثل استئصالِ الرَّحم) أو رُضوض الحوض.
= إصابات أو أمراض النُّخاع الشوكي.
= الصُّداع.
= الأَمْراض العصبيَّة (مثل التَّصلُّب المتعدِّد).
= داء الشرايين التَّاجية.
= فَرْط ضغط الدَّم.
كما يمكن أن يلعب التَّدْخينُ، وارتفاعُ كوليسترول المصل، وركوب الدَّرَّاجة المديد والمتكرِّر أدواراً في ذلك. ويمكن أن يُؤَدِّي العَديد من الأدوية أيضاً إلى اضطراب الأداء الجِنْسي الطَّبيعي عند النِّساء: بعض مضادَّات ارتفاع ضغط الدَّم، ومانعات الحمل، ومضادَّات الاكتئاب (لا سيَّما مثبِّطات اِسْترداد السِّيروتونين الانتقائيَّة)، والمركِّنات، وأدوية المعالجة الكيميائيَّة، ومضادَّات الذُّهان، وبعض الأدوية المستعمَلَة في معالجةِ القرحة الهضميَّة أو الإثنا عشريَّة.
قد يكونُ خللُ الانتصاب أو القذف الباكر لدى الشَّريك الذكر من الأسباب الهامَّة والمنسيَّة غالباً لخللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى؛ فشَريكاتُ الرِّجال المصابين بعجز في تحقيق الانتصاب يذكرنَ اهتماماً أقل بالمجانسة، ويشعرنَ بدرجةٍ أقل من الإشباع الجِنْسي بما يتناسَب مع درجة العجز في تحقيق الانتصاب عند الرَّجُل (رُوزِن وزملاؤها 2004). كما يُلاحَظُ ارتفاع حصول خلل الأداء الجِنْسي عند الأنثى بين الإناث المتزوجات من رِّجال يُعانون من عجز في تحقيق الانتصاب، وقد يصلُ ذلك حتَّى 70٪، مع صعوبةٍ في بُلوغ المرأة النشوة أو استمتاعها بالجِنْس (سُوتوماير 2005). وفي دراسةٍ على هذه المسألة، لوحظَ تَحسُّنُ خَللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى بشكلٍ واضح بعدَ المعالجة النَّاجحة للعجز في تحقيق الانتصاب لدى الشَّريك الذكر بمُثَبِّطات الفُسْفُودَايسْتِراز من الفئة 5 أو البِدْلات القضيبيَّة (كايان وزملاؤه 2004).
خَبرٌ عاجِل: خَللُ الأداء الجِنْسي لدى الأنثى والمتلازمَة الاستقلابيَّة
هناك دِراسَةٌ حَديثة هي الدراسةُ الأولى التي أوضحت العلاقةَ بينَ خَللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى وحالةٍ غير صحِّية التي تُدْعَى المتلازمةَ الاستقلابيَّة (إِسْبُوسيتو وزملاؤه 2005؛ انظرْ أيضاً الصفحة...). وتَتَّصِفُ هذه المتلازمةُ بما يلي:
= تراكُم الدُّهْن في البطن، مع محيطٍ للخصر أكبر من 102 سنتم لدى الرِّجال و88 سنتم لدى النِّساء.
= انخفاض كوليسترول البروتين الشَّحْمِي المُرْتَفِع الكَثافَة HDL (الكوليسترول الجيِّد) أقل من 40 ملغ/100 ملل لدى الرِّجال، و50 ملغ/ملل لدى النِّساء.
= ارتفاع ثلاثيَّات الغليسيريد في المصل أكثر من 150 ملغ/100 ملل.
= ارتفاع ضَغْط الدَّم الانقباضي أكثر من 130/85 ملم.
= مقاومة الأنسولين، مع ارتفاع سُكَّر الدَّم على الريق أكثر من 120 ملغ/100 ملل.
يمكن أن تَتصاحبَ المتلازمةُ الاستقلابيَّة لدى الرِّجال بنَقْص مستوى التِّسْتوستيرون في المصل؛ أمَّا عِنْدَ النِّساء فقد ترتبطُ بالتَّغيُّرات الهُرْمونية أيضاً. ولكنَّ إثباتَ هذه النَّظرية يحتاجُ إلى المزيد من الدِّراسات.
العَوَامِلُ النَّفْسيَّة والعواملُ المرتبطة بالعلاقات
يمكن أن يؤهِّبَ الكَرْبُ الشَّخْصي والزوجي والمهني، والقلق، والتَّعَب، والاكتئاب، والانتهاك الجِنْسي، وإدمانُ المخدِّرات، ونقص الاعتداد بالذات، ومشاكل الهويَّة، واضطراباتُ الشَّخْصية، ومشاكلُ صورة الجسد إلى إصابة المرأة بشكلٍ ما من خَللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى، ربَّما من خلال تَثْبيط التَّنْشيط الضَّروري للجهازِ العصبي الودِّي. كما يمكن أن يَنْقُصَ التَّهيُّجُ الجِنْسي الشَّخْصي والرَّغْبَة بالجنس نتيجةَ عددٍ من العوامل النَّفْسيَّة الاجتماعية الأخرى مثل: تَشتُّت الانتباه أثناء المجانسة، أو توقُّع ألم أثناء المجانسة (انظرْ لاحقاً)، أو عدم الرَّغْبَة بتَكْرار إخفاقٍ سابق، أو التَّجْربة الجِنْسيَّة الرَّاضَّة السَّابقة (مثل الاغتصاب)، أو فَقْدان المكافآت غير الجِنْسيَّة (مثل الأُلْفَة العاطفية أو الجسدية)، أو فَقْدان الاهتمام بإسعادِ الشَّريك، أو الشُّعور بالاستعمالِ أو الاِسْتِغْلال، أو الخَيْبَة من فَقْدِان الاستجابَة الجِنْسيَّة.
تَحَدَّتْ دراسةٌ حديثة المفهومَ القائل إن نقصَ الرَّغْبَة الجِنْسيَّة بَعْدَ سنِّ اليأس ينجمُ بشكلٍ رئيسي عن انخفاض مستويات الهُرْمونات الأنثويَّة؛ فقد اقترحَ واضعو الدِّراسة أنَّ السَّببَ الرَّئيسي ربَّما يَكونُ عدم رِضا النِّساء عن أجسادهن بعد التَّغيُّرات الجسديَّة المرافقة لسنِّ اليأس، مُرْتَئين أنَّ صورةَ الجسد السَّلبيَّة كانت عامِلاً رَئيسياً في نَقْصِ الرَّغْبَة الجِنْسيَّة لدى نحو 21٪ من النِّساء المسنَّات القَريبات من سنِّ اليأس أو في أثنائه (باسون وزملائها 2006). وربَّما يَكونُ للشُّعور بالإحراج من شَكْل الجسم ومنظره تأثيرٌ هام في الرَّغْبَةِ الجِنْسيَّة وفي السَّعْي نحو ممارسةِ أيِّ نشاطٍ جِنْسي، حتَّى في غياب الاضطراب العضوي.
يُعَدُّ سَلَسُ البَوْل تَوْليفةً قوية أخرى للتَّفاعل بين العوامل النَّفْسيَّة والجسدية، والتي تصبحُ من خلالها بعضُ النِّساء مؤهِّباتٍ للتغيُّرات المثانيَّة وضَعْف عضلات الحوض بسببِ تَقدُّم العمر أو الوِلادات المتكرِّرَة. وقد يَكونُ سَلَسُ البول، لا سيَّما أثناء المجانسة، ذا تأثيرٍ نفسي مدمِّر لدى بعض النِّساء وشركائهم، ممَّا يقودُ إلى نقص الاهتمام بالجنس والرَّغْبَة فيه.
لقد اُفْتِرَض أيضاً أنَّ بعضَ أعراض خَللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى، والتي عُزِيَتْ سابقاً إلى مشاكل مرضيَّة، تنجمُ فعليَّاً عن ضَعْف طرق وأساليب المجانسة؛ فليس من غير المألوف أن تجدَ رجلاً يفتقرُ إلى أدنى معرفة أساسيَّة بالتَّشْريح الأنثوي، أو النقاط المثيرة للشَّهوة الجِنْسيَّة عند المرأة، وبطرق تَهْييجها ومساعدتها على بلوغ النشوة؛ فالكثيرُ من الرِّجال لا يعرفون ولا يمارسون سوى الإيلاج المهبلي، من دون ملاعبةٍ ولا مُداعَبة سابقة للمجانسة، على أمل أن تُقدِّم طبيعةُ الأم بقيةَ الرِّعاية.
بالنِّسْبَةِ إلى الكَثيرات من النِّساء (وشركائهن)، تُعَدُّ المواقفُ والتَّصرُّفات الجِنْسية المعاصرة حقلاً جديداً، وعِلْماً يحتاجُ إلى بعض الوقت للحصولِ عليه. ولقد أصبحَ خبراءُ الطبِّ الجِنْسي يَقْبلون في نهايةِ الأمر بمَواطِن ضَعْفهم، بعدما كانوا يركِّزونَ سابقاً كلَّ جهودهم على الأوجهِ المختلفة لخَللِ الأداء الجِنْسي عِنْدَ الذَّكر ويُهْمِلون تماماً المشاكلَ الجِنْسية عند النِّساء. ولقد ركَّزَتْ العديدُ من المؤتمرات الدُّوَليَّة الحديثة والمناقشات الواسعة على الحقل الهام والمتَّسِع لخللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى (FSD)، كما نشأت ثروةٌ من المعلوماتِ الجديدة في الأبحاث والمراجعات المنشورة لإنقاذ ملايين النِّساء من براثن العذاب نتيجة اضطراباتهن الجنسية.
يِصِفُ هذا الفصل بإيجاز الاستجابةَ الجِنْسيَّة الأنثويَّة، ويلخِّصُ مسببات خَلل الأداء الجِنْسي الأنثوي وأعراضَه وتشخيصَه ومعالجتَه.
الاستجابةُ الجِنْسيَّة الأنثويَّة
تُعَدُّ الجنسانيَّةُ (النَّشاط الجِنْسي) عند النِّساء في الواقع متعدِّدَة العوامل، حيث تشتملُ على عوامل بَيولوجيَّة، ونفسيَّة اجتماعية، وسياقيَّة. وكما هو الأمرُ في الذكر، تمثِّلُ الاستجابةُ الجِنْسيَّة الأنثويَّة ظاهرةً متعدِّدَة الأجهزة تعتمدُ تماماً على سلامة الجهاز الوعائي، والعصبي، والهرموني، والعصبي العضلي، والمناعي. كما تشتملُ أيضاً على المكوِّنات البنيَويَّة لمختلف النُّسُج، وهي تتأثَّرُ بعواملَ نفسيَّةٍ وعوامل العلاقة.
لقد ظهرَ الوَصْفُ الرَّائِد، ولكن المُفْرِط التَّبْسيط، بادِئَ ذي بَدْء من قِبَل ماسترز وجونسون للاستجابةِ الجِنْسيَّة الأنثويَّة، ثمَّ من قِبَل كابلان (1997)، وجَرَى حَديثاً إيضاحُ الخصائص الجديدة لهذه الاستجابة من قبل باسون وزملائها (2005)؛ فقد يَكونُ من الممكن لدى النِّساء تَحْريضُ الرَّغْبَة الجِنْسيَّة بالتَّهيُّجِ الجِنْسي، مع أنَّه غالباً ما يحدثُ التَّهيُّجُ الجِنْسي والرَّغْبَة معاً، ويعزِّز كلُّ واحدٍ منهما الآخر، غير أنَّ التَّهيُّجَ الجِنْسي يمكن أن يثيرَ الرَّغْبَة النَّفْسية مع تأثيرٍ قليل في الاستجاباتِ الجسديَّة مثل الاحتقان التَّناسُلي؛ فبوجودِ المنبِّه الجِنْسي أو حتَّى المنبِّهات غير الجِنْسيَّة، مثل مشاعر العافيَة أو الأُلْفَة العاطفيَّة أو الرَّغْبَة بإرضاء الشَّريك، يمكن أن تصبحَ المرأةُ مستعدَّةً للدُّخولِ في مجانسة وتشعر برغبةٍ جِنْسيَّة "متأصِّلَة"، حتَّى عندما تَكونُ هذه الرَّغْبَةُ غائبةً في البداية. ويفعِّلُ تَنْبيهُ الجهاز العصبي الودِّي التَّهيُّجَ الجِنْسي، ثمَّ يتلوه احتقانٌ تناسلي وتَزْليق مهبلي.
تشتملُ الاستجابةُ الجِنْسيَّة الأنثويَّة على تشابكِ أطوار مختلفة، مع احتمال الغياب الأولي للرَّغْبَة الجِنْسيَّة. ويعتمدُ تهيُّجُها الشَّخْصي على المنبِّه الجِنْسي الأصلي "والانفعالات المرافقة والمعطيات النَّاجمة عن التَّهيُّج".
توافقُ النِّساءُ في العَلاقات المديدة، على الجنسِ لأسباب مختلفَة لا تتعلَّقُ بالرَّغْبَةِ الجِنْسيَّة؛ فالأنثى يمكن أن تنخرط في الجنسِ لزيادة القُرْب العاطفي من شَريكها وزيادة إحساسها بكيانها، وحتَّى تشعرَ بأنَّها أكثرُ جاذبيةً لشَريكها، ولكي تقنعَ نفسَها وربَّما لترضي نفسَها أحياناً بأنَّ لديها شعوراً بالرَّغْبَة أو الحاجة الجِنْسيَّة (باسون 2005). وينجمُ التَّهيُّجُ الجِنْسي الشَّخْصي عن التَّنْبيه الجِنْسي مع زيادةٍ انعكاسيَّةٍ في الاحتقانِ الوعائي التَّناسلي. ويمكن أن تؤدِّي الكثيرُ من العوامل البَيولوجيَّة أو النَّفْسيَّة إلى تَعْديل معالجة المعلومات الجِنْسيَّة في الذُّهْن ونَقْصها المحتمل في التَّهيُّج الشَّخْصي. وقد تتحرَّضُ الرَّغْبَةُ بحدِّ ذاتها، حتَّى وإن كانت غائبةً في البداية، بالإثارةِ الجِنْسيَّة عند المرأة.
يَكونُ التَّهيُّجُ الجِنْسي والرَّغْبَة مكمِّلَيْن لبعضهما البعض، حيث تسعى المرأةُ إلى الإرضاءِ الجِنْسي وبلوغ النشوة والشُّعور بأنَّها قريبةٌ من شَريكها. ويحرِّضُ هذا التَّهيُّجُ الجِنْسي، الذي يمكن تعديلُه أكثر بالعواطف والأفكار، استجابةً انفعاليَّة ومعرفيَّة يمكن أن تقودَ إلى الرِّضا الجِنْسي والنشوة. وبخلاف دورةِ الاستجابَة الجنسيَّة عندَ الرَّجُل، يمكن أن يحصلَ الرِّضا الجِنْسي عندَ الأنثى من دون نشوة، كما قد تحصلُ النشوة قبلَ التَّهيُّج الجِنْسي الكامل، وتحدثُ النشوة المتعدِّدة اللاحقة من دون المرور بفتراتِ حران، أو يتلو تهيُّجاً جِنْسياً كاملاً أو يحدث خلال انصرافه. وبذلك لا تشكِّلُ النشوة والتَّهيُّجُ الجِنْسي عند النِّساء كَيْنَونَتَيْن منفصلتين (باسون وزملائها 2005).
آليَّةُ التَّهيُّجِ الجِنْسي
تُساهِمُ الخلايا المتوضِّعة مركزيَّاً في الجسر (الجُزْء الدِّماغي المتوضِّع فوق المخيخ)، وجذع الدِّماغ، والوطاء في الاستجابةِ الجِنْسيَّة. أمَّا محيطيَّاً، فيَكونُ الجهازُ اللاودِّي النَّاشئ من الحبل النُّخاعي العجزي مَسْؤولاً عن التَّهيُّجِ التَّناسلي الباكر مع احتقان الأشفار، والبظر، والمهبل بالدَّم والتَّزْليق المهبلي. ويشاركُ الجهازُ الودِّي من جهةٍ أخرى في المراحل المتأخِّرَة من التَّهيُّج عبر زيادةِ سرعة القلب، وضغط الدَّم، وبلوغ النشوة. وفي هذه الأثناء، وعلى الجبهة الهُرْمونيَّة، تُنبِّهُ الإستروجيناتُ أيضاً النَّموَّ والنَّشاط العَصَبِيَّيْن، وتُعِزِّز الأنـزيماتِ والمستقبلات والنَّوَاقِل العصبية التي تُنبَّه سُلوك التَّزاوُج والفيزيولوجيَّة التَّناسليَّة (غولدشتاين وزملاؤه 2006).
إنَّ آليةَ التَّهيُّج الجِنْسي الأنثوي تعادلُ من النَّاحية الفيزيولوجيَّة انتصاب القَضيب عند الذَّكَر؛ ففي غُضون بضع ثوانٍ من التَّنْبيهِ الجِنْسي، يحصلُ الاحتقانُ الوعائي التَّناسُلي (زيادة الجريان واحتقان الدم) تحت تأثير أُكْسيد النِّتْريك المنطلق بفِعْلِ الأعصاب اللاودِّية، كما تتحرَّرُ مادَّةٌ موسِّعة للأوعية تُدْعَى البِبْتيد المعوي الفعَّال في الأوعية (VIP). ويُعَدُّ أُكْسيدُ النِّتْريك والبِبْتيدُ المعوي الفعَّال في الأوعية أقوى النَّوَاقِل العصبيَّة في النَّسيج المهبلي والنَّسيج الكهفي البظري. ومع حدوث الارتخاء في العَضَل الأملس والتَّوسُّع الشِّرْيانِي في المهبل، يَتسرَّبُ السَّائلُ من الظِّهارة نحو الحيِّز المهبلي، ممَّا يؤدِّي إلى التَّزْليق؛ كما تَكونُ هناك زيادةٌ في قطر المهبل وطوله.
تحت تأثيرِ الهُرْمونات المُنْطَلِقَة في الوِطاء، تُفْرِز الغدَّةُ النُّخاميَّة الهُرْمونَ المنبِّه للجُرَيْب (FSH) والهُرْمونِ المُلَوْتِن (LH) اللذان ينبِّهان تنامي الجُرَيْبات المبيضيَّة، وإنتاجَ الإستروجينات، والهرمونات الذكريَّة (الأَنْدروجينات) من المبيضين فَضْلاً عن هرمون الموجِّهة القشريَّة (ACTH) الذي ينبِّه إفرازَ الهرمونَات الذكريَّة (الأَنْدروجينات) "ثنائي هيدرو إيبي أَنْدروستيرون (DHEA) والأَنْدروستينيديُون والتِّسْتوستيرون" من الغدَّتين الكُظْريَّتين.
إنَّ تأثيرَ الإستروجين في التَّهيُّج الجِنْسي معقَّدٌ؛ ولكن من المعروف أنَّه ضروريٌّ للتَّزْليق المهبلي وارتخاء العضل الأملس خلال التَّهيُّج الجِنْسي، وقد يمارسُ دوراً رئيسياً في الاحتقان الوعائي المهبلي أيضاً. ويؤدِّي انخفاضُ مستويات الإستروجين إلى ضمور المهبل (انكماش جدران المهبل وترقُّقها)، وهذا ما يحصل لدى 40٪ من النِّساء بعد سنِّ اليأس، وقد يؤثِّر سلباً في الوظيفةِ الجِنْسيَّة. كما يحافظُ هذا الهرمونُ على سلامةِ البِطانة المهبلية، وجريان الدَّم، والمرونة، وتَكْوين أنـزيم سِنْثاز أُكْسيد النِّتْريك (NOS) الذي يُنْتِج أُكْسيدَ النِّتْريك.
كما تُساهِمُ الأندروجيناتُ (الهُرْمونات الذكريَّة) في المحافظةِ على الرَّغْبَةِ الجِنْسيَّة لدى الأنثى وتَنْبيه الاهتمام الجِنْسي. ويمكن أن ينجمَ عوزُ الأندروجينات الأنثويَّة عن أمراض تصيب الوِطاءَ، أو الغدَّةَ النُّخاميَّة، أو المبيضين، أو الغدَّتين الكظريَّتين أو قد تنجم عن أسباب متفرِّقَة (غولدشتاين 2006). كما يمكن أن يؤدِّي عَوزُ كلٍّ من الهُرْمونات الأنثويَّة والذكريَّة عند المرأة، بسبب تقدُّم العمر أو الاستئصال الجراحي للمبيضين، إلى نَقْصٍ ملحوظ في الرَّغْبَةِ الجِنْسيَّة، وفَقْدان الطَّاقة، والتَّعَب المستمر، ونَقْص الإحساس بالعافيَة (بولور وبرونشتاين 2005). وقد يُسْتَدَلُّ على الدَّوْرِ المُحْتَمَل للتِّسْتوستيرون في الاستجابةِ الجِنْسيَّة الأنثويّة من خلال نَقْصِ الرَّغْبَةِ والتهيُّج الجِنْسي عندَ النِّساء المصابات بنَقْص إنتاج التِّسْتوستيرون. ولكن لم يتبيَّنْ وجودُ علاقةٍ مباشرة بين مستويات التِّسْتوستيرون المصليَّة عند النِّساء والاستجابة الجِنْسيَّة؛ وربَّما لا تَدُلُّ التَّراكيزُ المصليَّة تماماً على مستوى إنتاج التِّسْتوستيرون في المبيضين والغدَّتين الكُظْريَّتَيْن (باسون 2006).
أنماطُ خَلَل الأداء الجِنْسي عِنْدَ الأنثى
مثلما هي الحال في خَلَلِ الأداء الجِنْسي عند الذكر، يقومُ خللُ الأداء الجِنْسي عند الأنثى على تداخل عوامل بَيُولوجيَّة، وتطوريَّة، وتاريخيَّة، وغدِّية صمَّاويَّة، ونفسيَّة اجتماعيَّة. لكن بالمقارنةِ مع المشاكل الجِنْسيَّة لدى الرِّجال، تُعَدُّ المشاكلُ الجِنْسيَّة عند النِّساء أكثرَ شيوعاً، وتعقيداً، وصعوبةً في التَّشْخيص والمعالجة، وتَكونُ ذات حصيلةٍ سيِّئة عادةً.
يُقْسَمُ خَللُ الأداء الجِنْسي عند الأنثى إلى خمسة أَصْناف عامَّة:
1. فَقْدان الاهتمام الجِنْسي.
2. غياب أو نَقْص الرَّغْبَة الجِنْسيَّة.
3. اضطرابات التَّهيُّج الجِنْسي.
4. الصُّعوبَة المستمرَّة في بلوغ النشوة.
5. الألم المهبلي أو التَّناسُلي أثناء المجانسة.
كما تُقْسَمُ اضطراباتُ التَّهيُّج الجِنْسي إلى أصناف أخرى: (أ) فَقْدان التَّهيُّج الشَّخْصي، والذي يتَّصفُ بغياب أو نَقْص الشُّعور بالتَّهيُّج بأيِّ نمطٍ من التَّنْبيه الجِنْسي، مع أو من دون خَلَلِ الاستجابةِ التَّناسُلية مثل التَّزْليق المهبلي والتَّورُّم الفرجي؛ (ب) فَقْد التَّهيُّج التَّناسُلي، لكن مع المحافظةِ على الإثارَة الجِنْسيَّة الشَّخْصية بمنبِّهات غير جِنْسية (باسون 2006).
لكنَّ التَّقْسيمَ الفرعيَّ - وللأسف - مفرطُ التَّبْسيط؛ فمثلاً، يمكن أن تترافقَ صعوباتُ التَّهيُّج الجِنْسي مع جميع المنبِّهات الجِنْسيَّة أو مع التَّنْبيه التَّناسُلي فقط. وعلاوةً على ذلك، يُغْفِلُ هذا التَّصْنيفَ بوضوح الشَّكاوى الأخرى، مثل فَقْدان الرِّضا، والمتعة الجِنْسيَّة، ونقص درجة الإشباع الجِنْسي، وغياب الأُلْفَة أو العاطفة، والافتقار إلى الجاذبيَّة الجسدية، وضعف العلاقة الزوجيَّة يمكن أن تفسر هذه الاضطراباتُ التَّراجعَ الملاحظ والمسجَّل بوضوح في الاهتمام الجِنْسي، والنشوة، وتواتر المجانسة لدى النِّساء في متوسِّط العمر أو ما حوله، ويَتَجلَّى ذلك أكثر ممَّا هو عليه لدى الرِّجال في الفئة العمريَّة نفسِها.
استناداً إلى نَموذج بَديل يَدُلُّ على أَسْبابِ النَّشاط الجِنْسي وحوافزه عند النِّساء بَعيداً عن أيِّ إدراكٍ أولي للرَّغبة الجِنْسيَّة، جَرَتْ التَّوْصِيةُ بعددٍ من بنود التَّغْيير الأساسيَّة لتَصْنيفِ خَلَلِ الأداء الجِنْسي عِنْدَ الأنثى في الملتقى الدُّوَلي الثانِي للطبِّ الجِنْسي. وفي هذا المؤتمر، أُعِيدَ تَعْريفُ اضطراب بلوغ النشوة على أنَّه "غياب النشوة رغم التَّهيُّجِ الشَّخْصي المرتفع". كما كانَ التَّعْريفُ المُقْتَرَح لعُسْرِ المجانسة يَنصُّ على محاولات دخول جزئي مؤلِم في المهبل، فَضْلاً عن الشعور بالألم أثناء المجانسة مع توتُّرٍ انعكاسي في العضلات المهبليَّة من دون موجودات جسديَّة". وجرت إضافةُ اضطرابٍ جديد يُدْعَى "التَّهيُّجَ التَّناسُلي المستمر" أيضاً.
شَدَّدتْ هيئةُ التَّصْنيف في المؤتمر على سياقيَّة الجنسانيَّة الأنثويَّة، مع تأثيرٍ كبير للتَّطوُّر النَّفْسي الجِنْسي، والاضطرابات النَّفْسيَّة السَّابقة أو الرَّاهنة، والتَّجْربة الجِنْسيَّة السَّابقة، والأمراض العضويَّة، والإجراءات الجراحيَّة الحوضيَّة السَّابقة، وبعض الأدويَة، وعوامل أخرى مؤهِّبَة أو مسبِّبة أو مُبْقِيَة في حُدوثِ خَلَلِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى. وهناك عنصرٌ جديد في التَّصْنيف الجديد المقتَرَح يشتمل على درجة الانـزعاج الجسدي الناجم عن خَلَلِ الأداء.
الاِنْتِشارُ وعَوَامِلُ الخَطَر
تُبْدِي مراجعةُ الأدب الطبي فيما يتعلَّق بالأوجهِ المختلفة لخَلَلِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى وقوعاً عالمياً لظاهرة أو أكثر بمعدَّل 25 - 63٪، ويُلاحظُ أنَّ النساءَ بعد سنِّ اليأس يُبْدينَ عدمَ رضا أكثر من النِّساء قبلَ سنِّ اليأس، بنسبة 33٪ مقابل 17٪ على التوالي تقريباً. وفيما يلي نموذجٌ عن بعض الإحصائيَّات:
= تراوحَ نَقْصُ الاهتمام الجِنْسي لدى النساء ما بين 33٪ فـي الولايات المتحدة والسُّوَيْد، و17٪ في المملكة المتحدة.
= تراوحَ مُعَدَّلُ انتشار نَقْص الرغبة الجِنْسيَّة الواضح ما بين 8٪ في فرنسا و35٪ في فنلندا، وأظهرَ نحو 55٪ من النِّساء الفرنسيَّات نَقْصاً خَفيفاً في الرغبةِ الجِنْسيَّة؛ وبلغَ مُعَدَّلُ الوقوع العالمي لهذا النقص 10 - 51٪ (باسون 2006).
= سُجِّلَ نَقْصُ التَّهيُّج الجِنْسي لدى 16٪ من النِّساء ممن تتراوح أعمارهن بين 55 - 57 في آيسلندا.
= كمعدل إجمالي سُجِّلَ وقوع شكل ما من أشكال خلل الأداء الجِنْسي بمعدل 43٪ لدى النِّساء الأميركيَّات ممن هم بين 18 - 59 سنة، وعانَت 22٪ منهن من نَقْصِ الرغبة و14٪ من صعوباتٍ في التَّهيُّج الجِنْسي (لومان وزملاؤه 1999).
في دراسةٍ شملت 9000 امرأة تتراوح أعمارهن بين 40 - 80 سنة، اُخْتِرَنَ بشكلٍ عشوائي من 29 بلداً، وكُنَّا يجانسن مرَّةً واحدة على الأقل في السنة الماضية، واستعملنَ استبياناً مفصَّلاً لتَقْييم المواقف، والسُّلوك، والممارسات، والمعتقدات التي يمكن أن تساهمَ في ظهور المشاكل الجِنْسيَّة، لوحظت فوارقُ جغرافيَّة واضحة في انتشارِ المشاكل الجِنْسيَّة عند الأنثى، حيث ظهرت أعلى مُعَدَّلات الوُقوع في جَنوب شرقي آسيا. وبالنِّسْبَةِ إلى النِّساء حول العالم، كانت أكثرُ الاضطرابات الجِنْسيَّة شيوعاً هي فَقْدان الاهتمام بالجِنْس لدى 26 - 43٪، والعَجْز عن بلوغ النشوة لدى 18 - 41٪. وقد وُجِدَ أنَّ عواملَ نفسيَّة واجتماعية مختلفة تُنْقِصُ احتمالَ نَقْص الرغبة الجِنْسيَّة: التَّاريخ الطبِّي والممارسَة الجِنْسيَّة السابقين الإيجابيَّين، والعلاقَة الزَّوجية الصحِّية، والصحَّة الجسدية والنفسية الجيِّدة، والانجذاب الجسدي المتبادل، والموقف الإيجابي من الجنس، والمنـزلة الاجتماعية والتَّثْقيف الرَّفيعان (دِينيرشتاين وزملاؤه 2005).
في دراسةٍ عالمية أخرى (لومان وزملاؤه 2005)، لم يُؤَثِّرْ تَقدُّمُ العمر لدى النساء - خلافاً لتأثيرِه في الرِّجال - إلاَّ في عمليَّة التَزْليقِ خلال التهيُّج. كما كانت الصحَّةُ النَّفْسيَّة والاكتئاب أكثرَ ميلاً إلى الترافق مع نقصِ التَّزْليق المهبلي من دون أيِّ تأثيرٍ رئيسي في المعالمِ الجِنْسيَّة الأخرى. وعلاوةً على ذلك، تَبيَّنَ أنَّ العواملَ الاجتماعيَّة والاقتصادية ترتبط بظهور المشاكل الجِنْسيَّة لدى كلٍّ من الذُّكور والإناث.
وأَوضحَتْ دراسةٌ استبيانيَّة حَديثَة (بونهولزَر وزملاؤه 2005) في مجموعةٍ صحيحة الجسم من النِّساء النمساويَّات تتراوح أعمارهن بين 20 - 80 سنة، أظهرت موجوداتٍ لافتة للنَّظر في عدَّة أوجه من السُّلوك الجِنْسي والاضطرابات الجِنْسيَّة؛ حيث ذكرَ نحو 22٪ من النِّساء (703 نساء) مشاكلَ في الرغبة الجِنْسيَّة، و35٪ اضطراباتٍ في التَّهيُّج، ونحو 13٪ ألماً خلال الممارسةِ الجِنْسيَّة، و39٪ اضطراباتٍ في بلوغ النشوة؛ وقد زادَ مُعَدَّلُ وُقوع كل هذه المشاكل مع تقدُّم العمر. ورغم ذلك، ذكرَ نحو 50٪ من النِّساء ممن تتراوح أعمارهن بين 60 - 75 سنة ظهورَ الرغبة الجِنْسيَّة أحياناً، ونحو 30٪ القيامَ بأكثر من مجانستين في الشَّهْر، ونحو 50٪ ذكرنَ أنَّ الحياةَ الجِنْسيَّة الصحية هامَّة لهن. ومن بين عوامل الخطر في ظُهورِ خَلَلِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى، ترافقَ كَوْنُ المرأة رياضيةً أو تشارك في الألعابِ الرياضيَّة مع نقصِ الرَّغْبَة واضطرابات التَّهيُّج، في حين ترافقَ الكربُ النَّفْسي مع اضطراباتٍ في بلوغ النشوة.
لقد حصلَ تَقَدُّمٌ كبير خلال السَّنوات القليلة الماضية في تبيان أنَّ سنَّ اليأس بحدِّ ذاته (وليس مجرَّد تقدُّم العمر) مسؤولٌ عن الاضطراباتِ الجِنْسيَّة التي تعاني منها النِّساءُ بعد سنِّ اليأس. وقد تابعت إحدى أكثر الدراسات شُمولاً على تأثيرات سنِّ اليأس، وهي مشروعُ الصحَّة لدى النِّساء في منتصف العمر في مَلْبورن 2001 امرأة أُسْتراليَّة، جرى اختيارُهنَّ بشكلٍ عشوائي، ودُرِسْنَ على مدى 9 سنوات؛ وأظهرت النتائج تراجعاً تدريجياً في تواترِ النَّشاط الجِنْسي والحافز والاستجابة، مع زيادةٍ في المجانسة المؤلمة بين سنِّ اليأس الباكر والمتأخِّر وما بعد سنِّ اليأس (دِينيرشتاين وزملاؤه 1994).
كما أظهرت دراستان قُدِّمَتا عام 2003 في مؤتمر خَلَل الوظيفة الجنسية الأوَّل في أميركا اللاتينية موجوداتٍ مشابهةً بشكل لافت للنَّظر؛ ففي مسحٍ أَرْجنتيني على 384 امرأةً تتراوح أعمارهن بين 18 - 75 سنة، عانى نحو 63٪ منهنَّ من نقصِ الرغبة الجِنْسيَّة، و30٪ من صعوباتٍ في التَّهيُّج، و31٪ من نقص التَّزْليق (تَرْطيب المهبل)، و29٪ من اضطراباتٍ في بلوغ النشوة، و13٪ من مجانسة مؤلمة. أمَّا في البرازيل، فقد وُجِدَ باستعراض نساء بعمر أكبر من 40 سنة نَقْصٌ في الرغبةِ الجِنْسيَّة لدى 58٪ منهن، وخلل في بلوغ النشوة لدى 21٪، وصعوبة في التَّهيُّج لدى 9٪.
المسببات
تَعَدُّ أسبابُ خَلَل الوَظيفَة الجِنْسيَّة عِنْدَ الأنثى متعدِّدةً ومختلطة عادةً، فقد تَكونُ هُرْمونيَّةً، أو عصبيَّة، أو نفسية، أو بنيوية، أو بوليَّة نسائية، أو وعائيَّة، أو دوائية، أو تَوْليفة من كلِّ أو بعض ذلك. وتشتملُ أكثرُ الأسباب شُيُوعاً لنَقْصِ الرغبة أو الشَّهْوة الجِنْسيَّة عند النساء على الاكتئابِ، والقلق، وضعف العَلاقة، والأمراض الحادَّة أو المزمنة، وعوز الهرمونات الذكريَّة أو الأنثوية، وبعض الأدوية (غولدشتاين 2006).
من بين المسببات الأكثر شُيُوعاً لخلل الأداء الجِنْسي لدى الأنثى نذكر عوزَ الإستروجين بعد سنِّ اليأس؛ فكما ذكرنا، يمكن أن يؤدِّي هذا العوزُ إلى تغيُّراتٍ في التَّشْريح التناسلي والاستجابة الجِنْسيَّة؛ ويصبح الشُّفْران أكثرَ رقةً بشكلٍ نموذجي، وهذا ما يقودُ إلى فَرْط تَعرُّض البَظْر ونقص حساسيَّته، كما تُصْبحُ البطانةُ المهبليَّة أكثرَ ترقُّقاً وجفافاً، وينجمُ عن ذلك نَقْصُ التَّزْليق خلال التَّهيُّجِ الجِنْسي. وتمارسُ الهرموناتُ الستيرويديَّة دَوْراً أساسياً في تنظيمِ وظيفة النَّسيج المهبلي ومورفولوجيَّته، ويمكن أن يؤدِّي عوزُها إلى خللِ الأداء الجِنْسي أيضاً عن الأنثى. وهناك حالةٌ هُرْمونيَّة أخرى تُدْعَى فَرْطَ برولاكتين الدم، حيث يرتفعُ المستوى المصلي للهُرْمون النُّخامي البرولاكتين، والذي يدعى بالعامية "هرمون الحليب"؛ وقد تؤثِّر هذه الحالةُ في كل أوجه الاستجابة الجِنْسيَّة، بَدْءاً من الرَّغْبَةِ والتَّهيُّج وحتى بلوغ النشوة والإشباع. ويساهمُ ذلك في المجانسة المؤلمة أيضاً لدى نحو 88٪ من النِّساء المصابات بفَرْطِ برولاكتين الدَّم.
كما قد تَكونُ بعضُ الاضطرابات البوليَّة النسائية عواملَ مؤهِّبَة أيضاً، مثل الاِنْتِباذ البِطانِي الرَّحِمي، وتَدلِّي الحوض، والأَوْرام الليفيَّة الرَّحِمية، والتهاب المثانة، والتهاب الفَرْج والمهبل، وألم الفرج لا سيَّما بالنسبة إلى المجانسة المؤلمة. وتشتملُ الأسبابُ المحتملة الأخرى على:
= داء السكري أو غيره من أشكال اعتلال الغُدَد الصُّم.
= التهاب المفاصل.
= الكحوليَّة (إدْمان الكُحول).
= الاضطرابات البوليَّة أو المعوية.
= الجراحة الحوضيَة (مثل استئصالِ الرَّحم) أو رُضوض الحوض.
= إصابات أو أمراض النُّخاع الشوكي.
= الصُّداع.
= الأَمْراض العصبيَّة (مثل التَّصلُّب المتعدِّد).
= داء الشرايين التَّاجية.
= فَرْط ضغط الدَّم.
كما يمكن أن يلعب التَّدْخينُ، وارتفاعُ كوليسترول المصل، وركوب الدَّرَّاجة المديد والمتكرِّر أدواراً في ذلك. ويمكن أن يُؤَدِّي العَديد من الأدوية أيضاً إلى اضطراب الأداء الجِنْسي الطَّبيعي عند النِّساء: بعض مضادَّات ارتفاع ضغط الدَّم، ومانعات الحمل، ومضادَّات الاكتئاب (لا سيَّما مثبِّطات اِسْترداد السِّيروتونين الانتقائيَّة)، والمركِّنات، وأدوية المعالجة الكيميائيَّة، ومضادَّات الذُّهان، وبعض الأدوية المستعمَلَة في معالجةِ القرحة الهضميَّة أو الإثنا عشريَّة.
قد يكونُ خللُ الانتصاب أو القذف الباكر لدى الشَّريك الذكر من الأسباب الهامَّة والمنسيَّة غالباً لخللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى؛ فشَريكاتُ الرِّجال المصابين بعجز في تحقيق الانتصاب يذكرنَ اهتماماً أقل بالمجانسة، ويشعرنَ بدرجةٍ أقل من الإشباع الجِنْسي بما يتناسَب مع درجة العجز في تحقيق الانتصاب عند الرَّجُل (رُوزِن وزملاؤها 2004). كما يُلاحَظُ ارتفاع حصول خلل الأداء الجِنْسي عند الأنثى بين الإناث المتزوجات من رِّجال يُعانون من عجز في تحقيق الانتصاب، وقد يصلُ ذلك حتَّى 70٪، مع صعوبةٍ في بُلوغ المرأة النشوة أو استمتاعها بالجِنْس (سُوتوماير 2005). وفي دراسةٍ على هذه المسألة، لوحظَ تَحسُّنُ خَللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى بشكلٍ واضح بعدَ المعالجة النَّاجحة للعجز في تحقيق الانتصاب لدى الشَّريك الذكر بمُثَبِّطات الفُسْفُودَايسْتِراز من الفئة 5 أو البِدْلات القضيبيَّة (كايان وزملاؤه 2004).
خَبرٌ عاجِل: خَللُ الأداء الجِنْسي لدى الأنثى والمتلازمَة الاستقلابيَّة
هناك دِراسَةٌ حَديثة هي الدراسةُ الأولى التي أوضحت العلاقةَ بينَ خَللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى وحالةٍ غير صحِّية التي تُدْعَى المتلازمةَ الاستقلابيَّة (إِسْبُوسيتو وزملاؤه 2005؛ انظرْ أيضاً الصفحة...). وتَتَّصِفُ هذه المتلازمةُ بما يلي:
= تراكُم الدُّهْن في البطن، مع محيطٍ للخصر أكبر من 102 سنتم لدى الرِّجال و88 سنتم لدى النِّساء.
= انخفاض كوليسترول البروتين الشَّحْمِي المُرْتَفِع الكَثافَة HDL (الكوليسترول الجيِّد) أقل من 40 ملغ/100 ملل لدى الرِّجال، و50 ملغ/ملل لدى النِّساء.
= ارتفاع ثلاثيَّات الغليسيريد في المصل أكثر من 150 ملغ/100 ملل.
= ارتفاع ضَغْط الدَّم الانقباضي أكثر من 130/85 ملم.
= مقاومة الأنسولين، مع ارتفاع سُكَّر الدَّم على الريق أكثر من 120 ملغ/100 ملل.
يمكن أن تَتصاحبَ المتلازمةُ الاستقلابيَّة لدى الرِّجال بنَقْص مستوى التِّسْتوستيرون في المصل؛ أمَّا عِنْدَ النِّساء فقد ترتبطُ بالتَّغيُّرات الهُرْمونية أيضاً. ولكنَّ إثباتَ هذه النَّظرية يحتاجُ إلى المزيد من الدِّراسات.
العَوَامِلُ النَّفْسيَّة والعواملُ المرتبطة بالعلاقات
يمكن أن يؤهِّبَ الكَرْبُ الشَّخْصي والزوجي والمهني، والقلق، والتَّعَب، والاكتئاب، والانتهاك الجِنْسي، وإدمانُ المخدِّرات، ونقص الاعتداد بالذات، ومشاكل الهويَّة، واضطراباتُ الشَّخْصية، ومشاكلُ صورة الجسد إلى إصابة المرأة بشكلٍ ما من خَللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى، ربَّما من خلال تَثْبيط التَّنْشيط الضَّروري للجهازِ العصبي الودِّي. كما يمكن أن يَنْقُصَ التَّهيُّجُ الجِنْسي الشَّخْصي والرَّغْبَة بالجنس نتيجةَ عددٍ من العوامل النَّفْسيَّة الاجتماعية الأخرى مثل: تَشتُّت الانتباه أثناء المجانسة، أو توقُّع ألم أثناء المجانسة (انظرْ لاحقاً)، أو عدم الرَّغْبَة بتَكْرار إخفاقٍ سابق، أو التَّجْربة الجِنْسيَّة الرَّاضَّة السَّابقة (مثل الاغتصاب)، أو فَقْدان المكافآت غير الجِنْسيَّة (مثل الأُلْفَة العاطفية أو الجسدية)، أو فَقْدان الاهتمام بإسعادِ الشَّريك، أو الشُّعور بالاستعمالِ أو الاِسْتِغْلال، أو الخَيْبَة من فَقْدِان الاستجابَة الجِنْسيَّة.
تَحَدَّتْ دراسةٌ حديثة المفهومَ القائل إن نقصَ الرَّغْبَة الجِنْسيَّة بَعْدَ سنِّ اليأس ينجمُ بشكلٍ رئيسي عن انخفاض مستويات الهُرْمونات الأنثويَّة؛ فقد اقترحَ واضعو الدِّراسة أنَّ السَّببَ الرَّئيسي ربَّما يَكونُ عدم رِضا النِّساء عن أجسادهن بعد التَّغيُّرات الجسديَّة المرافقة لسنِّ اليأس، مُرْتَئين أنَّ صورةَ الجسد السَّلبيَّة كانت عامِلاً رَئيسياً في نَقْصِ الرَّغْبَة الجِنْسيَّة لدى نحو 21٪ من النِّساء المسنَّات القَريبات من سنِّ اليأس أو في أثنائه (باسون وزملائها 2006). وربَّما يَكونُ للشُّعور بالإحراج من شَكْل الجسم ومنظره تأثيرٌ هام في الرَّغْبَةِ الجِنْسيَّة وفي السَّعْي نحو ممارسةِ أيِّ نشاطٍ جِنْسي، حتَّى في غياب الاضطراب العضوي.
يُعَدُّ سَلَسُ البَوْل تَوْليفةً قوية أخرى للتَّفاعل بين العوامل النَّفْسيَّة والجسدية، والتي تصبحُ من خلالها بعضُ النِّساء مؤهِّباتٍ للتغيُّرات المثانيَّة وضَعْف عضلات الحوض بسببِ تَقدُّم العمر أو الوِلادات المتكرِّرَة. وقد يَكونُ سَلَسُ البول، لا سيَّما أثناء المجانسة، ذا تأثيرٍ نفسي مدمِّر لدى بعض النِّساء وشركائهم، ممَّا يقودُ إلى نقص الاهتمام بالجنس والرَّغْبَة فيه.
لقد اُفْتِرَض أيضاً أنَّ بعضَ أعراض خَللِ الأداء الجِنْسي عند الأنثى، والتي عُزِيَتْ سابقاً إلى مشاكل مرضيَّة، تنجمُ فعليَّاً عن ضَعْف طرق وأساليب المجانسة؛ فليس من غير المألوف أن تجدَ رجلاً يفتقرُ إلى أدنى معرفة أساسيَّة بالتَّشْريح الأنثوي، أو النقاط المثيرة للشَّهوة الجِنْسيَّة عند المرأة، وبطرق تَهْييجها ومساعدتها على بلوغ النشوة؛ فالكثيرُ من الرِّجال لا يعرفون ولا يمارسون سوى الإيلاج المهبلي، من دون ملاعبةٍ ولا مُداعَبة سابقة للمجانسة، على أمل أن تُقدِّم طبيعةُ الأم بقيةَ الرِّعاية.