اولا في جانب التشخيص
1- مهارة جمع المعلومات:
تُمثل المعلومات أهم مصدر يساعد على تحديد المشكلة وبالتالي الوصول للعلاج المناسب، والنقص في المعلومات سيؤدي إلى قصور في الفهم السليم، كما أن جمع معلومات أكثر مما يتطلبه الأمر يُعد مشكلة، فسيجد المرشد أمامه كماً من المعلومات التي لا تفيده في عملية التشخيص. وستجعله في حيرة من أمره في الاستفادة من هذه المعلومات وتوظيفها، لذا فإن على المرشد أن يمتلك مهارة عالية في تحديد المعلومات التي يحتاجها. وألا يسمح للعميل بالتمادي في سرد معلومات لا تفيد في عملية التدخل المهني . وأن يستخدم مهاراته في المقاطعة وإيقاف المسترشد بطريقة لبقة، وأن يوضح له السبب في عدم رغبته في الخوض في التفاصيل، وأن ذلك جزء من خصوصية المسترشد .
فعملية جمع المعلومات ليست بالعملية السهلة فقد يعتقد المرشد قليل الخبرة أن ما توصل له من معلومات كافٍ له لأن يحدد مشكلة المسترشد ، وقد يكتشف مع الوقت أنها غير كافية وأن هناك معلومات هو بحاجة لها، كما قد يقع في إشكالية أخرى عندما يغرق في عملية جمع معلومات أكثر مما يحتاجه بل وتجعله في حيرة حين الاستفادة منها. فالقدرة على تحديد كمية المعلومات المطلوب الحصول عليها مهارة، ويتوقف كثيراً على نوع المشكلة وطبيعة المسترشد ، وطبيعة المساعدة التي سيقدمها المرشد، وإمكانات المؤسسة التي يعمل فيها .
وعادة الممارس حديث العهد بالممارسة ومن تنقصه الخبرة الكافية نجده يغرق في جمع المعلومات والبيانات حول المسترشد ويمضي في تلك المرحلة وقتاً أكثر مما يجب، بل وقد يؤثر ذلك سلباً على سير العملية المهنية وعلى ثقة المسترشد في قدراته وإمكاناته. وقد يؤدي به التوسع في جمع المعلومات إلى أن يحصل على معلومات قد تؤدي به إلى أن يتشتت ويفقد القدرة على فهم المشكلة التي يعاني منها المسترشد .
على عكس ذلك يكون المرشد ذو الخبرة العالية والمعرفة النظرية الواسعة القادر على توظيف معارفه النظرية ومن لديه توجه نظري يوجهه يجعله يحدد منذ البداية ما هي المعلومات التي يحتاجها؟ ولماذا يحتاجها؟ وكيف سيستفيد منها في عملية فهم مشكلة المسترشد ؟ ومن ثم تحديدها وتشخيصها التشخيص السليم.
بالإضافة لما سبق فإن عملية جمع المعلومات كمهارة في حد ذاتها تتطلب من المرشد أثناء القيام بها توظيف مهارات فرعية أخرى كالمهارة في استدراج المسترشد للكلام لأنه يمثل المصدر الرئيس للمعلومات، فلا يمكن للمرشد أن يصل لتشخيص سليم للمشكلة إذا لم يتحصل على البيانات اللازمة من المسترشد نفسه، وحتى يتمكن المرشد من الحصول على المعلومات من خلال المسترشد واستدراجه في الكلام عليه أن يؤكد على التزامه بمبدأ السرية ، ويحاول أن يوطد العلاقة المهنية، لأن ثقة المسترشد في المرشد ستُمكّنه من الحصول على المعلومات التي يحتاجها لتشخيص المشكلة.
2- مهارة تحليل المعلومات وتفسيرها:
تظل المعلومات المتحصل عليها غير ذات فائدة إذ لم يتم تحليلها تحليلاً منطقياً وتفسيرها تفسيراً علمياً يهدف في النهاية إلى تحقيق أحد أهم أهداف عملية التشخيص ألا وهو التحديد الدقيق للمشكلة. وهنا يظهر بوضوح أهمية توظيف النظريات المختلفة المفسرة للسلوك الإنساني، فقدرة المرشد على فهم النظريات واستيعابها ستساعده كثيراً أثناء عملية التفسير والتحليل، فالمعلومات الخام المتحصل عليها لا تعني شيئاً إذ لم يكن هناك إطار نظري يوجه المرشد ويساعده في عملية التفسير . لذا فإن على المرشد أن يتمتع بقدرة على الفهم السليم للنظريات المختلفة، وأن تكون لديه قدرة مهنية على توظيفها التوظيف المناسب. والقدرة على التفكير المنطقي تساعد كثيراً في عملية التحليل، والقدرة على تحليل وإعادة تركيب المعلومات تُعد مهارة يجب أن يتمتع بها المرشد لأنها ستمكنه من الوصول للفهم السليم للمشكلة التي يتعامل معها. كذلك القدرة على استنتاج النتائج من خلال عملية التفسير ستساعد في تصنيف المشكلة ضمن فئة محددة.
وتتضمن مهارة تحليل المعلومات وتفسيرها تحديد وترتيب المعلومات حسب أهميتها في حدوث المشكلة، أو في تفسيرها، ويتم ذلك وفق خطوات محددة تتمثل في الخطوات التالية:
أ. الترتيب: فعلى المرشد أن يرتب المعلومات تبعاً لارتباطها بالمشكلة من حيث الأهمية فيضع الأكثر أهمية ثم يليه الأقل أهمية.
ب. تفسير العلاقات بين المعلومات وربطها: وحتى يتسنى له الربط بين العلاقات والمعلومات يجب أن يكون هناك إطار نظري يوجهه ويساعده على تفسير العلاقات بين العوامل المختلفة ومن ثم تحديد أثرها في حدوث المشكلة.
ج. تحديد المشكلة: بعد أن يقوم المرشد بترتيب معلوماته، وتفسيرها عليه أن يمتلك القدرة على الاستفادة من ذلك في تحديد المشكلة، ويتطلب ذلك أن يكون لدى المرشد معرفة ودراية بطبيعة مشكلات العملاء وتصنيفها حتى يتمكن من الوصول لتحديد دقيق للمشكلة.
وعلى المرشد أن يتأكد من صدق التحليل والتفسير الذي توصل له، ويمكن له الوصول لذلك من خلال النتيجة التي استطاع أن يستخلصها، فكلما كانت تعكس الواقع فإنها ستكون صحيحة. بينما إذا كانت لا تتسق مع معطيات الواقع فلابد أن هناك إشكالية متعلقة بعملية تحليل وتفسير واستخلاص النتائج من المعلومات المتحصل عليها.
وتوظيف المرشد للأدوات الموضوعية أثناء عملية جمع المعلومات كتوظيف المقاييس ومقارنة المعلومات المرتبطة بالمشكلة بدراسات تطبيقية حول نفس المشكلة يمكنه من الوصول لمعلومات صحيحة وتتسم بالدقة.
3- مهارة اختيار الأدوات المناسبة لجمع المعلومات:
تختلف الأدوات التي يعتمد عليها المرشد من أجل تجميع الحقائق والوصول للمعلومات المناسبة، وطبيعة المشكلة وطبيعة المسترشد كما أن النظرية أو المدخل الذي يتبناه المرشد يوجه بشكل كبير في تحديد الأدوات المناسبة. وهذه القدرة على تحديد الأدوات وتوظيفها التوظيف الأمثل تحتاج إلى معرفة نظرية بالإضافة إلى تدريب وممارسة على أسلوب توظيفها واستخدامها، واستنتاج النتائج من خلالها وتفسيرها.
وتتنوع الأدوات المتاحة أمام المرشد التي تساعده على فهم المسترشد ومشكلته وتعينه على الوصول للتشخيص العلمي وأياً كانت هذه الأدوات فإن هناك حاجة لإتقان استخدامها ومن تلك الأدوات، المقابلة، التي لها أسسها ومهاراتها حيث تتطلب قواعد مهنية والتزامات على المرشد أن يطبقها حتى يتسنى له الاستفادة منها، والمقابلات حتى يمكن الاستفادة منها تتطلب مجهوداً في بناء علاقة مهنية إيجابية مع المسترشد وتلك العلاقة أيضاً يحتاج بناؤها مهارات متعددة كالمهارة في الاستماع والتركيز، والمهارة في تطبيق متطلبات السرية، والمهارة في استدراج المسترشد للكلام، ومهارة في الاتصال اللفظي وغير اللفظي وفهم معاني كل الاتصالات سواء كانت لفظية أو غير ذلك. كما تشكل المقاييس والخرائط والرسومات جزءاً من الأدوات التي يعتمد عليها المرشد للوصول للتشخيص وتتطلب كل منها مهارة في استخدامها والاستفادة منها واستنتاج نتائج ذات أهمية من خلالها.
4- مهارة الملاحظة:
تشكل الملاحظة المنهجية إحدى أدوات التشخيص، فعن طريق الملاحظة يمكن للمرشد أن يرصد الكثير من المواقف، ويصل لحقائق تمكنه من فهم المشكلة، فإن القدرة على توجيه الملاحظة وتوظيفها التوظيف الأمثل، والاستفادة مما تمت ملاحظته، وأسلوب رصده، وملاحظة ما يفيد فعلاً وله أهمية لفهم المشكلة والمسترشد في آن واحد يتطلب مهارة يجب على المرشد أن يتحلى بها، وتكون لديه القدرة على تطبيقها.
فالملاحظة تأخذ شكلين: الملاحظة العابرة التي نمارسها بشكل يومي. والملاحظة العلمية التي تحتاج لقدرات وإمكانيات وتتم وفق خطوات وإجراءات محددة، وهي ما نشير له عند الحديث عن الملاحظة على اعتبارها إحدى مهارات التشخيص، فالمهارة في التركيز على جوانب معينة من شخصية المسترشد ومواقف محددة، ومن ثم الوصول لحقائق منها تساعد في عملية التشخيص للوصول للعلاج والتدخل الملائم تشكل قدرة تحتاج من المرشد وقتاً وممارسة حتى يتسنى له إتقانها وتطبيقها وفق أسسها العلمية التي تخدم أغراضه المهنية.
ومهارة المرشد في استخدام الملاحظة تتضح في إدراكه لمضمون الملاحظة وإدراكه لأهمية الواقع واستقراء حقائق من خلاله، وتوظيف كل ذلك من أجل تحقيق أهداف الممارسة المهنية. ولاستخدام المرشد مهارة الملاحظة أهمية ترجع للعوامل التالية :
أ. إن مهارة المرشد في الملاحظة تعني قدرته على تطبيق وتوظيف الجوانب النظرية في توجيهه نحو المناطق التي يركز عليها.
ب. تعكس قدرة المرشد على الملاحظة إمكانياته المنهجية والعلمية، التي تساعده في الوصول لحقائق يمكن الاعتماد عليها.
ت. إن مهارة المرشد في الملاحظة تعكس قدرته على التفاعل مع المواقف وعلى فهم معاني الاتصال اللفظي وغير اللفظي، الذي يفيد بدوره في فهم جوانب قد يكون لها أكبر الأثر في فهم المشكلة وتحديدها.
ومهارة الملاحظة تحتاج إلى مران وتدريب بحيث يستطيع المرشد تمييز ما يمكن أن يستفيد منه، وما يساعد أكثر من غيره في فهم المشكلة وفي الوصول لحقائق تساعده على الوصول للتشخيص، فعليه أن يتمتع بالموضوعية الكافية وأن يبتعد عن الذاتية. وحتى يتسنى له ذلك لابد أن ينظم ملاحظاته وأن يكون هناك رصد وتسجيل فوري لملاحظاته حتى لا تتعرض للنسيان، وأن يكون لديه قدرة على تنظيم وتصنيف ملاحظاته في فئات محددة ويفيد ذلك الأسلوب في ملاحظات السلوكيات . وأن يحاول أن يفسر تلك الملاحظات في ظل نظرية محددة أو أكثر من نظرية إذا كانت لديه القدرة على تفسير الحقائق من خلال توظيف أكثر من نظرية للوصول لتفسير أقرب للواقع يساعده على رؤية الحقائق من زوايا متعددة.
5- مهارة التسجيل وصياغة العبارة التشخيصية:
تُعد القدرة على التسجيل إحدى المهارات الواجب توافرها لدى المرشد، فكلما استطاع تسجيل المعلومات بدقة واختيار العبارات والكلمات المعبرة عن الموقف بدقة، كلما ساعده ذلك على فهم المشكلة. كما أن المهارة في التسجيل تتضمن أن يكون التسجيل شاملاً وعلمياً قدر المستطاع ويساعد المرشد والأخصائيين الاجتماعيين الآخرين على فهم المشكلة بنفس الطريقة، وأن يبتعد عن التأويلات الشخصية، وأن يحاول قدر المستطاع ألا يسجل إلا المعلومات الموثقة والمتأكد من صحتها. والتسجيل الدقيق يساعد المرشد كثيراً على تشخيص المشكلة . وتتفاوت أنواع التسجيل من حيث التسجيل القصصي والتسجيل المختصر والتسجيل الموضوعي المعتمد على البيانات الكمية المستخلصة من استخدام المقاييس والرسوم التوضيحية، وأياً كان نوع التسجيل فاستخدام أحدها دون الآخر يعتمد على مهارات المرشد في اختيار أسلوب التسجيل الملائم مع الموقف ومع طبيعة الحالة.
وقدرة المرشد على صياغة العبارة التشخيصية تتطلب مهارة، فيجب أن تتم وفق خطوات محددة، حتى يمكنه الوصول لصياغة دقيقة للمشكلة، تعطي تصوراً شاملاً عنها، يساعد فيما بعد على تحديد الأسلوب العلاجي المناسب. فيجب أن تتضمن خطوات متتالية تشمل تصنيف المشكلة وفق إطارها العام، ثم يقدم تفسيراً للمشكلة، بعد أن يكون قد توصل لتحديدها بناء على معايير محددة ووفق أعراض معينة ساعدت في تصنيفها وتحديدها. لذا يجب أن تكون العبارة التشخيصية واضحة ودقيقة ومختصرة ويتضح من خلالها مشكلة المسترشد ، وأن تركز على حاضر المشكلة، و تتضمن جزءاً يساعد على التنبؤ بوضع المسترشد في المستقبل .
6- مهارة التركيز:
يتعامل المرشد مع مواقف وإحداث وانفعالات كثيرة، بعضها يكون ذو أهمية في مساعدته على فهم المشكلة وتحديدها وبعضها لا يكون كذلك. فالقدرة في التركيز على كل تلك المواقف والانفعالات واستنتاج ما يساعد منها على ربط أجزاء المشكلة وفهمها يعد بحد ذاته مهارة. فالقدرة على التركيز يمكن أن تساعد في رصد الجوانب الرئيسة من الموقف وملاحظة تفاصيل دقيقة قد تكون ذات دور كبير في حدوث المشكلة. وأيضاً يتضمن التركيز القدرة على ملاحظة المسترشد ، والتركيز على مشاعره وأفكاره ورصد موقفه من مشكلته، فكل تلك العوامل إذا ما تمت مراعاتها فستساعد المرشد على الوصول لفهم دقيق للمشكلة وتشخيصها.
7- مهارة التعاقد:
يشير التعاقد إلى الأداة التي يستخدمها المرشد لتحديد المهام والأدوار الخاصة به وبالمسترشد أثناء عملية التدخل المهني، فمن خلال عملية التعاقد تتحدد المدة الزمنية اللازمة لعملية التدخل، والمهام المناط بكل من المرشد والمسترشد القيام بها . كما يجب أن يتضمن العقد المهني الالتزامات الأخلاقية التي سيراعيها المرشد من حيث المحافظة على السرية، وحفظ معلومات المسترشد وعدم استغلالها إلا في أغراض تخدم عملية التدخل العلاجي، كما يجب أن تتضمن التزاماً من قبل المسترشد بتزويد المرشد بكافة المعلومات التي يرغب في الحصول عليها وتكون مهمة للعملية المهنية . فكل تلك العناصر ستساعد على تقنين عملية التدخل المهني وبالتالي ستساعد في الحصول على معلومات دقيقة وشاملة مما يساعد على تشخيص المشكلة وفق أسس سليمة ومحددة.
8- مهارات متعلقة باستخدام وتوظيف المقاييس أثناء عملية التشخيص:
يتطلب استخدام المقاييس أثناء عملية التشخيص أن يكون لدى المرشد المهارة الكافية في تطبيق المقاييس، ودراية ومعرفة بكيفية استخدامها، وتحليل النتائج المتحصل عليها من خلالها. كما تتضمن المهارات المتعلقة باستخدام المقاييس أن يكون المرشد ملماً بجوانب إحصائية ولديه مهارات وقدرات حسابية تمكنه من استخراج النتائج، وتفسيرها في مرحلة لاحقة . كما أن من المهارات التي على المرشد أن يكون ملماً بها أن تكون لديه مهارة في استخدام تطبيقات برامج الحاسب الآلي، لتحليل البيانات إحصائياً وهذه مهارة يمكن اكتسابها من خلال التعليم والتدريب.
ويجب أن يكون لدى المرشد مهارة في تصميم الاستمارات والاستبيانات التي تساعده على دراسة جوانب من شخصية المسترشد ومن بيئته التي تفيده فيما بعد في الوصول لتقدير لمشكلة المسترشد للوصول لتشخيص دقيق يصف المشكلة ويحددها.
1- مهارة جمع المعلومات:
تُمثل المعلومات أهم مصدر يساعد على تحديد المشكلة وبالتالي الوصول للعلاج المناسب، والنقص في المعلومات سيؤدي إلى قصور في الفهم السليم، كما أن جمع معلومات أكثر مما يتطلبه الأمر يُعد مشكلة، فسيجد المرشد أمامه كماً من المعلومات التي لا تفيده في عملية التشخيص. وستجعله في حيرة من أمره في الاستفادة من هذه المعلومات وتوظيفها، لذا فإن على المرشد أن يمتلك مهارة عالية في تحديد المعلومات التي يحتاجها. وألا يسمح للعميل بالتمادي في سرد معلومات لا تفيد في عملية التدخل المهني . وأن يستخدم مهاراته في المقاطعة وإيقاف المسترشد بطريقة لبقة، وأن يوضح له السبب في عدم رغبته في الخوض في التفاصيل، وأن ذلك جزء من خصوصية المسترشد .
فعملية جمع المعلومات ليست بالعملية السهلة فقد يعتقد المرشد قليل الخبرة أن ما توصل له من معلومات كافٍ له لأن يحدد مشكلة المسترشد ، وقد يكتشف مع الوقت أنها غير كافية وأن هناك معلومات هو بحاجة لها، كما قد يقع في إشكالية أخرى عندما يغرق في عملية جمع معلومات أكثر مما يحتاجه بل وتجعله في حيرة حين الاستفادة منها. فالقدرة على تحديد كمية المعلومات المطلوب الحصول عليها مهارة، ويتوقف كثيراً على نوع المشكلة وطبيعة المسترشد ، وطبيعة المساعدة التي سيقدمها المرشد، وإمكانات المؤسسة التي يعمل فيها .
وعادة الممارس حديث العهد بالممارسة ومن تنقصه الخبرة الكافية نجده يغرق في جمع المعلومات والبيانات حول المسترشد ويمضي في تلك المرحلة وقتاً أكثر مما يجب، بل وقد يؤثر ذلك سلباً على سير العملية المهنية وعلى ثقة المسترشد في قدراته وإمكاناته. وقد يؤدي به التوسع في جمع المعلومات إلى أن يحصل على معلومات قد تؤدي به إلى أن يتشتت ويفقد القدرة على فهم المشكلة التي يعاني منها المسترشد .
على عكس ذلك يكون المرشد ذو الخبرة العالية والمعرفة النظرية الواسعة القادر على توظيف معارفه النظرية ومن لديه توجه نظري يوجهه يجعله يحدد منذ البداية ما هي المعلومات التي يحتاجها؟ ولماذا يحتاجها؟ وكيف سيستفيد منها في عملية فهم مشكلة المسترشد ؟ ومن ثم تحديدها وتشخيصها التشخيص السليم.
بالإضافة لما سبق فإن عملية جمع المعلومات كمهارة في حد ذاتها تتطلب من المرشد أثناء القيام بها توظيف مهارات فرعية أخرى كالمهارة في استدراج المسترشد للكلام لأنه يمثل المصدر الرئيس للمعلومات، فلا يمكن للمرشد أن يصل لتشخيص سليم للمشكلة إذا لم يتحصل على البيانات اللازمة من المسترشد نفسه، وحتى يتمكن المرشد من الحصول على المعلومات من خلال المسترشد واستدراجه في الكلام عليه أن يؤكد على التزامه بمبدأ السرية ، ويحاول أن يوطد العلاقة المهنية، لأن ثقة المسترشد في المرشد ستُمكّنه من الحصول على المعلومات التي يحتاجها لتشخيص المشكلة.
2- مهارة تحليل المعلومات وتفسيرها:
تظل المعلومات المتحصل عليها غير ذات فائدة إذ لم يتم تحليلها تحليلاً منطقياً وتفسيرها تفسيراً علمياً يهدف في النهاية إلى تحقيق أحد أهم أهداف عملية التشخيص ألا وهو التحديد الدقيق للمشكلة. وهنا يظهر بوضوح أهمية توظيف النظريات المختلفة المفسرة للسلوك الإنساني، فقدرة المرشد على فهم النظريات واستيعابها ستساعده كثيراً أثناء عملية التفسير والتحليل، فالمعلومات الخام المتحصل عليها لا تعني شيئاً إذ لم يكن هناك إطار نظري يوجه المرشد ويساعده في عملية التفسير . لذا فإن على المرشد أن يتمتع بقدرة على الفهم السليم للنظريات المختلفة، وأن تكون لديه قدرة مهنية على توظيفها التوظيف المناسب. والقدرة على التفكير المنطقي تساعد كثيراً في عملية التحليل، والقدرة على تحليل وإعادة تركيب المعلومات تُعد مهارة يجب أن يتمتع بها المرشد لأنها ستمكنه من الوصول للفهم السليم للمشكلة التي يتعامل معها. كذلك القدرة على استنتاج النتائج من خلال عملية التفسير ستساعد في تصنيف المشكلة ضمن فئة محددة.
وتتضمن مهارة تحليل المعلومات وتفسيرها تحديد وترتيب المعلومات حسب أهميتها في حدوث المشكلة، أو في تفسيرها، ويتم ذلك وفق خطوات محددة تتمثل في الخطوات التالية:
أ. الترتيب: فعلى المرشد أن يرتب المعلومات تبعاً لارتباطها بالمشكلة من حيث الأهمية فيضع الأكثر أهمية ثم يليه الأقل أهمية.
ب. تفسير العلاقات بين المعلومات وربطها: وحتى يتسنى له الربط بين العلاقات والمعلومات يجب أن يكون هناك إطار نظري يوجهه ويساعده على تفسير العلاقات بين العوامل المختلفة ومن ثم تحديد أثرها في حدوث المشكلة.
ج. تحديد المشكلة: بعد أن يقوم المرشد بترتيب معلوماته، وتفسيرها عليه أن يمتلك القدرة على الاستفادة من ذلك في تحديد المشكلة، ويتطلب ذلك أن يكون لدى المرشد معرفة ودراية بطبيعة مشكلات العملاء وتصنيفها حتى يتمكن من الوصول لتحديد دقيق للمشكلة.
وعلى المرشد أن يتأكد من صدق التحليل والتفسير الذي توصل له، ويمكن له الوصول لذلك من خلال النتيجة التي استطاع أن يستخلصها، فكلما كانت تعكس الواقع فإنها ستكون صحيحة. بينما إذا كانت لا تتسق مع معطيات الواقع فلابد أن هناك إشكالية متعلقة بعملية تحليل وتفسير واستخلاص النتائج من المعلومات المتحصل عليها.
وتوظيف المرشد للأدوات الموضوعية أثناء عملية جمع المعلومات كتوظيف المقاييس ومقارنة المعلومات المرتبطة بالمشكلة بدراسات تطبيقية حول نفس المشكلة يمكنه من الوصول لمعلومات صحيحة وتتسم بالدقة.
3- مهارة اختيار الأدوات المناسبة لجمع المعلومات:
تختلف الأدوات التي يعتمد عليها المرشد من أجل تجميع الحقائق والوصول للمعلومات المناسبة، وطبيعة المشكلة وطبيعة المسترشد كما أن النظرية أو المدخل الذي يتبناه المرشد يوجه بشكل كبير في تحديد الأدوات المناسبة. وهذه القدرة على تحديد الأدوات وتوظيفها التوظيف الأمثل تحتاج إلى معرفة نظرية بالإضافة إلى تدريب وممارسة على أسلوب توظيفها واستخدامها، واستنتاج النتائج من خلالها وتفسيرها.
وتتنوع الأدوات المتاحة أمام المرشد التي تساعده على فهم المسترشد ومشكلته وتعينه على الوصول للتشخيص العلمي وأياً كانت هذه الأدوات فإن هناك حاجة لإتقان استخدامها ومن تلك الأدوات، المقابلة، التي لها أسسها ومهاراتها حيث تتطلب قواعد مهنية والتزامات على المرشد أن يطبقها حتى يتسنى له الاستفادة منها، والمقابلات حتى يمكن الاستفادة منها تتطلب مجهوداً في بناء علاقة مهنية إيجابية مع المسترشد وتلك العلاقة أيضاً يحتاج بناؤها مهارات متعددة كالمهارة في الاستماع والتركيز، والمهارة في تطبيق متطلبات السرية، والمهارة في استدراج المسترشد للكلام، ومهارة في الاتصال اللفظي وغير اللفظي وفهم معاني كل الاتصالات سواء كانت لفظية أو غير ذلك. كما تشكل المقاييس والخرائط والرسومات جزءاً من الأدوات التي يعتمد عليها المرشد للوصول للتشخيص وتتطلب كل منها مهارة في استخدامها والاستفادة منها واستنتاج نتائج ذات أهمية من خلالها.
4- مهارة الملاحظة:
تشكل الملاحظة المنهجية إحدى أدوات التشخيص، فعن طريق الملاحظة يمكن للمرشد أن يرصد الكثير من المواقف، ويصل لحقائق تمكنه من فهم المشكلة، فإن القدرة على توجيه الملاحظة وتوظيفها التوظيف الأمثل، والاستفادة مما تمت ملاحظته، وأسلوب رصده، وملاحظة ما يفيد فعلاً وله أهمية لفهم المشكلة والمسترشد في آن واحد يتطلب مهارة يجب على المرشد أن يتحلى بها، وتكون لديه القدرة على تطبيقها.
فالملاحظة تأخذ شكلين: الملاحظة العابرة التي نمارسها بشكل يومي. والملاحظة العلمية التي تحتاج لقدرات وإمكانيات وتتم وفق خطوات وإجراءات محددة، وهي ما نشير له عند الحديث عن الملاحظة على اعتبارها إحدى مهارات التشخيص، فالمهارة في التركيز على جوانب معينة من شخصية المسترشد ومواقف محددة، ومن ثم الوصول لحقائق منها تساعد في عملية التشخيص للوصول للعلاج والتدخل الملائم تشكل قدرة تحتاج من المرشد وقتاً وممارسة حتى يتسنى له إتقانها وتطبيقها وفق أسسها العلمية التي تخدم أغراضه المهنية.
ومهارة المرشد في استخدام الملاحظة تتضح في إدراكه لمضمون الملاحظة وإدراكه لأهمية الواقع واستقراء حقائق من خلاله، وتوظيف كل ذلك من أجل تحقيق أهداف الممارسة المهنية. ولاستخدام المرشد مهارة الملاحظة أهمية ترجع للعوامل التالية :
أ. إن مهارة المرشد في الملاحظة تعني قدرته على تطبيق وتوظيف الجوانب النظرية في توجيهه نحو المناطق التي يركز عليها.
ب. تعكس قدرة المرشد على الملاحظة إمكانياته المنهجية والعلمية، التي تساعده في الوصول لحقائق يمكن الاعتماد عليها.
ت. إن مهارة المرشد في الملاحظة تعكس قدرته على التفاعل مع المواقف وعلى فهم معاني الاتصال اللفظي وغير اللفظي، الذي يفيد بدوره في فهم جوانب قد يكون لها أكبر الأثر في فهم المشكلة وتحديدها.
ومهارة الملاحظة تحتاج إلى مران وتدريب بحيث يستطيع المرشد تمييز ما يمكن أن يستفيد منه، وما يساعد أكثر من غيره في فهم المشكلة وفي الوصول لحقائق تساعده على الوصول للتشخيص، فعليه أن يتمتع بالموضوعية الكافية وأن يبتعد عن الذاتية. وحتى يتسنى له ذلك لابد أن ينظم ملاحظاته وأن يكون هناك رصد وتسجيل فوري لملاحظاته حتى لا تتعرض للنسيان، وأن يكون لديه قدرة على تنظيم وتصنيف ملاحظاته في فئات محددة ويفيد ذلك الأسلوب في ملاحظات السلوكيات . وأن يحاول أن يفسر تلك الملاحظات في ظل نظرية محددة أو أكثر من نظرية إذا كانت لديه القدرة على تفسير الحقائق من خلال توظيف أكثر من نظرية للوصول لتفسير أقرب للواقع يساعده على رؤية الحقائق من زوايا متعددة.
5- مهارة التسجيل وصياغة العبارة التشخيصية:
تُعد القدرة على التسجيل إحدى المهارات الواجب توافرها لدى المرشد، فكلما استطاع تسجيل المعلومات بدقة واختيار العبارات والكلمات المعبرة عن الموقف بدقة، كلما ساعده ذلك على فهم المشكلة. كما أن المهارة في التسجيل تتضمن أن يكون التسجيل شاملاً وعلمياً قدر المستطاع ويساعد المرشد والأخصائيين الاجتماعيين الآخرين على فهم المشكلة بنفس الطريقة، وأن يبتعد عن التأويلات الشخصية، وأن يحاول قدر المستطاع ألا يسجل إلا المعلومات الموثقة والمتأكد من صحتها. والتسجيل الدقيق يساعد المرشد كثيراً على تشخيص المشكلة . وتتفاوت أنواع التسجيل من حيث التسجيل القصصي والتسجيل المختصر والتسجيل الموضوعي المعتمد على البيانات الكمية المستخلصة من استخدام المقاييس والرسوم التوضيحية، وأياً كان نوع التسجيل فاستخدام أحدها دون الآخر يعتمد على مهارات المرشد في اختيار أسلوب التسجيل الملائم مع الموقف ومع طبيعة الحالة.
وقدرة المرشد على صياغة العبارة التشخيصية تتطلب مهارة، فيجب أن تتم وفق خطوات محددة، حتى يمكنه الوصول لصياغة دقيقة للمشكلة، تعطي تصوراً شاملاً عنها، يساعد فيما بعد على تحديد الأسلوب العلاجي المناسب. فيجب أن تتضمن خطوات متتالية تشمل تصنيف المشكلة وفق إطارها العام، ثم يقدم تفسيراً للمشكلة، بعد أن يكون قد توصل لتحديدها بناء على معايير محددة ووفق أعراض معينة ساعدت في تصنيفها وتحديدها. لذا يجب أن تكون العبارة التشخيصية واضحة ودقيقة ومختصرة ويتضح من خلالها مشكلة المسترشد ، وأن تركز على حاضر المشكلة، و تتضمن جزءاً يساعد على التنبؤ بوضع المسترشد في المستقبل .
6- مهارة التركيز:
يتعامل المرشد مع مواقف وإحداث وانفعالات كثيرة، بعضها يكون ذو أهمية في مساعدته على فهم المشكلة وتحديدها وبعضها لا يكون كذلك. فالقدرة في التركيز على كل تلك المواقف والانفعالات واستنتاج ما يساعد منها على ربط أجزاء المشكلة وفهمها يعد بحد ذاته مهارة. فالقدرة على التركيز يمكن أن تساعد في رصد الجوانب الرئيسة من الموقف وملاحظة تفاصيل دقيقة قد تكون ذات دور كبير في حدوث المشكلة. وأيضاً يتضمن التركيز القدرة على ملاحظة المسترشد ، والتركيز على مشاعره وأفكاره ورصد موقفه من مشكلته، فكل تلك العوامل إذا ما تمت مراعاتها فستساعد المرشد على الوصول لفهم دقيق للمشكلة وتشخيصها.
7- مهارة التعاقد:
يشير التعاقد إلى الأداة التي يستخدمها المرشد لتحديد المهام والأدوار الخاصة به وبالمسترشد أثناء عملية التدخل المهني، فمن خلال عملية التعاقد تتحدد المدة الزمنية اللازمة لعملية التدخل، والمهام المناط بكل من المرشد والمسترشد القيام بها . كما يجب أن يتضمن العقد المهني الالتزامات الأخلاقية التي سيراعيها المرشد من حيث المحافظة على السرية، وحفظ معلومات المسترشد وعدم استغلالها إلا في أغراض تخدم عملية التدخل العلاجي، كما يجب أن تتضمن التزاماً من قبل المسترشد بتزويد المرشد بكافة المعلومات التي يرغب في الحصول عليها وتكون مهمة للعملية المهنية . فكل تلك العناصر ستساعد على تقنين عملية التدخل المهني وبالتالي ستساعد في الحصول على معلومات دقيقة وشاملة مما يساعد على تشخيص المشكلة وفق أسس سليمة ومحددة.
8- مهارات متعلقة باستخدام وتوظيف المقاييس أثناء عملية التشخيص:
يتطلب استخدام المقاييس أثناء عملية التشخيص أن يكون لدى المرشد المهارة الكافية في تطبيق المقاييس، ودراية ومعرفة بكيفية استخدامها، وتحليل النتائج المتحصل عليها من خلالها. كما تتضمن المهارات المتعلقة باستخدام المقاييس أن يكون المرشد ملماً بجوانب إحصائية ولديه مهارات وقدرات حسابية تمكنه من استخراج النتائج، وتفسيرها في مرحلة لاحقة . كما أن من المهارات التي على المرشد أن يكون ملماً بها أن تكون لديه مهارة في استخدام تطبيقات برامج الحاسب الآلي، لتحليل البيانات إحصائياً وهذه مهارة يمكن اكتسابها من خلال التعليم والتدريب.
ويجب أن يكون لدى المرشد مهارة في تصميم الاستمارات والاستبيانات التي تساعده على دراسة جوانب من شخصية المسترشد ومن بيئته التي تفيده فيما بعد في الوصول لتقدير لمشكلة المسترشد للوصول لتشخيص دقيق يصف المشكلة ويحددها.