أ. سلاف مشري
أ.د. عبد الكريم قريشي
د. حورية تارزولت عمروني
الملخص:
يعتبر اختيار الطالب الحاصل على شهادة البكالوريا للفروع الجامعية المناسبة
له عملية جد هامة ومصيرية على المستوى الشخصي الد ا رسي والمهني، وبالنسبة
للمجتمع ككل بشكل عام.
يهدف هذا المقال إلى توضيح كيف أن عملية اختيار الطلبة الحاصلين على
شهادة البكالوريا لفروعهم الجامعية قد يكون بمثابة مصدر للضغط النفسي لديهم في ظل
ظروف وإج ا رءات عملية التوجيه الجامعي في الج ا زئر .
الكلمات المفتاحية: الإختيار الد ا رسي، الضغط النفسي، التوجيه الجامعي في الج ا زئر،
طلبة البكالوريا، الفروع الجامعية.
Résumé:
Pour un bachelier, le choix d’une branche universitaire est un
processus très important et décisif au niveau scolaire, personnel et
professionnel, et pour la société en général.
L'objectif de cet article est d’illustrer comment le choix scolaire
peut devenir une source de stress psychologique chez l'étudiant au cours
des procédures de l'orientation universitaire en Algérie.
Mots Clés: Choix scolaire, Stress psychologique, Orientation
Universitaire en Algérie, Bachelier, Branches Universitaires.
مقدمة:
لقد كان نظام التربية والتعليم والتكوين –وسيظل- من أهم الأنظمة التي تكرس
فيها الجهود وتحظى بمسؤولية إعداد الأف ا رد لمستوى يؤهلهم ويسمح لهم بخدمة المجتمع
الذي يعيشون فيه.
وتعتبر الجامعة من أهم الم ا رحل التعليمية وأعلى درجات هرمها و المسئولة -
كبقية المؤسسات الأخرى- عن تكوين الإطا ا رت الكفاءة القادرة على الاضطلاع بتلك
الخدمة.
إن فاعلية تكوين هذه الإطا ا رت الضرورية لمتطلبات التنمية الاجتماعية
والاقتصادية في المجتمع تتوقف على عدة قواعد، منها المناهج الد ا رسية الجامعية،
الأساتذة ذوي الكفاءة، الأعمال الميدانية، الم ا رفق والتجهي ا زت...إلخ.
في هذا الإطار يعتبر التوجيه الجامعي المنظم الأساسي لعملية تزويد المجتمع
بتلك الإطا ا رت فضلا على كونه أهم القواعد التي يرتكز عليها في تحقيق مبدأ الاهتمام
بنوعية الطالب في إطار تحقيق الكفاءة النوعية للجامعة، والتي هي أحد جوانب مدخل
إدارة الجودة الشاملة.
وعلى هذا الأساس، فلا معنى للجودة في التعليم العالي ما لم تكن شاملة، حيث
يرتبط مفهوم الجودة أساسا بعمليات مختلفة تهدف إلى تحسين المخرج النهائي والذي
يعتمد هو بدوره على المدخلات المشاركة في إنتاجه، وما لم تتصف تلك المدخلات
(17 ، والعمليات بالجودة، فإن جودة المخرج لا محالة غير متحققة.(فاضل، 2011
ولا يتحقق ذلك إلا من خلال إج ا رءات توجيه جامعي تعتمد على أسس علمية
في توزيع الطلبة الأكثر جدارة وتأهيلا على مختلف التخصصات بإعطاء الأهمية البالغة
لما لديهم قد ا رت عقلية وخصائص شخصية بما يتناسب مع التخصصات التي وجه وا
إليها.
وبناء عليه؛ فاختيار فرع تكوين أو تخصص د ا رسي ومن ثمة المهنة يعتبر من
أهم المشكلات التي تواجه الم ا رهق والمطلب الأساسي للنمو خلال هذه المرحلة، على
اعتبار أن هذه المشكلة تأخذ في م ا رحل العمر السابقة صورة الأحلام والخيالات ألكن
بعد الخامسة عشر فإن هذا الخيال ينزل أرض الواقع، عندما يواجه الم ا رهق مشكلة
مستقبل حياته: ماذا يريد أن يكون ؟ وما هو التخصص أو المهنة التي يرتاح لها أكثر
من غيرها ؟...
في هذا الإطار "أشارت نتائج العديد من الد ا رسات أن طلاب المرحلة الثانوية
يعانون من ضغوط نفسية متعددة منها قلق المستقبل والبدائل المتاحة." (العربيات،
التي أجريت على Kouzma & Kennedy, 249 )، ففي د ا رسة كوزما وكنيدي ،2005
18 سنة بهدف الكشف عن - عينة قوامها 423 طالبا وطالبة تت ا روح أعمارهم بين 16
مصادر الضغوط النفسية كما يدركها الطلبة تبين أن أعلى مصادر هذه الضغوط كانت
الامتحانات ونتائجها، والقلق على المستقبل، وتعدد خيا ا رت الوظيفة. (العمر والدغيم،
(2007
فإلى جانب ما يصاحب هذه المرحلة من تغي ا رت جسمية وانفعالية وغيرها يكون
لها مطالب وحاجات يتطلع الم ا رهق إلى تحقيقها وإشباعها؛ لكن نجد في المقابل أن
التعقيد الذي تتميز به المجتمعات الحديثة على أكثر من صعيد: اجتماعي، اقتصادي
سياسي ...إلخ قد يقف ضد تحقيق تلك المطالب، وبالتالي يجعل مرحلة الم ا رهقة مرحلة
ا زخرة بالمشكلات.
وعلى هذا الأساس يرى كثير من الباحثين أن مرحلة الم ا رهقة هي مرحلة
الذي يعتبر أول " Hall( الضغوط النفسية (العربيات، 248،2005 ) ومن بينهم (هول
، من أشار إلى أن مرحلة الم ا رهقة تعتبر مرحلة الضغوط والعواصف". (غريب، 1993
(53
وإذا كانت "الإحصاءات الحديثة تشير إلى أن 80 % من أم ا رض العصر مثل
النوبات القلبية والقرح المعدية وضغط الدم والكآبة والتفكير في الانتحار بدايتها ضغوط
وآخرون توصل إلى "أن إصابة الم ا رهقين بأي من Lwinsohn ( نفسية" فإن (لونسون
اضط ا ربات التوتر في أي وقت من الأوقات تزيد من احتمال الإصابة بنوبة اكتئاب شديد
(252 ، خلال الخمس سنوات اللاحقة بدرجة ملحوظة. (العربيات، 2005
وعليه، فالم ا رهقة هي المرحلة التي تظهر فيها حاجة الم ا رهق إلى تحقيق الذات،
حيث يتمكن الم ا رهق من التوجه نحو أهداف محددة، ويلتزم بما اختاره من أدوار
إجتماعية؛ وبالتالي نجاحه في الإندماج في مجتمعه، فقدرة الم ا رهق على اختيار الد ا رسة
أوالمهنة أو العمل الذي سيمارس حياته من خلاله من مؤش ا رت تحقيقه لذاته، حيث تمثل
نقطة تحول نحو الإستقلالية الضرورية للنمو السوي في مرحلة الرشد،عبر عنها بعض
السيكولوجيين بمفهوم "الفطام النفسي"، ويبدأ في إعداد نفسه لهذا الميدان؛ وهذا ما يقلقه
ويشعره بالمسؤولية
أن اختيار الم ا رهق خلال الفترة التي تمتد Ginzberg ( ومع ذلك، يرى (جنزبرغ
من سن 11 إلى 17 سنة يبقى مبدئيا وغير مستقر، ولا يعرف الاستق ا رر إلا بعد أن
تنمو بعض الجوانب مثل الميول والقد ا رت والقيم حسب فت ا رت زمنية محددة إلى نهاية
هذه المرحلة، أين يصبح الاختيار أكثر واقعية.
, Nuttin في هذا السياق، تتفق الكثير من الد ا رسات منها د ا رسة ( نوتان، 1980
تارزولت، 1997 ، مشري، 2002 ) على أهمية المشروع كإطار سيكولوجي تصاغ على
(elevebassatines.site.voila.fr. أساسه اختيا ا رت الأف ا رد، بحيث يعبر حسب ( كروم
عن " قدرة الم ا رهق على وضع أفكار مستقبلية والتخطيط لإنجازها في الواقع، ولا يمكن
اعتباره وليد مجموعة من المعلومات لإنتاج ظروف معينة خاصة بأخذ الق ا رر، لأنه
يشترط فيه أن يكون مبنيا على است ا رتيجية ممتدة في الزمن".
في هذه الحالة تصبح اختيا ا رت الفرد حسب تارزولت ( 2008 ) ليست آنية
فرضتها وضعية الاختيار مما يجعلها عرضة لتأثير مختلف العوامل المحيطية (كتأثير
الوالدين، الأصدقاء، قيم المجتمع وتقاليده...إلخ) أو الشخصية (كالجنس، السن، ...إلخ)
والتي قد لا تساعده على صياغة ق ا رره الد ا رسي أو المهني، وإنما يكون اختياره على
أساس مشروع مهني مستقبلي ويعتبر طرفا نشطا فيه و مسؤولا عن اختيا رته.
وغيرهم الكثير على أن نمو Super ( في هذا السياق، يؤكد (جنزبرغ) و(سوبر
الفرد المهني الذي يكلل ببناء مشاريع قابل للتعلم، وأنه يقوم على نشاط الفرد ومس ؤوليته
في تحديد أهدافه واختياره. (المرجع السابق)
ومن هنا توجهت الأنظار إلى إيجاد أفضل السبل وتهيئة أحسن الظروف
لضمان اجتياز الفرد لهذه السيرورة بنجاح في ضوء تدخلات ونشاطات وتوجيهات
تربوية تساعد الفرد على صياغة اختيا ا رته بناء على مشاريعه في ظل عملية التوجيه.
ولتناول هذا الموضوع سنعمل في هذه الورقة على تقديم إج ا رءات التوجيه
المعتمدة حاليا في المؤسسات الجامعية الج ا زئرية مع التركيز على تقديم مفهوم الاختيار
الد ا رسي ومفهوم الضغط النفسي وأهم المصادر الضاغطة للاختيا ا رت الد ا رسية.
-1 مفهوم الاختيار الد ا رسي:
إن اختيار الفرد لفرع د ا رسي أو لمهنة ما؛ هو على أقل تقدير تحديد لأبعاد
ومعالم مستقبله، فنوع المهنة يحدد للفرد دخله ومستواه الاجتماعي والاقتصادي، كما
تحدد له مع من يتعامل وأين ؟ وكم من الساعات والأيام والسنوات...لذا فمن الضروري
أن لا يترك هذا الاختيار للظروف والصدف بل يجب أن يسبق بتخطيط محكم قدر
المستطاع يحدد المسار الواجب إتباعه لتحقيق هذا المشروع أو الهدف في المستقبل.
عموما، هناك العديد من التعاريف التي قدمها الباحثون لمفهوم الاختيار نذكر
للاختيار حيث يرى أنه يعني "الق ا رر الذي من خلاله نقبل Sillamy من بينها تعريف
إمكانية ضمن الإمكانيات المتوفرة ، سواء كان هذا الاختيار يتعلق بمهنة أو صديق أو
، نشاط معين مع العلم أنه يتطلب مشاركة كل جوانب شخصية الفرد"(تارزولت، 1997
.(10
لم يركز في تعريفه للاختيار على مجال معين ولكنه Sillamy ومنه يتضح أن
أعتبر الاختيار كق ا رر يتخذه الفرد لقبول فرصة من الفرص المتاحة له. وعملية اتخاذ
الق ا رر هذه لا تتم بمعزل عن تدخل كل جوانب وخصائص شخصية الفرد:النفسية،
الاجتماعية الجسمية ...إلخ.
أن الاختيار المهني " كالانخ ا رط الحر المبني Albau وفي نفس الإطار يرى
بالرضا على معرفة الأسباب، أي الأخذ بعين الاعتبار إمكانيات الفرد معطيات العمل
المضمون الاقتصادي والاجتماعي".
لم يكتف في تعريف الاختيار على أنه Albau من خلال هذا التعريف نجد أن
ولكنه ربط Sillamy الق ا رر الذي يتخذه الفرد لقبول فرصة من الفرص كما فعل ذلك
عملية الاختيار بشرطين هما:
ضرورة توفير الحرية للفرد أثناء صياغة اختياره. ·
رضا الفرد التام على اختياره نتيجة لمعرفته لأسباب اختياره المتمثلة في: ·
- أخذ الفرد بعين الاعتبار إمكانياته أثناء صياغة الاختيار.
- الأخذ بعين الاعتبار معطيات عالم الشغل.
يتضح من خلال هذه التعاريف أن مفهوم الاختيار يستند كثي ا ر على التصور
التشخيصي للتوجيه، الذي ظهرت بداياته عندما نشر (ف ا رنك باسونز) كتابه "اختيار
مهنة" سنة 1909 ، وحدد فيه المبادئ التي لابد أن يقوم عليها التوجيه المهني.
وبناء عليه تقوم عملية التوجيه على عمليتين أساسيتين، هما:
- تحليل الفرد: وهو القيام بد ا رسة علمية وتقييم لجميع خصائص الفرد وذلك بالاعتماد
على أساليب القياس النفسي.
- تحليل العمل (الد ا رسة):"وهو د ا رسة علمية منظمة شاملة تحدد طبيعة العمل
وتستوعب جميع المعلومات التي تتعلق به وتشمل هذه الد ا رسة نواحيه الفنية والصحية
(123 ، والسيكولوجية". (دويدار، 1995
ومنه، فإن عملية التوجيه لا يمكن أن تتم بمعزل عن إطار القيام بعلية المواءمة
والتوفيق بين الفرد وبين الد ا رسة و/أو المهنة المناسبة. (تحليل الفرد- تحليل العمل-
إحداث التطابق والمواءمة بينهما)
وتعتبر عملية التقييم والقياس الأسلوب المتبع لتحليل الفرد وتحليل العمل
(أو الشعبة) لتحقيق تلك الغاية. بناءا على ذلك تتطلب عملية تحليل الفرد الوصول إلى
معلومات حول الفرد تتعلق بشكل عام بالجوانب التالية:
- الاستعدادات و القد ا رت العقلية.
- الميول المهنية.
- القيم.
- سمات الشخصية.
- الذكاء العام.
- الظروف الاجتماعية والاقتصادية...
- الحالة الصحية والبدنية...إلخ
كما توفر عملية تحليل العمل (أو التخصص) معلومات دقيقة حول المتطلبات
الواجب توفيرها في العامل أو في الطالب لنجاحه في العمل أو الميدان الد ا رسي الذي
يوجه إليه مثل: نواحيه الجسمية والصحية، مستواه الد ا رسي والتدريبات التي تلقاها، درجة
الذكاء المطلوبة، استعداداته الخاصة الواجب توفرها، الخصائص الشخصية المميزة
للعمل طبيعة العمل الخاصة وظروفه الفيزيقية والاجتماعية، نوعية المهام
والمسؤوليات... إلخ.
يقوم المختص في التوجيه ب وضع الفرد في نوع الد ا رسة أو المهنة التي تتناسب
أكثر مع خصائصه ولديه حظوظ النجاح فيها دون غيرها، أي يقوم المختص بعملية
المطابقة بين ما يتوفر في الفرد من خصائص وبين المتطلبات الخاصة بالفرع الد ا رسي
أو المهني.
يتطلب القيام بالتوجيه في هذه الحالة إذن، توفر معلومات شاملة وكافية حول
جميع جوانب الفرد ومعلومات حول متطلبات م ا ركز التكوين أو المؤسسات الد ا رسية
وفروعها وكذا حول كثير من المهن ومنافذ التشغيل فيها.
عدل سابقا من قبل د.محمد في الأربعاء مايو 22, 2013 4:09 pm عدل 1 مرات
أ.د. عبد الكريم قريشي
د. حورية تارزولت عمروني
الملخص:
يعتبر اختيار الطالب الحاصل على شهادة البكالوريا للفروع الجامعية المناسبة
له عملية جد هامة ومصيرية على المستوى الشخصي الد ا رسي والمهني، وبالنسبة
للمجتمع ككل بشكل عام.
يهدف هذا المقال إلى توضيح كيف أن عملية اختيار الطلبة الحاصلين على
شهادة البكالوريا لفروعهم الجامعية قد يكون بمثابة مصدر للضغط النفسي لديهم في ظل
ظروف وإج ا رءات عملية التوجيه الجامعي في الج ا زئر .
الكلمات المفتاحية: الإختيار الد ا رسي، الضغط النفسي، التوجيه الجامعي في الج ا زئر،
طلبة البكالوريا، الفروع الجامعية.
Résumé:
Pour un bachelier, le choix d’une branche universitaire est un
processus très important et décisif au niveau scolaire, personnel et
professionnel, et pour la société en général.
L'objectif de cet article est d’illustrer comment le choix scolaire
peut devenir une source de stress psychologique chez l'étudiant au cours
des procédures de l'orientation universitaire en Algérie.
Mots Clés: Choix scolaire, Stress psychologique, Orientation
Universitaire en Algérie, Bachelier, Branches Universitaires.
مقدمة:
لقد كان نظام التربية والتعليم والتكوين –وسيظل- من أهم الأنظمة التي تكرس
فيها الجهود وتحظى بمسؤولية إعداد الأف ا رد لمستوى يؤهلهم ويسمح لهم بخدمة المجتمع
الذي يعيشون فيه.
وتعتبر الجامعة من أهم الم ا رحل التعليمية وأعلى درجات هرمها و المسئولة -
كبقية المؤسسات الأخرى- عن تكوين الإطا ا رت الكفاءة القادرة على الاضطلاع بتلك
الخدمة.
إن فاعلية تكوين هذه الإطا ا رت الضرورية لمتطلبات التنمية الاجتماعية
والاقتصادية في المجتمع تتوقف على عدة قواعد، منها المناهج الد ا رسية الجامعية،
الأساتذة ذوي الكفاءة، الأعمال الميدانية، الم ا رفق والتجهي ا زت...إلخ.
في هذا الإطار يعتبر التوجيه الجامعي المنظم الأساسي لعملية تزويد المجتمع
بتلك الإطا ا رت فضلا على كونه أهم القواعد التي يرتكز عليها في تحقيق مبدأ الاهتمام
بنوعية الطالب في إطار تحقيق الكفاءة النوعية للجامعة، والتي هي أحد جوانب مدخل
إدارة الجودة الشاملة.
وعلى هذا الأساس، فلا معنى للجودة في التعليم العالي ما لم تكن شاملة، حيث
يرتبط مفهوم الجودة أساسا بعمليات مختلفة تهدف إلى تحسين المخرج النهائي والذي
يعتمد هو بدوره على المدخلات المشاركة في إنتاجه، وما لم تتصف تلك المدخلات
(17 ، والعمليات بالجودة، فإن جودة المخرج لا محالة غير متحققة.(فاضل، 2011
ولا يتحقق ذلك إلا من خلال إج ا رءات توجيه جامعي تعتمد على أسس علمية
في توزيع الطلبة الأكثر جدارة وتأهيلا على مختلف التخصصات بإعطاء الأهمية البالغة
لما لديهم قد ا رت عقلية وخصائص شخصية بما يتناسب مع التخصصات التي وجه وا
إليها.
وبناء عليه؛ فاختيار فرع تكوين أو تخصص د ا رسي ومن ثمة المهنة يعتبر من
أهم المشكلات التي تواجه الم ا رهق والمطلب الأساسي للنمو خلال هذه المرحلة، على
اعتبار أن هذه المشكلة تأخذ في م ا رحل العمر السابقة صورة الأحلام والخيالات ألكن
بعد الخامسة عشر فإن هذا الخيال ينزل أرض الواقع، عندما يواجه الم ا رهق مشكلة
مستقبل حياته: ماذا يريد أن يكون ؟ وما هو التخصص أو المهنة التي يرتاح لها أكثر
من غيرها ؟...
في هذا الإطار "أشارت نتائج العديد من الد ا رسات أن طلاب المرحلة الثانوية
يعانون من ضغوط نفسية متعددة منها قلق المستقبل والبدائل المتاحة." (العربيات،
التي أجريت على Kouzma & Kennedy, 249 )، ففي د ا رسة كوزما وكنيدي ،2005
18 سنة بهدف الكشف عن - عينة قوامها 423 طالبا وطالبة تت ا روح أعمارهم بين 16
مصادر الضغوط النفسية كما يدركها الطلبة تبين أن أعلى مصادر هذه الضغوط كانت
الامتحانات ونتائجها، والقلق على المستقبل، وتعدد خيا ا رت الوظيفة. (العمر والدغيم،
(2007
فإلى جانب ما يصاحب هذه المرحلة من تغي ا رت جسمية وانفعالية وغيرها يكون
لها مطالب وحاجات يتطلع الم ا رهق إلى تحقيقها وإشباعها؛ لكن نجد في المقابل أن
التعقيد الذي تتميز به المجتمعات الحديثة على أكثر من صعيد: اجتماعي، اقتصادي
سياسي ...إلخ قد يقف ضد تحقيق تلك المطالب، وبالتالي يجعل مرحلة الم ا رهقة مرحلة
ا زخرة بالمشكلات.
وعلى هذا الأساس يرى كثير من الباحثين أن مرحلة الم ا رهقة هي مرحلة
الذي يعتبر أول " Hall( الضغوط النفسية (العربيات، 248،2005 ) ومن بينهم (هول
، من أشار إلى أن مرحلة الم ا رهقة تعتبر مرحلة الضغوط والعواصف". (غريب، 1993
(53
وإذا كانت "الإحصاءات الحديثة تشير إلى أن 80 % من أم ا رض العصر مثل
النوبات القلبية والقرح المعدية وضغط الدم والكآبة والتفكير في الانتحار بدايتها ضغوط
وآخرون توصل إلى "أن إصابة الم ا رهقين بأي من Lwinsohn ( نفسية" فإن (لونسون
اضط ا ربات التوتر في أي وقت من الأوقات تزيد من احتمال الإصابة بنوبة اكتئاب شديد
(252 ، خلال الخمس سنوات اللاحقة بدرجة ملحوظة. (العربيات، 2005
وعليه، فالم ا رهقة هي المرحلة التي تظهر فيها حاجة الم ا رهق إلى تحقيق الذات،
حيث يتمكن الم ا رهق من التوجه نحو أهداف محددة، ويلتزم بما اختاره من أدوار
إجتماعية؛ وبالتالي نجاحه في الإندماج في مجتمعه، فقدرة الم ا رهق على اختيار الد ا رسة
أوالمهنة أو العمل الذي سيمارس حياته من خلاله من مؤش ا رت تحقيقه لذاته، حيث تمثل
نقطة تحول نحو الإستقلالية الضرورية للنمو السوي في مرحلة الرشد،عبر عنها بعض
السيكولوجيين بمفهوم "الفطام النفسي"، ويبدأ في إعداد نفسه لهذا الميدان؛ وهذا ما يقلقه
ويشعره بالمسؤولية
أن اختيار الم ا رهق خلال الفترة التي تمتد Ginzberg ( ومع ذلك، يرى (جنزبرغ
من سن 11 إلى 17 سنة يبقى مبدئيا وغير مستقر، ولا يعرف الاستق ا رر إلا بعد أن
تنمو بعض الجوانب مثل الميول والقد ا رت والقيم حسب فت ا رت زمنية محددة إلى نهاية
هذه المرحلة، أين يصبح الاختيار أكثر واقعية.
, Nuttin في هذا السياق، تتفق الكثير من الد ا رسات منها د ا رسة ( نوتان، 1980
تارزولت، 1997 ، مشري، 2002 ) على أهمية المشروع كإطار سيكولوجي تصاغ على
(elevebassatines.site.voila.fr. أساسه اختيا ا رت الأف ا رد، بحيث يعبر حسب ( كروم
عن " قدرة الم ا رهق على وضع أفكار مستقبلية والتخطيط لإنجازها في الواقع، ولا يمكن
اعتباره وليد مجموعة من المعلومات لإنتاج ظروف معينة خاصة بأخذ الق ا رر، لأنه
يشترط فيه أن يكون مبنيا على است ا رتيجية ممتدة في الزمن".
في هذه الحالة تصبح اختيا ا رت الفرد حسب تارزولت ( 2008 ) ليست آنية
فرضتها وضعية الاختيار مما يجعلها عرضة لتأثير مختلف العوامل المحيطية (كتأثير
الوالدين، الأصدقاء، قيم المجتمع وتقاليده...إلخ) أو الشخصية (كالجنس، السن، ...إلخ)
والتي قد لا تساعده على صياغة ق ا رره الد ا رسي أو المهني، وإنما يكون اختياره على
أساس مشروع مهني مستقبلي ويعتبر طرفا نشطا فيه و مسؤولا عن اختيا رته.
وغيرهم الكثير على أن نمو Super ( في هذا السياق، يؤكد (جنزبرغ) و(سوبر
الفرد المهني الذي يكلل ببناء مشاريع قابل للتعلم، وأنه يقوم على نشاط الفرد ومس ؤوليته
في تحديد أهدافه واختياره. (المرجع السابق)
ومن هنا توجهت الأنظار إلى إيجاد أفضل السبل وتهيئة أحسن الظروف
لضمان اجتياز الفرد لهذه السيرورة بنجاح في ضوء تدخلات ونشاطات وتوجيهات
تربوية تساعد الفرد على صياغة اختيا ا رته بناء على مشاريعه في ظل عملية التوجيه.
ولتناول هذا الموضوع سنعمل في هذه الورقة على تقديم إج ا رءات التوجيه
المعتمدة حاليا في المؤسسات الجامعية الج ا زئرية مع التركيز على تقديم مفهوم الاختيار
الد ا رسي ومفهوم الضغط النفسي وأهم المصادر الضاغطة للاختيا ا رت الد ا رسية.
-1 مفهوم الاختيار الد ا رسي:
إن اختيار الفرد لفرع د ا رسي أو لمهنة ما؛ هو على أقل تقدير تحديد لأبعاد
ومعالم مستقبله، فنوع المهنة يحدد للفرد دخله ومستواه الاجتماعي والاقتصادي، كما
تحدد له مع من يتعامل وأين ؟ وكم من الساعات والأيام والسنوات...لذا فمن الضروري
أن لا يترك هذا الاختيار للظروف والصدف بل يجب أن يسبق بتخطيط محكم قدر
المستطاع يحدد المسار الواجب إتباعه لتحقيق هذا المشروع أو الهدف في المستقبل.
عموما، هناك العديد من التعاريف التي قدمها الباحثون لمفهوم الاختيار نذكر
للاختيار حيث يرى أنه يعني "الق ا رر الذي من خلاله نقبل Sillamy من بينها تعريف
إمكانية ضمن الإمكانيات المتوفرة ، سواء كان هذا الاختيار يتعلق بمهنة أو صديق أو
، نشاط معين مع العلم أنه يتطلب مشاركة كل جوانب شخصية الفرد"(تارزولت، 1997
.(10
لم يركز في تعريفه للاختيار على مجال معين ولكنه Sillamy ومنه يتضح أن
أعتبر الاختيار كق ا رر يتخذه الفرد لقبول فرصة من الفرص المتاحة له. وعملية اتخاذ
الق ا رر هذه لا تتم بمعزل عن تدخل كل جوانب وخصائص شخصية الفرد:النفسية،
الاجتماعية الجسمية ...إلخ.
أن الاختيار المهني " كالانخ ا رط الحر المبني Albau وفي نفس الإطار يرى
بالرضا على معرفة الأسباب، أي الأخذ بعين الاعتبار إمكانيات الفرد معطيات العمل
المضمون الاقتصادي والاجتماعي".
لم يكتف في تعريف الاختيار على أنه Albau من خلال هذا التعريف نجد أن
ولكنه ربط Sillamy الق ا رر الذي يتخذه الفرد لقبول فرصة من الفرص كما فعل ذلك
عملية الاختيار بشرطين هما:
ضرورة توفير الحرية للفرد أثناء صياغة اختياره. ·
رضا الفرد التام على اختياره نتيجة لمعرفته لأسباب اختياره المتمثلة في: ·
- أخذ الفرد بعين الاعتبار إمكانياته أثناء صياغة الاختيار.
- الأخذ بعين الاعتبار معطيات عالم الشغل.
يتضح من خلال هذه التعاريف أن مفهوم الاختيار يستند كثي ا ر على التصور
التشخيصي للتوجيه، الذي ظهرت بداياته عندما نشر (ف ا رنك باسونز) كتابه "اختيار
مهنة" سنة 1909 ، وحدد فيه المبادئ التي لابد أن يقوم عليها التوجيه المهني.
وبناء عليه تقوم عملية التوجيه على عمليتين أساسيتين، هما:
- تحليل الفرد: وهو القيام بد ا رسة علمية وتقييم لجميع خصائص الفرد وذلك بالاعتماد
على أساليب القياس النفسي.
- تحليل العمل (الد ا رسة):"وهو د ا رسة علمية منظمة شاملة تحدد طبيعة العمل
وتستوعب جميع المعلومات التي تتعلق به وتشمل هذه الد ا رسة نواحيه الفنية والصحية
(123 ، والسيكولوجية". (دويدار، 1995
ومنه، فإن عملية التوجيه لا يمكن أن تتم بمعزل عن إطار القيام بعلية المواءمة
والتوفيق بين الفرد وبين الد ا رسة و/أو المهنة المناسبة. (تحليل الفرد- تحليل العمل-
إحداث التطابق والمواءمة بينهما)
وتعتبر عملية التقييم والقياس الأسلوب المتبع لتحليل الفرد وتحليل العمل
(أو الشعبة) لتحقيق تلك الغاية. بناءا على ذلك تتطلب عملية تحليل الفرد الوصول إلى
معلومات حول الفرد تتعلق بشكل عام بالجوانب التالية:
- الاستعدادات و القد ا رت العقلية.
- الميول المهنية.
- القيم.
- سمات الشخصية.
- الذكاء العام.
- الظروف الاجتماعية والاقتصادية...
- الحالة الصحية والبدنية...إلخ
كما توفر عملية تحليل العمل (أو التخصص) معلومات دقيقة حول المتطلبات
الواجب توفيرها في العامل أو في الطالب لنجاحه في العمل أو الميدان الد ا رسي الذي
يوجه إليه مثل: نواحيه الجسمية والصحية، مستواه الد ا رسي والتدريبات التي تلقاها، درجة
الذكاء المطلوبة، استعداداته الخاصة الواجب توفرها، الخصائص الشخصية المميزة
للعمل طبيعة العمل الخاصة وظروفه الفيزيقية والاجتماعية، نوعية المهام
والمسؤوليات... إلخ.
يقوم المختص في التوجيه ب وضع الفرد في نوع الد ا رسة أو المهنة التي تتناسب
أكثر مع خصائصه ولديه حظوظ النجاح فيها دون غيرها، أي يقوم المختص بعملية
المطابقة بين ما يتوفر في الفرد من خصائص وبين المتطلبات الخاصة بالفرع الد ا رسي
أو المهني.
يتطلب القيام بالتوجيه في هذه الحالة إذن، توفر معلومات شاملة وكافية حول
جميع جوانب الفرد ومعلومات حول متطلبات م ا ركز التكوين أو المؤسسات الد ا رسية
وفروعها وكذا حول كثير من المهن ومنافذ التشغيل فيها.
عدل سابقا من قبل د.محمد في الأربعاء مايو 22, 2013 4:09 pm عدل 1 مرات